1 أيار: القانون "يستضعف" العمّال ورفع الأجور بعيد المنال
يحل يوم العمال هذه السنة بينما يزداد واقع العمال والموظفين في لبنان مرارة. تتوالى الحكومات، ويستمر معها العجز والانصياع لأرباب العمل وإغفال معاناة الأجراء، الذين يتسارع سقوطهم في حُفرةٍ أعمق من الفقر. يأتي ذلك وسط رفض "الهيئات الاقتصادية" لأي تعديلٍ عادل للحد الأدنى للأجور، وعرقلتها اجتماعات لجنة المؤشر أو التسبب بتأجيلها، كما حدث في الاجتماع الأخير الذي تم تأجيله إلى 7 أيار 2025.
يتعمّق غرق اللبنانيين من ذوي الدخل المحدود في آلامهم منذ عام 2019، بعد أن تراجع الحد الأدنى للأجور بنسبة 55 في المئة، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها. كما استمرت الزيادات الكبيرة – غير المفهومة وغير المبرّرة – في أسعار السلع والخدمات الأساسية والتعليم وبدلات الإيجار، رغم تراجع موجة التضخم العالمي من جهة، وقرار دولرة الاقتصاد الذي اتخذه وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام من جهة أخرى.
لقد تآكلت القدرة الشرائية منذ بدء الانهيار الاقتصادي بنسبة تتراوح بين 70 و90 في المئة، بالإضافة إلى تدهور الخدمات العامة. في حين أصبح الجزء الأكبر من اللبنانيين يعاني بشكل متزايد من آفتي البطالة المزمنة والبطالة المقنعة، حيث تشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى بلوغ المعدل العام للبطالة في لبنان نحو 30 في المئة، ومعدل العمالة غير النظامية نحو 60 في المئة.
هذا يعني أن جزءًا كبيرًا من اللبنانيين يعاني من تآكل مهارات العمل إلى جانب خسارة كاملة للأجور والمدخرات، وما يرافقه ذلك من أعراض اكتئاب وتزايد في معدلات الجريمة. بينما يعاني جزءٌ أكبر من عدم استغلال مؤهلاتهم ومهاراتهم بشكل كامل، بسبب عدم توفر وظائف مناسبة، حيث يضطرون إلى العمل خارج إطار القوانين والأنظمة، ومن دون عقود عمل مقابل أجور منخفضة لتلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم. يُضاف إلى كل ما سبق استمرار وزارة العمل في التلكؤ في تنظيم العمالة الأجنبية، ما يتيح لأصحاب العمل استغلالها لزيادة الإنتاجية من جهة، وخفض معدل الأجور من جهة أخرى، مما يرتب تبعات كارثية على العمالة المحلية. كما تستغل قوى أقصى اليمين السياسي هذه الوضعية، مضاعفةً بذلك من حدّة خطابها العنصري، وهي القوى ذاتها التي تعادي مصلحة الطبقة العاملة اللبنانية عبر دعمها أهداف وتطلعات "الهيئات الاقتصادية" على اعتبارها ممثلة الاقتصاد اللبناني.
معضلة الحد الأدنى للأجور
لم تفضِ اجتماعات لجنة المؤشر إلى أي نتيجة إيجابية. فمن جهة، يطالب الاتحاد العمالي العام، ممثلًا برئيسه بشارة الأسمر، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 900 دولار أميركي في المناطق، أي ما يعادل 81 مليون ليرة لبنانية، وإلى 1200 دولار في بيروت، أي ما يعادل 108 مليون ليرة. وهذه الأرقام تأتي وفقًا لدراسات الاتحاد العمالي الخاصة، لكن يبدو أن الاتحاد قد تبنّى نتائج دراسة الشركة الدولية للمعلومات، التي حدّدت أن متوسط الحد الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن 890 دولاراً، على اعتبار أن الكلفة الأدنى لا تقل عن 675 دولارًا في الشهر، والكلفة الأعلى لا تتجاوز 1121 دولارًا، وذلك من دون أخذ أعباء الطبابة والتعليم الخاص بعين الاعتبار، وبعد تقليص مجموع التكاليف المتوجبة على الأسرة إلى أدنى حد ممكن. أي أن هذه الأرقام التي قدمها كل من الاتحاد العمالي العام والشركة الدولية للمعلومات تمثل ما تحتاجه الأسرة اللبنانية للبقاء على قيد الحياة وتلبية المتطلبات الضرورية فقط.
ومن جهة أخرى، يصرّ أرباب العمل، ممثلين بـ "الهيئات الاقتصادية"، على رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دولار فقط، أي ما يعادل 27 مليون ليرة، رغم تقديم الاتحاد العمالي تنازلات كبيرة ومطالبته برفع الحد الأدنى إلى 550 دولارًا فقط.
ويشير الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، إلى أن 80 في المئة من المؤسسات الخاصة في لبنان قادرة على دفع حد أدنى للأجور يصل إلى 900 دولار شهريًا. ويضيف أن الدولة، باعتبارها المُشغِّل الأكبر، قادرة أيضًا على رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع العام، إذا تمكنت من معالجة التهرب الضريبي، وخصوصًا التهرب من دفع الضريبة على القيمة المضافة. وتعقيبًا على تهديدات أصحاب العمل بإقفال مؤسساتهم، متذرعين بعدم قدرتهم على دفع أجور أعلى، كرّر شمس الدين في أكثر من تصريح صحافي مقولة "خليهن يسكّروا!"، مؤكدًا أن ما يروّج له من قبل أصحاب العمل بعيد عن الواقع "فالمؤسسات الكبيرة تفتتح المزيد من الفروع لكنها ترفض زيادة الحد الأدنى للأجور"، وبالتالي فهي تستحوذ على قيمة متزايدة من عملٍ غير مدفوع الأجر. ويستند شمس الدين في تحليله واستنتاجه إلى ثلاثية مؤشر التضخم بحسب إدارة الإحصاء المركزي، ومستويات الأسعار وكلفة المعيشة، والوضع الحالي للمؤسسات وقدرتها على التحمل. كما يشدّد على ضرورة ربط تعويض غلاء المعيشة بمرسوم زيادة الحد الأدنى للرواتب والأجور.
نحو مشروع قانون عمل جديد
في تصريح خاص لـ "المدن"، يقول المدير التنفيذي للمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين الدكتور أحمد الديراني: إن سوق العمل تغير بشكلٍ كبير منذ أن أقرّ قانون العمل عام 1946، فهناك فئات عمالية جديدة، وفئات عمالية أخرى لم تعد موجودة، بالإضافة إلى أشكال مختلفة من العمالة الهشّة وغير النظامية التي لا تغطيها التشريعات. وهذه الفئات العمالية معرّضة لجميع أشكال التجاوزات والاستغلال لأن قانون العمل لا يشملها.
وقد حاول جميع وزراء العمل المتعاقبين منذ اتفاق الطائف حتى يومنا هذا تحديث قانون العمل، لكن محاولاتهم لم تكتمل لأنهم لا يتواصلون مع الفئات المعنية بالشكل المطلوب، رغم أن قانون العمل هو أهم عقدٍ اجتماعي على الإطلاق في أي مجتمع. ويعطي الديراني المادة رقم 7 من قانون العمل الحالي مثالًا على الثغرات والإشكاليات التي ينطوي عليها، وهذه المادة تنصّ على عدم شمول عشرات الآلاف من العمال والموظفين، مثل العمال الزراعيين، والعمالة المنزلية، والعمال المياومين في البلديات والإدارات الرسمية والمؤسسات العامة والمؤسسات العائلية. ويشير إلى أن معدل العمالة غير النظامية بلغ اليوم 66 في المئة، وأن المتغيرات لم تصب سوق العمل وحده، بل أيضًا عقود العمل، وجزء كبير منها غير منظم ويغيب عنها قانون العمل بشكل كلي.
لكنه يرى أن الأولوية هي لخلق فرص عمل مستدامة، ويقول: "يجب على قانون العمل أن يتضمّن بنودًا تُلزِم الدولة باتباع سياسات تهدف إلى تأمين فرص العمل وفتح مجالات عمل جديدة، وهي خطوة طارئة تسبق إعادة تنظيم علاقات العمل".
ويضيف الديراني: "لا يؤمن قانون العمل الحالي المساواة، خصوصًا في فرص العمل والأجور والترقيات للنساء، ولا يتضمن مواد ملزمة تحمي حقوقهن،
خصوصًا
فيما يتعلق بالعمل خلال فترة الحمل والولادة والرضاعة. كما أن قانون العمل لا يوفر الحماية المناسبة للعمال والعاملات المنزليين، لاسيما بعد إلغاء مجلس شورى الدولة لعقد العمل الموحد عام 2020. ولا ينص على تشريعات خاصة بحقوق المعوقين العاملين ولا أفراد مجتمع الميم، إضافة إلى أنه لا يلحظ القانون رقم 220/2000 الذي يضمن الحق في العمل والتوظيف والتقديمات الاجتماعية للمعوقين".
ويركّز على أن قانون العمل الحالي "لا يؤمن حماية واستقرار وديمومة العمل، حيث إن المادة 50 منه لا تتضمن رادعًا ماديًا أو آليات قانونية فعّالة لحماية العمال من الصرف التعسفي. وهذا الأمر يشكل أزمة لأولئك الذين عملوا في نفس المؤسسة لفترة طويلة، حيث يكون تعويض الصرف التعسفي بسيطًا جدًا بالنسبة لصاحب العمل".
أما فيما يتعلق بجهود المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين في هذا الإطار، يشير الديراني إلى "أننا في المرصد، وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، ومجموعة من الاتحادات النقابية الفاعلة، نعمل منذ حوالي عامين على إعداد مسودة قانون عمل جديد يعالج كل الثغرات والإشكاليات المثارة. وقد نظمنا ورش عمل عديدة مع العمال في مختلف القطاعات، وجميع الفئات المعنية بقانون العمل، وقمنا بتشكيل لجنة قانونية للمتابعة، وسنعلن خلال أقل من شهرين عن إنجاز مسودة الإطار المرجعي، والمبادئ التي يجب أن تحكم التعديلات، إضافة إلى مسودة كاملة لقانون عمل جديد. وبعد إنجاز هذه الخطوات سنتوجه إلى أصحاب القرار السياسي وأصحاب العمل وجميع المعنيين لنقاش هذه الأوراق".
يومٌ للعمال وليس عيدًا للعمل
!
في هذا اليوم من كل سنة، لا بد دائمًا من التذكير أن ذكرى الأول من أيار اختيرت تكريمًا لذكرى الحركات العمالية التي ناضلت وضحّت لتحقيق مطالبها وحقوقها العمالية، وخاصةً بعد الأحداث التي حصلت في شيكاغو عام 1886، حيث أعلن مئات الآلاف من العمال الإضراب وخرجوا في تظاهرات للمطالبة بزيادة الأجور وتقليص ساعات العمل إلى ثماني ساعات، ففتحت عناصر الشرطة النار عليهم وارتكبت مجزرة بحقهم.
ومنذ ذلك الحين، توالت الإضرابات والتحركات الغاضبة في هذا اليوم حول العالم، وشهدت العديد من البلدان قمعًا وحشيًا بحق العمال، من روسيا القيصرية إلى تركيا والأرجنتين وبولندا وفرنسا وإندونيسيا والمكسيك والهند وتشيلي وإسبانيا والبرازيل، واللائحة تطول. ليس هذا اليوم، كما يردّد الكثير من أصحاب العمل في لبنان وبلدان أخرى، مخصصًا لتكريم العمال على إنتاجيتهم وتعبهم، ولا عطلةً رسمية تتمنن الدولة بها عليهم، ولا عيدًا للتفاخر والاحتفال بالعمل؛ بل هو يومٌ للتذكير بالحقوق الإنسانية والاجتماعية للعمال، والمطالبة بأجور عادلة، وظروف عمل لائقة، والحق بالتنظيم النقابي. وهو أيضًا يومٌ لتسليط الضوء على مكامن الخلل والإشكاليات المتعلقة بعلاقات العمل، بالإضافة إلى كونه يومًا للتضامن العالمي بين المنتجين بأيديهم وعقولهم في جميع أنحاء العالم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
بـ500 مليون إسترليني.. هذه الشركة تشتري صحيفة "التليغراف"
وافقت شركة "ردبيرد كابيتال بارتنرز" على الاستحواذ على صحيفة *التليغراف* في صفقة تبلغ قيمتها 500 مليون جنيه إسترليني (نحو 674 مليون دولار)، ما يضع حداً لحالة الغموض التي استمرت لعامين حول مستقبل هذه المؤسسة الإعلامية البريطانية. وجاء في بيان صادر عن الشركة، نقلته وكالة بلومبرغ ، أن مؤسس "ردبيرد كابيتال"، جيري كاردينال، سيستحوذ على دار النشر من "ردبيرد IMI"، وهي منصة استثمارية مدعومة من شركته وتملك فيها دولة الإمارات حصة الأغلبية. وكانت "ردبيرد IMI" قد عرضت دار النشر للبيع قبل أكثر من عام، بعد إعلان الحكومة البريطانية نيتها تقييد ملكية الدول الأجنبية للصحف المحلية. والمنصة الاستثمارية مشروع مشترك بين ردبيرد كابيتال و"ردبيرد أي إم أي"، والتي تمتلك أغلبية مسيطرة. وأجري مستثمرو وسائل الإعلام البريطانية محادثات للانضمام إلى المجموعة المالكة الجديدة، كمساهمي أقلية، حسبما قالت ردبيرد بدون ذكر أسمائهم. وأضافت أن "ردبيرد أي إم أي" سوف تحتفظ بحصة صغيرة، بحسب القانون البريطاني.


IM Lebanon
منذ 3 ساعات
- IM Lebanon
مقدمة نشرة أخبار 'الجديد' المسائية ليوم الجمعة 23/5/2025
ركلة بداية مترددة افتتح بها رئيس الحكومة نواف سلام أول مباريات المدينة الرياضية بعد تأهيلها بين النجمة والأنصار. قدم الحكومة لاعب الكرة وديا وبهدوء بخلاف الصخب الذي تصاعد من جمهور الملاعب. وأطلق مناصرو النجمة هتافات موجهة الى الرئيس سلام وتهتف باسم الامين العام السابق لحزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله الذي كان شيع من المكان نفسه. ومن الأخضر الاصطناعي الى شباك المرمى وجمهور الفريقين والحضور الحكومي والهتافات السياسية في محفل رياضي. كلها شكلت صورة عن بلد لا تغيره لعبة لكنه يحتفي بعودته الى روح المدينة الرياضية وفي ركلاته البلدية تمكنت الروح الانتخابية من بلوغ الحد الاقصى للتزكية. غير أن المعارك لا تزال واقعة بركلات حرة في ملاعب الأقضية غير الأمامية وأول من أدلى بصوته كان العدو الاسرائيلي من خلال أصوات الغارات المكثفة على معظم الأقضية ليل امس في محاولة للحد من إقبال الناس على صناديق الاقتراع. غير أن تقريرا لوكالة رويترز من جنوب لبنان استند في بعضه إلى مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أكد أن الحرب لم تحقق هدفها المتمثل في خفض شعبية حزب الله بل على العكس يشعر الكثير من المواطنين الشيعة الآن بأن مصيرهم مرتبط بالحزب. وتقع المعارك في مناطق معظمها خارج نفوذ الثنائي ولاسيما في جزين وصيدا حيث الوجود السني والمسيحيو ويخوض اليسار والمجتمع المدني معارك في مرجعيون حاصبيا وصولا الى قضاء النبطية. وأما التيار والقوات فيتنازعان على الشلال الجزيني و'شك العلم'، وتدخل بينهما قوة نبيه بري المتمثلة بجسره الجزيني إبراهيم عازار على هذه الحروب البلدية التي تنتهي مساء غد السبت، اندلعت حرب خفية بين ثنائي نسائي لكنها هذه المرة تستثمر في دواء السرطان وتهريبه عبر مطار بيروت. هي رواية دخلت القضاء مع المدعوة ماريا فواز التي فرت من لبنان الى جورجيا وهي زوجة الضابط في الامن العام محمد خليل شقيق النائب علي حسن خليل وتفاصيل هذه الرواية تتابعها الجديد مع الزميل هادي الامين، إذ نكشف بالصوت عن التلاعب في ملف يخص حياة المرضى، وعن اكثر من أربعين مليون دولار تم نصبها من مواطنين شاركوا في الاستثمار الطبي المزعوم سلاح النصب الخطر هذا يتفاعل في قصر العدل. وأما سلاح 'القضية' الفلسطينية فقد شهد اليوم على أولى مراحل حله للمرة الأولى منذ اتفاق القاهرة عام تسعة وستين في عهد الرئيس شارل حلو وتصريح حل السلاح أعطاه من بيروت الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، مانحا الدولة اللبنانية الضوء الاخضر باستعادة السيطرة الكاملة على المخيمات وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن سحب السلاح من المخيمات يبدأ منتصف حزيران.


المنار
منذ 4 ساعات
- المنار
ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بتعريفات بنسبة 50 بالمئة ويستهدف قطاع الهواتف الذكية
هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي الجمعة بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو، في حين دعا التكتل إلى اتفاق يكون قائما على 'الاحترام' وليس 'التهديدات'. إلى ذلك، أعلن ترامب إن رسوما جمركية بنسبة 25 في المئة ستطبق على جميع الشركات التي تبيع في الولايات المتحدة هواتف ذكية يتم صنعها في الخارج، وذلك بعد بضع ساعات على توجيهه تهديدا حصريا إلى شركة آبل. وتراجعت أسواق الأسهم بعد أن فاقمت تصريحات الرئيس الجمهوري المخاوف من اضطرابات على مستوى الاقتصاد العالمي، وذلك بعد فترة من الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة إثر توصل ترامب إلى اتفاقات مع الصين وبريطانيا. وكان ترامب أشار صباحا في منشور على منصته الاجتماعية تروث سوشال إلى أنه 'من الصعب جدا التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجاريا مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة'. لاحقا، استبعد ترامب التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكررا تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على السلع التي مصدرها التكتل. وقال لصحافيين في البيت الأبيض ردا على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا 'لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50 بالمئة'. ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي 'الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية'، ما تسبّب في 'عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول بتاتا'. من شأن الرسوم الجمركية الجديدة في حال تم فرضها أن ترفع بشكل كبير التعرفة البالغة حاليا 10 بالمئة، وأن تؤجج توترات قائمة بين أكبر فوة اقتصادية في العالم وأكبر تكتل لشركائه التجاريين. في المقابل، قال المفوّض الأوروبي لشؤون التجارة ماروس سيفكوفيتش الجمعة إن التكتل مستعد للعمل بـ'حسن نية' من أجل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يكون قائما على 'الاحترام' وليس 'التهديدات'. وجاء في منشور لسيفكوفيتش على منصة إكس عقب محادثات أجراها مع الممثل التجاري الأميركي جاميسون غرير ووزير التجارة هاورد لوتنيك أن 'الاتحاد الأوروبي ملتزم تماما التوصل إلى اتفاق يفيد الطرفين'. في منشور منفصل، هدّد الرئيس الأميركي الجمعة شركة آبل بفرض رسم جمركي قدره 25 بالمئة ما لم تقم بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة. وقال ترامب في منشور على منصته تروث سوشال 'لقد أبلغت تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع هواتف آيفون… في الولايات المتحدة، وليس في الهند أو في أي مكان آخر. إذا لم يحصل ذلك، سيتوجب على آبل دفع رسم جمركي قدره 25 بالمئة على الأقل للولايات المتحدة'. لاحقا، أشار ترامب إلى أن الرسوم الجمركية بنسبة 25 بالمئة ستطبق على جميع الشركات التي تبيع في الولايات المتحدة هواتف ذكية يتم صنعها خارج الأراضي الأميركية. وقال الرئيس الأميركي لصحافيين في البيت الأبيض إن هذا الاجراء 'سيشمل أيضا (شركة) سامسونغ وجميع من يصنعون هذا المنتج'. ولفت الى أن القرار سيدخل حيز التنفيذ 'في نهاية حزيران/يونيو'، مؤكدا أن عدم تطبيقه 'لن يكون أمرا منصفا'. قلق في الأسواق في الثاني من نيسان/أبريل فرض ترامب رسوما جمركية على غالبية الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في إطار ما أسماه 'يوم التحرير'، مع حد أدنى نسبته 10 بالمئة، في حين بلغت الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي 20 بالمئة. أدت الخطوة إلى خضة كبرى في الأسواق سرعان ما هدأت بعدما أعلن تعليق الرسوم الأعلى نسبة لمدة 90 يوما. مذّاك الحين، تحدّث ترامب عن تحقيق نجاحات في اتفاقات أبرمت مع بريطانيا والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. لكن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لم تحرز تقدّما كبيرا، وقد هدّدت بروكسل مؤخرا بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة نحو 100 مليار يورو (113 مليار دولار) إذا لم تخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريح لقناة بلومبرغ التلفزيونية الجمعة، إن الإبقاء على نسبة 10 بالمئة 'يتوقف على مجيء الدول أو التكتلات التجارية وتفاوضها بحسن نية'. وتراجعت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت بنحو واحد بالمئة بعد ساعتين على بدء التداول، وقد سجّل مؤشر ناسداك في بادئ الأمر تراجعا بلغ 1,5 بالمئة قبل أن يتعافى، فيما تراجعت أسهم آبل بنسبة 2,5 بالمئة. وأغلقت بورصتا باريس وفرانكفورت على خسائر بلغت نسبتها 1,5 بالمئة، وكذلك هبط مؤشر FTSE 100 في لندن. وقال كبير الاقتصاديين المتخصصين بشؤون الولايات المتحدة في شركة باركليز للاستثمارات والخدمات المالية جوناثان ميلر إن 'الإدارة كانت قد ألمحت إلى أنها تدرس فرض رسوم جمركية متبادلة على دول لا تتفاوض بحسن نية'. المصدر: وكالات