
بين حسابات الأرض والهيبة.. اليمن ساحة اختبار استراتيجية
التقييمات العسكرية الأميركية التي نشرتها شبكة "سي إن إن" مؤخراً كانت صريحة: الضربات الجوية المكثفة ضد الحوثيين ، وعلى الرغم من تصاعدها وسقوط قيادات بارزة خلالها، لم تنجح في وقف التهديد الحوثي المستمر للملاحة الدولية. بل إن الجماعة لا تزال قادرة على استهداف السفن الأميركية بشكل دوري، وتستمر في إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
هذه المعطيات دفعت الإدارة الأميركية لطرح خيارات أوسع على الطاولة، من بينها وفق ما نقلته الشبكة احتمال تنفيذ هجوم بري على معاقل الحوثيين في شمال وغرب اليمن، بدعم لوجستي وعسكري أميركي.
أميركا تسعى لاستعادة دورها العالمي
لفهم هذا التحول ، يقدم الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية، عبد الملك اليوسفي، تحليلاً عميقاً للدوافع الأميركية. خلال حديثه الى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، حيث أكد اليوسفي أن الخطاب السياسي والعسكري لإدارة ترامب، خلال تعليقات ترامب الأخيرة، يشير إلى ما أسماه "معركة استعادة الهيبة".
وقال اليوسفي:"منذ 15 مارس، مع انخراط الولايات المتحدة في العمليات ضد الحوثيين، كانت كل التعبيرات السياسية والعسكرية تشير إلى رغبة أمريكية في استعادة الهيبة. تصريحات ترامب ومستشاريه كانت واضحة بأن إدارة بايدن كانت 'كثيرة للشفقة'، ولذلك فإن أميركا اليوم تريد أن تعود كقائد وشرطي للعالم."
لكن استعادة الهيبة وحدها لا تكفي، بحسب اليوسفي، الذي يشير إلى أن الضربات الجوية – رغم نجاحها التكتيكي – لم تحقق اختراقاً استراتيجياً، قائلاً: "يجب أن نكون واضحين: الضربات فشلت في وقف هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية".
هل يعني ذلك أن الخيار البري بات مرجحاً؟ يجيب اليوسفي ، قائلاً إن السيناريوهات ما زالت مفتوحة، لكن العملية البرية تحتاج إلى "نضج سياسي واستخباراتي لم يتحقق بعد".
وتابع: "الدخول في معركة برية يتطلب تفاهمات مع دول يمنية وإقليمية، وتقديم تنازلات وضمانات أميركية. العملية البرية ليست فقط معركة عسكرية، بل معركة كسر العظم وشراكة سياسية على الأرض".
ويضيف أن الدولة اليمنية تمتلك من القدرات البشرية والعسكرية والحاضنة الشعبية ما يكفي لتنفيذ مثل هذه العملية، بشرط وجود توافق استراتيجي واضح بين واشنطن والقوى اليمنية والإقليمية.
لكن اليوسفي لم يغفل عن الإشارات الأميركية الواضحة التي قد تمهد لمثل هذا الخيار. فقد أشار إلى نشر الولايات المتحدة لطائرات B-2 سبيريت في جزيرة دييغو غارسيا، وهي طائرات استراتيجية لا تملك واشنطن سوى 21 منها، وقد أُرسل منها 6 إلى المنطقة أي نحو ثلث قوتها من هذا الطراز.
وأوضح: "هذه التحركات ليست روتينية... بل مؤشرات على أن أمريكا تفتح كل الخيارات، وأن السيناريو العسكري الأوسع – بما فيه البري – لم يعد مستبعداً".
الحديث عن عملية برية أميركية يتقاطع بشكل مباشر مع شخصية دونالد ترامب نفسه. فرئيس يظهر تعبيرات مثل "سحق الحوثي" و"القضاء عليه"، هو رئيس لا يتردد في اتخاذ قرارات حاسمة ومثيرة للجدل.
لكن يبقى السؤال: هل ترامب مستعد فعلاً للذهاب إلى مغامرة عسكرية واسعة في اليمن، في ظل تعقيدات المشهد الداخلي الأميركي، واقتراب الانتخابات الرئاسية؟
تشير المعطيات إلى أن الخيار البري لا يزال مطروحاً لكنه غير ناضج بعد، كما قال عبد الملك اليوسفي. فالدوافع السياسية موجودة، والرغبة الأميركية في "استعادة الهيبة" تتزايد، والقدرات العسكرية الأميركية تؤكد استعداداً متقدماً، لكن الحسابات الإقليمية المعقدة، والحاجة لتفاهمات واسعة، لا تزال تعيق اتخاذ قرار من هذا النوع.
وبينما تبقى "الحرب الكبرى" مؤجلة، فإن الأشهر القادمة قد تحمل مفاجآت، خصوصاً إذا ما تزايدت التهديدات الحوثية، وازدادت الضغوط على المرشحين الرئاسيين الأميركيين لإثبات الحزم والقوة في السياسة الخارجية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ 26 دقائق
- سكاي نيوز عربية
الرئاسة السورية تنشر تفاصيل لقاء الشرع والمبعوث الأميركي
وقال بيان الرئاسة إن الشرع ومعه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، التقيا باراك "في إطار جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة". وركز اللقاء على "بحث عدد من الملفات الحيوية، كان أبرزها متابعة تنفيذ رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا". وأكد الشرع أن العقوبات لا تزال تشكل عبئا كبيرا على الشعب السوري، وتعيق جهود التعافي الاقتصادي. وأشار مبعوث واشنطن إلى أن بلاده بدأت بالفعل إجراءات تخفيف العقوبات، تنفيذا لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وأن "العملية مستمرة حتى الوصول إلى الرفع الكامل والشامل لها". كما ناقش الطرفان، وفقا للبيان، سبل دعم الاستثمار الأجنبي في سوريا، لا سيما في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، وأبدى الجانب السوري استعداده لتقديم التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين، والمساهمة في جهود إعادة الإعمار، مع ضمان بيئة مستقرة وآمنة. وشدد الشرع على "رفض أي محاولات لتقسيم البلاد"، مؤكدا تمسك الحكومة بوحدة وسيادة الأراضي السورية، كما تم التأكيد على "أهمية تطبيق اتفاق فصل القوات لعام 1974 بين سوريا و إسرائيل لضمان الاستقرار في الجنوب السوري". وتطرق الجانبان إلى ملف الأسلحة الكيميائية، حيث "اتفقا على ضرورة التخلص الكامل منها بالتعاون مع المجتمع الدولي، ووفقا للاتفاقات الدولية ذات الصلة". كذلك ناقش اللقاء "سبل التعاون الأمني المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة". وأكدا على ضرورة "تطبيق اتفاق شامل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يضمن عودة سيادة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، مع بحث آليات دمج هذه القوات ضمن مؤسسات الدولة، بما يسهم في وحدة القرار والسيادة الوطنية".


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
نجاح «اتفاق المعادن النادرة» بين أميركا وأوكرانيا يحتاج لاستثمارات طائلة
في الوقت الذي دخلت فيه «صفقة المعادن النادرة» بين الولايات المتحدة وأوكرانيا مرحلة التنفيذ، أول من أمس (الجمعة)، ستبدأ المرحلة الثانية والأكثر صعوبة وتحدياً، وهي حشد الأموال اللازمة لإنجاحها. وصرحت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية، يوليا سفيريدينكو، لصحيفة «التايمز»، في أول مقابلة لها منذ توقيع الاتفاقية مع وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت في واشنطن في 30 أبريل: «لن تُصبح هذه الاتفاقية عملية إلا عندما تُقدّم الولايات المتحدة المساهمة الأولى». وأضافت: «نحتاج إلى استثمار يراوح بين 5 مليارات و10 مليارات دولار، حيث إن تنفيذ مشاريع المواد الخام الأساسية يستغرق وقتاً طويلاً ويكلّف مبالغ طائلة، وتتطلب المشاريع الجديدة منا إجراء مسح جيولوجي، ودراسة جدوى أولية، ودراسات أخرى كثيرة». ومن المعتقد أن أوكرانيا تمتلك احتياطيات معدنية هائلة، تشمل 19 مليون طن من الغرافيت وثلث الليثيوم في أوروبا، وكلاهما يُستخدم في البطاريات، بالإضافة إلى رواسب كبيرة من المعادن الأرضية النادرة، المستخدمة في إنتاج الإلكترونيات والتي تدخل في (كل شيء) من هواتف «آي فون» إلى الطائرات المقاتلة. ويُعدّ صندوق الاستثمار الأميركي الأوكراني لإعادة إعمار أوكرانيا، الذي توسّع نطاقه في نهاية المطاف من مجرد الوصول إلى المعادن إلى اتفاقية لتقاسم الأرباح، من مجموعة أوسع من الموارد الطبيعية، بما في ذلك الغاز والنفط، وهو ما يُعتبر نوعاً جديداً من الشراكة بين الدول. وترى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيه نموذجاً للتحالفات المستقبلية، حيث يُحقق فوائد ملموسة بدلاً من الدعم الذي كانت الولايات المتحدة تُقدّمه بسخاء لتطوير الديمقراطيات. لكن نجاح الصفقة في أوكرانيا يعتمد على ثلاثة عوامل، فبالإضافة إلى الحاجة إلى استثمار مُسبق من رأسمال أميركي، لا يمكن للصندوق أن يعمل إلا إذا استقرت الأوضاع الأمنية في أوكرانيا وخمدت جذوة الحرب مع روسيا، ولا يمكن أن يحقق هذا المشروع أرباحاً إلا إذا كانت الشركات واثقة بأن منشآتها وموظفيها لن يكونوا عُرضة لخطر الصواريخ الروسية. وتقول سفيريدينكو عن موسكو: «إنهم يواصلون مهاجمة شبكات الطاقة، ويواصلون مهاجمة منشآت التصنيع، كل منشأة إنتاج بحاجة إلى الحماية، ولهذا السبب مازلنا نبحث عن دفاعات مضادة للصواريخ». وعندما طرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأول مرة فكرة منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى معادن أوكرانيا كجزء من «خطته للنصر»، كان يتوقع الحصول على ضمانات أمنية ملموسة من واشنطن. لكن رفض ترامب تقديمها. وبدلاً من ذلك يسمح الاتفاق للولايات المتحدة بتقديم مساعدة عسكرية كمساهمة في الصندوق، ما يسمح لها باسترداد كلفة دعمها من الأرباح المستقبلية، أما إذا كانت ستفعل ذلك بالفعل فسيكون من مسؤولية البيت الأبيض. ومع ذلك يرى فريق التفاوض الأوكراني الذي يضم نائبي وزيرة الاقتصاد، أوليكسي سوبوليف، وتاراس كاتشكا، أن الاتفاق يُعدّ انتصاراً بالنظر إلى الشروط التي عُرضت عليهم لأول مرة في فبراير في مؤتمر ميونيخ للأمن. وطالب هذا الاقتراح أوكرانيا بمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى مواردها بشكل دائم، كسداد لتقدير مبالغ قدمتها أميركا لدعم أوكرانيا عسكرياً. وستسيطر الولايات المتحدة على الصندوق، وستُنقل أرباحه إلى خارج أوكرانيا. وقال الفريق إن «سر نجاحهم يكمن في الحفاظ على هدوئهم وتماسكهم والتركيز على الجوانب العملية بدلاً من السياسة». وقال كاتشكا، مُشبّهاً المفاوضات بأفلام «المافيا»: «كان العرض الأول مبنياً على الأفكار التي طرحها الرئيس ترامب، وقلنا حسناً، لكن لا يُمكن خلط قانون الدولة مع القانون الخاص. وبدأنا بطرح الأسئلة، وتبرير كل هذه الأمور، وأعتقد أننا تلقينا ردوداً منطقية بالفعل». ومع ذلك كانت هناك أوقات كاد فيها الاتفاق يُفشل، فبعد ثلاثة أسابيع من الاقتراح الأميركي الأول كانت سفيريدينكو في المكتب البيضاوي عندما انتهى اجتماع كارثي بين ترامب ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، وزيلينسكي، حيث طلب زيلينسكي مغادرة واشنطن مبكراً من دون توقيع الاتفاق. لكن بينما عانى زيلينسكي في التعامل مع أساليب فانس وترامب، استخدمت سفيريدينكو ونوابها سحرهم وطلاقة لغتهم الإنجليزية في اجتماعاتهم مع نظرائهم الأميركيين. واضطروا إلى الاعتماد بشدة على مهاراتهم الدبلوماسية عندما كشفت تسريبات عن مسودات للاتفاقية، وأشار كلا الجانبين بأصابع الاتهام إلى الآخر. وقال كاتشكا: «تخيلوا شعوري وأنا أشرب 12 زجاجة (ريد بول). أردنا أن تكون علاقتنا مع الجانب الأميركي قائمة على الاحترام، وأن نبني الثقة المتبادلة. وعندما يفشي أحد الطرفين اتفاقاً يُفترض أن يكون سرياً، فهذا بالطبع لا يُجدي نفعاً». وأضاف كاتشكا: «كان هناك ضغط هائل من ترامب لإبرام الاتفاق بسرعة، وبالطبع رأينا جميع منشورات الرئيس ترامب على موقع (تروث سوشيال)، ولكن إذا ابتعدنا عن العواطف فهذا يُشير فقط إلى اهتمام قوي بإبرام هذا الاتفاق الآن»، ولكن بعد شهرين من العمل تم التوصل للاتفاق في النهاية. وقال كاتشكا: «أردنا أن نُظهر للولايات المتحدة أن هذا الاتفاق مختلف تماماً عما يجري من تواصل أميركي مع الروس». عن «التايمز» اللندنية . أوكرانيا تمتلك احتياطيات معدنية هائلة، تشمل 19 مليون طن من (الغرافيت وثلث الليثيوم) في أوروبا.


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
إدارة ترامب تعلق 100 وظيفة في مجلس الأمن القومي
ووفق الشبكة الأمريكية، فقد أُرسلت رسالة إلكترونية من رئيس موظفي مجلس الأمن القومي، برايان ماكورماك، تُبلغ فيها الموظفين الذين سيتم فصلهم بأن لديهم 30 دقيقة لإخلاء مكاتبهم. وإذا لم يكونوا متواجدين في مقار عملهم، كما ورد في البريد الإلكتروني، يمكنهم إرسال عنوان بريد إلكتروني وترتيب موعد لاستلام أغراضهم وتسليم أجهزتهم لاحقاً. وجاء في الرسالة: «ستعودون إلى وكالتكم الأساسية»، مما يشير إلى أن معظم المتأثرين كانوا مكلفين من قِبل مجلس الأمن القومي من إدارات ووكالات أخرى. مع تزامن ذلك مع نهاية يوم الجمعة قبل عطلة نهاية أسبوع طويلة، وصفه المسؤول بأنه غير مهني ومتهور للغاية، على ما نقلت «سي.ان.ان». وشملت قائمة الموقوفين عن العمل مسؤولين محترفين، بالإضافة إلى موظفين سياسيين تم تعيينهم خلال إدارة ترامب. وأفادت مصادر، بأن مكتب شؤون الموظفين الرئاسيين أعاد في الأسابيع الأخيرة استجواب الموظفين بالتزامن مع إعادة هيكلة المكتب. وقال أحد المصادر: إن أحد الأسئلة المطروحة كان حول رأي المسؤولين في الحجم المناسب لمجلس الأمن القومي. ويضم مجلس الأمن القومي خبراء في السياسة الخارجية من مختلف أنحاء الحكومة الأميركية، وعادةً ما يكون هيئة أساسية لتنسيق أجندة الرئيس في السياسة الخارجية. وتمنع هذه الإجراءات، التي دخلت حيز التنفيذ على الفور، الصحفيين المعتمدين من دخول معظم مقرات وزارة الدفاع في أرلينجتون بولاية فرجينيا، ما لم يكن لديهم موافقة رسمية ومرافق. وقال هيجسيث في مذكرة: «بينما تظل الوزارة ملتزمة بالشفافية، فإنها ملزمة بنفس القدر بحماية المعلومات المخابراتية السرية والمعلومات الحساسة، والتي قد يؤدي الكشف عنها غير المصرح به إلى تعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر»، مشيراً إلى أن حماية المعلومات المخابراتية الوطنية السرية وأمن العمليات أمر لا غنى عنه بالنسبة للوزارة. «يقال إن القرار يستند إلى مخاوف بشأن أمن العمليات.. ولكن كان بوسع السلك الصحفي في البنتاغون الوصول إلى الأماكن غير المؤمنة وغير السرية هناك على مدى عقود، في عهد إدارات جمهورية وديمقراطية، وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، دون أي قلق بشأن أمن العمليات من قيادة وزارة الدفاع».