
تياران ثقافيان متناقضان بإيران.. مقاومة العدوان الإسرائيلي أم الدعوة لتغيير النظام؟
في خضم التصعيد العسكري المتبادل وغير المسبوق بين إسرائيل وإيران، انقسم صوت المثقفين الإيرانيين إلى تيارين متباينين، عبّرا عن مواقف متناقضة في الشكل، لكنها متقاطعة في القلق على مصير البلاد ومستقبلها.
ففي حين اختار تيار من الأكاديميين والمفكرين المعارضين إعلان تضامنهم مع "وطنهم الذي يتعرض لعدوان خارجي"، مؤكدين أن خلافهم مع النظام شأن داخلي لا يبرر "السكوت في وجه المعتدي"، ذهب تيار آخر من الناشطين إلى التحذير من "تهور عسكري"، داعين لوقف تخصيب اليورانيوم، وإنهاء النزاع، بل والمطالبة الصريحة بـ"تنحي القيادة الإيرانية".
"إيران وطننا.. ولنا صوت واحد ضد المعتدي"
في بيان وقّعه عدد من كبار المثقفين الإيرانيين المعارضين، بينهم المفكر عبد الكريم سروش، والأكاديمي حميد دباشي، دعوا إلى التكاتف في وجه العدوان الإسرائيلي الذي وصفوه بـ"الزائف والدموي"، مؤكدين أن خلافهم مع الحكومة لا يبرر الصمت أمام ما يحدث.
وقال البيان "العدو لا يقاتل بالسلاح فقط، بل يخترع الأكاذيب، ويستهدف الأفكار، ويستهدف روح الأمة. علينا أن نكون يقظين، ونعترف بالحقيقة، ونسكت عن الشائعات، ونساند المتضررين، ونقرب القلوب. اليوم، أكثر من أي وقت مضى، التضامن الوطني هو السبيل لتجاوز هذه الظلمة".
وفي رسالتهم الموجهة إلى صانعي القرار، طالب الموقعون بالعقلانية وتغليب الحكمة، قائلين: "في هذا الطريق الصعب، يتطلع الجميع إلى حكمة وبصيرة صانعي القرار في البلاد. التوقع السائد هو أن يُرسم طريق المستقبل بالاعتماد على العقلانية، والحفاظ على الكرامة الوطنية، وتجنب الانفعالات".
وأضافوا "إن الخيار بين الحرب أو التفاوض، أيًّا كان، إذا ما اقترن بموازنة المصالح الوطنية ومصالح الشعب وقوة البلاد الحقيقية، كفيلٌ بتمهيد الطريق للأمن والاستقرار ومستقبل مشرق لإيران".
واعتبر البيان أن التهديد الحالي ليس فقط خارجيًّا، بل هو "نتيجة طبيعية لضعف الإدارة، والاستبداد، والفساد، والنفوذ الداخلي"، محذرًا من تآكل الثقة العامة وتراجع رأس المال الاجتماعي.
ودعا بيان المثقفين السلطة إلى تقدير "هذا الشعب الصبور" الذي هو "ركيزة إيران الصلبة"، مخاطبًا المسؤولين بالقول: "لا تُبعدوا المنتقدين. المتملقون أساس التسلط؛ أما المنتقدون المتعاطفون فهم ركائز الأمن. إذا كانت الوحدة سر النصر، فعلى الحكام أن يبادروا بها".
ونصح البيان السلطات "تقبلوا تنوع الأمة، واستغلوا جميع الطاقات الاجتماعية لإنقاذ إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الدبلوماسية والاستفادة من القدرة على الحوار مع العالم يمكن أن يكون وسيلة ذكية لتعزيز الموقف الوطني وتجاوز الأزمة".
تيار مضاد: لا للحرب.. ولا لتخصيب اليورانيوم
في المقابل، نشر عدد من الناشطين والمثقفين والفنانين الإيرانيين البارزين، مقال رأي مشتركا في صحيفة لوموند الفرنسية، دعوا فيه إلى وقف فوري لتخصيب اليورانيوم، وإنهاء الحرب المدمرة بين إيران وإسرائيل، معتبرين أن استمرار النزاع لا يخدم الشعب الإيراني ولا الإنسانية جمعاء.
وجاء في المقال، الذي وقّع عليه مخرجون حاصلون على جوائز عالمية مثل جعفر بناهي ومحمد رسولوف، إلى جانب الحائزتين على جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي ونرجس محمدي، أن " تخصيب اليورانيوم ليس في مصلحة الشعب الإيراني، ولا يجب التضحية به من أجل طموحات نظام استبدادي".
وطالب الموقعون القيادة الإيرانية، وعلى رأسها علي خامنئي، بالتنحي الفوري، معتبرين أن السلطات الحالية "عاجزة عن حل الأزمات الداخلية أو إدارة التوترات الخارجية". وقالوا: "الطريق الوحيد لإنقاذ إيران وشعبها هو رحيل هؤلاء القادة".
ورغم التناقض الجذري في موقف الفريقين -الداعي للمواجهة والدفاع والمحذر من الانجرار إلى نزاع شامل- فإن القاسم المشترك بين الفريقين يتمثل في الإجماع على خطورة المرحلة الراهنة، وعلى الحاجة الماسة إلى مقاربة عقلانية، تحفظ البلاد من الانهيار، وتمنع تغليب منطق القوة على صوت الشعب ومصالحه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 22 دقائق
- الجزيرة
5 مدمرات أميركية في المنطقة لحماية إسرائيل و"نيميتز" تصل خلال ساعات
وصلت مدمرة أميركية إلى شرق البحر المتوسط لتنضم إلى 3 مدمرات أخرى هناك واثنتين في البحر الأحمر، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، في سياق حشد أميركي للقدرات العسكرية من أجل مساندة إسرائيل التي تشن حربا على إيران منذ أسبوع. في الوقت نفسه، شارفت حاملة الطائرات الأميركية "نيميتز" على الوصول إلى الشرق الأوسط بعدما غادرت بحر جنوب الصين، ومن المتوقع أن تصل غدا السبت أو بعد غد الأحد، وفقا لما نقلته قناة "فوكس نيوز" عن مسؤول أميركي. يأتي هذا في وقت يبحث فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخاذ قرار بالدخول المباشر في الحرب إلى جانب إسرائيل، وقد أعلن البيت البيض أمس الخميس أن الرئيس سيحسم الأمر خلال أسبوعين. ونقلت وول ستريت جورنال، اليوم الجمعة، عن مسؤول دفاعي أميركي قوله إن "مدمراتنا على مقربة من إسرائيل بما يسمح لها باعتراض صواريخ إيران". ووفقا لما أوردته الصحيفة، فإن إسرائيل قد تستنفد مخزونها من صواريخ "آرو 3" (حيتس) الاعتراضية إذا واصلت إيران إطلاق الصواريخ. وتشن إسرائيل حربا على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين، وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية.


الجزيرة
منذ 31 دقائق
- الجزيرة
محادثات إيرانية أوروبية بجنيف وعراقجي: لا حوار مع واشنطن
بدأت اليوم الجمعة في جنيف بسويسرا محادثات حول البرنامج النووي الإيراني بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظرائه في الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، على وقع الحرب المتواصلة لليوم الثامن بين إيران وإسرائيل. ويهدف اللقاء -الذي قالت وسائل إعلام أميركية إنه يعقد بالتنسيق مع واشنطن- إلى إقناع إيران بتقديم ضمانات قوية بأن برنامجها النووي سيكون لأغراض مدنية فقط. ويلي ذلك حوار تقني على مستوى الخبراء. وقال عراقجي إن المفاوضات -التي حضرتها ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية والخارجية كايا كالاس – تقتصر على الملف النووي والملفات الإقليمية. وأضاف أن قدرات إيران الصاروخية غير قابلة للتفاوض مع أي طرف، وهي تهدف إلى حماية البلاد وتحقيق الردع. وجدد رفض بلاده إجراء أي حوار مع الولايات المتحدة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي عليها، مضيفا في مقابلة تلفزيونية أن واشنطن أرسلت رسائل جدية للتفاوض، لكن طهران رفضتها، مؤكدًا أن بلاده تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية المشاركة في الجرائم والعدوان الإسرائيلي على أراضيها. وقال عراقجي إن إسرائيل "هاجمت منشآتنا النووية السلمية رغم أنها تحت الرقابة الدولية، لذلك نطالب الموقعين على اتفاق جنيف بتحمل المسؤولية حيال العدوان الإسرائيلي علينا". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن أن الأوروبيين سيقدمون عرضا تفاوضيا شاملا لإيران يشمل مسألة تمويل حلفائها في الشرق الأوسط، كما صرح بأن الدول الأوروبية تأمل في تقديم "حل دبلوماسي" لوضع حد للحرب في المحادثات. وتهدف المحادثات -وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي ألماني- إلى إقناع الجانب الإيراني بتقديم ضمانات قاطعة بأنه سيستخدم برنامجه النووي للأغراض المدنية فقط. وألغيت الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران -والتي كان من المقرر عقدها في سلطنة عمان- بعدما بدأت إسرائيل هجماتها غير المسبوقة على الأراضي الإيرانية مستهدفة منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية وأحياء سكنية. الموقف الإسرائيلي وفي المعسكر المقابل، قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان بشأن محادثات جنيف إنه "إذا كانت مجرد جولة أخرى من المحادثات فهذا أمر لا يمكننا قبوله"، مؤكدا على "الحاجة إلى جهود حقيقية لتفكيك قدرات إيران". وفي السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن اجتماعا عبر الفيديو عُقد أمس الخميس بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، وشارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، إضافة إلى جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي ووزير الدفاع بيت هيغسيث. وقال البيت الأبيض أمس الخميس إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتخذ قرارا خلال الأسبوعين المقبلين بشأن ما إذا كان سيتدخل لدعم إسرائيل. ومنذ فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل هجمات غير مسبوقة على إيران شملت قصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وبلغ عدد الضحايا الإيرانيين 224 قتيلا و1277 جريحا، معظمهم مدنيون، ومن جانبها ترد طهران ب صواريخ باليستية و طائرات مسيّرة خلفت نحو 25 قتيلا إسرائيليا وأكثر من 2500 جريح، وفق بيان وزارة الصحة الإسرائيلية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
حرب إسرائيلية إيرانية.. هل تتدخل أميركا؟
شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا خطيرا بين إسرائيل وإيران، بدأ بهجوم إسرائيلي واسع داخل الأراضي الإيرانية استهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة، وأسفر عن مقتل عدد من العلماء والضباط الكبار. اقرأ المزيد المصدر: الجزيرة