
أوكرانيا تهاجم موسكو بعد وصول زعماء لحضور احتفالات عيد النصر
أعلن رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، الأربعاء، إسقاط مسيّرات أطلقتها أوكرانيا نحو العاصمة بعد وصول قادة أجانب، من بينهم الرئيس الصيني شي جنيبينغ والبرازيلي إيناسيو لولا دا سيلفا ، لحضور إحياء ذكرى النصر على ألمانيا النازية.
وأكد سوبيانين تحييد 9 طائرات بدون طيار في الساعات الأخيرة "عند اقترابها من موسكو". وقال عبر تطبيق تليغرام إنّ "متخصّصين في خدمات الطوارئ يعملون في موقع سقوط الحطام".
وأعلنت هيئة مراقبة الطيران الروسية إغلاق مطار جوكوفسكي بضواحي موسكو، خارج العاصمة، والمطار الرئيسي في مدينة كالوجا جنوبي موسكو مؤقتا.
وتستعد العاصمة الروسية لاستضافة أكثر من 20 من قادة العالم في عرض عسكري بالساحة الحمراء، بعد الجمعة، احتفالا بذكرة انتصار الاتحاد السوفيتي وحلفائه على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
خسائر في كييف
في الجانب الأوكراني، قُتل شخصان وأصيب 7 آخرون، الأربعاء، بكييف في هجمات شنتها مسيّرات روسية، على ما أعلن رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو.
وأضاف رئيس البلدية "يتواصل هجوم مسيّرات العدو على المدينة. ابقوا في الملاجئ".
كذلك، أُصيب 8 أشخاص بينهم 4 أطفال، وأدخل 3 منهم المستشفى، في حين عولج البقية في المكان وفق المصدر نفسه.
وأدخل 3 أطفال المستشفى لإصابتهم بحروق إثر سقوط حطام مسيّرات على مبنى من 9 طوابق، متسببا باندلاع حريق في حي سفياتوشينسكي غرب المدينة أيضا، وفق أجهزة الإغاثة.
وتعرضت مدينة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا لهجوم شنته 13 مسيّرة روسية ليل الثلاثاء-الأربعاء، على ما ذكرت الشرطة التي أشارت إلى وقوع 3 جرحى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
تفاؤل أميركي وتشكيك أوكراني في موقف روسيا من التفاوض والفاتيكان يعرض الوساطة
توقع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن تعرض روسيا شروطها لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا"خلال أيام"، لكن رئيسها فولوديمير زيلينسكي اتهم موسكو بالعمل على كسب الوقت للمماطلة في محادثات السلام التي عرض بابا الفاتيكان البابا ليو الـ14 استعداده للتوسط بين البلدين. وخلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي أمس الثلاثاء قال روبيو "في وقت ما، قريبا جدا، ربما خلال بضعة أيام، وربما هذا الأسبوع، سيقدم الجانب الروسي الشروط التي يريدها أن تتحقق للتوصل إلى وقف لإطلاق النار". وأرجع روبيو توقعه إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس الأول الاثنين، كذلك أيضا المحادثة التي أجراها هو بنفسه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي. وأوضح الوزير الأميركي أن الروس سيعرضون "شروطا عامة فحسب تمكننا من التقدم نحو وقف لإطلاق النار، وهذا الوقف لإطلاق النار من شأنه أن يسمح لنا بعد ذلك بالدخول في مفاوضات مفصّلة لإنهاء النزاع". وأضاف "نأمل أن يحدث هذا الأمر. نعتقد أن ورقة الشروط التي سيطرحها الروس ستخبرنا بالكثير عن نيتهم الحقيقية، فإذا كانت ورقة شروط واقعية ويمكن البناء عليها، فسيكون هذا شيء جيد، أما إذا تضمنت مطالب نعلم أنها غير واقعية، فأعتقد أنه سيكون مؤشرا على حقيقة نية روسيا". تشكيك أوكراني من جهته اتهم الرئيس الروسي الأوكراني موسكو بـ"العمل على كسب الوقت لمواصلة الحرب ضد كييف"، داعيا الحلفاء إلى "بذل جهود حثيثة" لإقناع ترامب بضرورة فرض المزيد من العقوبات. وتحاول أوكرانيا وأوروبا الضغط على ترامب كي يفرض على موسكو حزمة جديدة ضخمة من العقوبات بعد امتناع بوتين عن التوجه إلى تركيا لمحادثات مباشرة مع زيلينسكي. وأقر ا لاتحاد الأوروبي رسميا أمس الحزمة الـ17 من العقوبات على موسكو التي تستهدف 200 سفينة ضمن ما يُسمى "أسطول الظل" الروسي، مما أثار غضب روسيا. وصمدت روسيا في وجه العقوبات وأعادت توجيه إمداداتها الحيوية من النفط والغاز إلى الهند والصين. وكان ترامب قال في أعقاب مكالمته مع بوتين إن وسيا وأوكرانيا مستعدتان لبدء مفاوضات "فورية" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بينهما. لكن نظيره الروسي فلاديمير بوتين كان أكثر حذرا، إذ قال إن موسكو "ستقترح مذكرة بشأن اتفاق سلام مستقبلي محتمل". وقال ترامب إن اتصاله الذي استمر ساعتين مع بوتين، وهو الثالث حتى الآن هذا العام، حقق اختراقا. عرض الفاتيكان وفي أعقاب المحادثات الهاتفية بين ترامب وبوتين، الاثنين الماضي، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أمس إن البابا ليو الـ 14 أكد لها استعداد الفاتيكان لاستضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا. وتحدثت ميلوني إلى البابا أمس، وأشارت إلى أنه "مستعد لاستضافة مناقشات بين الطرفين في الفاتيكان". وشكرت ميلوني للبابا "التزامه الراسخ بالسلام". وحسب مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية، أجرى ترامب عقب الاتصال محادثات مع قادة أوروبيين، بينهم ميلوني التي طُلب منها، وفق مكتبها، الحصول على تأكيد من البابا على استعداده لاستضافة محادثات سلام في الفاتيكان. وأشار مكتب ميلوني إلى أنها تحدثت أمس أيضا إلى الرئيس الأوكراني وعدد من قادة دول العالم، من أجل إبقاء "التنسيق الوثيق" قائما نحو إجراء محادثات سلام. إعلان يذكر أنه خلال اجتماعه مع ممثلي الكنائس الكاثوليكية الشرقية الأسبوع الماضي، عرض بابا الفاتيكان الجديد وساطته بين موسكو وكييف. ويشار إلى أن الجهود التي بُذلت مؤخرا لإنهاء الحرب التي اندلعت مع بدء روسيا غزو أوكرانيا في العام 2022 لم تحقق أي اختراق، وقد رفض بوتين مقترحات لوقف إطلاق النار تقدمت بها كييف.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
"الشيطان يكمن في التفاصيل".. لماذا توجس الأوكرانيون بعد اتصال ترامب ببوتين؟
كييف- بعد اتصال هاتفي دار بينهما لمدة ساعتين ونصف الساعة -أول أمس الاثنين- قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الحديث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين"سار على ما يرام"، وإن "لهجة وروح المحادثة كانت ممتازة"، بينما وصف بوتين المحادثة بأنها "ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية". عبارات المدح هذه وغيرها شكَّلت انطباعا إيجابيا مؤقتا في ما يتعلق بقضية وقف الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022، لكنه انطباع تبدد سريعا، فعلى عكس المتوقع، لم يحيِ الاتصال "الممتاز" تفاؤل الأوكرانيين، بل لعله فرض أجواء جديدة من القلق إزاء ما تخبئه الأيام القادمة من أحداث وتطورات. وسبق القلق الأوكراني اتصال ترامب ببوتين، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث مرتين مع ترامب، مطالبا إياه بِحثّ روسيا على قبول وقف إطلاق نار يستمر 30 يوما، و"عدم اتخاذ أي قرار بشأن أوكرانيا دون موافقتها". كما طالب زيلينسكي ترامب باتخاذ خطوات أكثر جدية إذا رفضت روسيا ، وفرض عقوبات توقف تمويل الحرب الروسية على بلاده. دون إفراط في التوقعات لكن مخرجات الاتصال التي أعلنها بوتين وترامب لم تلب أيا من مطالب أوكرانيا، بل جاءت عامة ومرسلة، لدرجة أثارت شكوك الأوكرانيين بإمكانية أن تؤدي إلى نتيجة فعلا. وتضمنت أبرزها: استعداد روسيا للعمل مع أوكرانيا على مذكرة تفاهم لوقف إطلاق النار. تأكيد أهمية استئناف المفاوضات. التوصل إلى حلول وسط تناسب الجانبين وتقضي على جذور الصراع، ثم تصبح أساسا لمعاهدة سلام مستقبلية. وحول هذا، علق رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، قائلا للجزيرة نت "تواصل ترامب وبوتين 3 مرات على الأقل في السابق، فما الذي تغير؟ الاتصال الأخير لم يحمل أي شيء ملموس، ولا ينبغي أن نفرط في التوقعات". وبعد أن أطلعه الرئيس الأميركي على نتائج الاتصال، قَبِل زيلينسكي، وقال في مؤتمر صحفي إن بلاده تنتظر مقترحا روسيا للنظر فيه، وتدرس إمكانية عقد اجتماعات التفاوض في تركيا أو الفاتيكان أو سويسرا. لكن أسئلة الصحفيين انهالت عليه بخصوص قضايا حساسة، كانت مثل ألغام منعت أي تقدم على طريق الحل، كقضية العودة إلى الحياد وتخلي أوكرانيا عن مساعي العضوية في حلف شمال الأطلسي ، وشروط روسيا المتعلقة بانسحاب قوات كييف من كامل أراضي 4 مقاطعات ضمتها، (لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، واعتراف السلطات الأوكرانية أيضا بشرعنة السيطرة الروسية على تلك الأراضي، إضافة لشرط التخلي عن السلاح الغربي وبناء الجيش. هدف التعجيز وجدد زيلينسكي التأكيد على تمسك بلاده بحق تقرير المصير وسيادة القرار، وهو ما علق عليه الخبير فيسينكو قائلا "أوكرانيا تطالب منذ زمن طويل بما أعلنه ترامب وبوتين، والمشكلة ليس في الآليات، بل في النيات، والشيطان يكمن في التفاصيل". وأضاف متسائلا "متى ستقدم روسيا مقترحها؟"، وتابع أنه ما من سقف زمني لكل ما طُرح، والأمر مرسل، وقد يطول كسبا للوقت، وتهربا من الرغبة الحقيقية في وقف الحرب. وقال "أي معنى لانتظار المجهول إذا كانت شروط روسيا تعجيزية، فيها ذل واستسلام أوكرانيا، ونيات مبطنة للهيمنة على أراضيها واستقلال قرارها". وبالإضافة إلى ما سبق، جدَّد الاتصال خشية أوكرانيين من عودة الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية على حساب بلادهم، لكن آخرين يرون أن "ذلك سابق لأوانه". وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي إن ترامب وبوتين خاطبا بعضهما بعضا بالاسم الأول (دونالد وفلاديمير)، ولم يرغب أي منهما في المبادرة إلى إغلاق الهاتف، كما قال ترامب لبوتين إنه يستطيع الاتصال به في أي وقت. وعبّر ترامب عن تأييده العودة إلى "تجارة ضخمة" مع روسيا، وقال إنه لن يفرض عقوبات جديدة عليها حاليا، وإن "بوتين يحترم زوجته ميلانيا، والروس يحبونها أكثر منه". سابق لأوانه وتعليقا على الأجواء التي صاحبت وتلت اتصال ترامب ببوتين، قال الدبلوماسي السابق رومان بيسميرتني، للجزيرة نت، إن "بوتين يجيد خداع ترامب والتأثير عليه بالعواطف، للأسف". وأضاف "بالنسبة إليّ، يجب ألا نثق بترامب، فنتائج اتصاله الأخير مع بوتين هي بمنزلة تمهيد لتخلي واشنطن عن جهود الوساطة، حتى يحدث أمر جديد". من جهته، رأى الكاتب والمحلل إيفان ياكوفينا أنه "من السابق لأوانه الحديث عن عودة كامل الدفء إلى العلاقات الأميركية الروسية، أو انحياز ترامب إلى روسيا، فقد غيّر الأميركيون تكتيكاتهم مرات عدة خلال الشهور الماضية، ويريدون منح الدبلوماسية فرصة حتى النهاية". ويعتقد ياكوفينا -في حديثه للجزيرة نت- أنه بغض النظر عن النتيجة، فالولايات المتحدة لم ترفع أو تخفف العقوبات عن روسيا، بل تلوح بأخرى في حال الفشل، وبزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا. ويضيف أن "تقلبات ترامب لا تغير من حقيقة الأمر شيئا، وواشنطن تدرك أن نصر روسيا سيكون كارثيا على مكانتها العالمية، وعلى علاقاتها مع أوروبا وباقي دول العالم".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
الهزيمة في البحر.. كيف تحولت روسيا إلى شريك صغير للصين؟
مقدمة الترجمة في مقال بموقع "ديفِنس ون" للشؤون العسكرية، كتب الأميركي "كولين فلينت"، أستاذ الجغرافيا المعروف بجامعة ولاية يوتاه الأميركية، مُتحدِّثا عن الجانب الخفي من الحرب الروسية-الأوكرانية، التي انشغل الكثيرون بما يدور في سمائها وعلى أرضها، ولم ينشغلوا بما يكفي بجانبها البحري، وهو الجانب الذي شهد نقاط الضعف الروسية الأبرز. وليس ذلك بسبب ما حقَّقته أوكرانيا من نجاحات بحرية في بداية الحرب فحسب، بل لأن خسائر روسيا في البحر الأسود فتحت الباب أمام مسار جديد في العلاقات الصينية-الروسية، يجعل من روسيا بوصفها قوة بحرية قادرة على الوصول إلى المياه البعيدة عنها حول العالم، ولكن شريطة أن تكون مجرد شريك "صغير" للصين، على عكس ما كان عليه الحال في ذروة قوتها العالمية أثناء وجود الاتحاد السوفياتي. بعيدا عن المعارك البرية الشاقة والضربات الجوية المُدمِّرة، كان لحرب أوكرانيا منذ اندلاعها بُعد بحري واضح. فبعد الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022 بوقت وجيز، فرضت روسيا حظرا بحريا فعليا على أوكرانيا، قبل أن يقف الروس مُتفرِّجين على أسطولهم وهو يتجرَّع هزيمة فادحة في معركة السيطرة على البحر الأسود. تلك الحرب المستَعِرة في المياه تبدو في طريقها إلى الأفول بموجب اتفاق أعلنت عنه الولايات المتحدة يوم 25 مارس/آذار الماضي. ووفقا لبنود الاتفاق الذي توصَّل إليه الطرفان في المملكة العربية السعودية، اتفق كلٌّ من روسيا وأوكرانيا على ضمان "أمن الملاحة في البحر الأسود، ووقف استخدام القوة في مياهِه، والامتناع عن استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية"، كما جاء في بيان صادر عن البيت الأبيض. لم يَنل الجانب البحري من حرب أوكرانيا الانتباه الكافي مقارنة بالمعارك البرية والجوية، لكنه في الحقيقة جانب مهم ويُمكن أن تكون له تداعيات بعيدة. إن خسائر روسيا في البحر الأسود لم تُقيِّد فحسب قدرتها على إبراز قوتها وبسط نفوذها من خلال أسطولها البحري حول العالم، بل ونتج عنها تعاون متزايد بين روسيا والصين، حيث ظهرت روسيا بوصفها شريكا أدنى منزِلة لبكين من أجل الوجود في أعالي البحار. خسارة البحر الأسود لطالما جنحت النظرية الجيوسياسية إلى التبسيط الزائد في تصوُّراتها عن السياسة الدولية، فقد صنَّفت النظريات الجيوسياسية الشائعة منذ نهايات القرن التاسع عشر بلدان العالم بأنها إما قوى برية وإما قوى بحرية. ووصف مفكرون مثل الجيوسياسي البريطاني السير هالفورد ماكيندر والمُنظِّر الأميركي ألفرِد ماهان القوى البحرية بأنها بلدان تتمتَّع بالليبرالية الديمقراطية والتجارة الحرة، على النقيض من القوى البرية التي صُوِّرَت على أنها بلدان استبدادية ومُشبَّعة بالروح العسكرية. رغم أن تلك التعميمات استُخدِمت على مدار التاريخ لشيطنة أعداء بريطانيا والولايات المتحدة لا أكثر، لا يزال هناك اتجاه مُصطَنع لتقسيم العالم إلى قوى برية وقوى بحرية، يصاحبه تصوُّر مفاده أن الحروب البرية والبحرية مجالان منفصلان إلى حدٍّ ما. إن هذا التقسيم يعطينا انطباعا زائفا بأن روسيا تُحقِّق تقدُّما في حربها مع أوكرانيا (بسبب انتصاراتها على الأرض في شرق أوكرانيا)*. ورغم أن موسكو حقَّقت بالفعل نجاحات على الأرض وفي الجو، يجب ألا يجعلنا ذلك نغفل عن خسارتها المُدوِّية في البحر الأسود، التي شهدت تراجع روسيا من أمام السواحل الأوكرانية، والإبقاء على سُفنها بعيدا عن خطوط النار. وفقا لما أورده كولين فلينت في كتاب"المياه القريبة والبعيدة: الجغرافيا السياسية للقوة البحرية"، فإن البلدان التي تمتلك قوة بحرية لديها شاغلان أساسيَّان، أولهما أنها يجب أن تسعى للسيطرة على مناطق البحار القريبة نسبيا إلى سواحلها، وهي ما يُسميها "المياه القريبة"، وثانيهما أنها إن امتلكت الرغبة والقدرة تحاول أن تُبرز قوتها وتنشر نفوذها بعد ذلك إلى "المياه البعيدة" عبر البحار والمحيطات، وهي مياه أحيانا ما تكون "المياه القريبة" بالنسبة لبلدان أخرى. إن البحر الأسود شبه مُغلَق وصغير نسبيا، ويتكوَّن من المياه القريبة للبلدان المحيطة به: تركيا من الجنوب، وبلغاريا ورومانيا من الغرب، وجورجيا من الشرق، وروسيا وأوكرانيا من الشمال. ولطالما كانت السيطرة على هذه المياه القريبة محل نزاع على مر القرون، وقد لعبت دورا في الحرب الروسية-الأوكرانية الجارية. إن استحواذ روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014 أتاح لها السيطرة على ميناء سِفاستوبول البحري، ومن ثمَّ فإن ما عدَّته أوكرانيا "مياها قريبة" في يوم من الأيام، بات فعليا جزءا من المياه القريبة لروسيا بعد 2014. روسيا تسحب أسطولها من القرم أتاحت السيطرة على القرم لروسيا أن تُعطِّل التجارة الأوكرانية مع العالم، لا سيَّما تصدير الحبوب إلى القارة الأفريقية، التي تَتِم عن طريق المياه الدولية البعيدة. ولكن تحرُّكات روسيا سُرعان ما أُحبِطت نتيجة التعاون بين رومانيا وبلغاريا وتركيا، حيث سمح التعاون الثلاثي بمرور سفن الشحن الأوكرانية عبر المياه القريبة لتلك الدول، ومن ثمَّ عبر البوسفور إلى البحر المتوسط. وقد سمح استخدام المياه الإقليمية البلغارية والرومانية والتركية لأوكرانيا أن تُصدِّر نحو 5.2-5.8 ملايين طن من الحبوب شهريا قبل اندلاع الحرب، وهبط الرقم إلى مليونيْن في صيف عام 2023 بسبب الهجمات والتهديدات الروسية. قبل إعلان وقف إطلاق النار، أشارت توقُّعات وكالة الخدمات الزراعية الخارجية لوزارة الزراعة الأميركية إلى أن صادرات الحبوب الأوكرانية لعام 2025 ستشهد هبوطا، ولكن جهود احتواء السيطرة الروسية على المياه القريبة لأوكرانيا في البحر الأسود، وعزوف روسيا عن المغامرة بمهاجمة السفن في المياه القريبة للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) المُطِلة على البحر الأسود (تركيا ورومانيا وبلغاريا)*، والنتائج الوخيمة التي يُمكن أن تنتج عن تصعيد من هذا النوع؛ أتاح لأوكرانيا الوصول إلى المياه البعيدة من أجل تحقيق المكاسب الاقتصادية وإبقاء اقتصادها على قيد الحياة. إلى جانب إجهاض قدرتها على إيقاف الصادرات الأوكرانية، وقعت روسيا تحت الهجوم البحري المباشر بواسطة أوكرانيا. فمنذ فبراير/شباط 2022، استخدمت كييف مُسيَّرات هجومية، ونجحت في إغراق وتدمير السفن الروسية، وقلَّصت من قدرات الأسطول الروسي في البحر الأسود، حيث أغرقت 15 سفينة من أصل 36 امتلكتها روسيا قبل الحرب، كما ألحقت الأضرار بسُفن أخرى. وقد أُجبِرت روسيا على تقييد استخدامها لميناء سِفاستوبول، وجعلت سُفنها ترسو قُبالة السواحل الشرقية للبحر الأسود، ومن ثمَّ فقدت القدرة على التحرُّك بفاعلية في المياه القريبة التي نجحت في السيطرة عليها بحيازة القرم عام 2014. البحرية: نقطة ضعف روسيا التاريخية إن انتكاسات روسيا البحرية في مواجهة أوكرانيا هي حلقة في سلسلة من الصعوبات التاريخية التي طالما عانت منها من أجل بسط قوتها البحرية، وما نجم عنه باستمرار ميل روسيا إلى التركيز بالأساس على حماية مياهها القريبة. ففي عام 1905، صُدِمَت روسيا بخسارة حربية بحرية درامية أمام اليابان. وحتى حين خاضت موسكو حروبا لم تخسرها بالكامل، فإن قوتها البحرية ظلَّت مُقيَّدة باستمرار. ففي الحرب العالمية الأولى، تعاونت روسيا مع البحرية الملكية البريطانية لتقليص النشاط التجاري الألماني في بحر البلطيق، وكذلك النفوذ التجاري والعسكري التركي (العثماني) في البحر الأسود. وفي الحرب العالمية الثانية، اعتمدت روسيا على الدعم المادي من حلفائها نتيجة الحصار البحري النازي الذي حصرها في بحر البلطيق والبحر الأسود، حيث سُحِبَت معظم السفن السوفيتية إلى السواحل الروسية أو أُعيد توظيف مدافعها من أجل الحرب البرية مع ألمانيا. في أثناء الحرب الباردة، ورغم ما بناه الاتحاد السوفيتي من زوارق حاملة للصواريخ سريعة الحركة، وعدد من حاملات الطائرات، فإن قدرته على الوجود في المياه البعيدة اعتمدت بالأساس على الغواصات، وكان الهدف الأساسي من أسطول البحر المتوسط السوفيتي هو منع توغُّل الناتو إلى داخل البحر الأسود. الآن، فقدت روسيا سيطرتها الكاملة على البحر الأسود، ولم تعُد قادرة على التحرُّك في مياه عُدَّت حتى وقت قريب "مياها قريبة" بالنسبة لها، وهي خسارة تُقلِّص قدرتها على نشر قوتها البحرية من البحر الأسود إلى البحر المتوسط. وأمام تلك الخسارة الواضحة في باحتها الخلفية، والموقف الضعيف في مياهها القريبة، لم تعُد روسيا تستطيع الوجود في أعالي البحار إلا بالتعاون مع الصين، التي تستثمر بقوة في قدراتها البحرية البعيدة. الشراكة مع الصين.. بشروط الصين في يوليو/تموز 2024، أُجريت مناورات بحرية مشتركة بين البلدين في بحر جنوب الصين جسَّدت بجلاء التعاون الصيني-الروسي. وصرَّح حينها "وانغ غوانغ جِنغ"، الضابط بقوات الجنوب في بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني، بأن "المناورات المشتركة الصينية-الروسية تُعزِّز تعميق العلاقات والتعاون العملي بين البلديْن في شتى الاتجاهات والمجالات، ورفعت بكفاءة من قدرات الصين وروسيا على مواجهة التهديدات الأمنية البحرية بصورة مُشتركة". يبدو هذا التعاون منطقيا من منظور عسكري محض في روسيا، فهو مشروع مفيد للطرفيْن من أجل بسط نفوذهما في البحر. ولكنه يصُب إلى حدٍّ كبير في صالح الصين، إذ إن روسيا تستطيع أن تساعد الصين في حماية مياهها القريبة في الشمال، وتأمين وصول بكين إلى المياه البعيدة في المحيط المتجمِّد الشمالي، وهي منطقة تتزايد أهميتها بسبب ما أحدثه تغيُّر المناخ من تقليل عوائق الملاحة الموجودة سابقا بسبب الجليد. تظل روسيا شريكا أدنى منزلة في هذا التحالف البحري، إذ إن مصالحها الإستراتيجية ستُلبَّى فقط إن تعامدت مع المصالح الصينية. باختصار، القوة البحرية تتعلَّق بالأساس بالقدرة على بسط القوة من أجل تحقيق المنفعة الاقتصادية، ولذلك فإن الصين ستستخدم روسيا على الأرجح لحماية نفوذها الاقتصادي المتزايد في المياه الأفريقية والأوروبية ومياه أميركا الجنوبية والمحيط الهادي، لكنها يصعُب أن تُعرِّض مصالحها تلك للخطر من أجل أهداف روسية. لا شك أن روسيا تمتلك مصالح اقتصادية مرتبطة بالمياه البعيدة عنها، لا سيَّما في منطقة الساحل الأفريقي ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء. ويتكامل تأمين تلك المصالح الروسية مع وجود الصين البحري المتزايد في المحيط الهندي لحماية المصالح الصينية الاقتصادية والعالمية الأوسع. ولكن التعاون يجري في هذه المساحات برغبة وموافقة صينية في المقام الأول. على مدار معظم فترات الحرب الدائرة في أوكرانيا، قُيِّدت حركة روسيا البحرية في مياهها القريبة بالبحر الأسود، وكانت الإشارة الوحيدة لقدرتها على بسط قوتها البحرية هي قدرتها على الوصول إلى المياه البعيدة في أفريقيا والمحيط الهندي، وهو أمر تمَّ لها فقط بوصفها شريكا صغيرا للصين، التي تضع الشروط الخاصة بها. إن وصول روسيا إلى اتفاق بحري مع أوكرانيا الآن، حتى وإن كُتِب له الاستمرار، لن يُعوِّض روسيا عن عجزها المتزايد عن إبراز قوتها وبسط نفوذها البحري بمفردها حول بحار ومحيطات العالم.