logo
ويسألونك عن نضوب النفط ما العمل؟

ويسألونك عن نضوب النفط ما العمل؟

شبكة النبأمنذ 2 أيام
تموضعت جميع مرتكزات الدولة العراقية وركائزها الحكومية والمجتمعية في جميع مراحلها التأسيسية على أساس هذين الإطارين آنفي الذكر بالتشرنق داخل الإطار الريعي المزمن الذي لا انفصام وشيك عنه، فيكون على هذا الأساس برميل النفط هو اللاعب الأساس في مقدرات العراق السياسية والاقتصادية والاستثمارية وحيويته الجيوستراتيجية مادام (95%) من واردات...
وهو سؤال يتجنب اغلب المراقبين الاقتصاديين وحتى السياسيين ومبرمجي الموازنات العامة في العراق الاجابة عنه او وضع خارطة طريق ولو بدائية حول مسالة نضوب النفط ـ لاسمح الله ـ في العراق، مايعني انه لن يكون هنالك مورد ريعي يغذي الموازنة العامة ما يجعل الاجيال اللاحقة أي في ظرف العقود الثمانية القادمة في حرج يكون الجيل الحالي مسؤولا عنه.
بسبب ان الكثير من السياسيين العراقيين والمراقبين الاقتصاديين يختزلُون واقع حال الشأن العراقي وتصوراته الاقتصادية بلحظته الراهنة وبرؤية مبتسرة لاتخرج عن إطارين محددين، الإطار الاول هو الاحتياطي الهائل للنفط والغاز (بحسب آخر إحصائية احتياطي العراق النفطي يقدر بـ 150 مليارَ برميل او بـ145 مليار برميل من الخام في احسن الأحوال، وان احتياطي الغاز يصل الى 280 ترليونَ قدم3)، يضاف اليه السعة التصديرية للنفط الخام عبر المنافذ المرتبطة أساسا بمزاج بورصة اسعار النفط في السوق العالمية المرتبطة بمناسيب العرض والطلب الدوليين.
والإطار الثاني هو ان العراق بلد 'نفطي' وهي ثيمة توارثتها الأجيال العراقية وترسخت كبديهية لاتقبل أي نقض في المخيال الجمعي/المجتمعي العراقي، وهذا يعني وجود ميزانية كبيرة متأتية من واردات الريع النفطي ما يعطي سمة معيارية شبه ثابتة للدخل القومي العراقي، فيكون النفط معيارا تقييما ثابتا لجميع الفعاليات السياسية والاقتصادية وغيرها.
وقد تموضعت جميع مرتكزات الدولة العراقية وركائزها الحكومية والمجتمعية في جميع مراحلها التأسيسية على أساس هذين الإطارين آنفي الذكر بالتشرنق داخل الإطار الريعي المزمن الذي لا انفصام وشيك عنه، فيكون على هذا الأساس برميل النفط هو اللاعب الأساس في مقدرات العراق السياسية والاقتصادية والاستثمارية وحيويته الجيوستراتيجية مادام (95%) من واردات العراق تتأتى من النفط وليس من غيره.
فيترتب على هذا المنوال ان الاقتصاد العراقي الريعي يكون معرضا للانهيار من أية 'هزة' في سعر البرميل او تذبذب معياري في قيمته السوقية العالمية وان كانت بسيطة، أي ان الاقتصاد العراقي مكبل بالسياسة التي تضعها أوبك وهي بدورها محكومة بالسياسات الاقتصادية والمالية للدول الكبرى ومرتبطة بالكارتلات العملاقة المسيطرة على الأسواق العالمية انتاجا وتسويقا وتصديرا واستهلاكا، وهذا هو واقع حال الاقتصاد العراقي منذ ان تأسست الدولة العراقية الحديثة وسيبقى للمدى المنظور.
لذا على من يتصدى للشأن الاقتصادي العراقي ان يشرع:
1- فتح ملف ستراتيجي مهم ينقذ الاقتصاد العراقي من التلاشي وهو تنويع مصادر التمويل بعيدا عن النفط او مشاركا له بحسب الحاجة الوطنية وهذا الملف ستكون له دراسة منفصلة اخرى ان شاء الله.
2- بتأسيس صندوق سيادي نفطي على غرار الدول التي قامت بهذا الفعل فمن الخطأ الاستراتيجي بقاء الامر على هذا المنوال فمنذ تأسيس العراق الحديث واكتشاف النفط فيه، ودخوله نادي الدول المنتجة والمصدرة للنفط الذي يحتل العراق فيه مركزا متقدما في احتياطيه العالمي، الى ان شهد اكثر من طفرة نفطية كبرى كالتي حدثت في سبعينيات القرن الماضي حقق منها نتائج اقتصادية ضخمة، ورغم كل ماتقدم فقد خلت الادبيات الاقتصادية العراقية من مفهوم تأسيس صندوق سيادي نفطي كفكرة واجراء، رغم ان من ايجابيات هذا الصندوق هي استثمار الفوائض المالية لتحقيق عوائد مالية مرتفعة تحافظ على قيمة النقود عبر الزمن من التآكل، وبالتالي تعدّ مؤهلة لتمويل التنمية لهذه الدول.
وتعرّف الصناديق السيادية بانها عبارة عن فوائض الأموال أو المداخيل العالية لبعض الدول وهي الاحتياطات المالية في البنوك المركزية والتي تستثمرها في الدول الغنية بمعنى أن دولا نامية كدول الخليج والصين والبرازيل والهند والتي تمتلك فوائض واحتياطات مالية كبيرة تستثمرها للأجيال المقبلة، وهذه الدول وغيرها سبقت العراق بعقود طويلة من الزمن واشواط كثيرة من العمل الجاد، ناهيك عن النروج التي سبقت العالم كله بتأسيس هذا الصندوق وحققت نتائج تاريخية في هذا المضمار.
وللأسف غاب هذا المفهوم الاقتصادي الاستراتيجي عن مبرمجي الاقتصاد العراقي وواضعي موازناته العامة ومهندسي سياساته النفطية، في حين اسرعت الكثير من الدول الى تأسيس هذه الصناديق التي وقعت على عاتقها عدة مهام اقتصادية حيوية منها:
1. انها ساهمت في امتصاص تذبذبات اسعار النفط وعدم ثبات مستويات العرض والطلب بين الدول المنتجة والمستهلكة له ما يؤدي الى تخلخل اسعاره.
2. ساهمت في تقليل نسب العجز الذي يطرأ على الموازنات في حالة عدم كفاية الموارد المغذية لها.
3. ساهمت في رفع المستوى المعاشي لمواطني هذه الدول كونها شكلت دعما ماليا اضافيا للموازنات.
4. كانت خير ضمان للأجيال اللاحقة في حالة نضوب النفط، والمعروف ان لكل احتياطي نفطي عمرا افتراضيا يجب ان تُعد له العدة وهي ربما تكون نوعا من الضمان لهذه الدول ولأجيالها القادمة عبر توفير استثمارات ناجحة في الخارج وتوفير فرص العمل وضخ السيولة في السوق المحلية.
ومن المتوقع ان يتم في اي وقت انحسار الطلب العالمي على النفط واذا ماتوجّه الطلب الى بدائل للنفط صديقة للبيئة واقل كلفة منه، او في حالة تعرض خطوط انتاج وتصدير النفط الى خطر المناكفات السياسية جراء النزاعات الدولية التي لاتؤثر فقط على طرق امدادات النفط وانما على مناسيب العرض والطلب وبالتالي على اسعاره ايضا.
وللأسف ان كل ذلك لم يتمّ في العراق وعلى امتداد عمر الدولة العراقية الحديثة فلم يتخذ خبراء الاقتصاد احتياطاتهم للمستقبل بحيث لم يكن مفهوم الصندوق السيادي واردا ابدا في برامج خبراء الاقتصاد العراقيين، فقد أهملوا هذه الفكرة والغوها من قاموسهم تماما، إذ معروف إن أحادية الاقتصاد (كالاقتصاد العراقي الريعي) تجعله اقتصادا هشا وغير متين ويتعرض للاهتزازات والتقلبات التي تصيبه باستمرار.
من المؤسف له ايضا ان تخلو المؤشرات الدولية للصندوق السيادي من اسم العراق تماما، والذي بقي وطيلة العقود السابقة تحت رحمة سعر برميل النفط ومناسيب العرض والطلب المؤشرة ازاءه في البورصة العالمية، وكانت موازناته المالية خاضعة ومكبّلة بهذا السعر الذي بقي يوجّه بوصلة الاقتصاد العراقي الريعي ـ حسب مزاج كارتلات النفط العالمية التي تتلاعب باقتصادات الدول وخاصة القلقة منها كالعراق ـ والذي اعتمد اعتمادا شبه كلي على عائدات النفط ومعرضا نفسه لمخاطر تذبذب الإنتاج والتصدير والتوزيع ومن دون ان يفكر احد في تأسيس صندوق ادخاري/استثماري وهو الصندوق السيادي النفطي للحدّ من غلواء هذا التذبذب والتقليل من مخاطر ريعية الاقتصاد العراقي الذي بقي اقتصادا ريعيا.
ومن دون التفكير ايضا وللأسف بتنويع مصادر الدخل القومي لكسر احتكار الريع النفطي ولذات الاسباب، مع علم خبراء الاقتصاد بان دور الصناديق السيادية في معالجة الاهتزازات والتقلبات كبير جدا، وهو مايتطلبه الاقتصاد العراقي بشكل حاد اسوة بتلك الدول التي خطّط خبراؤها الاقتصاديون لإنشاء صندوق سيادي نفطي تحوّطا للمستقبل الذي قد لايكون مشرقا في حال لو نضب النفط، ولكي لاتكون الاجيال اللاحقة في موقف محرج حين لاتجد موردا ماليا يسد فجوة النفط لاسمح الله والكرة تبقى في ملعب الجيل الحالي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الوكالة الوطنية: 12 شهيدًا في الغارات الاسرائيلية على شرق لبنان
الوكالة الوطنية: 12 شهيدًا في الغارات الاسرائيلية على شرق لبنان

LBCI

timeمنذ 32 دقائق

  • LBCI

الوكالة الوطنية: 12 شهيدًا في الغارات الاسرائيلية على شرق لبنان

أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان باستشهاد 12 شخصًا في غارات إسرائيلية على شرق البلاد، بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيليّ شنّ ضربات على مواقع لحزب الله. وشنّ الطيران الحربيّ شن غارات على منطقة وادي فعرا في البقاع الشماليّ، إحداها استهدفت مخيما للنازحين السوريين، "ما أدى إلى سقوط 12 شهيدا من بينهم 7 شهداء سوريين، و8 جرحى". وأفاد مصدر أمنيّ لرويترز بأن خمسة من القتلى من مسلحي حزب الله.

"اليوم منكون بالسويداء"... دروزٌ من لبنان يعلنون النفير العام! (فيديو)
"اليوم منكون بالسويداء"... دروزٌ من لبنان يعلنون النفير العام! (فيديو)

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 32 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

"اليوم منكون بالسويداء"... دروزٌ من لبنان يعلنون النفير العام! (فيديو)

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية فيديو يُظهر تجمعاً كبيراً لأبناء طائفة الموحّدين الدروز في لبنان، وهم يعلنون النفير العام تضامناً مع "بني معروف" في محافظة السويداء السورية. وظهر في الفيديو أحد المشاركين قائلاً: "بإذن الله، اليوم منكون بالسويداء"، في إشارة مباشرة إلى الجهوزية للانتقال ميدانياً إلى الجبل السوري، دفاعاً عن الأهل هناك في ظلّ تصاعد التوتر الأمني خلال الأيام الأخيرة. ويأتي هذا التحرك بالتزامن مع اشتباكات مسلّحة تشهدها مناطق عدة في ريف السويداء الغربي، لا سيما في محيط بلدات سليم وشهبا وسهوة بلاطة، بين مقاتلين من أبناء الطائفة الدرزية ومسلحين من عشائر البدو، وسط اتهامات متبادلة وتوتر متصاعد أوقع عدداً من القتلى والجرحى. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حركة حماس تعلن استشهاد أحد وزرائها
حركة حماس تعلن استشهاد أحد وزرائها

صدى البلد

timeمنذ 2 ساعات

  • صدى البلد

حركة حماس تعلن استشهاد أحد وزرائها

أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية حماس استشهاد محمد فرج الغول عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس اللجنة القانونية فيه، ووزير العدل الأسبق في الحكومة الفلسطينية التي ترأسها الشهيد القائد إسماعيل هنية وأحد أعلام الدعوة والجهاد والعمل الوطني والقانوني، والذي ارتقى إلى علياء المجد والخلود، شهيدًا في جريمة اغتيال صهيونية جبانة استهدفته صباح اليوم وهو على طريق الدعوة وخدمة شعبه وقضيته، ضمن سلسلة جرائم الاحتلال المتواصلة بحق أبناء شعبنا. وقالت الحركة في بيان لها : إن استشهاد القائد محمد فرج الغول يُشكّل خسارة جسيمة لفلسطين، ولمشروع المقاومة، ولحركة 'حماس' التي فقدت اليوم أحد أبنائها البررة، ورجالاتها الأفذاذ الذين نذروا حياتهم لله، وكرّسوا أعمارهم في سبيل تحرير الأرض والإنسان، ورفع المظلمة التاريخية عن شعبنا المجاهد. وأضاف : لقد كان الشهيد محمد فرج الغول مثالًا للعالم الملتزم، والسياسي الثابت على المبادئ والمواقف، والمقاوم الصلب، حمل همّ قضيته منذ صباه، وتشرّف بانتمائه إلى صفوف الحركة الاسلامية ، فكان من الرعيل الأول المؤسس للعمل الإسلامي في قطاع غزة، وارتقى في المواقع التنظيمية والسياسية والتشريعية، وكان دومًا صوت الحق، ولسان المظلوم، ومدافعًا جسورًا عن الثوابت والحقوق، لا تلين له قناة، ولا تنكسر له عزيمة. وتابع : اعتُقل الشهيد الغول على أيدي الاحتلال الصهيوني مرات عديدة، لكنه ظلّ صامدًا، رابط الجأش، لا يحيد عن مواقفه، ولا يتراجع عن مبادئه. وكان خلال عضويته في المجلس التشريعي نموذجًا للبرلماني الوطني الحر، وكان في وزارة العدل عنوانًا للعدالة، وضميرًا حيًّا للمقاومة، وسيفًا مشرعًا بوجه كل محاولات التطبيع والتفريط. وأردف : في ميادين الدعوة والإصلاح، عرفه الناس خطيبًا مفوهًا،، ومرشدًا حكيمًا، لا يُذكر اسمه إلا مقرونًا بالحق والخير والوحدة، وقد كرّس حياته لخدمة أبناء شعبه. واستطرد : ننعى إلى جماهير شعبنا وأمتنا هذا القائد المجاهد، ونؤكد أنّ دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وإنّ اغتيال قادتنا وعلمائنا لن يزيدنا إلا تمسكًا بنهج المقاومة، ووفاءً لدماء الشهداء، وعزمًا على مواصلة الطريق حتى التحرير والعودة. وزاد : نعاهد الله ثم نعاهد أبناء شعبنا، أن نبقى على درب القادة الشهداء ، درب العزة والكرامة والمقاومة، حتى النصر بإذن الله. وختم :رحم الله الشهيد القائد الدكتور محمد فرج الغول، وأسكنه فسيح جناته، وتقبّله في الشهداء والصالحين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store