
انتخاب مجلس وطني فلسطيني جديد.. خطوة للوراء ثم خطوتان للوراء
لكن المرسوم الرئاسي المفاجئ، الذي قضى بإجرائها قبل نهاية العام، وقع على الفلسطينيين وقع الصدمة، وأثار من الشكوك والتساؤلات، أكثر بكثير مما أثاره من مشاعر التفاؤل والارتياح، رفضته جميع الفصائل الأساسية في المنظمة وخارجها، ولم تصفق له سوى "فصائل الكسور العشرية" التي لم يعد لها من وظيفة خارج إطار لعبة "المبايعة" و"التصفيق" لكل ما يصدر عن "القيادة المتنفذة في السلطة والمنظمة" من مواقف ومراسيم.
كما أثار المرسوم موجة من الرفض والاستياء في أوساط شخصيات وهيئات ومؤسسات وطنية وازنة، فبدا كما لو جاء قفزةً في المجهول، تخفي وراءها ما تخفي، وتحمل في طيّاتها، أسوأ "السيناريوهات" وأشدّها خطورة.
فالمرسوم جاء في ذروة حرب الإبادة والتطهير التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة (وبدرجة أقل في الضفة)، دون أن يكلف من أصدره، نفسه عناء الإجابة عن سؤال: كيف يمكن إجراء انتخابات في القطاع المدمر، و"بأي عين" يمكننا أن نطلب من "المعذبين، المجوّعين، والمروعين في وطنهم"، أن يخرجوا من عراء نزوحهم إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، وهل ثمة فسحة في غزة، لإقامة مثل هذه المراكز أصلًا.
المرسوم يعكس اختلالًا في "فقه الأولويات" عند من أصدره، وهل ثمة أولوية تعلو على وقف المذبحة، وملء الأمعاء الخاوية لأزيد من مليونَي فلسطيني في القطاع؟
والمرسوم، لم يقل لنا، كيف وأين يمكن إجراء هذه الانتخابات، وهل قامت الجهات ذات الصلة بترجمته، بإجراء ما يلزم من اتصالات مع الحكومات والدول التي يتوزع عليها سبعة ملايين لاجئ عن وطنهم؟، هل جرى إعداد كشوف بـ"الهيئات الناخبة" على أقل تقدير، لنعرف من هو الفلسطيني، ومن هو صاحب الحق بالاقتراع، لنشتق بعد ذلك معادلاتنا حول "نسب الاقتراع" ومستوى المشاركة في استحقاق لم يعرف الفلسطينيون مثيلًا له منذ قيام منظمتهم قبل أزيد من ستين عامًا؟
والمرسوم لم يخبرنا كيف سيجري التعامل مع تحدي رفض إسرائيلي مؤكد لإجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وهو التحدي الذي اتُّخذ كذريعة لتعطيل انتخابات عامة، تشريعية ورئاسية، كانت على مرمى حجر، حيث تشكلت القوائم والتحالفات، وبلغت الاستعدادات ذروتها لفعل ذلك، قبل أن يصدر مرسوم رئاسي آخر، بتعطيلها، بذريعة "رفض التخلي عن القدس ومشاركة أهلها في الاستحقاق".
ما الذي تغير اليوم، أو بالأحرى، ما الذي سيتغير غدًا، حين تعلن تل أبيب بصورة وقحة، رفض إجراء الانتخابات في "العاصمة الأبدية الموحدة" للكيان؟
والمرسوم القنبلة، يطرح أسئلة من نوع: لماذا البدء بانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؟، ألم يكن من الأجدى والأجدر التجديد لمؤسسات السلطة، من الرئاسة المنتهية ولايتها منذ ستة عشر عامًا، إلى المجلس التشريعي "المغدور"، والمنتهية ولايته أيضًا منذ خمسة عشر عامًا، دع عنك عشرات المنظمات الشعبية، التي لم يعد لها من دور يذكر في الحسابات الفلسطينية، بعد أن جرى السطو عليها، وتجريفها وتجويفها، وهي التي ملأت الأرض والفضاء في أزمنة أخرى؟
يعرف مصدرو المرسوم مثلما نعرف، ويعرف كل فلسطيني، أن فكرة "انتخاب" المجلس الوطني، ستؤول إلى "بازار" مفتوح من التعيينات بالجملة والمفرق، وفقًا لقواعد ومعايير صارمة، تبدأ بالولاء الشخصي والفصائلي، وانتهاءً بإعادة تشكيل المنظمة، وفقًا لمعايير أوسلو وما بعد أوسلو، بحيث تفقد المنظمة، صفتها التمثيلية كوعاء حاضن للتعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية الفلسطينية، وتنتهي إلى امتداد "شرعي" لفريق متنفذ، يُراد له أن يمضي في التكيّف مع "مخرجات الحل الإسرائيلي للقضية الفلسطينية، لا أكثر ولا أقلّ.
هي طعنة نجلاء، يُراد تسديدها في ظهر "الممثل الشرعي الوحيد"، بإخراج كل من يعارض أو يقاوم "أوسلو" في أكثر طبعاته تهافتًا وابتذالًا، تلك التي تنتظر الفلسطينيين، وتشفّ عن بعض من ملامحها، خطط أعدائهم ومشاريعهم لمستقبلٍ لا مطرح فيه لحرية ولا استقلال، ولا "مكان تحت الشمس" لدولة الفلسطينيين على ترابهم الوطني، دع عنك حكاية العاصمة وحق العودة، وفكرة السيادة وأوهام الازدهار.
يعرف مصدرو المرسوم الرئاسي، ما ينتظرهم من مشاريع وتحديات، وهم يستعدون منذ اليوم، للتكيف معها، فليس في قاموس هؤلاء مفردات من نوع: صمود، ثبات، مقاومة.
يعرفون أن أحدًا يمتلك الحد الأدنى من قيم ومبادئ تأسست عليها الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، لن يقبل باستخدام "خاتم" المنظمة، للتصديق على ما ينتظرها من تسويات وصفقات.
لذا نراهم يغذّون الخطى، لإعادة تشكيل المنظمة، بإخراج كل من خرج عن "أوسلو"، أو استقى العِبر من دروس الفشل المتكرر لهذا المسار، وقرر العودة لأبجديات التحرر الوطني.. يريدونها منظمة على مقاسات ترامب وويتكوف، والأهم على المقاسات الإسرائيلية، الأكثر ابتذالًا.
الأصل في الانتخابات، أنها تجري لغرض إعادة تجديد وتشبيب مؤسسات الحكم والسلطة (المنظمة في حالتنا هذه)، الأصل أنها مصممة لإعادة إنتاج "الشرعية الفلسطينية".
ومن أجل ذلك، ولبلوغ هذه الأهداف، يتعين أن تتم بالتوافق، وكنتيجة لحوار وطني جاد ومسؤول، وليس من الطراز "الفلكلوري"، المألوف فلسطينيًا، وبالنظر لغياب هذين الشرطين، ظنّ كثيرون، ونحن منهم، أنها ستكون، إن تمت أو استبدلت بالتعيين، معولَ هدم لما تبقى من جدران الوحدة الوطنية، وأسفينًا يعمق الشرخ الفلسطيني بدل أن يدمله.
لسنا على يقين من أن المرسوم سيشق طريقه حتى نهاياته، فهو اتُخذ في ليل بهيم، وبمعزل عن التشاور حتى مع قيادات فتح والسلطة، وعمل متفرد قامت به "ترويكا" أو "رباعية" القرار الفلسطيني، يذكرنا بمرسوم آخر، اتخذ بالطريقة ذاتها، وانتهى إلى تعميق الشروخ وإثارة المزيد من الانقسامات، وأعني به ذاك المتعلق بنزع "سلاح المخيمات" في لبنان.
فالرئيس ذهب إلى بيروت بهدف تسهيل هذه المهمة على الدولة والجيش، بيد أنه لم يستشر أحدًا من الفصائل والقوى (وقوى الأمر الواقع)، ولا حتى قادة فتح وجنرالاتها وسفيرها في بيروت.
عاد الرئيس من رحلة وصفت بـ"التاريخية" وبقي السلاح على حاله، مخلفًا وراءه مزيدًا من الانقسامات والشروخ، لا بين فتح وحماس فحسب، بل وفي داخل فتح ذاتها، وبقية القصة معروفة، وما زالت تتوالى فصولًا في إثر التنقلات والعقوبات والإحالات على التقاعد، التي جرت وتجري، لتمرير قرار منفرد، محاط بكثير من الخفة والنوايا غير الحسنة.
في تفسير "المرسومين" القنبلتين، ثمة من يتحدث عن حالة "انفصال" عن الواقع، تعيشها "نخبة القرار" في رام الله، التي ما زالت تتصرف كما لو أنها ما زالت ممسكة بخيوط اللعبة، مع أنها الغائب الأكبر عن المشهد الفلسطيني، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول على أقل تقدير.
لكن في ظني أن تفسيرًا كهذا يبدو مختزلًا، ولا يجمع الصورة من مختلف أطرافها وزواياها.. في ظني أن تفجير قنبلة بيروت، إنما كان عملًا مدروسًا ومنسقًا مع أطراف عربية ودولية، ليست إسرائيل بعيدة أبدًا عنها، والهدف "إحراج المقاومة وإخراجها" من حواضنها، امتدادًا لنهج يستعديها في غزة، ويقاتلها في الضفة.
لم يكن الهدف إلقاء الكرة في ملعبَي حماس والجهاد ومن تحالف معهما من فصائل مقاومة، بل إلقاء قنبلة في حضنيهما، على أمل أن تصيبهما شظاياها بتمزقات قاتلة، لا شفاء منها.. وربما نذهب أبعد من ذلك، للقول، إن "مرسوم سلاح المخيمات"، إنما مثّل حلقة في مسلسل الجهود والضغوط التي يقودها توم بارّاك، لنزع سلاح حزب الله، وتجريده من آخر عناصر قوته واقتداره.
أما المرسوم الأخير، الانتخابات، فيستبطن الهدف ذاته: إحراج المقاومة وإخراجها من منظمة التحرير قبل أن تدخلها، بوصفها خطوة على طريق "نزع الشرعية" عنها، بالضد من مختلف النداءات والمطالبات التي انطلقت مع انطلاقة "طوفان الأقصى" والتي دعت إلى توفير "شبكة أمان" للمقاومة، من خلال إدماجها بمنظمة التحرير والذهاب إلى حكومة وفاق وطني، تنطق باسم الكل الفلسطيني وتمثله.
المرسومان يندرجان في سياقات "حرب التطويق" متعددة الأطراف والجبهات، التي تتعرض لها قوى المقاومة الفلسطينية، وتتجلى أكثر فصولها بشاعة في حرب السنتين في غزة، ومسلسل الاغتيالات، وعمليات الشيطنة، وتجفيف البيئات الشعبية والحزبية الحاضنة لها.
إنهما باختصار، فصل من فصول العدوان عليها، وليس فيهما ما يشفّ عن رغبة أو إرادة، بترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة جمع الصفوف ولملمتها، ظاهرهما لا يخفي باطنهما، لا رحمة تُرتجى منهما بل عذاب مقيم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 دقائق
- الجزيرة
فوج متطرفين كل 10 دقائق.. بن غفير يقود أكبر اقتحام للأقصى
اقتحم أكثر من 3 آلاف مستوطن متطرف باحات المسجد الأقصى، اليوم الأحد، فيما وصف بأكبر اقتحام عددي خلال يوم واحد للمسجد المبارك منذ احتلاله في ظل تصاعد غير مسبوق في انتهاكات المستوطنين بذكرى ما يسمى " خراب الهيكل" وإجراءات أمنية مشددة في القدس ومحيط الأقصى. وتقدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى أفواج المقتحمين، صباح اليوم الأحد، وسط حراسة أمنية مشددة من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ودعا لاحتلال قطاع غزة التي تشن إسرائيل حربا مدمرة ضده منذ 22 شهرا، كما شارك في الاقتحامات عضوا الكنيست (البرلمان) عن حزب الليكود عميت هليفي وشارين هاسكل، ووزير "تطوير النقب والجليل" يتسحاق فاسرلاوف. وأظهرت صور وصول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى حائط البراق غربي المسجد الأقصى. وقال إن "إسرائيل، ورغم انتقادات كارهيها حول العالم، ستقوّي سيطرتها وسيادتها على القدس وجبل الهيكل إلى الأبد". وأغلق باب المغاربة ، في الجدار الغربي من المسجد الأقصى، اليوم بعد اقتحام 3969 مستوطنا ومستوطنة، مقارنة بـ2958 اقتحموه في المناسبة ذاتها من العام الماضي، و2180 عام 2023 وفقا لإحصائيات دائرة الأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة، ويعد هذا الاقتحام هو الأكبر منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967. وسمحت شرطة الاحتلال بوجود 6 أفواج من المتطرفين داخل المسجد الأقصى دفعة واحدة، إذ أدخلت من باب المغاربة فوجا يضم عشرات المستوطنين كل 10 دقائق، ونُصبت لهؤلاء المظلات أمام باب المغاربة من الخارج لحمايتهم من أشعة الشمس خلال انتظارهم بالطوابير، ووفرت لهم الجماعات المتطرفة المواصلات المجانية ومرشدين رافقوهم خلال الاقتحام. طقوس غير مسبوقة ورصدت الكاميرات أداء ما يُعرف بـ"صلاة بركة الكهنة" من قِبل مجموعات من المستوطنين داخل الأقصى، في تجاوز واضح للمنطقة الشرقية التي كانت تقتصر عليها هذه الطقوس سابقا، حيث امتد أداؤها إلى مواقع عدة داخل باحات المسجد. و"صلاة بركة الكهنة" هي صلاة توراتية خاصة يقوم الحاخام خلالها بمرافقة تلاميذه ويرفعون فيها أيديهم ويبسطونها فوق رؤوسهم، مع تلاوة فقرات من "سِفر العدد" في التوراة. وشهدت الاقتحامات ارتفاعًا في أعداد المستوطنين الذين تنافسوا على رفع أصواتهم أثناء أداء الطقوس، في حين سُمعت أصوات صلواتهم خارج أسوار المسجد، تحت غطاء أمني مكثف. وفي الأثناء، واصلت قوات الاحتلال المتمركزة عند أبواب البلدة القديمة بالقدس عرقلة وصول الأهالي إلى داخل البلدة القديمة تزامنا مع اقتحامات المستوطنين للمسجد. ضوء أخضر من حكومة متطرفة واعتبر إمام وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري ما يجري في المسجد الأقصى من اقتحامات انتهاكا لحرمته ولحرية العبادة. وقال، في حديث مع الجزيرة، إن الاحتلال يحاول فرض وقائع جديدة بهدف السيطرة على الأقصى، ودعا الدول العربية للضغط على سلطات الاحتلال لوقف ممارساتها. من جانبها، قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الأحد، إن اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، جرى بضوء أخضر من حكومة متطرفة تسعى للسيطرة على المقدسات الإسلامية. وفي بيان لها، اعتبرت الوزارة اقتحام الأقصى "خطوة تضرب بعرض الحائط مشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة، وليس في فلسطين وحدها". وأكدت أن "المقدسات الإسلامية أصبحت عرضة لانتهاكات عصابات المستعمرين (المستوطنين الإسرائيليين) اليومية، الذين يعملون بغطاء حكومة يمينية، تسعى بشكل حثيث إلى السيطرة على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، من خلال خطة ممنهجة ومحددة بشكل واضح". واعتبرت ما يقوم به الاحتلال داخل المسجد الأقصى من خلال مسؤوليه السياسيين، انتهاكا لقدسيته ولملكية المسلمين الخالصة له، وهذا يقتضي العمل بشكل جاد على إيقافه، والحد منه بشكل كامل وبكل قوة. ودعت وزارة الأوقاف إلى توافد أبناء الشعب الفلسطيني على المسجد الأقصى وشد الرحال إليه، والمرابطة فيه بشكل دائم وفق برنامج محدد ودقيق. كما طالبت المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومتابعة الأماكن الدينية، "بالعمل على كف يد الاحتلال الذي أصبح يعبث بأرضنا ومقدساتنا دون رقيب، خاصة في ظل هذه الحكومة اليمينية العنصرية التي تعطي الضوء الأخضر لهذا المتطرف وأعوانه لاقتحام المسجد الأقصى". وفي بيان آخر، قالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الأحد، إن المستوطنين الإسرائيليين اقتحموا المسجد الأقصى 27 مرة خلال يوليو/تموز الماضي، فيما منع الجيش الإسرائيلي رفع الأذان في المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل 51 وقتا. إدانات وأدانت دول عربية وحركتا المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الأحد، اقتحام بن غفير، المسجد الأقصى برفقة مستوطنين وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية. واعتبرت الرئاسة الفلسطينية، في بيان الأحد، اقتحام المسجد الأقصى، واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة تصعيدا خطيرا "يعكس إرهابا منظما بحماية تل أبيب". بدورها، أعربت الخارجية السعودية في بيان عن "إدانة المملكة بأشد العبارات الممارسات الاستفزازية المتكررة من قِبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك". وقالت الوزارة إن الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية بحق المسجد الأقصى تقوّض فرص السلام وتؤجج الصراع في المنطقة. من جانبه، أدان بيان للخارجية الأردنية اقتحام بن غفير الجديد للمسجد، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مؤكدا أنه "لا سيادة لإسرائيل على المسجد الأقصى". وشددت على أن ذلك يمثل "انتهاكا صارخا للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، ومحاولة لتقسيمه زمانيا ومكانيا، وتدنيسا لحرمته"، محذرة من "عواقب استمرار هذه الانتهاكات المستفزة واللا شرعية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس". من جانبها، استنكرت حركة حماس في بيان لها الاقتحام، معتبرة أنه يأتي في ظل حرب التجويع الممنهجة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعمليات القتل والإرهاب في الضفة بيد جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وفقا للبيان. كما حمّلت حركة الجهاد الإسلامي"حكومة الاحتلال وشركاءها في الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الانتهاكات"، وأدانت الحركة وقوف الأمة العربية والإسلامية متفرجة على هذه الجرائم والمجازر التي تُرتكب بحق فلسطين وشعبها ومقدساتها دون أن تحرك أنظمتها وشعوبها ساكنا، وفقا للبيان.


الجزيرة
منذ 34 دقائق
- الجزيرة
أثينا توبّخ سفير إسرائيل: لا نقبل دروسا من قتلة المدنيين
وجّه هاريس دوكاس رئيس بلدية أثينا، اليوم الأحد، انتقادات لاذعة إلى نوعام كاتس السفير الإسرائيلي في اليونان بعد اتهامه السلطات المحلية بالتقاعس عن إزالة رسوم غرافيتي قال إنها "معادية للسامية" وتسيء لمشاعر السياح الإسرائيليين. وكتب دوكاس، في منشور على منصة إكس ، أن سلطات المدينة "ترفض العنف والتمييز بجميع أشكالهما" مضيفًا "لا نقبل دروسًا في الديمقراطية من أولئك الذين يقتلون مدنيين" في إشارة إلى حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ ما يقرب من عامين. وجاء رده بعد تصريحات نقلتها صحيفة "كاثيميريني" المحلية عن السفير الإسرائيلي، قال فيها إن بلدية أثينا "لا تبذل جهدًا كافيًا لحماية المدينة من مجموعات منظّمة تكتب شعارات معادية للسامية" مضيفًا أن "إهمال تنظيف الشوارع يزعج السياح الإسرائيليين". لكن رئيس البلدية اعتبر أن "المثير للسخط أن يركز السفير على كتابات على الجدران، أُزيل معظمها أصلًا، في وقت تُرتكب إبادة غير مسبوقة ضد الفلسطينيين في غزة". وشهدت العاصمة اليونانية مظاهرات مستمرة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، نظّمها ناشطون ويساريون للتنديد بالقصف والعدوان العسكري الإسرائيلي على غزة، كما اندلعت احتجاجات في بعض الجزر اليونانية اعتراضًا على وصول سفن سياحية تقل إسرائيليين. وأشار دوكاس إلى أن عدد الإسرائيليين الحاصلين على "التأشيرة الذهبية" للاستثمار في اليونان ارتفع بأكثر من 90% خلال العام الماضي، في ظل تزايد أعداد السياح القادمين من إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة. وتجد الحكومة اليونانية نفسها في موقف حرج بين علاقاتها التاريخية مع الدول العربية وشراكتها المتنامية مع إسرائيل بمجالات الدفاع والطاقة، في وقت أعلنت فيه نحو 15 دولة غربية نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خبير إسرائيلي: قد نواجه عزلة دولية بعد تسونامي الاعترافات بفلسطين
حذر الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، الدكتور ميخائيل ميلشتاين، من أن إسرائيل تقف على أعتاب " تسونامي" سياسي دولي غير مسبوق قد يبلغ ذروته الشهر المقبل، بسبب استمرار إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة بدون رسم إستراتيجية واضحة تجاه القضية الفلسطينية. وقال ميلشتاين في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت إن "الموجة القادمة، والأشد قوة على الإطلاق من الهجوم الدولي على إسرائيل، متوقعة في سبتمبر/أيلول القادم عند انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة في نيويورك، وقد تقود إلى عزلة خانقة وإجراءات عقابية تمس جميع الإسرائيليين". من "رشح ماء" إلى فيضان وفيما أكد أن هذا التهديد "ليس مفاجئا" بل تم التحذير منه مرارا في الأشهر الأخيرة، لكنه قوبل بتجاهل رسمي، فقد أشار ميلشتاين إلى أن المؤشرات على هذا التصعيد بدأت قبل أشهر حين أعلنت فرنسا والسعودية عن مبادرة للحصول على اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية خلال انعقاد الجمعية العامة. وقال إن هذه التحذيرات قوبلت بتفسيرات تقلل من أهميتها، مثل أن الخطوة تعكس ضائقة سياسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، أو أنها لن تحمل أثرا عمليا، أو أن الدعم الأميركي المطلق سيظل يحمي إسرائيل. وأضاف "ما كان يُنظر إليه كرشح ماء غير مضر، تحول الأسبوع الماضي إلى فيضان، مع إعلان بريطانيا وكندا عزمهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر/أيلول، وصدور إشارات مشابهة من دول أخرى بينها ألمانيا، وقرار هولندا منع دخول الوزيرين بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير إلى أراضيها". وأردف أن أوروبا بدأت تبعث برسائل حول احتمال تقليص التعاون مع إسرائيل في مجالات التجارة والعلوم، مما يعد مؤشرا خطيرا على تدهور العلاقات. رد متغطرس وينتقد ميلشتاين طريقة تعامل الحكومة مع هذه التطورات، معتبرا أن الرد الإسرائيلي "يعكس سوء فهم عميقا لطبيعة التحدي، وفي أحيان كثيرة عجزا حقيقيا". ولفت إلى أن كثيرين في إسرائيل يفسرون الأزمة على أنها مجرد مشكلة في " الهاسبرا" (الدعاية أو الإعلام الخارجي)، أو في فشل الدبلوماسية العامة، خاصة حول الأزمة الإنسانية في غزة. بل إنه يرى أن آخرين في القيادة السياسية يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، مثل اتهام الدول الغربية بتعزيز حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحميل هذه الدول المسؤولية عما أسماه تشدد حماس في مواقفها في المفاوضات حول الصفقة، بل وحتى الاستهزاء بالدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ودعوتها إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضيها. كما يسخر الضابط السابق من ردة فعل وزير الأمن الداخلي بن غفير الذي زعم عودة ألمانيا إلى دعم النازية. لكن ميلشتاين يحذر من أن هذا الرهان محفوف بالمخاطر، إذ تتزايد الانتقادات لإسرائيل حتى داخل الحزب الجمهوري الأميركي، كما أن حلفاءها العرب قد يضغطون على الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير موقفه من الحرب. تحذير من العزلة ويعتبر الضابط السابق أن استمرار غياب إستراتيجية سياسية تجاه الفلسطينيين يدفع إسرائيل نحو عزلة متزايدة ويضر بمكانتها وصورتها الدولية، فضلا عن الأضرار التي سببتها حرب الاستنزاف في غزة من خسائر بشرية وانقسام داخلي وابتعاد عن هدف تحرير الأسرى. كما يحذر من أن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في العالم باتت مقلقة، إذ لم تعد "مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول" تُعتبر مبررا لكل خطواتها، بل بدأ يُنظر إليها كدولة "متهورة" تعتمد على ركيزتين، الأولى، استخدام القوة في كل ساحة وفي أي ظرف من دون إطار إستراتيجي أو عمل سياسي مواز، والثانية، رؤية أيديولوجية متأججة تسعى إلى تغيير جذري للواقع. ويختم ميلشتاين بدعوة عاجلة إلى "يقظة حكومية" قبل أن تجد إسرائيل نفسها في وضع دول مثل روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين أو صربيا في عهد الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش أو جنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري. وأكد أن "الموجة القادمة، والأشد قوة من التسونامي السياسي، ستتمثل في اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية، والأخطر هو اتساع الحديث عن فرض عقوبات غير مسبوقة سياسية واقتصادية وأمنية على إسرائيل، ما سيؤثر بشكل دراماتيكي على حياة جميع الإسرائيليين". ويؤكد على أن هذا التهديد "نابع في معظمه من السياسة الحالية تجاه القضية الفلسطينية، وأن تجاهله قد يقود إلى هاوية سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة".