logo
أزمتا «المقاصة» و«الشيقل» تحاصران الحكومة الفلسطينية

أزمتا «المقاصة» و«الشيقل» تحاصران الحكومة الفلسطينية

الشرق الأوسطمنذ 4 أيام
تحاصر الأزمة المالية من جهة، وأزمة الشيقل من جهة ثانية، السلطة الفلسطينية التي تعيش وضعاً ربما كان الأصعب منذ تأسيسها، إذ بدأ يهدد بقاءها، مع انعدام الأفق السياسي والاقتصادي للحل، وتلويح نقابات وتجار بإجراءات ضد الحكومة وسلطة النقد والبنوك.
فالسلطة لم تدفع رواتب موظفيها عن الشهر الماضي حتى الآن، على الرغم من أنها كانت تدفع منذ أكثر من عامين، جزءاً من الراتب، ما وضع الموظفين في وضع حرج.
من ناحية ثانية، تعمقت أزمة «الشيقل» بعد رفض البنوك في الضفة الغربية رفع القيود على إيداع العملة الإسرائيلية، ما أربك المعاملات التجارية إلى حد كبير؛ وهو وضع أجج غضب معظم الفلسطينيين، من موظفين ورجال أعمال وتجار، وزاد الضغوط على الحكومة.
وفيما دخلت الحكومة في مواجهة مع نقابات مهنية، ولجأت إلى القضاء لوقف إضراب اتحاد نقابات المهن الصحية، خرج اتحاد المعلمين وقرر قصر الدوام في معاهد التربية والمدارس على يومين فقط في الأسبوع، قبل أن يدخل كبار التجار على الخط، ويطالبون باستقالة الحكومة، ملوحين بإجراءات تبدأ بإضراب شامل، ولا تنتهي بمقاطعة البنوك.
تجمع لرجال أعمال وتجار في الخليل يعبّر عن الغضب من الحكومة (موقع غرفة تجارة الخليل)
وطالب طاهر عابدين، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة محافظة الخليل، وهي كبرى المدن الفلسطينية وتُعد عاصمة الاقتصاد الفلسطيني، باستقالة الحكومة، قائلاً إنها لا تستجيب وغير قادرة على حل المشاكل الكثيرة.
وأضاف في اجتماع عقدته الغرفة التجارية في الخليل مع كبار التجار: «توجد مشاكل كثيرة، ولا يوجد مسؤول مستعد لحل أي مشكلة، ولا توجد استجابة من الحكومة».
وتابع: «أنا أطالب بإقالة الحكومة. من لا يستطيع حَمل الحِمل فعليه أن يرحل».
وجاء كلام عابدين ليعبر عن غضب عارم لدى التجار ورجال الأعمال والشركات وكثير من الأفراد، بعد تقييد البنوك منذ مايو (أيار) سقف الإيداع النقدي من عملة الشيقل، إذ جرى خفض السقف إلى نحو خمسة آلاف شيقل شهرياً، بعد أن كانت تسمح بإيداعات تصل إلى 20 ألف شيقل يومياً.
ودعمت سلطة النقد الفلسطينية الخطوة، وقالت إن المصارف الفلسطينية أصبحت غير قادرة على استقبال مزيد من النقد بعملة الشيقل، لعدم قدرتها على شحن فائض منه إلى البنوك الإسرائيلية.
وبحسب بروتوكول باريس الاقتصادي، وهو أحد ملاحق اتفاق أوسلو للسلام، فإن سلطة النقد الفلسطينية مخولة بتحويل فائض الشيقل من البنوك المحلية إلى بنك إسرائيل مقابل عملات أجنبية، بهدف الحفاظ على التوازن النقدي.
وأدى هذا الوضع إلى تراجع الأداء الاقتصادي وحجم الأعمال التجارية مع إسرائيل والخارج، وأثار أزمات مالية عديدة، اضطر معها الكثيرون إلى وقف بعض أوجه التجارة والمعاملات الأخرى.
وكانت الغرف التجارية قد اجتمعت مع سلطة النقد وجمعية البنوك هذا الشهر، في محاولة لحل الأزمة، لكن من دون جدوى.
وهدد ياسر الدويك، أحد أعضاء لجنة تجار الخليل، بخطوات تصعيدية.
رجال أعمال وتجار خلال تجمع بالخليل للتعبير عن الغضب من الحكومة (موقع غرفة تجارة الخليل)
وقال إنه سيتم تسريح جميع العمال في المصانع والشركات الفلسطينية «ولتتحمل الحكومة مسؤوليتهم». وأضاف أنه سيكون هناك إضراب تجاري شامل وعام، حتى تتراجع الحكومة وسلطة النقد عن قراراتهما، وستتم مطالبة الجميع بسحب كل مدخراتهم بالعملة الأجنبية من جميع البنوك.
وأضاف: «الكرة في ملعب الحكومة».
لكن الحكومة غارقة في مشكلة كبرى بعد امتناع إسرائيل عن تحويل أموال العوائد الضريبية عن شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، ما جعل السلطة عاجزة عن دفع جزء من رواتب موظفيها، وكثير من التزاماتها الأخرى.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في مؤتمر صحافي، الاثنين، إن استمرار إسرائيل في حجب واحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية «يُقيّد بشكل خطير قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا تجاه المواطنين، ما يُلحق أضراراً جسيمة بالقطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم، والصحة، والأمن الغذائي».
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (وفا)
ووسط حالة الغضب العارم بين الموظفين ودعوات بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي باستقالة الحكومة، أعلن اتحاد المعلمين الفلسطينيين، الأحد، أن دوام الموظفين الإداريين في وزارة التربية والتعليم والمديريات، سيكون يومين فقط في الأسبوع. وقال «الموظفون لا يملكون مواصلات إلى الوزارة أو المديريات».
ويُعتقد أن الاتحاد سيتخذ إجراءات مماثلة أيضاً عندما تبدأ المدارس بعد نحو شهر.
وكان اتحاد نقابات المهن الصحية الفلسطيني قد بدأ إضراباً الشهر الماضي، قبل أن تلجأ الحكومة للقضاء، فأوقفه مؤقتاً.
ومن المتوقع أن يتسع تحرك النقابات، وسط صمت حكومي عن إعطاء موعد لدفع الرواتب.
وعقدت الحكومة اجتماعاً طارئاً الخميس الماضي، حذرت فيه من الوضع العام السياسي والأمني، واحتجاز أموال المقاصة التي تشكّل أكثر من ثلثي إيرادات الدولة، بما «يهدد قدرة المؤسسات الحكومية على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، الأمر الذي قد يدفع لاتخاذ قرار بإيقاف مؤقت لعمل بعض الدوائر الرسمية وتقليص حاد في دوام الموظفين».
كما حذرت الحكومة من شلل محتمل في القطاع الصحي، ومنحت رؤساء الدوائر الحكومية صلاحية تنظيم الدوام داخل مؤسساتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة التي تستدعي العمل الجزئي، أو التناوب، أو العمل عن بعد.
وكتب الخبير الاقتصادي سمير حليلة في موقع «الاقتصادي»، الاثنين، أن المطلوب الآن فوراً هو تشكيل مفوضية للإصلاح الحكومي تتحمل المسؤولية، وتشارك فيها وتدعمها الرئاسة الفلسطينية وحركة «فتح» ومنظمة التحرير لأهميتها «من أجل خطوات إصلاحية قد تستطيع المساهمة في إنقاذ المركب الغارق».
واقترح حليلة «تخفيض فاتورة الراتب، وإجراءات صارمة لضبط العلاوات والزيادات السنوية، وتجميداً مؤقتاً في زيادات الرواتب، ومراجعة معمقة للقوانين المتعلقة بالوظيفة العمومية والتأمين الصحي وأنظمة التقاعد وغيرها، يمكن أن تقود لتخفيض حقيقي وضبط كبير للإنفاق العام».
لكنه أشار إلى أن هذا ليس هو الحل للأزمة المالية الحالية، «ولكنها خطوات إصلاحية متوسطة المدى تمنع وقوعنا في هاوية سحيقة إذا استمرت الحكومة في تسيير أعمالها بالدفع الذاتي».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمم المتحدة تنتقد حظر "فلسطين أكشن" في بريطانيا: إساءة استخدام مقلقة لقانون الإرهاب
الأمم المتحدة تنتقد حظر "فلسطين أكشن" في بريطانيا: إساءة استخدام مقلقة لقانون الإرهاب

صحيفة سبق

timeمنذ 4 دقائق

  • صحيفة سبق

الأمم المتحدة تنتقد حظر "فلسطين أكشن" في بريطانيا: إساءة استخدام مقلقة لقانون الإرهاب

انتقد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، يوم الجمعة، قرار الحكومة البريطانية بحظر منظمة "فلسطين أكشن"، واصفًا إياه بأنه "إساءة استخدام مقلقة" لتشريعات مكافحة الإرهاب، داعيًا إلى إلغائه فورًا. وقال تورك في بيان رسمي: "القرار يبدو غير متناسب وغير ضروري. فهو يحدّ من حقوق العديد من الأشخاص المنخرطين في الحركة أو المؤيدين لها، ممن لم يمارسوا أي نشاط إجرامي، بل مارسوا حقهم المشروع في حرية التعبير والتجمع السلمي". ويأتي الحظر استنادًا إلى قانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا، بعد حادثة اقتحام نشطاء من "فلسطين أكشن" لقاعدة جوية جنوب إنجلترا، وقيامهم برش طلاء أحمر على طائرتين، ما تسبب بأضرار تُقدّر بـ7 ملايين جنيه إسترليني. وقد تم توقيف أربعة نشطاء وإيداعهم الحبس الاحتياطي عقب مثولهم أمام القضاء، وفق ما أوردته "العربية نت". وبموجب القرار، تصبح العضوية أو التعبير عن التأييد لحركة "فلسطين أكشن" فعلاً إجراميًا يُعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا، كما يشمل الحظر ارتداء ملابس أو رموز قد تُظهر الانتماء للحركة. وعلّقت الأمم المتحدة بأن الحظر يثير "شواغل جدية بشأن تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب على أفعال لا ترتقي لمستوى الإرهاب"، لافتة إلى أن التعريف الدولي للإرهاب يقتصر على الأفعال التي تهدف لإحداث الوفاة أو الإصابات الخطرة أو خطف الرهائن بغرض الترهيب أو الضغط السياسي. وأضاف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن الشرطة البريطانية أوقفت منذ بدء تنفيذ الحظر أكثر من 200 متظاهر، من بينهم عدد كبير كانوا يتظاهرون سلميًا. وأثارت هذه الخطوة جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية، وسط مخاوف من أن تؤدي إلى تقييد حرية التعبير في المملكة المتحدة، خاصة في ما يتعلق بالتضامن مع القضية الفلسطينية.

"غوتيريش": ألف قتيل بحثًا عن الغذاء في غزة منذ 27 مايو.. والعالم يتقاعس
"غوتيريش": ألف قتيل بحثًا عن الغذاء في غزة منذ 27 مايو.. والعالم يتقاعس

صحيفة سبق

timeمنذ 4 دقائق

  • صحيفة سبق

"غوتيريش": ألف قتيل بحثًا عن الغذاء في غزة منذ 27 مايو.. والعالم يتقاعس

أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنه منذ 27 مايو، سجّلت الأمم المتحدة مقتل أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء. وقال غوتيريش في كلمته لمنظمة العفو الدولية: نحن نحتاج إلى أن نتحرك عاجلًا لوقف إطلاق النار وبشكل ودائم، والإفراج عن جميع الرهائن، ووصول الإغاثة فورًا ومن دون عوائق. وأضاف: إن ما يحدث في قطاع غزة اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي، مؤكدًا أنه يجب أن يكون هناك خطوات عاجلة وملموسة لا رجعة فيها نحو حل الدولتين. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنه لا يستطع تفسير مدى عدم المبالاة والتقاعس لدى المجتمع الدولي، من خلال انعدام التعاطف وانعدام الحقيقة وانعدام الإنسانية. يذكر أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش تحدث -عبر الفيديو- في أعمال الجمعية العالمية لمنظمة العفو الدولية، التي تُعقد في العاصمة التشيكية براغ.

إسرائيل: سيتم استئناف تسليم المساعدات جواً إلى سكان غزة
إسرائيل: سيتم استئناف تسليم المساعدات جواً إلى سكان غزة

الشرق الأوسط

timeمنذ 34 دقائق

  • الشرق الأوسط

إسرائيل: سيتم استئناف تسليم المساعدات جواً إلى سكان غزة

أفاد مسؤول إسرائيلي «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الجمعة)، بأن عمليات تسليم المساعدات الإنسانية جواً ستُستأنف قريباً في قطاع غزة الذي يواجه أزمة إنسانية حادة بعد أكثر من 21 شهراً من الحرب. وقال المصدر القريب من الملف إن «عمليات إلقاء المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ستُستأنف في الأيام المقبلة، بالتنسيق مع الإمارات والأردن». وتواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بسبب الوضع الإنساني المتردي في غزة. وتؤكّد الكثير من المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة منذ أشهر أنها تواجه قيوداً وعراقيل تمنعها من الاستجابة للأزمة الإنسانية. طفل فلسطيني نازح يجلس بجانب قدر من حساء العدس تسلّمه في نقطة توزيع طعام بمدينة غزة شمال القطاع (أ.ف.ب) وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في بيان اليوم، أن نحو ثلث سكان قطاع غزة لا يأكلون لأيام، محذراً من أن سوء التغذية في ازدياد حاد. وفي بيان صدر الجمعة، أصر الجيش الإسرائيلي على أن «إسرائيل لا تحد من عدد الشاحنات التي تدخل غزة»، وأن «المنظمات الإنسانية الدولية ووكالات الأمم المتحدة» لا تجمع المساعدات بمجرد دخولها القطاع. وأفادت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات)، التابعة لوزارة الدفاع على منصة «إكس»: «خلافاً لما يُقال في كثير من الأحيان، لا يوجد حد لعدد شاحنات المساعدات التي يمكنها دخول غزة».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store