logo
"أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟

"أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟

BBC عربية٣١-٠٧-٢٠٢٥
ولد نضال مع توأمه سليم في السابع والعشرين من فبراير/شباط 2025 في قطاع غزة، ولم تبصر عيونهما غير المدركة لما يجري، سوى الحرب، حتى حليب والدتهما، كان من الصعب أن توفره لهما في ظل شح الطعام وصعوبة الوصول إليه، مما أفقدها القدرة على الإرضاع الطبيعي، يقول والدهما منذر شراب.
وفي السادس والعشرين من يونيو/حزيران، لم يتمكن جسد نضال الصغير من استكمال الحياة في ظل عدم سهولة توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي "بسبب سوء التغذية الحاد"، يشرح منذر.
ويوضح والد نضال لبي بي سي أنه حاول قبل أسبوعين من وفاة طفله أن يحصل على حليب من عدة مستشفيات وجهات طبية وجمعيات خيرية في القطاع لكن دون جدوى.
في اللحظات الأخيرة من عمر نضال، في ذلك اليوم تحديداً تمكن الأب من الحصول على مساعدة وجدها غير كافية من إحدى الجهات الطبية الدولية، لكن وبعد منتصف الليل ساءت حالة طفله.
يصف الأب تلك الليلة باكياً: "خرجت من خيمتي أحمل طفلي، لا يوجد وسائل نقل ولم أجد من يساعدني، حتى وصلت إلى المستشفى الكويتي، وهناك أخبروني أن طفلي فارق الحياة وعلي أن أحمل جسده إلى مستشفى ناصر الطبي لإتمام إجراءات الوفاة".
يعيش منذر (34 عاماً) النازح مع عائلته، في خيمة في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة.
بعد وفاة الطفل نضال انتشر مقطع فيديو لعائلته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يبكون ابنهم الذي مات من الجوع، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وارتفاع أسعار الكميات النادرة من السلع الغذائية في القطاع - إن وُجدت.
إلا أن ما حصل لاحقاً لا يقل سوءاً بالنسبة لمنذر، الذي لا يملك دخلاً منذ فقدانه عمله بعد بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يستطيع حتى اليوم توفير الطعام الكافي لعائلته المكونة حالياً من زوجته وأطفاله الخمسة ووالدته وشقيقه الذي يعاني من إعاقة.
"كان عندي أربعة أولاد وابنتان، لكن بعد وفاة نضال أصبح لدي ثلاثة أولاد وابنتان"، يعاني سليم توأم نضال صحياً من سوء التغذية الحادة وكذلك الحال بالنسبة لطفلته البالغة من العمر سنة وستة أشهر إذ أخذت صحتها بالتراجع أيضاً، وفق والدهما.
ويوضح منذر لـبي بي سي أن علبة الحليب سابقاً "كان سعرها بحدود 25 شيكل (العملة الإسرائيلية) -أي ما يعادل نحو 7 دولارات-، أما اليوم فسعرها يصل إلى نحو 200 شيكل -ما يعادل 60 دولاراً-".
ويشير منذر إلى أنه حتى لو توفر ثمن الحليب في ظل قلة السيولة المالية، فإنه من الصعب أيضاً العثور عليه لندرته في القطاع.
لم نتمكن من الحصول على تفسير من طبيب اطلع على حالة الطفل نضال قبل وفاته.
إلا أن مديرة أنشطة التمريض في منظمة أطباء بلا حدود جاك لاتور التي تعمل في عيادتين للرعاية الصحية الأولية إضافة إلى مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع، قالت إنها وثّقت حالات نقص تغذية شديد بين الأطفال.
وتضيف أنه "يجب أن نتحدث عن حقيقة أن سوء التغذية في حد ذاته انتشر بشكل كبير في كامل قطاع غزة. كل مؤشر غذائي يظهر لنا أن هناك تراجعاً حاداً بين جميع الفئات العمرية من حيث الوزن المتوسط، ومحيط الذراع العلوي المتوسط، وهو المقياس الذي نستخدمه لقياس سوء التغذية".
لاتور التي تقيم في غزة منذ قرابة 8 أسابيع، تقول إن "طفلان توفيا الأسبوع الماضي بسبب نقص تغذية حاد فور وصولهما إلى الطوارئ في مستشفى ناصر".
وتوضح أنه لعلاج الطفل من نقص التغذية "نحتاج إلى بقائه في المستشفى من أسبوع إلى أسبوعين حتى تستقر حالته، مع توفير مكملات غذائية خاصة، وهذا علاج طبي عالمي معتمد من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. نوفر حليباً خاصاً ليس لزيادة الوزن بشكل سريع، بل لتثبيت الأيض، لأن تقديم كميات كبيرة بسرعة يمكن أن يرهق الجسم ويؤدي إلى رفض الحليب، مما يسبب إسهالاً وقيئاً قد يؤدي إلى جفاف حاد وخطر على حياة الطفل. ونعالج المضاعفات الطبية التي أدت إلى دخول الطفل للمستشفى، والتي غالباً ما تكون مرتبطة بالإسهال والقيء الناتجين عن سوء المياه والتلوث".
كما ينقل تقرير حديث نشره برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن غزة "تواجه خطر المجاعة الشديد، إذ وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء، وسوء التغذية إلى أسوأ مستوياتها منذ بدء الصراع".
وتشير البيانات إلى أن أكثر من ثلث الفلسطينيين في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية دون طعام، في حين يعاني أكثر من 500 ألف شخص من "ظروف شبيهة بالمجاعة".
ويضيف التقرير أن "تضاعف معدل سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة أربع مرات في غضون شهرين، ليصل إلى 16.5 في المئة، مما يشير إلى تدهور حاد في التغذية وارتفاع حاد في خطر الوفاة بسبب الجوع وسوء التغذية".
ولا يذكر التقرير أعداد الأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب الجوع ويعزو ذلك إلى صعوبة الحصول على بيانات موثوقة في ظل الظروف الحالية في غزة، وتعرض النظم الصحية للدمار.
"خبز وماء"
"لم نتناول اللحم أو الدجاج منذ اختراق وقف إطلاق النار الأخير، آخر مرة تناولناها في رمضان"، تقول هبة ويليام (36 عاماً) الأم لـ 3 أولاد وابنة، أكبرهم 14 عاماً وأصغرهم طفلتها ذات الخمسة أعوام.
بقيت هبة مع أطفالها وزوجها في منزلهم في النصيرات الوسطى قرب محور نتساريم، لكن نزح عدد من أفراد العائلة الممتدة، وأصبح مجموع من يعيشون في المنزل 18 شخصاً.
رغم ذلك تشرح هبة أن كل عائلة صغيرة داخل المنزل مسؤولة عن تحصيل الطعام الخاص بها، نظراً "لصعوبة توفير الطعام والغلاء الفاحش".
وفي غالبية الأحيان، تكتفي عائلة هبة المكونة من 6 أفراد، بكيلو غرام من الطحين يومياً، بما يوفر رغيفي خبز لكل فرد طوال اليوم. وتضطر في بعض المرات هي وزوجها للتنازل عن حصتهم الثانية من الخبز تحسباً لشعور أحد الأطفال بالجوع في صباح اليوم التالي.
"نصنع من الطحين خبزاً، أحياناً الأطفال يحمصونه ويأكلونه جافاً وأحياناً عند توفر الدقة [تشبه الزعتر المطحون] يضعونها في الخبز حسب المتاح. لكن المهم هو توفر الخبز. تقريباً نحن نعيش على الماء والخبز لأن باقي الأشياء حتى لو توفرت لا يوجد إمكانية مادية لشرائها"، تقول هبة.
يشار أيضاً إلى أن قطاع غزة يعاني من أزمة في توفر المياه منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتضيف هبة: أحياناً يتوفر العدس، نصنع منه ما هو شبيه بـ "الدقة الغزاوية"، أما خبز العدس فلم يتقبله الأطفال. بالنسبة للفواكه والخضار فهي غير متوفرة أيضاً. تتذكر أنها تمكنت من الحصول على كيلو غرام من العنب لأطفالها الشهر الماضي، لكن فيما عدا ذلك فإنهم لم يتناولوا الفواكه منذ شهر رمضان، أي قبل نحو أربعة أشهر.
وفي السوق لا تجد هبة أياً من الأجبان أو الحليب أو البيض، ومن النادر توفر الخضراوات التي يتمكنون من شرائها عند انخفاض سعرها، لافتة إلى أن زوجها تحول عمله من باحث اجتماعي قبل الحرب، إلى مراقب عمال نظافة في شركة خاصة بعد الحرب، ولا يتقاضى راتباً ثابتاً، فيما لا يتجاوز دخله 1200 شيكل شهرياً - أي ما يعادل 353 دولاراً - بينما لم يعد لدى هبة المختصة في مجال الإعلام أي عمل.
يقول أستاذ التغذية العلاجية البروفيسور معز الإسلام فارس لـبي بي سي، إن الإنسان يحتاج لجميع العناصر الغذائية سواء "من العناصر الغذائية الكبرى: الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون. والعناصر الصغرى: الفيتامينات والمعادن. عدم توفر هذه العناصر يؤدي لاختلال وظيفي، وتعطل واحد أو أكثر من الوظائف الحيوية في الجسم".
ويوضح فارس أن الاختلال قد يضرب الجهاز العصبي، أو القلب، أو المناعي وهو الأكثر تأثراً عند نقص التغذية المتوازنة، مما يعرض الجسم للعدوى والإصابة بأمراض سارية.
ويُشير تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن غزة، الصادر في 12 مايو/أيار، إلى أن جميع السكان يعيشون في مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة) وما فوق.
وتوقع التقرير أن يعاني ما يقرب من 469,500 شخص من انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) بين مايو/أيار، وسبتمبر/أيلول 2025.
"صناديق المساعدات"
وتخاف هبة على ابنها الأكبر البالغ من العمر 14 عاماً، لأنه في مرحلة المراهقة ويذهب أحياناً إلى أماكن المساعدات دون إخبارها. وتقول: "توجه لمركز المساعدات الإنسانية دون إبلاغي مع مجموعة من أبناء الحي، ثم تعرضوا هناك لإطلاق النار، خوفه دفعه للتراجع، دون الحصول على أي صندوق مساعدات. لكن في طريق العودة أخبرها أنه ساعد مجموعة من الأشخاص على حمل كيس طحين كبير، فمنحوه كنوع من الشكر كيلو غراماً من الطحين".
ثم تتحدث عن قصة أخرى حين توجه ابنها قبل أيام لمشاهدة إنزال جوي وعند اقترابه من علبة حليب على الأرض، توجه أحد الموجودين هناك نحوه وهدده ليتركها.
وتستذكر بحرقة ما قاله ابنها "عاد إلي خائفاً، أخبرني أنه تعرض للتهديد بعصا أو بسلاح، أعاد علبة الحليب، وقال لمن هدده (خذها يا عم)".
تتابع: "الطفل يشعر بالجوع أنا لم أستثمر كل سنوات عمري من أجل أن يحلم أطفال بكيس طحين".
لكن، هل تكفي محتويات صناديق المساعدات؟
حلل قسم تقصي الحقائق في بي بي سي - (BBC Verify)، قبل أيام ما يحتويه صندوق المساعدات الغذائية الذي توزعه مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
وذكرت المؤسسة لقسم تقصي الحقائق في بي بي سي أن صناديق المساعدات الغذائية تحوي ما يعادل 42,500 سعرة حرارية تكفي لـ "5.5 أشخاص لمدة 3.5 أيام". وتحتوي على أطعمة جاهزة للأكل مثل ألواح الحلاوة الطحينية (خليط من الطحينة أو معجون السمسم والسكر). وتحتوي أيضاً على العدس والزيت النباتي وأحياناً بعض البدائل مثل الشاي والشوكولاتة.
وعمل أستاذ تنمية المعونة الدولية في كلية لندن للاقتصاد البروفيسور ستيوارت جوردون، على تحليل القائمة التي قدمتها مؤسسة غزة الإنسانية لفريق تقصي الحقائق، وقال إنه على الرغم من قدرتها على توفير السعرات الحرارية الكافية للبقاء على قيد الحياة، إلا أن فيها "نقاط ضعف خطيرة".
وأوضح البروفيسور: "في جوهرها، توفر هذه السلة إحساساً بالشبع ومعدة خالية من الغذاء. العيب الأكبر في كونها سلة طعام للإسعافات الأولية، مصممة للتخفيف من الشعور بالجوع".
وقال إن "اتباع نظام غذائي كهذا على مدى أسابيع سيزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل فقر الدم ونقص فيتامين سي الحاد (الإسقربوط)".
بينما شرح معز الإسلام فارس أستاذ التغذية العلاجية لـبي بي سي عربي أن صندوق المساعدات لمن يتمكن من الحصول عليه، يمنح الإنسان "الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. ولكن لا يعطيه حاجته من الطاقة الكلية والعناصر الغذائية الكبرى والصغرى من البروتينات والمعادن والألياف. والكثير يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي بسبب ذلك".
وأضاف أنه "يجب ان يكون هناك تنوع في المساعدات بحيث يغطي المجموعات: كالنشويات (طحين، أرز)، واللحوم المعلبة أو المجففة ويفضل أن تكون معلبة لأن فترة صلاحيتها أطول، والحليب الجاف كمصدر عالي للبروتين والكالسيوم، ودهون مثل زيت الزيتون، وطحينية السمسم، وفواكه مجففة، وخضار مجففة، وخضار معلبة".
ويرى فارس الذي نشر بحثاً عن الوضع الغذائي في السنة الأولى من حرب غزة بالتعاون مع أطباء وباحثين في القطاع، أن "الوضع لا يحتمل إلا شيئاً واحداً فقط وهو إنهاء الحرب، لأن أي حل آخر هو حل مجتزأ في ظل الحاجات الإنسانية الماسة في القطاع".
وتتهم حركة حماس إسرائيل بـ"تحويل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء، وتحويل المساعدات إلى أداة فوضى ونهب"، مشيرة إلى أن قطاع غزة "يواجه مجاعة كارثية بفعل حصار شامل ومستمر". بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات وتنفي وجود مجاعة في القطاع.
على المدى البعيد: ما أثر نقص التغذية المحتمل على الفلسطينيين؟
لا يقتصر أثر نقص التغذية على المدى القصير بل يمتد إلى "المدى البعيد حيث قد تتراجع معدلات النمو، كما قد تتراجع القدرات الذهنية والعقلية، إضافة للضعف الشديد في بنية الجسم، مع احتمالية استمرار الآثار السلبية على المدى البعيد، خاصة للأطفال الصغار، فكلما كان الطفل أصغر سناً، كلما كان أثر نقص التغذية أشد وأخطر ويؤدي إلى مشاكل مثل ضعف القدرات العقلية"، يقول فارس.
في حين تقول جاك لاتور مديرة أنشطة التمريض من أطباء بلا حدود "عند الإصابة بنقص التغذية، نلاحظ انخفاضاً في المناعة، مما يجعل الجسم أضعف وأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ويصبح أقل قدرة على مقاومتها. الالتهاب الرئوي عند طفل يعاني من نقص تغذية شديد، يختلف كثيراً عن طفل سليم، إذ تكون التوقعات الطبية أسوأ، مع معدلات وفاة أعلى، وفترات علاج أطول".
وتلفت لاتور إلى أن منظمة أطباء بلا حدود في غزة تعمل على رعاية الأطفال من سن ستة أسابيع وحتى خمس سنوات، إضافة للنساء الحوامل والمرضعات، وهذه هي الفئات الأكثر عرضة للوفاة، كما تقول.
وتفيد بأن الأطفال الذين يعانون من نقص تغذية خلال فترات النمو الحرجة يتأثر تطورهم سلباً، بما يشمل التطور النفسي والاجتماعي والعقلي والعصبي. "فالطفل يصبح أكثر نعاساً، خمولاً، ولا يستجيب للمحفزات الاجتماعية حوله، مما يؤثر على الترابط بينه وبين الأم، خصوصاً وأن الأم نفسها غالباً ما تعاني من نقص تغذية وتعيش في خيمة، وتكافح من أجل البقاء يومياً".
وتضيف: "وجود طفل يعاني نقص تغذية ويتفاعل أقل مع المحيط الاجتماعي قد يكون بمثابة حكم بالموت عليه، خاصة إذا تأثر الارتباط بين الأم والطفل. في هذه الظروف التي يحاول فيها الجميع البقاء على قيد الحياة، هناك خطر حقيقي أن يفقد الطفل رغبته في المقاومة، ويصبح لا مبالياً بكل ما حوله"، تقول.
ساهمت الصحفية في بي بي سي نيوز، مالوري مينش، في التمكن من مقابلة وحوار منذر شراب والد الطفل نضال.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صرخة أم  مصرية في وجه "الضمور العضلي الشوكي"
صرخة أم  مصرية في وجه "الضمور العضلي الشوكي"

BBC عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • BBC عربية

صرخة أم مصرية في وجه "الضمور العضلي الشوكي"

مُنح الطفل المصري "علي معتز" فرصة للشفاء بعد حصوله على أغلى عقار طبي في العالم. وبعد حملة تبرعات شعبية واسعة، أعلنت والدة الطفل المصاب بضمور العضلي الشوكي اكتمال تكاليف علاج نجلها. وكانت الأم قد ناشدت المصريين عبر موقع التواصل بمساعدتها في التعريف بقصة طفلها. وحصل الطفل على حقنة "Zolgensma" التي تعد أغلى دواء في العالم، إذ تتجاوز تكلفة الجرعة الواحدة منه 2 مليون دولار. ويُشكل هذا الدواء، المطروح في الأسواق منذ 6 سنوات، بارقة أمل لمرضى ضمور العضلات الشوكي. ولأنه عقار جديد، فإن نتائج فعاليته على المدى الطويل لا تزال غير معروفة. ويصيب المرض طفلًا واحدًا من بين كل 10 آلاف طفل حول العالم، ويؤدي إلى الوفاة في نحو 90% من الحالات قبل بلوغ سن الثانية إذا لم يُعالج. فماذا نعرف عن هذا المرض النادر؟ يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

مبتورو الأطراف في غزة: محرومون من العلاج والتأهيل والسفر
مبتورو الأطراف في غزة: محرومون من العلاج والتأهيل والسفر

BBC عربية

timeمنذ 11 ساعات

  • BBC عربية

مبتورو الأطراف في غزة: محرومون من العلاج والتأهيل والسفر

"حياتي الآن أصبحت كحياة سجين في معتقل". تلخص الطفلة شيرين أبو الكاس من مدينة غزة بهذه الكلمات جانباً بسيطاً من معاناتها. انقلبت حياة شيرين التي تبلغ من العمر 17 عاماً رأساً على عقب بعد أن فقدت كلتا ساقيها في قصف إسرائيلي طال بيتها، وفقدت خلاله أيضاً كل عائلتها، ولم يتبقّ لها إلا بيت عمها. تقول شيرين: "أجلس طوال النهار على كرسي متحرك أو على فراشي، بعدما كنت أفعل كل شيء، وكنت نشيطة جداً أحب الحركة". وتضيف: "بعد أن أصبحت بلا ساقين، أحتاج لمن يأخذني إلى الحمام ومن يخرجني ويذهب ويأتي معي إلى أي مكان، وهذا صعب جداً لأنني فقدت كل أفراد عائلتي في قصف بيتنا". "أحدق دوما في صوري السابقة" تقول شيرين في مقابلة مع بي بي سي إنها تحدق دائماً بشكل عميق في صورة تُظهرها قبل أن تُبتر ساقاها، ولكن يبدو أن للحرب المستمرة في القطاع كلمتها القاسية. تضيف وقد بدا على ملامحها الحزن الشديد: "الآن سأقضي حياتي كلها على الكرسي المتحرك، وأتمنى أن أذهب للعلاج في الخارج، على الأقل لكي تعود حياتي إلى ما كانت عليه في السابق، أعني أن تعود حياتي نوعاً ما لطبيعتها". شيرين، التي فقدت كل عائلتها كذلك قبل ساقيها، هي واحدة من آلاف الغزيين، الذين بُترت أطرافهم، بسبب عجز الأطباء في القطاع عن علاج جروحهم وإصاباتهم بطرق بديلة، جراء تهالك المنظومة الصحية، ونقص المستلزمات الطبية والدوائية، إلى جانب النقص الحاد في الأطراف الاصطناعية، فضلاً عن عدم وجود تأهيل نفسي لما يعانونه من ويلات معنوية إثر فقد أطرافهم. يقول زاهر الوحيدي، مدير وحدة المعلومات في وزارة الصحة الفلسطينية، في مقابلة مع بي بي سي، إن نسبة 15 في المئة من الإصابات في حرب غزة هي إصابات خطيرة جداً، ونتج عن كثير منها عدد من حالات البتر، وبلغت نسبة الأطفال منهم 18 في المئة، كما أن نسبة البتر في الأطراف العلوية كانت 76 في المئة، ونسبة البتر في الأطراف السفلية كانت 24 في المئة، بينما سُجّلت أكثر من 160 حالة بتر مزدوجة، وكانت نسبة النساء من حالات البتر 8 في المئة. مبتورو الأطراف ومحطمون نزحت عائلة الطفل أحمد عدوان من بلدة بيت حانون في شمالي قطاع غزة إلى إحدى مدارس اللجوء التابعة لوكالة الأونروا في مدينة غزة. وتعرضت تلك المدرسة لقصف عنيف أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وكان الطفل أحمد عدوان ذو الثلاثة أعوام ونصف العام من بين المصابين، لكنه فقد ذراعه الأيسر بكامله، وقد عثرت والدته عليه بين أشلاء الضحايا. الطفل الصغير يعاني من التهابات شديدة ومن نقص الغذاء والدواء، وهو ما تسبب له بمضاعفات صحية، وقد أُصيب أيضاً بشظية في ظهره. تقول أم الطفل: "‏أحمد يعاني من بتر ذراعه وإصابة في ظهره قريبة جداً من عموده الفقري، ومن نقص الطعام والشراب، ومن التهابات في جراحه في اليد والظهر، ولا يستطيع الحركة واللعب بسبب الأوجاع". وتناشد أم الطفل أن تُوفر له الألبان، أو البيض، أو اللحوم، أو أي أغذية صحية، حيث إن "الطعام شحيح بشكل كبير". ومن العائلة نفسها وفي المدرسة ذاتها، يقيم صهيب عدوان، ابن عم الطفل أحمد، الذي فقد أيضاً ساقه اليسرى جراء القصف ذاته، وهو يشعر الآن بأن ما حلَّ به أفقده مستقبله، فقد كان قبل بتر ساقه من أمهر لاعبي كرة القدم في نادي "بيت حانون الرياضي" شمالي غزة. يقول صهيب: "كنت أحلم بدراسة التمريض، وأن أصبح ممرضاً لكي أداوي الناس، وأيضاً حلمت بأن أصبح لاعب كرة مشهوراً لأنني أعشق تلك اللعبة، وكنت أشارك في سباقات ماراثون الجري، وكنت أخرج مع أصحابي وأذهب حيث أشاء، أمّا الآن، وبعد أن فقدت ساقي لا أستطيع الحركة ولا ممارسة حياتي كما كنت في السابق، وكل أمنياتي الآن أن اسافر إلى الخارج وأقوم بتركيب طرف اصطناعي ليساعدني على استكمال ما تبقي من حياتي". بلغت حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية، التي لا تزال مستمرة وتقترب من العامين، أكثر من ستين ألف قتيل ومئة وخمسين ألف جريح منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023. ويعاني غالبية الجرحى من إصابات خطيرة، ومن بينهم قرابة 7 آلافٍ فقدوا أطرافهم، بحسب ما يؤكد المدير العام في مستشفى حمد شمال غربي غزة، أحمد نعيم، الذي يضيف أن الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ضاعفت عدد حالات بتر الأطراف بنسبة كبيرة. ويوضح زاهر الوحيدي، بأن كثيراً من الحالات والإصابات الخطيرة، خاصة إصابات الأطراف، كان يمكن معالجتها، لكنهم يضطرون لبترها نتيجة نقص الإمكانيات والعلاجات والتجهيزات المناسبة واللازمة لمنع تدهور هذه الحالات. وتعاني وزارة الصحة في غزة من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتعاني من نقص في الأجهزة والمعدات الطبية والبيئة الملائمة لإجراء العمليات الجراحية، لذا تقتصر العمليات الجراحية التي تُجريها الوزارة على تلك المنقذة للحياة فقط، على حدّ قول الوحيدي. صناعة مهددة توجد في مدينة غزة ورشة متواضعة لتصنيع الأطراف الاصطناعية وصيانتها، وهي مُقامة في المركز الوحيد المعني بمتابعة حالات البتر في القطاع. القائمون على الورشة يشتكون من أن عملهم مهدد بالتوقف، بفعل نقص المواد اللازمة لإعداد أطراف اصطناعية جديدة، بسبب القيود المفروضة على دخولها. يقول حسني مهنّا، المتحدث باسم بلدية غزة ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة في مركز الأطراف الاصطناعية والشلل، إنهم باتوا يشهدون ضغطاً غير مسبوق في أعداد المراجعين من مبتوري الأطراف بفعل القصف الإسرائيلي والتدمير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على حدّ قوله. ويضيف: "يتوافدون إلى مركز الأطراف الاصطناعية المهدد بالتوقف جراء نقص الوقود ونقص المعدات والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الاصطناعية اللازمة لهذه الشريحة المهمة، حيث يواجه اليوم مركز الأطراف الاصطناعية خطر الإغلاق بسبب النقص الشديد، في ظل حاجة آلاف المبتورين للخدمات التي يقدمها، وهي خدمات أساسية لهذه الشريحة". يؤكد مهنّا بأن إسرائيل، التي لا تزال تفرض حالة الحصار المطبق على قطاع غزة، "تتسبب في معاناة مركزهم" من نقص شديد في الإمكانيات والأدوات والمعدات اللازمة لتصنيع الأطراف الاصطناعية، لأنها تمنع دخولها للقطاع، بالإضافة إلى نقص شديد في الأدوات المساندة لذوي الإعاقة، سواء كانت عكازات أو مساند أوكراسي متحركة، إضافة إلى الأدوات الخاصة بعملية التصنيع المختلفة لكافة الأجهزة المساندة. وتقول إسرائيل إنها تمنع دخول مواد تصنيع الأطراف الاصطناعية بحجة أنها قد تُستخدم لأغراض عسكرية. يضيف مهنا: "هذا النقص الشديد يأتي في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود، ما يؤثر بشكل كبير على عمل المركز، ويحد من قدرته على التعامل بشكل أكبر مع حالات البتر التي تزداد يوماً بعد يوم بفعل استمرار الحرب، وبالتالي لن يستطيع المركز خلال الأيام القليلة القادمة تقديم خدمات لمبتوري الأطراف إذا استمر الحصار، ومنعت إسرائيل إدخال المعدات والأدوات"، على حد قوله. ويقول المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن قطاع غزة يحوي أكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث، حيث يضطر أطباء غزة إلى اللجوء لخيار البتر لكثير من المصابين. آلاف من الغزيين المبتورة أطرافهم، يعيشون أوضاعاً كارثية، جراء عدم توفر الرعاية الصحية المناسبة لهم، ما يهددهم بمضاعفات صحية خطيرة، ويطالب هؤلاء إما بإدخال الأطراف الاصطناعية إلى القطاع دون قيود، أو السماح بالسفر للعلاج في الخارج.

الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: أمهات غزة يعتمدن على الرضاعة رغم نقص الغذاء
الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: أمهات غزة يعتمدن على الرضاعة رغم نقص الغذاء

BBC عربية

timeمنذ يوم واحد

  • BBC عربية

الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية: أمهات غزة يعتمدن على الرضاعة رغم نقص الغذاء

في الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، شاركتنا دعاء، وهي أم من غزة، تجربتها الصعبة في إرضاع طفلها محمد، في ظل المعاناة اليومية التي تواجهها بسبب النقص الحاد في الغذاء، والأثر السلبي لذلك على صحتها وصحة رضيعها. تقرير ندى هشام تصوير علي مصطفى

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store