logo
تايم: كيف أصبحت الملكة فيكتوريا أكبر تاجر مخدرات في العالم؟

تايم: كيف أصبحت الملكة فيكتوريا أكبر تاجر مخدرات في العالم؟

الجزيرةمنذ 6 أيام
من هو أشهر تاجر مخدرات على الإطلاق؟ قد تظن أنه بابلو إسكوبار، أو ربما إل تشابو، لكنك ستكون مخطئاً. وفقا لمقال بمجلة تايم الأميركية، إذ إنه قبل أكثر من 100 عام من مولد هذين البارونين، كانت هناك امرأة قوية للغاية تسيطر على إمبراطورية مخدرات واسعة للغاية ومربحة بشكل لا يتصور لدرجة أنها جعلت إسكوبار وإل تشابو يبدوان كتجار مخدرات من مستوى منخفض ومجرد مروجين لها بالشوارع.
وهكذا بدأت المجلة مقالها، المثير للدهشة بقدر ما هو مثير للاهتمام، حيث ينظر الخبير سام كيلي، مؤلف كتاب "تاريخ البشرية مع المخدرات" (الذي نشرته دار بنغوين راندوم هاوس) إلى التجارة الضخمة التي أقامتها بريطانيا منتصف القرن الـ19 مع الصين لبيع الأفيون المنتج بكميات كبيرة في الهند مستعمرة صاحبة الجلالة.
ويقول كيلي إن فيكتوريا، عند توليها للسلطة عام 1837، وجدت الاقتصاد البريطاني يعاني عجزًا هائلًا مع الصين، المورد الوحيد للشاي الذي تشتد الحاجة إليه.
ويضيف أن شركة الهند الشرقية، التي كانت تدير اقتصادات المستعمرات البريطانية، والتي تُقارن بأكبر الشركات متعددة الجنسيات في عصرنا، حاولت -بكل الطرق- موازنة تجارتها مع بكين، دون جدوى: فمع استمرار عجزها، اضطرت إلى الاقتراض من التاج البريطاني كي لا تنهار.
ويقول المؤرخ "كانت الأسرة اللندنية ذات الدخل المتوسط تنفق ٥% من دخلها على الشاي الصيني، لكن بريطانيا لم يكن لديها ما تتاجر به مع الصين في المقابل".
وفي هذه الظروف، وجد التجار البريطانيون، بتواطؤ من الحكومة، الحل في الأفيون المُنتَج بكميات هائلة في الهند التي كانت آنذاك تحت سيطرة شركة الهند الشرقية التابعة للتاج البريطاني.
وكان هذا المنتج محظورًا بشكل رسمي في الصين، لكن الصينيين كانوا يُقدّرونه. واستمر سعره في الارتفاع تماشيًا مع الطلب المتزايد باستمرار: مما مثل مفاجأة سارة للتاج البريطاني، وهو ما لخصه كيلي قائلًا "بفضل معجزة الأفيون، انعكس اختلال الميزان التجاري بين عشية وضحاها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الصين، وليس بريطانيا العظمى ، هي من تُراكم عجزًا تجاريًا مُدمرًا..".
ولم يكن الأمر خافيا على السلطات الصينية، بل إن الإمبراطور داوغوانغ حاول مواجهة هذه التجارة الشاذة بتكليف الحاكم لين زيكسو المعارض الشرس للأفيون، بالتحقيق في الأمر.
وقد كتب هذا الأخير مباشرةً إلى الملكة فيكتوريا طالبًا منها حظر هذه التجارة قائلا "أين ضميركِ؟" لكن توبيخه لها لم تكن له أية جدوى، ثم اتخذ خطوة جذرية بإصلاح الجمارك.
ولم تُكلف الملكة نفسها عناء قراءة الرسالة -وفقا للكاتب- مما يعني أن زيكسو، المُلحّ والمُثابر، كان بحاجة إلى إيجاد طريقة أخرى لجذب انتباهها. وفي ربيع عام 1839، اعترض أسطولًا من السفن البريطانية، وصادر شحنة ضخمة من الأفيون، وأمر جنوده بإلقائها كلها في بحر جنوب الصين.
"لكن الإمبراطورية البريطانية لم تكن مستعدة للتخلي عن تجارة المخدرات المربحة، لأن مبيعات الأفيون كانت تمثل آنذاك ما بين 15 و20% من الإيرادات السنوية للإمبراطورية البريطانية" وفقا لكيلي.
ولهذا، يقول الكاتب، وبعد عدة حوادث، أعلنت الحكومة الفيكتورية الحرب على الصين، وأرسلت عام 1840 أسطولًا من 40 سفينة و19 ألف جندي، لسحق القوات الصينية، ليمثل ذلك أول حرب أفيون في العالم.
وعام 1842، وقّع البريطانيون معاهدة نانكينغ التي منحتهم هونغ كونغ والتجارة الحرة، ووصولاً غير مقيد إلى عدة موانئ، لتكون فيكتوريا بذلك قد أطاحت بحضارة عمرها ألف عام، وأصبحت أقوى بارونة مخدرات على مر العصور.
والأدهى من ذلك -وفق ما جاء في تايم- أن فيكتوريا نفسها كانت مدمنة على المخدرات بمختلف أنواعها، وسارعت إلى استخدام سائل القنب لتخفيف آلام الدورة الشهرية وحالات الحمل الصعبة، كما روّجت لاستنشاق الكلوروفورم للولادة، وهو ما أحدث ثورة حقيقية.
وكانت الملكة تتناول كل صباح وبانتظام مشروبا مُستخلصا من الأفيون، لتخفيف الآلام المتكررة، وكانت تمضغ علكة الكوكايين لتهدئة التهاب اللثة. ويوضح كيلي أن هذه العلكة عززت ثقة الملكة بنفسها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصين تندد بالحمائية بعد إعلان ترامب رسوما جمركية جديدة
الصين تندد بالحمائية بعد إعلان ترامب رسوما جمركية جديدة

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

الصين تندد بالحمائية بعد إعلان ترامب رسوما جمركية جديدة

نددت الصين الجمعة بالحمائية التي "تضر بمصالح جميع الأطراف"، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية جديدة مرتفعة على واردات 69 بلدا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غوو جياكون -في مؤتمر صحفي دوري- إن "الصين تعارض بصورة منهجية وواضحة فرض هذه الرسوم الجمركية. لا رابح في حرب رسوم جمركية أو حرب تجارية". ونص الأمر الذي وقعه ترامب على فرض معدلات رسوم استيراد مرتفعة تراوح بين 10% و41% خلال 7 أيام، وذلك بدءا من حلول الموعد النهائي عند الساعة 12:01 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (04:01 بتوقيت غرينتش). ويمضي ترامب بهذا القرار قدما في خططه لإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي قبل موعد نهائي سبق أن حدده لإبرام اتفاقات تجارية ويحل اليوم الجمعة. ومن بين الدول التي طالتها الرسوم الجديدة كندا والبرازيل و الهند وتايوان. ووفقا لأمر تنفيذي رئاسي، فقد حدد ترامب رسوما: تصل إلى 35% على العديد من السلع من كندا. %50 من البرازيل. %25 للهند. %20 ل تايوان. %39 لسويسرا. مهلة للصين وبالنسبة للصين تمتد مهلة التوصل إلى اتفاق حول الرسوم الجمركية مع إدارة ترامب إلى 12 أغسطس/آب الحالي، بعد أن توصلت بكين و واشنطن إلى اتفاقات مبدئية في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين لإنهاء الفرض المتبادل لرسوم مرتفعة ووقف صادرات المعادن الأرضية النادرة. من جهته، قال خه يا دونغ في مؤتمر صحفي أمس "تتطلع الصين إلى تعميق الحوار والمشاورات مع الولايات المتحدة سعيا لتحقيق المزيد من النتائج متبادلة المنفعة"، وفق ما أوردت وكالة شينخوا الصينية. وأشار المتحدث إلى أن الجانبين أجريا في ستوكهولم، عاصمة السويد، تبادلات صريحة ومعمقة وبنّاءة بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة، والسياسات الاقتصادية الكلية. وأوضح أنه استنادا إلى التوافق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات ستوكهولم، سيواصل الجانبان السعي لتمديد تعليق نسبة 24% من التعريفات الجمركية الأميركية، وكذا التدابير المضادة من الجانب الصيني، لمدة إضافية قدرها 90 يوما.

ترامب يفرض رسوما جمركية مرتفعة على عشرات الدول وردود فعل واسعة
ترامب يفرض رسوما جمركية مرتفعة على عشرات الدول وردود فعل واسعة

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يفرض رسوما جمركية مرتفعة على عشرات الدول وردود فعل واسعة

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية مرتفعة على الواردات من عشرات من الشركاء التجاريين، ومنهم كندا والبرازيل والهند وتايوان ، ليمضي بذلك قدما في خططه لإعادة ترتيب الاقتصاد العالمي قبل موعد نهائي سبق أن حدده لإبرام اتفاقات تجارية ويحل اليوم الجمعة. ووفقا لأمر تنفيذي رئاسي، فقد حدد ترامب رسوما: تصل إلى 35% على العديد من السلع من كندا. 50 % من البرازيل. 25 % للهند. 20 % لتايوان. 39 % لسويسرا. ونص الأمر على فرض معدلات رسوم استيراد مرتفعة تراوح بين 10% و41% خلال 7 أيام لإجمالي 69 شريكا تجاريا، وذلك بدءا من حلول الموعد النهائي عند الساعة 12:01 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (04:01 بتوقيت غرينتش). وتوصلت بعض هذه الدول إلى اتفاقيات لخفض الرسوم الجمركية ، بينما لم تتَح الفرصة لآخرين للتفاوض مع إدارته. واستثنى ترامب بعض السلع التي ستشحن خلال الأسبوع المقبل. وستخضع السلع من جميع الدول الأخرى، غير المدرجة في قائمة الرسوم المعدلة، لضريبة استيراد أميركية 10%. وكان ترامب قد صرح في وقت سابق بأن هذه النسبة قد تكون أعلى. وألمحت الإدارة إلى أنه يجري الإعداد لمزيد من الاتفاقات التجارية، في إطار سعيها لسد العجز التجاري وتعزيز التصنيع المحلي. واستخدم ترامب، المنتمي للحزب الجمهوري، سلطات الطوارئ المتاحة له وضغط على زعماء أجانب ومضى قدما في سياسات تجارية تسببت في موجة بيع في الأسواق عند الإعلان عنها للمرة الأولى في أبريل/نيسان الماضي. وشكك قضاة في محاكم استئناف اتحادية أميركية أمس الخميس في صلاحية استخدام ترامب لسلطات الطوارئ هذه ليبرر فرض رسوم جمركية وصلت إلى 50% على معظم الشركاء التجاريين تقريبا. وتتجه الأسهم الآسيوية اليوم الجمعة لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ أبريل/نيسان بعد إعلان الرسوم الأحدث. وسجلت الأسهم الأوروبية أدنى مستوى في 3 أسابيع اليوم الجمعة، مع تركيز المستثمرين على تأثير الرسوم الجمركية الجديدة. وجاء في الأمر الذي أصدره ترامب أن بعض الشركاء التجاريين "رغم مشاركتهم في مفاوضات، فقد عرضوا شروطا، في رأيي، لا تعالج بشكل كاف الاختلالات في علاقتنا التجارية، أو لم تتوافق بشكل كاف مع الولايات المتحدة في المسائل الاقتصادية ومسائل الأمن القومي". ومن المرتقب الإعلان لاحقا عن تفاصيل أخرى، بما في ذلك المتعلقة "بقواعد المنشأ" التي ستحدد المنتجات التي قد تواجه رسوما جمركية أعلى. سويسرا وتايوان وجنوب أفريقيا قالت سويسرا إنها ستسعى إلى "حل تفاوضي" مع الولايات المتحدة. قال لاي تشينغ-ته رئيس تايوان اليوم الجمعة إن معدل الرسوم الجمركية الجديد البالغ 20% الذي حددته إدارة ترامب على السلع المستوردة من الجزيرة "مؤقت" وإن الحكومة تتوقع التفاوض على نسبة أقل. قال باركس تاو وزير التجارة في جنوب أفريقيا إنه يسعى إلى "تدخل عملي وحقيقي" لحماية الوظائف والاقتصاد من تبعات رسوم جمركية تبلغ 30% فرضتها الولايات المتحدة على بلاده. كندا والمكسيك والهند وأصدر ترامب أمرا منفصلا يتعلق بكندا يرفع النسبة المفروضة على سلع تخضع لرسوم تتعلق بالفنتانيل إلى 35% من 25% سابقا، وقال إن كندا "لم تتعاون" في الحد من تدفق المخدرات غير القانونية للولايات المتحدة. وتتناقض الرسوم الجمركية المرتفعة على سلع كندية بشدة مع قرار ترامب منح المكسيك إعفاء لمدة 90 يوما من رسوم جمركية أعلى تبلغ 30% على كثير من السلع لإتاحة الوقت للتفاوض على اتفاق تجاري أوسع نطاقا. وقال مارك كارني رئيس وزراء كندا إنه يشعر بخيبة أمل إزاء قرار ترامب، وتعهد باتخاذ خطوات لحماية الوظائف في بلاده وتنويع وجهات الصادرات. وتابع عبر منصة إكس أن "الحكومة الكندية ستصب تركيزها على ما يمكنها التحكم فيه وهو تعزيز قوة كندا، في الوقت الذي سنواصل فيه التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن علاقاتنا التجارية". وقال ترامب إنه سيواصل فرض رسوم بنسبة 50% على الصلب والألمنيوم والنحاس من المكسيك و25% على السيارات منها وعلى السلع التي لا تشملها اتفاقية الولايات المتحدة المكسيك كندا والخاضعة لرسوم تتعلق بأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة. وأضاف ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال "إضافة إلى ذلك، وافقت المكسيك على الوقف الفوري للحواجز التجارية غير المتعلقة بالرسوم الجمركية وهي متعددة" من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل. أما السلع من الهند فيبدو أن الرسوم المفروضة عليها ستبلغ 25% بعد أن تعثرت المفاوضات بسبب مسألة الوصول لقطاع الزراعة الهندي، إذ هدد ترامب برسوم أعلى تشمل عقوبات لم يحددها على الهند بسبب شرائها النفط من روسيا. وتعهدت نيودلهي بحماية قطاع الزراعة في البلاد، وأثار تهديد ترامب بفرض رسوم أعلى موجة غضب من حزب المعارضة وتسبب في هبوط الروبية. البرازيل والصين فرض ترامب رسوما جمركية يوم الأربعاء تبلغ 50% على صادرات البرازيل لبلاده في وقت صعد فيه من حدة التوتر بين البلدين بسبب مقاضاة الرئيس السابق جايير بولسونارو، لكنه خفف من وقع ذلك باستبعاد بعض القطاعات. أما بالنسبة للصين فتمتد مهلة التوصل إلى اتفاق حول الرسوم الجمركية مع إدارة ترامب إلى 12 أغسطس/آب الحالي، بعد أن توصلت بكين وواشنطن إلى اتفاقات مبدئية في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين لإنهاء الفرض المتبادل لرسوم مرتفعة ووقف صادرات المعادن الأرضية النادرة. وقال مسؤول أميركي للصحفيين إن الجانبين يحرزان تقدما صوب التوصل إلى اتفاق.

الصين تكبح تراجع الإقبال على الزواج ومعدلات الإنجاب بالدعم المالي
الصين تكبح تراجع الإقبال على الزواج ومعدلات الإنجاب بالدعم المالي

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

الصين تكبح تراجع الإقبال على الزواج ومعدلات الإنجاب بالدعم المالي

بكين- أظهرت بيانات صدرت حديثا عن وزارة الشؤون المدنية الصينية أن 6 ملايين و106 آلاف زوج وزوجة قد سجلوا عقود زواجهم في الصين خلال عام 2024، بانخفاض قدره 20.5%، مقارنة بالعام 2023، وأن معدل الزواج بلغ 4.3 في الألف، بانخفاض 1.1 في الألف عن العام الماضي. ووفقا للبيانات الرسمية، فقد استمرت النسبة بالتراجع مطلع هذا العام، حيث سجلت الصين 1.81 مليون حالة زواج في الربع الأول منه، بانخفاض نسبته 8% عن نفس الفترة من 2024، وفقا للتقرير. اللافت أنه وخلال السنوات العشر الماضية، وبعد مضي عقد على إلغاء سياسة الطفل الواحد في الصين -التي بدأ ساستها الحديث عنها منذ 1978 وطبقت رسميا بين عامي 1980 و2015- فقد شهدت الصين 9 سنوات متتالية من الانخفاض في معدلات وأعداد المقبلين على الزواج، باستثناء تسجيل أرقام الزواج في الصين انتعاشا قصيرا في 2023 دون غيره، حسب الأرقام الرسمية، حيث سجلت 7.68 ملايين حالة زواج. أسباب العزوف ولكن بعد ذلك العام عاد الاتجاه التنازلي في 2024، حيث انخفضت أعداد المسجلين للزواج إلى أدنى مستوى لها منذ 1980، وفرض سياسة الطفل الواحد، وهو ما اعتبرته صحيفة "سوث تشاينا مورنينغ بوست" الصادرة في هونغ كونغ "تفاقما في مشكلة السكان في الصين" و"مؤشرا على التحديات التي تواجهها البلاد بسبب انخفاض معدل المواليد وتقلص عدد السكان". وفي الوقت نفسه، ارتفعت حالات الطلاق بنسبة 1.1% إلى 2.82 مليون حالة عام 2024، ما يلفت اهتمام الخبراء الاجتماعيين والمسؤولين الذين يتطلعون لاستمرارية نمو اقتصاد بلادهم. يحدث هذا رغم تحديث إجراءات تسجيل الزواج وتسهيلها ورقيا وجعلها أكثر مرونة، وفقا لوكالة أنباء شينخوا الرسمية، حيث أُدخلت قواعد تسجيل زواج محدثة تبسط الإجراءات الورقية وتوفر مرونة أكبر للأزواج، منذ شهر مايو/أيار المنصرم. ويقول الأستاذ في كلية الصين وأوروبا الدولية للأعمال، مايكل كوان، في حوار مطول نشرته جامعته، إن أول سبب للعزوف عن الزواج بين شباب وفتيات الصين بنظره هو التكلفة المرتفعة له وتربية الأطفال التي تثبط الشباب عن تكوين أسرة، ما يعني أنهم قد يستغرقون عقودا لتوفير مبلغ الدفعة الأولى، والسكن، والمهور، ونفقات الزفاف التي تثير المخاوف بينهم. ويضيف سببا اقتصاديا ثانيا، متعلقا بعالم اليوم المعقد، حيث يشعر الشباب بقلق عميق بشأن مستقبلهم المالي، و البطالة وعدم استقرار الدخل، ما يجعله يتردد في الزواج خوفا من تدهور مستوى معيشتهم. عمليا واجتماعيا -يرى كوان- أنه بالنسبة لبعض المهنيين الشباب، فإن ثقافة العمل الشهيرة في الصين والمعروفة باسم "996" -أي من 9 صباحا إلى 9 مساء، ولستة أيام أسبوعيا- لا تستنزف طاقتهم فحسب، بل ضيّقت أيضا نشاطهم الاجتماعي، فساعات العمل الطويلة لا تترك لبعض الشباب أو الفتيات متسعا للاهتمام بالعلاقات الاجتماعية، بسبب انشغالهم. ويعتقد كوان أن ثمة عوامل أخرى ثانوية تلعب دورا بهذا الشأن، بدءا من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو التي تقلل من حاجة الشباب للتواصل في العالم الحقيقي، وصولا إلى التغيرات الثقافية والسلوكية الاجتماعية، وهذا ما يفسر كيف ارتفع معدل سن الزواج في شنغهاي على سبيل المثال من 24 سنة قبل 15 عاما إلى 30 سنة اليوم. انخفاض المواليد وحسب كوان فإن "تراجع معدلات الزواج له آثار بعيدة المدى، أبرزها انخفاض نسب المواليد، حيث تشير أرقام المكتب الوطني للإحصاء لعام 2023 إلى أن المواليد في الصين انخفضوا إلى حوالي 9 ملايين، بمعدل خصوبة إجمالي يبلغ حوالي 1.0% ، وهو ثاني أدنى معدل بين الاقتصادات الكبرى. ويقترن هذا الانخفاض في معدل المواليد بتقدم سريع في سن السكان؛ ففي 2023، شكل الأشخاص في عمر 60 عاما أو أكثر 37.4% من سكان شنغهاي، وتوقع كوان أنه "بحلول 2050، سيكون أكثر من 30% من سكان الصين فوق سن 60 عاما". ووفق الأرقام الرسمية -التي نقلتها صحيفة ساوث تشاينا بوست الثلاثاء الماضي- فقد انخفض معدل المواليد في الصين -عدد المواليد لكل ألف شخص- سنويا منذ 2016، وفي 2023 وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 6.39، بما يعادل 9.02 ملايين ولادة، وهو أدنى رقم سنوي منذ بدء تسجيل هذه الإحصاءات عام 1949. لتشجيع الإنجاب تعاملا مع هذين التحديين، أُعلنت، الأربعاء، تفاصيل برنامج إعانة للأسر ذات المواليد الجدد، وقال مسؤولون: إن هذه الإعانات تمثل أول مبادرة نقدية واسعة النطاق وشاملة من نوعها بهذا الإطار منذ عقود، حيث سيخصص نحو 90 مليار يوان (12.5 مليار دولار) للبرنامج هذا العام. ووصفت صحيفة غلوبال تايمز الصينية البرنامج بأنه "أول دعم نقدي شامل ومباشر على نطاق واسع للرعاية الاجتماعية العامة يتم توزيعه على المواطنين منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية"، ويُتوقع أن تستفيد منه أكثر من 20 مليون أسرة سنويا. ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في أكاديمية دراسات الاقتصاد المفتوح بجامعة الأعمال الدولية والاقتصاد، لي تشانغان، قوله: إن "ترتيبات تمويل إعانة رعاية الأطفال هذه تشير إلى دعم سياسي قوي، وتعكس الأولوية التي توليها الحكومة المركزية لتحسين هيكل السكان وتخفيف الأعباء الأسرية المتعلقة بالولادة وتربية الأطفال". من جهته، قال خبير ديمغرافي وباحث أول في مركز الصين والعولمة، هوانغ وينزينغ، إن "إعانة رعاية الأطفال الشاملة تعكس تحولا نحو الدعم المالي المباشر للأسر، ما يسلط الضوء على التركيز الجديد للبلاد على تشجيع الإنجاب ووضع رفاهية الناس في المقام الأول". واعتبر الأستاذ في كلية السكان والصحة بجامعة رينمين الصينية، يانغ فان، -في حديثه للصحيفة نفسها- "هذا الإجراء بمثابة رسالة إيجابية مفادها أن تربية الأطفال هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والدولة مما يعزز توجه المجتمع نحو تشجيع الإنجاب". وسيوفر البرنامج الذي أعلن عنه هذا الأسبوع 3600 يوان (نحو 500 دولار) سنويا لكل طفل دون سن الثالثة، ويسري بأثر رجعي اعتبارا من مطلع العام الجاري، وبالنسبة للأزواج الذين يرزقون بمواليد جدد هذا العام، فإن ذلك يعني تسلمهم إعانة تصل إلى 10 آلاف و800 يوان لكل طفل. إجراءات وتحذيرات من جانبها، قالت غوه يانهونغ، نائبة وزير الصحة الصينية، إن هذه السياسة تسير بالتوازي مع السياسات الأخرى في مجال رعاية الأطفال والتعليم والإعفاء الضريبي والإسكان للمساعدة بتعزيز مجتمع أكثر تشجيعا للإنجاب. وأضافت أن هذه الإعانات ستضخ زخما جديدا في التنمية الاقتصادية الصحية والمستدامة، مشيرة إلى أن جميع المناطق على مستوى الأقاليم مددت إجازة الأمومة إلى 158 يوما على الأقل، ونفذت إجازة أبوية تتراوح من 5 إلى 20 يوما. وأوضحت المسؤولة -في حديث للإعلام المحلي- أن الإعانة متاحة لجميع الأطفال المؤهلين، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في المناطق الحضرية أو الريفية، أو قوميتهم، أو منطقتهم، أو ما إذا كان الطفل هو الأول أو الثاني أو الثالث في الأسرة، كما تم تبسيط عملية تقديم طلبات الحصول على الإعانة. وأشارت في هذا الشأن إلى أن "الصين تسعى إلى بناء مجتمع يشجع على الإنجاب"، مضيفة "يجري حاليا دراسة العديد من السياسات المحلية الأخرى وسيتم رفع عدد إضافي من هذه السياسات المحلية إلى المستوى الوطني، بدءا من إعانات الأطفال"، متوقعة مزيدا من السياسات الداعمة الأخرى في المستقبل، كالخصومات الإضافية على ضريبة دخل الفرد. كما تحدثت غوه عن الحاجة إلى بذل جهود متواصلة في مجالات متعددة في هذا السياق مثل الإسكان والتعليم والرعاية الصحية من أجل بناء نظام أكثر شمولا لدعم الإنجاب. من جانبه قال مدير إدارة مراقبة السكان وتنمية الأسرة، وانغ هايدونغ، "إن البلاد انتقلت من مرحلة النمو السكاني إلى مرحلة الانخفاض، محذرا من أن انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة السكان والفوارق الديمغرافية بين الأقاليم أصبحت أكثر وضوحا". وأضاف أن الصين تكثف جهودها للاستجابة للتغيرات الديمغرافية، عبر تحسين سياسات دعم الإنجاب، وخفض تكاليفه وتربية الأطفال، وتشجيع بيئة مواتية لذلك، سعيا منها للحفاظ على مستويات خصوبة وعدد سكاني معتدل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store