
هل يهزم المال إرادة الدولة في تنظيم انتخابات نزيهة؟
نشر في
1 أغسطس 2025 الساعة 22 و 29 دقيقة
فأي انتخابات هذه؟ وأي ديمقراطية ننشدها إذا كان ثمن النجاح الانتخابي يحدد خارج صناديق الاقتراع؟
عبد الإله حمدوشي
إذا كانت الدولة قد أعلنت إرادتها الواضحة في تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، فهل تكفي الإرادة السياسية وحدها إذا كان المال الفاسد قد سبق الجميع إلى صناديق الاقتراع ونسج شباكه في كواليس الإدارة وبين بعض محترفي السمسرة السياسية؟ وهل يمكن للدولة، بكل أدواتها الدستورية والتنظيمية، أن تقاوم لوبيات المال والابتزاز الانتخابي، إذا كانت بعض مفاصل العملية الانتخابية قد تحولت إلى بورصة سوداء للغنائم والمناصب؟
هذه الأسئلة لم تعد افتراضية ولا تنظيرية، بعدما فرضتها، من حيث لم يتوقع أحد، اعترافات رشيد الفايق، النائب البرلماني السابق عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي فضح من داخل زنزانته حجم التلوث الذي أصاب العملية الانتخابية التي جرت في الثامن من شتنبر 2021، حين كشف عن شبكة ابتزاز انتخابي تدار من وراء الستار، وبمباركة 'وجوه نافذة' طلبت منه 8 ملايين درهم مقابل تسهيل طريقه وآخرين إلى البرلمان.
فأي انتخابات هذه؟ وأي ديمقراطية ننشدها إذا كان ثمن النجاح الانتخابي يحدد خارج صناديق الاقتراع؟
اليوم، نحن على بعد أشهر من استحقاق تشريعي جديد، وبتوجيه ملكي صريح من أعلى سلطة في البلاد، دعا فيه الملك محمد السادس، من خلال خطاب عيد العرش، إلى الإعداد الجيد لهذا الموعد، وتوفير شروط نزاهته وشفافيته في إطار مقاربة تشاركية.
لكن ماذا تفعل الإرادة الملكية إذا كان الواقع الانتخابي تديره كائنات رمادية تجيد التموقع في مناطق الظل، لتعيد تشكيل الخريطة السياسية باستعمال المال بدل عرض البرامج الانتخابية؟
إن ما كشفه الفايق عينة بسيطة من مرض بنيوي ينهش جسد ديمقراطيتنا الفتية، التي لا تزال تطبخ داخل مطابخ السياسة كما يطبخ الطاجين المغربي على نار هادئة، لكن بمكونات غير شفافة.
لذلك، فمن العبث اليوم الحديث عن تعزيز المشاركة والثقة في العملية الانتخابية، بينما لا يزال البعض يصر على وضع المواطن أمام مشهد عبثي يقول له صراحة إن 'صوتك بلا قيمة'، وإن 'القوانين الانتخابية ستمنح المرشح الذي تدعمه وخصمه نفس المقعد، حتى ولو حصد الأول آلاف الأصوات والثاني عشرها'.
فالمعادلة التي صيغت خلال آخر انتخابات، لحساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين وإلغاء العتبة، كانت نتيجتها كارثية. إذ يكفي أن تحصي عدد المنتخبين المتابعين أو المعتقلين على ذمة تهم فساد خلال هذه الولاية، لتتكشف أمامك حقيقة المصيبة التي نزلت على رأس المؤسسات التمثيلية بهذا البلد.
لكن، ما الذي نحتاجه اليوم؟ هل نحتاج إلى تكرار سيناريو سنة 2021، الذي تم من خلاله تجاوز مخرجات المجلسين الوزاري والحكومي، وتمرير تعديلات في البرلمان بعيدة كل البعد عن روح التوافق السياسي التاريخي، الذي طبع عملية تعديل القوانين الانتخابية منذ فجر الاستقلال؟ أكيد لا.
صحيح أن المال السياسي يشكل تحديا حقيقيا، لكنه لا يملك أن يهزم الإرادة إذا توفرت على المستويين: السياسي والمؤسساتي. فالمعركة ليست خاسرة سلفا، وأول محارب في مواجهة نفوذ المال هو شفافية القوانين ودستوريتها وصرامة المراقبة ونزاهة المراقب، بدءا من ضبط مصادر التمويل الحزبي ومرورا بمحاكمة كل متورط في الفساد الانتخابي دون استثناء.
لذلك، فإن أي تعديل للقوانين الانتخابية اليوم، يجب أن يشكل فرصة لتصحيح المسار وصناعة توافق على ممارسة ديمقراطية شفافة ونزيهة، من أجل رد الاعتبار للسياسة كآلية للتغيير والتداول الحقيقي على السلطة، وإلا فإننا سنبقى نجري انتخابات، لكننا سنفقد بالتدريج معنى أن نكون ديمقراطيين ومعنى أن رابع ثابت اخترناه لأمتنا خلال آخر مراجعة دستورية، كان اختيارا ديمقراطيا…

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ 4 ساعات
- كش 24
عاجل.. 10000 درهم تطيح بقائد ومقدم في قبضة أمن مراكش
في إطار متابعتها لقضية توقيف عون سلطة متلبسا بتلقي رشوة، علمت "كشـ24" من مصدر مطلع ان رجل سلطة هو الآخر متورط بدوره في القضية ذاتها، حيث تمكنت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، ليلة الإثنين 04 غشت الجاري، من توقيف قائد إلى جانب عون سلطة بالملحقة الإدارية الإنارة التابعة للمنطقة الحضرية المنارة، وذلك بعد ضبطهما متلبسين بتلقي رشوة مالية قدرها 10000 درهم. ووفق المعطيات التي توصلت بها الجريدة، فقد جاء توقيف المعنيين بالامر عقب شكاية تقدم بها صاحب مقهى يقع في النفوذ الترابي للملحقة المذكورة، كشف فيها أن المعنيين بالأمر طالباه بمبلغ مالي مقابل تسوية ملف إداري حول وضعية المقهى. واستنادا للمعطيات ذاتها، قام صاحب المقهى على إثر ذلك بربط الاتصال بالرقم الأخضر الخاص بالتبليغ عن الرشوة، ليتم التنسيق على الفور مع النيابة العامة المختصة التي أعطت تعليماتها للفرقة الأمنية المختصة من أجل نصب كمين محكم للمعنيين بالأمر. وقد تم توثيق الأرقام التسلسلية للمبلغ المالي الذي طلبه المعنيين والمقدر في 10 آلاف درهم، قبل أن يتم توقيفهما في حالة تلبس أثناء تسلمهما الرشوة داخل مقهى بالمنطقة، ليتم اقتيادهما إلى مقر الشرطة لتعميق البحث تحت إشراف النيابة العامة.


كش 24
منذ 4 ساعات
- كش 24
رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب يمثل أمام غرفة غسل الأموال
قررت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بفاس، إحالة ملف رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب، جواد الدواحي، عن حزب الأحرار، على غرفة غسل الأموال بالمحكمة الابتدائية. وشمل القرار ثمانية متهمين آخرين يتابعون أمام قسم جرائم المال في ملف يتعلق باختلالات تدبير المجلس. وكانت الفرقة الجهوية للدرك الملكي قد باشرت تحقيقات في شأن هذه الملفات ذات الصلة بشبهات تبديد واختلاس أموال عمومية. وشملت التحقيقات عددا من المقاولين، والموظفين والمنتخبين. وقامت عناصر الدرك بزيارات ميدانية إلى مقر المجلس للإطلاع على الوثائق والمستندات ذات الصلة بالملفات المثارة. وقرر قاضي التحقيق في وقت سابق متابعة متابعة الدواحي في حالة سراح بكفالة مالية قدرها 15 ألف درهم.


زنقة 20
منذ 10 ساعات
- زنقة 20
بلدية القنيطرة تخصص 480 مليون لدعم مهرجان فني
زنقة 20 | متابعة في خطوة أثارت نقاشاً واسعاً، قرر مجلس بلدية القنيطرة تخصيص دعم مالي كبير يبلغ 4.8 مليون درهم لجمعية محلية لتنظيم مهرجان ثقافي وترفيهي. يأتي هذا القرار في وقت تعاني فيه المدينة من نقص واضح في أبسط البنيات التحتية والخدمات الأساسية، ما دفع فعاليات المجتمع المدني إلى المطالبة بإيضاحات حول طبيعة هذا الدعم وكيفية صرفه. وعبر عدد من نشطاء المجتمع المدني عن استغرابهم من ضخامة المبلغ الممنوح لجمعية واحدة، خاصة في ظل وجود جمعيات أخرى تعمل بشكل يومي في ميادين اجتماعية مهمة ولم تحظَ بمنح مماثلة.