logo
يوم الفشخة

يوم الفشخة

جو 24منذ 8 ساعات
عاطف أبو حجر
جو 24 :
ليست كل "الفشخات" ناتجة عن شجار، ولا كل الجروح تُرى في ظاهر الرأس فقط...
أحيانًا، تأتي الضربة من مكانٍ تحبّه، من ظلّ شجرة زرعتها بيدك، وسقيتها بعرقك، وباركتها بذكرياتك.
وأحيانًا، تكون "الفشخة" مجرد حكاية، لكنها تكشف قلبًا، وبيتًا، وزوجة، وأسلوب حياة.
في هذا اليوم العادي، وقع ما ليس عاديًا...
قبل أيام، وبينما كنت أقوم بجمع الحبات المتساقطة تحت شجرة الخوخ في حديقة منزلي المتواضع، والتي قمت بزراعتها قبل ٢٢ عامًا تقريبًا، أذكر أنني ذهبت حينها إلى مشتل تابع لوزارة الزراعة في منطقة عين الباشا، واشتريت مجموعة من الأشجار المثمرة بسعر رمزي، خمسة وسبعون قرشًا للشجرة.
وكانت منوّعة: شجرتا تفاح أحمر، وشجرتا تفاح أخضر، وشجرتا إجاص، وشجرتا خوخ أحمر.
اهتممت بالأشجار حتى أصبحت مثمرة، نأكل منها ونطعم الجيران والأقارب، وحتى المارّين من الطريق.
نعود لقصتنا...
وبينما كنت أقوم بالتنظيف تحت شجرة الخوخ تحديدًا، رفعت رأسي إلى الأعلى بحركة سريعة، دون قصد أو انتباه، فارتطم منتصف رأسي بجذع الشجرة بقوة.
شعرت بعدها بدوار ودوخة، وعدم قدرة على الوقوف أو الاتزان.
جلست على الأرض وأنا أشعر بألم شديد في منتصف الجمجمة.
وبعد لحظة، وبأقل من دقيقة، شعرت بشيء ساخن ينساب على وجهي ورقبتي، وإذا به دم ينزف بغزارة من رأسي.
ركضت مسرعًا إلى المنزل، وناديت على زوجتي:
"يا أم أحمد، وينك؟"
وعندما فتحت الباب، صرخت في وجهي:
"مع مين متهاوش؟ أكيد تهاوشت مع جارنا... وفشخك؟
كم مرة قلت لك خليك رايق وما تتعصب؟!"
صرخت بها:
"هاتيلي حفنة قهوة نحطها على الجرح، وبلا تخبيص وكلام فاضي!"
وبعد لحظات، جلست على الكرسي، وأنا مدروخ تقول فعلاً طالع من هوشة، وماكل قنوة على راسي.
وهنا قالت أم أحمد ببساطتها، وسؤالها المعهود:
"بدي أسألك يا أبو أحمد، صحيح أنت عمرك تهاوشت مع حدا وانت صغير؟
بعدين يا زلمة، ما بشوفك بتحط قنوة بالسيارة تحت الكرسي، زي هالزلم!"
هنا صرخت بها مرة ثانية وقلت لها:
"قومي من وجهي واختصري الشر، ترى الشر من شرارة، والشر سياج أهله!
وكمان كلمة بجوز أفشخك أو تفشخيني!
عشان هيك... الله يستر بيتك، قومي سوّي لنا إبريق شاي بالزعتر نروق أعصابنا قبل ما نفقدّها!"
وما بين فشخة شجرة الخوخ، وصوت أم أحمد القلق، وانسياب الدم على الوجه...
كان هناك مشهد كامل لحياة بسيطة، لكنها مليئة بالدفء.
إنها ليست مجرد واقعة طريفة، بل شهادة وفاء لرجل زرع ليحصد، لا ثمراً فقط، بل علاقة نادرة بينه وبين أرضه، وبين قلبه وأبسط تفاصيل يومه.
"الشر من شرارة، والزعتر دواء، والضحكة من القلب... خير الختام."
وفي يوم "الفشخة"، كتب قصيدة الحياة بطريقته، من غير قلم... بل بدم، وقهوة، وإبريق شاي بالزعتر.
تابعو الأردن 24 على
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية
رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

الدستور

timeمنذ 2 ساعات

  • الدستور

رعاية المسنِّين مسؤولية جماعية

هناك أسباب عديدة تؤدّي إلى كُره الأبناء لوالديهم، منها عندما يكون الأب قاسيًا على أبنائه، حيث يولِّد مشاعر الكره والبغض عند الأبناء، خاصةً إذا صاحبها إساءات جسدية ولفظية وغيرها، والتي تتراكم لتخلق لدى الأبناء شعورًا بالكره والحقد والرغبة بالانتقام في يومٍ ما. كذلك من الأسباب المؤدِّية إلى كره الأبناء لوالديهم الإهمال العاطفي وانشغال الآباء كثيرًا عن أبنائهم لسببٍ أو لآخر، خاصةً عندما يُعطي الوقت الكثير لمهنته ويكون بمثابة الحاضر الغائب، ممّا يؤثّر على مشاعرهم الداخلية وعدم الرضا عن ذلك. وهناك من الآباء من يتخلَّون عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم سواء بالمصروف أو التعليم أو غيره، وهناك من يرحل عنهم لسببٍ ما. كذلك هناك آباء يسخرون دوماً من بعض أبنائهم لأتفه الأسباب، ممّا يخلق لديهم شعورًا ذاتيًّا سلبيًّا تجاه الأب، خاصةً عندما يُهين الأب زوجته أمام أبنائه. كذلك عندما يكون الأب من مدمني المشروب والكحول والمخدرات ولعب القمار، ممّا ينعكس سلبًا على نفسية أطفاله، وكذلك غياب العدل بين الأبناء ممّا يخلق شعورًا سلبيًّا. كل ذلك ينعكس على شخصية الأبناء ومستقبلهم، وسلبًا على تطوّر شخصيتهم، فبدل أن يكتسب الأبناء المثل الأعلى من الأب، ينعكس ذلك سلبًا. وعندما يكبر الآباء مع مرور السنين ويصبحون من المسنِّين ويحتاجون إلى الرعاية الصحية والاجتماعية، نجد أن تلك الممارسات السلبية للآباء قد خلقت شعورًا سلبيًّا عند الأبناء للتخلّص من آبائهم وإرسالهم إلى دور المسنِّين للرعاية، بسبب عدم تفرّغهم لرعايتهم بالقدر الكافي. وهنا يأتي دور رعاية المسنِّين، حيث يمكنهم قضاء بقية حياتهم في بيئة محمية وآمنة بعد فقدان قدراتهم البدنية والذهنية، ممّا يستوجب على الجميع دعم هذه الدور الخاصة بالمسنِّين، حيث إن الخدمة الاجتماعية التي تُقدَّم لهم هي مهنة إنسانية متخصّصة لإسعادهم وتحقيق رفاهيتهم، وتوفير العلاج اللازم لهم لإشباع رغباتهم التي فقدوها بمنزلهم، واحترامهم وتقديرهم. فدور المسنِّين تحوي الكثير من كل فئات المجتمع، ومنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. جميعهم قد فقدوا العمل وفقدوا من يرعاهم صحيًا واجتماعيًا، وأصبحوا بحاجة إلى مجتمع خاصٍّ بهم، مدركٍ لآلية التعامل معهم على أسس سليمة، ويوفِّر لهم كل الإمكانيات للرفاه الاجتماعي، والأخصائيين لرعايتهم من كافة الجوانب. فهناك برامج صحية ونفسية وثقافية واجتماعية، وممارسة الأنشطة المختلفة، وتحويل شعورهم بالوحدة إلى جوٍّ من الحياة الأسرية الطبيعية، لينالوا حياة كريمة. ومنهم من قدّم الكثير لوطنه ومجتمعه، فعلينا أن نهتم بهم، والاعتراف بجميلهم، ونردّ لهم حياة بسيطة هادئة محترمة، ونعتبرهم جزءًا أساسيًا من المجتمع، لا أن نجعلهم مهمَّشين ومنعزلين، فلهم علينا حقوق وواجبات. ولقد حثَّ الإسلام على الاهتمام بكبار السن ورعايتهم وتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يدعو إليه الله سبحانه وتعالى في قوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا). فدور رعاية المسنِّين لديهم أخصائيون يفهمون احتياجاتهم ومشاعرهم واتجاهاتهم، ويعمل الأخصائي على تفهُّم شخصية المسن وتقدير المواقف التي يحتاج إليها للتدخُّل وفق استراتيجية عملية، حيث يحدِّد المشكلة ويرسم خطة الحل، وحمايته من الأمراض. فتعاليم الدين الإسلامي الحنيف تحض على ذلك، والقيم الأخلاقية التي تنادي بها يجب أن تُترجَم إلى دعمٍ لدور المسنِّين ماديٍّ أو عينيٍّ، حيث تحتاج دور الرعاية للمسنين إلى كثير من المتطلبات الصحية والغذائية، وأطباء وخبراء نفس وغيرهم، كذلك مستلزمات عديدة للإيواء والأجهزة والمعدات وغيرها. وعلى المواطن أن يقدِّم ما يستطيع تقديمه من دعمٍ لهذه الدور، كما هو واجب على المنظمات والجمعيات المتخصّصة لذلك، بالإضافة إلى دور الدولة الكبير في ذلك. وتبقى رعاية المسنِّين أحد التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، ويجب التكافل بين القطاع العام والخاص لخدمتهم.

يوم الفشخة
يوم الفشخة

جو 24

timeمنذ 8 ساعات

  • جو 24

يوم الفشخة

عاطف أبو حجر جو 24 : ليست كل "الفشخات" ناتجة عن شجار، ولا كل الجروح تُرى في ظاهر الرأس فقط... أحيانًا، تأتي الضربة من مكانٍ تحبّه، من ظلّ شجرة زرعتها بيدك، وسقيتها بعرقك، وباركتها بذكرياتك. وأحيانًا، تكون "الفشخة" مجرد حكاية، لكنها تكشف قلبًا، وبيتًا، وزوجة، وأسلوب حياة. في هذا اليوم العادي، وقع ما ليس عاديًا... قبل أيام، وبينما كنت أقوم بجمع الحبات المتساقطة تحت شجرة الخوخ في حديقة منزلي المتواضع، والتي قمت بزراعتها قبل ٢٢ عامًا تقريبًا، أذكر أنني ذهبت حينها إلى مشتل تابع لوزارة الزراعة في منطقة عين الباشا، واشتريت مجموعة من الأشجار المثمرة بسعر رمزي، خمسة وسبعون قرشًا للشجرة. وكانت منوّعة: شجرتا تفاح أحمر، وشجرتا تفاح أخضر، وشجرتا إجاص، وشجرتا خوخ أحمر. اهتممت بالأشجار حتى أصبحت مثمرة، نأكل منها ونطعم الجيران والأقارب، وحتى المارّين من الطريق. نعود لقصتنا... وبينما كنت أقوم بالتنظيف تحت شجرة الخوخ تحديدًا، رفعت رأسي إلى الأعلى بحركة سريعة، دون قصد أو انتباه، فارتطم منتصف رأسي بجذع الشجرة بقوة. شعرت بعدها بدوار ودوخة، وعدم قدرة على الوقوف أو الاتزان. جلست على الأرض وأنا أشعر بألم شديد في منتصف الجمجمة. وبعد لحظة، وبأقل من دقيقة، شعرت بشيء ساخن ينساب على وجهي ورقبتي، وإذا به دم ينزف بغزارة من رأسي. ركضت مسرعًا إلى المنزل، وناديت على زوجتي: "يا أم أحمد، وينك؟" وعندما فتحت الباب، صرخت في وجهي: "مع مين متهاوش؟ أكيد تهاوشت مع جارنا... وفشخك؟ كم مرة قلت لك خليك رايق وما تتعصب؟!" صرخت بها: "هاتيلي حفنة قهوة نحطها على الجرح، وبلا تخبيص وكلام فاضي!" وبعد لحظات، جلست على الكرسي، وأنا مدروخ تقول فعلاً طالع من هوشة، وماكل قنوة على راسي. وهنا قالت أم أحمد ببساطتها، وسؤالها المعهود: "بدي أسألك يا أبو أحمد، صحيح أنت عمرك تهاوشت مع حدا وانت صغير؟ بعدين يا زلمة، ما بشوفك بتحط قنوة بالسيارة تحت الكرسي، زي هالزلم!" هنا صرخت بها مرة ثانية وقلت لها: "قومي من وجهي واختصري الشر، ترى الشر من شرارة، والشر سياج أهله! وكمان كلمة بجوز أفشخك أو تفشخيني! عشان هيك... الله يستر بيتك، قومي سوّي لنا إبريق شاي بالزعتر نروق أعصابنا قبل ما نفقدّها!" وما بين فشخة شجرة الخوخ، وصوت أم أحمد القلق، وانسياب الدم على الوجه... كان هناك مشهد كامل لحياة بسيطة، لكنها مليئة بالدفء. إنها ليست مجرد واقعة طريفة، بل شهادة وفاء لرجل زرع ليحصد، لا ثمراً فقط، بل علاقة نادرة بينه وبين أرضه، وبين قلبه وأبسط تفاصيل يومه. "الشر من شرارة، والزعتر دواء، والضحكة من القلب... خير الختام." وفي يوم "الفشخة"، كتب قصيدة الحياة بطريقته، من غير قلم... بل بدم، وقهوة، وإبريق شاي بالزعتر. تابعو الأردن 24 على

د. احمد عبد الوهاب العكور .. الى جنات الخلد
د. احمد عبد الوهاب العكور .. الى جنات الخلد

جو 24

timeمنذ 8 ساعات

  • جو 24

د. احمد عبد الوهاب العكور .. الى جنات الخلد

جو 24 : ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا على فراقك يا دكتور احمد لمحزونون .. ولا نقول الا ما يرضي ربنا" انا لله وانا اليه راجعون"، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وقدر الله وما شاء فعل ،ولله ما اخذ وله ما اعطى ، وكل شئ عنده الى اجل مسمى .. بقلوب يعتصرها الالم والحزن البالغ ، ننعى الشاب المهذب والمجتهد والبار،نقي القلب والسريرة وصاحب الحضور الدافئ والوادع ، ابن العم الغالي الدكتور احمد عبدالوهاب العكور ، الذي رغم انشغالاته اليومية المزدحمة ، وسعيه الذي لم يتوقف في مناكب الارض ، كان يتذكر كل من يحب باتصالات حميمة وسؤال عن الحال ، لم يشعر المقربين منه بالبعد ابدا ، كان بالامس فقط بيننا ، يملأ الدنيا ضجيجا وحياة ، وها هو اليوم يغادرنا بحادث مؤلم لم يمهله ويمهلنا ، تاركا الجميع في حالة من الصدمة والذهول ... هو الوداع اذا ... لقد استعجلت الرحيل ايها الغالي ، واوجعت قلوبنا جميعا ، الى جنات عرضها السموات والارض باذن الله ايها الحبيب ، اعاننا الله على رحيلك ، واحسن عزاء والدك ووالدتك المربية الفاضلة ابنة العم الغالية واشقائك وشقيقاتك ، قلوبنا معكم في هذا المصاب الجلل والاختبار الصعب ، صبرا جميلا والله المستعان .. ولا حول ولا قوة الا بالله ، وانا لله وانا اليه جميعا راجعون .. باسل العكور تابعو الأردن 24 على

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store