logo
التجويع الصهيوني يكتب النهاية لأجساد لم تنتهِ من الطفولة بعد في غزة

التجويع الصهيوني يكتب النهاية لأجساد لم تنتهِ من الطفولة بعد في غزة

الشروق٢٣-٠٧-٢٠٢٥
في غزة، لا حاجة للرصاص والقنابل فقط حتى يسقط الناس شهداء، هناك يكفي أن تمرّ الأيام بلا طعام، يكفي أن يتأخر حليب الطفل يوماً، أو أن يغيب الماء عن بيت عجوز ليومين، حتى يُفقد اسمه من السجلات، ويُضاف إلى قائمة الشهداء.
تتآكل غزة، حرفيًا الناس هناك لا تموت فقط، بل تذبل، تصغر أعين الأطفال، تتيبّس الشفاه، وتصير العظام أوضح من الأسماء، المجاعة لا تحصد الأرواح فحسب، بل تسرق الملامح من الوجوه.
صباح الثلاثاء، استيقظ قطاع غزة على خبر وفاة أربعة فلسطينيين – بينهم رضيعان – جرّاء الجوع، ليس هذا خبراً طارئاً، بل عنواناً يومياً لمأساة مستمرة منذ شهور، وسط حصار خانق وحرب لا تهدأ، لكن لكل اسم حكاية، ولكل جسد سقط، أمٌّ ما بكت بجانبه حتى آخر قطرة ماء في عينيها.
في مستشفى الشفاء، لفظ الرضيع يوسف الصفدي أنفاسه الأخيرة، ليس لأن قنبلة أصابته، بل لأن جسده الضعيف لم يجد ما يطعمه.
في مجمع ناصر الطبي، ودّعت عائلة الغلبان طفلها عبد الجواد، ابن خان يونس، الذي خذلته لقمة كانت بعيدة كالمستحيل.
أحمد الحسنات، هو الآخر، انطفأ وجهه في مستشفى شهداء الأقصى، بصمت لا يليق إلا بالجائعين.
مدير الإغاثة الطبية في غزة قال: 'دخلنا مرحلة الخطر الحقيقي من المجاعة'، الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل أرواح تنتهي بأسباب لم تكن تُخطر على بال أي فلسطيني قبل هذه الحرب.
كما أن 60 ألف امرأة حامل في غزة يعانين من سوء التغذية، ويتعرضن لمخاطر جمة.
وفي جانب آخر، عبّر المتحدث باسم بلدية غزة عن واقع صادم: 'نصيب الفرد أقل من خمسة لترات من المياه يومياً، للشرب والطهي والاستحمام معاً'.
أما الآبار، فهي تعمل بطاقة لا تكفي حتى 12% من الاحتياجات اليومية، وتُصارع للبقاء في ظل دمار البنية التحتية وانعدام الكهرباء.
الأمم المتحدة لا تخفي الصورة القاتمة، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أكد أن غزة 'تُجوّع' عمدًا، وأن ما يدخل القطاع لا يكفي حتى لسد الرمق.
كما أن أكثر من مليوني إنسان محشورون في شريط ضيّق لا تتجاوز مساحته 12% من مساحة القطاع.
الأطباء، الممرضون، الصحفيون، موظفو الإغاثة – ليسوا استثناءً، بعضهم يفقد وعيه أثناء أداء عمله، لا من التعب فقط، بل من الجوع، بحسب ما أعلنه المفوض العام لوكالة أونروا، فيليب لازاريني.
وزارة الصحة في غزة أعلنت خلال الـ48 ساعة الماضية فقط عن استشهاد 20 شخصاً نتيجة الجوع، فيما وصل عدد من قضوا بسبب سوء التغذية منذ بدء الحرب إلى أكثر من 900 شهيد، بينهم 71 طفلاً.
ودعت المنظمات، منظمة الغذاء العالمي لتحميل الاحتلال المسؤولية المباشرة عن جرائم القتل التي تطال الفلسطينيين المنتظرين للشاحنات أو المتوجهين لمراكز المساعدات. كما ناشدت المؤسسات الدولية العاملة في غزة إعلان موقف واضح من جريمة التجويع، والعمل على توفير حلول عاجلة في ظل ما وصفته بـ'تفاقم الكارثة'.
ويشكو سكان قطاع غزة من انهيار شبه كامل في منظومة الغذاء والاقتصاد، أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، إذ بات سعر الدقيق أعلى بـ3000 مرة مما كان عليه قبل اندلاع حرب الإبادة الصهيونية في أكتوبر 2023.
ولا يمكن حصر الأزمة في الجوع فحسب، بعد أن تحولت إلى موت جماعي بطيء، فالمجاعة ليست أزمة إنسانية عابرة، بل جريمة ممنهجة، وصورة من صور الإبادة البطيئة، التي يترك فيها المدنيون العزّل ليموتوا جوعاً، لا بسبب الحرب فحسب، بل بسبب قطعة خبز لم تصل، أو وجبة لم تُوزّع بعدل، أو معبر لم يُفتح، أو مساعدات نُهبت أمام أعين الجياع.
التجويع يودي بحياة 10 مواطنين في غزة خلال 24 ساعة
أعلنت وزارة الصحة، تسجيل 10 حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية الناجمة عن الحصار وحرب الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال في قطاع غزة.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن الحالات الجديدة سجلت في مستشفيات القطاع، وهو ما رفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية 111 حالة وفاة.
وحذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أن المؤشرات الثلاثة لإعلان مجاعة في قطاع غزة باتت تقترب بشكل مقلق من التحقق، مما يعني أن سكان القطاع على أعتاب كارثة مؤكدة في ظل غياب تام للقدرة على التدخل والاستجابة نتيجة استمرار الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ 2 مارس 2025.
وأكد المركز بأن المجاعة في قطاع غزة باتت واقعًا لا يُحتمل، ووضعاً قاتمًا يعيشه مليونا فلسطيني محاصرين تحت وطأة الحرمان ونيران القتل، وفي ظل حصار شامل، وتدمير منهجي لمقومات الحياة، وفشل كامل للمنظومة الدولية في وقف جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق السكان منذ 22 شهرًا، وسط عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه الجريمة، علاوة عن العجز في تأمين المساعدات الغذائية والصحية، وهو ما مكّن سلطات الاحتلال من مواصلة جرائمها دون رادع، والإفلات الكامل من المساءلة والعقاب.
111 منظمة إغاثية تدعو لإنهاء الحرب بغزة
دعت 111 منظمة إغاثية وحقوقية، الأربعاء، الحكومات إلى اتخاذ إجراءات تتضمن وقفا فوريا ودائما لإطلاق النار، ورفع جميع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل تفشي المجاعة بين سكانها.
وحذرت المنظمات الدولية، ومنها ميرسي كور ومنظمة اللاجئين الدولية (ومقرهما أميركا) والمجلس النرويجي للاجئين، في بيان لها من انتشار المجاعة الجماعية في جميع أنحاء القطاع في الوقت الذي تتكدس فيه أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها من المواد خارج غزة، مع منع المنظمات الإنسانية من الدخول أو إيصال المساعدات.
وقال البيان إنه في الوقت الذي يجوّع فيه الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية سكان غزة، ينضم عمال الإغاثة الآن إلى طوابير الغذاء نفسها، ويخاطرون بالتعرض لإطلاق النار لمجرد إطعام عائلاتهم.
وأضاف 'تسببت القيود التي تفرضها حكومة إسرائيل والتأخير والتجزئة التي تمارسها في ظل الحصار الشامل في خلق حالة من الفوضى والمجاعة والموت'.
ودعت المنظمات الحكومات لرفع جميع القيود البيروقراطية والإدارية، وفتح جميع المعابر البرية، وضمان وصول الجميع إلى كل أنحاء غزة، ورفض التوزيع الذي يتحكم به الجيش الصهيوني، واستعادة 'استجابة إنسانية مبدئية بقيادة الأمم المتحدة'.
وطالب البيان جميع الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحصار، مثل وقف نقل الأسلحة والذخير إلى دولة الاحتلال.
وكان المجلس النرويجي للاجئين قال إن مخزونات المساعدات نفدت بالكامل في غزة، حيث يتضور بعض موظفيها الآن جوعا، واتهمت المنظمة الاحتلال بشلّ عملها.
وجدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التأكيد أن الوضع في قطاع غزة يكشف أن النظام الإنساني في العالم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وفي وقت أكدت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أن المجوّعين في غزة، بمن فيهم موظفوها، يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد.
وقال غوتيريش -في كلمة ألقاها خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين الثلاثاء إلى الأربعاء- إن مستوى الموت والدمار في غزة لا مثيل له وأن الجوع بات يطرق كل باب في القطاع.
وأضاف: 'هذا النظام يمنع من العمل لتوفير الخدمات ويمنع من توفير الأمن له كي ينقذ الأرواح، ومع تكثيف إسرائيل عملياتها وإصدار أوامر إخلاء جديدة في دير البلح، يضاف دمار إلى دمار'.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية إن غوتيريش يعبّر عن أسفه للتقارير المتزايدة عن معاناة الأطفال والكبار من سوء التغذية.
وأضاف أن على دولة الاحتلال الالتزام بالسماح بتقديم الإغاثة الإنسانية التي تُوفرها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، وتسهيلها بكل الوسائل المتاحة.
وأكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' أن الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم موظفوها، يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد، وسط استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ عدة أشهر، ما أدى إلى وفاة أطفال وذوي احتياجات خاصة بسبب سوء التغذية الحاد.
وقالت الأونروا في بيان نشرته على منصة إكس: 'يغمى على الناس في غزة بمن فيهم موظفو الأونروا، بسبب الجوع والتجويع الشديدين. يموت الناس، بمن فيهم الأطفال وذوو الاحتياجات الخاصة، بسبب سوء التغذية الحاد'.
وأوضحت الوكالة أن آلاف الشاحنات التابعة لها تقف بانتظار السماح لها بدخول القطاع منذ أن منعت إسرائيل إدخالها في مارس الماضي، داعية إلى رفع الحصار فورا للسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من أن 94% من المرافق الصحية في القطاع تضررت، وأن نصف المستشفيات خرجت عن الخدمة، بينما يعاني ما تبقى من المستشفيات من نقص حاد في الوقود والإمدادات.
وقالت المنظمة إنها تطالب بحماية مقراتها والإفراج عن أحد موظفيها المعتقلين، ودعت إلى إدخال المواد الغذائية والطبية فورا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مأساة التجويع بغزة تكشف الوجه القبيح للمنظومة الدولية
مأساة التجويع بغزة تكشف الوجه القبيح للمنظومة الدولية

الشروق

timeمنذ يوم واحد

  • الشروق

مأساة التجويع بغزة تكشف الوجه القبيح للمنظومة الدولية

حين يصبح الغذاء سلاح إبادة في أحد أقسام مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، أسلمت الرضيعة الفلسطينية مكة صلاح الغرابلي، ذات العام الواحد، روحها بعد معركة صامتة مع الجوع وسوء التغذية، لتُضاف إلى قائمة ضحايا التجويع الصهيوني، وسط عجز دولي تام عن إجبار نظام الإبادة الجماعية على السماح بدخول الغذاء بإنسانية، أو حماية وكالات الأمم المتحدة للقيام بدورها. لم تتمكن مكة من النجاة، رغم محاولات الإنقاذ اليائسة، فالحليب العلاجي الذي كانت تحتاجه بشدة لم يكن متوفرًا، كما غابت الأدوية الأساسية، في ظل نقص حاد ناتج عن الحصار الذي شل النظام الصحي وأغلق المعابر أمام الإمدادات المنقذة للحياة. كانت مكة واحدة من عشرات آلاف الرضع المهددين بالمصير ذاته، بحسب بيانات صادرة عن مكتب الإعلام الحكومي في غزة. احتاجت إلى تركيبة غذائية مخصصة للأطفال الذين يعانون من أمراض مثل سوء التغذية الحاد أو مشاكل في الهضم، لكن كل ما تلقته كان الانتظار على سرير بارد في مستشفى خالٍ من الإمكانيات. في مقطع مصور التُقط لها قبل وفاتها، ظهرت مكة مستلقية بصمت على سرير المستشفى، فيما برزت علامات واضحة على جسدها النحيل، من بينها احمرار في الظهر، ناجم عن ضعف المناعة وسوء العناية الصحية في بيئة تفتقر لكل مقومات الحياة. ذبل جسدها تدريجياً، تقوّس صدرها، وبدت بطنها منتفخة بشكل مروّع. عيناها الغائرتان كانتا تنطقان بما لا يستطيع الرضع قوله: ألم الجوع، وقسوة الموت البطيء. رحلت مكة بعد عام واحد من الحياة، لم تعرف فيه إلا المعاناة، في زمن تحوّل فيه الغذاء إلى أمنية، والحليب إلى رفاهية لا يطالها المحاصرون. لم تكن مكة سوى واحدة من 89 طفلاً خانهم المجتمع الدولي دون أن يعلن المجاعة بشكل صريح، رغم التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي وضع غزة على حافة المجاعة الشاملة، بتجاوزها المؤشرات الثلاثة التي تعني نقص الغذاء ثم سوء التغذية وصولا إلى الوفيات. ووفقا لتقرير لجنة المسؤولية التي تم تشكيلها عام 1919 بعد الحرب العالمية الأولى، فقد أدرج 'التجويع المتعمد للمدنيين' باعتباره انتهاكا لقوانين وأعراف الحرب يخضع للملاحقة الجنائية، ومنذ ذلك الحين أصبح قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي. وينص القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن 'استخدام تجويع المدنيين عمدا كأسلوب من أساليب الحرب' يعد جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية. وتشكل هذه القاعدة الأساس القانوني لمحاكمة دولة الاحتلال أمام كل من محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية بفعل جرائمها في قطاع غزة، وفي مقدمتها جريمة الإبادة الجماعية من خلال التجويع. فقد شكل 'تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب' البند الأول من التهم التي وجهها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت، والتي طلب على أساسها في 20 مايو/أيار 2024 إلقاء القبض عليهما. كما تضمنت التهم 'الإبادة (و/ أو) القتل العمد، بما في ذلك الموت الناجم عن التجويع باعتباره جريمة ضد الإنسانية'، مشيرا إلى أن الجرائم ضد الإنسانية التي وجِّه الاتهام بها قد ارتكِبت في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين عملا بسياسة الدولة. صمت وتواطؤ وتأتي مأساة مكة في سياق أوسع من التواطؤ والصمت الدولي، الذي يسمح باستمرار هذه الجرائم، كما يؤكد الخبير الحقوقي رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، حيث تجاوز ما تتعرض له غزة حدود النكبات الإنسانية إلى خيانة سياسية وأخلاقية غير مسبوقة. ويقول في منشور عبر منصة إكس: 'على الساحة الدولية، لم يواجه أي نضال تحرري حديث خيانةً عميقةً كتلك التي عانتها غزة. ولم تُقابل أي إبادة جماعية في الذاكرة الحديثة بمثل هذا التواطؤ الصارخ والصمت المطبق. لأكثر من عامين، تبنى العالم رواية القوة المحتلة، مانحًا إياها غطاءً سياسيًا وأخلاقيًا سمح لها بالاستمرار في ارتكاب الفظائع دون هوادة. في غضون ذلك، لم تواجه سلاسل إمدادها العسكرية أي عائق، بل على العكس تمامًا'. ويؤكد عبده أن الدول الغربية التي ترفع شعارات العدالة والدفاع عن حقوق الإنسان، باتت تعرقل بفعالية الجهود القانونية للمساءلة سواء في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى أن 'أقصى ما قدمه المجتمع الدولي، بعد عامين من الإبادة المنهجية، هو مقترحات هزيلة لدولة فلسطينية منزوعة السيادة، مشروطة بالطاعة والتنازل الكامل عن الحقوق.' وأضاف: 'بعد عامين من تدمير مدن بأكملها، ومقتل عشرات الآلاف على الهواء مباشرة، وتجويع المدنيين عمدًا، لم يفعل الاتحاد الأوروبي شيئًا سوى إعادة النظر في شراكته مع النظام المرتكب للإبادة الجماعية. حتى الفكرة الرمزية المتمثلة في تعليق برنامج تعاون علمي هامشي مثل 'أفق أوروبا' لم تحظَ بدعم سوى عشر دول من أصل سبع وعشرين دولة عضو'. تعبئة شعبية ضعيفة أما على المستوى الشعبي، فرغم اتساع رقعة التضامن العالمي، إلا أن زخم هذا التعاطف يتلاشى سريعًا ما لم يتم تحويله إلى حراك منظم ومستدام، فقد فشلت التعبئة العالمية في تحويل المظاهرات إلى إضرابات عمالية جادة أو حركات جماهيرية أو حملات ضغط مستدامة، 'وهو فشل أخلاقي للضمير العالمي'. ويُحمّل عبده المجتمع الدولي مسؤولية مباشرة في استمرار الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، خصوصًا في ظل عجزه عن فرض أبسط الشروط الإنسانية، مضيفًا: 'اليوم، ومنذ أكثر من شهرين، أثبت المجتمع الدولي نفسه عجزه عن إجبار نظام الإبادة الجماعية على السماح بدخول الغذاء بإنسانية، أو حماية وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، أو حتى ضمان بقاء الأونروا ــ وهو تفكيكٌ لطالما تصوّره المشروع الصهيوني.' ويضيف أن الحلول المطروحة على الطاولة بعد عامين من الحرب لا ترقى إلى الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين، بل إنها تضرب بجوهر القضية عرض الحائط، 'فأقصى ما تمكن المجتمع الدولي من تقديمه هو مقترحات ضعيفة لدولة فلسطينية مجردة من السيادة والكرامة والمعنى، مشروطة بنزع السلاح والطاعة والتنازل الكامل عن الحقوق التاريخية والسياسية والأخلاقية'.

جراح بريطاني: غزة تواجه كارثة إنسانية وهمجية من العصور الوسطى - الدولي : البلاد
جراح بريطاني: غزة تواجه كارثة إنسانية وهمجية من العصور الوسطى - الدولي : البلاد

البلاد الجزائرية

timeمنذ 3 أيام

  • البلاد الجزائرية

جراح بريطاني: غزة تواجه كارثة إنسانية وهمجية من العصور الوسطى - الدولي : البلاد

فارس عقاقني_ قال الجراح البريطاني غرايم غروم، العائد من مهمة طبية تطوعية في قطاع غزة، إن الأوضاع الإنسانية هناك "تمثل همجية لا تليق إلا بالعصور الوسطى"، في ظل الحصار الإسرائيلي الذي أدى إلى مجاعة وأزمة طبية حادة. وفي تصريحات لوكالة "الأناضول"، أشار غروم إلى أن الأطفال في غزة "يحاولون النوم وبطونهم مليئة بالماء والملح"، بسبب الجوع الشديد وانعدام الغذاء، واصفًا الأزمة بأنها "مفتعلة"، وليست نتيجة كارثة طبيعية. وفاة عشرات الرضع بسبب الجوع خلال زيارته لعيادة مختصة بسوء التغذية في غزة يوم 27 مايو الماضي، أبلغه أحد أطباء الأطفال بأن 60 رضيعًا لقوا حتفهم منذ بداية الحصار بسبب الجوع، بعضهم لم تتوفر لهم أنواع حليب خاصة لحالاتهم الصحية، مثل عدم تحمّل اللاكتوز. وذكر غروم أن 12 طفلًا يُشخَّصون يوميًا بسوء تغذية حاد، بينما تواجه بعض الأمهات صعوبات كبيرة في إرضاع أطفالهن بسبب معاناتهن من الجوع. الطواقم الطبية أيضًا تعاني وأوضح الجراح البريطاني أن المجاعة لم تستثنِ الطواقم الطبية، حيث نقل عن زميله، طبيب التخدير الفلسطيني نزار أبو دقة، أن عائلته بالكاد تجد ما تأكله. وقال إن أطفاله الستة "يملؤون بطونهم بالماء ويرشون قليلًا من الملح ليناموا". وأضاف غروم أن زميله اشترى 8 كيلوغرامات من الطحين مقابل 300 دولار، وهو ما تبقى من مدخراته، وقد يكفي أسرته لأيام معدودة. إطلاق نار على منتظري المساعدات كما تحدث غروم عن الشاب الفلسطيني محمد حميم، الذي أرسل له مقاطع مصورة تُظهر إطلاق نار على مدنيين كانوا ينتظرون مساعدات غذائية من "مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة تعمل بتنسيق إسرائيلي–أميركي، ولكنها غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة. وبحسب المعلومات، منذ بدء هذه الآلية في 27 مايو، سقط أكثر من 1,330 شهيدًا وأُصيب ما يزيد على 8,800 شخص جراء إطلاق النار المتكرر على المدنيين خلال انتظارهم للمساعدات. نداء عاجل ووجّه غروم نداءً لقادة العالم، داعيًا إلى وقف القصف فورًا، وفتح المعابر لإدخال الغذاء والدواء، قائلاً: "ما نشهده في غزة اليوم هو شكل من أشكال الهمجية التي لا تليق بعصرنا الحديث". غروم يعمل ضمن فريق طبي تابع لمنظمتي "الإغاثة الإسلامية" (Islamic Help) و**"إيديالز" (IDEALs)** البريطانيتين، واللتين تنفذان برامج طبية طارئة في غزة منذ ديسمبر 2023، وسط الحصار المفروض وإغلاق المعابر، ما يمنع خروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج خارج القطاع.

التجويع الصهيوني يكتب النهاية لأجساد لم تنتهِ من الطفولة بعد في غزة
التجويع الصهيوني يكتب النهاية لأجساد لم تنتهِ من الطفولة بعد في غزة

الشروق

time٢٣-٠٧-٢٠٢٥

  • الشروق

التجويع الصهيوني يكتب النهاية لأجساد لم تنتهِ من الطفولة بعد في غزة

في غزة، لا حاجة للرصاص والقنابل فقط حتى يسقط الناس شهداء، هناك يكفي أن تمرّ الأيام بلا طعام، يكفي أن يتأخر حليب الطفل يوماً، أو أن يغيب الماء عن بيت عجوز ليومين، حتى يُفقد اسمه من السجلات، ويُضاف إلى قائمة الشهداء. تتآكل غزة، حرفيًا الناس هناك لا تموت فقط، بل تذبل، تصغر أعين الأطفال، تتيبّس الشفاه، وتصير العظام أوضح من الأسماء، المجاعة لا تحصد الأرواح فحسب، بل تسرق الملامح من الوجوه. صباح الثلاثاء، استيقظ قطاع غزة على خبر وفاة أربعة فلسطينيين – بينهم رضيعان – جرّاء الجوع، ليس هذا خبراً طارئاً، بل عنواناً يومياً لمأساة مستمرة منذ شهور، وسط حصار خانق وحرب لا تهدأ، لكن لكل اسم حكاية، ولكل جسد سقط، أمٌّ ما بكت بجانبه حتى آخر قطرة ماء في عينيها. في مستشفى الشفاء، لفظ الرضيع يوسف الصفدي أنفاسه الأخيرة، ليس لأن قنبلة أصابته، بل لأن جسده الضعيف لم يجد ما يطعمه. في مجمع ناصر الطبي، ودّعت عائلة الغلبان طفلها عبد الجواد، ابن خان يونس، الذي خذلته لقمة كانت بعيدة كالمستحيل. أحمد الحسنات، هو الآخر، انطفأ وجهه في مستشفى شهداء الأقصى، بصمت لا يليق إلا بالجائعين. مدير الإغاثة الطبية في غزة قال: 'دخلنا مرحلة الخطر الحقيقي من المجاعة'، الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل أرواح تنتهي بأسباب لم تكن تُخطر على بال أي فلسطيني قبل هذه الحرب. كما أن 60 ألف امرأة حامل في غزة يعانين من سوء التغذية، ويتعرضن لمخاطر جمة. وفي جانب آخر، عبّر المتحدث باسم بلدية غزة عن واقع صادم: 'نصيب الفرد أقل من خمسة لترات من المياه يومياً، للشرب والطهي والاستحمام معاً'. أما الآبار، فهي تعمل بطاقة لا تكفي حتى 12% من الاحتياجات اليومية، وتُصارع للبقاء في ظل دمار البنية التحتية وانعدام الكهرباء. الأمم المتحدة لا تخفي الصورة القاتمة، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أكد أن غزة 'تُجوّع' عمدًا، وأن ما يدخل القطاع لا يكفي حتى لسد الرمق. كما أن أكثر من مليوني إنسان محشورون في شريط ضيّق لا تتجاوز مساحته 12% من مساحة القطاع. الأطباء، الممرضون، الصحفيون، موظفو الإغاثة – ليسوا استثناءً، بعضهم يفقد وعيه أثناء أداء عمله، لا من التعب فقط، بل من الجوع، بحسب ما أعلنه المفوض العام لوكالة أونروا، فيليب لازاريني. وزارة الصحة في غزة أعلنت خلال الـ48 ساعة الماضية فقط عن استشهاد 20 شخصاً نتيجة الجوع، فيما وصل عدد من قضوا بسبب سوء التغذية منذ بدء الحرب إلى أكثر من 900 شهيد، بينهم 71 طفلاً. ودعت المنظمات، منظمة الغذاء العالمي لتحميل الاحتلال المسؤولية المباشرة عن جرائم القتل التي تطال الفلسطينيين المنتظرين للشاحنات أو المتوجهين لمراكز المساعدات. كما ناشدت المؤسسات الدولية العاملة في غزة إعلان موقف واضح من جريمة التجويع، والعمل على توفير حلول عاجلة في ظل ما وصفته بـ'تفاقم الكارثة'. ويشكو سكان قطاع غزة من انهيار شبه كامل في منظومة الغذاء والاقتصاد، أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، إذ بات سعر الدقيق أعلى بـ3000 مرة مما كان عليه قبل اندلاع حرب الإبادة الصهيونية في أكتوبر 2023. ولا يمكن حصر الأزمة في الجوع فحسب، بعد أن تحولت إلى موت جماعي بطيء، فالمجاعة ليست أزمة إنسانية عابرة، بل جريمة ممنهجة، وصورة من صور الإبادة البطيئة، التي يترك فيها المدنيون العزّل ليموتوا جوعاً، لا بسبب الحرب فحسب، بل بسبب قطعة خبز لم تصل، أو وجبة لم تُوزّع بعدل، أو معبر لم يُفتح، أو مساعدات نُهبت أمام أعين الجياع. التجويع يودي بحياة 10 مواطنين في غزة خلال 24 ساعة أعلنت وزارة الصحة، تسجيل 10 حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية الناجمة عن الحصار وحرب الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال في قطاع غزة. وقالت الوزارة في بيان لها، إن الحالات الجديدة سجلت في مستشفيات القطاع، وهو ما رفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية 111 حالة وفاة. وحذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أن المؤشرات الثلاثة لإعلان مجاعة في قطاع غزة باتت تقترب بشكل مقلق من التحقق، مما يعني أن سكان القطاع على أعتاب كارثة مؤكدة في ظل غياب تام للقدرة على التدخل والاستجابة نتيجة استمرار الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ 2 مارس 2025. وأكد المركز بأن المجاعة في قطاع غزة باتت واقعًا لا يُحتمل، ووضعاً قاتمًا يعيشه مليونا فلسطيني محاصرين تحت وطأة الحرمان ونيران القتل، وفي ظل حصار شامل، وتدمير منهجي لمقومات الحياة، وفشل كامل للمنظومة الدولية في وقف جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق السكان منذ 22 شهرًا، وسط عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه الجريمة، علاوة عن العجز في تأمين المساعدات الغذائية والصحية، وهو ما مكّن سلطات الاحتلال من مواصلة جرائمها دون رادع، والإفلات الكامل من المساءلة والعقاب. 111 منظمة إغاثية تدعو لإنهاء الحرب بغزة دعت 111 منظمة إغاثية وحقوقية، الأربعاء، الحكومات إلى اتخاذ إجراءات تتضمن وقفا فوريا ودائما لإطلاق النار، ورفع جميع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة في ظل تفشي المجاعة بين سكانها. وحذرت المنظمات الدولية، ومنها ميرسي كور ومنظمة اللاجئين الدولية (ومقرهما أميركا) والمجلس النرويجي للاجئين، في بيان لها من انتشار المجاعة الجماعية في جميع أنحاء القطاع في الوقت الذي تتكدس فيه أطنان من المواد الغذائية والمياه النظيفة والإمدادات الطبية وغيرها من المواد خارج غزة، مع منع المنظمات الإنسانية من الدخول أو إيصال المساعدات. وقال البيان إنه في الوقت الذي يجوّع فيه الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية سكان غزة، ينضم عمال الإغاثة الآن إلى طوابير الغذاء نفسها، ويخاطرون بالتعرض لإطلاق النار لمجرد إطعام عائلاتهم. وأضاف 'تسببت القيود التي تفرضها حكومة إسرائيل والتأخير والتجزئة التي تمارسها في ظل الحصار الشامل في خلق حالة من الفوضى والمجاعة والموت'. ودعت المنظمات الحكومات لرفع جميع القيود البيروقراطية والإدارية، وفتح جميع المعابر البرية، وضمان وصول الجميع إلى كل أنحاء غزة، ورفض التوزيع الذي يتحكم به الجيش الصهيوني، واستعادة 'استجابة إنسانية مبدئية بقيادة الأمم المتحدة'. وطالب البيان جميع الدول إلى اتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحصار، مثل وقف نقل الأسلحة والذخير إلى دولة الاحتلال. وكان المجلس النرويجي للاجئين قال إن مخزونات المساعدات نفدت بالكامل في غزة، حيث يتضور بعض موظفيها الآن جوعا، واتهمت المنظمة الاحتلال بشلّ عملها. وجدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التأكيد أن الوضع في قطاع غزة يكشف أن النظام الإنساني في العالم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وفي وقت أكدت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أن المجوّعين في غزة، بمن فيهم موظفوها، يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد. وقال غوتيريش -في كلمة ألقاها خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين الثلاثاء إلى الأربعاء- إن مستوى الموت والدمار في غزة لا مثيل له وأن الجوع بات يطرق كل باب في القطاع. وأضاف: 'هذا النظام يمنع من العمل لتوفير الخدمات ويمنع من توفير الأمن له كي ينقذ الأرواح، ومع تكثيف إسرائيل عملياتها وإصدار أوامر إخلاء جديدة في دير البلح، يضاف دمار إلى دمار'. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية إن غوتيريش يعبّر عن أسفه للتقارير المتزايدة عن معاناة الأطفال والكبار من سوء التغذية. وأضاف أن على دولة الاحتلال الالتزام بالسماح بتقديم الإغاثة الإنسانية التي تُوفرها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، وتسهيلها بكل الوسائل المتاحة. وأكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' أن الفلسطينيين في قطاع غزة، بمن فيهم موظفوها، يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد، وسط استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية منذ عدة أشهر، ما أدى إلى وفاة أطفال وذوي احتياجات خاصة بسبب سوء التغذية الحاد. وقالت الأونروا في بيان نشرته على منصة إكس: 'يغمى على الناس في غزة بمن فيهم موظفو الأونروا، بسبب الجوع والتجويع الشديدين. يموت الناس، بمن فيهم الأطفال وذوو الاحتياجات الخاصة، بسبب سوء التغذية الحاد'. وأوضحت الوكالة أن آلاف الشاحنات التابعة لها تقف بانتظار السماح لها بدخول القطاع منذ أن منعت إسرائيل إدخالها في مارس الماضي، داعية إلى رفع الحصار فورا للسماح بوصول المساعدات المنقذة للحياة. وتأتي هذه التصريحات في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من أن 94% من المرافق الصحية في القطاع تضررت، وأن نصف المستشفيات خرجت عن الخدمة، بينما يعاني ما تبقى من المستشفيات من نقص حاد في الوقود والإمدادات. وقالت المنظمة إنها تطالب بحماية مقراتها والإفراج عن أحد موظفيها المعتقلين، ودعت إلى إدخال المواد الغذائية والطبية فورا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store