
حما.س: لم نبلّغ بأي إشكال بشأن المفاوضات..ونستغرب تصريح ترامب
وقال القيادي في حماس طاهر النونو في تصريح صحفي إن الحركة لم تُبلغ بوجود أي إشكال بشأن أي ملف خلال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف النونو أن قطر ومصر تبذلان جهودا كبيرة وبيانهما بشأن الوساطة إيجابي، متابعا أن التصريحات الإسرائيلية السلبية محاولة 'للهروب من نتائج المفاوضات'، حسبما نقلت 'الأسوشيتد برس'.
وأكد أن حركته 'تعاملت بإيجابية مطلقة' مع جهود الوسطاء، معربا عن استغرابه من تصريحات الرئيس ترامب التي حمّل فيها حماس مسؤولية انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار.
وأوضح أن 'الموقف الأميركي مستغرب في ظل التقدم الذي حدث في المفاوضات'، مشددا على جاهزية حماس لاستكمال المفاوضات وجادة في التوصل إلى اتفاق ينهي حرب غزة.
وأشار النونو إلى أن المفاوضات كانت تسير بشكل إيجابي والتصريحات الأميركية ليس لها أي مبرر، مشيرا إلي أن المفاوضات شهدت 'تقاربا كبيرا بشأن خرائط الانسحاب الإسرائيلي من غزة'.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان له 'حماس' بعرقلة التوصل إلى صفقة لإعادة المخطوفين وذلك بعد يوم واحد من عودة الوفد الإسرائيلي المفاوض من قطر.
وأفاد نتنياهو بحسب ما نشرت الإذاعة الإسرائيلية العامة بأن إسرائيل بالتعاون مع الأميركيين تدرس الآن 'خيارات بديلة' لإعادتهم إلى البلاد و'إنهاء حكم الإرهاب في غزة وضمان سلام مستدام لإسرائيل والمنطقة' على حدّ تعبيره.
وجاءت تصريحات نتنياهو منسجمة مع تصريحات الرئيس ترامب لاحقا الذي حمّل حماس مسؤولية تعثر المفاوضات، ووجه تهديدا صريحا قال فيه: 'أعتقد أننا سنبدأ بمطاردتهم .. حماس لا تريد صفقة .. ربما يريدون الموت .. لقد حان وقت إنهاء المهمة'.
وكشفت مصادر مطلعة للإذاعة الإسرائيلية عن جملة من الخيارات التي يدرسها الجانب الأميركي والإسرائيلي من بينها السماح لإسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في غزة وصولا إلى السيطرة الكاملة أو فرض حصار شامل، أو تقديم دعم أميركي مباشر لعمليات كوماندوز لتحرير المخطوفين من أنفاق حماس.
كما تدرس واشنطن إمكانية ممارسة ضغوط على قطر ومصر وتركيا لطرد قادة حماس أو منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستهداف قيادات التنظيم في الخارج بل وربما تهدد هي نفسها بذلك، وفق الإذاعة.
ولم تستبعد الإذاعة أن تكون التصريحات المتشددة من نتنياهو وترامب جزءًا من أدوات الضغط في إطار التفاوض وليست خروجا عنه، بهدف دفع حماس إلى تقديم تنازلات قبل اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة.
وأكدت مصر وقطر الجمعة مواصلة جهودهما الحثيثة في ملف الوساطة بقطاع غزة، لوضع حد للحرب وإنهاء المعاناة بالقطاع، فيما أعادت إسرائيل الخميس فريقها التفاوضي من الدوحة لإجراء مشاورات.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، 'تؤكد مصر وقطر تواصل جهودهما الحثيثة في ملف الوساطة بقطاع غزة، من أجل التوصل إلى اتفاق يضع حدا للحرب وينهي المعاناة الإنسانية في القطاع، ويضمن حماية المدنيين وتبادل المحتجزين والأسرى'.
ونوّه البيان بإحراز بعض التقدم في جولة المفاوضات المكثفة الأخيرة التي استمرت لمدة ثلاثة أسابيع، مؤكدا أن تعليق المفاوضات لعقد المشاورات قبل استئناف الحوار مرة أخرى يعد أمرا طبيعيا في سياق هذه المفاوضات المعقدة.
وبدأت قبل أكثر من أسبوعين جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في قطر، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد 21 شهرا من القتال.
ويدور الحديث حول مقترح هدنة مؤقتة لمدة ستين يوما يتم خلالها الإفراج عن نصف الرهائن الإسرائيليين الأحياء الذين احتجزتهم حماس في هجومها في السابع من أكتوبر 2023، و18 من الجثث مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
وتعتقد إسرائيل أن حماس ما تزال تحتجز 50 رهينة من بينهم 20 على قيد الحياة.
وتطالب حماس بضمانات لوقف الحرب بشكل نهائي، وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل التي تقول إن أحد أهداف الحرب هو القضاء على قدرات الحركة عسكريا وسلطتها في غزة.
وتشن إسرائيل حربا واسعة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر، بحسب السلطات الإسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز رهائن.
وأدت الحرب إلى مقتل أكثر من 59 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، بالإضافة إلى دمار كبير في المباني والبنية التحتية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 27 دقائق
- عمون
دعوات الحية: نداءات موت جماعي أم استعراضات إعلامية؟
في زمن المجازر، لا يحتاج الناس إلى خطب حماسية تزاحم ركام الموت بعبارات منفلتة من حسابات الواقع والعقل، بل يحتاجون إلى قيادات تحمي ما تبقى من الأرواح لا أن تقايضها على موائد الخطابة. لكن يبدو أن خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، لم يصله صوت أنين الجوعى في غزة، ولا صدى انفجار العظام تحت ركام البيوت، حين خرج في كلمة مصوّرة ليخاطب الشعوب العربية والإسلامية بدعوة تتجاوز حدود العبث السياسي، إلى حدود الانتحار الجماعي. في خضمّ المجازر والمأساة الإنسانية المتواصلة في غزة، يطل الحية بموقف لا يقل كارثية عن مشهد الموت هناك، داعيا شعوب الدول المجاورة لفلسطين إلى "الزحف نحو فلسطين"، و"محاصرة السفارات الإسرائيلية"، و"قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية" مع تل أبيب، وكأن هذه الشعوب تملك رفاهية الانخراط في مغامرات تفتقر إلى أبسط أشكال العقلانية والخطة. دعونا نكن واضحين، غزة اليوم لا تحتاج إلى شعارات تطلق من أبراج مشيدة بالمايكروفونات، بل تحتاج إلى فتح المعابر، وتفعيل الجسور الإنسانية، وضمان الحماية الدولية للمدنيين، وتأمين الغذاء والدواء والكرامة لمن تبقى تحت الحصار والقصف. أما مطالبة "الجماهير بالزحف" برا وبحرا نحو غزة، فهي ليست سوى دعوة مفتوحة للفوضى والدم، وربما تصفية حسابات على ظهور الشعوب التي لم تتعافَ أصلا من كوارثها. وإذا كانت هذه التصريحات تأتي من منطلق الضغط السياسي، فإنها في حقيقتها ضغط على الشعوب لا على المحتل، ودعوة لصب الزيت على نار المأساة دون أدوات إطفاء، ودون حتى تصور عملي أو سياسي لما بعد هذا "الزحف". فهل المطلوب أن يترك الناس أعمالهم وحدودهم وحياتهم ليخوضوا مغامرة بائسة؟ وهل المطلوب من دول محاصرة اقتصاديا أن تقفل أبواب التجارة والاقتصاد المتبقي من أجل خطاب قد لا يحمي طفلا واحدا من الجوع في مخيم الشاطئ؟. الأخطر في خطاب الحية أنه يُحمّل "علماء الأمة" مسؤولية قيادة هذه التعبئة، وكأن الأمانة الدينية أصبحت تفويضا بجر الجماهير إلى حتفها تحت راية الشعارات الحماسية. في حين أن المسؤولية الحقيقية للعلماء، إن كنا نتحدث عن أخلاق الإسلام وضرورات الحياة، هي حماية الإنسان، وتوجيه الحكام والشعوب نحو ما يُبقي الحياة، لا ما يحيلها إلى رماد. الخطاب الذي نحتاجه اليوم هو خطاب النجاة، لا خطاب الهلاك. نحتاج إلى رؤية تضمن بقاء غزة حيّة، لا أن نزيد خنقها بتصريحات تزيد من عزلة قضيتها. نحتاج إلى قيادات تفهم أن الغضب لا يعني تهورا، وأن الغضب الحقيقي يترجم في المحافل الدولية، في قاعات المحاكم الدولية، في مقاطعة استراتيجية مدروسة، في كسر الحصار لا بكلمات مكرورة بل بخطوات ملموسة.

عمون
منذ 27 دقائق
- عمون
غزة مدينة الجوع لا تعرف الخضوع
تصاعدت في الآونة الأخيرة نداءات الاستغاثة من قطاع غزة المنكوب،الذي تفوح منه رائحة الموت و يعاني من الجوع، لكنه يرفض الركوع أو الخنوع ، حتى رغم الحصار ممنوع من الصراخ، لكنها المنظمات الدولية والهيئات الأممية الإغاثية لم تستطع أن تتجاهل المشهد، فأطلقت صرخاتها التي هزّت ما تبقى من ضمائر العالم إن وجدت ، هو ما دفع العديد من عواصم القرار إلى إعادة ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى طاولة النقاش و القرار الدولية . اليوم، بات صوت غزة يعلو ليذكّر العالم بحقيقة المأساة: وضع إنساني كارثي مزري وصل إلى حد المجاعة، وسط الهجمة البربرية الإسرائيلية، التي لا تفرق بين المدنيين الأبرياء من طفل أو امرأة أو شيخ أو جريح. في ظل هذا الصمت ظهرت صورة مؤثرة للملكة رانيا العبدالله، لفتت الأنظار عالميًا، لامرأة تُمسك طفلها المحتضر جوعًا، وهي تحتضنه بانتظار الموت ليرحمه من ألم الحياة. صورة تحمل في طياتها ألف رسالة و الف قصة ، تعبّر عن قسوة الحصار وأهوال الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي حولت غزة إلى ركام تنهشه المجاعة والأمراض. هي رسالة صامتة للعالم المتخم المترف الذي لا يعرف ماذا يعني انقطاع الكهرباء عن أجهزة الأوكسجين، أو كيف تموت امرأة حبلى وقد جف حليب ضرعها ، لا تجد ما ترضعه لطفلها الذي ما زال متصل بحبلها السري ، أو لمريض جرعة غسيل كلى لا تصل. غزة اليوم لن تموت، بل تصنع الحياة بالمقاومة، و تقدّم درسًا أخلاقيًا و إنسانيًا و سياسيًا في مواجهة مشاريع الإذلال والتجويع والخضوع. لكن، خلف هذا المشهد المأساوي، عجلة السياسة هناك تتحرك. التصريحات الصادرة من واشنطن وتل أبيب حول "مفاوضات إنهاء الحرب" تبدو جزءًا من استراتيجية إلهاء، تهدف إلى كسب الوقت، وإعادة ترتيب المسرح وفق أجندة تستهدف الضفة الغربية، لا غزة فقط. الاحتلال لا يستهدف الجغرافيا فقط، بل يسعى إلى محو ديمغرافيا الإنسان الفلسطيني. ويسعى من خلال سياسة التجويع والعقوبات، لفرض تسويات تفرّغ الأرض من سكانها و السيطرة على الموارد ، لهذا يفرض هندسة حدود ميدانية تخدم مخططاته في الضفة وغزة على السواء. السيناريو الأكثر تفاؤلا ، للأسف، ليس سوى حكم محلي منزوع الدسم ، تابع، يعيش على هامش قرارات تل أبيب، مقابل تنازلات تضمن بقاء القطاع في صيغة "إدارة داخلية" تحكم المدن، مقابل تفريغ الريف والمناطق الحدودية. وسط هذه الصورة، تبقى غزة علامة أسطورية فارقة مخالفة لقوانين الفيزياء الحيوية في زمن الموت، غزة تختار الحياة، في زمن الركوع، رغم الجوع. -رسالة إلى من هم في ميدان الخنادق أو على طاولة التفاوض داخل الفنادق: ما قمتم به هو حق مشروع، ودفاع بطولي عن الأرض والكرامة. ولكن، وفي ظل ما نعيشه من مجازر جماعية، و اختلال في موازين القوى لا بد من شجاعة سياسية توقف هذا النزيف ، حيث من الشجاعة احيانا أن لا نموت . آن الأوان على حركة حماس أن تتحمل مسؤولياتها السياسية، و توظف نضالها العسكري في خدمة الهدف السياسي الصحيح، خاصة ان قنوات الاتصال مفتوحة مع الولايات المتحدة ، الداعم الرئيسي لهذا العدوان ، آن الأوان لتحويل هذه القنوات إلى أدوات لوقف القتل، بدل الاكتفاء بالمواقف والبيانات. في المقابل، غير مقبول من بعض الأطراف المشبوهة تحميل المسؤولية للأردن ، في إيقاف حرب لم يبدأها أو يكن طرفا فيها ، لكنه لم يدخر جهدًا في الإغاثة و دعم القطاع من بدايه العدوان عليه ، وآخرها قوافل الإمداد الميدانية. بعض الأصوات المشككة ذات الأجندة تسعى لتشويه و أضعاف دوره ، لأنها تدرك مدى قوة تأثيره في الحالة الجارية لأسباب عدة : موقعه الجيوسياسي و أهميته، ملف اللاجئين وحق العودة ، الوصاية الهاشمية على المقدسات . كلها اوراق سياسية قادرة على إفشال مخططات الطرف الإسرائيلي الديني المتطرف الماثلة بتهديدات اطماع التوسعة و هواجس الهجرة القسرية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن. أيضا هذه القيادة مطالبة اليوم بإعادة النظر في موقفها من المبادرة العربية، والانخراط في مشروع سياسي وطني فلسطيني جامع يعيد اللحمة الوطنية، ويضع حدا للانقسام المدمر. الاستمرار في الانقسام لن يخدم سوى إسرائيل، و يقدم رفاهية آنية لقيادات منقسمة يقابله وضع الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة في مواجهة مخاطر الموت على السواء. ختامًا نعم، الاحتلال هو المسؤول الأول عن هذه المذبحة، ومعه الحليف الأمريكي. لكن رفع هذه المأساة يتطلب قرارات استراتيجية، و خفض اسقف سياسية مؤقتة ، لدرء الخطر الأكبر: الإبادة الديمغرافية ، وهذا لا يعني بقبول املاءات اسرائيلية امريكية بالمطلق . إن فشل جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية محايدة سيؤدي إلى انفجار أوسع، قد يمتد ليشعل الإقليم بأكمله. كما حذّر الملك عبد الله الثاني مرارًا: "المنطقة على صفيح ساخن، والشعوب باتت تتململ وقد تنفجر". من لا يقرأ عليه أن يبدأ إعادة القراءة ومن لا يفكر فليتعلم . المرحلة تتطلب وعيا و تفكيرًا استراتيجيا ديناميكيا مرنًا، يُوازن بين الثوابت والمصالح، ويؤسس لخارطة طريق تحرر الأرض و تحمي الإنسان، وتعيد للأمة دورها التاريخي. اليوم، لا نملك رفاهية الخيارات ، لكننا نملك إرادة البقاء، و الصمود في صراع الوجود و هذا كاف بالحد الأدنى في هذه المرحلة الحرجة لاستيعاب ما هو آت.

السوسنة
منذ 27 دقائق
- السوسنة
سوبرمان يُحرج إسرائيل
«شايلوك» اسم ظهر في مسرحية «تاجر البندقية» لشكسبير، وهو لشخصية مُرابٍ يهودي قاسٍ، ربما اختارها شكسبير انطلاقا من اشتهار هذه الطائفة بالقروض ذات الفوائد. لم يكن هناك في هذا الوقت ما يعرف بمعاداة السامية، حتى تثور ضجة حول المسرحية، لكنها قطعا في عصرنا هذا ذات حساسية شديدة، لكونها تظهر الطائفة بهذه الصورة النمطية السيئة.خلال تجمع حاشد يحتفل فيه ترامب بإقرار مشروعه لقانون الميزانية في الكونغرس قبل حوالي شهر، برز اسم شايلوك في حديث الرئيس الأمريكي، ضرب به المثل في القرض السيئ، باعتباره مقرضا سيئا لا باعتباره يهوديا سيئا، فاتُهم على الفور بمعاداة السامية، على الرغم من الدعم المفتوح الذي يقدمه للاحتلال، وعلى الرغم من اعترافه بأنه لم يكن يعلم أن ذكر الاسم فيه معاداة للسامية، لكنها الحساسية الصهيونية الشديدة المترقبة المترصدة لكل كلمة أو سلوك يمكن أن يشير بأصابع الاتهام للصهيونية المتقنّعة باليهودية.برزت هذه الحساسية الشديدة مؤخرا خلال ضجة كبيرة، أحدثها عرض النسخة الأخيرة من فيلم «سوبرمان» للمخرج الأمريكي جيمس غان في السينما الأمريكية قبل أيام.الفيلم خرج عن السياق المألوف لهذه النوعية من الأفلام، التي تقدم أمريكا في قالب شرطي العالم ومظلته الحامية عن طريق أبطاله الخارقين، الذين ينقذون دائما كوكب الأرض من الأخطار الخارجية، فأظهر الفيلم مناصرة سوبرمان لبلدة خيالية فقيرة وضعيفة خلف السياج الحدودي يُراد لها التهجير، مِن قِبل بلدة أخرى معتدية مدعومة من قبل الولايات المتحدة.ثارت ضجة كبيرة إثر الإسقاط على واقع مأساة غزة والاعتداءات الإسرائيلية المدعومة من أمريكا، ما حرك منصات الهجوم في الأوساط الإعلامية والثقافية والسياسية المؤيدة للاحتلال، واعتبر الفيلم معاداة للسامية كالعادة، على الرغم من تصريحات صناع العمل السينمائي بأن الفيلم الذي بدأ العمل فيه قبل طوفان الأقصى لا يمت للواقع المذكور بصلة لكنه يتناول بشكل عام قضايا الحرب والتهجير.وفيما يرى البعض أنه توجه جديد للسينما الأمريكية حيال الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أرى فيه من زاوية أخرى تجميلا للوجه الأمريكي، فالبطل الخارق القادم من كريبتون، هو في النهاية متجنس بالجنسية الأمريكية، ويعبر عن طموحات وأحلام وقضايا الشعب الأمريكي، فالذي نصر المظلومين في النهاية هو البطل الأمريكي حتى مع وجود أوجه قصور في الدولة راعية الديمقراطية والحرية في العالم.تتفق أو تختلف معي، فلست معنية في هذا المقام بتفسير رسالة هذا الفيلم ـ إن كانت هناك رسالة- لكن ما يعنيني هو تسليط الضوء على دلالات الضجة الكبيرة، التي أثيرت حول الفيلم، وهذا الإسقاط الذي لم تخطئه عين المشاهد والربط بين الفيلم والأحداث في الواقع. يقال إن كل من شاهد الفيلم كان يضع شخصياته وأحداثه جنبا إلى جنب مع ما يحدث في غزة، والتواطؤ الإسرائيلي الأمريكي، ما يعد دلالة على وضوح القضية الفلسطينية وأبعادها وتفاصيلها عالميا. شعوب أمريكا والغرب كانت تستقي معلوماتها عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من الآلة الإعلامية الرسمية المضللة، التي صورت الإسرائيليين على أنهم أصحاب الأرض المضطهدين من قبل بيئة عربية وحشية لا تريد السلام، وأن أمريكا الرحيمة تمد يد العون لهؤلاء المظلومين، الذين كانوا في السابق ضحايا الهولوكست، والآن ضحايا الوحشية العربية. العالم الآن استرد وعيه للإحاطة بما يحدث في فلسطين مشاهدةً وتحليلا وتفسيرا، وأدرك أن أمريكا وإسرائيل كيان واحد لا ينفصل.الضجة المثارة حول الفيلم، وقراءة الجماهير في السينما ومواقع التواصل الاجتماعي لمضامينه، على أنها عاكسة لأحداث غزة، تُظهر فشل رهان الاحتلال الإسرائيلي على ورقة معاداة السامية، تلك الورقة التي ابتز بها العالم عقودا من الزمان، وأصبحت أداة ضاغطة لتغيير القرارات السياسية واتجاهات الرأي العام، لكن الحرب على غزة، عرّت هذا الخلط المتعمد بين الصهيونية واليهودية، وأدرك العالم أن الأطماع الصهيونية التي تقنّعت باليهودية، قد سقط عنها هذا القناع، وأن انتقاد أو معاداة الاحتلال الإسرائيلي ليس معناه معاداة اليهودية. ردود الأفعال حول الفيلم، والانسيابية في تلقي الجماهير له على أنه إسقاط على الأوضاع في غزة، وترديدها لهذا الترابط بين الفيلم والأحداث بشكل يتضمن الإقرار بالظلم الإسرائيلي، كل ذلك أزعج الاحتلال أكثر من الفيلم نفسه، فلم تعد رؤية الشعوب للقمع الإسرائيلي في غزة، واستهجانه سلوكيات يتوارى بها أصحابها، بل صار كل أحرار العالم والمنصفون فيه يتحدثون عن الطغيان الصهيوني دون الاكتراث لتهمة معاداة السامية. «الأشخاص الذين يحاولون مساواة معاداة الصهيونية بمعاداة السامية ليسوا صادقين، فهذا الاتهام سخيف»، القائل هنا هو الممثل الأمريكي اليهودي جاكوب بيرغر، أحد ركاب سفينة حنظلة المتجهة إلى غزة لكسر الحصار، والتي تمت قرصنتها من قبل الاحتلال. تصريح الممثل الأمريكي اليهودي الذي خلع نجمة داود من عنقه لأنها برأيه تحولت إلى رمز للكراهية، يعكس الوعي العالمي بتهاوي الخلط بين الصهيونية واليهودية، حتى لدى فئات من اليهود أنفسهم، علما بأن جماعات من المتدينين اليهود يرفضون من الأساس فكرة أن يكون لهم وطن جامع، لأنهم عوقبوا بالشتات، وفي إقامة هذا الوطن معارضة لإرادة الرب وفقا لعقيدتهم.كشفت كذلك الضجة المثارة حول الفيلم، وردود الأفعال المصاحبة له، المتعاطفة مع قطاع غزة والمُدينة للعدوان الإسرائيلي، أن الاحتلال أصبح رمزية للشر، وأن الحديث أو الإشارة عن أية ممارسات غير إنسانية من قتل وتدمير وسلب وتهجير، ارتبط في أذهان الجماهير بالاحتلال الإسرائيلي، ما يعكس بشاعة الصورة الذهنية لكثير من الشعوب عن الكيان الغاصب. وفي المقابل، كشفت أن الإشارة أو الحديث عن قيم التمسك بالأرض وعدالة القضية والدفاع المشروع عن الحقوق، قد ارتبط في الأذهان كذلك بغزة وفلسطين.أكاد أجزم أن مثل هذا الفيلم بمضامينه لن يكون تجربة قابلة للتكرار، لكن يكفي أن أتاهم هذا الخزي من حيث لم يحتسبوا، وكلها إشارات بأن زوال هذا الكيان اللقيط قد اقترب أجله.كاتبة أردنية