logo
كيف تبدو تركيبة الجيش السوري الجديد بعد دمج الفصائل؟

كيف تبدو تركيبة الجيش السوري الجديد بعد دمج الفصائل؟

Independent عربية١٧-٠٣-٢٠٢٥

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط حكم بشار الأسد وانهيار جيشه، يمثل تشكيل جيش جديد تحت قيادة وإدارة وزارة الدفاع الجديدة أحد أكبر التحديدات التي تواجهها القيادة الحالية، فحال الفصائل لا تزال تهيمن على المشهد العسكري على رغم اجتماع عدد غير قليل من قادتها في ما عرف بـ "مؤتمر النصر" الذي منح الشرعية العسكرية والثورية للرئيس أحمد الشرع لتولي قيادة المرحلة الانتقالية، عبر إطلاق حوار وطني وإعلان دستوري وحكومة انتقالية تقود المرحلة.
ويبدو المشهد معقداً على رغم إبداء معظم قادة هذه الفصائل استعدادهم الانضمام إلى وزارة الدفاع ليصبحوا جزءاً من جيش البلاد، لكن معظم هذه الفصائل لا تزال تحتفظ بأسمائها وتبعيتها التنظيمية السابقة وكذلك سلاحها، سواء تلك المنضوية تحت الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا أو الفصائل في الجنوب السوري أو في التنف، في حين أن "هيئة تحرير الشام" والفصائل التي تحالفت معها في إدارة العمليات المشتركة، ولا سيما تلك التي أسقطت نظام بشار الأسد أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تدير المشهد العسكري الرسمي من خلال وزارة الدفاع التي تسلم مسؤوليتها القيادي العسكري في "هيئة تحرير الشام" مرهف أبو قصرة، وفي أواخر ديسمبر الماضي جرى ترقية نحو 49 من قادات وعناصر الفصائل المسلحة وتسميتهم ضباطاً رفيعين، ومنحهم رتب اللواء والعميد والعقيد في الجيش السوري المزمع تشكيله، وشملت الترقيات عناصر من "تحرير الشام" والفصال المتحالف معها وكذلك من الجيش الوطني الموالي لتركيا، في حين أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن من بين الأسماء الـ 49 الواردة في المرسوم "ستة متطرفين أجانب"، بينهم ألباني وأردني وطاجيكي وآخر من الإيغور ينتمي إلى "الحزب الإسلامي التركستاني"، وتركي كان "قائد لواء" في الهيئة.
"قسد" العقدة الأصعب أثناء دمج الفصائل وتشكيل الجيش السوري الجديد (إعلام الرئاسة السورية)
المنطقة الجنوبية الرخوة
وفي الجنوب السوري يبدو الوضع العسكري الداخلي مقلقاً جداً لدمشق، ولا سيما بعد دخول غرفة عمليات الجنوب وفصيله الأبرز "اللواء الثامن" بقيادة أحمد العودة دمشق والسيطرة على العاصمة ومؤسساتها في الثامن من ديسمبر الماضي، على رغم وجود الشرع وعناصره في حمص وقتها.
وعلى رغم حضور نائب العودة "مؤتمر النصر" وعقد اجتماعات عدة بين الطرفين، أبرزها لقاء الشرع والعودة، لكن الفصيل لم يسلم سلاحه خصوصاً وأنه يملك ترسانة كبيرة من السلاح الثقيل، لأنه بحسب معلومات متداولة يطالب بضمانات تمنح فصيله امتيازات خاصة واستقلالية عسكرية ضمن وزارة الدفاع.
وكان الفصيل تشكل جراء مفاوضات المسلحين مع روسيا ونظام الأسد كجزء من "الفيلق الخامس" المدعوم روسياً، إذ لا يزال العودة يحظى بهذا الدعم إضافة إلى علاقات مع الأردن ودول إقليمية، وفق مصادر سورية.
وعلى حدود مناطق سيطرة فصيل العودة يوجد الدروز في محافظة السويداء جنوباً وتسيطر على مناطقهم فصائل مسلحة محلية عدة أبرزها "المجلس العسكري للسويداء" و"لواء الجبل" وغيرها من فصائل تشكلت خلال أعوام الحرب، ومع سقوط النظام وتشكيل وزارة الدفاع الجديدة لم تنضم هذه الفصائل إلى الجيش السوري على رغم لقاءات عدة عقدت بين الطرفين، ومحاولة دخول وزارة الداخلية وقوى الأمن العام للمحافظة، لكنها غير مقبولة من قبل الدروز ولا سيما أن تحفظات وخلافات سياسية تعلن تجاه دمشق بين فترة وأخرى من قبل زعامات دينية، وهي صاحبة القول الفصل في شؤون الطائفة وبخاصة الشيخ حكمت الهجري الذي رفض أخيراً "الإعلان الدستوري" مطالباً بدولة مدنية تحفظ حقوقهم، وكذلك سجلت مآخذ وانتقادات من قبلهم تجاه الحكم الجديد بخصوص مؤتمر الحوار، مما يزيد تعقيد انضمام الفصائل الدرزية إلى الجيش السوري.
ويتزامن ذلك مع حوادث متفرقة عدة، فقد نشبت اشتباكات بين القوات التابعة لدمشق ومسلحين دروز في ضاحية جرمانية الدرزية المتاخمة لدمشق وأدت إلى إصابات بين الطرفين، لكن الحادثة طوقت سريعاً مع تدخل مسلحين دروز مقربين من دمشق على خط الوساطة لتنتهي بتسلم قوى الأمن العام، في حين أن سلاح الفصيل المسلح لا يزال في يد عناصره، ويعتبر إحدى أسباب المناكفة بين الدروز وحكومة الشرع، إضافة إلى تصريحات إسرائيلية بضرورة حماية الدروز في سوريا والتحذير من الاعتداء عليهم.
"قسد" الملف الأثقل
ملف الفصائل العسكرية في سوريا من أكثر الملفات الشائكة حالياً وبخاصة ملف اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي يعتبر من أعقد وأثقل القضايا، لما تحمله من خلافات بينها وبين قوات دمشق إضافة إلى صراعها المستمر مع الفصائل الموالية لتركيا، والتي انضمت جميعها إلى وزارة الدفاع في حكومة الشرع، في حين أنها لا تزال جزءاً من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا وتتلقى منها الدعم والرواتب، كما أن هذه الفصائل تقاتل منذ أواخر ديسمبر "قسد" في منطقة سد تشرين وجسر قره قوزاق في ريف كوباني الجنوبي، إضافة إلى مناوشات مستمرة بين الطرفين في مناطق نبع السلام أيضاً.
وبخلاف غيرها من الكيانات العسكرية في سوريا فإن مهمة "قسد" تتركز على مكافحة الإرهاب وحماية السجون التي تؤوي عناصر تنظيم "داعش" والبالغ عددهم نحو 10 آلاف، بينهم 2000 مقاتل أجنبي موزعين داخل 26 مركزاً للاحتجاز، وإضافة إلى مخيمي الهول وروج فإن التحدي الأكبر يكمن في الهجمات الجوية التي تتلقاها من تركيا، ومواجهة الفصائل التي تتزعم غالبيتها عناصر قيادات تركمانية، وأصبحت جزءاً من وزارة الدفاع التابعة لدمشق، وهي تقاتل "قسد" الذي يضع بند التزام الشرع بوقف إطلاق النار على المحك.
وعقب توقيع الاتفاق بين الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الذي أنعش آمال الأكراد ومكونات أخرى ولاقى ترحيباً سورياً وعربياً ودولياً، إلا أن "الإعلان الدستوري" الذي صادق عليه الشرع بعد ثلاثة أيام من اتفاقه مع عبدي تجاهل إدراج حقوق الأكراد أو شكل الدولة اللامركزية كما يطمحون، إضافة إلى بنود أخرى أثارت حفيظة الأكراد الذين خرجوا بمواقف رافضة لـ "الإعلان الدستوري"، إضافة إلى السُريان الذين رفضوا الخطوة الحكومية للأسباب ذاتها، مما قد يلقي بظلاله على الاتفاق الذي ينص على دمج القوات العسكرية ويسهل الطريق أمام بقية المؤسسات.
ويقول الباحث من "مركز الفرات للدراسات" في القامشلي وليد جولي إن الكرد وباقي المكونات المنتشرة شمال شرقي سوريا سيكون لهم موقف حازم ضد هذه الفصائل التي ارتكبت انتهاكات ومجازر ضد السكان المدنيين في الساحل، يقضي بالإصرار على تسليمهم دمشق وإلقاء السلاح أو الدمج على شكل أفراد، "فما حصل في الساحل السوري كشف الأقنعة بصورة واضحة وأفقد الثقة في الإدارة الجديدة، ومن حق أي مكون سوري أو جماعة سياسية أن ترفض تسليم أمرها لهؤلاء"، على حد قول جولي.
أما بالنسبة إلى جيش "سوريا الحرة" المعدّ والمدرب أميركياً والذي يسيطر على قاعدة التنف وصولاً إلى تدمر، فقد شارك قائد الفصيل في "مؤتمر النصر" وأصبح جزءاً من وزارة الدفاع، لكن جميع تحركاته على الأرض تجري بالتنسيق مع التحالف الدولي والقوات الأميركية، إذ يعتبر الفصيل الوحيد في وزارة الدفاع والعامل مع الجيش الأميركي في إطار مكافحة الإرهاب رسمياً.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
آمال بالانضمام للجيش الجديد
في بدايات يناير (كانون الثاني) الماضي قال وزير الدفاع مرهف أحمد أبو قصرة إنه من بين توجهات القيادة العامة إعادة هيكلة القوات المسلحة وتنظيم الجيش العربي السوري، مضيفاً "بدأنا جلسات مع الفصائل العسكرية من أجل وضع خطوات انضمامهم لوزارة الدفاع، إذ تهدف الجلسات إلى وضع خريطة طريق لتحقيق الاستقرار في البنية التنظيمية للقوات المسلحة"، ولا تزال تلك المشاورات والاجتماعات جارية على رغم مرور 100 يوم، لكن هيكلية الجيش السوري الحكومي لا تزال ضبابية جراء معوقات كبيرة تعترض سبيل نجاحها، في وقت لم تكتمل بعد شروط نجاح تشكيل الجيش وتزويده بما يلزم من عتاد وذخيرة ومال، ولا سيما وأن سلاح الجو الإسرائيلي قصف عشرات المطارات والمستودعات العسكرية التابعة للنظام السابق، ودمر نحو 80 في المئة من ترسانة السلاح، إضافة إلى عمليات خاصة ضد مخازن الأسلحة الكيماوية مما أدى إلى تعرية البلاد من السلاح، وغداة سقوط الأسد وعقب تنفيذ إسرائيل عدداً كبيراً من الهجمات على مواقع لتخزين الأسلحة التابعة لجيش الأسد، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنه "جرى استهداف مواقع أسلحة كيماوية وصواريخ طويلة المدى في سوريا من أجل منع وقوعها في أيدي أطراف عدائية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علويون يلوذون بالقبور في شمال لبنان بعد الفرار من سوريا
علويون يلوذون بالقبور في شمال لبنان بعد الفرار من سوريا

Independent عربية

timeمنذ 21 ساعات

  • Independent عربية

علويون يلوذون بالقبور في شمال لبنان بعد الفرار من سوريا

خلف مسجد غير مكتمل البناء في بلدة الحيصة بشمال لبنان يعيش الأحياء وسط الأموات في القبور، وبجوار أكوام القمامة وتحت ظل الأشجار العالية يبحث رجال ونساء وأطفال من الأقلية العلوية السورية عن مأوى وسط القبور المحيطة بالمسجد، ويحمدون الله لأنهم استطاعوا الفرار من العنف الطائفي في بلدهم، لكنهم يشعرون بالخوف من المستقبل. ولجأ نحو 600 شخص إلى المسجد حيث ينام مئات، من بينهم رضيع عمره يوم واحد، في الساحة الرئيسة. وفي الطابق الثاني غير المكتمل من المسجد، تفصل ملاءات بلاستيكية منصوبة على عوارض خشبية بين العائلات المتضررة. وينام أشخاص على السطح، في وقت نصبت عائلة خيمة تحت الدرج، وأقامت أسرة أخرى بجوار قبر أحد الأولياء. وينام بعضهم فوق القبور في المدافن المحيطة، وآخرون تحت الأشجار، وليس بحوزتهم سوى بطانيات خفيفة للتدفئة. إراقة دماء جميع هؤلاء ليسوا إلا مجموعة من عشرات الآلاف من اللاجئين الذين فروا من سوريا منذ مارس (آذار) عندما شهدت البلاد أسوأ أزمة إراقة دماء، منذ أن أطاحت المعارضة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول). وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في بيان إن نحو 40 ألف شخص فروا من سوريا إلى شمال لبنان، منذ ذلك الحين. ويأتي هذا الخروج في وقت يتعرض فيه تمويل العمل الإنساني لضغوط شديدة بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجميد المساعدات الخارجية، وتفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في وقت سابق من العام. وقال إيفو فرايسن ممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في لبنان في أبريل (نيسان) "المفوضية ووكالات أخرى ليست في وضع الآن يمكنها من أن تقول يمكنكم الاعتماد علينا"، وأضاف "وبالتالي 'نقول' رداً على الوافدين الجدد، نعم سنحاول، لكن 'النتيجة' ستكون أقل 'من ذي قبل'". ويتوافد مزيد من اللاجئين من سوريا يومياً، وقال ممثل عن المخيم، طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن نحو 50 شخصاً وصلوا على مدى يومين الأسبوع الماضي. وذكر متحدث باسم المفوضية أنها تزود الوافدين الجدد بمواد أساسية، مثل المراتب والبطانيات والملابس، وتقدم المساعدة الطبية والدعم النفسي. وأضاف "تجري المفوضية أيضاً أعمال إعادة تأهيل في الملاجئ، للتأكد من حماية الأسر". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لاجئون في طي النسيان الطعام في المسجد شحيح، والمراحيض المتنقلة التي وفرتها إحدى منظمات الإغاثة امتلأت عن آخرها، وتراكمت القمامة وأصبحت مرتعاً للحشرات. وقتل لاجئون ثعابين في المخيم، وتحدث أحدهم عن "أكبر ثعبان رأيناه في حياتنا"، وليس أمام أطفال المخيم أي مكان يذهبون إليه. النظام الدراسي وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن أطفال اللاجئين سيجدون صعوبة في الالتحاق بالنظام الدراسي في لبنان، ويقول اللاجئون في المسجد إن المدارس الخاصة باهظة الثمن، وقد لا تقبل الأطفال الذين يلتحقون في منتصف العام الدراسي. واللاجئون في المسجد من ضمن ملايين الأشخاص الذين تضرروا من قرار ترمب تجميد التمويل الأميركي للبرامج الإنسانية. ويخشى الناس في المسجد أن يطويهم النسيان. احتياجات ولا موارد لتلبيتها وقتل أكثر من 1000 شخص منذ مارس في أعمال العنف التي اندلعت خلال الآونة الأخيرة، ويتهم العلويون الآن الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع بأنها تنتقم منهم، لكن الشرع يقول إنه سيسعى إلى تطبيق سياسات لا تقصي أحداً لتوحيد البلاد وجذب استثمارات أجنبية.

"الديمقراطية" الغائبة عن قاموس السياسة السورية الجديدة
"الديمقراطية" الغائبة عن قاموس السياسة السورية الجديدة

Independent عربية

timeمنذ 2 أيام

  • Independent عربية

"الديمقراطية" الغائبة عن قاموس السياسة السورية الجديدة

منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد قبل أكثر من خمسة أشهر لم تعُد تتردد كلمة الديمقراطية في أروقة أو خطب الساسة السوريين، على رغم أن القيادة الجديدة في دمشق تجسد معارضة لاستبداد حكم البلاد لعقود، فضاق الناس به ذرعاً وثاروا عليه، وبتعبير آخر، تمثل السلطة الجديدة بكل شخوصها ومؤسساتها عملية انتقال من الطغيان إلى العدل ومن التقييد إلى الحرية. حرص الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع وجميع من كلفهم مناصب أو مهمات رسمية منذ وصوله إلى قصر الأمويين في دمشق في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، على عدم نطق كلمة "الديمقراطية" خلال خطبهم السياسية أو مقابلاتهم ومؤتمراتهم الإعلامية، وكأنها تنطوي على مخالفة للقوانين أو ترتبط بالنظام السابق أو تحيل إلى خطر يتهدد البلاد والشعب. أول من أشار إلى غياب مصطلح الديمقراطية عن الخطاب السوري الرسمي بعد الأسد كان مجلة "فورين أفيرز" عبر مقالة نشرتها نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ولفتت فيها إلى أن شرعية سلطة دمشق الجديدة "ستستند في الغالب إلى تفسير سلفي يعتبر الكلمة علمانية وغير إسلامية"، لكن أيّاً كان التفسير الذي تتوقعه المجلة يبدو أنه لا يعجب "داعش"، فصحيفة النبأ المتحدثة باسمه قالت في افتتاحية العدد 490 إن "الخلاف بين التنظيم وأبي محمد الجولاني (الاسم السابق للرئيس الشرع) هو بين التوحيد والشرك وبين الإسلام والديمقراطية". التنظيم الإرهابي يجد السلطة الجديدة في دمشق "ديمقراطية" على رغم أن كل مسؤوليها وموظفيها لا ينطقون بهذه الكلمة ولو على سبيل الخطأ في ترديد مصطلح ارتبط بثورة السوريين لنحو عقد ونصف، وهذا بحد ذاته يستدعي البحث عن تفسيرات لاختفاء الكلمة من قاموس السياسة في مرحلة ما بعد الأسد، وهل هو غياب لغوي فقط أم سلوكياً أم ممارسة أيضاً؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ثمة تفسير خرج به حسن الدغيم، المتحدث الرسمي باسم "مؤتمر الحوار الوطني" الذي أطلقته حكومة دمشق في فبراير (شباط) الماضي، إذ قال خلال مقابلة عبر موقع إخباري إن "المرحلة الحالية تحتاج إلى العدالة السياسية أكثر من الديمقراطية، فأولويات جيل كامل من السوريين اليوم هي مغادرة مخيمات اللجوء والنزوح والعودة لمناطقهم ومنازلهم ومقاعد الدراسة، وهناك خشية أيضاً من الديمقراطية تتمثل في احتمال عودة أصحاب المال من الدول الغربية والعربية ليسيطروا على الحياة السياسية والأحزاب على حساب أولئك الذين قد تستمر معاناتهم لأعوام قبل إتمام إعادة إعمار مناطق كثيرة في البلاد". والدغيم يؤيد الديمقراطية لأن "لا أحد يخسر معها" وفق تعبيره، ولكن "المرحلة الراهنة قد تنطوي على حساسية من الأفضل مراعاتها"، منوهاً إلى أن "غياب المصطلح لا يعني غياب الحريات في البلاد، والديمقراطية بمعناها العملياتي الواقعي هو قول الناس ما يريدون من دون خوف، وهو ما يحدث اليوم في سوريا"، مع الأخذ في الاعتبار وجود تفسيرات ومقالات صدرت عن مفكرين إسلاميين خلال القرن الماضي أظهرت وجود تباين بين الدين والديمقراطية، مما صعّب على بعضهم استخدام المصطلح في سوريا ما بعد بشار الأسد. المرة الوحيدة التي استخدم فيها الشرع كلمة الديمقراطية كانت في فبراير الماضي خلال مقابلة مع مجلة "إيكونوميست" ورداً على تساؤل حول غياب الكلمة عن الخطاب الرسمي للدولة الجديدة، فرد الشرع أن سوريا تمضي نحو "الديمقراطية التي تعني أن الناس يختارون من يحكمهم ومن يمثلهم في البرلمان"، مشدداً على أن لهذا المصطلح تعريفات مختلفة في المنطقة من دون أن يحدد أي التعريفات يناسب المرحلة الراهنة الذي توقع أن تستمر لخمسة أعوام. من وجهة نظر الأكاديمية المتخصصة في القانون الدستوري ومديرة منظمة "دولتي" رولا بغدادي، فإن الشرع يتجنب استخدام "الديمقراطية" لأن "الفصائل التي شاركته إسقاط الأسد والسيطرة على الحكم لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالدستور ولا حتى بنظام الدولة نفسه، فهي تعتقد فقط بالجهاد وأمة الخلافة والحكم الواحد في أماكن المسلمين بعموم المنطقة وليس فقط في سوريا"، بالتالي من الممكن أن يضع استخدام المصطلح الحكومة بمواجهة هؤلاء الناس، وسلطة الدولة لا تزال أضعف من السيطرة عليهم وضبط تحركاتهم، على حد تعبيرها. وفيما ترى بغدادي في الخشية من الفصائل الجهادية حجة للهروب من استحقاقات تتطلب مشاركة السوريين في تقرير مصير دولتهم ومستقبلها، تتوقع أن تمضي البلاد نحو ديمقراطية توافقية على غرار لبنان والعراق، أي تقاسم السلطة بين الطوائف والقوميات، بديلاً عن إطلاق الساحة للعمل السياسي الذي يقود إلى دولة مواطنة يتنافس فيها الجميع بمنطق الكفاءة. تستطرد بغدادي في حديث إلى "اندبندنت عربية" بأن ادعاء البعض بتوافق الشارع السني خلف الشرع من أجل تبرير ممارساته وخطواته نحو بناء الدولة ليس دقيقاً، فالرئيس الجديد "لا يحظى بتوافق سياسي والتشدد الذي يتلمس طريقه في سوريا اليوم لم نشهده من أي مكون سابقاً، وأية حاضنة سورية له لا تمثل الأكثرية ولا تعبر عن إجماع وطني". وبعيداً من استخدام "الديمقراطية" كمفردة، لم تصدر عن السلطة الجديدة أية إجراءات تترجم المصطلح وفق تعريفاته المعروفة، فتوضح بغدادي أن التعيينات والقرارات التي صدرت عن الشرع منذ توليه السلطة اتخذها بمفرده مع مراعاة اعتبارات إقليمية ودولية، لافتة إلى أن توافق الأطراف الخارجية على استقرار سوريا هو ما يبقي الأمل في أن يمضي الرئيس الجديد نحو الديمقراطية قولاً وفعلاً، مع مرور الوقت ووضوح جدية المطالبات بإشراك السوريين في بناء مستقبل دولتهم.

"إندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسياً
"إندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسياً

الشرق السعودية

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق السعودية

"إندبندنت عربية" تكشف هوية المنظمة البريطانية التي دربت الشرع سياسياً

كشفت مصادر مطلعة لـ"إندبندنت عربية" عن أن المنظمة البريطانية التي قدمت الدعم والتأهيل السياسي إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، هي منظمة "إنتر ميديت" ومقرها لندن. وكان السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد أشار في وقت سابق هذا الشهر، إلى عمله مع المنظمة لتقديم المشورة للشرع قبل نحو عامين من إسقاطه نظام بشار الأسد. مؤسسها مستشار الأمن القومي البريطاني الحالي و"إنتر ميديت" هي منظمة بريطانية غير حكومية متخصصة في الوساطة والتفاوض في النزاعات المعقدة وفق موقعها الرسمي الذي اطلعت عليه "إندبندنت عربية"، وأسسها عام 2011 جوناثان باول الذي شغل سابقاً منصب كبير الموظفين لدى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير. وغادر جوناثان باول المنظمة في ديسمبر عام 2024 بعدما عيّنه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مستشاراً للأمن القومي، إذ يشرف على تنسيق ملفات السياسة الخارجية والأمن والدفاع والعلاقات الأوروبية والشؤون الاقتصادية الدولية من مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينج ستريت". وشارك في تأسيس "إنتر ميديت" أيضاً الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيث، المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ حتى يوليو عام 2024. تخصص في عقد الحوارات السرية وتعرّف "إنتر ميديت" نفسها بأنها منظمة تركز على حل النزاعات الأكثر خطورة وتعقيداً، والتي يصعب على منظمات أخرى العمل فيها. وبحسب موقعها، "تضم المؤسسة نخبة من أبرز خبراء التفاوض والحوار في العالم، وتعمل بفريق صغير ومرن يسعى إلى ملء الفراغ في مشهد حل النزاعات". وتؤكد المنظمة البريطانية أنها تسعى إلى إطلاق "حوارات مجدية وسرية"، بخاصة في الصراعات التي تفتقر إلى قنوات فاعلة، مما يبرر غموض دورها في سوريا. كما يفيد موقعها الرسمي بأنها "تعمل كمنصة تواصل لأطراف النزاعات حول العالم. وتعتمد على خبرة ومعرفة كبار السياسيين والدبلوماسيين والخبراء، وتستجيب لحاجات الأطراف من خلال مشاركة تجاربها في عمليات السلام السابقة". مديرة تنفيذية جديدة أصولها فلسطينية - يهودية وبالتزامن مع مغادرة باول، أعلن مجلس أمناء المنظمة تعيين كلير حجاج مديرة تنفيذية جديدة اعتباراً من الثاني من ديسمبر 2024، وبحسب موقع المنظمة، فإن حجاج من أصول فلسطينية ويهودية، وانضمت إلى المنظمة عام 2018، حيث عملت كمديرة للسياسات ثم نائبة للرئيس التنفيذي، وكانت مسؤولة عن قيادة الاستراتيجية والإشراف على أبرز مشاريع في مناطق متعددة من العالم، من هايتي إلى غزة. وبدأت حجاج مسيرتها المهنية في مجال حل النزاعات والتفاوض ضمن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2002، حيث عملت مع لجنة مكافحة الإرهاب. وعلى مدى أكثر من 20 عاماً، أسهمت في مفاوضات إنسانية وسياسية وأمنية في مناطق النزاع في العالم، بما في ذلك لبنان وكوسوفو والعراق وميانمار ونيجيريا وأفغانستان وباكستان. وعملت مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق في ذروة التمرد بعد الغزو الأميركي. ويشير موقع "إنتر ميديت" أنها تسعى إلى الاستفادة من موارد المنظمات الكبرى، مثل الحكومات والمؤسسات الدولية التي تنفق مليارات الدولارات سنوياً للتعامل مع آثار النزاعات، عبر جهود حفظ السلام والتدخلات الإنسانية. روبرت فورد يكشف عن كواليس الدور البريطاني وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد خلال جلسة لـ"مجلس العلاقات الدولية في بالتيمور" عن أن منظمة بريطانية متخصصة في حل النزاعات، لم يسمِّها حينها، كانت وراء مبادرة لدمج أحمد الشرع في الحياة السياسية، بعد أعوام من انخراطه في جماعات مصنفة إرهابياً على المستوى الدولي. وأكد السفير السابق أنه كان متردداً في البداية في الانضمام إلى المبادرة ولقاء الشرع، لكنه وافق لاحقاً على تقديم المساعدة بدعوة من المنظمة البريطانية. مدينة حماة السورية وكان فورد أول دبلوماسي غربي يزور مدينة حماة السورية في بدايات الثورة عام 2011، في خطوة أثارت غضب النظام السوري، مما دفع واشنطن لاحقاً إلى سحبه لأسباب أمنية، وهو اليوم من أبرز الأصوات الأميركية في الشأن السوري، ويعمل باحثاً في عدد من مراكز الفكر والسياسات. من جانبها وصفت الرئاسة السورية تصريحات فورد حول لقاءاته مع الرئيس الشرع بأنها "غير صحيحة" وأن الجلسات التي حضرها كانت مخصصة لتجربة إدلب مع وفود أجنبية زائرة، مشيرة إلى أن الدبلوماسي المتقاعد كان ضمن وفد تابع لمنظمة بريطانية للدراسات والأبحاث. وحاولت "إندبندنت عربية" التواصل مع منظمة "إنتر ميديت"، لكنها لم تتلقَّ رداً. دور المنظمات غير الحكومية وعن دور المنظمات غير الحكومية، أشار الباحث في الشأن السوري تشارلز ليستر إلى أن منظمات عدة غير حكومية مرموقة شاركت خلال الأعوام الأخيرة في حوارات مع الأطراف السورية، ولا يقتصر ذلك على "هيئة تحرير الشام" آنذاك بقيادة الشرع، بل حتى مع نظام الأسد و"قوات سوريا الديمقراطية"، بهدف فهم أجنداتهم السياسية وإشراكهم في المفاوضات. أضاف، "بصفتي شخصاً قضى سنوات طويلة منضوياً بعمق في إدارة مثل هذه الحوارات في الماضي، أستطيع أن أؤكد بثقة أن هذه العمليات تقوم بدور بالغ الأهمية في تمهيد الطريق نحو تفاهم أفضل، بعيداً من انعدام الثقة والعداء، وفي نهاية المطاف بناء الثقة اللازمة لتحقيق تقدم دبلوماسي حقيقي". هذا المحتوى من "إندبندنت عربية"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store