
ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة
تسابق إسرائيل الزمن للسيطرة على موقع "سبسطية" الأثري، أحد أبرز المعالم التاريخية في الضفة الغربية المحتلة، عبر مشروع استيطاني لإنشاء حديقة تحمل اسم "السامرة"، في خطوة يرى الفلسطينيون أنها تهدف إلى "ضم الموقع وتهويده".
وأكد مسؤولان فلسطينيان، أن السلطات الإسرائيلية بدأت فعليا بتنفيذ مخطط استيطاني لضم وتهويد موقع "سبسطية" الأثري شمالي الضفة الغربية.
يأتي ذلك بعد نحو أكثر من أسبوع من اقتحام وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية عيديت سيلمان، إلى جانب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو ورئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي داغان، يوم 12 مايو/أيار الجاري الموقع الأثري، وإعلانهم إطلاق "عملية إنشاء متنزه السامرة".
وتعود جذور الموقع الأثري، بحسب وزارة السياحة الفلسطينية، إلى العصر البرونزي (حوالي 3200 قبل الميلاد)، ويضم آثارا تعود للحضارات الكنعانية والرومانية والبيزنطية والفينيقية والإسلامية.
ورصد مراسل الأناضول وجود فرق إسرائيلية في الموقع الأثري تعمل بحماية مشددة من الجيش الإسرائيلي ، في حين أكد مسؤول فلسطيني بدء أعمال حفريات وتنقيب في المكان.
هذا المشروع الاستيطاني يستهدف، وفق تصريح لرئيس بلدية سبسطية محمد عازم عام 2023، نحو ألف دونم، أي ما يقارب 80% من مساحة الموقع. وأشار في حديث آنذاك إلى أن إنشاء الحديقة سيتضمن إجراء "حفريات ونبش قبور وشق طرق وإقامة شبكات كهرباء، وإحاطة الموقع بأسلاك شائكة وإقامة بوابة ونقطة أمنية إسرائيلية".
تقع بلدة سبسطية على الطريق الرئيسي بين مدينتي نابلس وجنين فوق هضبة وسط سلسلة جبلية، حيث تبلغ مساحتها نحو 4777 دونما، وفق معلومات رسمية نقلها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" في دليل "بلدة سبسطية" الذي أصدره عام 2014.
وبحسب الدليل، فإن السلطات الإسرائيلية سبق أن صادرت 8 دونمات من البلدة لصالح بناء مستوطنة "شافي شمرون"، في حين شهدت المستوطنة توسعا خلال السنوات اللاحقة.
تطور خطير
وصف رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، في حديثه للأناضول، ما يحدث في الموقع الأثري بأنه "تطور خطير وعدوان"، مشيرا إلى أن "السلطات الإسرائيلية باشرت فعليا أعمالا تهويدية تحت غطاء مشروع ما يسمى بحديقة السامرة، التي تقع على أرض في قلب الموقع الأثري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأمام رفض فلسطيني واسع".
وأكد عازم أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنظيف الموقع من الأعشاب تمهيدا لأعمال "تنقيب وحفريات"، لافتا إلى أن " إسرائيل تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها وسيطرتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني".
وأشار عازم إلى أن الشعب الفلسطيني حافظ على مر العصور على هذا الموقع، الذي يعد من أهم المواقع التاريخية بالضفة الغربية، والذي يضم مواقع تاريخية عديدة، أهمها المقبرة الرومانية وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب.
وأكد رئيس البلدية أن إسرائيل تعتزم "سرقة أهم موقع تراثي" يزوره فلسطينيون وسياح أجانب، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب أيضا في فقدان عشرات الفلسطينيين مصدر رزقهم الذي يعتمد على السياحة في سبسطية.
ووفق موقع "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإن بلدة سبسطية تعد بمثابة "متحف أثري"، إذ إن أكثر ما يميزها وجود "سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات".
ويسكن في البلدة الواقعة شمالي مدينة نابلس نحو 3500 فلسطيني، من بينهم عائلة واحدة مسيحية، وفقا لإحصاءات رسمية.
وحسب مؤرخين، فإن بلدة سبسطية خضعت لحكم الآشوريين، ثم الفرس، فالرومانيين، حيث حكمها الملك هيرودس عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي"، أي "المبجلة"، وتعود غالبية المباني الأثرية الحالية إلى عهده.
وفي العهد البيزنطي، أصبحت سبسطية مركزا دينيا لوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام)، ويعتقد أن جسد النبي يحيى عليه السلام، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، في حين دفن رأسه في العاصمة السورية دمشق.
ضم بحجة التطوير
بدوره، قال مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس إن "ما يحدث في سبسطية هو انعكاس لعدة قرارات اتخذها الاحتلال، وهناك تسارع في تلك الإجراءات للسيطرة على المواقع الأثرية الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو".
وأضاف فارس، أن "الحكومة الإسرائيلية خصصت عام 2023 مبلغا بقيمة 29 مليون شيكل إسرائيلي (نحو 8 ملايين دولار) لتطوير الموقع الأثري سبسطية عنوةً، وفي حقيقة الأمر هو ليس تطويرا، بل هو ضم وتهويد".
وذكر أن هذا القرار يشمل فصل الموقع الأثري في منطقة "ج" عن البلدة للاستيلاء على 1300 متر مربع لإقامة ثكنة عسكرية، بما يؤدي إلى تغيير الطابع التاريخي للموقع، مشيرا إلى أن "إسرائيل بهذا القرار تحوّل المنطقة من موقع أثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية".
ووفق دليل بلدة "سبسطية"، فإن 2702 دونم من أراضي البلدة تقع ضمن المناطق المصنفة "ب" و2074 دونما تقع ضمن المناطق المصنفة "ج"، ودونمين فقط ضمن المناطق المصنفة "أ".
وتنص اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995 على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لإدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية، أما "ج" فتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة (مدنية وإدارية وأمنية)، وتشكل الأخيرة نحو 61% من مساحة الضفة الغربية.
وبيّن المسؤول الفلسطيني أن إسرائيل قررت عام 2024 ضم كافة المواقع الأثرية في الضفة الغربية ضمن مساعيها لمنع إقامة دولة فلسطينية.
وفي يوليو/تموز 2024، أقرت الهيئة العامة للكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف ونواب من المعارضة وبدعم الحكومة، مشروع قانون يقضي بسريان صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية على الآثار في جميع مناطق الضفة الغربية المحتلة، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، في خطوة اعتبرها المركز الفلسطيني من أبرز مظاهر "الضم الزاحف"، لأن مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من كتلة الليكود"لم يحدد أي مناطق في الضفة الغربية".
وقال فارس إن فلسطين تعمل ضمن ثلاثة مسارات لمواجهة "التغول الإسرائيلي" على المواقع الأثرية؛ أولها المسار السياسي عبر توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفعها إلى الجهات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتراث (يونسكو). أما المسار الثاني فيعمل ضمن حشد المواطنين لزيارة الموقع الأثري المهدد والوجود فيه للتأكيد على فلسطينيته، وثالثها عبر المسار العلمي حيث يتم تقديم المواد والدراسات التي من شأنها تفنيد الرواية الإسرائيلية، وفق قوله.
وحذر فارس من أن "إتمام المتنزه الاستيطاني سيحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الموقع الأثري، وسيصبح الدخول إليه بحاجة إلى تذاكر أو تصاريح، أي أننا سنكون أمام خيار دعم اقتصاد الاحتلال الذي يصادر أرضك وتاريخك".
وتحث إسرائيل خطاها للسيطرة على موقع سبسطية الأثري في وقت يصعد فيه جيش الاحتلال ومستوطنوه اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية ، تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 969 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين واعتقال ما يزيد على 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية.
أما في قطاع غزة ، فتواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية بحق السكان، بدعم أميركي مطلق، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إيران تطلق أكبر دفعة صاروخية خلال 48 ساعة
قالت الجبهة الداخلية في إسرائيل، اليوم الخميس، إنها رصدت عدة صواريخ أطلقت من إيران، وإن صفارات الإنذار دوت في عدة بلدات، في حين، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان قريتين واقعتين قرب منشآت نووية إخلاء منازلهم، معلنا ضربات وشيكة. وأوضحت الجبهة الداخلية أن صفارات الإنذار دوت مجددا في تل أبيب وبلدات عدة بالجليل شمالي إسرائيل تحذيرا من تسلل مسيرات، ودعت الإسرائيليين إلى دخول الملاجئ. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن إيران تطلق أكبر دفعة صواريخ خلال 48 ساعة تضم نحو 20 إلى 30 صاروخا. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الصواريخ الإيرانية أصابت أهدافا مباشرة في مدن تل أبيب ورمات غان وحولون وبئر السبع. كما ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن طهران أطلقت مسيرات ضد إسرائيل. وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بورود بلاغات أولية عن إصابات مباشرة في تل أبيب الكبرى وأصوات انفجارات ضخمة. وقال الإسعاف الإسرائيلي إنه تلقى نداءات من أكثر من موقع سقطت فيه الصواريخ. وقالت المتحدثة باسم سلطة الإطفاء للإذاعة الإسرائيلية الرسمية إن هناك إصابات مباشرة في وسط تل أبيب وبئر السبع، كما أن هناك مخاوف من وجود عالقين تحت الأنقاض، بالإضافة إلى خطر انهيار مبان. ونقل مراسل الجزيرة عن وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك حالة دمار كبيرة في 5 مواقع بتل أبيب الكبرى وما زالت تشتعل فيها النيران. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن صاروخا إيرانيا أصاب مستشفى سوروكا بشكل مباشر في بئر سبع، مما تسبب في وقوع إصابات. وأضافت وسائل الإعلام أن مبنى كاملا انهار في مستشفى سوروكا التي تعمل على إسعاف الجنود المصابين في غزة. كما أصاب صاروخ إيراني مدخل مستوطنة أريئيل وهي إحدى أكبر المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية. كما تتعرض منطقة الأغوار إلى هجوم بالمسيرات. في المقابل، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان وعمال وأي شخص في قريتي أراك وخنداب الإيرانيتين الواقعتين قرب منشآت نووية إخلاء أماكنهم بشكل عاجل قبل ضرب منشآت عسكرية. كما أفادت وسائل إعلام إيرانية بسماع دوي انفجار وتفعيل الدفاعات الجوية في كرج، غربي طهران.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
باسم عيسى مؤسس وحدة الظل في كتائب القسام
باسم عيسى -المعروف بلقبه أبو عماد- قائد سابق في كتائب عز الدين القسام -الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- ولد عام 1965 واغتالته إسرائيل عام 2021. تولى قيادة لواء غزة من عام 2017 حتى استشهاده في مايو/أيار 2021. ترك وراءه إرثا في بناء القدرات العسكرية للكتائب وتنظيم وحداتها الهندسية، واعتبر محللون استشهاده خسارة نوعية لحماس في معركة "سيف القدس". المولد والنشأة ولد باسم صبحي شعبان عيسى (أبو عماد) يوم 26 فبراير/شباط 1965 في قطاع غزة في عائلة مناضلة لها باع طويل في مقارعة الاحتلال. فقد لجأت عائلته عام 1948 إلى قطاع غزة بعد أن هجّرتها العصابات الصهيونية من بلدتها الأصلية في بيت طيما قرب عسقلان، فاستقرت في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين. كان باسم عيسى متزوجا من راوية القوقا (أم عماد)، وأنجبا سبعة أولاد: أربع بنات وثلاثة أبناء. تقول زوجته أم عماد في إحدى تصريحاتها الصحفية إن القائد العام السابق لكتائب القسام الشهيد محمد الضيف لقبه بـ"التِّسْتُري"، وذلك لأنه كان دائما يحمل في جيبه قلما ومفك فحص الكهرباء (مفك التّست)، وكانت هذه الآلة مهمة جدا له نظرا لعمله في تصنيع المتفجرات، وحاجته الدائمة لفحص التيار الكهربائي حتى لا يقع في أخطاء. أجمع رفاقه ومعارفه وأفراد أسرته على أنه كان يجمع بين الصرامة القيادية داخل الميدان والحنان الأسري في بيته. الدراسة والتكوين العلمي أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس قطاع غزة، والتحق بكلية التربية وحصل فيها على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات، كما درس إدارة الأعمال وتخصص في المحاسبة بجامعة القدس المفتوحة. التجربة العسكرية التحق أبو عماد مبكرا بصفوف حركة حماس و جماعة الإخوان المسلمين ، وكان لمؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين وكذا الشيخ عبد الله عزام الأثر الكبير عليه، مما دفعه للانخراط في صفوف المقاومة. في 8 ديسمبر/كانون الأول 1987 كان باسم من أوائل المشاركين في الانتفاضة الفلسطينية الأولى بفعالياتها الشعبية والجماهيرية، وعُرف بنشاطه وشجاعته، واعتقلته قوات الاحتلال في تلك الفترة 3 مرات، أطولها استمرت عامين ونصف العام. بعد الإفراج عنه منتصف عام 1991 كانت كتائب القسام تعيد تشكيل نفسها من خلال انتقاء عناصر ذات صفات خاصة، وكان عيسى أحد عناصر الرعيل الأول الذين انضموا للكتائب بسرية تامة. عمل مع أبرز قادة القسام أمثال الشهيد يحيى عياش ومحمد الضيف وعماد عقل، وفي سبتمبر/أيلول 1993 نفذ أول عملية قتل لجنود إسرائيليين من نقطة الصفر في حي الزيتون رفقة الشهيد عماد عقل، عُرفت بعملية "الزيتون" وأسفرت عن 3 قتلى واغتنام قطعتي سلاح. آوى باسم في بيته بغزة الشهيد يحيى عياش الذي فر من قوات الاحتلال في الضفة الغربية ، ثم بدأت تلاحقه أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بهدف معرفة مكان وجود عيّاش، فاقتحمت منزله مرات عدة، وأطلقت عليه النار واعتقلته، ولم تفرج عنه إلا بعد استشهاد عياش. تعلّم باسم أساسيات صناعة المتفجرات من الشهيد يحيى عياش، وطوّر خبرته في تصليح الأدوات الكهربائية وأصبح واحدا من أهم صانعي المتفجرات لاحقا. في مايو/أيار 1994 أوكلت قيادة كتائب القسام إلى باسم مهام تتعلق بتدريب بعض أفرادها في الضفة الغربية المحتلة، فدرّب كلاً من أكرم القواسمي وحسن النتشة وأيمن الرازم، الذين كان لهم لاحقا دور في عمليات عدة بالضفة الغربية المحتلة. برز اسمه واسم أخيه مروان عيسى عقب اغتيال القائد في كتائب القسام أحمد الجعبري بغارة إسرائيلية عام 2012، واتهمته إسرائيل بالمسؤولية المباشرة عن إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 خلف باسم عيسى الشهيدَ أحمد الجعبري، وتقلد مناصب قيادية في القسام إلى أن أصبح قائدا للواء غزة بين عامي 2017 و2021. شارك باسم عيسى في التصنيع العسكري مع القادة يحيى عياش وسعد العرابيد وعدنان الغول، وأشرف على تصنيع ما عُرفت بـ"العبوة القسامية". وكان من ضمن الفريق الذي عمل على تصنيع قذائف "الأنيرجا"، وحصل مع الشهيد عدنان الغول على "مدفع هاون" قديم عملوا على إصلاحه واستخدامه. تولى مسؤولية الدائرة المشرفة على صناعة " قذائف الياسين" بعد اغتيال القائدين عدنان الغول وعماد عباس. شارك في مشروع تصنيع صواريخ "عياش" التي ضربت بها مطار "ريمون" العسكري جنوب فلسطين المحتلة، وفاء لرفيقه الشهيد المهندس يحيى عياش، وأسس وحدة الظل في القسام، وهي التي تتولى مهمة الحفاظ على الأسرى الإسرائيليين وحراستهم. الاغتيال اغتالت قوات الاحتلال باسم عيسى يوم 12 مايو/أيار 2021 أثناء معركة "سيف القدس" التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية دفاعا عن القدس وحماية لأهالي حي الشيخ جراح من التهجير في إطار التلاحم بين جميع ساحات فلسطين المحتلة. وعلقت زوجة الشهيد يحيى عياش (أم البراء) على اغتيال باسم عيسى، وكتبت في صفحتها على فيسبوك"استشهد صاحبك يا يحيى، باسم عيسى أحد قيادات القسام، ومن لم يعرفه؟".


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
نتنياهو من مأزق إلى مأزق
تشكّل مأزق نتنياهو الأول، وتفاقم، في مدى عشرين شهرًا، في قطاع غزة. وذلك في الردّ على عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بشنّ حربَين في آن واحد: حرب بريّة خاضها الجيش الصهيوني، بهدف القضاء على المقاومة، وإحكام السيطرة العسكرية على القطاع. أما الحرب الثانية، فقد شنّها الطيران الصهيوني، من خلال القتل الجماعي (الإبادة البشرية) والتدمير شبه الشامل، خصوصًا، هدم المشافي وإخراجها من الخدمة، وصولًا إلى فرض مجاعة عامة، وقنص المئات المندفعة لأخذ المساعدات، وهي تتضوّر جوعًا وعطشًا. كانت نتيجة الحرب البريّة فشلًا عسكريًا. فقد أثبتت سلسلة الأنفاق الممتدّة على أرض القطاع، جدارتها في الحماية. وأثبتت قيادة المقاومة جدارتها في إعداد القائد والمقاتل المتحصّن بالأنفاق، الجدير بدوره في القتال، ومعه كل ما يحتاج إليه في حرب تمتدّ، ما يقرب من السنتين وأكثر. الأمر الذي سمح، بتعطيل التفوّق العسكري بالطائرات والدبابات. ومن ثم الوصول إلى الفشل العسكري في تحقيق هدف القضاء على المقاومة. بل الوصول إلى انتصار المقاومة العسكري، كما عبّر عنه الاتفاق في 15 يناير/ كانون الثاني 2025، ولا سيما في إجراءات تبادل الأسرى. وقد غطّت غابة البنادق أرض القطاع. أما حرب الإبادة، وبالرغم مما سبّبته من آلام وضحايا، وشهداء وجرحى، ودمار وعذابات، فقد وصمت الكيان الصهيوني، بمنتهك القانون الدولي، والقِيَم الأخلاقية والإنسانية، وبقاتِل الأطفال، وحارق المستشفيات. الأمر الذي دمّر سمعته في وعي الرأي العام العالمي. وهو ما سيترك أثره، لاحقًا، في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وفي رحيل المستوطنين غاصبي فلسطين، وقد أقاموا كيانًا بلا حق أو أية شرعية. هنا بدأت أزمة نتنياهو، ووقوعه في المأزق الذي تسبب له بعزلة دولية، ولا سيما من قِبَل دول الغرب التي لم توافقه في عودته للحرب الثانية، وفي استمرار الإبادة، بما أخذ يقترب من السنتين. بل حتى راح نتنياهو، يواجه أزمة في علاقته بترامب. إعلان ولا سيما بسبب ما توّلد من انقسام داخلي حاد ضده في الكيان، كما على مستوى عالمي ودولي، ورأي عام عالمي، وحتى في صفوف الحركات الصهيونية التي انقسمت بدورها ضدّه. وخاصة رسالة الصحفي الصهيوني توماس فريدمان، الذي طالب ترامب فيها، بأن يتخلى عن نتنياهو، الذي راح يدمّر الكيان الصهيوني وسمعته. عندما يُوضع معارضو نتنياهو داخل الكيان وخارجه في كفة ميزان، لا يبقى مجالٌ لشك في وقوعه، في براثن أزمة تقف به على حافة السقوط، أو التراجع المذل. شنّ نتنياهو الحرب على إيران في 13 يونيو/ حزيران 2025، ليجد بذلك مخرجًا من المأزق الداخلي الذي حاصر حكومته، ويدفع خصومه السياسيين في الداخل إلى الالتفاف حوله، في مشهد تكرّر خارجيًا مع الدول الغربية التي سارعت إلى تأييده تحت لافتة: "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران". وبهذا يكون نتنياهو قد انتقل من حضيض العزلة، وحتى العداء له، إلى قيادة حرب ضد إيران، أراد لها بالوحدة الداخلية، وبتضامن عالمي، ما يعزّز قيادته للكيان الصهيوني. وذلك للتخلص من المنشآت النووية والصواريخ الباليستية، بل إنهاء كل ما بنته إيران وحققته طوال المرحلة الممتدة منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979 حتى اليوم. ومن ثَم الانتقال إلى تركيع المنطقة العربية والإسلامية كلها، من خلال امتلاك قوّة الردع الأعلى، وبما في ذلك تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خرائط دولها، والتحكم بأنظمتها وسياساتها. وهذا ما أخذ يلمّح له كل من ترامب ونتنياهو طوال نهار الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2025، بعد شنّ الغارات التي ضربت فجر اليوم نفسه، واغتالت عددًا هامًّا من العلماء وقادة الحرس الثوري. وقد أُعلن عن تدمير ما خُطّط لتدميره من منشآت نووية وصناعية باليستية. وقد بدت المعادلة الجديدة مائلة كل الميل لمصلحة الكيان الصهيوني، بما فيها "السيطرة على سماء طهران". إن من يتذكّر ما جرى من مناخ سياسي طوال نهار الجمعة 13 يونيو/ حزيران، سوف يستحضر موقف الشامتين بإيران، ويسترجع خوف القوى المتعاطفة معها، كما يتذكّر دهشة المراقبين وهم يشهدون معادلة جديدة بدأ يرسمها فجر الجمعة نتيجة الحرب. لكن هذا المناخ سرعان ما راح يتبدّد في ليلة الجمعة/ السبت 13/14 يونيو/ حزيران، مع انطلاق خمسمئة صاروخ من إيران ضربت تل أبيب وحيفا. وقد استعادت بها إيران زمام المبادرة المُحصّنة، بقرار من الإمام خامنئي بخوض حرب الردّ على هذا العدوان، وبتصميم لا تردّد فيه، وشجاعة استثنائية. ثم جاءت ليلة السبت/ الأحد 14/15 يونيو/ حزيران لتُصعّد إيران في الردّ الصاروخي الباليستي، بما فيها صواريخ من نوع "فرط صوتي" القادرة على خرق القبة الحديدية والوصول إلى أهدافها، محققة دمارًا لم يعهده الكيان الصهيوني من قبل، وقد تجاوز النوعان، كما تأكّد في نهار وليلة الخامس عشر، مستويات جديدة من القدرة والتأثير والاختراق. وبهذا كانت نتيجة الردود الإيرانية، عودة نتنياهو إلى مأزق أشدّ من سابقه. وكيف لا يكون أشدّ، إذا ما تطور ميزان القوى في حرب الثالث عشر من يونيو/ حزيران في غير مصلحة نتنياهو، بل تطوّر في مصلحة إيران. مما سيترك أثره في مستقبل الوضع كله في المنطقة، وفي المقدمة المقاومة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، والقضية الفلسطينية. وبهذا ينقلب السحر على الساحر مرة أخرى. إعلان لقد أصبح الاتجاه العام لتطوّر الحرب إلى مزيد من قوة إيران، وإلى المزيد من ضعف الكيان الصهيوني، وإلى تعميق مأزق نتنياهو الفاشل في غزة، والفاشل في إيران كذلك. على أن هذه المعادلة، نقلت "الطابة" إلى ملعب ترامب، ودول أوروبا من ناحية الكيفية التي يعالج بها الوضع الجديد: هل في اتجاه هدنة تكرّس نصر إيران ودورها، كما تكرّس هزيمة الكيان، ومأزق نتنياهو؟ أم يُصار إلى الاستمرار في الحرب، مما يمنع الوصول إلى هذه النتيجة الفاجعة للكيان الصهيوني، حرصًا على الكيان ومستقبله؟ هذا، وسيترتب على كل من الخيارين، معادلة إقليمية جديدة، غير التي عرفها العالم، ما بين طوفان الأقصى وحرب الثالث من يونيو/ حزيران على إيران.