
هجوم ترمب على "هارفرد" فرصة تاريخية للجامعات البريطانية
في بطولة "المدارس الوطنية" للتجديف العام الماضي، والتي خصصت للناشئين، كانت أطول طوابير الانتظار أمام خيمة الجامعات الأميركية.
الفعالية التي نظمت في بحيرة دورني التابعة لـ"كلية إيتون" Eton College حضرتها أعداد غفيرة من المدارس الخاصة، استقطبت جمهوراً كبيراً من أولياء الأمور والأجداد والأقارب وأصدقاء العائلة، إلى جانب المتسابقين أنفسهم. كانت السترات المخططة والشعارات المطرزة حاضرة بكثافة. وعلى رغم أن السباقات على الماء كانت شرسة وممتعة، فإن الحاضرين كانوا مهتمين قبل كل شيء بإلحاق أبنائهم بإحدى الجامعات الأميركية المرموقة، باستخدام مهاراتهم الرياضية أحياناً – لكن ليس بالضرورة – كوسيلة للوصول إلى هناك.
في ظل الصعوبات المتزايدة لتسجيل طلاب المدارس الخاصة في جامعتي أكسفورد وكامبريدج في السنوات القليلة الماضية، تحولت الأنظار إلى الجامعات الأميركية المرموقة خلف المحيط الأطلسي. فباتت كل مدرسة خاصة تقريباً تعين شخصاً يكرس وقته لتقديم الاستشارات في موضوع اختيار الجامعة الأميركية الأنسب، والطريقة المعتمدة لتقديم طلبات الانتساب والتسجيل. ومن ثم، تنظم معارض للترويج لتلك الجامعات، وتملأ بالأجنحة التي يقف فيها ممثلون وخبراء مستعدون لإبهار أولياء الأمور القلقين والراغبين في معرفة المزيد.
بالتالي، لا عجب أن يكون هجوم دونالد ترمب على الجامعات الأميركية، وإن كان موقتاً، قد أحدث صدمة عميقة.
ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، تحركت وزارة الأمن الداخلي الأميركية لإنهاء قدرة جامعة هارفرد على تسجيل طلاب من خارج البلاد، وعلقت طلبات التأشيرات الخاصة بهم، بحجة اجتثاث ما وصفته بـ"راديكاليي تيار اليقظة". وقد أعلن ترمب أنه ينوي الحد من العقود الحكومية الفيدرالية الممنوحة للجامعة المذكورة، بعدما شهد حرمها تظاهرات حاشدة تأييداً للفلسطينيين.
على أقل تقدير أشار الرئيس إلى فوضى وعدم يقين في الأفق. فبينما ظنت العائلات الميسورة أنها وجدت بديلاً جاهزاً لأكسفورد وكامبريدج، قد لا يكون هذا المسار مضموناً بعد الآن.
في المقابل، يمثل هذا التضييق فرصة ذهبية أمام التعليم العالي البريطاني ليتقدم ويسد الفراغ. ففي ظل التعالي الضيق الأفق الذي يخيم على قطاع التعليم الخاص، وعلى بعض المدارس الخاصة الانتقائية التي تستقطب تلاميذ من الطبقة المتوسطة، فإن قلة قليلة فقط من الجامعات المحلية، من بعد أكسفورد وكامبريدج، تستحق لفتة حقيقية بنظر الأهالي الذين يعتبرون أن المستوى [التعليمي الذي يطلبونه] محصور بجامعات دورهام، وسانت أندروز، وإدنبره، وبعض من كليات لندن، دون سواها.
أما بعد ذلك، ففي نظر الأهل والمعلمين، وللأسف الطلاب الذين تم تلقينهم هذا المنطق - وكذلك أرباب العمل في كثير من الأحيان - فإن مستوى الجامعات الأخرى ينهار بسرعة. أما "مجموعة راسل" Russel Group [ائتلاف يضم 24 جامعة بريطانية، تشتهر بتركيزها على البحث العلمي المرموق والمستوى الأكاديمي العالي. تأسست عام 1994، وتعد بمثابة نخبة الجامعات في المملكة المتحدة بعد أكسفورد وكامبريدج]، وهي الرابطة التي نصبت نفسها لتكون في المرتبة التالية بعد أكسفورد وكامبريدج، فتدعي النخبوية، لكنها في نظر كثيرين لا تتعدى كونها الدرجة الثانية. أما الجامعات الأخرى، فتكاد تكون غير مرئية.
وللتذكير، فقد استقبلت الولايات المتحدة 1.1 مليون طالب أجنبي في العام الدراسي 2023-2024، ومن بينهم 10,000 بريطاني. وبالمجموع، سمحت أقساطهم الجامعية وكلف سكنهم ومعيشتهم بتوليد دخل بقيمة 43.8 مليار دولار، وفق ما كشفته "رابطة مقدمي خدمات التعليم الدوليين" (نافسا) Nafsa: Association of International Educators. والحال أن بعضاً من هذا المال قد ذهب فعلياً من درب المملكة المتحدة، شأنه شأن الأدمغة والمواهب، ممن قد لا يعودون يوماً إلى الوطن، مفضلين الاستقرار في الولايات المتحدة.
أما الجامعات الأميركية، فترى في قطاع الأعمال هذا، وما تحول إليه [مع الوقت]، مصدر دخل وفير ومورداً حيوياً لا غنى عنه. بالتالي، تملك بريطانيا اليوم فرصة لإعادة طرح نفسها بقوة، تحديداً في لحظة بدأت أعداد الطلاب الدوليين الوافدين فيها بالتراجع، ومعهم الرسوم المرتفعة التي يدفعونها. وبالفعل، فإن المنافسة شرسة، وقد أعلنت الصين عن استعدادها لاستقبال الطلاب الذين سيمنع عليهم الدخول إلى الولايات المتحدة.
صحيح أن جامعات بريطانيا تتحمل قسطاً من اللوم في هذا النزف في أعداد الطلاب الدوليين. إذ إن جامعاتنا اتسعت بوتيرة جنونية على مر العقود القليلة الماضية، كما أن بعضاً من المؤسسات [التعليمية] والصفوف التي تقدمها لا ترقى إلى المستوى المطلوب. ومع ذلك لا يجوز أبداً أن نغض النظر عن التحيز الواضح الذي يمارس بحقها.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يساعد الوضع أن حكومتنا استهدفت الجامعات بخفض الإنفاق. فالقطاع يعيش حالاً من التراجع، منهك، ومصاب بإحباط عميق. وإذا كانت الجامعات ستنهض فعلاً، كما ينبغي لها، لاستغلال هذه الفرصة المفاجئة التي أتاحها رئيس أميركي متحفز وصدامي، فلا بد أن تحصل على دعم مالي وأن تنال ثقة الحكومة المركزية.
كما ينبغي أن يكون هناك تعاون فعال يضع مصلحة بريطانيا أولاً، ويثني الطلاب عن السفر إلى الخارج، علماً أن المستفيد الأكبر مما سبق سيكون حتماً الاقتصاد، ومعه الوطن الذي سيحصد منفعة إن أقنعنا الطلاب بالبقاء وبإنهاء دراستهم، ومن ثم الانطلاق في مسيرتهم المهنية داخل المملكة المتحدة.
في النهاية، قد يسود الأسى، وربما الدموع في بعض الأوساط، لكن بإغلاقه باباً، فتح ترمب باباً آخر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأمناء
منذ ساعة واحدة
- الأمناء
تدمير ثلث القاذفات الاستراتيجية الروسية بهجوم لطائرات مسيرة أوكرانية
في تصعيد نوعي جديد، أعلن جهاز الأمن الأوكراني (SBU)، الأحد، أن كييف نفذت عملية خاصة باستخدام طائرات مسيّرة استهدفت عدداً من المطارات العسكرية الروسية، وأسفرت عن تدمير أو إعطاب 34% من الطائرات الحربية الروسية الحاملة لصواريخ استراتيجية، في ضربة توصف بأنها من أعقد وأكبر الهجمات الجوية الأوكرانية منذ بدء الحرب. وأوضح الجهاز، في بيان نُشر عبر "تلغرام"، أن العملية نُفذت تحت اسم "بافوتيني" (شبكة العنكبوت)، مشيرًا إلى أن الخسائر التي تكبدتها القوات الجوية الاستراتيجية الروسية تقدّر بنحو 7 مليارات دولار. وأكد البيان أن تفاصيل إضافية عن العملية سيتم الكشف عنها لاحقًا. في المقابل، أقرت وزارة الدفاع الروسية بالهجمات، مؤكدة أن أوكرانيا شنت، الأحد، غارات بطائرات مسيرة استهدفت قواعد جوية في مورمانسك، إركوتسك، إيفانوفو، ريازان، وآمور. وأضافت أن بعض الطائرات اشتعلت فيها النيران نتيجة انطلاق المسيّرات من مواقع قريبة من تلك القواعد، خصوصًا في منطقتي مورمانسك وإركوتسك. في السياق ذاته، نشرت حسابات أوكرانية على مواقع التواصل الاجتماعي أن أكثر من 40 طائرة عسكرية روسية تضررت جراء العملية، بما في ذلك: قاذفات استراتيجية من طراز Tu-95 قاذفات من طراز Tu-22M3 طائرات إنذار مبكر من طراز A-50، والتي تُعتبر من الأصول النادرة لدى روسيا. وسرعان ما انتشرت مقاطع فيديو من مصادر أوكرانية تُظهر لحظات استهداف بعض القاذفات، وسط تعليقات تفاعلية تسلط الضوء على حجم الضربة التي طالت العمق العسكري الروسي. تأتي هذه الهجمات الجوية بالتزامن مع التحضيرات الجارية لعقد مفاوضات سلام جديدة بين الوفدين الروسي والأوكراني في مدينة إسطنبول التركية، والمقررة يوم الاثنين. وتُعد هذه التطورات الميدانية مؤشراً على اشتداد الصراع قبيل انطلاق الجولة الجديدة من المحادثات. وبحسب وسائل إعلام غربية، شنت أوكرانيا هجوماً واسع النطاق باستخدام طائرات مسيّرة ضد قاذفات عسكرية روسية في سيبيريا، مستهدفة أكثر من 40 طائرة حربية على بعد آلاف الكيلومترات من أراضيها، وفقاً لما أفاد به مسؤول أمني أوكراني. وقد جرى تهريب هذه المسيّرات إلى محيط القواعد الجوية مخفية داخل أسقف منازل خشبية. وجاءت هذه الضربات، التي استهدفت أربع قواعد جوية متفرقة، عشية محادثات سلام مقررة، ما يُعد تصعيداً حاداً في الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، تزامن مع هجمات روسية بطائرات مسيّرة على أوكرانيا، في حين عزت موسكو حادثتي خروج قطارين عن مسارهما إلى "أعمال تخريب"، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص. أظهرت تسجيلات مصورة من عدة قواعد جوية روسية طائرات مدمرة وأخرى تلتهمها النيران، فيما لا يزال مدى الأضرار الكامل غير واضح. ومن بين أكثر من 40 طائرة أصابها الهجوم، طائرات Tu-95 وTu-22 الاستراتيجية، والتي تستخدمها روسيا لإطلاق صواريخ بعيدة المدى على المدن الأوكرانية. وأكد جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أن قيمة الطائرات المتضررة نتيجة الضربات تقدّر بنحو 7 مليارات دولار. وإذا ما تأكد حجم الأضرار، فسيُعد الهجوم الأوسع والأكثر تأثيراً بطائرات مسيّرة تشنه أوكرانيا منذ بدء الحرب، ويأتي وسط تصعيد في التوغلات عبر الحدود قبل جولة جديدة من المفاوضات المباشرة في إسطنبول يوم الاثنين. وقد زود مسؤول أوكراني وسائل الإعلام بتسجيلات مصورة يُعتقد أنها تُظهر الضربات، وأفادت وكالة "رويترز" أن بعض اللقطات بيّنت طائرات كبيرة من طراز Tu-95 تشتعل فيها النيران. وتُستخدم هذه الطائرات، التي صُممت أصلاً لحمل رؤوس نووية، الآن لإطلاق صواريخ كروز. وذكرت وسائل إعلام روسية وأوكرانية أن أوكرانيا نفذت العملية عبر إطلاق طائرات مسيرة من شاحنات كانت مركونة قرب القواعد العسكرية داخل عمق الأراضي الروسية. وقال مسؤولون أوكرانيون إن العملية، التي حملت الاسم الرمزي "شبكة العنكبوت" (Spiderweb)، كانت قيد الإعداد لأكثر من 18 شهراً، حيث تم تهريب الطائرات المسيّرة إلى روسيا وأُخفيت تحت أسقف منازل خشبية صغيرة، ووضعت هذه الهياكل فوق شاحنات اقتربت من القواعد الجوية. وعند التنفيذ، رفعت الأسقف بآلية يتم تشغيلها عن بُعد، لتخرج المسيّرات وتبدأ الهجوم. ووفقاً للتقارير الإعلامية، أشرف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصياً على العملية المعقدة. وقال مساء الأحد: "كنا نُحضّر للعملية لأكثر من عام ونصف. تم التخطيط والتنظيم وكل التفاصيل بدقة تامة. يمكنني القول بثقة إنها عملية فريدة تماماً." وأضاف أن مقر تنفيذ العملية من داخل روسيا كان "ملاصقاً لمكتب جهاز الأمن الفيدرالي (FSB) في إحدى المناطق الروسية". وأوضح زيلينسكي: "في المجمل، استُخدم 117 طائرة مسيرة في العملية، مع عدد مماثل من المشغلين. لقد أصبنا 34% من حاملي صواريخ كروز الاستراتيجية في تلك القواعد. عمل أفرادنا في ثلاث مناطق زمنية داخل روسيا، وتم سحبهم جميعاً إلى أماكن آمنة قبيل بدء العملية." وأظهرت صور نُشرت من قبل الأجهزة الأمنية الأوكرانية عشرات الطائرات المسيّرة قصيرة المدى مكدسة داخل منشأة صناعية، بالإضافة إلى صور للهياكل الخشبية بعد إزالة الأسقف المعدنية عنها، وبداخلها طائرات مسيرة جاهزة للإقلاع. في المقابل، نشر حساب "Mash" الروسي المقرّب من أجهزة الأمن مقطع فيديو يُظهر هياكل مشابهة مثبتة على شاحنات، وأسقفها ملقاة على الأرض، بينما تطير مسيّرتان على الأقل من داخلها. كما أظهرت لقطات من منطقة إيركوتسك الروسية رجالاً يحاولون منع المسيّرات من الانطلاق من شاحنات. وفي تسجيل آخر التُقط في قاعدة "أولينيغورسك" المحترقة في منطقة مورمانسك، يُسمع أحد العسكريين الروس يقول: "الوضع سيء للغاية"، بينما تحترق عدة قاذفات خلفه. منذ بدء الغزو الروسي الشامل في فبراير 2022، واجهت أوكرانيا تفوقاً نيرانياً روسياً كبيراً، لكنها طورت أسطولاً مرناً وفعّالاً من المسيّرات لتنفيذ هجمات على الجيش الروسي وبنيته التحتية. يُذكر أن قاعدة "بيلايا" الجوية في إيركوتسك، التي كانت هدفاً يوم الأحد، تقع على بعد أكثر من 4000 كيلومتر من أوكرانيا. وأكدت وزارة الدفاع الروسية اندلاع النيران في عدد من طائراتها العسكرية في منطقتي مورمانسك وإيركوتسك نتيجة للهجوم، مشيرة إلى عدم وقوع خسائر بشرية، وأنه تم اعتقال عدد من "المتورطين". وكانت أوكرانيا قد أعلنت في مارس الماضي تطوير طائرة مسيرة جديدة بمدى يصل إلى 3000 كيلومتر، من دون كشف تفاصيل إضافية. وفي وقت سابق من الأحد، أفاد محققون روس بأن "انفجارات" تسببت بانهيار جسرين في منطقتي كورسك وبريانسك الحدوديتين، مما أدى إلى خروج قطارين عن مسارهما ومقتل ما لا يقل عن 7 أشخاص وإصابة العشرات. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادثة. وتحقق السلطات الروسية في التفجيرات باعتبارها "أعمالاً إرهابية"، بحسب وسائل الإعلام الرسمية، بينما أكدت الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين كان يتابع التطورات أولاً بأول. كما قالت شركة السكك الحديدية الروسية إن أضراراً لحقت بمسار خط "أونيشا – جيتشا" في منطقة بريانسك دون تسجيل إصابات. وتعرضت روسيا لعشرات الهجمات التخريبية منذ بدء الغزو، لا سيما على شبكتها الواسعة للسكك الحديدية، حيث تعتبر كييف أن هذه الشبكات تنقل الجنود والأسلحة. في الأثناء، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت خلال الليل 472 طائرة مسيّرة – وهو أكبر عدد في هجوم ليلي حتى الآن – بالإضافة إلى سبعة صواريخ. وذكرت القوات المسلحة الأوكرانية أن 12 جندياً قُتلوا، وأُصيب أكثر من 60 آخرين في ضربة صاروخية استهدفت وحدة تدريب عسكري. وكانت أوكرانيا قد امتنعت سابقاً عن تأكيد مشاركتها في جولة جديدة من المحادثات المباشرة، لكن الرئيس زيلينسكي أعلن الأحد أن وفداً بقيادة وزير الدفاع روستم أوميروف سيتوجه إلى إسطنبول. وقال: "لقد حددتُ موقفنا قبل اجتماع الاثنين في إسطنبول، والذي يتضمن أولويات مثل وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط، وإعادة الأسرى والأطفال المخطوفين". وفيما يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغط على الجانبين لإنهاء الحرب مهدداً بوقف دعمه إن لم يتم التوصل لاتفاق، نقلت وكالة "رويترز" أن المفاوضين الأوكرانيين في إسطنبول سيعرضون خطة لتحقيق تسوية سلام دائمة. وبحسب وثيقة اطّلعت عليها الوكالة، فإن المقترح الأوكراني يشمل، عدم فرض أي قيود مستقبلية على قدرات أوكرانيا العسكرية، رفض الاعتراف بسيادة روسيا على أي أراضٍ أوكرانية احتلتها قواتها، المطالبة بتعويضات لأوكرانيا. وكان بوتين قد أعلن في وقت سابق شروطه لإنهاء الحرب فورًا، مطالباً كييف بالتخلي عن طموحاتها في الانضمام لحلف الناتو، وسحب قواتها من جميع المناطق الأربع التي أعلنت موسكو ضمّها وتسيطر عليها جزئياً.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
كيف دعمت حرب أوكرانيا الاقتصاد الروسي؟
شهدت روسيا خلال الأسابيع الماضية تصاعداً ملحوظاً في التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء، إذ تداخلت أزمات اقتصادية واجتماعية مع استمرار الصراع العسكري في أوكرانيا، مما يضع القيادة الروسية أمام معادلة صعبة بين متابعة الحرب والحفاظ على استقرار الداخل. وخلال الأسابيع الأخيرة، عانى المسافرون الروس تأخيرات جماعية وإلغاء رحلات عدة، عقب هجمات الطائرات المسيرة التي نفذتها القوات الأوكرانية ضد البنية التحتية الروسية، وتسبب هذا الهجوم في إغلاق ما يقارب 12 مطاراً داخل مناطق مختلفة، مما زاد من الضغط على المواطنين ومزودي الخدمات اللوجيستية. على الصعيد الاقتصادي سجلت روسيا ارتفاعاً حاداً في أسعار المواد الغذائية، كان الأبرز ارتفاع سعر البطاطا بنسبة 166 في المئة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ويرجع ذلك إلى ضعف المحصول الذي تأثر بصورة كبيرة بنقص العمالة الزراعية نتيجة تجنيد عدد كبير من الشباب في الجيش، أو انضمامهم إلى مصانع الدفاع. وعلى الجبهة العسكرية يواصل الجيش الروسي هجومه الصيفي داخل شرق أوكرانيا محققاً تقدماً بطيئاً ومتفاوتاً في مناطق الصراع، إلا أن كلفة تلك العمليات تبقى عالية مع تسجيل موسكو خسائر يومية تجاوزت ألف قتيل وجريح، مما يعكس عنف المواجهات وتصاعد وتيرتها. وقال البروفيسور مارك جاليوتي مؤلف كتاب "صياغة في الحرب: التاريخ العسكري لروسيا من بداياتها إلى اليوم"، والمتخصص في الشؤون الروسية في مقابلة مع صحيفة "التايمز"، إن الرئيس فلاديمير بوتين يضع في حسبانه دائماً الرأي العام الروسي عند صياغة سياساته العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، على رغم غياب دلائل واضحة على مطالبة المجتمع بإنهاء الحرب حتى الآن. وأوضح أن الروس، حتى الآن، لم يروا الحرب تكلفهم ثمنها بصورة كاملة، ويرون أنها تصب في مصلحتهم. وأضاف جاليوتي أن الجانب الغربي وأوكرانيا فشلا في جعل كلفة الحرب على روسيا لا تحتمل، إذ إن كثيراً من الروس يرون أن المواجهة في صالحهم، مشيراً إلى أن بوتين يفضل الاعتماد على متطوعين يتلقون رواتب ومكافآت مغرية، بدلاً من التجنيد الإجباري الذي أثار استياءً في حروب ما بعد الحقبة السوفياتية. إعادة توزيع اقتصادي داخل روسيا وشرح جاليوتي أن المجندين الروس يتلقون مكافأة توقيع تصل إلى 1.5 مليون روبل (نحو 18.8 ألف دولار)، إضافة إلى رواتب شهرية تفوق ضعف المتوسط الوطني، وتقدم الدولة تعويضات سخية لعائلات القتلى تشمل معاشات تقاعدية وفرصاً تعليمية لأطفالهم، بهدف تعزيز الحوافز للانضمام إلى صفوف الجيش. وأدى النزاع إلى تحولات اقتصادية داخلية غير متساوية، إذ يتركز غالب المجندين والضحايا في مناطق فقيرة مثل توفا وبورياتيا وداغستان، وفي المقابل شهدت تلك المناطق طفرة مالية بسبب تعويضات الحرب مما أدى إلى زيادة الودائع المصرفية، وارتفاع مستوى الإنفاق وازدهار بعض المشروعات العمرانية. ويقول جاليوتي إنه على رغم العقوبات الغربية الشديدة استفادت بعض الصناعات المحلية من غياب المنافسين الأجانب، إذ ظهرت بدائل محلية لسلاسل مطاعم دولية وشركات عالمية انسحبت من السوق الروسية، وظلت الأجهزة الإلكترونية متوافرة بأسعار قريبة من السوق الرسمية، مما حدَّ من الإحساس بضغوط الحصار الاقتصادي. وتشير استطلاعات حديثة إلى أن 42 في المئة من الروس يتوقعون تحسناً في الأوضاع الاقتصادية خلال ثلاثة إلى خمسة أعوام، مقابل 10 في المئة يرون أن الأوضاع ستزداد سوءاً. وتبرز هذه النتائج أهمية الرأي العام في التوازن السياسي الذي يسعى إليه الكرملين للحفاظ على استقراره. وأنشأ رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين "مركز التنسيق الحكومي" الذي يجمع بيانات من مختلف المناطق الروسية، بما في ذلك مؤشرات الاستياء الشعبي، بهدف مراقبة الأوضاع الداخلية بدقة وتجنب موجات احتجاج قد تهدد النظام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال جاليوتي إنه على رغم الضغوط التي يمارسها القادة العسكريون لبدء تعبئة عامة، رفض بوتين هذه الخطوة خشية فقدان الدعم الشعبي، وهذا الرفض أدى إلى إبطاء الهجوم الصيفي في دونباس، وقلص قدرة روسيا على التوسع في جبهات أخرى، مما يعكس تعقيد موازين القوى على الأرض. وخصصت الحكومة الروسية مبالغ مالية ضخمة لدعم المواطنين، من ضمنها برنامج الرهن العقاري المدعوم، والذي تتجاوز كلفته موازنة كاملة لقوة الشرطة الروسية، وتهدف تلك البرامج إلى تخفيف وطأة الحرب على المدنيين وتثبيت استقرارهم الاقتصادي. وأظهر استطلاع حديث أن 61 في المئة من الروس يرغبون في محادثات سلام، إلا أنهم يرفضون أي اتفاق يراه بعض "سلاماً بأي ثمن"، بل يريدون "انتصاراً واقعياً". ويعتقد كثيرون منهم أنهم يحققون مكاسب ويطالبون أوكرانيا بقبول الخسارة، ما يبرز مدى تعقيد الموقف السياسي الداخلي. التضخم وسعر الفائدة المرتفع وأشار جاليوتي إلى أن الاقتصاد الروسي يواجه تحديات كبيرة على رغم مرونته النسبية، إذ يستمر البنك المركزي في رفع سعر الفائدة إلى 21 في المئة لكبح التضخم، مما يزيد صعوبة استثمارات الشركات ويبطئ النمو الاقتصادي المتوقع من أربعة في المئة إلى أقل من اثنين في المئة. وعلّق جاليوتي على الوضع الاقتصادي بقوله "هذا النمو جيد لأي اقتصاد عادي، لكنه غير كاف لبوتين الذي يريد خوض الحرب وضمان راحة مواطنيه في الوقت ذاته"، وأدى ذلك إلى إلغاء معظم الدعم الحكومي لبرامج مثل الرهون العقارية. ونقل جاليوتي عن كبير المفاوضين الروس فلاديمير ميدينسكي قوله إن موسكو مستعدة للقتال "لعام أو عامين أو ثلاثة، طالما اقتضى الأمر". ويضيف أن بوتين مضطر إلى الحفاظ على توازن دقيق بين استمرار الحرب واستقرار الداخل، لأن فقدان هذا التوازن قد يؤدي إلى انهيار شعبي وسياسي.


الاقتصادية
منذ 2 ساعات
- الاقتصادية
ويلات الحرب التجارية لا تتوقف .. الصادرات والإنتاج الصناعي في آسيا تتراجع
تراجع النشاط الصناعي في عدة دول آسيوية خلال شهر مايو، إذ تسببت الرسوم الجمركية الأمريكية وحالة عدم اليقين التجاري في إضعاف الطلب. في فيتنام تراجعت طلبات التصدير الجديدة للشهر السابع، فيما انخفضت تكاليف المدخلات لأول مرة منذ عامين، حسب "ستاندرد آند بورز غلوبال"، فيما انخفض الإنتاج ومبيعات التصدير الجديدة للشهر الثاني في تايوان، وسجلت إندونيسيا أكبر تراجع للطلبات الجديدة منذ أغسطس 2021، كما شهدت مصانع كوريا أكبر انخفاض في الإنتاج منذ 3 سنوات. فيتنام وإندونيسيا وتايوان واليابان وكوريا سجلت انكماشا في النشاط العام، مع بقاء مؤشر مديري المشتريات دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. أما في الفلبين، فقد استمر النمو لكن بوتيرة أبطأ، وتعكس هذه الأرقام حالة الضبابية المستمرة في ظل حملة الرسوم الجمركية والطبيعة المتقلبة للسياسات التجارية الأمريكية. تصعيد التوترات بين واشنطن وبكين صعد ترمب التوترات في نهاية الأسبوع الماضي، متعهدا بمضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم، واتهم الصين بانتهاك اتفاق يقضي بخفض الرسوم. وردت الصين اليوم الإثنين، برفض تصريحات ترمب واتهام أمريكا بفرض قيود تمييزية جديدة. قال محافظ بنك كوريا ري تشانغ إن نتائج المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين سيكون لها تأثير على جميع اقتصادات آسيا، مشيرا إلى أن هذه الأهمية تتعدى العلاقات الثنائية بين الطرفين، مضيفا "عندما نقيس فعليا تأثير رسوم أمريكا الجمركية علينا، فإن التأثير غير المباشر عبر الصين يُعد بالغ الأهمية لأننا مرتبطون بها بشدة من خلال سلاسل التوريد". الغموض القانوني لرسوم "يوم التحرير" تظل رسوم "يوم التحرير" التي فرضها ترمب تتسم بحالة غموض قانوني، بعد أن رفضتها محكمة أميركية ثم نجحت الإدارة في استئناف القرار. وفي حال تطبيقها، سترتفع الرسوم الأمريكية الشهر المقبل إلى أعلى مستوى لها خلال قرن. وأشار مصنعون في آسيا إلى أن هذا التذبذب في السياسات أدى إلى تراجع الطلب حاليا، وقد يؤثر سلباً عليه مستقبلا. ذكرت "ستاندرد آند بورز غلوبال" أن "ضعف الطلب وتزايد تردد العملاء في الالتزام بأعمال جديدة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية" أثر سلبا على المبيعات في تايوان، مما دفع الشركات إلى خفض التوظيف والمشتريات. وأشارت الشركات في أنحاء المنطقة إلى أن انخفاض الطلب يمتد عبر سلاسل التوريد ويؤثر مباشرة على خطوط الإنتاج. زيادة الصادرات والشحن قبيل تعليق الرسوم تأتي بيانات مايو بعد شهر شهدت فيه المنطقة ارتفاعاً كبيراً في الصادرات وحركة الشحن، حيث قامت الشركات الأمريكية بشحن البضائع مسبقا خلال فترة تعليق الرسوم البالغة 90 يوما، لكن انكمشت صادرات كوريا في مايو، مع انخفاض الشحنات المتجهة إلى أمريكا 8.1%، وفقا لبيانات صادرة أمس الأحد عن مصلحة الجمارك. تأثير إيجابي لتعليق رسوم ترمب مستقبلا هناك مؤشرات أولية تشير إلى أن تعليق ترمب للرسوم بهدف إتاحة المجال أمام المفاوضات والاتفاقات المبدئية مع بريطانيا والصين، قد يسهم في تحسن النشاط الاقتصادي. في فيتنام، وهي منتج رئيسي للملابس والأحذية ومكونات الهواتف الذكية، أفادت الشركات أن الاستقرار الجمركي ساعد في تحسين الإنتاج وزيادة التفاؤل بالمستقبل.