logo
بنطلحة الدكالي يكتب: في معنى السيادة

بنطلحة الدكالي يكتب: في معنى السيادة

الأياممنذ 2 أيام

في مشهد غرائبي يتسم بالتناقض، خرج رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة ليحاضرنا بلغة خشبية عن معنى السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول في إطار 'الرؤية الإستراتيجية الحكيمة' للرئيس عبد المجيد تبون،كما يدعون.
الخطبة العصماء ليست بريئة، حيث إنها أتت في وقت أعلن فيه تحالف دول الساحل (مالي، بوركينا فاصو والنيجر) قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر بحجة دعم النظام العسكري الجزائري للجماعات المسلحة الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة، ناهيك عما تفعله الجزائر بكل دول الجوار، وهي في ذلك لاتراعي دما أو تاريخا أو جوارا.
هكذا وفي ظل عزلة دبلوماسية متفاقمة،حدثنا فقيه زمانه دون حياء أو خجل عن معنى 'الاستقرار' و'السيادة'…! لقد تماهى شنقريحة في خطابه،حتى خلنا أننا نحلم…!
لكن وأنت في أوج حماسك أيها القائد،حري بنا أن نذكرك أن مفهوم السيادة يمثل أحد المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بنشأة الدولة الحديثة. إنه يتجلى في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم حكومتها ومرافقها العامة فضلا عن حقها في فرض سلطانها على كل ما يوجد على إقليمها من أفراد أو أشياء، كما أن للدولة الحق في التعامل مع الدول الأخرى دونما خضوع في ذلك لأي سلطة دولية، مع ضرورة قيام العلاقات بين تلك الدول على أساس المساواة في السيادة، والتي هي غير قابلة للتجزئة داخل الدولة الواحدة، حيث لكل دولة شخصيتها الدولية.
إن صيرورة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مبدأ قانوني عام، وقد تضمن ذلك في نصوص المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ومن ناحية أخرى حرصت الأمم المتحدة منذ إنشاءها عام 1945على تأكيد مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
إن السيادة تشكل أحد الأركان الأساسية لمفهوم الدولة الوطنية، حيث من خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها أي أن سلطة الدولة في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة وهي لا تتجزأ ولا تقبل التصرف.
إنها كما عرفها بودان 'السلطة العليا على المواطنين والرعايا' كما أن تصريف محكمة العدل الدولية في قضية مضيق 'كورفو' سنة 1949 يسير في هذا الاتجاه، السيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة وأن احترام السيادة الإقليمية في ما بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية.
لقد تعرض مفهوم السيادة لعدة تأويلات عبر التاريخ وصلت إلى حد الإساءة في استخدامها لتبرير الفوضى الدولية حيث تهدف بعض الدول إلى المساس بسلامة التراب الوطني لدولة مجاورة وضرب الوحدة الوطنية عبر كيانات انفصالية مدعية أن ذلك يدخل في إطار تثبيت دعائم سيادتها وأمنها القومي وتوازنها الاستراتيجي.
إن ذلك يتمثل كما يشير Harry Gelber في توخي بعض الدول تدبير أمورها في إطار علاقتها بالدول الأخرى على النحو الذي يكفل لها Capacity to manage حماية مصالحها، وهي بذلك تخضع مفهوم السيادة لازدواجية الرؤى والمعايير وفقا لرغباتها ومصالحها.
التطبيق الأبرز على ذلك في الواقع العربي والإفريقي يتجسد في دولة الجزائر التي تحلم بالهيمنة إقليميا على منطقة شمال إفريقيا حيث تحرك أجندتها وفق شعارها المزعوم «تقرير المصير»، وهي بذلك تتجاوز المرجعيات والضوابط التي يسنها القانون الدولي في احترام سيادة الدول وحسن الجوار.
ترى إلى أي مدى تستطيعون الالتزام باحترام القوانين والأعراف الدولية،أم أن كلام الليل يمحوه النهار….
محمد بنطلحة الدكالي أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مفوضية اللاجئين تُنهي عقود موظفيها في العيون وتندوف نهاية شتنبر وسط غموض مصير مهامها الميدانية
مفوضية اللاجئين تُنهي عقود موظفيها في العيون وتندوف نهاية شتنبر وسط غموض مصير مهامها الميدانية

أكادير 24

timeمنذ 6 ساعات

  • أكادير 24

مفوضية اللاجئين تُنهي عقود موظفيها في العيون وتندوف نهاية شتنبر وسط غموض مصير مهامها الميدانية

agadir24 – أكادير24 أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عن إنهاء عقود مجموعة من موظفيها المحليين العاملين في كل من مدينة العيون ومخيمات تندوف بالجزائر، وذلك مع نهاية شهر شتنبر المقبل من سنة 2025. ويأتي هذا القرار في إطار ما وصفته المفوضية بـ'إعادة هيكلة برامجها الميدانية وتكييف عملياتها مع المستجدات المرتبطة بالتمويل والتوجهات الاستراتيجية'، دون أن توضح طبيعة الخطوات التالية أو البدائل الممكنة للموظفين المعنيين. وبحسب معطيات إعلامية متطابقة، فقد أثار القرار موجة استياء وسط عدد من المتعاقدين المتضررين، لا سيما في ظل الغموض الذي يلف مصيرهم المهني، وعدم تقديم أي ضمانات بشأن التعويض أو إعادة التعيين ضمن مهام أخرى في منظومة الأمم المتحدة. وتعتبر مفوضية اللاجئين واحدة من أبرز الهيئات الأممية العاملة في الميدان الإنساني، حيث تنشط منذ عقود في منطقة تندوف ضمن برامج الدعم للاجئين الصحراويين، كما تتواجد بمدينة العيون في إطار مهام حقوقية وإنسانية ذات طابع أممي. ويطرح هذا التطور أسئلة حول مستقبل حضور المفوضية بالمنطقة، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، والدينامية المتنامية المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. كما يربط مراقبون بين هذا القرار والتحديات التمويلية التي تواجهها وكالات الأمم المتحدة في ظل تراجع مساهمات عدد من الجهات المانحة، ما يدفعها إلى تقليص أنشطتها أو إعادة توجيه برامجها نحو أولويات أخرى. ومن المرتقب أن تتضح الرؤية أكثر خلال الأشهر المقبلة بشأن الأثر الفعلي لهذه 'إعادة الهيكلة' على تواجد المفوضية بالمنطقة، خاصة في ظل استمرار النقاش الدولي حول مستقبل النزاع المفتعل بالصحراء ودور الوكالات الأممية فيه.

محاولة جزائرية فاشلة لثني كينيا عن الاعتراف بمغربية الصحراء
محاولة جزائرية فاشلة لثني كينيا عن الاعتراف بمغربية الصحراء

أخبارنا

timeمنذ 6 ساعات

  • أخبارنا

محاولة جزائرية فاشلة لثني كينيا عن الاعتراف بمغربية الصحراء

في تحرك دبلوماسي غير رسمي، شرعت الجزائر في محاولة جديدة لاستدراك الموقف الكيني الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وذلك بعد أيام فقط من إعلان نيروبي دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل وحيد وواقعي ومستدام لقضية الصحراء، حيث تمت هذه المناورة الجزائرية عبر رئيس البرلمان الجزائري، بعيدا عن مؤسسات الرئاسة أو الحكومة، في ما يبدو أنه جس نبض أكثر منه موقف دولة، وهو ما يكشف الحرج الدبلوماسي الذي باتت تعانيه الجزائر في ملف طالما جعلته أولوية سياستها الخارجية. وتمثل هذا التحرك في لقاء دبلوماسي جمع رئيس الجمعية الوطنية الكينية، موزيس ويتانغولا، بسفير الجزائر في نيروبي، ماحي بومدين، يوم الأربعاء الماضي، حيث ركز اللقاء الذي تم وصفه حسب بيان الجانب الكيني بالودي، على المصالح الثنائية والدبلوماسية البرلمانية، دون أي إشارة مباشرة إلى قضية الصحراء، ما يعكس فشل المحاولة الجزائرية في طرح الملف على طاولة النقاش، أو ربما امتناع الجانب الكيني عن مناقشته بعدما حسم موقفه رسميا في الرباط. ويعتبر ويتانغولا، الذي سبق أن شغل منصب وزير الخارجية الكيني بين 2008 و2012، كما كان مساعدا لوزير الخارجية منذ عام 2003، من الوجوه التي ارتبطت بمراحل سابقة من الدعم الكيني لجبهة "البوليساريو"، حيث سبق له أن التقى بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في فبراير 2023، بحضور رمطان لعمامرة وعبد العزيز خلف، في لقاء أعقب بأشهر قليلة إعلان كينيا نيتها تجميد اعترافها بالكيان الانفصالي. غير أن رياح الدبلوماسية المغربية سارت بما لا تشتهيه سفن الجزائر، حيث أعلنت كينيا بشكل لا لبس فيه عن دعمها الصريح لمقترح الحكم الذاتي المغربي، خلال بيان مشترك صدر يوم 26 ماي 2025 في الرباط، عقب لقاء بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الكيني موساليا مودافادي، وهو الإعلان الذي جاء متزامنا مع حدث رمزي كبير، تمثل في افتتاح سفارة كينيا في العاصمة الرباط لأول مرة، في خطوة تعكس متانة العلاقات الثنائية ووضوح الموقف الكيني إزاء النزاع الإقليمي المفتعل. وشدد البيان المشترك على أهمية إشراف الأمم المتحدة الحصري على تسوية النزاع، وجدد دعم كينيا الكامل لقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 2756 الصادر سنة 2024، الذي يثمن المقترح المغربي ويدعو إلى حل سياسي واقعي ودائم ومتوافق عليه، كما عبر المغرب من جهته عن تقديره الكبير لموقف كينيا، معتبرا أنه يجسد انخراط نيروبي في منطق الواقعية والتعاون البناء مع الأمم المتحدة ومبعوثها الشخصي إلى الصحراء. وتكون الجزائر بهذه التطورات قد تلقت صفعة دبلوماسية جديدة في ملف الصحراء، في ظل تآكل دعمها الدولي التقليدي للطرح الانفصالي، وتنامي التأييد الدولي للمبادرة المغربية، التي تحظى اليوم بإجماع واسع بوصفها الحل العملي والوحيد القابل للتطبيق، ما يجعل محاولات الالتفاف والمراوغة الجزائرية عبر القنوات الغير رسمية، سوى طريق معبدة تقود نظام الكابرانات إلى مزيد من العزلة السياسية والإنهاك الدبلوماسي.

أزمة تمويل: مفوضية اللاجئين تنهي عقود موظفيها بالصحراء
أزمة تمويل: مفوضية اللاجئين تنهي عقود موظفيها بالصحراء

بلبريس

timeمنذ 9 ساعات

  • بلبريس

أزمة تمويل: مفوضية اللاجئين تنهي عقود موظفيها بالصحراء

أبلغت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) موظفيها العاملين في مكتبها بمدينة العيون بقرار إنهاء عقود عملهم بحلول تاريخ 30 شتنبر 2025. ويأتي هذا الإجراء في إطار خطة تقليص عالمية واسعة للموارد البشرية تطبقها الوكالة الأممية لمواجهة أزمة تمويل خانقة. وتشمل هذه التخفيضات، التي أعلنت عنها المفوضية سابقاً، تقليص عدد موظفيها بنسبة قد تصل إلى 30% على مستوى العالم، وهو ما يعادل ما بين 3,000 و4,000 وظيفة من إجمالي 15,000 موظف. ويعود السبب الرئيسي لهذه الأزمة إلى انخفاض حاد في مساهمات الدول المانحة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت الولايات المتحدة، وفقاً للمفوض السامي فيليبو غراندي، تغطي سابقاً نحو 40% من الميزانية السنوية للمفوضية، أي ما يقارب 2 مليار دولار. وتعكس هذه الإجراءات التحديات المالية الكبيرة التي تواجهها العديد من المنظمات الإنسانية وبعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، حيث تُعد مفوضية شؤون اللاجئين من بين أكثر الوكالات تضرراً، خصوصاً بعد أن قلّصت الولايات المتحدة إسهاماتها بشكل كبير ضمن خطة تقشفية واسعة تبنتها الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الرئيس دونالد ترامب. وفي هذا السياق، أشار المتحدث باسم المفوضية، ماثيو سولتمارش، إلى أن التخفيضات في الميزانية ستطال "تكاليف الموظفين بنسبة تصل إلى 30%"، وأن التصور الجديد للهيكل التنظيمي للمفوضية سيُستكمل بحلول شهر أكتوبر 2025.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store