دعوات الحية: نداءات موت جماعي أم استعراضات إعلامية؟
في خضمّ المجازر والمأساة الإنسانية المتواصلة في غزة، يطل الحية بموقف لا يقل كارثية عن مشهد الموت هناك، داعيا شعوب الدول المجاورة لفلسطين إلى "الزحف نحو فلسطين"، و"محاصرة السفارات الإسرائيلية"، و"قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية" مع تل أبيب، وكأن هذه الشعوب تملك رفاهية الانخراط في مغامرات تفتقر إلى أبسط أشكال العقلانية والخطة.
دعونا نكن واضحين، غزة اليوم لا تحتاج إلى شعارات تطلق من أبراج مشيدة بالمايكروفونات، بل تحتاج إلى فتح المعابر، وتفعيل الجسور الإنسانية، وضمان الحماية الدولية للمدنيين، وتأمين الغذاء والدواء والكرامة لمن تبقى تحت الحصار والقصف. أما مطالبة "الجماهير بالزحف" برا وبحرا نحو غزة، فهي ليست سوى دعوة مفتوحة للفوضى والدم، وربما تصفية حسابات على ظهور الشعوب التي لم تتعافَ أصلا من كوارثها.
وإذا كانت هذه التصريحات تأتي من منطلق الضغط السياسي، فإنها في حقيقتها ضغط على الشعوب لا على المحتل، ودعوة لصب الزيت على نار المأساة دون أدوات إطفاء، ودون حتى تصور عملي أو سياسي لما بعد هذا "الزحف". فهل المطلوب أن يترك الناس أعمالهم وحدودهم وحياتهم ليخوضوا مغامرة بائسة؟ وهل المطلوب من دول محاصرة اقتصاديا أن تقفل أبواب التجارة والاقتصاد المتبقي من أجل خطاب قد لا يحمي طفلا واحدا من الجوع في مخيم الشاطئ؟.
الأخطر في خطاب الحية أنه يُحمّل "علماء الأمة" مسؤولية قيادة هذه التعبئة، وكأن الأمانة الدينية أصبحت تفويضا بجر الجماهير إلى حتفها تحت راية الشعارات الحماسية. في حين أن المسؤولية الحقيقية للعلماء، إن كنا نتحدث عن أخلاق الإسلام وضرورات الحياة، هي حماية الإنسان، وتوجيه الحكام والشعوب نحو ما يُبقي الحياة، لا ما يحيلها إلى رماد.
الخطاب الذي نحتاجه اليوم هو خطاب النجاة، لا خطاب الهلاك. نحتاج إلى رؤية تضمن بقاء غزة حيّة، لا أن نزيد خنقها بتصريحات تزيد من عزلة قضيتها. نحتاج إلى قيادات تفهم أن الغضب لا يعني تهورا، وأن الغضب الحقيقي يترجم في المحافل الدولية، في قاعات المحاكم الدولية، في مقاطعة استراتيجية مدروسة، في كسر الحصار لا بكلمات مكرورة بل بخطوات ملموسة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
نشطاء يشبهون غزة بهيروشيما بعد قصفها بالقنبلة الذرية
شبه العديد من النشطاء والحقوقيين، الدمار والخراب لذي لحق بقطاع غزة، بعد أشهر من الحرب، بما حدث لمدينة هيروشيما اليابانية، بعد أن ألقت عليها الولايات المتحدة قنبلة ذرية سنة 1945. وذكرت صحيفة 'انديبندنت' أن العديد من منظمات حقوق الإنسان والنشطاء اليابانيين من هيروشيما، أعربوا عن مخاوفهم بشأن ما يجري في غزة، قائلين إن العالم لم يتعلم بعد من دروس هيروشيما. وقال كريستيان بينيديكت، مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية في بريطانيا:'عندما تقارن صور غزة بصور هيروشيما قبل 80 عاما، تكون أوجه الشبه مذهلة'. وأضاف: 'مثل هيروشيما، فإن الدمار في غزة يشبه نهاية العالم، عائلات كاملة أُبيدت، أطفال دفنوا تحت الأنقاض، ومستشفيات ومدارس تحولت إلى غبار'. وكانت الولايات المتحدة قد ألقت قنبلة نووية، في السادس من أغسطس 1945، على هيروشيما، وأدى ذلك إلى مقتل أكثر من 140 ألفا خلال الأشهر التي تلت الانفجار. وفي الأيام الماضية، انتشرت صور توثق الدمار والخراب الذي حل بقطاع غزة، وأظهرت صور من السماء أن معظم المباني سويت بالأرض وتلونت باللون الرماد والغبار. وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'، إن إحدى زميلاتها زارت مدينة رفح جنوب غزة، مؤخرا. وأضافت: 'قالت إن رفح تشبه هيروشيما تماما. حاولت أن أحصل على صور لها لكنها لم تسمح لهم بالتقاط أي صور، لكننا بحثنا معا عن صور لهيروشيما، وقالت: 'هذا بالضبط كيف تبدو رفح اليوم''. وتحمل إسرائيل حركة حماس مسؤولية الحرب والدمار في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، وفقا لما ذكرته 'أنديبندنت'. وفي هيروشيما، عبر اليابانيون، الأربعاء، في فعاليات إحياء ذكرى إلقاء قنبلة هيروشيما عن تخوفهم بشأن مستقبل غزة. 'لا للأسلحة النووية'، 'أوقفوا الحرب'، 'حرروا غزة'، 'لا للمزيد من الإبادة الجماعية'؛ كانت هذه بعض الشعارات التي رفعها مئات المحتجين خارج حديقة السلام التذكارية، في فعاليات حضرت مراسمها الرسمية رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيتشيبا. وذكرت الصحيفة أن ممثلا عن فلسطين حضر هذا الحدث لأول مرة، إلى جانب حوالي 55 ألف شخص، من بينهم ممثلون عن 120 دولة ومنطقة.

الدستور
منذ 8 ساعات
- الدستور
الخلايلة: الأردن سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعماً للأهل في غزة
معان - قاسم الخطيب افتتح وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة، أمس الأربعاء، ملتقى الوعظ والإرشاد، واليوم الخيري والطبي المجاني الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع صندوق الزكاة، ومستشفى المقاصد الخيرية في لواء الحسينية بمحافظة معان. وأكد الخلايلة حرص الوزارة على إنفاذ التوجيهات الملكية السامية بالتواصل مع المواطنين في مختلف مناطق المملكة، والاستماع إلى مطالبهم واحتياجاتهم في قطاع الأوقاف، موجها بإعداد الدراسات عن الأسر الفقيرة والبيوت التي تحتاج للترميم في لواء الحسينية، وإقامة مشاريع إنتاجية وبناء مساكن للأسر الفقيرة، بالتعاون والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية. ولفت إلى أهمية ملتقيات الوعظ والإرشاد في نشر الخير والفضيلة، وتبادل الخبرات في نشر رسالة الإسلام السمحة وفق النهج الوسطي المعتدل، ومواجهة التطرف ومحاربة الآفات الاجتماعية،فضلاً عن الحفاظ على أمن واستقرار الوطن، ووحدة الصف الوطني، لافتاً إلى أن الأردن بقيادته الهاشمية سيبقى سندًا للشعب الفلسطيني وداعما للأهل في غزة، رغم كل حملات التشكيك. واستمع الوزير، لمطالب واحتياجات أهالي اللواء في قطاع الأوقاف، المتمثلة توسعة مسجد الحسينية الكبير، واستحداث مكتباً للأوقاف في اللواء وتعيين أئمة ومؤذنين، واعداً بدراسة مطالبهم وتنفيذ ما أمكن منها. ووزع الخلايلة 500 قسيمة شرائية على الأسر العفيفة والفقيرة باللواء، ومساعدات نقدية لـ50 طالب علم و50 يتيما بواقع 100 دينار لكل منهم، إضافة الى 300 طرد غذائي و150 حقيبة مدرسية، مشيرا إلى وجود 300 أسرة في محافظة معان تتقاضى رواتب شهرية من صندوق الزكاة منها 20 في لواء الحسينية، إضافة الى رعاية 25 يتيما، وإقامة 10 مشاريع تأهيلية، وترميم 5 منازل. وأشار مدير أوقاف معان باسم الخشمان، إلى أهمية هذه الملتقيات في خدمة المجتمع وتعزيز قيم التكافل والتضامن بين أفراده، مثمنًا الشراكة والتعاون بين وزارة الأوقاف ومختلف الجهات. وأشاد رئيس نادي الحسينية عقله الذيابات، في كلمة باسم المجتمع المحلي، بالجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف في الجانب الديني والاجتماعي. كما افتتح وزير الأوقاف اليوم الطبي المجاني الذي نظمه مستشفى المقاصد الخيرية وتم خلاله تقديم الرعاية الطبية لأهالي المنطقة. وحضر الافتتاح، محافظ معان خالد الحجاج، ومتصرف اللواء ناصر الجريان، والعين سلطان الجازي، ورئيس لجنة بلدية الحسينيه المهندس عبدالمنعم ابو هلاله، ومدير عام صندوق الزكاة الدكتور عبد سميرات، ورئيس مكافحة التطرف وعواقبة، الدكتور سلطان القرالة، وعدد من وجهاء وأهالي المنطقة.


الغد
منذ 8 ساعات
- الغد
خطة ستارمر التاريخية بشأن فلسطين نابعة من الضعف لا القوة
ديفيد مادوكس* - (الإندبندنت) 2025/8/3 قرر كير ستارمر الاعتراف بدولة فلسطين. وبينما يعتقد معظم الناس أن رئيس الوزراء اتخذ القرار الصحيح بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، وأن القرار كان خطوة في الاتجاه الصحيح أخلاقياً، ثمة تساؤلات تدور حول ما إذا كان اتخذ هذا القرار لأسباب وجيهة. ويبدو القرار مدفوعاً بضغوط داخلية سياسية وانتخابية أكثر منه تعبيراً عن قوة، أو عن قناعة استراتيجية على الساحة الدولية. اضافة اعلان *** كان إعلان كير ستارمر أن المملكة المتحدة ستعترف بدولة فلسطين في أيلول (سبتمبر) المقبل، (ما لم تستوف إسرائيل شروطاً صارمة)، عرضاً مسرحياً لافتًا لا يمكن إنكاره. ولكن، في دراما البيان الذي صدر مساء الثلاثاء من الأسبوع الماضي، كان هناك شعور مزعج بأن الأمر لا يعدو كونه استعراضاً أكثر منه فعلاً من شأنه تغيير الأوضاع على الأرض في غزة وإسرائيل. وحده الزمن سيكشف ما إذا كان ستارمر توصل إلى القرار الصائب -وتعتقد غالبية الناس أنه فعل ذلك- لكن القضية الحقيقية هي ما إذا كان قد فعل ما فعل للأسباب الصحيحة، وما إذا كان ذلك دليل قوة أم ضعف. بدا أن الغضب الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اتهم نظيره البريطاني بـ"مكافأة الإرهاب الوحشي لـ'حماس'"، يوحي بضعف نفوذ الحكومة البريطانية بصورة عامة -وستارمر بشكل خاص. وفي حين أشارت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في حزب "العمال" السيدة إميلي ثورنبري إلى أن رد فعل نتنياهو يدل على أن بريطانيا تتمتع بنفوذ، فإن الحقيقة هي أنه من الواضح تماماً أن هذا لن يغير سياسة إسرائيل قيد أنملة. ولكن، ربما لا يكون ذلك مهمًا. حظي وزير الخارجية، ديفيد لامي، بتصفيق حار في الأمم المتحدة عندما أعلن عن نية الاعتراف بدولة فلسطينية. وربما لا يكون من قبيل المصادفة أن الدول العربية، بما في ذلك قطر ومصر، أصدرت بياناً قوياً بعد ذلك بوقت قصير، حثت فيه "حماس" على نزع السلاح والتخلي عن السيطرة على غزة. لكن الحقيقة هي أن الأيام القليلة الماضية أكدت أن هناك رجلاً واحداً فقط يمكنه التأثير في الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط خارج نطاق المشاركين في الحرب الدائرة، وهو دونالد ترمب. يبدو من المهم للغاية ملاحظة أن ستارمر انتظر عقد اجتماعه مع ترامب في تيرنبيري قبل أن يحذو حذو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسألة الاعتراف. وبالإضافة إلى ذلك، لم يبد القرار ممكناً إلا بعد أن أعطى ترامب فعلياً الإذن للمملكة المتحدة بالخروج عن سياسة الولايات المتحدة، وقال إنه لا يرى مشكلة في احتمال اتخاذ السير كير موقفاً بشأن قيام دولة فلسطينية. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالمال وتوريد الأسلحة والنفوذ السياسي، يتعين على الولايات المتحدة أن تطلب من إسرائيل التوقف عن تجويع الفلسطينيين وفرض وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من أن ترامب قال إنه يريد وقف التجويع، فإن رغبته في فرض وقف لإطلاق النار ما تزال موضع تساؤل. في غضون ذلك، حاول السير كير موازنة قوة الولايات المتحدة من خلال مجموعة "إي-3" الجديدة التي تضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا. جاء هذا التدخل الأخير نتيجة لمحادثات المجموعة التي عقدت يومي الجمعة والسبت من الأسبوع الماضي. ويرى البعض أن تشكيل هذه المجموعة هو اعتراف في حد ذاته بأن الاتحاد الأوروبي فقد بعض نفوذه الدبلوماسي نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأن القوى الثلاث الكبرى في أوروبا في حاجة إلى التعاون مرة أخرى. أكبر مشكلة يواجهها كير هي أن كل زعيم دولي، سواء كان نتنياهو أو المستشار الألماني فريدريش ميرتس أو ترامب، يدرك أن مسرحية مساء الثلاثاء كانت في الأساس مسألة سياسية داخلية بالنسبة لستارمر. فقد دفعته التوترات داخل حكومته وحزب "العمال" عموماً، فضلاً عن الضغوط السياسية المتزايدة من النقابات العمالية والنواب، على اتخاذ موقف من القضية الفلسطينية لتهدئة الوضع الداخلي. ولكن، ربما يكون أكثر ما أثار قلق ستارمر وفريقه القيادي هو ظهور حزب جيريمي كوربن الجديد، الذي شكل تهديداً حقيقياً لهم. فقد خسر النائب العمالي السابق، جوناثان آشوورث، مقعده لمصلحة نواب مستقلين مؤيدين لغزة في العام الماضي، وكاد وزير الصحة، ويس ستريتينغ، ووزيرة العدل، شبانة محمود، أن يخسرا مقعديهما أيضاً. من خلال اتخاذ موقف قوي ضد أفعال إسرائيل في غزة، يأمل ستارمر في كسب أصوات الناخبين المترددين الذين ربما كانوا سيميلون إلى دعم حزب كوربن الجديد المؤيد لغزة. لذلك، هناك شعور بأن ستارمر ظهر في دور قيادي وربما توصل إلى القرار الصحيح، لكن الأسباب التي دفعته إلى ذلك تتعلق بضعفه على الصعيد المحلي أكثر مما تتعلق بقوته على الساحة الدولية. *ديفيد مادوكس David Maddox: صحفي ومحرر سياسي بريطاني بارز يتميز بتغطيته المكثفة للشؤون السياسية البريطانية، بما في ذلك قضايا البرلمان، والحزب المحافظ، والعلاقات الدولية. يُعرف بأسلوبه التحليلي وكتاباته التي تمزج بين السرد السياسي والنقد اللاذع. تناول في مقالاته مواضيع مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث عبّر أحيانًا عن مواقف ناقدة للسياسات الإسرائيلية، مشيرًا إلى مسؤولية الغرب الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية.