logo
إسرائيل تستعد للسيطرة على غزة وسط انتقادات

إسرائيل تستعد للسيطرة على غزة وسط انتقادات

الزمانمنذ يوم واحد
القدس (أ ف ب) – يستعد الجيش الإسرائيلي الجمعة للسيطرة على مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع الفلسطيني، بهدف معلن هو 'هزيمة' حركة حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن، وسط انتقادات دولية.
وبعد 22 شهرا من الحرب المدمرة، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضغوطا شديدة من داخل إسرائيل وخارجها لإنهاء الهجوم في قطاع غزة حيث تهدد المجاعة أكثر من مليوني فلسطيني، وفقا للأمم المتحدة.
وبحسب الخطة التي وافق عليها مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، فإن الجيش 'يستعد للسيطرة على مدينة غزة' المدمرة إلى حد كبير في شمال القطاع 'مع توزيع مساعدات إنسانية على السكان المدنيين خارج مناطق القتال'، حسبما أعلن مكتب نتانياهو الجمعة.
بالإضافة إلى نزع سلاح حماس و'إعادة جميع الرهائن – أحياء وأمواتا'، تهدف الخطة وفق مكتب نتانياهو إلى فرض 'السيطرة الأمنية الإسرائيلية على قطاع غزة؛ إقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية'.
وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس مساء الجمعة إن الجيش 'يستعد منذ اليوم لتطبيق القرارات بشكل كامل'.
بعيد الإعلان عن الخطة، قررت ألمانيا وقف صادراتها لإسرائيل من الأسلحة التي قد تستخدمها في غزة، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي 'مكافأة' لحركة حماس.
كما صدرت مواقف رافضة للخطة عن الاتحاد الأوروبي والصين وتركيا العديد من الدول العربية والمسلمة وكذلك الأمم المتحدة التي اعتبرها أمينها العام أنطونيو غوتيريش 'تصعيدا خطيرا'.
وقال نتانياهو في منشور على منصة اكس 'نحن لن نحتل غزة، بل سنحررها من حماس'، مضيفا أن نزع السلاح من القطاع وإقامة 'إدارة مدنية سلمية (…) سيساعدان على تحرير رهائننا' ويمنعان أي تهديدات مستقبلية.
وفي خضم التنديد، طلبت دول عدة عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، تقرر عقده الأحد، وفق مصادر دبلوماسية.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة بأنها 'تصعيد خطير' من شأنه أن يفاقم أوضاع الفلسطينيين، وفق ما أعلن متحدث باسمه.
– 'حماية شبابنا' –
ورأت حماس التي تواصل احتجاز 49 رهينة بينهم 27 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم، أنّ ما طرحه نتانياهو 'من مخططات لتوسيع العدوان على غزة يؤكّد أنه يسعى فعليا للتخلّص من أسراه والتضحية بهم، من أجل مصالحه الشخصية وأجنداته الأيديولوجية المتطرّفة'.
واعتبرت أن 'هذه التصريحات تمثّل انقلابا صريحا على مسار المفاوضات' مشددة على أن 'أي توسيع للعدوان على شعبنا لن يكون نزهة، بل سيكون ثمنه باهظا ومكلفا على الاحتلال وجيشه'.
في غزة التي تتعرض للقصف يوميا ويمطرها الجيش بأوامر الإخلاء المتكررة، قال السكان إنهم يخشون الأسوأ.
وأظهرت صور لوكالة فرانس برس سحابة من الدخان وسط أنقاض في مدينة غزة ناجمة عن غارة إسرائيلية الجمعة.
وقال رفيق أبو جراد (54 عاما) وهو نازح من بيت لاهيا إن 'احتلال المدينة سيؤدي إلى نزوح كبير. ونحن كفلسطينيين هُجّرنا عشرات المرات…'.
وقالت جنين أبو جراد (23 عاما) إنه 'سيتعين علينا مغادرة مدينة غزة لحماية شبابنا الذين سيعتقلهم الاحتلال… سيجبر الأطفال وكبار السن على السير لأميال تحت الشمس، في حين لا يوجد طعام'.
في إسرائيل، أعلن منتدى عائلات الرهائن أن قرار الحكومة 'يعني التخلي عن الرهائن'. وقال إن 'الحكومة اختارت المضي في مسار متهور جديد على حساب الرهائن والجنود والمجتمع الإسرائيلي ككل'.
وأعلن نتانياهو الخميس أن إسرائيل 'تعتزم' السيطرة على قطاع غزة ولكن من دون أن 'تحكمه' أو 'تحتفظ به'.
وتابع في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز 'نريد تسليم السلطة لقوات عربية تحكم غزة بكفاءة من دون أن تهددنا، ومع توفير حياة جيدة لسكان غزة. هذا غير ممكن مع حماس'.
حاليا، يحتل الجيش الإسرائيلي أو ينفذ عمليات برية في حوالى 75 في المئة من مساحة غزة، ويقود معظم عملياته من نقاط ثابتة في القطاع أو انطلاقا من مواقعه على امتداد الحدود. ويقوم بقصف جوي ومدفعي يوقع قتلى وجرحى في أنحاء القطاع بشكل يومي.
احتلت الدولة العبرية قطاع غزة في العام 1967، وانسحبت منه في العام 2005 بشكل أحادي وفككت 21 مستوطنة أقيمت على أراضيه.
وندد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد بالقرار، معتبرا أنه 'كارثة' ستؤدي إلى 'مقتل الرهائن والعديد من الجنود، ويكلّف دافعي الضرائب الإسرائيليين مليارات الدولارات، وإفلاس دبلوماسي'.
– قلق من إسقاط المساعدات جوا –
وبحسب إذاعة 'كان' العامة، فإن الخطة المعتمدة والتي ستنفذ على عدة مراحل، تنص على 'اجتياح مدينة غزة عبر إجلاء سكانها خلال الشهرين المقبلين' إلى مخيمات 'ثم تُحاصر القوات المدينة وتعمل داخلها'.
وأعلن الجيش أنه نفّذ بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات سلسلة من العمليات في قطاع غزة الجمعة، استهدفت خمسة من قادة ومقاتلي حماس وحليفتها حركة الجهاد الإسلامي شاركوا في الهجوم على أراضيها.
في الأثناء، أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة فرانس برس الجمعة عن مقتل 18 شخصا بنيران إسرائيلية في أنحاء القطاع الفلسطيني.
كما أعرب عن قلقه إزاء 'المخاطر الكبيرة' لإصابة ومقتل المدنيين بسبب إنزال المساعدات جوا في القطاع الفلسطيني، بعد إصابة شاب يبلغ 19 عاما بجروح بالغة في مدينة غزة الجمعة.
وأفاد رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا وكالة فرانس برس بأن إجراءات التفتيش البطيئة والتي تستغرق وقتا طويلا عند المعابر لا تمكِّن سوى عدد قليل من الشاحنات من دخول القطاع.
وقال 'ما يدخل قطاع غزة من شاحنات هي أعداد قليلة من 70-80 شاحنة يوميا ضمن أصناف محددة'، في حين تقدر الأمم المتحدة الحاجة إلى 600 شاحنة على الأقل يوميا.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، توفي 99 شخصا، بينهم 29 طفلا دون سن الخامسة، بسبب سوء التغذية منذ كانون الثاني/يناير، وهي 'أرقام ربما تكون أقل من الواقع'. وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس الجمعة إن العدد بلغ 202، بينهم 98 طفلا.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضا أن مستشفاها الميداني في رفح عالج أكثر من 4500 مريض أصيبوا بالأسلحة منذ 27 أيار/مايو، 'وأفاد معظمهم بأنهم كانوا في طريقهم إلى مواقع توزيع الأغذية عندما أصيبوا'.
وقالت اللجنة إنه 'من غير المقبول أن يتعرض الناس للإصابة والقتل أثناء محاولتهم إطعام أسرهم'.
أسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب عن مقتل 61258 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
في المقابل، أدى هجوم حماس إلى مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى بيانات رسمية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خطة احتلال غزة .. ستكلف الكيان 49 مليار دولار سنويًا وعجز الميزانية 7% وتمتد لنصف عام
خطة احتلال غزة .. ستكلف الكيان 49 مليار دولار سنويًا وعجز الميزانية 7% وتمتد لنصف عام

موقع كتابات

timeمنذ 6 ساعات

  • موقع كتابات

خطة احتلال غزة .. ستكلف الكيان 49 مليار دولار سنويًا وعجز الميزانية 7% وتمتد لنصف عام

وكالات- كتابات: ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية؛ أنّ رئيس الحكومة؛ 'بنيامين نتانياهو'، يسعى لاحتلال 'قطاع غزة'، في خطوة قد تكلّف 'إسرائيل' ما بين: (120 و180) مليار شيكل سنويًا؛ (بين 32 مليار دولار و49 مليار دولار)، وسط تحذيرات من 'وزارة المالية' من عجز قد يصل إلى: (7%) هذا العام واحتمال خفض إضافي للتصنيف الائتماني. ووفق المراسل والمعلّق الاقتصادي؛ 'غاد ليؤور'، فإنّ تمويل هذا القرار سيتطلّب تقليصات: 'دراماتيكية' في ميزانيات التعليم، والصحة، والرفاه الاجتماعي، وفرض ضرائب جديدة، مع استمرار ارتفاع العجز. وإضافة إلى ذلك؛ أضاف أنّه من المحتمل أن تبدأ السنة المقبلة من دون ميزانية مصادق عليها، والعمل وفق ميزانية استمرارية، وهي ميزانية تُلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد. مصادر في 'وزارة المالية' قدّرت تكلفة تجنيّد ربع مليون جندي احتياط واستخدام الذخيرة بنحو: (350) مليون شيكل يوميًا، أي: (10-11) مليار شيكل شهريًا، و(30-50) مليار شيكل حتى نهاية 2025، إضافة إلى: (10-15) مليار شيكل شهريًا؛ لـ'إدارة القطاع'، في حال السيّطرة عليه، فضلًا عن مليارات الشواكل لإنشاء مدن لجوء و'تمويل مساعدات إنسانية' لسكان 'غزة'، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والكهرباء. ويتوقّع خبراء في 'وزارة المالية' وبنك 'إسرائيل' أن يصل العجز هذا العام إلى نحو: (7%) على الأقل، إضافة إلى احتمال مزيد من خفض التصنيف الائتماني لـ'إسرائيل' من قبل وكالات التصنيف الكبرى في العالم. الجمهور الإسرائيلي، بحسّب الصحيفة، عليه أن يستعدّ لإجراءات تقشفيّة وفرض ضرائب جديدة، وتمديد تجميد خفض الدرجات الضريبية، وتقليصات قاسية في ميزانيات التعليم والصحة والرفاه والبُنية التحتية. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأحد، أن خطة الجيش الإسرائيلي للسيّطرة على مدينة 'غزة' قد تمتدّ إلى نصف عام على الأقل، وذلك وفق جدول زمني يبدأ خلال أسبوعين بإخلاء تدريجي لسكان المدينة نحو مناطق إنسانية في جنوب القطاع. وبحسّب تقرير بثته قناة (كان 11)؛ فإن: 'المرحلة الأولى من العملية تشمل نقل أكثر من: (800) ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى منطقة المواصي، وهو ما يُتوقع أن يستّغرق ما لا يقل عن: (45 يومًا)'. ومن المَّقرر أن يتم خلال شهر من الآن استدعاء قوات احتياط من الفرقة (146)، إضافة إلى نشر الفرقة (98) في 'قطاع غزة'. وبهذا؛ يرتفع عدد الفرق العسكرية التي ستُشارك في العملية إلى ست فرق: (الفرقة 162، الفرقة 36، الفرقة 98، فرقة غزة، الفرقة 99، الفرقة 146). وفقًا للتقرير، فإن: 'الجيش الإسرائيلي يعتزم فرض طوق عسكري على مدينة غزة في 25 تشرين أول/أكتوبر، بالتزامن مع تقدم كبير في عملية الإخلاء السكاني، تمهيدًا لبدء التحرك البري داخل المدينة'. وتعتقد مصادر أمنية إسرائيلية أن العملية قد تستمر لنحو ستة أشهر على الأقل، ما لم يحدث تطور جوهري في ملف المفاوضات أو تبادل الأسرى. وأبدت قيادات بارزة في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تحفظات جدية على قرار الحكومة الإسرائيلية بالسيّطرة على 'غزة'. وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، السبت، أنه خلال نقاش امتد لأكثر من (10) ساعات، عبّر رؤساء الأجهزة الأمنية، بمن فيهم رئيس الأركان ورئيس (الموساد)، والقائم بأعمال رئيس (الشاباك)، إضافة إلى رئيس مجلس الأمن القومي عن تحفظات بدرجات متفاوتة تجاه قرار 'نتانياهو' بالمُضّي في العملية العسكرية الكبيرة بالقطاع. ووفق مصادر مطلعة، فإن: 'المعنييّن لم يُعارضوا العمل العسكري من حيث المبدأ، لكنهم اعتبروا أن هناك خيارات أكثر ملاءمة، محذرين من أن احتلال غزة سيعرّض حياة الجنود والرهائن في قبضة (حماس) لخطر شديد'.

مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة
مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 6 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

مجلس الأمن يعقد جلسة عاجلة حول خطة إسرائيل احتلال غزة

يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة اليوم الأحد، بدعوة من 5 دول أوروبية، لبحث خطة إسرائيل لاحتلال مدينة غزة، إذ أثارت الخطة، التي صدق عليها المجلس الأمني الإسرائيلي أمس الأول الجمعة، غضبا عالميا، ووصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها " تصعيد خطير" في الحرب المستمرة منذ 22 شهرا في قطاع غزة. فيما دعت الدول الأوروبية في مجلس الأمن الدنمارك وفرنسا واليونان والمملكة المتحدة وسلوفانيا لعقد جلسة عاجلة في نيويورك. وبحسب موقع "سيكيورتي كاونسل ريبورت" الإخباري المستقبل، أيدت جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن المقترح ما عدا الولايات المتحدة. وخلال الجلسة، التي تبدأ العاشرة صباحا بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش)، سوف تتبادل الدول الأعضاء الآراء، كما من المتوقع أن يحدد مقررو الأمم المتحدة التداعيات الممكنة للسيطرة على المدينة الرئيسية في غزة. وكانت الحكومة الصهيونية قد صادقت فجر الجمعة، على احتلال مدينة غزة وتوسيع العمليات العسكرية في القطاع، وذلك في اجتماع الكابينيت الأمني والسياسي حيث تواصل نحو 10 ساعات.

هل أفسدت حماس خطط نتنياهو؟
هل أفسدت حماس خطط نتنياهو؟

ساحة التحرير

timeمنذ يوم واحد

  • ساحة التحرير

هل أفسدت حماس خطط نتنياهو؟

هل أفسدت حماس خطط نتنياهو؟ تعد المقاومة في غزة، وفلسطين عامة، نتاجا طبيعيا لوجود الاحتلال الذي بدأ في فلسطين مع مطلع القرن العشرين، بأشكال مختلفة، وعبر أسماء وتنظيمات وهبّات شعبية متنوعة. وبعد حدوث النكبتين في فلسطين: (1948، 1967)، لم تقف تلك المقاومة، بل أخذت أشكالا أكثر تنظيما ودقة، في العمل الفدائي الفلسطيني ضد وجود الاحتلال. واستمر النضال الفلسطيني دون توقف لسنوات عديدة، وإن اختلفت أشكاله بين مرحلة وأخرى، حتى جاءت الانتفاضة الأولى 1987، والتي استمرت حوالي سبعة أعوام، واكبتها موجة من العمليات الاستشهادية علق عليها رئيس وزراء دولة الاحتلال إسحاق رابين قائلا: 'لا أستطيع أن أوقف شخصا يريد أن يموت'.. وقد دخلت تلك الانتفاضة/ الثورة القاموس العربي، والغربي، وأصبحت كابوسا يطارد الاحتلال.. فكان لا بد من احتوائها. وهكذا، فيما كان الوفد الفلسطيني يفاوض في مدريد، للحصول على أفضل ثمرة للانتفاضة، كانت كواليس النرويج وغرفها المغلقة تشهد مفاوضات سرية بين منظمة التحرير وبين الاحتلال، لتخرج علينا في سبتمبر/ أيلول 1993، بما عرف باسم 'إعلان المبادئ لاتفاقيات أوسلو'، والذي تخلت فيه المنظمة عن فكرة الكفاح المسلح، وقبلت الاعتراف بشرعية الاحتلال، وتعديل ميثاقها، تحت عناوين المرحلية، والتكتيك، وخذ وطالب.. وهكذا. الأخطر في اتفاقيات أوسلو، أن صاحب الحق، وهو الفلسطيني، يعطي المحتل ما لا يستحق، ويعترف بشرعيته في فلسطين. ومما جاء ضمن بنودها، أنه تم الاتفاق على الذهاب إلى انتخابات فلسطينية عام 1996، يتم من خلالها اختيار رئيس السلطة الفلسطينية، وأعضاء المجلس التشريعي. في تلك الانتخابات، توافق الاجتهاد السياسي لدى حركتي حماس والجهاد، على مقاطعة الانتخابات باعتبارها من إفرازات أوسلو.. فلم تشارك أي من الحركتين فيها. وقد تم انتخاب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، رحمه الله، رئيسا للسلطة الفلسطينية. وبعد عقد من الزمان، شهد حالات من الرخاء والشد بين فصائل المقاومة، وخاصة الإسلامية منها، وبين السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة في مناطق السلطة الفلسطينية.. وكان 2006 هو عام الانتخابات الثانية للسلطة الفلسطينية. وشاركت حركة حماس في الانتخابات، في محاولة منها للجمع بين المقاومة والحكم، في حال فازت في الانتخابات، مقاربة بنموذج حزب الله في لبنان. وجاءت نتائج الانتخابات، خارج توقعات الجميع، فقد حصلت حركة حماس على أغلبية المقاعد في المجلس التشريعي، بما يؤهلها لتشكيل الحكومة.. ولم يرُق ذلك لصناع أوسلو. فكانت سياسة وضع العصي في الدواليب، هي الأكثر حضورا في حق حركة حماس، الفائزة عبر صندوق الانتخابات.. وبدأت الشروط تنهال من الغرب والعرب عليها: إذا أردتم أن تشاركوا في السياسة فعليكم بالاعتراف 'بدولة إسرائيل'. ولم ترضخ حماس، وتواصلت ضغوط أجهزة أمن السلطة في حق حركتي حماس والجهاد حتى بلغت حدا لا يطاق، من اعتقالات وتعذيب، وملاحقة ومحاكم أمن دولة، وسنوات سجن تمتد من سنة إلى المؤبد. وهنا جاءت لحظة التغيير عندما قامت حركة حماس برفض قرارات السلطة، خاصة الأمنية منها. وبدأت اشتباكات مسلحة في قطاع غزة بين أجهزة أمن السلطة، والحركة عام 2007، حتى أسفرت عن سيطرة حماس على قطاع غزة بالكامل، ليُفرض بعدها الحصار الشديد على قطاع غزة. البداية والتجهيز للطوفان تعتبر حماس، حركة مقاومة ذات صبغة عقائدية ملتزمة، تتيح مساحة للاجتهاد السياسي وفقا للسياسة الشرعية ومتغيرات الواقع. وهي حركة ذات هيكلية تنظيمية قوية وصلبة، يعود تاريخها إلى ما قبل التأسيس، من خلال خبرتها في العمل المؤسساتي المجتمعي في غزة، تحت لافتات أخرى. وبعد أن بدأت الحركة مرحلة الحكم في غزة، كان جليا أن لها مشروع مقاومة واضح الملامح، ظهرت قدرته لاحقا في طوفان الأقصى.. فمن اللحظة الأولى، وفي ظل عدم ملاحقة أجهزة أمن السلطة في غزة، بدأت حماس تعمل على مشروع المقاومة بطرق عملية ومنهجية تمثلت في النقاط التالية: العمل على بناء الإنسان 'الجندي والقائد'، بناء عقائديا وروحيا وتدريبيا، ليصبح قادرا على مواجهة جنود الاحتلال في أي مواجهة قادمة. حفر وبناء شبكة الأنفاق، التي زادت عن مئات الكيلومترات، والتي آتت أكلها في كل الحروب التي تعرضت لها غزة.. آخرها طوفان الأقصى. إعطاء فصائل المقاومة فرصة للعمل بحرية أفضل، وتوفير أراضٍ مخصصة للتدريبات العسكرية لأبناء تلك الفصائل، خاصة حركة الجهاد الإسلامي. عملت على إيجاد أدوات القتال، من عتاد وقوة.. فكانت الصواريخ، والعبوات، والقذائف، والمسيرات. ملاحقة شبكات عملاء الاحتلال في قطاع غزة، حتى ضيقت على أجهزة مخابرات الاحتلال من خلال هذه الملاحقة.. ومن خلال الأمن الهجومي، بدلا من الأمن الدفاعي. وما إن بدأت حركة حماس العمل بنمط جديد، حتى زاد الحصار، واشتد الخناق، لتبدأ رحلة السعي لاستئصالها، هي وكل المقاومة في غزة.. فكانت الحروب المتتالية: (2008، 2012، 2014) لتحقيق هذا الهدف. السلطة والمقاومة مشروعان متناقضان كل متابع موضوعي للشأن الفلسطيني، يستطيع أن يرى الفرق الواضح بين مشروع السلطة الفلسطينية في رام الله، ومشروع المقاومة في فلسطين عامة، وغزة خاصة. السبب في هذا الفرق، يرجع إلى سببين هما: الخلفية السياسية والفكرية لكلا المشروعين. الاتفاقيات التي كبّل الفلسطيني نفسه بها من خلال أوسلو. فالمشروع الأول، يقوم على التعايش والسلام مع دولة الاحتلال، وبقائها في فلسطين. والمشروع الثاني، يقوم على مقاومة الاحتلال، وتحرير فلسطين، وكنس الاحتلال منها. لكن السؤال هنا: ما علاقة طوفان الأقصى بالمشروع الوطني الفلسطيني والشرق الأوسط الجديد؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من الذكر أن الطوفان، كسر وإلى الأبد صورة هذا الاحتلال/الأسطورة. فمنذ عقود طويلة، يتم العمل على تدجين العقول في العالم، ولا سيما العربي والإسلامي، للتسليم بأن هذا الاحتلال أسطورة، لا يمكن هزيمتها أو كسر هيبتها، فجاء الطوفان، وكسر هذه الأسطورة. وهذا يعني، أن هزيمة دولة الاحتلال ممكنة، ولم تعد مستحيلة. فإذا كانت غزة وحدها بمقاومتها وحاضنتها الشعبية، قد حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، فكيف سيكون الحال لو كان هناك مشروع وطني جامع للكل الفلسطيني، ومعه حركات التحرر العربية والإسلامية التي تؤمن بتحرير فلسطين؟ وهذا يأخذنا إلى السؤال، عن الطوفان، وعلاقته بالشرق الأوسط الجديد. طوفان الأقصى محطة فارقة في الصراع قبيل الطوفان بفترة وجيزة، وقف رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمام الأمم المتحدة، رافعا خريطة للشرق الأوسط الجديد. وهو الذي دأب على التبشير بتغيير وجه الشرق الأوسط، إلى آخر جديد خالٍ من كل حركات المقاومة، وتكون دولة الاحتلال، هي الكبرى فيه، من حيث المساحة والقدرة والنفوذ. ولكن المفاجأة هي ما ذكرته كتائب القسام، من أنها كانت لديها معلومات دقيقة عن نية الاحتلال بدء هجوم كبير على المقاومة في غزة، ومن بعدها في الإقليم، ضد كل من يؤمن بالمقاومة في مواجهة دولة الاحتلال التوسعية. وهنا بادرت الحركة ببدء الطوفان في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ردًّا على تلك الخطط التي أعدّها الاحتلال، ولتدمير أحلام نتنياهو بخريطة جديدة للشرق الأوسط. ويمكن القول إن طوفان الأقصى استطاع، حتى هذه اللحظة، تأخيرَ تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد وعرقلته، رغم كل ما فعله الاحتلال ضد حركات المقاومة. البناء على الطوفان رغم تكلفته العالية التي قدمها الشعب الفلسطيني، لا بد من استثمار هذا الطوفان، والبناء عليه بقوة، وهذا البناء يكون من خلال: أولا: في داخل فلسطين: إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني التحرري، مع ضرورة العمل على توسيع دائرته لتشمل كل ألوان الطيف السياسي المقاوم في فلسطين، التي تؤمن بضرورة العمل لتحرير فلسطين. ويجب القفز عن العراقيل التي يمكن أن يضعها البعض أمام تحقيق هذا الهدف، ومن ذلك زعم بعضهم أن إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني هو خطوة لاستبدال منظمة التحرير الفلسطينية.. وهو ليس كذلك، بل إن من أبجديات هذا المشروع، إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية نفسها، كبيت جامع للكل الفلسطيني تحت مشروع مقاومة الاحتلال. ثانيا: خارج فلسطين وإذا تم التوافق على مشروع وطني فلسطيني موحد- ويفضل أن يكون تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية- فإن العمل خارج فلسطين يصبح خطوة مكملة وداعمة لهذا المشروع، من خلال التعاون مع جميع حركات التحرر التي تؤمن بضرورة تحرير فلسطين، وكذلك مع الأنظمة التي تتبنى هذا الهدف. وينبغي أن يتم هذا التعاون ضمن إطار وطني موحد تشرف عليه مؤسسة جامعة تمثل الكل الفلسطيني، لأن وجود مثل هذا الإطار يسهل التنسيق مع تلك الأنظمة، ويعزز من قوة المشروع، ويراكم الإنجازات. وعلى عاتق هذا المشروع الجامع تقع المهام الأصعب، وفي مقدمتها طلب الدعم بكافة أشكاله من الأنظمة الملتزمة بقضية فلسطين، وذلك وفق قاعدة العمل المشترك التي يجسدها شعار: 'فلسطين تجمعنا'. محددات نجاح مشروع الشرق الأوسط الجديد وينبغي أن ندرك أنه حتى يتم تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، فإن هناك محددات لا بد من توفرها، وهي: توفر الرغبة لدى أصحاب المشروع ووجود الإرادة لتحقيق تلك الرغبة. وجود أنظمة تساعد على ذلك. غياب وانتهاء حركات المقاومة من المشهد. غياب الجماهير عن دورها الفاعل في التصدي للمشروع. ويمكن القول إن طوفان الأقصى أسهم في تثبيت حضور المقاومة في الميدان، لا سيما في غزة، وأعاد للجماهير دورها الفاعل في الساحات، وإن كان هذا الدور يشهد تراجعا وتقدما بحسب الظروف. أما ما يتعلق بالأنظمة، فهو جزء أساسي من المشروع الوطني الفلسطيني، الذي يحملها مسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين وشعبها، ويطالبها بالوقوف إلى جانب هذا المشروع التحرري. أما المحدد الأول، والمقصود به توفر الإرادة لدى أصحاب مشروع 'الشرق الأوسط الجديد'، فيمكن القول إن المقاومة، حتى الآن، نجحت في تعطيل هذا المسار وعرقلة تقدمه. خلاصة فكرة هزيمة الاحتلال ممكنة، وممكنة جدا، خاصة بعد ما فعله طوفان الأقصى. وسنن الله في التغيير حاضرة وبقوة.. وأحد أخطر سننه في هذه المواجهة: 'وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم'. فكرة إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني من خلال منظمة التحرير، وعلى قاعدة تحرير فلسطين، هي الرد الأقوى على حجم الزيف والموت الذي يوزعه الغرب ومشروعه الصهيوني في فلسطين. من أجل الجيل القادم، لا بد من العمل والمثابرة، حتى لو لم نحضر التغيير والنصر.. فيكفينا شرفا، أننا كنا من أهل غزة.. ولا زلنا نقبض على جمرة الدين، وجمرة الوطن.. حتى نلقى الله، ونحن كذلك. شبكة قدس الإخبارية ‎2025-‎08-‎09 The post هل أفسدت حماس خطط نتنياهو؟ first appeared on ساحة التحرير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store