
أخبار العالم : من هو إيتمار بن غفير، الوزير الإسرائيلي المثير للجدل؟
نافذة على العالم - صدر الصورة، Reuters
Article Information
لطالما أثار وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، الجدل طوال مسيرته القصيرة في الحكومة، بل حتى قبل ذلك بعقود.
ومؤخراً، أثار بن غفير غضباً واسعاً بعد صلاته في موقع متنازع عليه في القدس الشرقية المحتلة، منتهكاً بذلك اتفاقيةً قائمة منذ عقود، في أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.
وتُظهر صور ومقاطع فيديو لزيارته للمكان المقدس - الذي يُعرف عند المسلمين بالحرم الشريف، وعند اليهود باسم جبل الهيكل - وهو يؤمُّ الصلوات اليهودية في باحات المسجد الأقصى.
ويُسمح لليهود بزيارة الموقع، لكن لا يُسمح لهم بالصلاة فيه.
وزار بن غفير الموقع عدة مرات من قبل، لكنه لم يُصلِّ فيه علناً، بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ويقول مراقبون إن الزيارة تُشبه زيارة أرييل شارون - زعيم المعارضة السابق في إسرائيل - إلى نفس الموقع قبل 25 عاماً، ويُعتقد أن تلك الزيارة أشعلت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وفي عام 2021، زار بن غفير حي الشيخ جراح الفلسطيني، الذي تحول لمنطقة عنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة - حيث هُدد عشرات السكان بإجبارهم على إخلاء منازلهم لإفساح المجال للمستوطنين اليهود.
وتُشكل هذه الحوادث جزءاً من تاريخ بن غفير الحافل بالنشاط الاستفزازي والمثير للجدل.
وهذا ليس مفاجئاً، كما تقول الدكتورة ليوني فلايشمان، المحاضرة في السياسة الدولية وحقوق الإنسان بجامعة لندن، التي ترى أن الزيارة الأخيرة "تتوافق مع كل ما قاله سابقاً وتاريخه، وأيديولوجيته، ومعتقداته الدينية. لديه قضيةٌ حاضرةٌ في ذهنه"، كما توضح.
فكيف تمكن شخص كان ينشط لسنوات طويلة ضمن هوامش المجتمع الإسرائيلي، من أن يتصدر هذا المشهد المؤثر؟
صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة،
يرجع صعود بن غفير إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي جزئياً إلى دعم الشباب الإسرائيلي اليميني
جدل مستمر
تُرجع الدكتورة فلايشمان السبب إلى عاملين رئيسيين: آلية عمل النظام الانتخابي الإسرائيلي، والوضع الراهن في غزة.
فقد مُنح بن غيفر حقيبة الأمن القومي الرئيسية في الحكومة الإسرائيلية عام 2022، بعد الانتخابات التشريعية التي فاز فيها حزبه اليميني المتطرف، "عوتسما يهوديت" أو "القوة اليهودية"، بالشراكة مع حزب يميني متطرف آخر، وهو "الصهيونية الدينية"، بـ 14 مقعداً.
واستقطب بن غفير دعم الشباب الإسرائيلي اليميني، وانضم إلى ائتلاف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي كان بحاجة إلى أصوات للبقاء في السلطة. كما يُنظر لبن غفير على أنه يتمتع بنفوذ أيديولوجي كبير على الحكومة.
وتقول الدكتورة فلايشمان: "لقد مثّلت غزة فرصة حقيقية، لأن نتنياهو يريد التشبث بالسلطة، ولتحقيق ذلك، فقد منح نفوذاً متزايداً لصانعي الملوك - الذين يضمنون بقاءه في السلطة نوعاً ما".
ووُلد بن غفير في القدس لعائلة من أصول عراقية عام 1976، ولم يخدم في الجيش الإسرائيلي عندما كان في سن الثامنة عشرة، وهو ما كان يُعتبر - في العادة - عائقاً انتخابياً رئيسياً في طريقه. لكنه قال سابقاً إن الجيش الإسرائيلي لم يسمح بانضمامه بسبب آرائه السياسية.
وتبلور موقف بن غفير الأيديولوجي المتشدد من خلال انخراطه منذ صغره في حركة كاخ المتطرفة، التي أسسها الحاخام مائير كاهانا الذي اغتيل في نيويورك عام 1990.
وهي الحركة السياسية الإسرائيلية الوحيدة التي صُنفت رسمياً كمنظمة إرهابية، وحُظرت في كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
وتبنت الحركة أيديولوجيات قومية متشددة ومعادية للفلسطينيين، وقد قَتل أحد مؤيديها، وهو الطبيب الأمريكي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، ما لا يقل عن 29 فلسطينياً في المسجد الإبراهيمي عام 1994.
ويُقال إن صورة غولدشتاين معلّقة في منزل بن غفير، وقد اتُهم بن غفير نفسه بالتحريض على أعمال عنف ضد الفلسطينيين وبارتكابها، ثماني مرات، بما في ذلك إدانته عام 2007 بالتحريض على الكراهية العنصرية ودعم المنظمات الإرهابية.
وبحسب معتقدات بن غفير، فإن إسرائيل دولة قومية يهودية صهيونية، كما يعارض قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وفي الماضي، أيّد بن غفير عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، ودعا إلى الطرد القسري للمواطنين العرب "غير الموالين لإسرائيل" من البلاد، وفقاً لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
ومنذ انضمامه إلى الحكومة، دعا في أكثر من مناسبة إلى احتلال إسرائيل لقطاع غزة بأكمله، وتشجيع ما وصفه بـ"الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من القطاع.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت أستراليا والنرويج وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة عن عقوبات مشتركة ضد بن غفير، إلى جانب وزير يميني متطرف آخر، هو بتسلئيل سموتريتش، بسبب "التحريض المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين" في الضفة الغربية المحتلة.
وفي الشهر التالي، منعت هولندا وسلوفينيا بن غفير من دخول البلدين، وأشارتا إلى انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والوضع المتدهور المستمر في غزة.
ومع ذلك، يواصل بن غفير اتخاذ موقف متشدد بشأن القضايا الأمنية.
وفي أعقاب الهجوم الصاروخي الإيراني على مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع في يونيو/حزيران، دعا بن غفير إلى إلحاق "هزيمة" بـ"كل من يكره دولة إسرائيل" و"إبادة" النظام في إيران.
صدر الصورة، Reuters
التعليق على الصورة،
قام بن غفير بزيارة الحرم القدسي عدة مرات ما أثار جدلاً واسعاً
أكثر اعتدالاً، أم أكثر تطرفاً؟
ومنذ انضمامه إلى الحكومة الحالية عام 2022، بدا أن بن غفير يسعى لإعادة تصوير نفسه كسياسي تقليدي.
ووصف ذات مرة مسيرات الفخر لمجتمع الميم عين، بأنها "مكروهة". أما الآن، فهو يقول إنه سيقبلهم إذا كان أحد أبنائه الستة ينتمي إليهم، لكنه يُصر على أن الزواج في إسرائيل يجب أن يبقى خاضعاً لقيود الدين اليهودي الأرثوذكسي.
فهل يمكن اعتبار تحركات بن غفير هذه محاولة لتوسيع قاعدة دعمه محلياً، مع التركيز على ما سيأتي بعد نتنياهو؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : على فوهة البركان
الأربعاء 6 أغسطس 2025 10:40 مساءً نافذة على العالم تعيش المنطقة لحظة هي الأخطر منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر قبل الماضي. التطورات الأخيرة تشير إلى انتقال إسرائيل من منطق العمليات محدودة الأهداف السياسية إلى الاستعداد للحرب الشاملة. قرار نتنياهو احتلال قطاع غزة بالكامل رغم تحذيرات جيشه من الكلفة البشرية والعسكرية الهائلة يأتي في إطار التصعيد المجنون الذي قد يقود المنطقة كلها إلى الانفجار. كل الحسابات المنطقية تشير إلى تهور الخطوة التي يستعد نتنياهو لاتخاذها. لكن الدوافع الحقيقية لا تكون بالضرورة معلنة في مشهد يكشف عمق الأزمة داخل إسرائيل حول الإجراء، اعترض رئيس الأركان الصهيوني أيال زامير على قرار احتلال قطاع غزة نظرا لخطورته، فما كان من نتنياهو الذي بدا وكأنه يعتبر القرار مسألة مصيرية هدد رئيس أركانه: نفذ القرار أو قدم استقالتك ضوء أخضر أمريكي من ترامب يبدو أنه وراء اندفاع نتنياهو نحو إعادة احتلال القطاع متعللا بأن الحرب لن تتوقف إلا بتحقيق ثلاثة أهداف: تدمير حماس نهائيا، تحرير الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل مستقبلا. هذه هي أهداف نتنياهو المعلنة، أما الهدف الحقيقي من وراء إعادة احتلال غزة هو بدء تنفيذ مخطط التهجير القسري سياسة التجويع التي اتبعها الاحتلال الإسرائيلي لم تدفع أهالي غزة لهجرة القطاع لكنها لطخت سمعة الحكومات الغربية وضاعفت الضغوط الشعبية، كما أن مشهد الأسرى الإسرائيليين الذي يعانون المجاعة شأنهم في ذلك شأن الغزاويين أضاف بُعدا جديدا للضغط الدولي. ما يشير إلى نية الصهاينة لتصفية القضية الفلسطينية، أن الضفة الغربية تشهد حاليا بالتوازي مع التصعيد في غزة، حدثا غير مسبوق منذ نكسة 1967. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قاد اقتحاما ضخما بمشاركة آلاف المستوطنين، وأقام صلاة تلمودية كاملة داخل ساحات الأقصى، في كسر واضح للوضع القائم التاريخي والقانون المستمر منذ العهد العثماني. هذه الخطوة تمثل إعلانا عمليا بأن إسرائيل لم تعد تعترف بالخطوط الحمراء، وتتعامل مع الأقصى باعتباره هدفا مشروعا، في تمهيد مباشر لهدمه وإقامة "الهيكل الثالث" الذي يقوم عليه الفكر الصهيوني اليميني المتطرف. هذه الجريمة كفيلة بأن تنتقل بالمنطقة إلى مستوى جديد من التصعيد. الثابت تاريخيا أن الشعوب الإسلامية قد تصبر على الاحتلال والجوع والاستبداد، لكنها تنتفض فور المساس بالمقدسات الإسلامية. سيناريو هدم المسجد الأقصى سيؤدي حتما إلى ولادة تنظيمات أكثر تطرفا من كل التنظيمات الإرهابية التي استغلت القضية الفلسطينية لشرعنة وجودها. لو تعلم الحكومات العربية ما ينتظر المنطقة من أحداث كارثية حال نجاح إسرائيل في تنفيذ مخططاتها ما سمحت أبدا لدولة الاحتلال بالتمادي في هذا الجنون، لكن المؤسف، ورغم خطورة التطور، فإن ردود الفعل العربية والإسلامية بقيت محدودة، ما يعكس حالة شلل استراتيجي في مواجهة أكثر التهديدات وضوحًا للأمن القومي العربي والهوية الإسلامية. لقد انعدمت ردود الفعل العربية إلا من خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي شكل تحولا كبيرا في الموقف المصري المعلن، مؤكدا على تعبير "الإبادة الجماعية" لوصف ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وكرر الاتهام ثلاث مرات بشكل صريح: الحرب في غزة تجاوزت أي منطق أو مبرر وأصبحت حربا للتجويع والإبادة الجماعية وأيضا تصفية القضية الفلسطينية.. نرى أن هناك إبادة ممنهجة في القطاع.. هناك إبادة ممنهجة لتصفية القضية." هذا الخطاب بمثابة خطوة سياسية وقانونية مهمة، ويعيد تعريف الصراع في لغة المجتمع الدولي من نزاع مسلح إلى "جريمة إبادة ممنهجة"، ويعكس مدى التعثر التفاوضي وخطورة المخطط الإسرائيلي لفرض التهجير والاحتلال الكامل. حديث الرئيس السيسي يوجه الرسالة الصحيحة في الوقت المناسب، لكن المطلوب اليوم هو "مضاعفة هذه الرسالة وتوسيع نطاقها" مستفيدين من موجة التعاطف الشعبي الدولي والغضب الرسمي تجاه إسرائيل، عبر خطة عمل متكاملة تشمل: أولا تكثيف الرسالة الإعلامية عبر تكرارها في تصريحات رسمية من كبار المسؤولين والناطقين باسم الدولة، وباستخدام نقاط حديث منسقة ومتجددة تناسب تطورات الأحداث. ثانيا: تحريك السفارات المصرية عالميا لتكثيف المقابلات والاتصالات مع الحكومات والبرلمانات والشخصيات العامة والصحافة والمجتمع المدني، ليس فقط لتوضيح الموقف المصري، بل للمطالبة بمواقف وتحركات محددة تجاه إسرائيل. ثالثا: تفعيل التحرك الجماعي بالعمل مع الدول العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز، والتنسيق مع مجموعة لاهاي ومؤتمر بوجوتا، والضغط على الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لتطوير مواقفهما بما يتناسب مع حجم الجرائم الإسرائيلية. رابعا: مضاعفة الضغط الأممي عبر أجهزة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية والإقليمية لاستصدار قرارات، وتشكيل لجان تحقيق، واتخاذ إجراءات عملية تجاه إسرائيل. خامسا: التحرك القانوني المباشر سواء بالانضمام الى القضايا المرفوعة حاليا أمام محكمة العدل الدولية، أو رفع دعاوى جديدة بشأن الجرائم المستجدة في غزة أو الانتهاكات الإسرائيلية لالتزاماتها تجاه مصر. ليس بعد حرق الزرع جيرة كما يقول المثل الشعبي، وإسرائيل بمخططاتها تمثل التهديد الأول للأمن القومي المصري وأمن الإقليم كله هذه الخطوات تمثل الحد الأدنى للتحرك الفاعل، دون التلويح بالعمل العسكري، ومن شأنها أن تعزز الموقف المصري والعربي أمام المجتمع الدولي، وتضع إسرائيل تحت ضغط سياسي وقانوني متصاعد، وتنفي المزاعم حول أن الدول العربية صامتة لأنها متواطئة مع مخططات الاحتلال. هذه ليست لحظة بيانات أو حسابات ضيقة، بل لحظة تحرك دبلوماسي وقانوني وإعلامي مكثف، لإيقاف التوحش الإسرائيلي، وحماية الأمن القومي المصري والعربي، ومنع تغيير معالم المنطقة للأبد.


الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
على فوهة البركان
تعيش المنطقة لحظة هي الأخطر منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر قبل الماضي. التطورات الأخيرة تشير إلى انتقال إسرائيل من منطق العمليات محدودة الأهداف السياسية إلى الاستعداد للحرب الشاملة. قرار نتنياهو احتلال قطاع غزة بالكامل رغم تحذيرات جيشه من الكلفة البشرية والعسكرية الهائلة يأتي في إطار التصعيد المجنون الذي قد يقود المنطقة كلها إلى الانفجار. كل الحسابات المنطقية تشير إلى تهور الخطوة التي يستعد نتنياهو لاتخاذها. لكن الدوافع الحقيقية لا تكون بالضرورة معلنة في مشهد يكشف عمق الأزمة داخل إسرائيل حول الإجراء، اعترض رئيس الأركان الصهيوني أيال زامير على قرار احتلال قطاع غزة نظرا لخطورته، فما كان من نتنياهو الذي بدا وكأنه يعتبر القرار مسألة مصيرية هدد رئيس أركانه: نفذ القرار أو قدم استقالتك ضوء أخضر أمريكي من ترامب يبدو أنه وراء اندفاع نتنياهو نحو إعادة احتلال القطاع متعللا بأن الحرب لن تتوقف إلا بتحقيق ثلاثة أهداف: تدمير حماس نهائيا، تحرير الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل مستقبلا. هذه هي أهداف نتنياهو المعلنة، أما الهدف الحقيقي من وراء إعادة احتلال غزة هو بدء تنفيذ مخطط التهجير القسري سياسة التجويع التي اتبعها الاحتلال الإسرائيلي لم تدفع أهالي غزة لهجرة القطاع لكنها لطخت سمعة الحكومات الغربية وضاعفت الضغوط الشعبية، كما أن مشهد الأسرى الإسرائيليين الذي يعانون المجاعة شأنهم في ذلك شأن الغزاويين أضاف بُعدا جديدا للضغط الدولي. ما يشير إلى نية الصهاينة لتصفية القضية الفلسطينية، أن الضفة الغربية تشهد حاليا بالتوازي مع التصعيد في غزة، حدثا غير مسبوق منذ نكسة 1967. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قاد اقتحاما ضخما بمشاركة آلاف المستوطنين، وأقام صلاة تلمودية كاملة داخل ساحات الأقصى، في كسر واضح للوضع القائم التاريخي والقانون المستمر منذ العهد العثماني. هذه الخطوة تمثل إعلانا عمليا بأن إسرائيل لم تعد تعترف بالخطوط الحمراء، وتتعامل مع الأقصى باعتباره هدفا مشروعا، في تمهيد مباشر لهدمه وإقامة "الهيكل الثالث" الذي يقوم عليه الفكر الصهيوني اليميني المتطرف. هذه الجريمة كفيلة بأن تنتقل بالمنطقة إلى مستوى جديد من التصعيد. الثابت تاريخيا أن الشعوب الإسلامية قد تصبر على الاحتلال والجوع والاستبداد، لكنها تنتفض فور المساس بالمقدسات الإسلامية. سيناريو هدم المسجد الأقصى سيؤدي حتما إلى ولادة تنظيمات أكثر تطرفا من كل التنظيمات الإرهابية التي استغلت القضية الفلسطينية لشرعنة وجودها. لو تعلم الحكومات العربية ما ينتظر المنطقة من أحداث كارثية حال نجاح إسرائيل في تنفيذ مخططاتها ما سمحت أبدا لدولة الاحتلال بالتمادي في هذا الجنون، لكن المؤسف، ورغم خطورة التطور، فإن ردود الفعل العربية والإسلامية بقيت محدودة، ما يعكس حالة شلل استراتيجي في مواجهة أكثر التهديدات وضوحًا للأمن القومي العربي والهوية الإسلامية. لقد انعدمت ردود الفعل العربية إلا من خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي شكل تحولا كبيرا في الموقف المصري المعلن، مؤكدا على تعبير "الإبادة الجماعية" لوصف ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وكرر الاتهام ثلاث مرات بشكل صريح: الحرب في غزة تجاوزت أي منطق أو مبرر وأصبحت حربا للتجويع والإبادة الجماعية وأيضا تصفية القضية الفلسطينية.. نرى أن هناك إبادة ممنهجة في القطاع.. هناك إبادة ممنهجة لتصفية القضية." هذا الخطاب بمثابة خطوة سياسية وقانونية مهمة، ويعيد تعريف الصراع في لغة المجتمع الدولي من نزاع مسلح إلى "جريمة إبادة ممنهجة"، ويعكس مدى التعثر التفاوضي وخطورة المخطط الإسرائيلي لفرض التهجير والاحتلال الكامل. حديث الرئيس السيسي يوجه الرسالة الصحيحة في الوقت المناسب، لكن المطلوب اليوم هو "مضاعفة هذه الرسالة وتوسيع نطاقها" مستفيدين من موجة التعاطف الشعبي الدولي والغضب الرسمي تجاه إسرائيل، عبر خطة عمل متكاملة تشمل: أولا تكثيف الرسالة الإعلامية عبر تكرارها في تصريحات رسمية من كبار المسؤولين والناطقين باسم الدولة، وباستخدام نقاط حديث منسقة ومتجددة تناسب تطورات الأحداث. ثانيا: تحريك السفارات المصرية عالميا لتكثيف المقابلات والاتصالات مع الحكومات والبرلمانات والشخصيات العامة والصحافة والمجتمع المدني، ليس فقط لتوضيح الموقف المصري، بل للمطالبة بمواقف وتحركات محددة تجاه إسرائيل. ثالثا: تفعيل التحرك الجماعي بالعمل مع الدول العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز، والتنسيق مع مجموعة لاهاي ومؤتمر بوجوتا، والضغط على الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لتطوير مواقفهما بما يتناسب مع حجم الجرائم الإسرائيلية. رابعا: مضاعفة الضغط الأممي عبر أجهزة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية والإقليمية لاستصدار قرارات، وتشكيل لجان تحقيق، واتخاذ إجراءات عملية تجاه إسرائيل. خامسا: التحرك القانوني المباشر سواء بالانضمام الى القضايا المرفوعة حاليا أمام محكمة العدل الدولية، أو رفع دعاوى جديدة بشأن الجرائم المستجدة في غزة أو الانتهاكات الإسرائيلية لالتزاماتها تجاه مصر. ليس بعد حرق الزرع جيرة كما يقول المثل الشعبي، وإسرائيل بمخططاتها تمثل التهديد الأول للأمن القومي المصري وأمن الإقليم كله هذه الخطوات تمثل الحد الأدنى للتحرك الفاعل، دون التلويح بالعمل العسكري، ومن شأنها أن تعزز الموقف المصري والعربي أمام المجتمع الدولي، وتضع إسرائيل تحت ضغط سياسي وقانوني متصاعد، وتنفي المزاعم حول أن الدول العربية صامتة لأنها متواطئة مع مخططات الاحتلال. هذه ليست لحظة بيانات أو حسابات ضيقة، بل لحظة تحرك دبلوماسي وقانوني وإعلامي مكثف، لإيقاف التوحش الإسرائيلي، وحماية الأمن القومي المصري والعربي، ومنع تغيير معالم المنطقة للأبد.


وكالة شهاب
منذ 5 ساعات
- وكالة شهاب
حماس: الأقصى يتعرض لحملة تهويد مسعورة والاحتلال يستهدف أئمته وخطبائه
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الأربعاء، إن المسجد الأقصى المبارك يتعرض لـ"حملة تهويد مسعورة" تقودها حكومة الاحتلال والمستوطنون، في إطار محاولات فرض السيطرة الكاملة على الحرم القدسي الشريف. وأكدت الحركة في تصريحات عاجلة، أن قرار الاحتلال إبعاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين عن المسجد الأقصى يُعد "إجراءً تعسفيًا"، يندرج ضمن سلسلة الاعتداءات الممنهجة على الرموز الدينية في المدينة المحتلة. وأوضحت "حماس" أن الاحتلال يُصعّد من استهداف أئمة وخطباء الأقصى، عبر سياسات الاعتقال والإبعاد، في محاولة لتفريغ المسجد من هويته الإسلامية وقياداته الروحية. ودعت الحركة جماهير الأمة العربية والإسلامية إلى "التحرك العاجل لحماية المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية من مخاطر التهويد والعدوان المتواصل"، مشددة على أن "الأقصى أمانة في أعناق المسلمين جميعًا، والدفاع عنه واجب ديني وقومي".