
مختبر تابع لشركة "سانوفي" يكافح الأدوية المغشوشة
فرنسا
فحص عيّنات أدوية يُشتبه في أنّها مغشوشة، إذ من الصعب تمييز المنتجات الأصلية من تلك المغشوشة بالعين المجرّدة. وتشدّد القائمة على المختبر ناتالي تاليه على "وجوب أن نواصل مكافحة تزوير الأدوية"، مشيرةً إلى أنّ هذا ذلك يمثّل "مشكلة عالمية صارت معقّدة"، وقد أدّت عملية حديثة لمكافحة الاتجار بالأدوية في 90 دولة إلى اعتقال نحو 800 شخص ومصادرة منتجات غير مشروعة بقيمة نحو 65.5 مليون دولار أميركية، بحسب بيانات أخيرة لمنظمة "
الإنتربول
" (الشرطة الجنائية الدولية).
والأدوية المغشوشة، التي يسهل الاتجار بها بفعل ازدهار التجارة الإلكترونية وتزايد المواقع غير الخاضعة للرقابة، هي منتجات يُصار عمداً إلى التلاعب بهويّتها أو تركيبها أو مصدرها، بحسب منظمة الصحة العالمية. وقد تحتوي هذه الأدوية، أو المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة بحسب تسمية منظمة الصحة العالمية، إمّا على مكوّنات صحيحة، لكن بجرعة غير دقيقة، وإمّا على مركّب فاعل مختلف، وإمّا أنّها لا تحتوي على أيّ مادة فاعلة. وقد تكون كذلك أدوية أصليّة مُحوَّلة لإعادة بيعها بطريقة غير قانونية واستخدامها موادَ منشّطة أو مُؤثّرات عقلية.
وعندما تطلب جهة صحية من المختبر التابع لـ"سانوفي" فحص منتج مشتبه فيه أو تُبلّغها الجمارك أو جهات صحية عن آخر، تبدأ عملية التحقّق من إمكانية تتبّع المنتج. وتوضح القائمة على المختبر، التي تقود فريقاً من 12 شخصاً، لوكالة فرانس برس أنّهم يعمدون بالتالي إلى "البحث في قواعد بياناتنا، بما في ذلك اسم المنتج ورقم الدفعة وتاريخ التصنيع وتاريخ انتهاء الصلاحية". وفي حال تبيّن وجود أيّ تناقضات، تأتي الخطوة التالية وهي جمع عيّنات للتحقّق من محتوياتها، وإذا أكّد نظام الكشف أنّ المنتج المشتبه فيه مغشوش، يُصدر المختبر تقريراً إلى الجهات المختصة.
الصورة
من عمليات التحقّق من أصالة الأدوية في المختبر التابع لشركة "سانوفي" بمدينة تور وسط فرنسا، 18 مارس 2025 (غيّوم سوفان/ فرانس برس)
قد يتّسم تتبّع مصدر الأدوية بصعوبة، إذ قد تكون مصنّعة في مكان ومعبّأة في مكان آخر، بالقرب من مصدر البيع في الغالب. وتشدّد تاليه على ضرورة "حماية السكان الذين لا يحالفهم الحظ بالحصول على الدواء"، علماً أنّ هذه الصيدلانية أدلت بإفادتها أمام محاكم في كينيا والأردن والفيليبين بشأن مخاطر التزوير. ويُصار إلى فحص المنتج من كلّ النواحي للكشف عن أيّ اختلافات سواءً في الوزن، أو التغليف، أو الرموز التسلسلية، أو الحروف، أو حوافّ التغليف، أو تقنيات الطباعة، أو طبيعة المنتج، أو مظهره.
ولدى شركات أدوية كبرى أخرى مختبرات فحص خاصّة بها للكشف عن الأدوية المغشوشة. من جهته، يتلقّى مختبر "سانوفي" ما بين ألف وألفَي طلب فحص سنوياً، وقد سجّل ما بين 100 و200 حالة مؤكدة من الأدوية المغشوشة، بالإضافة إلى نحو مئة حالة من حالات الاتجار غير المشروع، وتلفت تاليه إلى أنّ "أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا هما المنطقتان الجغرافيتان اللتان نعمل فيهما منذ سنوات عدّة".
وتقول تاليه إنّ "في عام 2008، العام الذي تأسّس فيه المختبر، كان الكشف عن الأدوية المغشوشة أسهل بكثير"، إذ إنّ وسط التطوّر التكنولوجي حالياً "من الممكن تخيّل أيّ شيء". وفي محاولة تقديم دليل على ذلك، تحمل القائمة على المختبر عبوتَي أقراص دواء، كلّ واحدة في يد، علماً أنّهما تبدوان متطابقتَين وقد كُتب عليهما باللغة الصينية، وتشرح أنّ وحده جهاز مزوّد بكاميرا مكبّرة مع أنواع مختلفة من الإضاءة والمرشّحات قادر على تبيان العيوب البصرية لعلبة الدواء المغشوشة.
وتخضع العيّنات السائلة كذلك للمراقبة، ويقول صيدلاني آخر في المختبر التابع لـ"سانوفي"، فيما يضع منتجاً تحت مجهر عميق، "في حال جرى حقنك به، فإنّك سوف تموت سريعاً". وتمثّل هذه العيّنة واحدة من نحو عشر عبوات من الأدوية المغشوشة في بلد أجنبي، جرى ضبطها قبل بضع سنوات.
بيئة
التحديثات الحية
جمعية فرنسية تحذّر: 6 أنواع من البلاستيك في عبوات كوكا كولا
وفي خلال عملية التزوير، قد يُستبدَل المكوّن الفاعل بمشتقّ نشا، منتج منخفض الثمن، في حين تُكلّف العبوة الأصلية "آلافاً عدّة من اليوروهات" لعلاج الأمراض النادرة، لكنّ مصدر الخطر يكمن في مكان آخر؛ فالمحلول يحتوي على عوالق من جزيئات "الزجاج" و"الخردة المعدنية" و"الألياف التي قد تُسبّب انسداداً وريدياً".
وتبيّن تاليه أنّ في حالات سابقة أخرى، كُشف عن وجود مواد تنظيف في لقاحات للأطفال في إندونيسيا، وعن مضاد حيوي في دواء لعلاج السرطان، الأمر الذي يمثّل تلوّثاً جرثومياً، وتتابع: "ليست الجمارك وحدها الجهة التي تبلّغ عن حالات، فقد يلاحظ مرضى ومتخصّصون في الرعاية الصحية أمراً غريباً في منتج أو سعرَ بيع غير منطقي أو أثاراً جانبية".
تجدر الإشارة إلى أنّ المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة تطرح مخاطر كبيرة على الصحة العامة على الصعيد العالمي، بحسب ما تحذّر منظمة الصحة العالمية. تضيف أنّ هذه المنتجات تكون "غير فعّالة في علاج مرض ما لأنّها تحتوي على مكوّنات غير صحيحة أو جرعات غير صحيحة"، وأكثر من ذلك قد تسبّب "ضرّراً مباشراً للمرضى إذا كانت تحتوي على ملوّثات أو مواد سامة"، إلى جانب تسبّبها بـ"ضرر غير مباشر من خلال زيادة مخاطر مقاومة مضادات الميكروبات"، وتتابع المنظمة أنّ هذه المنتجات لا تعرّض صحة المرضى للمخاطر فحسب، إنّما "تقوّض فعالية النظم الصحية وتؤدّي كذلك إلى تراجع الثقة في مقدّمي الرعاية الصحية".
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة تُعَدّ "مشكلة صحية عالمية كبيرة، تؤثّر على ملايين الأشخاص"، وأنّها متوفّرة في كلّ البلدان وتشمل مختلف أنواع المنتجات بما في ذلك العلاجات المنقذة للأرواح مثل اللقاحات والمضادات الحيوية وعلاجات السرطان. وكانت تقديرات المنظمة في عام 2017 قد أشارت إلى أنّ دواءً واحداً من بين كلّ 10 أدوية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط فشل في اجتياز اختبار مراقبة الجودة، الأمر الذي يعني أنّه متدنّي الجودة أو مغشوش. وتحذّر إلى أنّ من شأن ذلك أن يؤدّي إلى مخاطر صحية جسيمة وإلى فشل العلاج، وأكثر من ذلك قد يؤدّي إلى الوفاة.
(فرانس برس، العربي الجديد)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 13 ساعات
- القدس العربي
الأمم المتحدة: أكثر من 14 مليون طفل حرموا من اللقاحات في 2024
لندن: لم يتلق أكثر من 14 مليون طفل أي لقاح على الإطلاق خلال عام 2024، وهو رقم مماثل تقريبا لما كان عليه في العام الذي سبقه، بحسب ما أعلن مسؤولو الصحة في الأمم المتحدة. وقد تركز أكثر من نصف هؤلاء الأطفال غير الملقحين في تسع دول فقط. وفي تقديرهم السنوي لتغطية اللقاحات عالميا، والذي صدر الثلاثاء، أفادت منظمة الصحة العالمية واليونيسف بأن حوالي 89% من الأطفال دون سن السنة الواحدة تلقوا الجرعة الأولى من لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي في عام 2024، وهي نفس النسبة المسجلة في عام 2023. كما أكمل حوالي 85% من الأطفال السلسلة الكاملة المكونة من ثلاث جرعات، بارتفاع طفيف عن 84% في عام 2023. لكن المسؤولين أقروا بأن انهيار المساعدات الدولية هذا العام سيجعل من الصعب تقليل عدد الأطفال غير الملقحين. ففي يناير/ كانون الثاني، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من منظمة الصحة العالمية، وجمد تقريبا جميع المساعدات الإنسانية، ولاحقا تحرك لإغلاق وكالة التنمية الأمريكية. وفي الشهر الماضي، قال وزير الصحة روبرت كينيدي الابن إن الولايات المتحدة ستسحب المليارات التي كانت قد تعهدت بها مسبقا لتحالف اللقاحات 'جافي'، متهما التحالف بأنه 'تجاهل العلم'. (أ ب)


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
مرضى السرطان في السودان... كلفة العلاج تتضاعف متى توفّر
مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، يكابد مرضى السرطان معاناة مريرة تتوزع بين تكرار النزوح، ونقص الدواء، وقلة المستشفيات والمراكز المتخصصة التي يفترض أن تقدم لهم الرعاية الطبية. تسببت الحرب المتواصلة في السودان منذ منتصف إبريل/نيسان 2023، في تدمير مراكز علاج السرطان ، وقطع سلاسل توريد الأدوية النادرة وباهظة الثمن وحفظها، ما يعرض حياة آلاف المرضى للخطر، والكثير منهم تضاعفت آلامهم نتيجة النزوح. وأجبرت الحرب أكثر من 40 ألف مريض بالسرطان، من بينهم أطفال، على قطع جلسات علاجهم، والكثير منهم نازحون على مدار أكثر من عامين، من بينهم محمد عبد الله، والذي كان على وشك التعافي من سرطان البروستات، لكنه قطع جلسات علاجه بمركز الخرطوم للأورام بعد اشتداد الاشتباكات في العاصمة، ونزح إلى ولاية الجزيرة (وسط) بحثاً عن فرصة لاستكمال علاجه في مركز المعهد القومي للسرطان بالولاية، وهو ثاني أكبر مراكز علاج السرطان في السودان، لكنه اضطر إلى النزوح مجدداً بعد أن امتدت الحرب إلى الجزيرة، واتجه إلى مركز الشرق للأورام في ولاية القضارف على الحدود مع إثيوبيا، ومن هناك اتجه إلى مركز مروي لعلاج الأورام لإكمال علاجه. يقول عبد الله لـ"العربي الجديد": "قبل الحرب كنت على وشك إنهاء علاجي نهائياً، وأخبرني الأطباء أنني قد أتعافى في غضون أشهر معدودة، لكن الحرب قطعت علاجي، واضطررت إلى النزوح ثلاث مرات ، ثم وصلت إلى مروي شمالي السودان. بعد أن كنت أحصل على الأدوية وجميع العلاجات بالمجان في مركز الخرطوم للسرطان، أصبحت أدفع في مركز مروي نحو ألف دولار تكلفة جلسة العلاج الواحدة، وبعد أشهر قليلة نفدت مدخراتي المالية، لكني كنت أكثر حظاً، إذ استطعت الوصول إلى مصر عبر التهريب بحثاً عن العلاج". يضيف: "حالتي حالياً أسوأ مما كانت عليه عندما تم تشخيص إصابتي قبل أربع سنوات، ويرجع هذا إلى عدم انتظام العلاج، وتكرار النزوح لما يقرب العام قبل الوصول إلى مصر. آلاف المرضى لقوا حتفهم بعد توقف مراكز العلاج، وبعضهم كانوا قريبين من التعافي، وآخرون عادوا إلى المرحلة الأولى من العلاج. العلاج على قلته في السودان أصبح تجارياً، وكلفته تتجاوز قدرة المرضى الذين فقدوا مدخراتهم، أو استنفدوها خلال رحلة النزوح". أصيبت كوثر مريود (69 سنة) بسرطان الثدي في فبراير/شباط 2024، واضطرت إلى السفر من مدينة أم روابة في إقليم كردفان إلى مدينة شندي بولاية نهر النيل لتلقي العلاج. تقول لـ"العربي الجديد": "قطعت نحو 700 كيلومتر من أجل الوصول إلى مركز العلاج لعدم توفر الأدوية الضرورية، ثم انتقلت إلى مصر عبر التهريب لتلقي العلاج هناك. قطعت مسافة تقترب من ألفي كيلومتر بين مصر والسودان بوسائل نقل غير مريحة، ما ضاعف من معاناتي، ولو أن العلاج كان متوفراً في السودان لما احتجت إلى السفر عبر التهريب الذي أنهك جسدي". معاناة مرضى السرطان متفاقمة في السودان، 25 يوليو 2017 (أشرف شاذلي/فرانس برس) بدوره، قطع عبد المتعال محمود مسافة تزيد على 800 كيلومتر من ولاية جنوب كردفان إلى ولاية القضارف من أجل العلاج في مركز الشرق للأورام، لكنه لم يجد ضالته، وحاول الانتقال إلى مركز مروي، لكنه توفي في الطريق. يقول ابنه ويدعى حامد عبد المتعال لـ"العربي الجديد": "تم تشخيص والدي بسرطان في الرئة في أكتوبر/تشرين الأول 2024، ولأن جميع المرافق أغلقت في ولاية شمال كردفان نتيجة حصارها من قبل قوات الدعم السريع، حاولت نقله إلى أقرب مستشفى في القضارف، ما احتاج منا إلى ستة أيام من أجل الوصول بسبب توقف جميع وسائل النقل، لكن مركز الأورام بالقضارف كان مزدحماً بالمرضى، ولا يتوفر فيه العلاج بالأشعة، وأبلغونا أنه متوفر في مركز مروي، فقررت نقل والدي إليه، لكنه مات قبل وصولنا بسبب مشقة الطريق، والنقص الحاد في الغذاء المناسب لحالته، وعدم توفر الرعاية الصحية". فارقت عائشة موسى الحياة أيضاً بعد توقفها عن العلاج من سرطان الغدد الليمفاوية بمركز الأبيض للأورام، وتقول شقيقتها عائدة: "حصلت عائشة على ثلاث جلسات فقط، لكن بسبب انعدام الدواء بالمركز تراجعت حالتها، إلى أن فارقت الحياة". وتقول مديرة مركز الأبيض للأورام بإقليم كردفان، فدوى شوقين، إن الأدوية غير متوفرة بالمركز، ويضطر المرضى لشرائها من السوق السوداء بأسعار باهظة إن توفرت. وتضيف لـ"العربي الجديد": "منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين، لم يحصل مركز الأورام على أي أدوية للسرطان سوى مرة واحدة، رغم أن المركز يستقبل ألاف المرضى من إقليمي كردفان ودارفور". القطاع الصحي شبه منهار في السودان (فرانس برس) وتتابع شوقين: "نخبر المرضى أنه ليس لدينا علاج نقدمه لهم، ونرشدهم إلى السفر للمناطق التي يتوفر فيها العلاج، لكن تواجههم مشكلات في السفر، فالطرق مقطوعة، ووسائل النقل متوقفة، إلى جانب نفاد مدخرات غالبية المواطنين الذين ظلوا من دون عمل لأكثر من عامين. البديل هو أن يبحث المريض عن طريقة يحصل بها على الأدوية، سواء من بورتسودان أو عطبرة أو مروي. حالياً تتوفر بالمركز بعض الأدوية البسيطة، أما بقية الأدوية فهي معدومة تماماً". يصف اختصاصي علاج الأورام مدير مركز الخرطوم للأورام، أحمد عمر، أوضاع مرضى السرطان خلال فترة الحرب بأنها قاسية للغاية، ويقول لـ"العربي الجديد": "هناك شح في العلاج الكيماوي والهرموني، أما العلاج الإشعاعي فلا يتوفر سوى في مركز مروي للأورام، وهو يقع في أقصى شمالي السودان، ويكلف الوصول إليه أموالاً طائلة. أجرينا منشدات كثيرة للدول المانحة، والمنظمات الدولية، وللجمعيات والمؤسسات التطوعية والخيرية للمساعدة، ومعالجة مرضى السرطان، وأخبرناهم بنفاد الأدوية الكيماوية والهرمونية الضرورية للعلاج، لكن يبدو أنه لا توجد حلول في الوقت الراهن". ويقر مدير مركز الشرق للأورام بولاية القضارف، إبراهيم مرسى، بانعدام الكثير من أدوية السرطان، ويقول لـ"العربي الجديد": "قبل الحرب كانت هناك أزمة كبيرة في اليود المشع المستخدم لعلاج الغدة الدرقية، وهي مستمرة حتى اليوم، فهذه المادة الضرورية للعلاج غير متوفرة في السودان، ما يجعل المقتدرين من المرضى يلجؤون العلاج في الخارج، أما من ليس لديهم القدرة المالية، فلا يملكون بدائل. أبسط علاجات السرطان غائبة، وهناك نقص كبير في جميع الأدوية، والعلاج بالأشعة لا يتوفر إلا في مركز مروي، ويقدم تجارياً للمرضى، وتكلفته تتراوح بين 2,5 إلى 3,5 ملايين جنيه سوداني، ما يعادل (1000 إلى 1500 دولار)، وبالتالي يفوق قدرة غالبية المرضى الذين يعانون من ظروف الحرب والنزوح". صحة التحديثات الحية الحرب تستهدف لقاحات أطفال السودان وتهدد صحتهم ويضيف مرسى: "إلى جانب كلفة العلاج الباهظة، يواجه المرضى مصاعب عديدة في الوصول إلى مركز مروي بسبب موقعه النائي في أقصى الشمال، وهو يبعد آلاف الكيلومترات عن ولايات كردفان والجزيرة ودارفور، كما يعاني المرضى من أزمة السكن في مروي، في ظل ارتفاع إيجار العقارات في المُدن التي لم تمتد إليها الحرب. يضطر المريض لاستئجار سكن بما لا يقل عن مليون جنيه (نحو ستمائة دولار)، لأن الفترة الزمنية بين كل جلسة وأخرى ما بين ثلاثة إلى ستة أسابيع، ومن لا يملك المال يقيم تحت الأشجار أو في العراء إلى أن يكمل جلسات علاجه". وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، توقف أحد أكبر مراكز علاج السرطان في السودان في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، ويقول طبيب عمل سابقاً بالمركز، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "المركز كان يقدم كافة الخدمات العلاجية لمرضى السرطان، بما فيها العلاج بالأشعة غير المتوفر حالياً. تعرض المركز لتدمير واسع في الأجهزة والمعدات، ما تركه خارج الخدمة حتى اليوم". وتتطابق هذه الإفادة مع حديث وزير الصحة بولاية الجزيرة، أسامة عبد الرحمن، والذي يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "أضراراً لحقت بالأجهزة والمعدات بالمركز، بما فيها جهاز التخطيط وبقية الأجهزة الأخرى التي تعرضت للسرقة. محاولة إعادة تشغيل المركز تجري حالياً، وتمكنا من صيانة جهاز الرنين المغناطيسي، ونتوقع أن تكتمل صيانة بقية الأجهزة في وقت لاحق".


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
مختبر تابع لشركة "سانوفي" يكافح الأدوية المغشوشة
يتولّى مختبر تابع لشركة "سانوفي" المصنّعة للأدوية في مدينة تور وسط فرنسا فحص عيّنات أدوية يُشتبه في أنّها مغشوشة، إذ من الصعب تمييز المنتجات الأصلية من تلك المغشوشة بالعين المجرّدة. وتشدّد القائمة على المختبر ناتالي تاليه على "وجوب أن نواصل مكافحة تزوير الأدوية"، مشيرةً إلى أنّ هذا ذلك يمثّل "مشكلة عالمية صارت معقّدة"، وقد أدّت عملية حديثة لمكافحة الاتجار بالأدوية في 90 دولة إلى اعتقال نحو 800 شخص ومصادرة منتجات غير مشروعة بقيمة نحو 65.5 مليون دولار أميركية، بحسب بيانات أخيرة لمنظمة " الإنتربول " (الشرطة الجنائية الدولية). والأدوية المغشوشة، التي يسهل الاتجار بها بفعل ازدهار التجارة الإلكترونية وتزايد المواقع غير الخاضعة للرقابة، هي منتجات يُصار عمداً إلى التلاعب بهويّتها أو تركيبها أو مصدرها، بحسب منظمة الصحة العالمية. وقد تحتوي هذه الأدوية، أو المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة بحسب تسمية منظمة الصحة العالمية، إمّا على مكوّنات صحيحة، لكن بجرعة غير دقيقة، وإمّا على مركّب فاعل مختلف، وإمّا أنّها لا تحتوي على أيّ مادة فاعلة. وقد تكون كذلك أدوية أصليّة مُحوَّلة لإعادة بيعها بطريقة غير قانونية واستخدامها موادَ منشّطة أو مُؤثّرات عقلية. وعندما تطلب جهة صحية من المختبر التابع لـ"سانوفي" فحص منتج مشتبه فيه أو تُبلّغها الجمارك أو جهات صحية عن آخر، تبدأ عملية التحقّق من إمكانية تتبّع المنتج. وتوضح القائمة على المختبر، التي تقود فريقاً من 12 شخصاً، لوكالة فرانس برس أنّهم يعمدون بالتالي إلى "البحث في قواعد بياناتنا، بما في ذلك اسم المنتج ورقم الدفعة وتاريخ التصنيع وتاريخ انتهاء الصلاحية". وفي حال تبيّن وجود أيّ تناقضات، تأتي الخطوة التالية وهي جمع عيّنات للتحقّق من محتوياتها، وإذا أكّد نظام الكشف أنّ المنتج المشتبه فيه مغشوش، يُصدر المختبر تقريراً إلى الجهات المختصة. الصورة من عمليات التحقّق من أصالة الأدوية في المختبر التابع لشركة "سانوفي" بمدينة تور وسط فرنسا، 18 مارس 2025 (غيّوم سوفان/ فرانس برس) قد يتّسم تتبّع مصدر الأدوية بصعوبة، إذ قد تكون مصنّعة في مكان ومعبّأة في مكان آخر، بالقرب من مصدر البيع في الغالب. وتشدّد تاليه على ضرورة "حماية السكان الذين لا يحالفهم الحظ بالحصول على الدواء"، علماً أنّ هذه الصيدلانية أدلت بإفادتها أمام محاكم في كينيا والأردن والفيليبين بشأن مخاطر التزوير. ويُصار إلى فحص المنتج من كلّ النواحي للكشف عن أيّ اختلافات سواءً في الوزن، أو التغليف، أو الرموز التسلسلية، أو الحروف، أو حوافّ التغليف، أو تقنيات الطباعة، أو طبيعة المنتج، أو مظهره. ولدى شركات أدوية كبرى أخرى مختبرات فحص خاصّة بها للكشف عن الأدوية المغشوشة. من جهته، يتلقّى مختبر "سانوفي" ما بين ألف وألفَي طلب فحص سنوياً، وقد سجّل ما بين 100 و200 حالة مؤكدة من الأدوية المغشوشة، بالإضافة إلى نحو مئة حالة من حالات الاتجار غير المشروع، وتلفت تاليه إلى أنّ "أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا هما المنطقتان الجغرافيتان اللتان نعمل فيهما منذ سنوات عدّة". وتقول تاليه إنّ "في عام 2008، العام الذي تأسّس فيه المختبر، كان الكشف عن الأدوية المغشوشة أسهل بكثير"، إذ إنّ وسط التطوّر التكنولوجي حالياً "من الممكن تخيّل أيّ شيء". وفي محاولة تقديم دليل على ذلك، تحمل القائمة على المختبر عبوتَي أقراص دواء، كلّ واحدة في يد، علماً أنّهما تبدوان متطابقتَين وقد كُتب عليهما باللغة الصينية، وتشرح أنّ وحده جهاز مزوّد بكاميرا مكبّرة مع أنواع مختلفة من الإضاءة والمرشّحات قادر على تبيان العيوب البصرية لعلبة الدواء المغشوشة. وتخضع العيّنات السائلة كذلك للمراقبة، ويقول صيدلاني آخر في المختبر التابع لـ"سانوفي"، فيما يضع منتجاً تحت مجهر عميق، "في حال جرى حقنك به، فإنّك سوف تموت سريعاً". وتمثّل هذه العيّنة واحدة من نحو عشر عبوات من الأدوية المغشوشة في بلد أجنبي، جرى ضبطها قبل بضع سنوات. بيئة التحديثات الحية جمعية فرنسية تحذّر: 6 أنواع من البلاستيك في عبوات كوكا كولا وفي خلال عملية التزوير، قد يُستبدَل المكوّن الفاعل بمشتقّ نشا، منتج منخفض الثمن، في حين تُكلّف العبوة الأصلية "آلافاً عدّة من اليوروهات" لعلاج الأمراض النادرة، لكنّ مصدر الخطر يكمن في مكان آخر؛ فالمحلول يحتوي على عوالق من جزيئات "الزجاج" و"الخردة المعدنية" و"الألياف التي قد تُسبّب انسداداً وريدياً". وتبيّن تاليه أنّ في حالات سابقة أخرى، كُشف عن وجود مواد تنظيف في لقاحات للأطفال في إندونيسيا، وعن مضاد حيوي في دواء لعلاج السرطان، الأمر الذي يمثّل تلوّثاً جرثومياً، وتتابع: "ليست الجمارك وحدها الجهة التي تبلّغ عن حالات، فقد يلاحظ مرضى ومتخصّصون في الرعاية الصحية أمراً غريباً في منتج أو سعرَ بيع غير منطقي أو أثاراً جانبية". تجدر الإشارة إلى أنّ المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة تطرح مخاطر كبيرة على الصحة العامة على الصعيد العالمي، بحسب ما تحذّر منظمة الصحة العالمية. تضيف أنّ هذه المنتجات تكون "غير فعّالة في علاج مرض ما لأنّها تحتوي على مكوّنات غير صحيحة أو جرعات غير صحيحة"، وأكثر من ذلك قد تسبّب "ضرّراً مباشراً للمرضى إذا كانت تحتوي على ملوّثات أو مواد سامة"، إلى جانب تسبّبها بـ"ضرر غير مباشر من خلال زيادة مخاطر مقاومة مضادات الميكروبات"، وتتابع المنظمة أنّ هذه المنتجات لا تعرّض صحة المرضى للمخاطر فحسب، إنّما "تقوّض فعالية النظم الصحية وتؤدّي كذلك إلى تراجع الثقة في مقدّمي الرعاية الصحية". وتؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ المنتجات الطبية متدنية النوعية والمغشوشة تُعَدّ "مشكلة صحية عالمية كبيرة، تؤثّر على ملايين الأشخاص"، وأنّها متوفّرة في كلّ البلدان وتشمل مختلف أنواع المنتجات بما في ذلك العلاجات المنقذة للأرواح مثل اللقاحات والمضادات الحيوية وعلاجات السرطان. وكانت تقديرات المنظمة في عام 2017 قد أشارت إلى أنّ دواءً واحداً من بين كلّ 10 أدوية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط فشل في اجتياز اختبار مراقبة الجودة، الأمر الذي يعني أنّه متدنّي الجودة أو مغشوش. وتحذّر إلى أنّ من شأن ذلك أن يؤدّي إلى مخاطر صحية جسيمة وإلى فشل العلاج، وأكثر من ذلك قد يؤدّي إلى الوفاة. (فرانس برس، العربي الجديد)