
أول ديناصور طائر كيف حلّق؟.. اكتشافات تزيح الستار عن مفاجآت
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما تُحافظ أحفورة على جسم حيوان بالكامل، فإن رؤيته تُشبه النظر إلى صورة مجمّدة في الزمن. عُثر على العديد من أحافير طائر الأركيوبتركس، أقدم طائر معروف، بيد أنّ عينة استثنائية كانت محظورة على العلماء لعقود، كشفت أخيرًا عن أدلة غير مسبوقة تتعلّق بقدرة هذا الطائر الأوّل على الطيران.
لطالما تساءل الباحثون عن كيف تمكّن الأركيوبتركس من التحليق، في حين أن معظم أقاربه من الديناصورات الريشية ظلّت على الأرض، حتى أنّ بعضهم ذهب حدّ القول إنه كان أشبه بمنزلِق (يُحلّق من دون رفرفة) أكثر من كونه طائرًا حقيقيًا.
عُثر على أولى أحافير هذا الكائن المجنّح من العصر الجوراسي قبل أكثر من 160 عامًا، في جنوب ألمانيا، وتعود إلى نحو 150 مليون سنة، ولم يُكتشف حتى الآن سوى 14 أحفورة منه فقط. رغم ذلك، استحوذ بعض جامعي التحف الخاصة على عدد من هذه العينات النادرة، ما أدى إلى عزلها عن الدراسة العلمية، وأعاق تقدّم البحث في هذه المرحلة المفصليّة من تطور الطيور.
لكن إحدى هذه الأحافير انتقلت إلى متحف فيلد للتاريخ الطبيعي بشيكاغو ،في الآونة الأخيرة، ما مكّن العلماء من تقديم إجابات حول سؤال طال انتظاره: هل كان لدى الأركيوبتركس القدرة حقيقة على الطيران؟
ونشر الباحثون وصفًا مفصّلًا لهذه العينة، التي تُعادل بحجمها تقريبًا حجم حمامة، في مجلة Natureـ بتاريخ 14 مايو/ أيار. وكشفوا عن أن الفحص بالأشعة فوق البنفسجية (UV) والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، أظهرا أنسجة رخوة وتراكيب لم تُرَ من قبل لدى هذا الطائر القديم. وبين هذه الاكتشافات: ريش يشير إلى أن الأركيوبتركس كان قادرًا على الطيران النشط، أي الرفرفة، وليس مجرد الانزلاق.
هذا الطائر عاش قبل 68 مليون سنة.. لكن بعد انقراض الديناصورات
وأشارت الدكتورة جينغمَي أوكونور، عالمة الحفريات والمؤلفة الرئيسية للدراسة، والقيّمة المساعدة على الزواحف الأحفورية في متحف فيلد، إن معظم أحافير الأركيوبتركس المعروفة "غير مكتملة ومُحطّمة"، لكن هذه العينة كانت تفتقد إصبعًا واحدًا فقط، ولم تتعرّض للتسطيح أو التشويه بفعل الزمن.
وأضافت أوكونور في تصريح لـCNN، أنّ "العظام محفوظة بطريقة رائعة ثلاثية البعد، وهو أمر نادر جدًا في العيّنات الأخرى". وتابعت: "لدينا أيضًا كمية من الأنسجة الرخوة المتحجرة المرتبطة بهذه العينة أكثر ممًّا رأيناه لدى أي طائر آخر من هذا النوع".
هذا الاكتشاف يمنح الباحثين فرصة غير مسبوقة لفهم البنية التشريحية والوظيفية لهذا الطائر الأول، ما يعزّز الأدلة على قدرته على الطيران الحقيقي.
عملت اختصاصيتا التحضير الأحفوري في متحف فيلد، أكيكو شينيا وكونستانس فان بيك، المشارِكتان في إعداد الدراسة، على هذه العينة لمدة تفوق السنة. وأمضتا مئات الساعات في:
مسح العينة ضوئيًا ونمذجة مواضع العظام بدقة في أبعاد ثلاثية،
إزالة شظايا الحجر الجيري المحيطة بالعظام يدويًا،
واستخدام الأشعة فوق البنفسجية (UV) لتسليط الضوء على الحدود الدقيقة بين الأنسجة الرخوة المتحجرة والمصفوفة الصخرية التي تحتويها.
وقد أثمرت جهود التحضير التي استغرقت نحو 1,600 ساعة بحسب تقدير أوكونور، عن نتائج مهمة. إذ تمكن الباحثون من اكتشاف أول دليل على وجود نوع من ريش الطيران يُعرف باسم "الريش الثالثي" (tertials) في عينة أركيوبتركس، وهو اكتشاف غير مسبوق.
وهذا النوع من الريش ينمو على طول عظم العضد، بين الكتف والمرفق، ويُعتبر عنصرًا أساسيًا في الطيران النشط لدى الطيور الحديثة.
هل يمكن للعلم أن يبعث طائرًا حيًا مجدّدًا بعدما اختفت آثاره منذ القرن السابع عشر؟
وأوضحت أوكونور أنه منذ ثمانينيات القرن الماضي، افترض العلماء وجود هذا الريش لدى الأركيوبتركس استنادًا إلى طول عظم العضد، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور عليه فعليًا في أحفورة.
المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد. فقد كشفت الأشكال المستطيلة للقشور على وسادات أصابع القدم أن الأركيوبتركس كان يقضي وقتًا في البحث عن الغذاء على الأرض، تمامًا كما تفعل الحمائم واليمام اليوم.
وأظهرت عظام في سقف الفم أدلة على تطور خاصية في جماجم الطيور تُعرف باسم "الحركية القحفية" (cranial kinesis)، أي القدرة على تحريك أجزاء الجمجمة بشكل مستقل عن بعضها، ما يمنح الطيور مرونة أكبر في استخدام مناقيرها.
حول هذا الأمر علقت أوكونور:"لقد كانت سلسلة من المفاجآت المذهلة المتتالية".
أما الاكتشاف المتعلق بالريش الثالثي (tertials)، فقد وصفته الدكتورة سوزان تشابمان، أستاذة مساعدة بقسم العلوم البيولوجية في جامعة كليمسون بساوث كارولاينا، بأنه "اكتشاف استثنائي لأنه يشير إلى أن الأركيوبتركس كان قادرًا فعلًا على الطيران".
وأضافت تشابمان غير المشاركة في الدراسة، أنّ معدّي الأحفورة في متحف فيلد: "قاما بعمل رائع ليس فقط لجهة الحفاظ على هيكل العظام، بل أيضًا على آثار الأنسجة الرخوة. وبفضل دقتهما، أصبحت هذه العينة شبه الكاملة تُقدّم رؤى غير مسبوقة حول هذه الأحفورة الانتقالية بين الديناصورات الثيروبودية والطيور".
لكنّ تشابمان أشارت إلى أنه من المرجح أنّ الأركيوبتركس كان قادرًا على الطيران لمسافات قصيرة فقط.فرغم امتلاكه ريشًا ثالثيًا، إلا أنه يفتقر إلى بعض التكيفات الأساسية للطيران النشط التي تتميز بها الطيور الحديثة، مثل عضلات الطيران المتخصّصة وامتداد في عظمة القص يُعرف باسم العارضة (keel)، التي تعمل كمثبت رئيسي لتلك العضلات.
نقطة تحوّل في مسار التطور
كان متحف فيلد قد استحوذ على هذه العينة من الأركيوبتركس في العام 2022، ووصفها جوليان سيغرز، رئيس المتحف ومديره التنفيذي، حينها بأنها: "أهم اكتساب أحفوري للمتحف منذ هيكل الديناصور الشهير SUE من نوع T rex".
باعتباره حلقة وصل محورية بين الديناصورات الثيروبودية غير الطائرة والسلالة التي أنجبت جميع الطيور الحديثة، فإن الأركيوبتركس يحمل أهمية تطورية لا جدال فيها.
إلا أنّ اقتناء متحف فيلد لهذه العينة تحديدًا كان مجازفة كبيرة، بحسب أوكونور، لأنّ الأحفورة كانت مملوكة لجهة خاصة منذ العام 1990، ولم يكن العلماء على دراية بحالتها الحقيقية.
هل تعلم أن أكبر طائر في العالم يستخدم النباتات للعلاج الذاتي.. وفق العلماء
وقالت أوكونور: "عندما وصلت الأحفورة إلى المتحف، لم يكن لدينا أي فكرة عمّا يمكن أن نكتشفه. وللإنصاف، القول بإن الأحفورة فاقت توقعاتنا، فنحن نتحدث هنا عن واحدة من أهم التحولات الكبرى في تاريخ الحياة على الأرض. فهذه المجموعة من الديناصورات لم تنجُ فقط من الانقراض الجماعي في نهاية العصر الطباشيري، بل تطورت لتُصبح الفقاريات البرية الأكثر تنوعًا على كوكبنا اليوم، الطيور".
وأكدت الدكتورة سوزان تشابمان على الأهمية البالغة لمثل هذه الأحافير في البحث العلمي، مشددة على أن هذا الاكتشاف يسلّط الضوء على ضرورة منح الأولوية للوصول العلمي على جمع الأحافير لأغراض خاصة أو تجارية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


CNN عربية
منذ 9 ساعات
- CNN عربية
100 ألف سعرة حرارية..هذا ما كان يتناوله قرش المغالودون
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يكون فهم العلماء لعادات التغذية الشرهة لدى قرش الميغالودون الضخم محل مراجعة، إذ وجدت دراسة جديدة أن هذا المفترس الذي عاش في عصور ما قبل التاريخ، والذي انقرض قبل حوالي 3.6 مليون سنة، لم يكن يصطاد الثدييات البحرية الكبيرة كالحيتان فحسب. كشفت المعادن الموجودة في أسنانه المتحجرة أن قرش الميغالودون ربما كان يتغذى بدافع الانتهازية لتلبية احتياجاته اليومية الهائلة من السعرات الحرارية، والتي تبلغ 100,000 سعرة حرارية. وقال جيريمي ماكورماك، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الجيولوجيا في جامعة غوته بفرانكفورت، في ألمانيا: "كان يتغذى على الفرائس الكبيرة عند توفرها، لكن في حال عدم توفرها، كان مرنًا بما يكفي ليتغذى على حيوانات أصغر لتلبية احتياجاته الغذائية". أسماك قرش وفرائسها.. فوز صورة تجسد الرعب تحت المياه "وغرائز الطبيعة الخام" كشفت دراسة نُشرت في مجلة Earth and Planetary Science Letters الإثنين، عن وجود اختلافات إقليمية في عادات تغذية قرش الميغالودون العملاق المنقرض. أشارت النتائج إلى أن قرش الميغالودون كان يتغذى على كل ما يتوفر في المياه المحلية، مفترسًا كبار الحيوانات وصغارها على حد سواء. وعلّق ماكورماك على الأمر بأنه "لم يكن يركز على نوع معين من الفرائس، بل يبدو أنه كان يتغذى من الشبكة الغذائية بأكملها، وأنواع كائنات عديدة"، مضيفًا: "رغم أنه كان مفترسًا شرسًا على قمة السلسلة الغذائية، ولا يوجد من يمكنه افتراسه، من الواضح أنه كان قادرًا على التهام كل ما يسبح حوله تقريبًا". وقد كان قرش الميغالودون يقضي على فريسته بعضة هائلة وأسنان مسنّنة فتّاكة قد يصل طولها إلى 18 سنتيمترًا، أي بحجم كف الإنسان. تنتشر هذه الأسنان بكثرة في السجل الأحفوري، وكانت المفتاح الذي استخدمه ماكورماك وزملاؤه لتحليلها جيوكيميائيًا، ما كشف عن أدلة جديدة قد تُعيد النظر في الصورة النمطية لقرش الميغالودون كملك أوحد لبحار ما قبل التاريخ. ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها دراسة جديدة المفاهيم السابقة حول هذا الكائن البحري العملاق. رغم شهرته الواسعة، لا تزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تُحسم بشأن قرش الميغالودون (Otodus megalodon)، وهو اسمه العلمي ويعني "السن العملاق"، إذ لم يُعثر حتى الآن على هيكل عظمي كامل له. ويرجع نقص الأدلة المادية إلى أن هياكل الأسماك العظمية مكونة من غضاريف لينة عوض العظام الصلبة، ما يجعل عملية التحجر أكثر صعوبة. أظهرت أبحاث حديثة أنّه من كائنات ذوات الدم الحار مقارنةً بأسماك القرش الأخرى، ولا يزال هناك جدل مستمر حول حجمه وشكله الحقيقي. في عام 2022، اقترح علماء أجروا نموذجًا ثلاثي البعد لقرش الميغالودون أنه كان أطول بثلاث مرات من القرش الأبيض الكبير، أي بطول حوالي 16 مترًا. لكن دراسة أخرى نُشرت في مارس/ آذار 2025، وضعت تقديرًا أكثر ضخامة، لافتة إلى أنّ طوله قد يصل إلى 24 مترًا (80 قدمًا)، أي أطول حتى من النسخة الخيالية في فيلم "The Meg" الصادر في عام 2018، والذي صوّر المفترس القديم بطول 23 مترًا (75 قدمًا) من الرأس إلى الذيل. في ما يتعلق بعادات تغذية قرش الميغالودون، فإن تحديد ما كان يأكله بناءً على الأدلة الأحفورية يمثل تحديًا كبيرًا، بحسب ماكورماك، الذي أوضح "أننا نعلم أنه كان يتغذى على الثدييات البحرية الكبيرة من خلال آثار العضّ على العظام". وأضاف: "بالطبع يمكنك رؤية علامات العض على عظام الثدييات البحرية، لكنك لن تراها إذا كان يتغذى على أسماك قرش أخرى، لأن أسماك القرش لا تمتلك عظامًا، بل غضاريف. لذا فإن السجل الأحفوري منحاز بالفعل في هذا الاتجاه". بهدف الحصول على رؤية أوضح حول أنواع الفرائس التي كان يختارها قرش الميجالودون، قام ماكورماك وفريقه بمقارنة أسنانه المتحجرة مع أسنان حيوانات أخرى كانت تعيش في الحقبة ذاتها، إضافة إلى أسنان أسماك قرش حديثة وحيوانات مفترسة أخرى مثل الدلافين. اعتمد الباحثون على عينات من مجموعات متحفية، بالتوازي مع عينات من جثث حيوانات نافقة جرفتها الأمواج إلى الشاطئ. على عكس المتوقع..إنسان نياندرتال المنقرض تناول المأكولات البحرية الشهيرة اليوم أجرى الفريق البحثي تحليلًا مخبريًا لعنصر الزنك، وهو معدن لا يحصل عليه الكائن الحي إلا عبر الغذاء، ما يتيح للعلماء تتبع النظام الغذائي للكائن من خلاله. يُعد الزنك عنصرًا أساسيًا للكائنات الحية، ويتمتع بدور مهم في نمو وتكوين الأسنان. وتُحفظ نسبة نظائر الزنك الثقيلة والخفيفة في مينا أسنان أسماك القرش، ما يُقدم سجلًا دقيقًا لنوع المواد الحيوانية التي كانت تتغذى عليها. عند تناول الكائنات الحية طعامها، فإنها تمتصّ أنواعًا مختلفة من الزنك (نظائر)، إلا أنّ أحدها، وهو الزنك-66، يُخزن في مينا الأسنان بنسبة أقل بكثير من نظير الزنك-64. وتزداد الفجوة بين نظائر الزنك كلما ابتعد الكائن الحي عن أدنى مستوى في السلسلة الغذائية. كيف طارت مجموعة من الفراشات مسافة 2600 ميل عبر المحيط الأطلسي من دون توقف؟ وقال ماكورماك: "استنادًا إلى نتائجنا الجديدة، من الواضح أن الميغالودون كان قادرًا على التغذي من قمة السلسلة الغذائية، لكنه كان مرنًا بما يكفي ليأكل من المستويات الأدنى أيضًا". كشف الباحثون أن قرش الميغالودون لم يكن الوحيد الذي يحتل قمة السلسلة الغذائية في عصره، بل شاركته هذا الموقع كائنات أخرى تُوصف بـ"الحيوانات المفترسة فائقة الانتهازية"، مثل قريبه المقرب Otodus chubutensis، والنوع الأقل شهرة Araloselachus cuspidatus، وهو أيضًا قرش ضخم يتغذى على الأسماك. وتتحدى هذه الاكتشافات الفرضية الشائعة التي تعتبر قرش الميغالودون الحاكم الوحيد لمحيطات ما قبل التاريخ،. كما تُقارن هذه النتيجة بعادات القرش الأبيض الكبير، المعروف أيضًا بكونه مفترسًا انتهازيًا ضخمًا. ذكر عالم الحفريات كنشو شيمادا، أحد المشاركين في الدراسة وأستاذ العلوم البيولوجية والبيئية في جامعة ديبول بمدينة شيكاغو الأمريكية، أن هذا الاكتشاف يعزز نظرية مفادها أن ظهور القرش الأبيض الكبير ربما كان بين العوامل التي ساهمت في انقراض قرش الميغالودون، لأنه "يتغذى على الأسماك في مرحلة شبابه، ثم يتحول إلى افتراس الثدييات البحرية عندما ينمو حجمه". وأضاف شيمادا أنّ "دراستنا الجديدة، التي تُظهر وجود 'تشابه غذائي' بين القرش الأبيض وقرش الميغالودون، تدعم بقوة الفرضية التي ترى أن تطور القرش الأبيض، الأصغر حجمًا والأكثر رشاقة وقدرة على المناورة، قد يكون ساهم بالفعل في دفع قرش الميغالودون إلى الانقراض".


CNN عربية
منذ 10 ساعات
- CNN عربية
دراسة: خسارة الوزن في منتصف العمر تُقلل الأمراض وتُطيل العمر
دبي ،الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة أن فقدان الوزن في منتصف العمر قد يمهد لحياة أطول وأكثر صحة. قال الدكتور تيمو ستراندبرغ، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ طب الشيخوخة في جامعة هلسنكي بفنلندا، إن فقدان نسبة نحو 6.5% من وزن الجسم على نحو مستمر، من دون اللجوء إلى الأدوية أو الجراحة، مرتبط بفوائد صحية كبيرة وطويلة الأمد لدى الأشخاص في منتصف العمر. شملت الفوائد التي رصدتها الدراسة ما يلي: انخفاض في مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة تراجع في معدلات الوفاة نُشرت الدراسة في مجلة JAMA Network Open، حلّلت خلالها بيانات حوالي 23 ألف شخص من ثلاث مجموعات مختلفة، تغطي فترات زمنية متنوعة: المجموعة الأولى بين عامي 1985 و1988 المجموعة الثانية بين عامي 1964 و1973 المجموعة الثالثة بين عامي 2000 و2013 في بداية الدراسة، صنّف الباحثون المشاركين وفقًا لمؤشر كتلة الجسم (BMI) ، وما إذا كانوا قد فقدوا، اكتسبوا أو حافظوا على وزنهم، ثم قاموا بمقارنة هذه الأنماط مع سجلات دخول المستشفيات والوفيات. أظهرت الدراسة أنّ الأشخاص الذين فقدوا وزنهم في منتصف العمر كانوا أقل عرضة للإصابة بالأمراض التالية في سنواتهم المتقدمة، مثل: النوبات القلبية السكتات الدماغية السرطان الربو مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) كما كان هؤلاء الأشخاص أقل عرضة للوفاة من أي سبب خلال الـ35 عامًا التالية. أشار الدكتور تيمو ستراندبرغ إلى أن جزءًا كبيرًا من البيانات جُمِع قبل انتشار أدوية أو جراحات فقدان الوزن، ما يعني أن الفوائد الصحية تعود في الغالب إلى تغيرات ناتجة عن: تحسين النظام الغذائي زيادة النشاط البدني أكد الدكتور أيّوش فيساريا، الباحث السريري وأستاذ مستقبل الطب بكلية الطب في جامعة روتجرز روبرت وود جونسون بولاية نيوجيرسي الأمريكية، غير المشارك في الدراسة، على أهمية هذا البحث، إذ قال: "الدراسة مهمة لأنها تقدم دليلًا على العلاقة بين فقدان الوزن وأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات، وهي علاقة لم تُدرس بشكل كافٍ من قبل". رغم قوة الدراسة واعتمادها على عيّنة كبيرة من المشاركين، إلا أنّ ثمة بعض القيود عند محاولة تطبيق نتائجها. لفت ستراندبرغ إلى أنّ الدراسة أُجريت على أفراد من ذوي أصول أوروبية بيضاء، ما يجعل من الصعب تعميم النتائج على مجموعات سكانية مختلفة. من جهته، أوضح فيساريا أن "مؤشر كتلة الجسم (BMI) يختلف بشكل كبير بين المجموعات العرقية والإثنية المختلفة"، مضيفًا أنه يقيس الوزن بالنسبة للطول، وهذه ليست دومًا الطريقة الأدق لتقييم تكوين الجسم، إذ أنه رغم استخدامه على نطاق واسع لسهولة حسابه، إلا أنه لا يميز بين نسبة العظام أو الكتلة العضلية لدى الشخص، ما قد يؤدي إلى تقييم غير دقيق. وتابع أنّ "هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على تكوين الجسم، حتى وإن لم يتغير الوزن بشكل كبير"، مذكرًا بدراسات أخرى توصّلت إلى أنّ توزيع الدهون في الجسم يلعب دورًا كبيرًا، ذلك أنّ الدهون المتراكمة حول الأعضاء قد تشكّل العامل الحقيقي الذي يزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض. أظهرت الدراسة أيضًا أن تغييرات نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وزيادة النشاط البدني، كانت عوامل مهمة في تقليل المخاطر الصحية، وليس فقدان الوزن وحده. كانت الدراسة رصدية، ما يعني أنّ البيانات تُظهر علاقة بين فقدان الوزن وانخفاض مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة. لكنّ لا يمكن للباحثين التأكّد بشكل قاطع من أنّ فقدان الوزن يُعتبر السبب المباشر في تقليل هذه المخاطر. وقال فيساريا إنه رغم أنّ الباحثين قاموا بضبط عوامل أخرى قد تؤثر على المخاطر مثل العمر، إلا أنهم لم يأخذوا بالاعتبار السلوكيات المرتبطة بنمط الحياة، مثل النظام الغذائي والنشاط البدني. وقد تكون هذه التغييرات هي السبب الحقيقي وراء انخفاض مخاطر الأمراض المزمنة، وليس فقدان الوزن وحده. ولفت ستراندبرغ إلى أن فقدان الوزن والتغييرات السلوكية التي تقف وراءه غالبًا ما تكون مرتبطة بتحسين الصحة، خاصة أن فقدان الوزن يساعد على التخفيف من حالات مثل التهاب المفاصل التنكسي، وتوقف التنفس أثناء النوم الانسدادي، والكبد الدهني، في حين أنّ تغييرات النظام الغذائي والتمارين الرياضية ثبت أنها تقلّل من المخاطر القلبية الوعائية. أوضح فيساريا أن نمط الحياة يبقى دومًا أمرًا مهمًا للحفاظ على صحة جيدة، ويعني ذلك ضرورة الاستمرار في اتباع نظام غذائي صحي وزيادة النشاط البدني حتى في حال استخدام أدوية فقدان الوزن. النظام الغذائي المتوسطي والنشاط البدني يُعتبر النظام الغذائي المتوسطي الذي يركز على تناول الفاكهة، والخضار، والحبوب، وزيت الزيتون، والمكسرات والبذور، من أفضل الأنظمة الغذائية لصحة الجسم والوقاية من الأمراض، حيث أُدرج باستمرار في صدارة التصنيفات العالمية. وكانت الدراسات أشارت إلى أن هذا النمط الغذائي قد يُحسن كثافة العظام في مراحل العمر المتقدمة، ويُقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، كما يخفّض من مخاطر أمراض القلب. بالنسبة للنشاط البدني، توصي منظمة الصحة العالمية بممارسة البالغين لما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعيًا من التمارين الهوائية معتدلة الشدة، أو 75 دقيقة من التمارين الهوائية عالية الشدة، مع القيام بتمارين تقوية العضلات مرتين أسبوعيًا بالحد الأدنى. مع ذلك، أوضح ستراندبرغ أن السمنة ليست مجرد مشكلة فردية يجب على الأشخاص التعامل معها فقط، بل هي مسألة هيكلية واجتماعية أيضًا. وأشار إلى ضرورة أن تكون الأطعمة الصحية وفرص ممارسة النشاط البدني أكثر توافرًا وسهل الوصول إليها في المجتمعات الحديثة، للمساعدة في الحد من الآثار الصحية المرتبطة بالسمنة.


CNN عربية
منذ 12 ساعات
- CNN عربية
توقعات مناخية مرعبة للسنوات الخمس المقبلة..حرارة قاتلة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يُتوقّع أن تُسجّل درجات الحرارة العالمية أرقامًا قياسية، في السنوات الخمس المقبلة، ما يمهّد الطريق لمزيد من الظواهر الجوية المتطرّفة والقاتلة، وفق تقرير سنوي صادر عن وكالتين للأرصاد الجوية. كشف التقرير الذي أعدّته منظمة الأرصاد الجوية العالمية ومكتب خدمة الأرصاد الجوية الوطنية في المملكة المتحدة، عن احتمال بنسبة 70٪ بأن يتجاوز الاحترار العالمي خلال السنوات الخمس المقبلة، 1.5 درجة مئوية. يزيد ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من درجة ونصف درجة مئوية من المخاطر، وإحداث نقاط تحول في النظام المناخي. حذّر العلماء من أنّ ذوبان جليد البحار والأنهار الجليدية قد يقترب بسرعة من نقطة اللاعودة، ما سيترتب عليه عواقب دراماتيكية لجهة ارتفاع مستوى سطح البحر. أصبح من المتأخر منع ذلك..القطب الشمالي سيكون خاليًا من الجليد بصيف عام 2050 ورجّح التقرير بنسبة 80٪، أنّ أحد الأعوام الخمسة المقبلة سُسجّل أعلى متوسط حرارة على الإطلاق. لأول مرة، يطرح التقرير احتمالًا، ولو ضئيلًا، بأن يُسجّل أحد هذه الأعوام متوسط حرارة يزيد بمقدار درجتين مئويتين عن معدلات ما قبل الثورة الصناعية، أي قبل أن يبدأ الإنسان بحرق كميات هائلة من الوقود الأحفوري المسبّب للاحتباس الحراري. صحيح أنّ هذا الاحتمال لا يتجاوز نسبة 1٪، إلا أنّ مجرد وجوده يُعتبر إنذارًا علميًا بالغ الأهمية، يعكس تسارع احتمالات الوصول إلى سنة تتجاوز فيها الحرارة 1.5 درجة، مقارنة بالعقود السابقة. في هذا السياق، قالت كو باريت، نائب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: "لقد شهدنا بالفعل على أكثر عشر سنوات حرارة بالتاريخ الحديث. وللأسف، لا يقدم هذا التقرير أي بارقة أمل على تراجع هذه الظاهرة في المستقبل القريب، ما يعني أنّنا سنواجه أثرًا متزايدًا على اقتصاداتنا، وحياتنا اليومية، وأنظمتنا البيئية، وكوكب الأرض بأسره". سيقرّب الاحتباس الحراري بمقدار 1.5 درجة، العالم خطوة أخرى باتجاه تجاوز الهدف الطموح لاتفاقية باريس للمناخ، التي تعتبرها العديد من الدول، لا سيّما الدول الصغيرة الجزرية منخفضة الارتفاع، ضرورية لبقائها. تدعو الاتفاقية إلى الحد من الاحترار إلى أقل بكثير من مستوى درجتين على المدى الطويل، مع أنّ الوصول إلى هذا المستوى لعام واحد لن يكسر هدف الاتفاقية. كما توقّع التقرير، استمرار الاحترار في منطقة القطب الشمالي بوتيرة أسرع بكثير من باقي أنحاء العالم، حيث يتجاوز معدل الاحترار خلال الشتاء القطبي أكثر من 3.5 ضعف المتوسط العالمي. "أسرع من المتوقع".. دراسة تحذر من احتمال فقدان القطب الشمالي الجليد البحري بحلول 2030 بالتوازي مع ذوبان الصفائح الجليدية وارتفاع مستويات البحار، يزيد كل جزء من درجة الاحترار من وتيرة وشدة الأحداث الجوية القصوى، مثل موجات الحر والأمطار الغزيرة. وكان العام الماضي الأسخن على الإطلاق، وسجّل كأول سنة ميلادية تتجاوز حد 1.5 درجة مئوية المتفق عليها في اتفاقية باريس. شهدت السنوات الخمس الماضية تصاعدًا في الظواهر المناخية القصوى حول العالم، من موجات حر غير مسبوقة، إلى فيضانات داخلية مميتة ناجمة عن أعاصير تزداد شدتها بسرعة، مثل إعصار هيلين العام الماضي. تضمّن تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومكتب خدمة الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، نتائج أكثر من 200 توقُّع مستندة إلى نماذج حاسوبية أجرتها 15 مؤسسة علمية حول العالم. وأشار التقرير إلى أنّ توقعات هذه المجموعة خلال السنوات الخمس الماضية كانت دقيقة جدًا على المستوى العالمي، لكنها أقل دقة عند التنبؤ بالمستويات الإقليمية.