
كيف حسمت الحسابات العسكرية قرار وقف التصعيد بين نيودلهي وإسلام آباد؟
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن العامل العسكري لعب دورا أساسيا في التمهيد لقرار وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، مشيرا إلى أن الاشتباكات الجوية بين الجانبين كشفت عن توازن هش في القدرات وأكدت محدودية الخيارات التصعيدية المتاحة للطرفين.
وأوضح الدويري، في تحليله لتطورات التصعيد، أن الطائرات المستخدمة من كلا الجانبين تنتمي إلى الجيل الرابع المعزز، وليست من الجيل الخامس الشبحية، وذلك يعني أن كفاءة الطائرات لم تكن حاسمة بقدر اعتماد كل طرف على التقنية المصاحبة، ونظم الرادارات، وخبرة الطيارين.
وأضاف أن باكستان اعتمدت على طائرات JF-17 الصينية المطورة، مزودة بصواريخ يبلغ مداها 145 كيلومترًا، في حين استخدمت الهند طائرات سوخوي ورافال وميغ-29، وذلك يعني أن الاشتباك تم عبر تقنيات 'ما بعد مدى الرؤية البصرية'، من دون دخول الأجواء المعادية.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أن باكستان والهند وافقتا على وقف فوري لإطلاق النار، إثر وساطة دبلوماسية قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط تحذيرات من اتساع دائرة التصعيد، بعد قصف متبادل وغارات جوية استهدفت منشآت مدنية وعسكرية في كشمير والبنجاب.
تفوق باكستاني
ورأى اللواء الدويري أن التفوق الباكستاني النوعي في بعض الجوانب التقنية -خاصة في منظومات الرادار والصواريخ- منح إسلام آباد أفضلية نسبية خلال الاشتباك، مشيرا إلى أن مسؤولا باكستانيا صرح بأنهم امتنعوا عن إسقاط مزيد من الطائرات تجنبا لتوسيع دائرة المواجهة.
وأشار إلى أن ما ميّز هذه المواجهة هو التزام كل طرف بالبقاء داخل مجاله الجوي الوطني، فالطائرات الهندية لم تخترق الأجواء الباكستانية، والعكس صحيح، بفعل مدى الصواريخ الطويل، وهو ما حدّد قواعد الاشتباك وقلّص فرص المواجهة المباشرة.
وأكد الخبير العسكري أن المعركة الجوية دارت فوق أكثر من منطقة، من جامو وكشمير إلى البنجاب، لكنها ظلت ضمن 'حدود مضبوطة'، في ظل غياب نية الحسم، وحرص الطرفين على تفادي حرب شاملة لا يملكان فيها القدرة على الانتصار.
وأوضح أن الجانبين يعانيان من مشاكل عسكرية متشابهة، أبرزها النقص في الذخائر المدفعية والصواريخ الموجهة بدقة، وهو ما قلّص هامش المناورة لدى القادة العسكريين، ودفعهم إلى الاكتفاء بجولة لاستعراض القوة بدلا من خوض حرب مفتوحة.
استعراض عضلات
وبيّن أن المعركة التي استمرت نحو ساعة بين 100 طائرة من الجانبين كانت أقرب إلى اختبار القدرات واستعراض العضلات، في إطار معركة محدودة ومحكومة تسعى كل جهة من خلالها إلى تفادي الظهور بمظهر الطرف الأضعف أمام خصمه.
وأشار إلى أن الهند تتفوق من حيث الكمّ والعتاد العسكري في معظم المجالات، باستثناء القدرة النووية، وهو ما يشكل عنصر توازن رادع لمصلحة باكستان التي تعتمد عقيدة نووية أكثر مرونة مقارنة بنظيرتها الهندية التي تتبنى مبدأ 'عدم البدء باستخدام السلاح النووي'.
وشدد الدويري على أن هذا التوازن الرادع، إلى جانب غياب الإرادة الحاسمة لخوض حرب شاملة، ووجود وساطات خارجية فاعلة، مثل الوساطة الأميركية، كلها عوامل تظافرت وأدت إلى القبول السريع بوقف إطلاق النار دون توسيع رقعة المواجهة.
إعلان
ولفت إلى أن كلا الطرفين حرص على حفظ ماء الوجه، عبر تبادل الروايات بشأن إسقاط طائرات ومسيرات، بعضها قد يكون مبالغا فيه أو غير دقيق، مما يعكس رغبة كل طرف في الظهور بموقع المتفوق دون الانزلاق إلى معركة بلا أفق سياسي أو عسكري.
وأكد الدويري أن وقف إطلاق النار لم يكن نتيجة ضغوط سياسية فقط، بل كان أيضا وليد حسابات عسكرية دقيقة أدرك فيها الطرفان أن تكلفة الاستمرار أعلى بكثير من مكاسب التصعيد، وهو ما يجعل الوضع الراهن هشا وقابلا للانفجار مجددا إن لم تترافق التهدئة مع حلول سياسية راسخة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


دفاع العرب
منذ 6 أيام
- دفاع العرب
لماذا تسعى مصر لامتلاك أخطر 4 مقاتلات في العالم؟
تتجه مصر لتُصبح الدولة الوحيدة في العالم التي تُشغّل أسطولاً متنوعاً يضم مقاتلات 'رافال' الفرنسية، و'إف-16″ الأمريكية، و'ميغ-29″ الروسية، بالإضافة إلى مقاتلات J-10C الصينية. إذا ما تمت صفقة الشراء المرتقبة، فستكون القاهرة سبّاقة عالمياً في تشغيل مقاتلات من 4 مصادر دولية متباينة. وفي إطار خطتها الطموحة لتحديث قواتها الجوية، تدرس مصر خيار اقتناء مقاتلات J-10C. وقد تصاعدت التكهنات حول اهتمام القاهرة بالطائرة الصينية، والمعروفة باسم 'التنين الشرس' (Vigorous Dragon)، عقب عرضها في معرض مصر الدولي للطيران في سبتمبر/ أيلول 2024. في فبراير/ شباط الماضي، تناقلت وسائل إعلام مصرية أنباءً عن توقيع القاهرة صفقة لشراء هذه المقاتلات مع بكين. إلا أن المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، سارع إلى نفي هذه التقارير، واصفاً إياها بـ 'الأخبار الزائفة'. غير أن الجدل سرعان ما عاد إلى الواجهة بعد تداول لقطات تُظهر طياراً مصرياً وهو يُحلّق بمقاتلة J-10C خلال مناورات 'نسور الحضارة 2025' الجوية المشتركة، ما أعاد تأكيد التكهنات حول نية مصر اقتناء الطائرة الصينية. طائرة FA-50 التّدريبية إن إقدام مصر على إتمام صفقة مقاتلات J-10C الصينية، بدلاً من المقاتلة الكورية الجنوبية FA-50، سيعزز من تفردها كدولة تُشغّل طائرات قتالية من أربعة مصادر دولية رئيسية: الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، والصين.


دفاع العرب
١١-٠٥-٢٠٢٥
- دفاع العرب
معركة التفوق الجوي بين الهند وباكستان: مقاتلات 'رافال' في مواجهة JF-17.. من يملك اليد العليا؟
خاص – دفاع العرب تتصاعد احتمالات اندلاع نزاع جديد بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، الهند وباكستان، مع تصاعد التوترات الحدودية وتبادل الرسائل الحربية. لكن هذه المرة، تبدو المعركة المقبلة مختلفة في طبيعتها، إذ لا يُنتظر أن تبدأ من البر أو البحر، بل من السماء. فالتفوق الجوي بات العامل الحاسم في كسب المبادرة وفرض شروط المعركة. منذ الضربة الجوية الهندية على بالاكوت عام 2019، أصبح واضحًا أن السيطرة على الأجواء هي مفتاح الردع الحقيقي. ومنذ ذلك الحين، شرعت القوتان في سباق تسلّح جوي معقّد يتجاوز عدد الطائرات ليصل إلى أعماق التكنولوجيا والتكامل الشبكي. تعزيز الهند لقوتها الجوية: صفقة الرافال سارعت نيودلهي بعد عملية بالاكوت إلى ملء فجوة التفوق النوعي في سلاحها الجوي من خلال صفقة تاريخية مع فرنسا لاقتناء 36 مقاتلة 'رافال'. مثّلت هذه الخطوة نقلة نوعية في قدرات الهند الجوية، حيث تمثل 'رافال' مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5، مزوّدة بأنظمة رصد متقدمة وقدرات عالية على الحرب الإلكترونية. لكن العنصر الأهم في الصفقة تمثل في حصول الهند على صواريخ 'ميتيور' الأوروبية بعيدة المدى، والتي يتجاوز مداها 200 كيلومتر. هذا الصاروخ الجو-جو الشبحي، المدعوم بتوجيه راداري نشط وقدرة على المناورة ضد أهداف ذات بصمة رادارية منخفضة، منح الطيارين الهنود أداة فتاكة لضرب الأهداف الجوية قبل أن تُرصد حتى. وهكذا، أرسلت الهند رسالة واضحة: السماء فوق كشمير ستكون تحت سيطرة ميتيور. صاروخ 'ميتيور' المتطور باكستان والرهان على JF-17 Thunder لم تقف إسلام آباد مكتوفة الأيدي. فبالتعاون مع الصين، واصلت تطوير برنامج مقاتلة JF-17 Thunder، لتكون طائرة منخفضة التكلفة متعددة المهام. وعلى الرغم من تواضع سعرها، زوّدت باكستان هذه الطائرة بصواريخ 'PL-15E' المخصصة للتصدير، بمدى يصل إلى 140 كيلومترًا، مقارنة بـ200+ كم لصاروخ ميتيور. إلا أن المشكلة الأكبر لم تكن فقط في الصواريخ، بل في رادار JF-17 نفسه، الذي لا يستطيع رصد الأهداف إلا حتى مسافة 150 كم، مما يحدّ فعليًا من قدرة الصاروخ على العمل ضمن مداه الكامل. بدا أن الرافال تملك اليد العليا، على الورق على الأقل. التحوّل الدراماتيكي: PL-15 الأصلي ومنظومات AEW&C قلبت الصين المعادلة حين زوّدت باكستان بالنسخة الأصلية من صاروخ PL-15، بمدى يُقدّر بـ300 كيلومتر، متفوّقًا بذلك على الميتيور. هذا التحول أعطى باكستان نظريًا ميزة نيرانية طويلة المدى، لكنه واجه عقبة: لا يمكن لطائرة JF-17 وحدها استغلال هذا المدى بسبب محدودية الرادار. صاروخ PL-15 الصيني هنا دخلت طائرة الإنذار المبكر Saab 2000 AEW&C الباكستانية على خط المعركة. بقدرتها على كشف وتتبع الطائرات على مسافة تصل إلى 450 كم، باتت هذه المنظومة تمثّل مركزًا للقيادة الجوية، تزود المقاتلات بإحداثيات دقيقة دون الحاجة لتشغيل راداراتها، مما يتيح لها تنفيذ هجمات مفاجئة بصواريخ طويلة المدى دون كشف نفسها. تحليل مقارن: من يملك اليد العليا؟ في معركة الرافال مقابل JF-17، لا يمكن اختزال المقارنة في الطائرة نفسها. فـ'رافال' تتفوق على JF-17 في الأداء الجوي، أنظمة الحرب الإلكترونية، قدرة المناورة، ورادارات الكشف. إلا أن تكامل JF-17 مع منظومة الإنذار المبكر وصواريخ PL-15 يُعيد صياغة المعادلة. الميزة الكبرى للهند تكمن في كفاءة مقاتلتها وموثوقية أسلحتها الغربية، بينما تتمثل قوة باكستان في الكم، والمرونة، وسرعة التطوير بدعم صيني مباشر. لكن، أي من الجانبين لا يملك تفوقًا ساحقًا. بل أصبحت المعركة تدور حول 'من يستطيع دمج منظوماته بشكل أسرع وأكثر فاعلية؟'. السماء ليست ملكًا لأحد لم تعد المعركة الجوية تُحسم عبر الطائرة الأقوى أو الصاروخ الأطول مدى، بل عبر تكامل الأنظمة، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب في جزء من الثانية. الصراع الجوي بين الهند وباكستان هو مرآة لتطور الحروب الحديثة، حيث تُمثّل البيانات، والتنسيق الشبكي، والضربات المسبقة، مفاتيح النصر الحقيقي. وفي عالم باتت فيه الطائرات بدون طيار، والذكاء الاصطناعي، والمجسات الكهرومغناطيسية جزءًا من المعركة، تبقى الحقيقة الوحيدة الثابتة: من يسيطر على السماء، يفرض شروط الأرض.


صوت بيروت
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- صوت بيروت
كيف حسمت الحسابات العسكرية قرار وقف التصعيد بين نيودلهي وإسلام آباد؟
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن العامل العسكري لعب دورا أساسيا في التمهيد لقرار وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، مشيرا إلى أن الاشتباكات الجوية بين الجانبين كشفت عن توازن هش في القدرات وأكدت محدودية الخيارات التصعيدية المتاحة للطرفين. وأوضح الدويري، في تحليله لتطورات التصعيد، أن الطائرات المستخدمة من كلا الجانبين تنتمي إلى الجيل الرابع المعزز، وليست من الجيل الخامس الشبحية، وذلك يعني أن كفاءة الطائرات لم تكن حاسمة بقدر اعتماد كل طرف على التقنية المصاحبة، ونظم الرادارات، وخبرة الطيارين. وأضاف أن باكستان اعتمدت على طائرات JF-17 الصينية المطورة، مزودة بصواريخ يبلغ مداها 145 كيلومترًا، في حين استخدمت الهند طائرات سوخوي ورافال وميغ-29، وذلك يعني أن الاشتباك تم عبر تقنيات 'ما بعد مدى الرؤية البصرية'، من دون دخول الأجواء المعادية. وكانت الولايات المتحدة أعلنت أن باكستان والهند وافقتا على وقف فوري لإطلاق النار، إثر وساطة دبلوماسية قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط تحذيرات من اتساع دائرة التصعيد، بعد قصف متبادل وغارات جوية استهدفت منشآت مدنية وعسكرية في كشمير والبنجاب. تفوق باكستاني ورأى اللواء الدويري أن التفوق الباكستاني النوعي في بعض الجوانب التقنية -خاصة في منظومات الرادار والصواريخ- منح إسلام آباد أفضلية نسبية خلال الاشتباك، مشيرا إلى أن مسؤولا باكستانيا صرح بأنهم امتنعوا عن إسقاط مزيد من الطائرات تجنبا لتوسيع دائرة المواجهة. وأشار إلى أن ما ميّز هذه المواجهة هو التزام كل طرف بالبقاء داخل مجاله الجوي الوطني، فالطائرات الهندية لم تخترق الأجواء الباكستانية، والعكس صحيح، بفعل مدى الصواريخ الطويل، وهو ما حدّد قواعد الاشتباك وقلّص فرص المواجهة المباشرة. وأكد الخبير العسكري أن المعركة الجوية دارت فوق أكثر من منطقة، من جامو وكشمير إلى البنجاب، لكنها ظلت ضمن 'حدود مضبوطة'، في ظل غياب نية الحسم، وحرص الطرفين على تفادي حرب شاملة لا يملكان فيها القدرة على الانتصار. وأوضح أن الجانبين يعانيان من مشاكل عسكرية متشابهة، أبرزها النقص في الذخائر المدفعية والصواريخ الموجهة بدقة، وهو ما قلّص هامش المناورة لدى القادة العسكريين، ودفعهم إلى الاكتفاء بجولة لاستعراض القوة بدلا من خوض حرب مفتوحة. استعراض عضلات وبيّن أن المعركة التي استمرت نحو ساعة بين 100 طائرة من الجانبين كانت أقرب إلى اختبار القدرات واستعراض العضلات، في إطار معركة محدودة ومحكومة تسعى كل جهة من خلالها إلى تفادي الظهور بمظهر الطرف الأضعف أمام خصمه. وأشار إلى أن الهند تتفوق من حيث الكمّ والعتاد العسكري في معظم المجالات، باستثناء القدرة النووية، وهو ما يشكل عنصر توازن رادع لمصلحة باكستان التي تعتمد عقيدة نووية أكثر مرونة مقارنة بنظيرتها الهندية التي تتبنى مبدأ 'عدم البدء باستخدام السلاح النووي'. وشدد الدويري على أن هذا التوازن الرادع، إلى جانب غياب الإرادة الحاسمة لخوض حرب شاملة، ووجود وساطات خارجية فاعلة، مثل الوساطة الأميركية، كلها عوامل تظافرت وأدت إلى القبول السريع بوقف إطلاق النار دون توسيع رقعة المواجهة. إعلان ولفت إلى أن كلا الطرفين حرص على حفظ ماء الوجه، عبر تبادل الروايات بشأن إسقاط طائرات ومسيرات، بعضها قد يكون مبالغا فيه أو غير دقيق، مما يعكس رغبة كل طرف في الظهور بموقع المتفوق دون الانزلاق إلى معركة بلا أفق سياسي أو عسكري. وأكد الدويري أن وقف إطلاق النار لم يكن نتيجة ضغوط سياسية فقط، بل كان أيضا وليد حسابات عسكرية دقيقة أدرك فيها الطرفان أن تكلفة الاستمرار أعلى بكثير من مكاسب التصعيد، وهو ما يجعل الوضع الراهن هشا وقابلا للانفجار مجددا إن لم تترافق التهدئة مع حلول سياسية راسخة.