خطوات سريعة للشّرع.. طمأنة واشنطن
لم يعد سِرّاً أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لديها 'لائحة شروط' لتخفيف الإجراءات عن سوريا. أوّلها وضع العلاقة مع إسرائيل وانضمام سوريا إلى قطار السّلام في المنطقة، وليسَ آخرها ما يتعلّق بالمقاتلين الأجانب في سوريا.
يعملُ الرّئيس السّوريّ أحمد الشّرع وفريقه الدّبلوماسيّ والأمنيّ على تذليل ما يُمكن تسميته 'عقبات' أمام دمج سوريا بشكلٍ كامل في المجتمع الدّوليّ والمشروع الاقتصاديّ في الشّرق الأوسط، وإن كانَ الشّرع قد قطع شوطاً كبيراً بلقائه الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب في العاصمة السّعوديّة الرّياض، في أوّل لقاءٍ بينَ رئيس سوريّ ورئيس أميركيّ منذ لقاء حافظ الأسد – بيل كلينتون عام 2000.
باتَ جليّاً أنّ الولايات المُتّحدة بدأت تعتمدُ مقاربة جديدة في سياستها تجاه سوريا 'ما بعد الأسد'. عماد هذه السّياسة هو تركُ العزل والعقاب إلى الانخراط المشروط والدعم الحذر. وكان أعرب المسؤولون الأميركيون عن استعدادهم للعمل مع الحكومة الجديدة في دمشق إذا التزمت مسار التسوية السياسية وراعت المطالب الدولية.
ما إن عاد الشّرع إلى دمشق عقبَ لقائه ترامب حتّى بدأ باتّخاذ خطواتٍ سريعةٍ قبل وبعد إعلان الرّئيس الأميركيّ البدء بإجراءات تخفيف العقوبات عن سوريا.
لم يعد سِرّاً أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة لديها 'لائحة شروط' لتخفيف الإجراءات عن سوريا
الأجانب وداعش
كانت أولى هذه الخطوات البدءَ في تفكيك خلايا أجنبيّة في تل حدّية في ريف حلب الجنوبي، حيثُ توجد 'كتيبة الإمام البخاريّ' ذات الغالبيّة الأوزبكيّة. وفي معلومات 'أساس' أنّ جهاز المخابرات السّوريّ رصدَ مؤشّرات ومعلومات عن إمكان أن يشنّ تنظيم 'داعش' عمليّات أو تحرّكات عسكريّة في منطقتَيْ البادية ودير الزّور، على الرّغم من أنّ القسمَ الأكبر من مُقاتلي التنظيم انتقلَ إلى أفغانستان والسّاحل الإفريقيّ.
كانت ثانية هذه الخطوات مهلة الـ10 أيّام التي أعلنَها وزير الدّفاع السّوريّ مرهف أبو قصرة للفصائل المُسلّحة للاندماج ضمن قوّات وزارة الدّفاع تحت طائلة التحرّك ضدّهم في حال لم تُنفّذ هذه الخطوة. وفي المعلومات أنّه بعد لقاء ترامب – الشّرع بحضور وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان ومشاركة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان عبر الهاتف، بدأت محادثات بين الحكومة السّوريّة و'قوّات سوريا الدّيمقراطيّة' (قسد) لبدء خطوات دمج المقاتلين الأكراد في الجيش السّوريّ.
لا تنفصل أهمّيّة دمج فصائل 'قسد' في الجيش عن الجهود الرّامية إلى مكافحة 'داعش' في دير الزّور والبادية، حيثُ لـ'قسد' نفوذ أمنيّ وعسكريّ. تندرج أيضاً محادثات دمج الأكراد في الجيش ضمن توفير الغطاء الأمنيّ والسّياسيّ المطلوب لحماية ومراقبة 'مخيّم الهول' في ريف الحسكة، و25 مركزاً آخر في شرق سوريا يُحتجزُ فيها أكثر من 12 ألف شخص، من بينهم المئات من أخطر مُقاتلي 'داعش' الذين أتوا من أكثر من 50 دولة.
لا تنفصل أيضاً مسألة أمن شرق وشمال شرق سوريا، ومعهما البادية، عن أمن حقول النّفط والغاز، التي أبلغَ المسؤولون السّوريّون الجانب الأميركيّ أنّهم حاضرون لتهيئة الظّروف القانونيّة والأمنيّة لاستثمار الشّركات الأميركيّة مثل Chevron وExxonMobil في قطاع الطّاقة السّوريّ. إذ صارحَ الجانب السّوريّ أنّه يولي أهميّة للشّركات الأميركيّة، ويُعطيها أولويّة تتقدّم على الشّركات الأخرى، خصوصاً الصّينيّة والرّوسيّة.
في المسألة الأمنيّة أيضاً، أبلغ المسؤولون السّوريون الجانب الأميركيّ أن لا حاجة لهم إلى ما بقي من مخزون الأسلحة الكيمياويّة لنظام بشّار الأسد، وأنّ الإدارة الجديدة مُستعدّة لتسهيل تفكيك هذه الأسلحة بالتعاون مع المنظّمات الدّوليّة وبإشراف الولايات المُتّحدة.
العلاقة مع إسرائيل
كانت ثالثة هذه الخطوات إعلان الرّئيس السّوريّ من العاصمة الفرنسيّة إجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل لتخفيف التّوتّر والتصعيد قبل لقائه ترامب. إذ يعلمُ الشّرع أنّ أوّل مطالب ترامب هو انضمام دمشق إلى 'اتّفاقات أبراهام' وتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وكانَ للرّئيس الأميركيّ مطلبٌ لا ينفصل عن التطبيع، وهو ترحيل كوادر الفصائل الفلسطينيّة، وفي مُقدَّمهم كوادر حركتَيْ 'حماس' و'الجهاد الإسلاميّ' من سوريا، بما يُبدّد قلق واشنطن وتل أبيب حيال تلكَ الفصائل.
قبل أيّام صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنّ تل أبيب 'تسعى إلى علاقات جيّدة مع الحكومة السورية الجديدة'، على الرغم من إقراره بوجود مخاوف أمنيّة مستمرّة تجاهها.
لم يأتِ من فراغ هذا التّحوّل الجذريّ في اللهجة الإسرائيليّة تجاه الحكومة الجديدة في دمشق. إذ تزامنَ هذا التّصريح مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو استعادة رُفات الجندي تسفيكا فيلدمان الذي فُقد في معركة 'السّلطان يعقوب' في البقاع سنة 1982، في عملية نُفّذت داخل العمق السوريّ. وهذا ما يُمكنُ اعتباره مؤشّراً إلى وجود تفاهمات أمنيّة غير معلنة بين الطرفين. ويرفع من هذا الاحتمال اعتقال الأمين العامّ للجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين – القيادة العامّة طلال ناجي ليوميْن والتحقيق معه مطلع الشّهر الجاري. وتكشف معلومات 'أساس' أنّ اعتقال ناجي كانَ على خلفيّة معرفته بمكان دفن فيلدمان في منطقة في محيط مخيّم اليرموك، وذلكَ بسبب العلاقة التي جمعت ناجي بالرّئيس الأسبق للاستخبارات العسكريّة اللواء علي دوبا.
يسيرُ الشّرعُ بين ألغامِ الإرثِ الثّقيل لنظام آل الأسد، وتحدّيات زمن الصّراع السّوريّ بين 2011 و2025. هدفهُ واضحٌ، وهو البحثُ عن توازنٍ دقيقٍ في علاقات بلاده الدّوليّة لضمان الدّعم المطلوب للدّولة الجديدة عربيّاً ودوليّاً. الواضحُ أنّه استطاعَ حتّى السّاعة عبورَ حقول الألغام بحذرٍ وتحسّسٍ دقيقٍ للخُطى، وسطَ صراعات إقليميّة مُحتدمة، وذلكَ عبر شقّ السّعوديّة طريقه الدّوليّ خارجَ سوريا، ومحاولة تركيا تحصينَ ساحته الدّاخليّة من أيّ خطرٍ قد يظهر لتهديدِ أمن الدّولة الجديدة.
ابراهيم ريحان - أساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 42 دقائق
- الميادين
ترامب يعيد رسم الشرق الأوسط.. و"إسرائيل" لم تعد أولاً
الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى كلّ من السعودية وقطر والإمارات، والتي تمخّض عنها توقيع عقود استثمارية وتجارية تقدّر بنحو أربعة تريليونات دولار، لم تمرّ مرور الكرام في "تل أبيب". فبالنسبة لحكومة بنيامين نتنياهو، لم تكن هذه الجولة مجرّد حدث اقتصادي عابر، بل كانت إيذاناً بإعادة ترتيب الشرق الأوسط—ولكن هذه المرة من دون "إسرائيل". التحذير من هذا التغيير لم يقتصر على المراقبين الخارجيين، بل جاء من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ذاتها، وعلى رأسهم الجنرال عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق، الذي اعتبر أنّ الإدارة الأميركية بدأت تنسج خيوط تحالفات جديدة تتجاوز "إسرائيل"، بل وتستبعدها أحياناً. فقبيل هذه الجولة، كانت واشنطن قد اتخذت سلسلة من الخطوات التي عزّزت هذا الانطباع: بدء التفاوض مع إيران من دون تنسيق مع "تل أبيب"، وقف الغارات على أنصار الله في اليمن، دعم الدور التركي-القطري في سوريا، فصل المشروع النووي السعودي المدني عن التطبيع مع "إسرائيل" كشرط ملزم، والتفاوض المباشر مع حركة حماس وإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي-الأميركي عيدان ألكسندر من دون تدخّل إسرائيلي يُذكر. هذه المؤشرات تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل نشهد تحوّلات جذرية في العقيدة الاستراتيجية الأميركية؟ أم أنّ ما يحدث ليس أكثر من تقاسم أدوار بين واشنطن و"تل أبيب" في سياق أوسع؟ الإجابة تبدأ من الداخل الأميركي نفسه، وتحديداً من داخل الحزب الجمهوري. لطالما عُرف الحزب الجمهوري، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بانحيازه إلى التدخّلية العسكرية والدبلوماسية، وبتبنّيه مواقف صارمة في دعم الحلفاء، وعلى رأسهم "إسرائيل". غير أنّ السنوات الأخيرة، وتحديداً مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهدت تحوّلاً جذرياً في هذا الإرث السياسي. فقد أعاد ترامب ترتيب الأولويات القومية، مستنداً إلى رؤية تعتبر أنّ الحروب الخارجية، والتحالفات غير المتكافئة، والالتزامات الأمنية البعيدة، تشكّل استنزافاً للاقتصاد الأميركي، وعبئاً على المواطن العادي. هذا التوجّه، الذي يُعرف اليوم داخل الحزب الجمهوري بـ"الانعزالية الجديدة" (MAGA)، لا يعني انسحاباً تاماً من العالم، لكنه يضع المصلحة الأميركية الاقتصادية المباشرة في المقدّمة، على حساب الالتزامات التاريخية، بما فيها الالتزام بالدفاع غير المشروط عن "إسرائيل". وفي مقابل هذا التيار، يقف الجناح التدخّلي التقليدي داخل الحزب، والذي يدافع عن استمرار الدور الأميركي الفاعل في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، ويشدّد على ضرورة الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع "إسرائيل". لكن في الميزان السياسي الحالي، بات واضحاً أنّ الكفّة تميل لصالح التيار الانعزالي. ويكفي النظر إلى الخطوات العملية الأخيرة لإدارة ترامب كي ندرك أنّ هذا التيار لم يعد مجرّد صوت داخلي، بل هو الذي يمسك فعلياً بمفاتيح القرار. إزاء هذا الواقع، تجد "إسرائيل" نفسها أمام مشهد غير مألوف. للمرة الأولى منذ عقود، لا تملك "تل أبيب" تأثيراً مباشراً على أولويات الإدارة الأميركية، ولا تستطيع فرض خطوطها الحمر كما كانت تفعل في الماضي. فالتفاوض مع إيران جرى خارج قنوات التنسيق، والعلاقة مع السعودية تُبنى اليوم على أساسات اقتصادية لا تمرّ عبر بوابة "السلام مع إسرائيل"، وحماس، التي تصنّفها "إسرائيل" كمنظمة إرهابية، باتت تحاور واشنطن مباشرة. 19 أيار 09:03 18 أيار 06:45 في هذا السياق، تبدو "إسرائيل" قلقة من أن يتحوّل حضورها في المعادلة الإقليمية إلى أمر ثانوي. فالرؤية الأميركية الجديدة ترى في استقرار الشرق الأوسط هدفاً في حدّ ذاته، لا وسيلة فقط لضمان أمن "إسرائيل". وهذا تحوّل جذري، يعكس إدراكاً أميركياً بأن أمن الطاقة، وضبط التوازنات الإقليمية، ومنافسة الصين وروسيا، كلّها أولويات تتقدّم على العلاقة التاريخية مع "تل أبيب". ولعلّ ما يُفاقم التباعد بين واشنطن و"تل أبيب"، ليس فقط التحوّلات داخل الحزب الجمهوري، بل أيضاً التحوّلات العميقة التي شهدتها "إسرائيل" نفسها وما زالت تتفاقم. فالحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو لم تعد تمثّل الإجماع الإسرائيلي التقليدي، بل تقودها ائتلافات من اليمين الديني القومي الاستيطاني، والتيارات المشيحانية التي تُضفي على الصراع طابعاً دينياً مطلقاً يتنافى مع أيّ تسوية سياسية. هذا الائتلاف لا يتبنّى فقط خطاباً متطرّفاً تجاه الفلسطينيين، بل يدفع بالصراع إلى أمد غير محدود، وهو ما تجلّى بوضوح في إصرار نتنياهو على استمرار الحرب في غزة من دون أفق سياسي واضح، ومن دون خطة استراتيجية للخروج. هذا التوجّه بات يتعارض جذرياً مع المزاج الأميركي الجديد، حيث تُفضّل إدارة ترامب—وعلى غير عادتها في ولايته الأولى—إنهاء النزاعات المفتوحة والتركيز على تحقيق الاستقرار الإقليمي بوسائل دبلوماسية واقتصادية. وهكذا، لا يعود التوتر بين واشنطن و"تل أبيب" مجرّد انعكاس لتحوّلات أميركية، بل هو أيضاً نتيجة لانسداد سياسي داخلي في "إسرائيل"، يقوده نتنياهو وحلفاؤه نحو مسار تصادمي مع المصالح الأميركية الجديدة. وبذلك، تصبح العلاقة الخاصة بين الطرفين نتاجاً لتحوّلين متوازيين: انعزالية أميركية متنامية، وراديكالية إسرائيلية متصلّبة. وفي هذا السياق، تصبح نتائج الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر تعقيداً. فرغم أنها أضعفت من دور المحور الإيراني وأربكت امتداداته في المنطقة، فإنّ "إسرائيل" لم تتمكّن من استثمار هذا التراجع. والسبب؟ غياب الرؤية السياسية والاستراتيجية لما بعد الحرب. ترك هذا الواقع فراغاً في الإقليم، لم تملأه "تل أبيب"، بل سارع آخرون إلى استغلاله. فالسعودية، التي صعدت كقوة إقليمية أولى بعد تراجع طهران وتردّد "إسرائيل"، بدأت تملأ هذا الفراغ بثقة. وإلى جانبها، تحرّكت أنقرة والدوحة في الملف السوري بدعم أميركي واضح، في ما بدا وكأنه توزيع جديد للأدوار في المنطقة، من دون حاجة أميركية للدور الإسرائيلي التقليدي. وهكذا، تكون "إسرائيل"، التي تباهى نتنياهو بأنها تعيد رسم الشرق الأوسط من خلال حرب غزة، قد رسمت فعلياً حدود تراجعها الاستراتيجي في المنطقة. لا يعني كلّ ما سبق أنّ التحالف الأميركي-الإسرائيلي في طريقه إلى الانهيار، لكنه بالتأكيد أمام إعادة تعريف. فـ "إسرائيل" لم تعد حجر الزاوية الوحيد في سياسة واشنطن بالمنطقة، والإدارة الأميركية لم تعد ترى في التوافق المطلق مع "تل أبيب" شرطاً لتحقيق مصالحها. إنّ ما نشهده اليوم هو نهاية مرحلة، وبداية أخرى، لا تقوم على العلاقات التاريخية، بل على الحسابات البراغماتية المتغيّرة. وفي هذا الشرق الأوسط الذي يُعاد تشكيله، لا يبدو أنّ لــ "إسرائيل" موقعاً مضموناً، ما لم تُعد هي الأخرى قراءة المشهد وتعديل أدواتها. لكن يبقى السؤال مفتوحاً: هل يمكن لهذا التعديل أن يحدث في ظلّ قرار سياسي تتحكّم فيه قوى مشيحانية صاعدة مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش؟


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
"المونيتور": "إسرائيل" تسيء فهم سياسة ترامب في ولايته الثانية
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً للصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت، يتناول فيه الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وتصاعد الضغوط الدولية والداخلية على الأخير لوقف الحرب. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: أفاد موقع "أكسيوس" يوم الإثنين أنّ فانس قرر عدم زيارة "إسرائيل"، في إشارة إلى تعقيد العلاقات بين إدارة ترامب الثانية والحكومة الإسرائيلية. فهل أعاد نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، النظر في خطته لزيارة "إسرائيل" بسبب هجومها على قطاع غزة؟ إذا كان الأمر كذلك، فإنّ لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سبباً إضافياً للقلق في ظل تصعيد إدارة ترامب للضغط على "إسرائيل". في الأسبوع الماضي، وصل المبعوثان الأميركيان، ستيف ويتكوف وآدم بوهلر، إلى القدس للاحتفال بإطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي، عيدان ألكسندر، الذي تم من دون تدخل إسرائيلي. وصرّح أحد مساعدي نتنياهو لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأنه على الرغم من سعادة رئيس الوزراء بالإفراج، إلا أنه لم يشارك في الاحتفالات. وقال المساعد: "هذه الاحتفالات زائفة. نتنياهو لا يشارك فيها حقاً. إنه يعلم ما سيحدث قريباً. تبدو زيارة ويتكوف الحالية مشابهة جداً لزيارة 11 يناير". من الواضح أنّ زيارة ويتكوف لـ"إسرائيل" في 11 كانون الثاني/يناير، قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، جعلت نتنياهو يدرك أنّ إدارة ترامب الحالية ستكون مختلفة تماماً عن سابقتها. فرض ويتكوف نفسه على نتنياهو يوم السبت، يوم الراحة اليهودي، في محاولة عاجلة لإبرام هدنة. وذكرت صحيفة "هآرتس" بعد الزيارة أنّ ويتكوف، بسلوكه غير الدبلوماسي، أجبر نتنياهو عملياً على قبول اتفاق إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار الذي تقوده الولايات المتحدة. 21 أيار 08:47 20 أيار 14:20 وقال مساعد نتنياهو لموقع "المونيتور": "لم يكن الأميركيون يعرفون بعد ما الذي يُقحمون فيه بالضبط". وأضاف المصدر: "كان لدى ترامب بعض الصبر على ما يحدث. والآن نفد صبره". وأضاف: "سنكتشف في الأيام المقبلة مدى سخط ترامب على نتنياهو". كما تلوح في الأفق موجة دبلوماسية مع شركاء إسرائيليين آخرين. فقد أصدر ثلاثة من أهم حلفاء "إسرائيل"، بريطانيا وفرنسا وكندا، بياناً غير مسبوق يوم الإثنين أدانوا فيه "إسرائيل" على حملتها في غزة، متضمناً تهديدات باتخاذ "إجراءات ملموسة". حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، يوم الثلاثاء، من أنّ الاتحاد الأوروبي قد يُعيد النظر في اتفاقية الشراكة مع "إسرائيل"، بما في ذلك مناطق التجارة الحرة. كما أنّ اعتراف الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطينية مطروحٌ أيضاً، كذلك أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً. وأصدرت 22 دولة يوم الإثنين بياناً مشتركاً حثّت فيه "إسرائيل" على السماح فوراً باستئناف وصول المساعدات إلى قطاع غزة بالكامل. ويُبدي القادة الدوليون وقادة الرأي، الذين دعموا "إسرائيل" دعماً قاطعاً منذ مجزرة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، علامات إرهاق أو ندم متزايدة. في مواجهة ضغوط دولية، يحاول نتنياهو الحفاظ على بقاء ائتلافه اليميني، مع الحفاظ على استقرار "إسرائيل" دبلوماسياً. لكن الضغوط الخارجية تتزايد باستمرار. خلال زيارة ترامب للخليج الأسبوع الماضي، وجد نتنياهو نفسه مضطراً لإعادة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى الدوحة لاستئناف المحادثات بوساطة مع حماس. ومرة أخرى، لم يمنح نتنياهو الوفد تفويضاً واسعاً للتفاوض، ما أدى إلى تقويض المحادثات قبل بدئها. يوم الإثنين، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصدر أميركي لم تسمّه قوله: "ترامب يُخبر إسرائيل باستمرار: سنتخلى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب". بعد ساعات قليلة، نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن مصدر في إدارة ترامب قوله إنّ البيت الأبيض يدرس دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، الذي من المرجح أن ينافس نتنياهو في الانتخابات المقبلة، ليُظهر لنتنياهو أنّ صبر الرئيس بدأ ينفد. وقال مساعد نتنياهو: "الأمور تجري بوتيرة أسرع بكثير مما توقعنا. لقد أخطأنا في تقييمنا للإدارة الجديدة. لم نقرأ الخريطة، ولم نفهم أن هؤلاء أشخاص مختلفون تماماً عن أولئك الذين حاصروا ترامب في المرة السابقة". يتعين على نتنياهو الآن أن يقرر كيفية المضي قدماً في عملية "عربات جدعون"، التي من المتوقع أن يسيطر فيها "الجيش" الإسرائيلي على أجزاء كبيرة من غزة إلى أجل غير مسمى لمنع حماس من العودة إلى السلطة. وقد جرت بالفعل تعبئة خمس فرق، وهو عدد القوات نفسه تقريباً الذي جرى استدعاؤه في ذروة الحرب قبل أكثر من عام. وقد صرّح مصدر سياسي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته قائلاً: "لقد جُرّ نتنياهو إلى تصعيد في غزة تحت ضغط من شريكيه في الائتلاف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. وحتى الآن، قَبل أن يُجرّ إلى هذا لأنه كان يعلم أن بقاءه السياسي يعتمد عليه. لكن الآن، ومع تهديد الأميركيين بالتخلي عنه، أصبحت المعضلة أكثر وضوحاً". وتابع المصدر: "نتنياهو يخاف من بن غفير وسموتريتش، لكنه يخاف أيضاً من ترامب. السؤال هو: مِمَّن يخاف أكثر؟". نقلته إلى العربية: بتول دياب.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
رامافوزا مازحا لـ ترامب: آسف لا أملك طائرة لك .. والأخير يرد بجدل حول الإبادة
في مستهل اللقاء الذي جمع بين رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، استهل الزعيمان حديثهما بلمحة مرحة حول رياضة الجولف، التي تُعد من اهتمامات ترامب الشخصية والتجارية البارزة. وفاجأ رامافوزا نظيره الأمريكي بإهدائه كتابًا ضخمًا يزن 14 كغ يوثق ملاعب الغولف في جنوب أفريقيا، قائلاً: 'أحضرت لك هذا الكتاب عن ملاعب الغولف في بلادنا'، مضيفا :أنا آسف، لأنني لا أملك طائرة لأعطيك إياها"، في إشارة ساخرة إلى الجدل الأخير حول الطائرة التي قُدمت للرئيس الأمريكي من قطر. ورغم البداية الدافئة، سرعان ما تحوّل اللقاء إلى ساحة حوار دبلوماسي مشحونة بالتوترات حول قضايا شائكة، أبرزها مزاعم "إبادة جماعية" تستهدف المزارعين البيض في جنوب أفريقيا، وهي ادعاءات لطالما روّج لها ترامب وحلفاؤه، بمن فيهم مستشاره إيلون ماسك الذي حضر اللقاء. وعرض ترامب في المكتب البيضاوي مقاطع فيديو توثق مزاعم عن عمليات قتل وتشييع لمزارعين بيض، كما أشار إلى وجود مقبرة جماعية مزعومة دون أن يحدد موقعها، مما دفع رامافوزا للرد متسائلًا: "هل أخبروك بمكانها يا سيادة الرئيس؟"، ليجيبه ترامب: "في جنوب أفريقيا". وفي مواجهة هذه الادعاءات، نفى رامافوزا وجود أي سياسة حكومية تستهدف المزارعين البيض، مؤكدًا أن الجريمة تطال جميع فئات المجتمع، سواء كانوا من البيض أو السود. كما شدد على أن التصريحات التحريضية التي ظهرت في مقاطع الفيديو، والتي تعود إلى زعيم حزب المعارضة "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية"، جوليوس ماليما، لا تعبّر عن موقف الحكومة. وأضاف رامافوزا: "لو كانت هناك إبادة جماعية فعلاً، لما كان أصدقاؤك من جنوب أفريقيا حاضرين معنا هنا". ومن جانبه، حاول ترامب تسليط الضوء على القضية باستخدام مواد أعدها مسبقًا، بما في ذلك صور ومقالات حول ضحايا مزعومين، قائلاً: "نريد الحديث عن هذا"، ما أدخل اللقاء في حالة من الفوضى وسط تدافع الأسئلة من الصحفيين. وفي ختام الجدل، سعى رامافوزا إلى إعادة المحادثات لمسار أكثر إنتاجية، مشيرًا إلى أهمية الشراكة التجارية والتكنولوجية بين البلدين، وداعيًا إلى حوار مغلق بعيدًا عن الكاميرات قد يفضي إلى نتائج إيجابية لكلا الطرفين.