logo
د. إحسان علي بوحليقة ما التوجه إن انخفض سعر النفط أو ارتفع؟ الأحد 25 مايو 2025

د. إحسان علي بوحليقة ما التوجه إن انخفض سعر النفط أو ارتفع؟ الأحد 25 مايو 2025

يقاس نجاح السياسات الاقتصادية بمدى تحقيقها للاستقرار الاقتصادي، فالاقتصادات المستقرة توازن بين الانضباط المالي وبين الاستثمار في مواردها البشرية والطبيعية وتنمية السعة الاقتصادية، وتتجنب الاعتماد على إيرادات سلعة واحدة تحوطا ضد تقلبات تؤذي الاستقرار وبالتالي الاقتصاد والمجتمع الذي يرتكز عليه.
ولابد من الإقرار بأن الاستغناء عن إيرادات النفط ليس أمرا سهلا بل يتطلب جهدا منسقا شاملا ومزعزعا لا يَكلّ كالذي تسعى السعودية لتنفيذه من خلال رؤية 2030 بكل صرامة، وهدف هذا الجهد أن تساهم الإيرادات غير النفطية الناتجة عن أنشطة اقتصادية مولدة للقيمة المضافة بالحمل الثقيل لاستدامة واستقرار إيرادات الخزانة العامة.
إذن، التوجه الاستراتيجي واضح: الانتقال من اعتماد الخزانة العامة على الريع (إيرادات النفط) إلى اعتمادها على النشاط الاقتصادي المُوَلِد للقيمة اقتصاديا وللإيرادات للخزانة العامة (الرسوم والضرائب). هذا مطلب ضخم لاقتصاد أمضى عقودا تعتمد خزانته العامة على إيرادات النفط واستخدمت أساسا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، فكانت الحكومة تقود والقطاع الخاص يتبع ويمارس دورا محدود المخاطر وهو أن يزود - عبر عقود حكومية وانفاقها العام - ما تحتاجه البلاد من سلع وخدمات. ولماذا الزهد في الاعتماد على إيرادات النفط؟ لسببين: التذبذب، وأن تركيز الاهتمام على النفط كأنه المنقذ الوحيد يفوت فرصا مهمة في توليد القيمة من النفط الخام عوضا عن تصديره خاما، ومن تنويع القاعدة الاقتصادية وبالتالي توسيع قاعدة الضرائب والرسوم، ويجلب أخطارا محدقة نتيجة لبرامج تحول الطاقة.
أحد التحولات الكبيرة التي أحدثتها رؤية السعودية 2030 منذ اليوم الأول لإطلاقها هو مواجهة صريحة لحقيقة أنه ليس بالإمكان الاعتماد على النفط. هي حقيقة معروفة لكن لم يسبق مواجهتها بهذه الصرامة، فالخطط الخمسية التي دأبت السعودية على إصدارها تباعا منذ بداية السبعينيات الميلادية كانت تهدف إلى تنويع الاقتصاد. ما أضافته الرؤية هي أن وضعت المجتمع وجها لوجه أمام هذه الحقيقة، وذلك من خلال إطلاق برنامج تحول وبرامج رديفة لتحقيق تلك الرؤية، حتى لا تبقى أملا لا يتحقق. اقتصاديا برامج تحقيق الرؤية تعاملت مع المفاصل الاجتماعية - الاقتصادية التي تهم المجتمع في نطاقاته الأوسع محليا وإقليميا وعالميا، كما أنها تعاملت مع المخاطر المالية المتربصة التي لم تبرح التربص مع كل صعود وهبوط لسعر برميل النفط وبالتالي تأرجح إيراداته.
ولعل الفارق الجوهري الأهم - في ظني - الذي أحدثته الرؤية هو الالتزام، الالتزام بتحقيق المستهدفات بتوفير الموارد والتمكين، ففي السابق كان تحقيق المستهدفات يقوم حقيقة على شرط هو توفر الإيرادات، التي كان جلها إيرادات نفطية. أما في حقبة رؤية المملكة 2030 فأصبحت محفظة توفير الموارد أكثر تنوعا: الإيرادات النفطية، الإيرادات غير النفطية وتنميتها من خلال الضرائب والرسوم، تنمية العائد على استثمارات الدولة، توظيف الفسحة المالية التي تمتلكها الخزانة العامة باعتبارها موردا يمكنها من الاقتراض عالميا وبشروط منافسة، ضبط ميزان المدفوعات من خلال السعي حثيثا لتنمية الصادرات غير النفطية السلعية والخدمية وفتح الاقتصاد على مصارعه لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
التجربة التي عمرها عقد من الزمن، تبين أن سمت الإيرادات غير النفطية الصعود المتواصل فيما سمت الإيرادات النفطية التذبذب، حيث تصاعدت الإيرادات غير النفطية من 166 مليار ريال في العام 2015، (العام السابق لانطلاق الرؤية) إلى 503 مليارات ريال في العام 2024، بزيادة قدرها 170 بالمائة، في سمت تصاعدي متواصل، حتى في فترة كوفيد. فيما الإيرادات غير النفطية بلغت 450 مليار ريال في العام 2015 وتراجعت إلى 300 مليار في العام 2016 وارتفعت إلى 350 مليار في 2017 وقفزت إلى فوق 600 مليار في العام 2018، وهكذا تتراوح بين صعود وهبوط. أما الرؤية فهي خطة طويلة المدى ببرنامج زمني ومستهدفات، وبالتالي لها متطلبات تمويلية تتطلب تدفقات مالية موثوقة، وهذا يتحقق من خلال هيكلية تقوم على تعدد موارد التمويل: الإيرادات النفطية زائدا الإيرادات غير النفطية زائدا الاقتراض لتغطية العجز.
الأمر المطمئن أن الإيرادات غير النفطية في تصاعد في طريقها نحو مستهدف ترليون دولار في العام 2030، وأن مساهمة القطاع الخاص في تنامي في طريقها نحو مستهدف 65 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبالتأكيد يبقى خطر استمرار راجع الإيرادات النفطية مؤثرا، وهذا خارج عن السيطرة بالإجمال لارتباطه بعوامل خارجية، وقد شاهدنا تأثيراته بأن ارتفعت نسبة العجز في الميزانية، لكن علينا أن نتذكر أن العام 2015 شهد عجزا ضخما في الحساب الجاري للسعودية تجاوز 56 مليار دولار (- 8.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي). لكن ما حدث بعد ذلك لافت - في تقديري - حيث بذلت رؤية 2030 جهدا استثنائيا لإدارة ميزان المدفوعات، فقد أخذت الأنشطة غير النفطية في تعزيز ميزان المدفوعات، لاسيما الأنشطة المرتبطة بالسياحة، وكان نتيجة ذلك تسجيل فائض في ميزان تجارة الخدمات للعامين 2023 و2024 على التوالي. وليس محاولة لتبسيط التحدي، فالأمر لا يخلو من تحديات نتيجة للتطورات الجيوسياسية والتقنية وتلك المتعلقة بأسواق النفط، وفي هذا السياق نجد أن السعودية تتعامل مع هذه التحديات بمبادأة وتوجه مدروس، فتلاحظ نتائج ذلك على ثلاثة أبعاد: 1. استراتيجيا، من خلال تعاظم تأثير السعودية إقليميا وعالميا، ودورها الفاعل في القضايا الدولية.
2. تقنيا، من خلال الأولوية العالية والمبادرات التنفيذية لتسريع التحول الرقمي وزيادة مساهمة الاتصالات وتقنية المعلومات والابتكار والتقنية العالية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي.
3. الطاقة، ويشمل ذلك النفط والغاز عبر تنفيذ نهج متكامل يعزز أنشطة القيمة المضافة المرتبطة بالنفط الخام من ناحية، ومواصلة جهود تحول الطاقة، الأحفورية وغير الأحفورية، وتعزيز مساهمة الاقتصاد الدائري.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار العملات مقابل الريال القطري اليوم الأحد
أسعار العملات مقابل الريال القطري اليوم الأحد

صحيفة الشرق

timeمنذ 24 دقائق

  • صحيفة الشرق

أسعار العملات مقابل الريال القطري اليوم الأحد

اقتصاد 80 فيما يلي بيان بأسعار بعض العملات الأجنبية مقابل الريال القطري، كما وردت من بنك قطر الوطني اليوم.. العملة الشراء البيع ---------------------------------------------------------------------------- ريال سعودي 0.96400 0.98600 ريال عماني 9.39800 9.65200 درهم إماراتي 0.97800 1.00100 دينار بحريني 9.44700 9.80800 دينار كويتي 11.74700 12.13600 دولار استرالي 2.33310 2.44940 دولار كندي 2.62580 2.75340 فرنك سويسري 4.35790 4.55610 يوان صيني 0.48000 0.52170 كرونة دنماركية 0.52030 0.60450 جنيه مصري 0.06400 0.07760 يورو 4.04720 4.27030 جنيه استرليني 4.81570 5.08990 دولار هونج كونج 0.44260 0.49440 روبية هندية 0.04180 0.04440 دينار أردني 5.08700 5.22000 ين ياباني 0.02490 0.02640 وون كوريا 0000000 0.00320 درهم مغربي 0000000 0.42580 رينغيت ماليزي 0.81360 0.87930 كرونة نرويجية 0.33310 0.39480 دولار نيوزيلندي 2.14130 2.26820 بيسو فلبيني 0.06130 0.06800 روبية باكستانية 0000000 0.01340 كرونة سويدية 0.35690 0.42110 دولار سنغافوري 2.79800 2.92440 دينار تونسي 0000000 1.31410 الليرة التركية 0.08580 0.10210 دولار أمريكي 3.63000 3.65000 راند جنوب إفريقيا 0000000 0.21980 مساحة إعلانية

السعودية: تأشيرات الزيارة لا تخوّل أداء الحج وغرامات تصل إلى 20 ألف ريال للمخالفين
السعودية: تأشيرات الزيارة لا تخوّل أداء الحج وغرامات تصل إلى 20 ألف ريال للمخالفين

كويت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • كويت نيوز

السعودية: تأشيرات الزيارة لا تخوّل أداء الحج وغرامات تصل إلى 20 ألف ريال للمخالفين

أكدت وزارة الداخلية السعودية، اليوم السبت، أن تأشيرات الزيارة بجميع أنواعها ومسمياتها، باستثناء 'تأشيرة الحج' لا تخوّل حاملها أداء فريضة الحج. وشددت الوزارة على تطبيق غرامة مالية تصل إلى 20 ألف ريال بحق من يقوم من حاملي تأشيرات الزيارة بأنواعها كافة، أو يحاول القيام بالدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما، بداية من اليوم (الأول) من شهر ذي القعدة حتى نهاية اليوم الـ 14 من شهر ذي الحجة، وترحيل المتسللين للحج من المقيمين والمتخلفين لبلادهم ومنعهم من دخول المملكة لمدة 10 سنوات. وأهابت بالجميع الالتزام بأنظمة وتعليمات الحج، التي تهدف إلى المحافظة على أمن وسلامة الحجاج لأداء مناسكهم بيسر وطمأنينة، والمبادرة بالإبلاغ عن مخالفي تلك الأنظمة والتعليمات. وكثفت السلطات السعودية حملاتها الأمنية والتنظيمية لمنع الحجاج غير النظاميين من دخول مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، قبل أسابيع من انطلاق موسم الحج للعام 1446هـ. وتؤكد وزارة الداخلية السعودية، في بيانات متتالية، أن أداء الحج بدون تصريح يعد مخالفة جسيمة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة، فضلاً عن الترحيل والمنع من دخول المملكة. وينظر إلى هذه الإجراءات كإعادة ضبط ضرورية لمسار التنظيم، وسط تصاعد التحايل على نظام التصاريح عبر سماسرة الحج غير الرسمي. وأقرت السعودية عقوبات صارمة على مخالفي أنظمة الحج، تشمل غرامة مالية قدرها 10 آلاف ريال على كل من يُضبط دون تصريح، مع مضاعفتها في حال تكرار المخالفة. كما تشمل العقوبة السجن مدة تصل إلى 15 يوماً، وترحيل المقيمين المخالفين، ومنعهم من العودة للمملكة لمدة قد تصل إلى 10 سنوات. أما من يثبت تورطه في نقل أو إيواء الحجاج غير النظاميين فيواجه غرامة تصل إلى 100 ألف ريال، والسجن لستة أشهر، ومصادرة وسيلة النقل المستخدمة، إضافة إلى الترحيل في حال كان المخالف غير سعودي.

إتاوات على الحجاج اليمنيين تزيد مشقة السفر
إتاوات على الحجاج اليمنيين تزيد مشقة السفر

حضرموت نت

timeمنذ ساعة واحدة

  • حضرموت نت

إتاوات على الحجاج اليمنيين تزيد مشقة السفر

تصاعدت شكاوى اليمنيين من فرض 'إتاوات' عليهم من الجهات المعنية بالسّفر، خلال إجراءات التفويج لقضاء فريضة الحج، وهو ما دعا شركة الخطوط الجوية اليمنية إلى استنكار هذه الممارسات، مؤكدة أنها ستقف بحزم تجاه أي تجاوزات ومخالفات تتعلق بفرض عمولات غير مسموح بها من وكالات السفر تحديداً. وتحدث مواطنون عن تعرّضهم للابتزاز من الجهات المعنية بالسفر والأحوال الشخصية سواءً السلطات الرسمية أو الشركات والوكالات التابعة للقطاع الخاص. وتتراوح المبالغ التي تفرضها الشركات الخاصة بالسفر والعمرة بين 1500 و2000 ريال سعودي (بين 400 و533 دولاراً) في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً، وقد تصل إلى أقل من نصفها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفق مواطنين تحدثوا إلى 'العربي الجديد'. وقال المواطن ماجد الحيدري، لـ'العربي الجديد'، إن تكلفة تأدية فريضة الحج، وصلت إلى مبلغ كبير يتجاوز عشرة آلاف ريال سعودي، في حين أشار المواطن ياسين عمر لـ'العربي الجديد'، إلى أن السفر في اليمن أصبح أمراً شاقاً للغاية ومكلفاً كثيراً لأي غرض كان، وذلك بدءاً من الحصول على جواز السفر أو تجديده، إلى حجز تذاكر السفر والإقامة، إذ يمرُّ المسافر بسلسلة طويلة من عمليات الدفع المالية التي قد تدفع البعض للاقتراض أو بيع ما لديه من مدّخرات وممتلكات لأجل ذلك. ويتحدث مواطنون عن صعوبات شديدة يواجهونها في سفرهم لتأدية فريضة الحج أو غيرها من أغراض السفر الضرورية، إذ تسود فوضى ناتجة عن الضغط أو الإهمال تؤدي إلى طلب مبالغ إضافية لاستكمال إجراءات سفرهم، فيما يتحدث مسافرون عن عمليات تحايل في بيع التذاكر التي تصل أسعارها إلى مبالغ كبيرة تتجاوز 600 دولار، إذ يفاجأ مسافرون عند إجراءات السفر بالمطارات أن تذاكرهم قد جرى بيعها لمسافرين آخرين، ويكون المبرّر في ذلك التأخر عن موعد الوصول إلى المطار، الأمر الذي يؤدي إلى دفع مبالغ إضافية لا تقل عن 150 دولاراً. ويشير المحلل الاقتصادي فؤاد نعمان، في حديث لـ'العربي الجديد'، إلى وجود أعمال 'سمسرة' في هذا القطاع المهم الذي 'تحوّل إلى أداة نهب'، متحدثاً عن وصول أساليب 'السمسرة' إلى التحايل على المواطنين، وبيعهم جواز السفر بمبالغ طائلة وبالعملات الصعبة التي قد تتجاوز 100 دولار وأكثر، في حين لم يكن يكلف الحصول على جواز السفر سوى مبالغ رمزية للغاية، إضافة إلى تحويل مختلف منافذ وإجراءات السفر إلى منافذ جبائية لنهب المواطنين المضطرين للدفع بسبب الوضع الراهن في اليمن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store