
قمة مجلس التعاون وآسيان والصين.. نموذج لبناء شراكات متوازنة ومستدامة
عربي ودولي
0
A-
الدوحة - قنا
تكتسب القمة الاقتصادية الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين، التي تنعقد اليوم في العاصمة الماليزية كوالالمبور، أهمية استثنائية، حيث يتوقع أن تكون نقطة تحول استراتيجية في تعزيز التعاون الإقليمي وبناء شراكات أكثر تكاملا بين الأطراف الثلاثة.
وتأتي القمة وسط ديناميكية إقليمية ودولية متغيرة، حيث يشهد التعاون بين دول مجلس التعاون والصين تسارعا ملحوظا، ويتزايد التنسيق مع دول جنوب شرق آسيا، ما يعزز الفرص لبناء شراكات متوازنة ومستدامة.
وفي السياق، تطورت العلاقات الخليجية – الصينية بوتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة، ما جعل من الصين الشريك التجاري الأول لدول المجلس في العديد من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا.
وقد تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 279 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية ويوضح إمكانيات التوسع المستقبلي فيها.
كما رسخت قمة قادة دول مجلس التعاون والرئيس الصيني شي جين بينغ، التي عقدت في ديسمبر عام 2022، أسس هذا التعاون عبر اعتماد خطة العمل المشتركة (2023 – 2027)، التي شملت مجالات السياسة، الاقتصاد، البيئة، والثقافة.
ويشكل منتدى التعاون العربي – الصيني منصة إضافية لتبادل وجهات النظر وتعزيز التنسيق مع دول المجلس، خاصة من خلال آليته الأبرز، الاجتماع الوزاري الدوري الذي يعقد كل عامين.
وتتوسع أطر التعاون لتشمل مجالات أكثر تقدما مثل الطاقة النووية السلمية، حيث يسعى الطرفان إلى تطوير الشراكة في هذا المجال بما يعزز أمن الطاقة في دول الخليج ويدعم أهداف التنمية المستدامة على المدى الطويل.
ويواكب ذلك تصاعد حجم الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون، والتي شملت قطاعات حيوية متعددة، من الصناعة إلى التكنولوجيا، كما عكسته استضافة مدينة شيامن الصينية لمنتدى التعاون الصناعي والاستثماري في مايو 2024.
وعلى الصعيد السياسي، تبرز تطابقات لافتة بين الجانبين في العديد من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك القضية الفلسطينية، إذ يتشارك الطرفان في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
ويبرز دور دولة قطر كلاعب محوري في منظومة العلاقات الخليجية الآسيوية، حيث تقيم علاقات متقدمة مع كل من الصين ودول آسيان، إذ تستند الدبلوماسية القطرية إلى نهج الحياد الإيجابي والانفتاح، ما يمنحها قدرة على التفاعل المرن مع تكتلات دولية متعددة، ويجعلها منصة فعالة لتعزيز الحوار والتكامل الإقليمي.
وتعد دول مجلس التعاون من أبرز موردي الطاقة إلى الصين، حيث تعتبر قطر في هذا السياق شريكا استراتيجيا رئيسيا في قطاع الغاز الطبيعي المسال، الذي تحتل فيه موقعا رياديا عالميا.
وقد أسهمت العقود طويلة الأجل التي تم توقيعها بين البلدين في تعزيز هذا التعاون، مما يبرز الثقة المتبادلة ويؤكد مكانة قطر كمورد موثوق للطاقة على الساحة العالمية. وقد بلغ حجم صادرات الغاز القطري الطبيعي إلى الصين في العام 2023 نحو 17 مليون طن، مما يعزز دور قطر كمورد أساسي للطاقة في المنطقة.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين الصين وقطر في عام 1988، ومنذ ذلك الحين شهدت تطورا متسارعا على مختلف الأصعدة، بما يشمل مجالات التعاون السياسي والاقتصادي.
وقد شكلت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، إلى الصين في نوفمبر عام 2014 نقطة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث تم توقيع اتفاقيات استراتيجية أسست لشراكة قوية ودائمة بينهما.
ويركز البلدان على توسيع شراكتهما الاستراتيجية في مجالات جديدة مثل الاقتصاد الرقمي، الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، حيث يطمح الجانبان إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال التعاون في هذه المجالات المبتكرة.
ويعد التعاون المتنامي بين قطر والصين نموذجا عمليا قد تستفيد منه دول مجلس التعاون الخليجي في توسيع علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيان، خاصة في ظل تنامي الحاجة إلى تنويع الشراكات وتعزيز التكامل الإقليمي، حيث يعكس هذا التعاون فرصا ملموسة في مجالات حيوية مثل الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا.
وتعتبر الشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وبكين، التي تشمل عقود توريد طويلة الأجل للغاز الطبيعي المسال وتعاونا متصاعدا في مجال الطاقة المتجددة، مثالا على إمكانات التعاون الاقتصادي متعددة الأطراف.
وتسهم العوامل الجغرافية في دعم هذا التوجه، إذ يشكل الموقع الاستراتيجي لدول مجلس التعاون وقطر على وجه الخصوص نقطة وصل طبيعية بين الشرق والغرب، ما يمنحها دورا محوريا في تسهيل تدفقات التجارة والطاقة بين آسيا ومنطقة الشرق الأوسط.
كما يتقاطع هذا المسار مع أهداف مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تسعى إلى تعزيز الربط العابر للحدود وتكامل البنى التحتية في آسيا والشرق الأوسط، مما يفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي واللوجستي بين الجانبين، وهو ما يعزز فرص بلورة تعاون خليجي - آسيوي يستند إلى المصالح المشتركة ويواكب التحولات العالمية.
إضافة إلى ذلك، فإن الثقل الدبلوماسي لقطر يعزز من قدرتها على التأثير في محافل الحوار الإقليمي والدولي، ما يتيح لها أن تكون لاعبا رئيسيا في تنسيق العلاقات بين دول مجلس التعاون وآسيان والصين.
وفي ظل هذه الديناميكيات المتسارعة، تبقى قمة كوالالمبور فرصة مهمة لتعزيز أطر التعاون بين دول مجلس التعاون وآسيان والصين، بما يسهم في بناء شراكات استراتيجية تسهم في مواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة للمنطقة والعالم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 2 ساعات
- صحيفة الشرق
بلومبيرغ: "ريكسوس" التركية تستثمر 3 مليارات دولار بالدوحة
تتوسع الشركة التركية المالكة لفنادق ريكسوس خارج أوروبا وآسيا الوسطى لتستثمر بشكل كبير بدول مجلس التعاون الخليجي باستثمار قدره 3 مليارات دولار في قطر. وصرح رئيس مجلس الإدارة، فاتح تامينجي، في مقابلة صحفية بأن الشركة ستبني فنادق ومدينة ملاه، بالإضافة إلى بعض العقارات السكنية والتجارية على أراضٍ مطلة على الشاطئ شمال الدوحة. وستكون هذه العقارات جزءًا من مشروع تطوير السياحة العملاق في سميسمة، وسيتم تنفيذ الاستثمارات على مدى السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة. بحسب موقع "بلومبيرغ". وسيقام مشروع سميسمة احد مشروعات الديار القطرية، على مساحة 8,000,000 متر مربع، ويمتد على طول سبعة كيلومترات من شاطئ البحر الخلاب على الساحل الشرقي لقطر، وسيقدم تجربة فريدة من نوعها على مدار العام مع تكنولوجيا التبريد الخارجية. وسيوفر المشروع فرصاً استثمارية واعدة، حيث يضم 16 منطقة سياحية متاحة للتطوير، بما في ذلك المنتجعات التي تتوزع على أربع مناطق تتميز كل منها بتصميم وطابع فريد. بالإضافة إلى ذلك، سيضم المشروع مدينة ألعاب ضخمة على مساحة 650,000 متر مربع، وملعبًا عالميا للجولف مكونًا من 18 حفرة، وفيلات سكنية، ومارينا لليخوت، فضلاً عن المطاعم والمحلات التجارية الفخمة. وستكون الاستدامة ركيزة أساسية للمشروع، مع الاعتماد على الأنظمة الذكية، بالإضافة إلى استخدام المواد المحلية والمعاد تدويرها، فضلاً عن أحدث تقنيات البناء.


صحيفة الشرق
منذ 10 ساعات
- صحيفة الشرق
سعر النفط الكويتي يرتفع إلى 65.01 دولار للبرميل
ارتفع سعر برميل النفط الكويتي بمقدار 92 سنتا ليبلغ 65.01 دولار للبرميل في تداولات يوم أمس الخميس مقابل 64.09 دولار للبرميل في تداولات يوم الأول من أمس.


صحيفة الشرق
منذ 12 ساعات
- صحيفة الشرق
الذهب يتكبد خسائر أسبوعية بنسبة 1.6 بالمئة مع صعود الدولار
44 الذهب صعود الدولار تراجعت أسعار الذهب، اليوم، متجهة نحو تسجيل خسائر أسبوعية، في ظل ارتفاع طفيف للدولار وترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية. وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.4 بالمئة إلى 3303.51 دولار للأوقية (الأونصة)، وخسر المعدن النفيس 1.6 بالمئة حتى الآن هذا الأسبوع. كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.5 بالمئة إلى 3300.70 دولار. وفي المقابل، صعد مؤشر الدولار بنسبة 0.2 بالمئة، مما جعل الذهب أكثر كلفة للمستثمرين من حائزي العملات الأخرى. وتتجه الأنظار إلى تقرير نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، وهو المؤشر المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لقياس التضخم، والمقرر صدوره في وقت لاحق اليوم. ويُعرف عن الذهب أنه يميل إلى الاستفادة في فترات خفض أسعار الفائدة، كونه لا يدر عائدا. وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.7 بالمئة إلى 33.1 دولار للأوقية فيما هبط البلاتين 0.6 بالمئة إلى 1076.33 دولار وتراجع البلاديوم 0.5 بالمئة إلى 968.79 دولار. مساحة إعلانية