logo
أداء الدولار يغيّر قواعد اللعبة بين المستثمرين العالميين

أداء الدولار يغيّر قواعد اللعبة بين المستثمرين العالميين

البيانمنذ 8 ساعات

كاتي مارتن
أمضى دونالد ترامب جانباً كبيراً من حملته الانتخابية مدافعاً عن فكرة إضعاف الدولار، مقتنعاً بأن هذا المسار سيكون المفتاح لانطلاقة صناعية أمريكية كبرى. ولا بد من الإقرار بنجاحه في هذا المسعى؛ إذ لطالما اعتُبر خفض قيمة أقوى عملة في العالم أمراً شبه مستحيل، استناداً إلى الهيمنة الطويلة للولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي وأسواقه.
ومع ذلك، استطاع ترامب — عبر تغذية حالة من عدم اليقين العميق وتقويض مرتكزات المؤسسات الأمريكية — أن يحدث تراجعاً في قيمة الدولار بنسبة 7 بالمئة، في خطوة تكتيكية مهمة، لكن بالنسبة لمدى فعالية هذا التراجع في دعم القطاع الصناعي الأمريكي، فتلك مسألة تحتاج لزمن طويل لتقييمها.
ويميل الترجيح الحالي نحو «لا فائدة تذكر» من هذه الخطوة، في ظل العقبات الهائلة التي تعترض طريق الشركات - ولا سيما الأجنبية منها - للاستثمار في القوى العاملة والمعدات على الأراضي الأمريكية في وقت تطغى فيه الشكوك المتزايدة. ومع ذلك، فإن هذا الجانب ليس ما يشغل بال المستثمرين حالياً، إذ حوّل ترامب مديري صناديق الاستثمار حول العالم إلى متداولين في سوق العملات، طوعاً أو كرهاً.
ولم يكلف الكثير من مستثمري الأسهم أنفسهم عناء التفكير في مخاطر صرف العملات لسنوات عديدة، فما الداعي لذلك الآن؟ خلال عصر الاستثنائية الأمريكي الذي امتد من 2010 إلى 2024، ضخ المستثمرون الأمريكيون أموالهم بكثافة في السوق المحلية، واستمتعوا بركوب موجة شركات التكنولوجيا العملاقة إلى آفاق غير مسبوقة، مع ثقة تامة بعدم تأثر استثماراتهم بأي اضطرابات في أسواق العملات المعروفة بتقلباتها الحادة غير المتوقعة.
وفي بقية أنحاء العالم استفاد المستثمرون من نفس موجة صعود شركات التكنولوجيا الكبرى، لكنهم نعموا أيضاً بارتفاع متواصل بلغ 40 % في قيمة الدولار، وفقاً للمؤشر المرجح تجارياً الذي يعتمده الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ويصعب تحديد المدى الدقيق الذي تمكن فيه المستثمرون خارج الولايات المتحدة من حماية أنفسهم ضد موجة ضعف الدولار في السنوات الأخيرة؛ فرغم اختلاف كل محفظة استثمارية عن الأخرى، إلا أن معدلات التحوط تبدو منخفضة بشكل لافت.
وتشير تحليلات بنك بي إن بي باريبا إلى أن معدلات التحوط على الأصول الدولارية التي تحتفظ بها صناديق التقاعد الهولندية والدنماركية قد تراجعت مؤخراً إلى مستويات قياسية متدنية أو قريبة منها. ويقدر البنك أن قطاع صناديق المعاشات التقاعدية في منطقة اليورو لديه ما يقارب 770 مليار دولار من الانكشافات الدولارية غير المحمية.
وقد أثارت تحركات الأسواق منذ بداية 2025 اهتماماً كبيراً بهذه المسألة، فقد انتعشت الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ منذ صدمة التعريفات الجمركية في مطلع أبريل، ما دفع المؤشر الرئيس «إس آند بي 500» إلى المنطقة الإيجابية للعام حتى الآن، غير أن هذا محسوب بالدولار، أما بعملة اليورو، فلا يزال المؤشر منخفضاً بأكثر من 7 بالمئة هذا العام.
وتراجع الدولار لا يرجع فقط إلى توقعات ضعف الاقتصاد الأمريكي، بل أيضاً نتيجة التلاشي الواسع للثقة بالمؤسسات الأمريكية تحت إدارة ترامب الثانية، وهكذا تتهاوى فكرة الدور التوازني لمكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية فهي تكافح بصعوبة في ظل النظام الجديد.
في المقابل، تسجل الأسهم الأوروبية أداءً متميزاً، مدفوعة جزئياً بخطط الحكومة الألمانية الجديدة للإنفاق بسخاء للخروج من أزمتها، بالتزامن مع سياسات البنك المركزي التيسيرية. وعند احتسابه بالدولار، يبدو هذا الأداء أكثر إشراقاً، ما يتيح للمستثمرين الذين يتعاملون بالدولار ويمتلكون ما يكفي من الجرأة للمغامرة خارج حدودهم فرصة مضاعفة عوائدهم.
ويؤكد المحللون الماليون أن السؤال الأكثر تداولاً الذي يطرحه عملاؤهم من المستثمرين حالياً يدور حول كيفية إدارة مخاطر استمرار هبوط الدولار وتآكل قيمة محافظهم الاستثمارية.
ويدرك المستثمرون في أسواق الأسهم والسندات حقيقة أن قيمة أصولهم المالية قد تنخفض تماماً كما ترتفع (وإذا لم يكونوا مدركين لهذه البديهية، فليبحثوا عن مجالات أخرى)، وتظل هذه المخاطرة السوقية الأساسية هي الهاجس الأكبر للمحافظ الاستثمارية، غير أن تحليلاً حديثاً أجراه رويال بنك أوف كندا يكشف عن ظاهرة مقلقة، إذ تتصاعد المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار العملات، كنسبة من إجمالي المخاطر المحيطة بالمحافظ الاستثمارية، في مختلف أنحاء العالم خارج الولايات المتحدة، ولا سيما في أوروبا وأستراليا وكندا، لكن يظل الدولار الأمريكي مستأثراً بالنصيب الأكبر من هذه المخاطر.
وبالنسبة للمستثمرين الذين يتخذون من اليورو عملة أساسية، باتت تحركات أسعار الصرف تشكل ما يقرب من ثلث إجمالي المخاطر التي تواجههم متجاوزة بفارق شاسع حساسية المستثمرين الأمريكيين لتقلبات العملات، وتختلف استراتيجيات التعامل مع هذا التحدي باختلاف الموقع الجغرافي للمستثمرين، فمن الأيسر والأقل تكلفة التحوط عند التعامل مع العملات الرئيسة الأكثر سيولة وتداولاً في الأسواق العالمية.
ويحذر خبراء رويال بنك أوف كندا من أن زيادة بنسبة 5% فقط في عمليات التحوط ضد مخاطر الدولار قد تفضي إلى تدفقات بيعية هائلة للعملة الأمريكية تبلغ نحو تريليوني دولار على المدى المتوسط. ورغم أن انهياراً حاداً ومفاجئاً في سعر الدولار سيمثل كارثة اقتصادية لأسباب متعددة، فإنه سيجعل - على الأقل - الأصول والصادرات الأمريكية تبدو بمثابة فرص استثمارية مغرية للغاية، لكننا لم نبلغ هذه المرحلة بعد.
وعموماً، يمثل الضعف التدريجي والمستدام للدولار سبباً إضافياً يدفع المستثمرين العالميين للتشكيك في إمكانية عودة الاستثنائية الأمريكية، ويحفزهم على الاحتفاظ بنسبة متزايدة من استثماراتهم المستقبلية داخل أسواقهم المحلية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يوجه وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بتوسيع عمليات الترحيل
ترامب يوجه وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بتوسيع عمليات الترحيل

البيان

timeمنذ 27 دقائق

  • البيان

ترامب يوجه وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بتوسيع عمليات الترحيل

وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم أمس الأحد مسؤولي إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الاتحاديين بإعطاء الأولوية لعمليات الترحيل من المدن التي يديرها الديمقراطيون بعد اندلاع احتجاجات كبيرة في لوس أنجلوس ومدن كبرى أخرى ضد سياسات إدارة ترامب المتعلقة بالهجرة. ودعا ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولي إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك للقيام بكل ما في وسعهم لتحقيق الهدف المهم جدا المتمثل في تنفيذ أكبر برنامج ترحيل جماعي في التاريخ". وأضاف أنه لتحقيق هذا الهدف، يجب على المسؤولين "توسيع الجهود لاعتقال وترحيل الأجانب غير الشرعيين في أكبر مدن أمريكا، مثل لوس أنجلوس، وشيكاغو، ونيويورك، حيث يقيم الملايين ثم الملايين من الأجانب غير الشرعيين".

ترامب بين دعم إسرائيل وإنقاذ الدبلوماسية مع إيران
ترامب بين دعم إسرائيل وإنقاذ الدبلوماسية مع إيران

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 39 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

ترامب بين دعم إسرائيل وإنقاذ الدبلوماسية مع إيران

أبوظبي - سكاي نيوز عربية وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه كان "ممتازا" مشيرا إلى احتمال تكرار مثل هذه العمليات مستقبلاً. وقال ترامب إنه ربما يكون لدى إيران فرصة ثانية.

نيكاي يرتفع وسط استمرار الصراع في الشرق الأوسط
نيكاي يرتفع وسط استمرار الصراع في الشرق الأوسط

البيان

timeمنذ 42 دقائق

  • البيان

نيكاي يرتفع وسط استمرار الصراع في الشرق الأوسط

ارتفع المؤشر نيكاي الياباني اليوم الاثنين رغم استمرار الصراع بين إسرائيل وإيران في الوقت الذي أدى فيه تراجع الين إلى تعزيز ثقة المستثمرين. صعد نيكاي 0.9 بالمئة إلى 38164.07 نقطة بحلول الساعة 01.55 بتوقيت جرينتش، وارتفع المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.54 بالمئة إلى 2772.46 نقطة. وقال كينتارو هاياشي كبير الاستراتيجيين في دايوا للأوراق المالية "تراجع قلق المستثمرين إزاء التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ولم تجد السوق أي حاجة لمزيد من عمليات البيع". وأضاف "هناك تفاؤل بإمكانية احتواء الصراع مع تدخل دول مثل الولايات المتحدة وروسيا". كان المؤشر قد انخفض يوم الجمعة بعد أن نفذت إسرائيل هجمات على إيران وأغلقت وول ستريت على انخفاض حاد في وقت لاحق من اليوم ذاته. وقفز سهم أدفانتست 8 بالمئة اليوم الاثنين مما قدم أكبر دفعة على المؤشر نيكاي. ويميل المستثمرون إلى شراء أسهم شركة تصنيع معدات الرقائق، وهي إحدى أكبر الشركات المدرجة على المؤشر نيكاي، عندما تراهن السوق على ارتفاع المؤشر القياسي. ارتفعت أسهم شركات صناعة السيارات مستفيدة من ضعف الين إذ صعدت أسهم هوندا موتور ونيسان موتور بنسبتي 3.4 بالمئة وواحد بالمئة على التوالي. وزادت أسهم تويوتا موتور 0.4 بالمئة. انخفض الين في مطلع الأسبوع مع إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة مثل الدولار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store