logo
هل يصبح الهواء مصدر الوقود الجديد لطائرات المستقبل؟

هل يصبح الهواء مصدر الوقود الجديد لطائرات المستقبل؟

CNN عربيةمنذ 12 ساعات

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تخيّل السفر على متن طائرة متّجهة من مدينة سياتل في أمريكا إلى مدينة لندن البريطانية، لكن عوض حرق محرّكها الوقود الأحفوري، يعمل بوقود مصنوع من الهواء، حرفيًا.
يبدو الأمر قصة خيال علمي، غير أنّ مختبرات الأبحاث تسعى لتحقيقه بالفعل، رغم أنّ الأمر يبقى على نطاق ضيّق جدًا.
تعمل فئة جديدة من وقود الطيران المستدام (SAF) على سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء لتحوِّله إلى وقود طائرات، مقدمةً لمحة عن مستقبل قد يكون فيه قطاع الطيران خاليًا من الانبعاثات تقريبًا. لكن سعر هذا النوع من الوقود خالي الانبعاثات لا يزال باهظًا جدًا، وهنا تكمن المشكلة.
تختلف أسعار وقود الطيران المستدام باختلاف طريقة تصنيعه، ولم يُستخدم أي من أنواعه على نطاق واسع حتى الآن.
هناك نوعان رئيسيان، هما:
وقود الطائرات المستدام الحيوي (SAF)، المصنوع من مواد عضوية مثل زيت الطهي المستعمل، والنفايات الزراعية،
وقود الطائرات المستدام الكهربائي (e-SAF)، والمعروف أيضًا باسم الوقود الاصطناعي، والكيروسين الإلكتروني، وهذا النوع مصنوع من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون المُلتَقَط من الهواء.
ويُعد الوقود الاصطناعي الخيار الأغلى ثمنًا، مردّ ذلك إلى حدٍ كبير، إلى التكلفة العالية لالتقاط الكربون والتحليل الكهربائي، إلا أنه يتمتّع بإمكانات كبيرة، فيمكنه أن يكون محايدًا للكربون تمامًا.
وقالت مسؤولة سياسات الطيران في منظمة النقل والبيئة الأوروبية غير الربحية التي تُركز على النقل المستدام، كاميل موتريل: "بين جميع بدائل وقود الطائرات الأحفوري، يُمثل الكيروسين الإصطناعي أكثر مسار واعد لإزالة الكربون من قطاع الطيران".
وشرحت: "يخلاف وقود الطائرات المستدام الحيوي، والذي يعيقه توفّر المواد الخام ومخاوف استخدام الأراضي، يمكن توسيع نطاق الكيروسين الإصطناعي بشكل مستدام لتلبية الطلب على وقود الطيران من دون أن يتعارض مع إنتاج الغذاء".
ورُغم أنّ السوق لا يزال ناشئًا، إلا أنّه من المتوقع أن تبدأ أولى الرحلات الجوية التجارية التي تستخدم الوقود الاصطناعي، ولو بشكلٍ جزئي، بحلول العام 2030، بحسب ما ذكرته موتريل.
ووفقًا لوكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، يبلغ متوسط ​​سعر الوقود الاصطناعي 8,720 دولارًا تقريبًا للطن.
ويُعد وقود الطائرات المستدام الحيوي أرخص، حيث يبلغ سعره 2,365 دولارًا للطن، لكنه لا يزال أغلى بكثير من وقود الطائرات التقليدي، الذي يبلغ متوسط ​​سعره حوالي 830 دولارًا للطن.
يأخذ الوقود الاصطناعي ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي (أو الانبعاثات الصناعية)، بالإضافة إلى الهيدروجين المستخرج من الماء عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام الكهرباء المتجددة.
وينتج عن ذلك وقود طائرات صناعي يمكن استخدامه في محركات الطائرات الحالية، ويتميز بإمكانية إعادة تدوير الكربون بدلاً من إضافته إلى الغلاف الجوي.
تُعد "Twelve" التي تأخذ من كاليفورنيا مقرًا لها بين الشركات الرائدة في هذا القطاع، فهي تُطوّر تقنية التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون عند درجة حرارة منخفضة.
وأوضح نائب رئيس تطوير الأعمال لدى "Twelve"، أشوين جادهاف: "يعتمد نهجنا على الكيمياء الكهربائية، حيث نُجري التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون في المراحل الأولية، ونجريه عند درجات حرارة منخفضة. لا يوجد الكثير من الاختصاصيين في هذا المجال".
تستهلك هذه العملية منخفضة الحرارة طاقة أقل مقارنةً بالطرق التقليدية عالية الحرارة، وتتكامل بسهولة مع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ما يجعل إنتاج الوقود الإصطناعي أكثر كفاءة وقابلية للتوسع.
سيُفتتح أول مصنع تجريبي تجاري لشركة "Twelve" هذا العام في ولاية واشنطن، وتخطط الشركة إنتاج 50 ألف غالون من وقود الطيران المستدام سنويًا.
رُغم تَوفّر التقنيات التي تُمكّن من الوصول إلى قطاع طيران مستدام، إلا أنّ الابتعاد عن الوقود الأحفوري يظلّ مسارًا طويلاً ومعقدًا.
تلعب الاستثمارات القائمة وطويلة الأمد في النفط، والاعتبارات السياسية، ووتيرة التشريعات دورًا في سرعة انطلاق عملية التحول.
في هذا الشأن أوضحت أستاذة إدارة الطيران في جامعة مدينة دبلن، مارينا إيفثيميو: "نحن بحاجة إلى حجم وافر لخفض الأسعار، لكن التكاليف الأولية المرتفعة تُثني شركات الطيران عن اعتماد وقود الطيران المستدام على نطاق واسع. ومن دون تدخلات قوية من ناحية السياسات، مثل الدعم المالي، والحوافز الضريبية، والالتزامات القانونية، فإن الفجوة المالية ببساطة كبيرة جدًا بحيث يصعب تجاوزها".
كما لَفَتت إلى أنّ الوقود الاصطناعي يُعد الأعلى قدرة على خفض الانبعاثات مقارنةً بأي وقود طيران مستدام آخر، ولكنه الأكثر تكلفة أيضًا من حيث التشغيل الأولي.
طراز جديد مشتق من طائرات "إيرباص" سيغيّر خريطة الطيران العالمية
يُعد إنتاج الوقود الاصطناعي مهمة صعبة، بل إن توسيع نطاق إنتاجه أكثر تعقيدًا. فالبنية التحتية المطلوبة، من وحدات احتجاز الكربون، وأنظمة التحليل الكهربائي، وصولاً إلى مصانع تركيب الوقود تُعد باهظة التكلفة. كما يتطلب الإنتاج كميات هائلة من الطاقة المتجددة، فالتحليل الكهربائي، الذي يستلزم استخدام الكهرباء لعزل الهيدروجين في الماء، يتطلب وِحده توليد الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، وهو أمر لا يزال قيد التطوير في معظم المناطق.
هناك منشآت تجريبية صغيرة بالفعل، مثل "Ineratec" و"Atmosfair" في ألمانيا، و"Infinium" و"Twelve" في الولايات المتحدة. لكن تبقى لكميات المُنتَجة ضئيلة، وتظل التكاليف مرتفعة للغاية.
مع استمرار الاستثمار، ودعم السياسات، والتقدم التكنولوجي، يعتقد الخبراء أن فكرة الطيران باستخدام وقود مصنوع من الهواء قد تصبح واقعية.
ورُغم تحلّيهم بالواقعية بشأن التحديات التي يواجهها هذا القطاع، إلا أن العديد من الخبراء متفائلون، ومن بينهم رئيس قسم الاستدامة في مجموعة الخطوط الجوية الدولية، جوناثان كونسيل.
وأشار كونسيل إلى أنّ إنتاج وقود الطائرات المستدام قد ارتفع بالفعل من مئة طن إلى أكثر من مليون طن في سنوات قليلة، ما يُثبت إمكانية التوسّع.
قبل اختفائها.. إليك خطوط الطيران التي لا تزال تستخدم طائرات ذات طابقين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يصبح الهواء مصدر الوقود الجديد لطائرات المستقبل؟
هل يصبح الهواء مصدر الوقود الجديد لطائرات المستقبل؟

CNN عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • CNN عربية

هل يصبح الهواء مصدر الوقود الجديد لطائرات المستقبل؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تخيّل السفر على متن طائرة متّجهة من مدينة سياتل في أمريكا إلى مدينة لندن البريطانية، لكن عوض حرق محرّكها الوقود الأحفوري، يعمل بوقود مصنوع من الهواء، حرفيًا. يبدو الأمر قصة خيال علمي، غير أنّ مختبرات الأبحاث تسعى لتحقيقه بالفعل، رغم أنّ الأمر يبقى على نطاق ضيّق جدًا. تعمل فئة جديدة من وقود الطيران المستدام (SAF) على سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء لتحوِّله إلى وقود طائرات، مقدمةً لمحة عن مستقبل قد يكون فيه قطاع الطيران خاليًا من الانبعاثات تقريبًا. لكن سعر هذا النوع من الوقود خالي الانبعاثات لا يزال باهظًا جدًا، وهنا تكمن المشكلة. تختلف أسعار وقود الطيران المستدام باختلاف طريقة تصنيعه، ولم يُستخدم أي من أنواعه على نطاق واسع حتى الآن. هناك نوعان رئيسيان، هما: وقود الطائرات المستدام الحيوي (SAF)، المصنوع من مواد عضوية مثل زيت الطهي المستعمل، والنفايات الزراعية، وقود الطائرات المستدام الكهربائي (e-SAF)، والمعروف أيضًا باسم الوقود الاصطناعي، والكيروسين الإلكتروني، وهذا النوع مصنوع من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون المُلتَقَط من الهواء. ويُعد الوقود الاصطناعي الخيار الأغلى ثمنًا، مردّ ذلك إلى حدٍ كبير، إلى التكلفة العالية لالتقاط الكربون والتحليل الكهربائي، إلا أنه يتمتّع بإمكانات كبيرة، فيمكنه أن يكون محايدًا للكربون تمامًا. وقالت مسؤولة سياسات الطيران في منظمة النقل والبيئة الأوروبية غير الربحية التي تُركز على النقل المستدام، كاميل موتريل: "بين جميع بدائل وقود الطائرات الأحفوري، يُمثل الكيروسين الإصطناعي أكثر مسار واعد لإزالة الكربون من قطاع الطيران". وشرحت: "يخلاف وقود الطائرات المستدام الحيوي، والذي يعيقه توفّر المواد الخام ومخاوف استخدام الأراضي، يمكن توسيع نطاق الكيروسين الإصطناعي بشكل مستدام لتلبية الطلب على وقود الطيران من دون أن يتعارض مع إنتاج الغذاء". ورُغم أنّ السوق لا يزال ناشئًا، إلا أنّه من المتوقع أن تبدأ أولى الرحلات الجوية التجارية التي تستخدم الوقود الاصطناعي، ولو بشكلٍ جزئي، بحلول العام 2030، بحسب ما ذكرته موتريل. ووفقًا لوكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي، يبلغ متوسط ​​سعر الوقود الاصطناعي 8,720 دولارًا تقريبًا للطن. ويُعد وقود الطائرات المستدام الحيوي أرخص، حيث يبلغ سعره 2,365 دولارًا للطن، لكنه لا يزال أغلى بكثير من وقود الطائرات التقليدي، الذي يبلغ متوسط ​​سعره حوالي 830 دولارًا للطن. يأخذ الوقود الاصطناعي ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي (أو الانبعاثات الصناعية)، بالإضافة إلى الهيدروجين المستخرج من الماء عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام الكهرباء المتجددة. وينتج عن ذلك وقود طائرات صناعي يمكن استخدامه في محركات الطائرات الحالية، ويتميز بإمكانية إعادة تدوير الكربون بدلاً من إضافته إلى الغلاف الجوي. تُعد "Twelve" التي تأخذ من كاليفورنيا مقرًا لها بين الشركات الرائدة في هذا القطاع، فهي تُطوّر تقنية التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون عند درجة حرارة منخفضة. وأوضح نائب رئيس تطوير الأعمال لدى "Twelve"، أشوين جادهاف: "يعتمد نهجنا على الكيمياء الكهربائية، حيث نُجري التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون في المراحل الأولية، ونجريه عند درجات حرارة منخفضة. لا يوجد الكثير من الاختصاصيين في هذا المجال". تستهلك هذه العملية منخفضة الحرارة طاقة أقل مقارنةً بالطرق التقليدية عالية الحرارة، وتتكامل بسهولة مع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ما يجعل إنتاج الوقود الإصطناعي أكثر كفاءة وقابلية للتوسع. سيُفتتح أول مصنع تجريبي تجاري لشركة "Twelve" هذا العام في ولاية واشنطن، وتخطط الشركة إنتاج 50 ألف غالون من وقود الطيران المستدام سنويًا. رُغم تَوفّر التقنيات التي تُمكّن من الوصول إلى قطاع طيران مستدام، إلا أنّ الابتعاد عن الوقود الأحفوري يظلّ مسارًا طويلاً ومعقدًا. تلعب الاستثمارات القائمة وطويلة الأمد في النفط، والاعتبارات السياسية، ووتيرة التشريعات دورًا في سرعة انطلاق عملية التحول. في هذا الشأن أوضحت أستاذة إدارة الطيران في جامعة مدينة دبلن، مارينا إيفثيميو: "نحن بحاجة إلى حجم وافر لخفض الأسعار، لكن التكاليف الأولية المرتفعة تُثني شركات الطيران عن اعتماد وقود الطيران المستدام على نطاق واسع. ومن دون تدخلات قوية من ناحية السياسات، مثل الدعم المالي، والحوافز الضريبية، والالتزامات القانونية، فإن الفجوة المالية ببساطة كبيرة جدًا بحيث يصعب تجاوزها". كما لَفَتت إلى أنّ الوقود الاصطناعي يُعد الأعلى قدرة على خفض الانبعاثات مقارنةً بأي وقود طيران مستدام آخر، ولكنه الأكثر تكلفة أيضًا من حيث التشغيل الأولي. طراز جديد مشتق من طائرات "إيرباص" سيغيّر خريطة الطيران العالمية يُعد إنتاج الوقود الاصطناعي مهمة صعبة، بل إن توسيع نطاق إنتاجه أكثر تعقيدًا. فالبنية التحتية المطلوبة، من وحدات احتجاز الكربون، وأنظمة التحليل الكهربائي، وصولاً إلى مصانع تركيب الوقود تُعد باهظة التكلفة. كما يتطلب الإنتاج كميات هائلة من الطاقة المتجددة، فالتحليل الكهربائي، الذي يستلزم استخدام الكهرباء لعزل الهيدروجين في الماء، يتطلب وِحده توليد الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، وهو أمر لا يزال قيد التطوير في معظم المناطق. هناك منشآت تجريبية صغيرة بالفعل، مثل "Ineratec" و"Atmosfair" في ألمانيا، و"Infinium" و"Twelve" في الولايات المتحدة. لكن تبقى لكميات المُنتَجة ضئيلة، وتظل التكاليف مرتفعة للغاية. مع استمرار الاستثمار، ودعم السياسات، والتقدم التكنولوجي، يعتقد الخبراء أن فكرة الطيران باستخدام وقود مصنوع من الهواء قد تصبح واقعية. ورُغم تحلّيهم بالواقعية بشأن التحديات التي يواجهها هذا القطاع، إلا أن العديد من الخبراء متفائلون، ومن بينهم رئيس قسم الاستدامة في مجموعة الخطوط الجوية الدولية، جوناثان كونسيل. وأشار كونسيل إلى أنّ إنتاج وقود الطائرات المستدام قد ارتفع بالفعل من مئة طن إلى أكثر من مليون طن في سنوات قليلة، ما يُثبت إمكانية التوسّع. قبل اختفائها.. إليك خطوط الطيران التي لا تزال تستخدم طائرات ذات طابقين

أول ديناصور طائر كيف حلّق؟.. اكتشافات تزيح الستار عن مفاجآت
أول ديناصور طائر كيف حلّق؟.. اكتشافات تزيح الستار عن مفاجآت

CNN عربية

timeمنذ 14 ساعات

  • CNN عربية

أول ديناصور طائر كيف حلّق؟.. اكتشافات تزيح الستار عن مفاجآت

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما تُحافظ أحفورة على جسم حيوان بالكامل، فإن رؤيته تُشبه النظر إلى صورة مجمّدة في الزمن. عُثر على العديد من أحافير طائر الأركيوبتركس، أقدم طائر معروف، بيد أنّ عينة استثنائية كانت محظورة على العلماء لعقود، كشفت أخيرًا عن أدلة غير مسبوقة تتعلّق بقدرة هذا الطائر الأوّل على الطيران. لطالما تساءل الباحثون عن كيف تمكّن الأركيوبتركس من التحليق، في حين أن معظم أقاربه من الديناصورات الريشية ظلّت على الأرض، حتى أنّ بعضهم ذهب حدّ القول إنه كان أشبه بمنزلِق (يُحلّق من دون رفرفة) أكثر من كونه طائرًا حقيقيًا. عُثر على أولى أحافير هذا الكائن المجنّح من العصر الجوراسي قبل أكثر من 160 عامًا، في جنوب ألمانيا، وتعود إلى نحو 150 مليون سنة، ولم يُكتشف حتى الآن سوى 14 أحفورة منه فقط. رغم ذلك، استحوذ بعض جامعي التحف الخاصة على عدد من هذه العينات النادرة، ما أدى إلى عزلها عن الدراسة العلمية، وأعاق تقدّم البحث في هذه المرحلة المفصليّة من تطور الطيور. لكن إحدى هذه الأحافير انتقلت إلى متحف فيلد للتاريخ الطبيعي بشيكاغو ،في الآونة الأخيرة، ما مكّن العلماء من تقديم إجابات حول سؤال طال انتظاره: هل كان لدى الأركيوبتركس القدرة حقيقة على الطيران؟ ونشر الباحثون وصفًا مفصّلًا لهذه العينة، التي تُعادل بحجمها تقريبًا حجم حمامة، في مجلة Natureـ بتاريخ 14 مايو/ أيار. وكشفوا عن أن الفحص بالأشعة فوق البنفسجية (UV) والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، أظهرا أنسجة رخوة وتراكيب لم تُرَ من قبل لدى هذا الطائر القديم. وبين هذه الاكتشافات: ريش يشير إلى أن الأركيوبتركس كان قادرًا على الطيران النشط، أي الرفرفة، وليس مجرد الانزلاق. هذا الطائر عاش قبل 68 مليون سنة.. لكن بعد انقراض الديناصورات وأشارت الدكتورة جينغمَي أوكونور، عالمة الحفريات والمؤلفة الرئيسية للدراسة، والقيّمة المساعدة على الزواحف الأحفورية في متحف فيلد، إن معظم أحافير الأركيوبتركس المعروفة "غير مكتملة ومُحطّمة"، لكن هذه العينة كانت تفتقد إصبعًا واحدًا فقط، ولم تتعرّض للتسطيح أو التشويه بفعل الزمن. وأضافت أوكونور في تصريح لـCNN، أنّ "العظام محفوظة بطريقة رائعة ثلاثية البعد، وهو أمر نادر جدًا في العيّنات الأخرى". وتابعت: "لدينا أيضًا كمية من الأنسجة الرخوة المتحجرة المرتبطة بهذه العينة أكثر ممًّا رأيناه لدى أي طائر آخر من هذا النوع". هذا الاكتشاف يمنح الباحثين فرصة غير مسبوقة لفهم البنية التشريحية والوظيفية لهذا الطائر الأول، ما يعزّز الأدلة على قدرته على الطيران الحقيقي. عملت اختصاصيتا التحضير الأحفوري في متحف فيلد، أكيكو شينيا وكونستانس فان بيك، المشارِكتان في إعداد الدراسة، على هذه العينة لمدة تفوق السنة. وأمضتا مئات الساعات في: مسح العينة ضوئيًا ونمذجة مواضع العظام بدقة في أبعاد ثلاثية، إزالة شظايا الحجر الجيري المحيطة بالعظام يدويًا، واستخدام الأشعة فوق البنفسجية (UV) لتسليط الضوء على الحدود الدقيقة بين الأنسجة الرخوة المتحجرة والمصفوفة الصخرية التي تحتويها. وقد أثمرت جهود التحضير التي استغرقت نحو 1,600 ساعة بحسب تقدير أوكونور، عن نتائج مهمة. إذ تمكن الباحثون من اكتشاف أول دليل على وجود نوع من ريش الطيران يُعرف باسم "الريش الثالثي" (tertials) في عينة أركيوبتركس، وهو اكتشاف غير مسبوق. وهذا النوع من الريش ينمو على طول عظم العضد، بين الكتف والمرفق، ويُعتبر عنصرًا أساسيًا في الطيران النشط لدى الطيور الحديثة. هل يمكن للعلم أن يبعث طائرًا حيًا مجدّدًا بعدما اختفت آثاره منذ القرن السابع عشر؟ وأوضحت أوكونور أنه منذ ثمانينيات القرن الماضي، افترض العلماء وجود هذا الريش لدى الأركيوبتركس استنادًا إلى طول عظم العضد، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور عليه فعليًا في أحفورة. المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد. فقد كشفت الأشكال المستطيلة للقشور على وسادات أصابع القدم أن الأركيوبتركس كان يقضي وقتًا في البحث عن الغذاء على الأرض، تمامًا كما تفعل الحمائم واليمام اليوم. وأظهرت عظام في سقف الفم أدلة على تطور خاصية في جماجم الطيور تُعرف باسم "الحركية القحفية" (cranial kinesis)، أي القدرة على تحريك أجزاء الجمجمة بشكل مستقل عن بعضها، ما يمنح الطيور مرونة أكبر في استخدام مناقيرها. حول هذا الأمر علقت أوكونور:"لقد كانت سلسلة من المفاجآت المذهلة المتتالية". أما الاكتشاف المتعلق بالريش الثالثي (tertials)، فقد وصفته الدكتورة سوزان تشابمان، أستاذة مساعدة بقسم العلوم البيولوجية في جامعة كليمسون بساوث كارولاينا، بأنه "اكتشاف استثنائي لأنه يشير إلى أن الأركيوبتركس كان قادرًا فعلًا على الطيران". وأضافت تشابمان غير المشاركة في الدراسة، أنّ معدّي الأحفورة في متحف فيلد: "قاما بعمل رائع ليس فقط لجهة الحفاظ على هيكل العظام، بل أيضًا على آثار الأنسجة الرخوة. وبفضل دقتهما، أصبحت هذه العينة شبه الكاملة تُقدّم رؤى غير مسبوقة حول هذه الأحفورة الانتقالية بين الديناصورات الثيروبودية والطيور". لكنّ تشابمان أشارت إلى أنه من المرجح أنّ الأركيوبتركس كان قادرًا على الطيران لمسافات قصيرة فقط.فرغم امتلاكه ريشًا ثالثيًا، إلا أنه يفتقر إلى بعض التكيفات الأساسية للطيران النشط التي تتميز بها الطيور الحديثة، مثل عضلات الطيران المتخصّصة وامتداد في عظمة القص يُعرف باسم العارضة (keel)، التي تعمل كمثبت رئيسي لتلك العضلات. نقطة تحوّل في مسار التطور كان متحف فيلد قد استحوذ على هذه العينة من الأركيوبتركس في العام 2022، ووصفها جوليان سيغرز، رئيس المتحف ومديره التنفيذي، حينها بأنها: "أهم اكتساب أحفوري للمتحف منذ هيكل الديناصور الشهير SUE من نوع T rex". باعتباره حلقة وصل محورية بين الديناصورات الثيروبودية غير الطائرة والسلالة التي أنجبت جميع الطيور الحديثة، فإن الأركيوبتركس يحمل أهمية تطورية لا جدال فيها. إلا أنّ اقتناء متحف فيلد لهذه العينة تحديدًا كان مجازفة كبيرة، بحسب أوكونور، لأنّ الأحفورة كانت مملوكة لجهة خاصة منذ العام 1990، ولم يكن العلماء على دراية بحالتها الحقيقية. هل تعلم أن أكبر طائر في العالم يستخدم النباتات للعلاج الذاتي.. وفق العلماء وقالت أوكونور: "عندما وصلت الأحفورة إلى المتحف، لم يكن لدينا أي فكرة عمّا يمكن أن نكتشفه. وللإنصاف، القول بإن الأحفورة فاقت توقعاتنا، فنحن نتحدث هنا عن واحدة من أهم التحولات الكبرى في تاريخ الحياة على الأرض. فهذه المجموعة من الديناصورات لم تنجُ فقط من الانقراض الجماعي في نهاية العصر الطباشيري، بل تطورت لتُصبح الفقاريات البرية الأكثر تنوعًا على كوكبنا اليوم، الطيور". وأكدت الدكتورة سوزان تشابمان على الأهمية البالغة لمثل هذه الأحافير في البحث العلمي، مشددة على أن هذا الاكتشاف يسلّط الضوء على ضرورة منح الأولوية للوصول العلمي على جمع الأحافير لأغراض خاصة أو تجارية.

صور مذهلة تستعرض العلماء أثناء عملهم الميداني وسط الطبيعة
صور مذهلة تستعرض العلماء أثناء عملهم الميداني وسط الطبيعة

CNN عربية

timeمنذ 2 أيام

  • CNN عربية

صور مذهلة تستعرض العلماء أثناء عملهم الميداني وسط الطبيعة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ظهرت صور لعالِم أحياء يتتبع الحيتان في خلجان النرويج، وتلسكوب ضخم تحت سماء خلابة، وعالِم يحمل ضفادع صغيرة، ضمن أفضل الصور الفائزة في مسابقة "عالِم الطبيعة في العمل" لهذا العام. وقع الاختيار على 6 فائزين من بين أكثر من 200 مشاركة تقدّمت للمسابقة التي تهدف إلى عرض العمل المتنوع، والمثير، والتحديات التي يواجهها العلماء في جميع أنحاء العالم. تُعد هذه النسخة السادسة من المسابقة، ويقوم بتحكيمها لجنة من موظفي مجلة "Nature"، التي تنظّم الحدث. بالنسبة إلى الصورة الفائزة بالمركز الأول، فقد التُقطت بواسطة إيما فوغل، وهي طالبة دكتوراه بجامعة ترومسو في النرويج. وتُظهر الصورة عالم الأحياء أودون ريكاردسن وهو يجري مسحًا للمياه المحيطة بسفن الصيد في شمال النرويج بحثًا عن الحيتان، بينما يحمل بندقية هوائية يستخدمها لإطلاق أجهزة تتبّع على هذه الكائنات البحرية. وقالت فوغل عن الحيتان في بيان صحفي للمسابقة: "كان بإمكانك أن تشمّ رائحة أنفاسها"، وأضافت: "كان بإمكاني سماعها قبل رؤيتها، وهو أمر مذهل للغاية". تُظهر الصور الفائزة علماء يعملون في مناخات باردة ودافئة. وفي إحدى الصور، يظهر باحثين يستخرجون نواة جليدية في أرخبيل سفالبارد، بينما تُظهر أخرى عالِمة أحياء تحمل بين يديها ضفادع صغيرة جدا في غابة لاسين الوطنية بولاية كاليفورنيا الأمريكية. في صورة منفصلة، يظهر عالِم يقف بجانب بالون أرصاد جوية وسط الضباب على جبل هيلموس في اليونان، بينما تُظهر صورة أخرى تلسكوب القطب الجنوبي الضخم في محطة أموندسن–سكوت بالقطب الجنوبي، مضاءً بأضواء الشفق القطبي المتألقة في السماء. أما الصورة الفائزة الأخيرة، فتُظهر ظل رجل يدخل كوخًا مقابل خلفية داكنة من سماء مرصعة بالنجوم في شرق سيبيريا. وقال زميله، المصور جيايي وانغ، إن الموقع النائي الذي عملا فيه قد يكون جميلًا، لكن قضاء فترات طويلة هناك يمكن أن يجعل الأمر مملًا أيضًا. وقال زميله، المصور جيايي وانغ، إن الموقع النائي الذي عملا فيه قد يكون جميلًا، لكن قضاء فترات طويلة هناك يمكن أن يجعل الأمر مملًا أيضًا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store