logo
فن الصفقة لدى خصوم ترمب

فن الصفقة لدى خصوم ترمب

عكاظمنذ 4 ساعات

يتوعّد الرئيس دونالد ترمب بحل النزاع بين أوكرانيا وروسيا مذ كان مرشحاً رئاسياً، ويشير إلى رغبته في الوصول لاتفاق نووي أو أكثر من نووي مع إيران منذ أن عاد إلى البيت الأبيض.
ويعلم الكثيرون عن دونالد ترمب، مؤلف كتاب فن الصفقة، أنه يهدف دائماً للوصول إلى صفقة، وأنه يرنو للحصول على نوبل للسلام منذ فترته الأولى ولقائه بالرئيس الكوري الشمالي، مما يجعل بعض الوعود العسكرية غير مخيفة للبعض، وإن كان قصف الحوثيين ودعم معارك نتنياهو في بداية فترته.
وبينما كان يسعى لحل النزاع الأوكراني الروسي في ٢٤ ساعة، ثم نجح في تحقيق اتفاق المعادن مع كييف، بدا أن الأوروبيين وخاصة ألمانيا وفرنسا بالإضافة للخصم التاريخي للروس بريطانيا غير مقتنعين بإيقاف الحرب، أو تقديم تنازلات للقيصر سواء عن شبه جزيرة القرم أو أجزاء من الشرق الأوكراني ذي الأغلبية الروسية.
من جانب آخر ورغم التراجع الكبير في نفوذها في المنطقة، سواء عبر خسارة الأسد البالغة التكلفة في سوريا، أو ما تعرض له حزب الله من خسارات متتالية في لبنان،
ما زالت جولات المفاوضات الأمريكية الإيرانية لم ترَ النور بعد، رغم عدة جولات بين روما ومسقط تضاربت الأنباء حولها بين تقدم وعقد للحل.
أخبار ذات صلة
كما أن فرص الحل في غزة وإخراج الرهائن وتحقيق إيقاف دائم لوقف إطلاق النار لم يتحقق بعد، حيث يبدو من جهة نتنياهو أن الاستمرار في الحرب تحت أي مسوغ خيار مثالي لمستقبله السياسي، ويبدو أن حماس وجدت في تفاوض الأمريكيين مع الحوثيين فرصة لتحسين شروط التفاوض، وتجاوز أي شرط يخرج حماس من الحل السياسي.
وفي وسط تعقيد هذه الملفات الثلاثة والسعي الحثيث للإدارة الأمريكية لحسمها معاً، يأتي تحرك مهم على رقعة الشطرنج، حيث يتوجه الرئيس بوتين إلى طهران، ويعرض وساطة بين الإيرانيين والأمريكيين للوصول لحل سلمي للاتفاق النووي.
هذا التحرك يدعونا للتفكر في نقطة مختلفة، وهي كيف يدير مفاوضو ترمب فن الصفقة معه، سواء كانوا صنّاع سجاد أم محترفي شطرنج، فكل لعبة لها طرفان، وكل فعل له ردة فعل كما علمنا نيوتن في الفيزياء.
الأرجح أن الرئيس فلاديمير بوتين يراهن على خفوت العلاقات الأمريكية الأوروبية، وعلى رغبة الرئيس الأمريكي الشديدة في إنهاء الحروب والملفات الخلافية، ليقدم عرضاً قد تتنازل فيه إيران أكثر، ربما عبر نسب تخصيب اليورانيوم دون 3.76 (النسبة التي سمح بها اتفاق أوباما)، أو بجعله اتفاقاً لآجال أطول من 25 سنة كما يهدف المبعوث الأمريكي ويتكوف.
ولا بد أن ثمّن ذلك سيكون ضم شبه جزيرة القرم، ومنع أوكرانيا من دخول الناتو بتاتاً، بالإضافة لرفع شامل للعقوبات عن روسيا، وربما قضم بعض الشرق الأوكراني، وهي فرصة لنختبر ردود الفعل في فن الصفقة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زيلينسكي: مستعدون لوقف إطلاق النار دون شروط.. وبوتين لا يريد السلام
زيلينسكي: مستعدون لوقف إطلاق النار دون شروط.. وبوتين لا يريد السلام

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

زيلينسكي: مستعدون لوقف إطلاق النار دون شروط.. وبوتين لا يريد السلام

أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن استعداد بلاده لوقف إطلاق نار يتم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة "دون شروط"، إذا ما التزمت روسيا بذلك أيضاً، متهماً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى "هزيمة كاملة" لأوكرانيا. وفي مقابلة أجراها مع برنامج "This Week" الذي تبثه شبكة ABC News، في العاصمة كييف، اعتبر زيلينسكي أن بوتين "لا يريد السلام"، وقال إن "الضغط القوي" بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة الحلفاء الأوروبيين، هو السبيل الوحيد لدفع الرئيس الروسي إلى "التفكير ببراجماتية"، وفق تعبيره. وأضاف: "أنا مقتنع بأن رئيس الولايات المتحدة يملك جميع الصلاحيات، ولديه ما يكفي من أدوات الضغط للتدخل من أجل إنهاء الحرب". وأشار زيلينسكي إلى أن الشعب الأوكراني يتعرض للقصف والهجمات يومياً، قائلاً: "ربما لا يدرك الناس ذلك، لكن عليهم أن يفهموا أننا نتعرض للقصف والهجوم بشكل يومي، وحتى عندما كانوا يتحدثون عن وقف مؤقت لإطلاق النار، كانت الهجمات والغارات مستمرة". عملية "شبكة العنكبوت" الرئيس الأوكراني تطرّق خلال المقابلة إلى عملية "شبكة العنكبوت" التي نفذتها كييف مؤخراً باستخدام طائرات مسيّرة، لافتاً إلى أن "العالم كله رأى الطائرات المسيّرة وهي تنطلق من حاويات، بما في ذلك أكواخ متنقلة نقلتها مركبات روسية"، مشيراً إلى أن "السائقين الروس لم يكونوا على عِلم بأي شيء"، وأن العملية نُفذت باستخدام أسلحة أوكرانية فقط. وأوضح أن العملية السرية استغرقت 18 شهراً من التخطيط، واستهدفت مواقع عسكرية فقط، بهدف تحسين موقف أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية، وتابع: "لا يمكننا التصدي للعدوان الروسي إلا بالقوة، وقد أدركنا أنه إذا استطاعت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، اتخاذ بعض الخطوات، قد تتمكن من ردع روسيا، وربما عندها سيكون الروس مستعدين للدخول في نوع من المحادثات الدبلوماسية". وكان الكرملين وصف الهجوم الأوكراني واسع النطاق الذي وقع في 1 يونيو بأنه "عمل إرهابي"، وهو توصيف رفضه زيلينسكي، مؤكداً أن ما جرى هو "عملية عسكرية نظيفة وواضحة، وخطوة أظهرت للجميع أننا لا نريد هذه الحرب ولا نرغب في القتال". ومع ذلك، رأى الرئيس الأوكراني أنه "يجب الاستمرار في إعداد خطط من هذا النوع، ولن نتوقف، لأننا لا نعرف ما الذي قد يحدث غداً، ولا نعرف فعلياً ما إذا كانت روسيا ستوقف هذه الحرب". وجدّد الرئيس الأوكراني دعوته لوقف إطلاق النار، مؤكداً أن بلاده مستعدة لوقف القتال "من دون شروط"، إذا ما التزمت روسيا بذلك أيضاً. كما أوضح أن أوكرانيا مستعدة للتخلي عن مطلبها السابق بالحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وهو مطلب كان يُعدّ ضرورياً في حال عدم انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فضلاً عن القبول بوقفٍ للعمليات القتالية لمدة 30 يوماً. "العلاقة مع ترمب" ورفض زيلينسكي بشدة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي شبّه فيها الحرب في أوكرانيا بـ"شجار بين طفلين في الحديقة"، قائلاً: "نحن لسنا أطفالاً مع بوتين في حديقة، ولهذا السبب أقول إنه (بوتين) قاتل جاء إلى هذه الحديقة ليقتل الأطفال". وفي ما يخص علاقته الشخصية بترمب، قال زيلينسكي إنها "تحسنت" منذ لقائهما الأول، الذي تم في المكتب البيضاوي بعد شهر من تنصيب الرئيس الأميركي، وأضاف: "الكاميرات لا تكذب"، لكنه أقرّ بأن اللقاء لم يكن مثمراً، وأكد أنه كان "متأثراً عاطفياً" أثناء زيارته إلى واشنطن "للدفاع عن الحقيقة". أما اللقاء الذي جمعهما في أبريل الماضي في الفاتيكان، خلال مشاركتهما في جنازة البابا فرنسيس، فقد وصفه زيلينسكي بأنه "مثمر"، موضحاً أنه "خلال 15 دقيقة من لقاء ثنائي وجهاً لوجه، تحقق قدر من الثقة يفوق ما تحقق خلال اجتماع طويل في المكتب البيضاوي بحضور العديد من الأشخاص"، وتابع: "أريد أن أصدق أن لدينا الآن علاقة طبيعية، متكافئة، ومهنية". ورغم ذلك، أعرب الرئيس الأوكراني عن اعتراضه على وجهة نظر ترمب بشأن نوايا بوتين، إذ يرى الرئيس الأميركي أن نظيره الروسي يريد السلام، وأضاف زيلينسكي: "مع كامل الاحترام للرئيس ترمب، أعتقد أن هذا مجرد رأي شخصي. لكنني أشعر بقوة أن بوتين لا يريد إنهاء هذه الحرب. في ذهنه، لا يمكن إنهاء هذه الحرب إلا بهزيمة كاملة لأوكرانيا". وأضاف: "صدقوني، نحن نعرف الروس وعقليتهم أفضل بكثير مما يعرفها الأميركيون. نحن جيران منذ قرون". وعندما سُئل عن طبيعة العلاقة بين ترمب وبوتين، أشار زيلينسكي إلى أن تلك العلاقة "أطول" من علاقته هو نفسه بترمب، قائلاً: "أعتقد أن الأعمال التجارية تهم ترمب"، ملمّحاً إلى البُعد الاقتصادي في علاقة الرئيس الأميركي مع نظيره الروسي، وحتى في طريقة تعامله مع الدبلوماسية الدولية. "الضغط على موسكو" وشدد الرئيس الأوكراني على أنه لا توجد دولة، باستثناء الولايات المتحدة، قادرة على فرض عقوبات فعّالة على روسيا، مضيفاً: "لا يهم مَن يريد فرض عقوبات على روسيا، فإذا لم تكن الولايات المتحدة هي الفاعل، فلن يكون لتلك العقوبات تأثير حقيقي". وأشار إلى أن كييف قبلت مقترحات لوقف إطلاق النار خلال إدارتي ترمب والرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لكن موسكو رفضت كل تلك المبادرات. ورغم تأكيده على أن السلام "لا يمكن أن يكون مستداماً وطويل الأمد إلا عبر ضمانات أمنية قوية"، فقد أبدى زيلينسكي استعداد بلاده لوقف القتال حتى من دون تعهد أميركي بالدفاع عنها مستقبلاً ضد روسيا، وقال: "هل نؤيد وقف إطلاق النار من دون ضمانات أمنية؟ ليس كثيراً، ولكننا ما زلنا ندعمه". واستند زيلينسكي في دعوته للولايات المتحدة لممارسة الضغط على موسكو إلى تجارب التاريخ، موضحاً أن "معظم الحروب انتهت في ظروف كانت فيها الثقة غائبة بين الأطراف"، وتابع: "دائماً ما وُجدت أطراف وسيطة، ودول ثالثة اتخذت مواقف قوية، فمعظم الحروب انتهت باتفاقات تمت بوجود وسطاء قادرين على الضغط على المعتدي". وأشار إلى ما وصفه بـ"المرارة طويلة الأمد"، التي تخلّفها الحرب لدى الأطراف المتضررة، مطالباً بـ"الضغط" على موسكو، مضيفاً: "هل لدى الولايات المتحدة ما يكفي من أدوات الضغط لإيقاف ما يحدث؟ نعم، أنا مقتنع أن الرئيس الأميركي يملك كل الصلاحيات وأدوات الضغط اللازمة". واختتم حديثه بالقول: "بوسعه أن يوحّد خلفه شركاء آخرين، مثل القادة الأوروبيين، فجميعهم ينظرون إلى الرئيس ترمب كزعيم للعالم الحر والديمقراطي، وهم ينتظرونه".

الرئيس والمهاجر
الرئيس والمهاجر

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

الرئيس والمهاجر

أميركا «بلاد الفرص»، وفي إمكان أي مهاجر أن يصبح أغنى أميركي بأرقام فوق الخيالية، أو «فرط خيالية»، حسب الترجمات الساخرة هذه الأيام، كما هو حال إيلون ماسك، الذي ولد في جنوب أفريقيا، وهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1987، وفيها أصبح أغنى كائن على وجه الأرض، بثروة تبلغ نحو 500 مليار دولار. بموجب الدستور الأميركي، يستطيع ماسك أن يخوض المعركة لأي منصب سياسي إلا واحداً: الرئاسة. هذا المنصب يقتضي أن تكون مولوداً في أميركا. ما الحل إذن؟ تشتري أميركا. طابت الوجاهة للمستر ماسك. وطاب له أن يعامل على أنه موازٍ للرئيس، لكن لم يهن عليه الخلاف معه، ولم يقبل الإهانة، فماذا يفعل؟ يؤسس حزباً جديداً لنفسه أبعد من الحزبين التاريخيين. هل يشتري المال كل شيء؟ حاول أن تحسبها: 500 مليار دولار. نصف تريليون. ربما يفكر صاحبنا غداً في تعديل الدستور، وهو مليء بالتعديلات على أي حال. لم تعمّر الشراكة طويلاً بين أغنى رجل في العالم وأغنى رئيس أميركي. كلاهما مكابر وجاد. وكلاهما يعتبر أنه الرمز الأول للنجاح في العالم الرأسمالي، والواقع أنهما كذلك، لكن أحدهما «فقد عقله»، كما قال ترمب عن ماسك. فصل الشراكة بين الرجلين سوف يكون مكلفاً مادياً لهما، وربما أيضاً لأسواق المال. هناك تداخلات كثيرة بين شركات يملكها الفريقان، كما هناك تبرعات كثيرة من ماسك إلى ماكينة ترمب الانتخابية بلغت حتى الآن 290 مليون دولار. غيّر النزاع بين الرجلين طبيعة وحجم ومقاييس الخلافات السياسية في أميركا. وهذا أول مهاجر يبلغ نفوذه المالي هذا الحجم، أما أكبر نفوذ سياسي فلا يزال للمهاجر الألماني هنري كيسنجر، الذي جاء إلى أميركا وهو في العاشرة من العمر. وكان يقال تلك السنوات: إنه لو كان من مواليد الولايات المتحدة لما نافسه على الرئاسة كثيرون.

كأنَّ شيئاً لم يكن
كأنَّ شيئاً لم يكن

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

كأنَّ شيئاً لم يكن

استعاد تنظيم المحور الإقليمي في لبنان خطابه السابق لحرب 2024 المدمّرة، بكل تفاصليه، باستثناء إقراره الانسحاب العسكري من جنوب نهر الليطاني بموجب اتفاق الهدنة الذي وقعته في حينه الحكومة اللبنانية برضاه وإشرافه. لا شكّ في أنّه استثناء مهمّ؛ كونه يُنهي حالة المواجهة المباشرة مع الدولة العبرية، ويُقصي المحور بكامله عن حدود لبنان الجنوبية. لكنْ عدا ذلك، كل شيء في الخطاب باقٍ على حاله؛ فلا تسليم للسلاح في سائر أنحاء البلاد، وهناك استمرار في التمسّك بثلاثية «شعب، جيش، مقاومة»، ودفاع عن حق «الثورة الخمينية» في نشر دعوتها خارج حدودها، وعزم على إعادة التنظيم والتعبئة والتسلّح. إلى أين يقود ذلك كلّه وسط تحوّلات المنطقة وعواصفها؟ في لعبة الشطرنج الجارية، لا بدّ أن الحزب ينظر بإمعان إلى أحجاره، وإلى ما له وما عليه. جهة الخسائر المحتّمة، يدرك عمق خسارته الحرب الأخيرة وإن كان لا يبوح بها. ويدرك أن إقصاءه وإقصاء المحور عن الجنوب اللبناني يُضعفان إلى حدٍّ بالغ دعوته إلى تحرير القدس واستعادة فلسطين، وهو الشعار الذي أقام عليه إعلامه. كما يعي تماماً خطورة خسارته النظام السوري، خصوصاً انقطاع الشريان البرَّيِّ الحيويِّ مع إيران، في نقل الأسلحة والأموال، وفي محاصرة حركة التهريب الواسعة والمربحة. ويعي نتائج انقطاع الجسر الجويّ مع طهران، حيث بات يتعذّر على طائراتها الوصول إلى مطار بيروت كما إلى مطارات سوريا. ويدرك ثقل الدمار في بيئته وعدم القدرة على إعادة الإعمار. كما يعي التفكك والتراجع الكبيرين اللذين أصابا المحور على مدى المنطقة. وهو ملمٌّ تماماً بحجم الضغوط الدولية والإقليمية على النظام اللبناني في اتجاهين أساسيين ضد مصالحه الحيوية: حصر السلاح في يد الدولة وحدها، فعلاً لا قولاً، مما يعني تجريده وتجريد المنظمات الفلسطينية المؤيدة له من السلاح، وإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية وقضائية جذرية تُضعف تغلغله في حنايا «الدولة العميقة» منذ أربعين عاماً. لكنْ، على الرغم من ذلك كلّه، ما زال في يد الحزب أوراق عديدة في لبنان يمكنه الرهان عليها، أهمّها: قوٌة تحالفه مع الطرف الآخر في الثنائي المذهبي، والتفاف القدر الأوسع من قاعدتهما الفاعلة في الجنوب وبيروت والبقاع حولهما، وهو ما ظهر جليّاً في الانتخابات البلدية الأخيرة، وإن تمّت في ظل السلاح. ويمكن أن يرتاح الحزب كثيراً لهذا الالتفاف، الذي يعني فيما يعنيه أن بيئته لا تحمّله مسؤولية الخراب الذي حلّ بها ولا تحاسبه عليه. وهي نقطة بالغة الدلالة لا بدّ من التوقف عندها. من معاني هذا التأييد أن القاعدة المذهبية العريضة لا تلوم الحزب على خسارته الحرب مع الدولة العبرية. فهذه القاعدة في العمق، وعلى الأرجح، لم يكن لديها وهم كبير حول الانتصار على التحالف الإسرائيلي - الأميركي - الأوروبي. وعلى الأرجح، ليست هذه أولويتها. فهي ملتفَّة حول الحزب وممتنَّة له لأنه جعل من جماعاتها ومن حلفائها مواطنين من الدرجة الأولى، أي فوق قوانين دولة «لبنان الكبير» وفوق إدارتها وقضائها وأجهزتها، بينما بقيَ سائرُ اللبنانيين مواطنين من الدرجة الثانية، تحت إمرة أنظمة الدولة ومؤسساتها. فتعلّقها بالحزب شبيه بالتعلّق بالامتياز الطبقي، بالمعنى المجتمعي للكلمة. وهي الصورة نفسها في سوريا النظام السابق، وفي العراق، وفي اليمن. ودعم الحزب هو للحفاظ على هذا الامتياز الذي يرمز إليه. وثمّة أوراق أخرى في يد الحزب، خصوصاً: القدرة على المناورة طويلاً داخل الوضع اللبناني المعقّد. إذ يزداد الظنّ بأن العهد والحكومة الجديدين، ليسا من أهل التحوّلات المصيرية، بل من أهل التوفيق والتوافق سعياً إلى الحلول الوسط إن وُجِدَتْ، وذلك في كل ما أقدما وما سيقدمان عليه، فعلاً، لا قولاً. وفي ممارستهما، ثمة عديد من مكوّنات ومؤثرات السياسات اللبنانية التقليدية. ولسان حال العهد والحكومة أنهما حققا إنجازات مهمة وأن للوضع اللبناني خصوصياته، وهو ما يمكن أن يدفع الأمور إلى إشكالات داخلية محرجة. لكن، مهما يكن من أمر، فأهل التوفيق والتوافق وتدوير الزوايا هم الجهة التي يجيد الحزب التعامل معها بصبرٍ وطول أناةٍ، يَمْنَةً ويَسْرَةً، تقدّماً وتراجعاً، ترغيباً وترهيباً، أخذاً وردّاً... بحيث يمرّ الوقت، على أمل أن تراوح الأمور مكانها. في هذه الأثناء، يراهن الحزب وقواعده على حدوث متغيرات ما: سورياً، وأميركياً، وأوروبياً، وعربياً، وإسرائيلياً، وعالمياً، وفقاً للحِكمة القديمة: «دوام الحال من المُحال». صحيحٌ، لكنْ في أي اتّجاه ستكون؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store