
قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
بسم الله الرحمن الرحيم
قُصف #الخبز في #غزة، فماتت #الإنسانية في #العالم
دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري
في أروقة التاريخ الحديث، حيث تُسجَّل الفظائع بأحرف من دم ودموع؛ تقف غزّة اليوم شاهدة على فصل جديد من فصول العار الإنساني.
إنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة ليس حرب تقليدية، كتلك القائمة بين روسيا وأكرانيا ولا نزاعٌ سياسيٌ عادي، إنّما احتلال بداية، وهو الأطول في التاريخ الحديث وإبادةٌ ممنهجةٌ تُنفَّذ بتُؤدَة ودموية، تحت سمع العالم وبصره، بينما الضمير العالمي يغضّ الطرف ويُشيح بوجهه.
الجوع كسلاح والمجازر كأداة إبادة مزدوجة
لم يعد القصفُ وحده هو القاتل الأكبر في غزّة، بل صار الجوعُ والمجازرُ المتعمّدة أدوات متكاملة للقتل البطيء والسريع، فمنذ أكتوبر 2023، تحوَّل الحصار إلى آلة للطحن البطيء، بينما حوّلت مجازرُ مثل مجزرة رفح قبل أيام مراكزَ المساعدات إلى «مصائد موت» تُدار بأيدي قوات الاحتلال وشركائها.
إحصائيات صادمة صدرت خلال الأشهر الماضية من 2025 تؤكّد أن أكثر من 66 ألف طفل فلسطيني يعانون من سوء تغذية حاد، وفق بيانات وزارة الصحة في غزّة ومنظمة الصحة العالمية. وفي ذات الفترة، أفادت تقارير طبية بأن أكثر من 50 طفلاً فلسطينيًا توفوا نتيجة الجوع أو مضاعفاته في المستشفيات الحكومية خلال أقل من 4 أشهر.
كما أن نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 96% من سكان غزّة، مع وجود قرابة 495،000 شخص في حالة انعدام أمن غذائي كارثي، حسب دراسة حديثة نشرتها اليونيسف في مارس/آذار 2025 وتقارير أممية ودولية مشتركة.
تتزامن هذه الأرقام مع تدمير ما لا يقل عن 94% من المرافق الصحية الحيوية في القطاع، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية حتى أواخر مايو/أيّار 2025. وقد وثّقت المنظمة 516 هجوما على المرافق الصحية ووسائل النقل الطبي، مما أسفر عن ارتقاء 765 شخصاً وإصابة ما يقرب من 1000 آخرين.
هذا التصعيد المُمنهج في استهداف البنية التحتية الصحية يعكس الوحشية الإسرائيلية وتفاقم الأزمة الإنسانية، ويحول دون تلقي المرضى والمصابين الرعاية اللازمة، مما يزيد من عدد الوفيات بين المدنيين، وخاصّة الأطفال والنساء.
وآخر المجازر البشعة، التي تجاوزت الوصف في مايو/أيّار ويونيو/حزيران 2025، حين ارتكب الجيش الإسرائيلي سلسلة مجازرَ في رفح، حيث استُهدف المدنيون الجوعى وهم ينتظرون المساعدات الإغاثية: 31 مايو/أيّار 2025: 37 شهيدًا و170 جريحًا برصاصٍ أُطلق على طوابير الخبز.
3 يونيو/حزيران 2025: 27 شهيداً ونحو 500 جريح في المشهد ذاته، بينما العالم يصفها بـ «الحوادث المأساوية» ولا يتجاوز الوصف ذلك.
هنا، يُختزل التاريخ في حلقة مفرغة: ففي 1956، ذبح الجيش الإسرائيلي 111 فلسطينيًا في رفح بعد استدراجهم إلى مدرسة تحت ذريعة «التفتيش»، والأمثلة أكثر من حصرها في مقالة. اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بأساليب أكثر إجراما: مساعدات أمريكية مغموسة بالدماء، حيث يُستدرج المجوّعين إلى نقاط محددة ليتم إعدامهم جماعيًا.
المفارقة التاريخية… عندما يصبح الصمت أداة للقتل
في رواندا والبوسنة، انقسم العالم بين مُندِّدٍ ومتواطئ، أمّا في غزّة، فالجميعُ يُشارك في جريمة واحدة: الصمت. المفارقة الأكثر إيلامًا أن إسرائيل، بعد 70 عامًا من استخدام ذريعة «عداء السامية» و «الدفاع عن النفس» المُصنّعة غربيا، تُنفِّذ إبادةً جماعية، بينما تُستخدم الذخائر الأمريكية نفسها التي قُتِل بها أجداد الإسرائيليين لحرق أطفال فلسطين.
الأمم المتحدة تصف الوضع بأنه «أسوأ أزمة إنسانية»، لكن قراراتها تتحوَّل إلى حبر على ورق. حتى محكمة العدل الدولية، التي أمرت بوقف الهجوم على رفح وأصدرت مذكّرات اعتقال بحقّ «نتنياهو» و «غالانت»، تُنتهك أوامرها علنًا. والنتيجة؟ غزّة 2025 تُكرر مأساة 1948: تهجيرٌ جماعي، مجاعةٌ مخطَّط لها، ومجازرُ تُرتكب بذات الأسلوب ولكن بأدوات «حديثة».
دليل آخر على ذلك هو القصف الإسرائيلي الذي تعمّد استهداف الفلسطينيين وهم يحاولون الحصول على المساعدات الإنسانية، حيث راح ضحيته قرابة 40 شخصًا إضافة إلى إصابة حوالي 200 آخرين في غارات استهدفت نقاط تجمع للمساعدات خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما يؤكّد أن هذا الهجوم لا يقتصر فقط على السلاح التقليدي، بل يشمل استدراج المجوعين إلى مراكز إغاثية تم إعدادها بشكل ممنهج لتكون كميناً دموياً للعزّل.
إبادة لا تشبه سابقاتها
التاريخُ يعرف الإبادات الجماعية، لكن غزّة كسرت القوالب: إبادةٌ مصوَّرةٌ بالبثّ المباشر، بينما تُختزل الضحايا في «أرقام مؤقّتة».
وفي سياق التعتيم المُتعمّد، ارتقى حتى يونيو/حزيران 2025 ما لا يقل عن 212 صحفياً، حسب تقرير قناة الجزيرة، في ما يمكن تسميته بـ «الإبادة الإعلامية» التي تهدف إلى إسكات العدسة والكلمة، ومنع توثيق الجريمة في زمن البثّ المباشر.
تكتيك مُزدوج: تجويعٌ بطيءٌ يسبق المجازر السريعة، كما في رفح حيث يُجبر المجوعون على التجمُّع ثم يُقتلون. تواطؤٌ مُركّب: الذخائر الأمريكية تُستخدم لتنفيذ المجازر، بينما الإعلام الأمريكي يصفها بـ «الأخطاء المأساوية».
كما كشفت تقارير أممية أن جيش الاحتلال استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف البشرية والمنازل والمركبات في وقت لا يتجاز الثواني، ما يجعل من الخطأ احتمالا محسوباً ضمن هامش الإبادة، ويحوّل الذكاء الاصطناعي من أداة تطوير إلى أداة فتك.
حتى القانون الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام مجازر «سربرنيتشا»، يُظهر عجزه الأكبر اليوم: ففي 2025، تُنتهك اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) علنًا، بينما واشنطن تُزوِّد الجلّاد بالأسلحة الفتّاكة.
ما يزيد الألم عمقًا هو أن إسرائيل تعتمد على شركات أمريكية لإدارة توزيع المساعدات الإغاثية في القطاع، مما يجعل هذه المؤسسات شركاء في الجريمة. فقد أصبحت المساعدات، التي كان يفترض أن تخفّف من معاناة الغزيين، أداة لاستدراج المجوعين، حيث يتم استغلال حاجتهم الماسّة إلى الغذاء والإغاثة، ثم تُقصف مراكز التجمّع، في أبشع أنواع القتل المنهجي.
غزّة، الشاهدة على إنسانية ميتة
إنّ رفح وقطاع غزّة عامّة اختبار للضمير العالمي: في 1956، ذُبح أهلها لأنهم «مقاومون»، وفي 2025، يُذبحون لأنهم أيضاً قاوموا، فحُوصروا وجُوّعوا وها هم الآن على مرأى من العالم يقتلون صبرا.
الضحايا نفسهم، والجلّاد نفسه، ولكن الذرائع تتجدَّد، والصمت يتعمَّق.
السؤالُ الذي يُطارد التاريخ الآن ليس «كيف نوقف هذه الجريمة؟»، بل «هل بقي للعالم ضميرٌ ليُدان؟».
غزةُ تكتب فصول إبادتها بدماء أطفالها، والعالم يُدوّن إفلاسه الأخلاقي والإنساني بحروف من ذهب وصمت من تآمر.
Ahmad.omari11@yahoo.de

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صراحة نيوز
منذ ساعة واحدة
- صراحة نيوز
من ألم الغسيل إلى إمتياز الجامعة… هذا أنا مُحمد
صراحة نيوز-أن تولد على حافة الألم، وتكبر وأنت تصارع مرضًا لا يُرى لكنّه ينهشك من الداخل… تلك ليست حكاية بطل في فيلم، بل قصة حقيقية لشاب اسمه محمد، وُلِدَ بفشل كلوي مزمن، ورافقته المعاناة منذ نعومة أظافره. لكنه لم يكن يومًا ضحية، بل كان مقاتلًا حقيقيًا في معركة لا تترك لمن يُضعف قلبه أي فرصة للنجاة. بين غرفة عمليات وأخرى، بين غسيل الكلى وحقن الإنسولين، وبين رسوب ونجاح… وقف محمد، يُنقّب عن النور في آخر النفق، ويُراهن على الحياة. هذه قصته كما عاشها، لا كما سمعناها . محمد، من مواليد عام 2001، كان 'آخر العنقود' وبهجة قلب والديه. منذ ولادته، اكتُشف أنه يُعاني من مشاكل خلقية في الكلى، تمثلت في 'ارتداد البول'، وبعد سلسلة عمليات قبل أن يُكمل عامه الثاني، تبيّن أنه مصاب بـ'فشل كلوي مزمن'. كانت صدمة قاسية على والديه، اللذين أحبّاه بكل ما فيه، وكان هو قطعة القلب الأخيرة، والنبض الأقرب للروح . استمرت رحلته مع الأدوية: 'الصوديوم، الكالسيوم'، وغيرها، محاولًا بها الحفاظ على توازن جسده الهشّ. إلى أن بلغ السادسة عشرة من عمره، وعند مراجعة دورية روتينية، قال له الطبيب ولأمه جملة غيّرت مسار حياتهم : الحالة صارت بمراحلها الأخيرة من الاستقرار، لازم تقرروا الآن يا 'تعملوا عملية زراعة الكلى أو راح نلجأ لغسيل الكلى ' . كلمات الطبيب وقعت كالصاعقة على والدته، التي وجدت نفسها أمام مفترق مصيري لا مفرّ منه: إمّا الغسيل المرهق، أو الزراعة المجهولة. وبعد استشارات عائلية، رُجّحت كفة الزراعة، فذهبوا إلى المشفى استعدادًا للبدء. والد محمد أراد التبرّع، لكن 'الضغط والسكري' حالا دون ذلك، وهنا قالت الأم، دون تردد : ' أنا دكتور، جاهزة ' وافَق الطبيب، إذ لم يكن لديها مانع صحي. بدأت الفحوصات الدقيقة لمطابقة الأنسجة، وكل شيء سار حسب التوقعات، حتى وصلوا للفحص المفصلي، الذي كشف عن 'اعوجاج في المثانة البولية لمحمد'، مما استدعى نقله إلى 'الخدمات الطبية الملكية' للاستشارة. لكن الأطباء هناك لم يجدوا ما يمنع العملية . وفي خضم هذه الاستعدادات، استيقظ محمد ذات صباح، يتلوّى من الألم، يصفه قائلاً : ' سكاكين بتغز بالبطن ' تبين أنه بحاجة ماسة وعاجلة لـ'غسيل كلى'، مما سبّب له وأهله صدمة جديدة . كيف؟! الآن؟! بدأ محمد رحلة الغسيل الشاقة : ثلاث جلسات أسبوعيًا، كل منها ثلاث ساعات، مع وجود 'الوصلة' في رقبته , وهكذا خمد وهج حلمه بإتمام الثانوية، لا لأنه استسلم، بل لأن الواقع سدّ في وجهه كل منفذ . كان على بُعد أيام من امتحانات التوجيهي، لكن الغسيل وضع بينه وبين الحلم جدارًا من التعب . لم ينكسر، وإن انطفأ الحلم مؤقتًا، فالعزم الذي في قلبه كان أصلب من أن يُهزم، وإيمانه بالله كان الحصن الذي احتمى به في وجه الدنيا .. بعد شهرين من الغسيل المتواصل، ومكوثه في المستشفى أكثر من أسبوعين بسبب تقلبات في التحاليل، جاء يوم الزراعة . الثامن من رمضان، 14/5/2019، في مدينة الحسين الطبية'' دخل محمد ووالدته غرفة العمليات، يواجهان المجهول ووجهيهما في وجه بعض. وفي الخارج، أكثر من 30 شخصًا من العائلة ينتظرون بشغف وخوف عند الباب . سأل محمد أمه بتوتر : 'يما، انتي عنجد بدك؟' لترد بحزم وابتسامة: ' طبعًا يما ' فقال بخوف على حياتها: 'يما إذا ما بدك، والله هسا بطلع، وعادي' فأكدت له بثقة الأم وحنانها: ' طبعًا يما بدي '. بدأت العملية الساعة 8 صباحًا، واستمرت 7 ساعات كاملة، خرجا بعدها سالمَين بفضل الله. خرجت الأم بعد يومين فقط، قوية شامخة. أما محمد، فمكث في العناية أكثر من أسبوع، ثم أسبوعًا إضافيًا في غرفة عادية بسبب ضعف مناعته. كانت المخاوف كبيرة من رفض الجسم للكلية، لكن العلاج الدائم، ودواء مدى الحياة، جنّبه ذلك . عاد محمد إلى منزله، لكن في غرفة معزولة لثلاثة شهور، دون أي مخالطة، ومع كمامة دائمة حتى على أقرب الناس . وبعد شهر من العملية، وأثناء مراجعة روتينية، ارتفع السكري بشكل خطير، حيث قال الطبيب : 'أنت كيف ماشي ع رجليك؟!' وكان الرقم 800… رقم يُدخل الكثيرين في غيبوبة . رد محمد ببساطة: ' عادي، ماشي، ما مالي شي ' دخل المستشفى فورًا، وقيل له إنه أُصيب بالسكري بسبب أدوية الكلى، وأنه مضطر لأخذ الإنسولين مدى الحياة . كان عمره 18 عامًا، فحزن بشدة، وقال لوالده ذات ليلة دامعة : ' يابا، ليش أنا؟! ' ليجيبه أبوه بحكمة تليق بالأمل : 'يابا، لا تحكي ليش أنا، ما بتعرف ربنا شو مخبيلك لقدّام.' خرج محمد من المستشفى، ملتزمًا بـ'ثلاث إبر إنسولين في البطن يوميًا'، مع علاج الكلى . ورغم الرسوب في التوجيهي بسبب المرض، لم يتخلَّ عن حلمه. عاد ليُعيد الامتحانات على فصول، ونجح بكل المواد عدا واحدة. وخلال ذلك، تم قبوله في وظيفة حكومية في ' أمانة عمّان الكبرى' تحت مسمى 'عامل ' جمع محمد بين العمل والدراسة، ونجح في آخر مادة وهي 'الإنجليزي'، ليحصل على معدل 70.5، فرحة لم يعرف طعمها منذ سنوات. التحق بتخصص أحبّه: 'الصحافة والإعلام' في 'جامعة الزرقاء'، واستمر بعمله، بل ترقّى إلى وظيفة 'فني شواخص مرورية ' . محمد، الذي لم يكن مهتمًا بالدراسة سابقًا، صُدم الجميع حين حصل على معدل 'امتياز' في أول فصل جامعي . ومع مرور الوقت، بدأت جرعات الإنسولين تتقلص تدريجيًا، حتى أوقفها تمامًا، واستبدلها بـ'الحبوب'، ثم شُفي منها كليًا، بعد انتظام تام في السكر . تذكّر حينها قول ممرض : ' الي بيجيه سكري ما بطيب منه… كله حكي ' لكنه بعزيمته، كتب قصة استثنائية، نادرة . محمد الآن يعمل في 'قسم السوشيال ميديا – أمانة عمّان الكبرى'، ويكتب مشروع تخرّجه في التخصص الذي أحبّه وأبدع فيه: الصحافة والإعلام . وعلى أعتاب التخرّج، يحمل تقديرًا جامعيًا 'جيد جدًا ' محمد لم يستسلم للغسيل الكلوي، بل زرع كليته وأمله . محمد لم يستسلم لرسوبه، بل عاد ونهض . محمد لم يستسلم للسكري، بل تحدّاه وانتصر . محمد، الآن في الرابعة والعشرين من عمره، ينظر في المرآة بكل فخر، ويقول : 'هذه قصتي الشخصية… أنا هذا الفتى ' محمد


جهينة نيوز
منذ 7 ساعات
- جهينة نيوز
تحديد مؤشر جديد لآلام الظهر المزمنة
تاريخ النشر : 2025-06-08 - 02:50 am تكشف دراسة ألمانية جديدة عن وجود صلة بين جودة عضلات الظهر وخطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة، مستفيدة من تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي والذكاء الاصطناعي. وتوصل فريق من الباحثين من جامعة ميونيخ التقنية (TUM) إلى أن زيادة نسبة الأنسجة الدهنية في عضلات الظهر وانخفاض الكتلة العضلية يرتبطان بشكل مباشر بآلام الظهر المزمنة. واعتمد فريق البحث على تحليل بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي لكامل الجسم لحوالي 27500 مشارك ضمن الدراسة الوطنية الألمانية (NAKO)، تراوحت أعمارهم بين 19 و74 عاما، حيث أبلغ 21.8% منهم عن معاناتهم من آلام مزمنة في الظهر. واستخدم الباحثون خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتصنيف عضلات الظهر إلى أنسجة دهنية وغير دهنية بدقة عالية، مع الأخذ في الحسبان عوامل مثل العمر والجنس والنشاط البدني، وأمراض مصاحبة مثل السكري واضطرابات الدهون وهشاشة العظام. وأظهرت التحليلات أن ارتفاع مستوى الأنسجة الدهنية بين العضلات يرتبط بزيادة خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة، بينما ترتبط الكتلة العضلية الأكبر بانخفاض هذا الخطر. كما أشارت النتائج إلى أن الالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية – بممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني المعتدل إلى الشديد أسبوعيا – يقلل من احتمال الإصابة، في حين أن قلة النشاط أو الإفراط فيه يزيد من هذا الخطر. ويقول الدكتور سيباستيان زيغلماير، الباحث المشارك في الدراسة: "ركّزنا على العضلات الهيكلية في منطقة الظهر، التي تتأثر بنمط الحياة بشكل كبير. وتشير نتائجنا إلى أن التغير في تكوين هذه العضلات قد يكون جزءا من أسباب الألم المزمن". وأوضح زيغلماير أن تصميم الدراسة، القائم على نقطة زمنية واحدة، لا يسمح بإثبات علاقة سببية قاطعة، بل يكشف عن ارتباطات مهمة تستدعي مزيدا من الأبحاث المعمقة. وترى الدراسة أن التركيز على تركيب العضلات في التشخيص، إلى جانب عوامل نمط الحياة والبيئة النفسية والميكانيكا الحيوية، قد يفتح الباب أمام تطوير استراتيجيات علاجية ووقائية مخصصة، تخفف من العبء الاجتماعي والاقتصادي الكبير الذي تسببه آلام الظهر المزمنة. نشرت الدراسة في مجلة Lancet Regional Health تابعو جهينة نيوز على


سواليف احمد الزعبي
منذ 9 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
قُصف الخبز في غزة، فماتت الإنسانية في العالم
بسم الله الرحمن الرحيم قُصف #الخبز في #غزة، فماتت #الإنسانية في #العالم دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري في أروقة التاريخ الحديث، حيث تُسجَّل الفظائع بأحرف من دم ودموع؛ تقف غزّة اليوم شاهدة على فصل جديد من فصول العار الإنساني. إنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة ليس حرب تقليدية، كتلك القائمة بين روسيا وأكرانيا ولا نزاعٌ سياسيٌ عادي، إنّما احتلال بداية، وهو الأطول في التاريخ الحديث وإبادةٌ ممنهجةٌ تُنفَّذ بتُؤدَة ودموية، تحت سمع العالم وبصره، بينما الضمير العالمي يغضّ الطرف ويُشيح بوجهه. الجوع كسلاح والمجازر كأداة إبادة مزدوجة لم يعد القصفُ وحده هو القاتل الأكبر في غزّة، بل صار الجوعُ والمجازرُ المتعمّدة أدوات متكاملة للقتل البطيء والسريع، فمنذ أكتوبر 2023، تحوَّل الحصار إلى آلة للطحن البطيء، بينما حوّلت مجازرُ مثل مجزرة رفح قبل أيام مراكزَ المساعدات إلى «مصائد موت» تُدار بأيدي قوات الاحتلال وشركائها. إحصائيات صادمة صدرت خلال الأشهر الماضية من 2025 تؤكّد أن أكثر من 66 ألف طفل فلسطيني يعانون من سوء تغذية حاد، وفق بيانات وزارة الصحة في غزّة ومنظمة الصحة العالمية. وفي ذات الفترة، أفادت تقارير طبية بأن أكثر من 50 طفلاً فلسطينيًا توفوا نتيجة الجوع أو مضاعفاته في المستشفيات الحكومية خلال أقل من 4 أشهر. كما أن نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي تجاوزت 96% من سكان غزّة، مع وجود قرابة 495،000 شخص في حالة انعدام أمن غذائي كارثي، حسب دراسة حديثة نشرتها اليونيسف في مارس/آذار 2025 وتقارير أممية ودولية مشتركة. تتزامن هذه الأرقام مع تدمير ما لا يقل عن 94% من المرافق الصحية الحيوية في القطاع، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية حتى أواخر مايو/أيّار 2025. وقد وثّقت المنظمة 516 هجوما على المرافق الصحية ووسائل النقل الطبي، مما أسفر عن ارتقاء 765 شخصاً وإصابة ما يقرب من 1000 آخرين. هذا التصعيد المُمنهج في استهداف البنية التحتية الصحية يعكس الوحشية الإسرائيلية وتفاقم الأزمة الإنسانية، ويحول دون تلقي المرضى والمصابين الرعاية اللازمة، مما يزيد من عدد الوفيات بين المدنيين، وخاصّة الأطفال والنساء. وآخر المجازر البشعة، التي تجاوزت الوصف في مايو/أيّار ويونيو/حزيران 2025، حين ارتكب الجيش الإسرائيلي سلسلة مجازرَ في رفح، حيث استُهدف المدنيون الجوعى وهم ينتظرون المساعدات الإغاثية: 31 مايو/أيّار 2025: 37 شهيدًا و170 جريحًا برصاصٍ أُطلق على طوابير الخبز. 3 يونيو/حزيران 2025: 27 شهيداً ونحو 500 جريح في المشهد ذاته، بينما العالم يصفها بـ «الحوادث المأساوية» ولا يتجاوز الوصف ذلك. هنا، يُختزل التاريخ في حلقة مفرغة: ففي 1956، ذبح الجيش الإسرائيلي 111 فلسطينيًا في رفح بعد استدراجهم إلى مدرسة تحت ذريعة «التفتيش»، والأمثلة أكثر من حصرها في مقالة. اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بأساليب أكثر إجراما: مساعدات أمريكية مغموسة بالدماء، حيث يُستدرج المجوّعين إلى نقاط محددة ليتم إعدامهم جماعيًا. المفارقة التاريخية… عندما يصبح الصمت أداة للقتل في رواندا والبوسنة، انقسم العالم بين مُندِّدٍ ومتواطئ، أمّا في غزّة، فالجميعُ يُشارك في جريمة واحدة: الصمت. المفارقة الأكثر إيلامًا أن إسرائيل، بعد 70 عامًا من استخدام ذريعة «عداء السامية» و «الدفاع عن النفس» المُصنّعة غربيا، تُنفِّذ إبادةً جماعية، بينما تُستخدم الذخائر الأمريكية نفسها التي قُتِل بها أجداد الإسرائيليين لحرق أطفال فلسطين. الأمم المتحدة تصف الوضع بأنه «أسوأ أزمة إنسانية»، لكن قراراتها تتحوَّل إلى حبر على ورق. حتى محكمة العدل الدولية، التي أمرت بوقف الهجوم على رفح وأصدرت مذكّرات اعتقال بحقّ «نتنياهو» و «غالانت»، تُنتهك أوامرها علنًا. والنتيجة؟ غزّة 2025 تُكرر مأساة 1948: تهجيرٌ جماعي، مجاعةٌ مخطَّط لها، ومجازرُ تُرتكب بذات الأسلوب ولكن بأدوات «حديثة». دليل آخر على ذلك هو القصف الإسرائيلي الذي تعمّد استهداف الفلسطينيين وهم يحاولون الحصول على المساعدات الإنسانية، حيث راح ضحيته قرابة 40 شخصًا إضافة إلى إصابة حوالي 200 آخرين في غارات استهدفت نقاط تجمع للمساعدات خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما يؤكّد أن هذا الهجوم لا يقتصر فقط على السلاح التقليدي، بل يشمل استدراج المجوعين إلى مراكز إغاثية تم إعدادها بشكل ممنهج لتكون كميناً دموياً للعزّل. إبادة لا تشبه سابقاتها التاريخُ يعرف الإبادات الجماعية، لكن غزّة كسرت القوالب: إبادةٌ مصوَّرةٌ بالبثّ المباشر، بينما تُختزل الضحايا في «أرقام مؤقّتة». وفي سياق التعتيم المُتعمّد، ارتقى حتى يونيو/حزيران 2025 ما لا يقل عن 212 صحفياً، حسب تقرير قناة الجزيرة، في ما يمكن تسميته بـ «الإبادة الإعلامية» التي تهدف إلى إسكات العدسة والكلمة، ومنع توثيق الجريمة في زمن البثّ المباشر. تكتيك مُزدوج: تجويعٌ بطيءٌ يسبق المجازر السريعة، كما في رفح حيث يُجبر المجوعون على التجمُّع ثم يُقتلون. تواطؤٌ مُركّب: الذخائر الأمريكية تُستخدم لتنفيذ المجازر، بينما الإعلام الأمريكي يصفها بـ «الأخطاء المأساوية». كما كشفت تقارير أممية أن جيش الاحتلال استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف البشرية والمنازل والمركبات في وقت لا يتجاز الثواني، ما يجعل من الخطأ احتمالا محسوباً ضمن هامش الإبادة، ويحوّل الذكاء الاصطناعي من أداة تطوير إلى أداة فتك. حتى القانون الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام مجازر «سربرنيتشا»، يُظهر عجزه الأكبر اليوم: ففي 2025، تُنتهك اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) علنًا، بينما واشنطن تُزوِّد الجلّاد بالأسلحة الفتّاكة. ما يزيد الألم عمقًا هو أن إسرائيل تعتمد على شركات أمريكية لإدارة توزيع المساعدات الإغاثية في القطاع، مما يجعل هذه المؤسسات شركاء في الجريمة. فقد أصبحت المساعدات، التي كان يفترض أن تخفّف من معاناة الغزيين، أداة لاستدراج المجوعين، حيث يتم استغلال حاجتهم الماسّة إلى الغذاء والإغاثة، ثم تُقصف مراكز التجمّع، في أبشع أنواع القتل المنهجي. غزّة، الشاهدة على إنسانية ميتة إنّ رفح وقطاع غزّة عامّة اختبار للضمير العالمي: في 1956، ذُبح أهلها لأنهم «مقاومون»، وفي 2025، يُذبحون لأنهم أيضاً قاوموا، فحُوصروا وجُوّعوا وها هم الآن على مرأى من العالم يقتلون صبرا. الضحايا نفسهم، والجلّاد نفسه، ولكن الذرائع تتجدَّد، والصمت يتعمَّق. السؤالُ الذي يُطارد التاريخ الآن ليس «كيف نوقف هذه الجريمة؟»، بل «هل بقي للعالم ضميرٌ ليُدان؟». غزةُ تكتب فصول إبادتها بدماء أطفالها، والعالم يُدوّن إفلاسه الأخلاقي والإنساني بحروف من ذهب وصمت من تآمر.