
غادة الشعراني و'الهستيريا': اتهام ذكوري تاريخي لإسكات النساء
Youtube
انتشر في اليومين الماضيين مقطع فيديو للناشطة السورية غادة الشعراني تتوّجه بالكلام إلى محافظ السويداء مصطفى بكور، مثيراً جدلاً واسعاً بين مؤيد لكلام الشعراني ومعارض له.
لقاء الشعراني ببكور أعقب حادثة شهدتها محافظة حمص، حيث أُوقفت مجموعة من أبناء الطائفة الدرزية على أحد الحواجز أثناء توجههم إلى محافظة الرقة للمشاركة في فعالية نظمتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وانقسم الجمهور حول خطاب الشعراني الغاضب الذي قوبل في بعض الأحيان ذكورية أخذت النقاش إلى مستوى آخر، حيث غلبت الاعتراضات على 'نبرة' الناشطة و'صوتها العالي' مقابل 'هدوء' المحافظ الذي ظلّ صامتاً، ولم يتحرك عن كرسيه.
حتى أن البعض طالب من السلطات السورية اعتقال الشعراني على خلفية 'إهانتها رموز الدولة'.
والأربعاء، قدّم بكور اعتذاراً للمعتقلين المتضررين من تجاوزات عناصر الأمن العام في ريف حمص.
وقال بكور في اجتماع له: 'أنا لا أقبل أن يُهان أحد من السوريين على الأراضي السورية، وأنا أقف معكم حتى تأخذوا حقكم'. وأضاف 'الاعتذار لا يكفي، لن أعود إلى المحافظة إن لم يُحاسَب المسؤولون عن الانتهاكات'.
وتعهّد المحافظ بمحاسبة المتورطين في حادثة الحاجز ومتابعة القضية.
ماذا قالت الشعراني؟
بحسب الشعراني، تعرضت مجموعة من الأشخاص، خلال توقيفها على حاجز حمص، إلى شتائم طائفية وعنصرية، تضمنت وصف الدروز بـ'الخنازير' والعلويين بـ'المجوس'.
وقالت الشعراني في لقائها ببكور: 'ليس الدروز خنازير ولا العلويين مجوس، هؤلاء الذين تخفونهم أنتم هم الخنازير والمجوس.
وإذا لم تتقبل مني هذا الكلام فهذا شأنك. أنا أقولها بالفم الملآن حتى لو حاسبتني وأخذتني إلى المعتقل.
لقد ذهبوا ورأوا سجونكم في حارم (إدلب). هناك طفل عمره سنة وسبعة أشهر في السجن من الطائفة العلوية. وهناك فتيات من إسرائيل ومن إيران هن في السجن منذ خمس أو سبع سنوات.
حاسبوا نفسكم قبل. تتكلمون دائماً عن الدين والأخلاق. الدين والأخلاق على أرض الواقع وليس فقط بالتغنّي. (…) أنتم خرقتم الإعلان الدستوري الذي نحن في الأصل غير معترفين به.
التزموا بالمواثيق التي تصدرونها أنتم. لن نسمح بهذا الاعتداء وستحاسبون عليه'.
ولم يتسنّ لبي بي سي التأكد من مصادر مستقلة من دقة ما ورد على لسان الشعراني حول سجن حارم في إدلب.
تعليقات ذكورية
https://twitter.com/asemalakeli/status/1909348482630271286
وفيما اعتبر البعض أن كلام الشعراني يعيد واقع السجون في إدلب إلى الواجهة، اتهمها آخرون بالطائفية وبتأييد النظام السابق.
غير أن أكثرما كان لافتاً في ردود الأفعال كانت التعليقات الذكورية التي استفزّتها جرأة الشعراني أمام مسؤول حكومي، واصفين إياها بـ'الوقاحة' و'الفجور'.
كذلك، غلبت على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات وتغريدات تصف الشعراني بـ'الهستيرية'، وهي صفةُ مشحونة بتاريخ طويل من الذكورية وكراهية النساء.
وقد استخدم المصطلح للمقارنة بين 'توتر' الشعراني وبين 'هدوء واتزان' المحافظ وصمته عما اعتبره البعض تجاوزاً من قبل الناشطة.
https://twitter.com/Omar_Madaniah/status/1909544202062458966
ما علاقة 'الهستيريا' بالذكورية؟
كلمة 'هستيريا' تأتي من الكلمة اليونانية 'هستيرا'، والتي تعني 'الرحم'.
وحتى وقت ليس ببعيد ظلّت الهستيريا تُعتبر في الأصل مرضاً نسائياً، ناتجاً عن 'رحم متجول' يمكنه أن يتحرك داخل جسد المرأة ويسبب اضطرابات عاطفية، أو شللاً، أو نوبات عصبية.
وكانت هذه النظرية الغريبة منتشرة في الطب اليوناني القديم، حيث ظهرت في أعمال أبقراط ولاحقاً غالينوس، واستمرت لقرون في الطبّ الغربي.
وبالمختصر، كان يتم إلقاء اللوم على الرحم في 'لاعقلانية' النساء.
وفي القرن التاسع عشر، أصبحت الهستيريا تشخيصاً طبيّاً شائعاً، خصوصاً في أوروبا، وارتبطت بشكل شبه حصري بالنساء.
وقد استخدم عالم النفس النمساوي وأب التحليل النفسي سيغموند فرويد المصطلح لوصف مجموعة واسعة من الأعراض لدى النساء، مثل: القلق والإغماء والنوبات العاطفية والشلل غير المفسّر عضوياً، وغيرها.
وركّز فرويد في بدايات عمله في التحليل النفسي على النساء 'الهستيريات'، وغالباً ما ربط معاناتهن بصدمات نفسية أو صراعات جنسية مكبوتة، مما عزز الفكرة القائلة إن النساء هن أكثر اضطراباً من الناحية النفسية والعاطفية.
ومن هنا، أصبحت الهستيريا طريقة 'علمية' لتأكيد أن المرأة غير عقلانية أو عاطفية بشكل مفرط.
وعندما توصف امرأة بأنها 'هستيرية' أو 'مفرطة في العاطفة'، فهذا الوصف يحمل قروناً من الافتراضات التمييزية ضد النساء.
وبالتالي يصبح استخدام المصطلح وسيلة لإسكات النساء أو نزع الشرعية عن مشاعرهن ومواقفهن، خصوصاً عند التعبير عن الغضب أو الحزن أو المعارضة.
وحتى اليوم، توصف النساء في السياسة أو الإعلام أو الحياة اليومية بأنهن 'هستيريات'، في حين يُنظر إلى سلوك مماثل من الرجال على أنه 'قوة' أو 'حزم'.
'استعادة' نسوية للمصطلح
أُزيل مصطلح 'الهستيريا' رسمياً من التصنيف الدولي للأمراض في عام 1952.
وفي كتابها المرجعي في الفكر النسوي 'الجنس الآخر' (1949)، استخدمت الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار مفهوم الهستيريا ضد النساء، حيث وصفت مطولاً 'نوبات الهستيريا النسائية'، والطريقة التي كانت تُستَخدم بها المفاهيم التحليلية النفسية المرتبطة بنوبة الهستيريا في ذلك الوقت بهدف تشويه صورة النساء وتقويض مصداقيتهن.
وفي احتجاجات مايو/ أيار 1968 في فرنسا، وخلال فترة النقاشات الاجتماعية والسياسية، قامت مناضلات نسويات فرنسيات بقلب هذا الوصم واستعادة المصطلح، فارتدين قمصاناً كُتب عليها: 'نحن جميعاً هستيريات'، واستخدمن هذه العبارة كشعار، لا سيما خلال أول لقاء علني نظمّته حركة تحرير النساء في جامعة فانسان في ربيع عام 1970.
كذلك، حاولت بعض المفكرات والفنانات النسويات إعادة توظيف الهستيريا كرمز للتمرد والرفض للمعايير الذكورية. على سبيل المثال، تحدثت المفكرة الفرنسية إيلين سيكسو عن الكتابة الأنثوية وجسد المرأة 'الهستيري' كمجالٍ للمقاومة.
وبصورةٍ عامة، يعاد التعاطي مع مفهوم الهستيريا في حقل الفكر النسوي على أنها مجرّد أداة للقمع من قبل النظام الأبوي.
وتعمل العديد من النسويات على مصادرة هذه الوصمة وجعلها 'شكلاً من أشكال الوعي الجسدي بالمظلومية' من أجل مواجهة النظام الأبوي بل والانقلاب عليه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 2 ساعات
- سيدر نيوز
ميرز يعلن تعهد ألمانيا بمساعدة أوكرانيا لإنتاج صواريخ بعيدة المدى
أ بلغ المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرز الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن برلين ستساعد كييف على إنتاج صواريخ طويلة المدى للدفاع عن نفسها ضد الهجوم الروسي. وقال ردا على سؤال للصحفيين في برلين عما إذا كانت ألمانيا ستزود كييف بصواريخ توروس 'نريد أن نتحدث عن الإنتاج ولن نناقش التفاصيل بشكل علني'. وتولى ميرز منصبه في وقت سابق من هذا الشهر، متعهدا بتعزيز الدعم الألماني لأوكرانيا، وقال هذا الأسبوع إنه 'لم تعد' هناك أي قيود على نطاق الأسلحة التي يقدمها الحلفاء الغربيون لكييف. ويبلغ مدى صاروخ توروس 500 كيلومتر وبذلك يمكن أن يصل إلى عمق الأراضي الروسية بشكل أكبر من الصواريخ الأخرى بعيدة المدى. التقدم الروسي في شمال شرقي أوكرانيا قد يكون محاولة لإنشاء 'منطقة عازلة' هل يمكن أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025؟ تحقيق لبي بي سي، يكشف كيف تتحايل شركات صينية على العقوبات لإرسال تكنولوجيا حساسة لروسيا ورغم أن ميرز لم يشر إلى صواريخ توروس بالاسم خلال مؤتمره الصحفي مع زيلينسكي، إلا أنه قال إن وزيري الدفاع الألماني والأوكراني سيوقعان 'مذكرة تفاهم' بشأن الصواريخ طويلة المدى في وقت لاحق يوم الأربعاء. وحذر الكرملين من أن أي قرار بإنهاء القيود المفروضة على مدى الصواريخ التي يمكن لأوكرانيا استخدامها سيكون بمثابة تغيير خطير للغاية في السياسة من شأنه أن يضر بالجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق سياسي. ومع ذلك، فقد أكد ميرز أن قرار رفع القيود المفروضة على النطاق اتخذ من قبل الحلفاء الغربيين قبل أشهر. وقد تكون هناك أسئلة كثيرة حول تفاصيل خطة ميرز للتعاون الصاروخي، لكنّ استعداده لإصدار تصريحات ضخمة، قد تثير استعداء الكرملين، ما يجعله يقف في تناقض واضح مع اللهجة الحذرة للحكومة الألمانية السابقة برئاسة سلفه أولاف شولتز. وخلال مؤتمره الصحفي مع زيلينسكي، وعد ميرز أوكرانيا بمواصلة الدعم طالما كان ذلك ضروريا، محذرا موسكو من أن رفضها المشاركة في المزيد من محادثات السلام سيكون له 'عواقب حقيقية'. ودعا زيلينسكي إلى إجراء محادثات تهدف إلى التوصل إلى تسوية بشأن الحرب بمشاركة ثلاثة زعماء – 'ترامب-بوتين-وزيلينسكي' – رغم أنه أضاف أنه مستعد لأي صيغة. ولم يرفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الفكرة جملة وتفصيلا، لكنه قال إن مثل هذا الاجتماع لا يمكن أن يُعقد إلا بعد التوصل إلى 'اتفاقات ملموسة' بين 'الوفدين'. ورغم أن أوكرانيا وروسيا عقدتا أول محادثات مباشرة، وهي الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، في إسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر، إلا أن الاجتماع ضم مسؤولين منخفضي المستوى ولم يتمكنوا إلا من الاتفاق على تبادل الأسرى، والذي تم في نهاية الأسبوع الماضي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء إن موسكو مستعدة بالفعل لعقد جولة ثانية من محادثات السلام مع كييف. وبحسب بيان نشرته وكالة أنباء تاس الرسمية، قال بوتين إن الجولة التالية من المحادثات قد تعقد في الثاني من يونيو/حزيران القادم في إسطنبول حيث ستقدم روسيا 'مذكرة' تحدد شروط السلام الخاصة بها. وقال لافروف: 'نأمل أن يدعم جميع المهتمين بإخلاص، وليس فقط بالكلمات، في نجاح عملية السلام أن يدعموا عقد جولة جديدة من المفاوضات الروسية الأوكرانية المباشرة'. وأضاف لافروف أنه أطلع نظيره الأمريكي ماركو روبيو على الاقتراح. وكان لافروف قد أوضح في وقت سابق أن موسكو تتطلع إلى ضمان 'وضع أوكرانيا المحايد وغير المنحاز وغير النووي'. وقالت أوكرانيا إنها لا تعارض عقد مزيد من الاجتماعات لكن 'الاجتماع المقبل يجب أن يسفر عن نتائج'. وفي منشور على موقع إكس، قال وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف إن بلاده قدمت بالفعل شروط السلام إلى روسيا وطالبت موسكو بفعل الشيء نفسه. وأشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع إلى أن صبره بدأ ينفد بسبب فشل روسيا في المضي قدما في المزيد من المحادثات. واتهم ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ'اللعب بالنار'، بعد الضربة الصاروخية الروسية القاتلة التي أسفرت عن مقتل 13 أوكرانيا، بينهم أطفال. ومع ذلك، أشار المسؤولون الروس إلى أن ترامب لم يكن على علم كافٍ بسياق الصراع. وحث الرئيس الأوكراني واشنطن على فرض عقوبات على قطاعي البنوك والطاقة في روسيا. وأضاف أنه ناقش الأمر مع ترامب، مضيفا أن الرئيس الأمريكي 'أكد أنه إذا لم تتوقف روسيا، فسيتم فرض عقوبات'. وعلى الرغم من استمرار المناورات الدبلوماسية، فقد أعلن الجيش الأوكراني عن قيامه بواحدة من أكبر الهجمات بطائرات مسيرة على أهداف روسية حتى الآن خلال ليل الثلاثاء وحتى يوم الأربعاء، في حين قال زيلينسكي إن روسيا أطلقت أكثر من 900 طائرة مسيرة على مدار ثلاثة أيام انتهت في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين. وعلى الأرض، تعرضت الدفاعات الأوكرانية لهجوم روسي متزايد في شمال شرق البلاد. وقال زيلينسكي إن موسكو 'تحشد' أكثر من 50 ألف جندي على طول جبهة سومي، حيث سيطرت القوات الروسية على عدة قرى عبر الحدود الأوكرانية في محاولة لإنشاء ما يسميه بوتين بـ'مناطق أمنية عازلة'. وقال حاكم سومي أوليه حريهوروف إن القوات الروسية استولت على أربع قرى وأن القتال مستمر بالقرب من قرى أخرى في المنطقة. واتهم زيلينسكي موسكو بتأخير عملية السلام وقال إنها لم تقدم بعد مذكرة شروط السلام التي وعدت بها بعد محادثات اسطنبول. وأصر بيسكوف على أن الوثيقة كانت في 'مراحلها النهائية'. وقد أودت الحرب، التي دخلت الآن عامها الرابع، بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وتسببت في تدمير جزء كبير من شرق أوكرانيا وجنوبها. وتسيطر موسكو على ما يقرب من خمس أراضي البلاد، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، التي ضمتها في عام 2014.


سيدر نيوز
منذ 2 أيام
- سيدر نيوز
اتهامات لخفر السواحل اليوناني بشأن غرق سفينة مهاجرين عام 2023 #عاجل
وجهت محكمة في اليونان اتهامات إلى 17 من خفر السواحل بشأن أخطر كارثة قارب مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط منذ عقد. يُشار إلى أن المخاوف من غرق ما يصل إلى 650 شخصاً عندما غرقت سفينة الصيد 'أدريانا' المكتظة بالقرب من بيلوس، قبالة الساحل اليوناني، وُجّهت في الساعات الأولى من صباح 14 يونيو/حزيران 2023. وأفاد ناجون لاحقاً لبي بي سي بأن خفر السواحل اليوناني تسببوا في انقلاب قاربهم في محاولة فاشلة لسحبه، ثم أسكتوا الشهود. 'استغرق الأمر عامين حتى ظهرت هذه الاتهامات، على الرغم من أن الكثير من الناس شهدوا ما حدث'، وفق ما صرح به أحد الناجين. ولطالما أنكرت السلطات اليونانية الادعاءات الموجّهة إليها. قبطان سفينة خفر السواحل متهم قرر نائب المدعي العام في محكمة بيرايوس توجيه تهم جنائية إلى 17 فرداً من خفر السواحل اليوناني. من بينهم قبطان سفينة خفر السواحل LS-920، المتهم بـ'التسبب في غرق سفينة'، ما أدى إلى وفاة '82 شخصاً على الأقل'. ويتوافق هذا مع عدد الجثث التي انتُشلت، رغم الاعتقاد بأن ما يصل إلى 500 شخص آخرين غرقوا، بمن فيهم نساء وأطفال كانوا جميعاً تحت سطح السفينة. وقعت الكارثة في المياه الدولية، ولكن ضمن منطقة الإنقاذ اليونانية. ويُعتبر رئيس خفر السواحل آنذاك، ومشرف المركز الوطني لتنسيق البحث والإنقاذ في بيرايوس، من بين أربعة مسؤولين متهمين بـ'تعريض الآخرين للخطر'. كما يُتهم قبطان سفينة LS-920 بـ'التدخل الخطير في النقل البحري'، بالإضافة إلى 'عدم تقديم المساعدة' لقارب المهاجرين. ووجهت لطاقم السفينة تهمة 'التواطؤ البسيط' في جميع الأفعال التي يُزعم أن القبطان ارتكبها. شكوك حول رواية المسؤولين اليونانيين كانت سفينة خفر السواحل تراقب سفينة أدريانا لمدة 15 ساعة قبل غرقها. غادرت السفينة ليبيا، متجهةً إلى إيطاليا، وعلى متنها ما يُقدر بـ 750 شخصاً. ولم يكن سوى 104 منهم على قيد الحياة. نجري في بي بي سي تحقيقاتٍ منذ يوم وقوع الكارثة، وقد أثارت سلسلة النتائج التي توصلنا إليها شكوكاً جدية حول الرواية اليونانية الرسمية للأحداث. في غضون أسبوع، حصلنا على بيانات شحن تُشكك في الادعاء بأن قارب المهاجرين لم يكن في مأزق، وبالتالي لم يكن بحاجة إلى الإنقاذ. بعد شهر، أخبرنا الناجون أن خفر السواحل تسبب في غرق قاربهم في محاولة كارثية لسحبه، ثم أجبروا الشهود على الصمت. في العام الماضي، رُفضت قضية ضد تسعة مصريين، وسط مزاعم بأن السلطات اليونانية استخدمتهم 'كبش فداء'. في وقت سابق من هذا العام، ظهرت تسجيلات صوتية تُشكك أكثر في الرواية اليونانية الرسمية للأحداث. الناجون السوريون يشعرون بـ'إحقاق العدل' التقينا لأول مرة باللاجئين السوريين، اللذين أطلقنا عليهما اسمي أحمد ومصعب حفاظاً على هويتهما، بعد شهر من الكارثة. قالا إن كلاً منهما دفع 4500 دولار أمريكي، مقابل مكان على متن القارب. كان شقيق أحمد الأصغر – وهو سوري يقيم حالياً في ألمانيا – على متن القارب أيضاً ولم ينجُ. وصف لنا مصعب اللحظة التي تسبب فيها خفر السواحل اليوناني – على حد زعمه – في غرق قاربهم. قال: 'ربطوا حبلاً من اليسار. تحرك الجميع إلى الجانب الأيمن من قاربنا للحفاظ على توازنه. ابتعد القارب اليوناني بسرعة مما تسبب في انقلابه. استمروا في جرّه لمسافة طويلة'. وادّعى الرجلان أنه بمجرد وصولهما إلى اليابسة، في ميناء كالاماتا، طلب خفر السواحل من الناجين 'الصمت' عندما بدأوا يتحدثون عن كيفية تسبب السلطات اليونانية في الكارثة. قال أحمد: 'عندما أجاب الناس بأن خفر السواحل اليوناني هو السبب، طلب المسؤول عن الاستجواب من المترجم أن يأمر الشخص الذي أجريت معه المقابلة بالتوقف عن الكلام'. وأضاف أن المسؤولين صاحوا: 'نجوت من الموت. توقف عن الحديث عن الحادث، لا تسأل المزيد عنه'. يوم الاثنين، قال أحمد إنه يشعر بأن التهم الموجهة إليه قد بُرِّئت. وقال: 'أنا سعيد جداً لأنهم سيُحاسبون في النهاية على كل ما ارتكبوه، ولكن حتى أراهم في السجن، لم يُتخذ أي إجراء بعد'. وأضاف: 'بصراحة، النظام القانوني اليوناني غير موثوق به على الإطلاق'. الفريق القانوني للضحايا 'يُرحّب' بالاتهامات صرح الفريق القانوني المشترك الذي يمثل الناجين وضحايا الكارثة بأن قرار رفع دعوى قضائية ضد خفر السواحل السبعة عشر يُعد خطوة كبيرة نحو تحقيق العدالة. وأضاف في بيان: 'بعد مرور ما يقرب من عامين على غرق سفينة بيلوس، تُشكل مقاضاة 17 فرداً من خفر السواحل، بمن فيهم كبار ضباط قيادته، وإحالتهم إلى التحقيق الرئيسي بتهمة ارتكاب جرائم، تطوراً جوهرياً وواضحاً في مسار إنصاف الضحايا وتحقيق العدالة'. ومن المفهوم أن الرجال السبعة عشر الذين وُجهت إليهم التهم سيخضعون للاستجواب خلال الأسابيع المقبلة من قبل نائب المدعي العام في محكمة بيرايوس البحرية. وستقرر المحكمة بعد ذلك ما إذا كانت ستُحيلهم إلى محاكمة كاملة أو تُسقط التهم. ولم يتضح بعد ما هي العقوبة التي قد يتلقاها خفر السواحل في حال إدانتهم. وسبق لليونان أن صرحت لبي بي سي بأن خفر سواحلها يحترم حقوق الإنسان احتراماً كاملاً، وأنه أنقذ أكثر من 250 ألف شخص في البحر خلال العقد الماضي.


سيدر نيوز
منذ 3 أيام
- سيدر نيوز
كيف أطاحت نكتة بوزير ياباني من منصبه؟
Reuters كان وزير الزراعة الياباني يأمل في إثارة الضحك، حين قال إنه لم يضطر قط إلى شراء الأرز لأن مؤيديه يعطونه 'كميات كبيرة' منه كهدايا. وبدلاً من ذلك، أثار تاكو إيتو، موجة من الغضب كانت كافية لإجباره على الاستقالة. وتواجه اليابان أول أزمة غلاء معيشة منذ عقود، وهي أزمة تؤثر على غذاء أساسي محبوب هو الأرز الذي ارتفع سعره إلى أكثر من الضعف خلال العام الماضي، ندرة الأصناف المستوردة. واعتذر إيتو معترفاً أنه 'بالغ' في تعليقاته خلال فعالية محلية لجمع التبرعات، واستقال بعد أن هددت أحزاب المعارضة بتقديم اقتراح بسحب الثقة منه. ويشكل إقالته ضربة جديدة لحكومة الأقلية بزعامة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، التي تعاني بالفعل من تراجع الدعم الشعبي لها. يمثل الأرز قضية حساسة في اليابان، إذ تسببت أزمات نقصه في اضطرابات سياسية من قبل، إذ أدت احتجاجات على ارتفاع أسعاره إلى إسقاط حكومة في عام 1918. لذا، ليس من المفاجئ أن يكون لأسعار الأرز دور في تراجع شعبية إيشيبا. وتقول ميموري هيغوتشي، البالغة من العمر 31 عاماً، لبي بي سي من منزلها في يوكوهاما: 'السياسيون لا يذهبون إلى المتاجر لشراء مستلزماتهم الغذائية، لذلك فهم لا يفهمون'. عشاق المصارعة في اليابان يجتمعون في القطار السريع هيغوتشي أم لأول مرة لطفلة تبلغ من العمر سبعة أشهر، وكانت التغذية الجيدة أمراً بالغ الأهمية لتعافيها بعد الولادة، كما أن ابنتها ستبدأ قريباً في تناول الطعام الصلب. وتضيف: 'أريدها أن تأكل جيداً، لذلك إذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فقد نضطر إلى تقليل كمية الأرز التي نتناولها أنا وزوجي'. خطأ فادح ويشرح كونيو نيشيكاوا، خبير الاقتصاد الزراعي في جامعة إيباراكي، أن المسألة ببساطة تتعلق بالعرض والطلب. لكنّه يعتقد أن هذا الوضع نتيجة خطأ في حسابات الحكومة. حتى عام 1995، كانت الحكومة تتحكم في كمية الأرز التي ينتجها المزارعون عبر تعاون وثيق مع الجمعيات الزراعية. لكن القانون أُلغي في ذلك العام، إلا أن وزارة الزراعة لا تزال تصدر تقديرات للطلب، لمساعدة المزارعين على تجنب إنتاج فائض من الأرز. لكن البروفيسور نيشيكاوا يقول إنهم أخطأوا في تقدير الطلب في عامي 2023 و2024، فقد قدروا الطلب بنحو 6.8 مليون طن، في حين أن الطلب الفعلي بلغ 7.05 مليون طن. وقد ارتفع الطلب على الأرز بسبب زيادة عدد السياح الذين يزورون اليابان وارتفاع عدد الأشخاص الذين يتناولون الطعام في المطاعم بعد الوباء. لكن الإنتاج الفعلي كان أقل من التقديرات إذ بلغ 6.61 مليون طن، حسبما يقول البروفيسور نيشيكاوا. قال متحدث باسم وزارة الزراعة لبي بي سي: 'صحيح أن الطلب على الأرز قد ارتفع، وذلك بسبب عدة عوامل – من بينها أن الأرز كان منخفض التكلفة نسبياً مقارنة بغيره من المواد الغذائية، إلى جانب زيادة عدد الزوار القادمين من الخارج'. ومضى قائلاً: 'لم تكن جودة الأرز جيدة بسبب درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي مما أدى أيضاً إلى انخفاض إنتاج الأرز'. لم تعد زراعة الأرز مربحة يقول كوسوكي كاساهارا، البالغ من العمر 59 عاماً والذي تعمل عائلته في الزراعة منذ أجيال، إن مزارعي الأرز لم يتمكنوا من جني أموال كافية لسنوات عديدة. ويوضح أن تكلفة إنتاج 60 كيلوغراماً من الأرز تبلغ 125 نحو دولاراً أمريكياً، لكن التعاونية في منطقته نيغاتا على الساحل الغربي لليابان عرضت شراء هذه الكمية في العام الماضي مقابل 19 ألف ين. ويضيف قائلاً: 'حتى قبل 3 أو 4 سنوات، كانت الحكومة تقدم حوافز مالية للبلديات التي توافق على خفض إنتاج الأرز'. كيف يمكن لموت حصان أن يغيّر تقاليد مهرجان ياباني قديم؟ وأكد المتحدث باسم الوزارة أن الحكومة عرضت دعماً لأولئك الذين يختارون إنتاج القمح أو فول الصويا بدلاً من الأرز. وفي الوقت نفسه، اختار المزارعون الأصغر سناً إنتاج أنواع مختلفة من الأرز التي تستخدم في صناعة الساكي أو مقرمشات الأرز أو لإطعام الماشية، وذلك لأن الطلب على الأرز في اليابان كان في انخفاض حتى العام الماضي. ويقول المزارع شينيا تابوتشي: 'لقد سئمت من محاربة تجار التجزئة أو المطاعم الذين أرادوا مني بيع الأرز بسعر زهيد لسنوات عديدة'. لكن هذا الوضع انقلب رأساً على عقب، إذ وصل سعر 60 كيلوغراماً من الأرز اليوم إلى ما بين 300 و 350 دولاراً. ورغم أن ارتفاع الأسعار يعد خبراً سيئاً بالنسبة للمتسوقين، فإنه يعني أن العديد من المزارعين المتعثرين سوف يتمكنون أخيراً من جني الأموال. وفي ظل تزايد غضب الجمهور بسبب ارتفاع الأسعار، قامت الحكومة ببيع بعض احتياطياتها الطارئة من الأرز في مزاد علني في شهر مارس/آذار الماضي في محاولة لخفض الأسعار. وتمتلك العديد من الدول احتياطيات استراتيجية، مخزونات من السلع الحيوية، من النفط الخام أو الغاز الطبيعي استعداداً للظروف الاستثنائية، وفي آسيا، تمتلك العديد من الحكومات أيضاً مخزونات من الأرز. وفي السنوات الأخيرة، لم يتم استغلال مخزون اليابان من الأرز إلا في أعقاب الكوارث الطبيعية. ويقول تابوتشي: 'لقد أخبرتنا الحكومة دائماً أنها لن تفرج عن مخزونات الأرز الطارئة للسيطرة على الأسعار، لذلك شعرنا بالخيانة'. ورغم القرار النادر الذي اتخذته الحكومة بالإفراج عن الأرز، إلا أن الأسعار استمرت في الارتفاع. معالجة ارتفاع الأسعار وتشهد أسعار الأرز ارتفاعاً حاداً أيضاً في جنوب شرق آسيا، التي تمثل نحو 30 في المئة من إنتاج الأرز في العالم، وقد أدت الضغوط الاقتصادية والسياسية والمناخية إلى نقص في المعروض في السنوات الأخيرة. وفي اليابان أصبحت هذه القضية خطيرة إلى درجة أن البلاد بدأت في استيراد الأرز من كوريا الجنوبية لأول مرة منذ ربع قرن، على الرغم من أن المستهلكين يفضلون الأصناف المزروعة محلياً. كما ألمح رئيس الوزراء الياباني إلى توسيع واردات الأرز الأمريكي في الوقت الذي تواصل فيه حكومته التفاوض بشأن اتفاقية تجارية مع واشنطن. لكن المتسوقين مثل السيدة هيغوتشي يقولون إنهم من غير المرجح أن يشتروا الأرز غير الياباني. وتقول هيغوتشي: 'لطالما دافعنا عن أن الإنتاج المحلي للاستهلاك المحلي، ولا بد من إيجاد طريقة تُمكّن المزارعين اليابانيين من تحقيق الربح، وتُشعر المستهلكين بالأمان من خلال قدرتهم على شراء المنتجات المحلية'. MEMORI HIGUCHI وهذا يقسم الرأي بين المزارعين. ويقول تابوتشي، الذي يعتقد أن القطاع كان يتمتع بحماية مفرطة من جانب الحكومة: 'قد تسمع أن هذه الصناعة تشيخ وتنكمش، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة'. ويضيف: 'يستطيع العديد من المزارعين المسنين بيع الأرز بأسعار زهيدة بفضل معاشاتهم التقاعدية وأصولهم، لكن على الجيل الأصغر أن يكون قادراً على جني المال، وبدلاً من ضمان دخل لجميع المزارعين وتشويه السوق، على الحكومة أن تترك المزارعين الخاسرين يفلسون'. 'كوكب اليابان': حقيقة أم أسطورة روجها العالم العربي؟ ويخالف كاساهارا هذا الرأي قائلاً: 'إن الزراعة في المناطق الريفية مثل منطقتنا تعني الانتماء إلى المجتمع، إذا تركنا هؤلاء المزارعين يفشلون، فستتحول مناطقنا إلى خراب'. ويرى أن الحكومة يجب أن تحدد سعر شراء مضمون يتراوح بين 32 ألفاً إلى 36 ألف ين لكل 60 كيلوغراماً من الأرز، وهو أقل من سعر اليوم لكنه لا يزال يسمح للمزارعين بتحقيق الربح. ونظراً لما حدث لإيتو، فإن هذا الموضوع يظل أيضاً موضوعاً حساساً بالنسبة للسياسيين. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات وطنية مهمة هذا الصيف، لذلك فإن إرضاء المستهلكين والمزارعين على حد سواء، وخاصة كبار السن في كلا المعسكرين الذين يميلون إلى التصويت أكثر، أمر بالغ الأهمية.