logo
لغز اختفاء أميرين صغيرين في برج لندن يعود إلى الواجهة بعد 5 قرون

لغز اختفاء أميرين صغيرين في برج لندن يعود إلى الواجهة بعد 5 قرون

القدس العربي ١٩-٠٧-٢٠٢٥
لندن: لا يزال اختفاء أميرين صغيرين، وهما نجلا الملك إدوارد الرابع، في برج لندن عام 1483، لغزًا في التاريخ الإنكليزي، مع تعدد الروايات التي تحاول تفسير ما حدث، أبرزها أن عمهما، ريتشارد الثالث، هو من دبّر قتلهما. لكن شكوكًا جديدة برزت مؤخرًا، بعد أكثر من خمسة قرون على فقدانهما، تضع هذه النظرية موضع تساؤل.
تعتقد لانغلي أن رواية مسؤولية ريتشارد عن مقتل الأميرين هي جزء من سردية كتبها المنتصرون
فبعد نحو 200 عام على اختفائهما، عُثر على هيكلين عظميين صغيرين في صندوق خشبي داخل أسوار القلعة الشهيرة، وتم دفنهما في دير وستمنستر. وقيل حينها إنهما يعودان إلى نجلي الملك إدوارد الرابع، وهما وريث العرش إدوارد (12 عامًا) وشقيقه ريتشارد (9 أعوام). غير أن أي فحص علمي لم يؤكد بشكل قاطع أن الرفات تعود لهذين الفتيين، اللذين يُعتقد أنهما اغتيلا بأمر من عمهما ريتشارد، شقيق الملك.
وقد خلّد وليام شكسبير شخصية ريتشارد الثالث في مسرحيته الشهيرة، وقدمّه في صورة داهية أحدب، تخلّص من ابني أخيه ليستولي على العرش.
لكن الكاتبة البريطانية فيليبا لانغلي، التي ساهمت عام 2012 في اكتشاف جثة ريتشارد الثالث في موقف سيارات بمدينة ليستر وسط إنكلترا، باتت اليوم تطرح نظرية معاكسة، مفادها أن الأميرين لم يُقتلا مطلقًا.
وتعتقد لانغلي أن رواية مسؤولية ريتشارد عن مقتلهما هي جزء من سردية 'كتبها المنتصرون'. وقد تعزز اهتمامها بالملف بعد مقال نُشر عام 2015 بمناسبة دفن ريتشارد الثالث في كاتدرائية ليستر، انتقد تكريم من وصفه بـ'قاتل أطفال'.
وقالت لانغلي لوكالة فرانس برس: 'شعرتُ دائمًا بأن هذه القصة تطورت خلال عهد سلالة تيودور'، مؤكدة أنها 'تكررت مرارًا حتى أصبحت تُعدّ حقيقة مقبولة'.
'شبكة تجسس'
حَكَمَ ريتشارد الثالث بين عامي 1483 و1485، حتى مقتله في معركة بوسوورث قرب ليستر، عن عمر 32 عامًا. وشكّلت هذه المعركة نهاية 'حرب الوردتين' بين فرعين من سلالة بلانتاجونيه، حيث انتصرت أسرة تيودور بقيادة هنري السابع، الذي استولى على العرش.
وترى لانغلي أن هنري السابع، الذي كان 'ذكيًا للغاية وشديد الارتياب'، هو من روّج لرواية أن ريتشارد قتل الأميرين، وأنه امتلك 'شبكة واسعة من الجواسيس'، تمكّنَ عبرها من التحكم في الرواية التاريخية.
وانطلقت لانغلي في تحقيق جديد حول قضية الأميرين، مستخدمة نهجًا يشبه التحقيقات الجنائية الحديثة، واستعانت بعدد من المختصين، بينهم محامون وضباط شرطة.
وروت: 'قالوا لي إذا لم يكن لديكِ جثتان تم التعرف عليهما بشكل مؤكد، فهذه قضية اختفاء شخصين، ويجب التعامل معها على هذا الأساس'.
عندما دعت متطوعين للمساعدة في البحث في الأرشيف، تلقت استجابات من مؤرخين ومتخصصين ومواطنين عاديين.
تمرد
أثمر هذا الجهد عن إطلاق 'مشروع الأميرين المفقودين' (Missing Princes Project)، وهو مشروع بحثي دام عشر سنوات، تقول لانغلي إنه كشف عن 'أدلة دامغة' على أن الأميرين بقيا على قيد الحياة.
الكاتبة لانغلي، التي ساهمت عام 2012 في اكتشاف جثة ريتشارد الثالث في موقف سيارات بمدينة ليستر، باتت اليوم تطرح نظرية معاكسة، مفادها أن الأميرين لم يُقتلا مطلقًا
وترى أن على من يصرّون على اتهام ريتشارد الثالث أن يثبتوا أنهما ماتا بالفعل في البرج، مضيفة: 'لم يعد من الممكن الادعاء بأن ريتشارد الثالث قتلهما'.
واستندت فيليبا لانغلي إلى وثائق مكتشفة مؤخرًا تشير إلى دعم لتمرد عام 1487، بقيادة 'نجل إدوارد الرابع'. ويُربط هذا التمرد عادة بلامبرت سيميل، الذي طمح للعرش وتوّج في دبلن بعد وفاة ريتشارد الثالث.
لكن بحسب الوثائق الجديدة التي استعرضها فريق لانغلي، كان يُشار إلى سيميل باسم 'نجل الملك إدوارد'، وتعتقد أنه قد يكون الأمير إدوارد نفسه، الابن الأكبر للملك.
رغم ذلك، هناك من يشكك في هذه النظرية. وقال مدير معهد شكسبير في جامعة برمنغهام، مايكل دوبسون: 'من غير المرجح أن يكون ريتشارد قد خاطر بترك الأميرين على قيد الحياة. فكرة اختفائهما عن طريق الخطأ أثناء احتجازهما بأوامره في البرج تبدو غير قابلة للتصديق'.
ومع مرور ما يقرب من 550 عامًا على اختفاء الأميرين، يبقى هذا اللغز التاريخي بلا حل.
(ا ف ب)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زياد الرحباني الفنان 'العبقري' غير التقليدي في الموسيقى والمسرح والحياة
زياد الرحباني الفنان 'العبقري' غير التقليدي في الموسيقى والمسرح والحياة

القدس العربي

timeمنذ 21 دقائق

  • القدس العربي

زياد الرحباني الفنان 'العبقري' غير التقليدي في الموسيقى والمسرح والحياة

بيروت: زياد الرحباني الذي توفي السبت عن 69 عاما فنان ومسرحي يصفه محبّوه بأنه 'عبقري'، أثرى الموسيقى العربية والعالمية بأعمال مزجت بين أصالة الموسيقى العربية الكلاسيكية والجاز، وتحوّل إلى صوت متمرّد لجيل بأكمله. اشتهر زياد الرحباني، هو الابن الأكبر للفنانة فيروز والملحّن عاصي الرحباني، خصوصا بمسرحياته التي أنتجها خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وسخر فيها من واقع سياسي اجتماعي شديد التعقيد، ما حوّله من فنان عادي إلى صاحب موقف سياسي. شكّلت الألحان التي وضعها في مسيرة طويلة امتدّت لأكثر من خمسين عاما، علامة فارقة في عالم الموسيقى العربية، بدأها بأغنية 'سألوني الناس' التي لحنها حين كان في السابعة عشرة من عمره وغنّتها والدته أثناء اعتلائها المسرح بينما زوجها الفنان الراحل عاصي الرحباني في المستشفى. وتلتها عشرات الأغنيات التي رأى كثر أنها أحدثت انعطافة جديدة في مسيرة فيروز، على غرار ألبوم 'في أمل' و'كيفك أنت'. وفي رصيده أغان وألبومات خرجت بصوته وبأصوات فنانين لبنانيين وعرب. فقد غنّت له أيضا الفنانة التونسية لطيفة في ألبوم 'معلومات أكيدة'. وكان له مع الفنان اللبناني الراحل جوزيف صقر ألبوم 'بما إنو'. سخر زياد في أغنياته كذلك من الواقع الاجتماعي في لبنان كما في أغنية 'أنا مش كافر'، وشكّل ألبومه 'هدوء نسبي' بصمة مميزة في عالم الجاز. اعتبرت أعماله المسرحية مرآة عن بلده الذي مزّقته الطائفية والحرب. وبدأ زياد الرحباني مسيرته المسرحية في 'سهرية' (1973) ثمّ 'نزل السرور' (1974) و'بالنسبة لبكرا شو؟' (1978). ولعلّ أشهر مسرحياته 'فلم أميركي طويل' (1980) التي تعدّ تصويرا ساخرا لواقع لبنان خلال الحرب الأهلية. وتدور أحداث المسرحية في مستشفى للأمراض العقلية، شخصياته هم مرضى عاصروا تلك الحرب ويشكّلون نماذج مختلفة من المجتمع اللبناني. بعدها كانت هناك أيضا مسرحيات 'شي فاشل'(1983) و'بخصوص الكرامة والشعب العنيد' (1993)، و'لولا فسحة الأمل'(1994). 'رحل العبقري' بالنسبة للكثير من محبّيه، عبّر زياد الرحباني بسخرية لكن بواقعية صادمة عن هموم يجيل كامل عاصر حربا دامية لم تنته مفاعليها بعد. ورأى كثر في مسرحياته ومواقفه استشرافا للواقع اللبناني السياسي والاقتصادي وعمقا في التحليل، وليس فقط استهزاء به. وكتبت الممثلة اللبنانية كارمن لبّس التي كانت شريكة حياة الرحباني لوقت طويل وشاركته كذلك في العديد من أعماله الفنية 'أشعر وكأن كل شيء انتهى، أشعر وكأن لبنان أصبح فارغا'. وعلّق الصحافي اللبناني بيار أبي صعب الذي كان كذلك مقربا من الرحباني 'إنه زمن ينتهي… زمننا، زمن زياد الرحباني الذي لن يتكرر'. وقالت الصحافية اللبنانية ضحى شمس التي تعرف الرحباني منذ 30 عاما في اتصال مع وكالة فرانس برس 'كان زياد ضميرنا، ضمير المجتمع اللبناني، وأكثر شخص فهم المجتمع اللبناني وكان يعرف إلى أين يتجه هذا المجتمع'، مضيفة بتأثّر 'فقدنا قلبنا'. نعاه كذلك مسؤولون لبنانيون، فكتب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام 'بغياب زياد الرحباني، يفقد لبنان فنانا مبدعا استثنائيا وصوتا حرا ظل وفيا لقيم العدالة والكرامة'. وقال رئيس الجمهورية جوزيف عون 'زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة'. كما في مسرحياته، لم يتوان زياد الرحباني عن التعبير عن مواقفه السياسية في مقابلاته التلفزيونية، فقد كان يساريا وشيوعيا في بداياته، ومناصرا للفلسطينيين، ومناهضا للطائفية… وبالإضافة إلى أعماله الفنية، أنتج زياد عددا من البرامج الإذاعية مثل 'العقل زينة'، وكتب الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام. كان له لفترة طويلة عمود صحافي في جريدة 'الأخبار' اللبنانية التي نعته بعنوان 'زياد الرحباني…رحل العبقري'. وفي نعيها، كتبت الجريدة 'لم يكن قدَر زياد أن يكون مجرّد امتداد لعائلة الرحابنة. لقد اختار باكرا أن يكون انشقاقا ناعما، وصوتا متفرّدا…لكن ابن فيروز وعاصي، لم ينسَ أن يحمل الإرث الموسيقي الهائل من عائلته، ليعيد تركيبه على نحو خاص، فخرجت منه بصمة موسيقيّة تكتظّ بالإبداع والسخرية واليأس والموقف في آنٍ معا'. (أ ف ب)

إسرائيل: «وقفت الزنقة» للهارب الكاذب!
إسرائيل: «وقفت الزنقة» للهارب الكاذب!

القدس العربي

timeمنذ 16 ساعات

  • القدس العربي

إسرائيل: «وقفت الزنقة» للهارب الكاذب!

الصحافة الميدانية أخطر أجناس الصحافة. بمعنييْ الخطر: بما هو أهمية وقيمة (فرادة الشهادة التي يشهدها الصحافي) وبما هو تعرّض للمخاطر و«طريق الأذى» (مهالك العمل التي تُحْدق بالصحافي). وأخطر ما يكون هذا الخطر الملازم للصحافة الميدانية ليس عندما تسود الميدان وقائع انتخابات أو ثورات أو كوارث طبيعية، وإنما عندما يكون ساحة حرب. إذ يظهر التاريخ العسكري، علما أن الصحافيين مدنيون، أن انقلابا حدث منذ الحرب العالمية الثانية: قبلها كان معظم ضحايا الحروب من الجنود، أما بعدها فقد صار المدنيون هم معظم الضحايا بأضعاف. إلا أن ما يتعرض له الصحافيون الفلسطينيون في غزة من تنكيل وتقتيل، منذ حوالي عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية، لا سابق له في التاريخ منذ بداية بروز دور المراسل الحربي، أي منذ أن نقل الصحافي الإيرلندي وليام هاورد راسل وقائع حرب القرم لجريدة التايمز البريطانية، من عام 1854 إلى 1856، ومنذ أن قال بشأن هذا الجنس الصحافي الخطِر، الذي دشنه بنزاهة في النقل أغضبت قادة الجيش البريطاني، إنه يشعر أنه «الأب البئيس لقبيلة من المنكوبين بانعدام الحظ (يقصد المراسلين الحربيين)». وإذا كانت معظم جيوش الغزو أو الاحتلال قد نالت من الصحافيين، مثلهم مثل بقية المدنيين، بالأسر أو الجرح أو القتل، فإن جيش الإبادة الإسرائيلي قد استحدث نوعا من التنكيل لم يأته جيش قبله. لهذا قالت جمعية صحافيي وكالة الأنباء الفرنسية: «منذ أن أنشئت وكالة فرانس برس في أغسطس عام 1944 فقدْنا صحافيين في الحروب، كما كان بين صحافيينا من أصيب ومن أُسِر، ولكن ليس بيننا من يذكر أنه رأى أحد زملائنا يموت جوعا. إننا نرفض تركهم يموتون». وكان عدد من الصحافيين الفرنسيين والأجانب قد نظموا يوم 28 مايو مظاهرة أمام مقر وكالة فرانس برس لإعلان التضامن مع زملائهم والمطالبة بوقف المجازر ضد الصحافيين. وقالت جمعية الصحافيين يوم 22 يوليو: إذا لم يقع التدخل الفوري فإن آخر الصحافيين في غزة سوف يموتون. كما قالت منظمة مرسلون بلا حدود: بهذه الوتيرة التي يُقتل بها الصحافيون (إما بالرصاص أو الجوع) في غزة، لن يوجد بعدُ أحد لإخبار العالم بما يحدث هناك. ذلك أن سياسة التجويع الممنهج التي تطبقها إسرائيل بكل دأب وتصميم قد شملت جميع المدنيين الفلسطينيين ذلك أن سياسة التجويع الممنهج التي تطبقها إسرائيل بكل دأب وتصميم (بينما تعلن بكل صفاقة: «لا مجاعة في غزة، وحماس تفتعل أزمة غذاء»!!!) قد شملت جميع المدنيين الفلسطينيين. لقد تعمد «الجيش الأكثر أخلاقية في العالم» قتل أكثر من مائتي صحافي فلسطيني، ومنهم من قتل معه جميع أفراد عائلته. ولكن رغم ذلك بقي الصحافيون الفلسطينيون في غزة صامدين صمود الصناديد (بالمعنى الحرفي المشهود والملموس) وبقي مراسلو وكالات الأنباء العالمية والقنوات التلفزية العربية منهم يُبْلون أحسن البلاء الإخباري، وبقوا ينقلون للبشرية قاطبة، ولكل إنسان لديه شجاعة البصر والتبصّر ونزاهة الاحتكام إلى الوقائع الموثقة المصورة، حقائق حرب إبادة وتجويع همجية لا مثيل لها في التاريخ الحديث أو المعاصر. لقد صمد الصحافيون الفلسطينيون وثبتوا. ولكن أنَّى لهم الآن مجرد الوقوف أو الكلام وقد صاروا جياعا؟! إنه لموقف مخز لكل البشرية أن يبلغ الأمر بالمراسل أنس الشريف، مثلا، أن يقول: لم أتوقف عن التغطية لحظة واحدة منذ 21 شهرا. واليوم أقولها بصراحة وبوجع لا يوصف: أنا أترنح من الجوع، أرتجف من الإرهاق، وأقاوم الإغماء الذي يلاحقني في كل لحظة (..) غزة تموت… ونحن نموت معها». والواقع أنه رغم وهن مواقف الحكومات الغربية من حرب الإبادة الإسرائيلية، فإن عددا منها ظل يطالب بوجوب السماح بدخول الصحافيين لقطاع غزة، حيث قالت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة الحبيب: ينبغي على إسرائيل أن تترك للصحافة العالمية حرية العمل وتضمن دخولها لغزة. وجدد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو مطالبة إسرائيل بالسماح «للصحافة الحرة والمستقلة بالدخول إلى القطاع حتى تُظهر ما الذي يقع هناك». كما ثبتت منظمة مراسلون بلا حدود على تجديد المطالبة بإنهاء الحصار الذي تضربه إسرائيل على القطاع وبالفتح الفوري للحدود أمام الصحافيين. أما اليوم فقد «وقفت الزنقة للهارب»، كما يقول المثل التونسي: هربت إسرائيل وأوغلت بعيدا في زقاق الكذب؛ ولكنها تقف الآن في آخر الزنقة بلا حيلة ولا مهرب. إذ يكفي لأي عاقل أن يعلم أنها تقتل الصحافيين الفلسطينيين وتمنع الصحافيين الأمريكيين والأوروبيين من دخول غزة ليفهم أنها تتوهم القدرة على ستر عورة هولوكوستها التلمودي. كاتب تونسي

تايلاند ـ كمبوديا: حرب حدودية باسم المعابد
تايلاند ـ كمبوديا: حرب حدودية باسم المعابد

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

تايلاند ـ كمبوديا: حرب حدودية باسم المعابد

سقط عدد من القتلى والجرحى نتيجة تجدد الاشتباكات الحدودية بين كمبوديا وتايلاند، أمس الخميس، وسط مخاوف من تسارع تدهور الوضع الميداني، إثر قرار بنوم بنه خفض العلاقات الدبلوماسية مع بانكوك، ودعوة الأخيرة مواطنيها لمغادرة الأراضي الكمبودية. ولم يكن الصدام مفاجئاً بفعل عدم معالجة الخلافات على الأراضي المتنازع عليها بين البلدين والمتمحورة حول معابد بوذية عبر التاريخ. وتبادلت القوات الكمبودية والتايلاندية، أمس الخميس، القصف حول معبدين قديمين، في محافظة سورين التايلاندية ومقاطعة أودار مينتشي الكمبودية، وفق ما أفاد مصدر حكومي كمبودي وكالة فرانس برس، واتّهم كلّ من الطرفين الطرف الآخر بأنه من بدأ بإطلاق النار. وذكر الجيش التايلاندي في بيان أن "القوات الكمبودية فتحت النار باتجاه الجانب الشرقي لمعبد براسات تا موين ثوم، على مسافة نحو 200 متر من القاعدة التايلاندية"، ويبعد المكان 360 كيلومتراً عن العاصمة التايلاندية بانكوك. كذلك أعلن الجيش التايلاندي أنه نفّذ غارات جوية بطائرة من طراز أف-16 على هدفين عسكريين في كمبوديا . وكان الجيش اتّهم كمبوديا بإطلاق صاروخين من طراز "بي إم-21" باتجاه قرية حدودية في محافظة سورين، فضلاً عن استخدامها مسيّرة فوق القاعدة التايلاندية. وذكر الجيش التايلاندي أن ستة جنود كمبوديين مسلحين بقاذفات قنابل يدوية، اقتربوا لاحقاً من سياج أسلاك شائكة، وأن عناصره نادوا عليهم لتجنب حصول اشتباك. وأوضح سوثيرو شاروينثاناساك رئيس منطقة كابتشينغ في سورين لوكالة رويترز، أن سلطات المنطقة أجلت 40 ألف مدني من 86 قرية قريبة من الحدود إلى مواقع أكثر أماناً. وسُجل مقتل 11 مدنياً على الأقل، بحسب الجيش التايلاندي، وجرح 14 آخرين بهجمات كمبودية. وناشدت وزارة الخارجية التايلاندية رعاياها في كمبوديا مغادرتها "في أقرب وقت ممكن"، واصفة كمبوديا بأنها "غير إنسانية ووحشية ومتعطشة للحرب". ودعا المتحدث باسم الحكومة التايلاندية جيرايو هونغسوب المجتمع الدولي إلى إدانة كمبوديا بسبب قصفها. أجلت بانكوك 40 ألف مدني من 86 قرية حدودية تدهور العلاقات بين تايلاند وكمبوديا في المقابل، ذكرت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوتشيتا في بيان أن "الجيش التايلاندي انتهك سلامة أراضي مملكة كمبوديا بشنّه هجوماً مسلّحاً على القوات الكمبودية المتمركزة للدفاع عن أراضيها السيادية". وأضافت: "ردّاً على ذلك، مارست القوات المسلحة الكمبودية حقّها المشروع في الدفاع عن النفس، بما يتوافق تماماً مع القانون الدولي، لصدّ التوغّل التايلاندي وحماية سيادة كمبوديا وسلامة أراضيها". وقررت كمبوديا خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع تايلاند إلى أدنى مستوى، واستدعت جميع موظفيها الدبلوماسيين من بانكوك، حسبما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الكمبودية تشوم سونري، أمس الخميس. وكان فومثام ويتشاياتشاي، القائم بأعمال رئيس الوزراء التايلاندي، قد أمر، أول من أمس الأربعاء، بخفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع كمبوديا من خلال استدعاء سفير بلاده تول ترايسورات من بنوم بنه وطرد السفير الكمبودي هون ساروون من بانكوك، وذلك قبل اندلاع اشتباكات أمس الخميس، على خلفية فقدان جنديين تايلانديين أحد أطرافهما، في أسبوع واحد، بسبب ألغام أرضية ادّعت بانكوك أن بنوم بنه زرعتها أخيراً في المناطق المتنازع عليها. وأشارت السلطات التايلاندية إلى أن تحقيقاً عسكرياً خلص إلى أن كمبوديا زرعت ألغاماً أرضية جديدة على الحدود. ورفضت كمبوديا تلك الاتهامات موضحة أن المناطق الحدودية ما زالت مليئة بألغام نشطة من "حروب ماضية". أخبار التحديثات الحية تايلاند تتوعد كمبوديا بـ"عملية عالية المستوى" بعد اشتباكات حدودية وطلب رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت ، أمس الخميس، من مجلس الأمن الدولي عقد "اجتماع عاجل" مع اندلاع اشتباكات مع تايلاند بسبب نزاع حدودي. ووجّه مانيت رسالة إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عاصم افتخار أحمد، جاء فيها: "نظراً إلى الاعتداءات الخطيرة التي شنتها تايلاند أخيراً، التي هددت بشكل خطير السلام والاستقرار في المنطقة، أطلب منكم عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لوقف عدوان تايلاند". وحضّت الصين مواطنيها في كمبوديا، أمس الخميس، على تجنب الذهاب إلى المناطق القريبة من الحدود مع تايلاند، حسبما جاء في بيان نشر على موقع السفارة. وأضاف البيان: "تنصح السفارة الصينية في كمبوديا المواطنين الصينيين... بمراقبة الوضع الأمني المحلي عن كثب والحفاظ على اليقظة واتخاذ احتياطات معززة، وضمان سلامتهم الشخصية". في مايو/أيار الماضي، تحوّل نزاع حدودي طويل الأمد في منطقة تعرف بالمثلّث الزمردي تتقاطع فيها حدود البلدين مع حدود لاوس، إلى مواجهة عسكرية قتل فيها جندي كمبودي. وهي منطقة تبعد عن الاشتباكات التي اندلعت أمس الخميس، أكثر من 400 كيلومتر. مع العلم أنه في عام 2000 تحول المثلّث إلى مشروع للتعاون الدولي من أجل تعزيز السياحة والتنمية الاقتصادية في الدول الثلاث. ومذاك، يتقاذف الطرفان الاتهامات ويتبادلان الردود الانتقامية وقد قيّدت تايلاند حركة العبور عبر الحدود، فيما علّقت كمبوديا بعض الواردات وخفض البلدان الممثلات الدبلوماسية. وكانت آخر اشتباكات حدودية حول معبد برياه فيهيار بين عامَي 2008 و2011 وأسفرت عن مقتل 28 شخصاً على الأقل ونزوح عشرات الآلاف. يتمحور الخلاف حول منطقة تضم معابد بوذية دور فرنسا في الصراع وتتنازع تايلاند وكمبوديا على السيادة في نقاط مختلفة غير محددة على طول حدودهما البرية التي يبلغ طولها 817 كيلومتراً. وتعود جذور النزاع إلى خريطة رسمتها فرنسا عام 1907 حين كانت كمبوديا تحت الحكم الفرنسي. استخدمت كمبوديا تلك الخريطة لاحقاً مُستَنَداً لمطالبتها بأجزاء من الحدود مع تايلاند، لكن غموض المعالم الجغرافية فيها أدى إلى تفسيرات متضاربة. لم تقبل تايلاند بصحة الخريطة، ليندلع الاشتباك بين البلدين في عام 2008، مع عبور حوالي 50 جندياً تايلاندياً إلى منطقة معبد كيو سيخا كيري سفارا الواقع في أراضي كمبوديا على بعد حوالي 300 متر من معبد برياه فيهير، بحسب بنوم بنه. ادعت بانكوك أن ترسيم الحدود لم يُطبق بعد على الأجزاء الخارجية من المنطقة القريبة من المعبد؛ والتي حُكِمت على أنها كمبودية بتسعة إلى ثلاثة قرارات أصدرتها محكمة العدل الدولية في عام 1962. لاحقاً تحول معبد براسات تا موان ثوم إلى أزمة حدودية أيضاً، إذ اتهمت كمبوديا القوات التايلاندية باحتلاله. وكانت محكمة العدل الدولية قد أعلنت في عام 2013 في قرار بالإجماع أن حكمها الصادر في عام 1962 قد منح المناطق المحيطة بمعبد برياه فيهيار إلى كمبوديا، لكن تايلاند رفضت ذلك. (فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، قنا) أخبار التحديثات الحية تايلاند تعلن مقتل أحد مواطنيها في تصعيد عسكري مع كمبوديا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store