
بعد عقود في أميركا... اعتقالات لإيرانيين في إطار حملة ترمب لترحيلهم
عاشت ماندونا (دونا) كاشانيان في الولايات المتحدة 47 عاماً، وتزوجت مواطناً أميركياً وربَّت ابنتهما بالبلاد. كانت تقوم بالعمل في حديقة منزلها بنيو أورلينز، عندما قام ضباط إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية بتقييدها واقتادوها، وفقاً لعائلتها.
وصلت كاشانيان عام 1978 بتأشيرة طالبة، وتقدمت بطلب لجوء، خوفاً من الانتقام لدعم والدها للشاه المدعوم من الولايات المتحدة. رُفض طلب كاشانيان، لكن سُمح لها بالبقاء مع زوجها وطفلتها؛ بشرط أن تسجل حضورها بانتظام لدى مسؤولي الهجرة، بحسب زوجها وابنتها. وامتثلت، وسجلت دخولها مرة واحدة من ولاية كارولينا الجنوبية خلال إعصار كاترينا، وهي الآن محتجزة في مركز احتجاز المهاجرين في باسيل، بولاية لويزيانا، بينما تحاول عائلتها الحصول على معلومات.
كما يُعتقل إيرانيون آخرون من قبل سلطات الهجرة بعد عقود قضوها في الولايات المتحدة. ولم تعلن وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن عدد الأشخاص الذين ألقت القبض عليهم، لكن الضربات العسكرية الأميركية على إيران غذت المخاوف من احتمال وقوع المزيد من التوقيفات للمهاجرين الإيرانيين.
وقال ريان كوستيلو، مدير السياسات في المجلس الوطني الإيراني الأميركي، وهي جماعة مناصرة لوكالة «أسوشييتد برس»: «من المنطقي بالطبع توخي بعض الحذر، ولكن يبدو أن ما فعلته دائرة الهجرة والجمارك الأميركية هو إصدار أمر باعتقال أكبر عدد ممكن من الإيرانيين، سواء أكانوا مرتبطين بأي تهديد أم لا، ثم اعتقالهم وترحيلهم، وهو أمر مقلق للغاية».
ماندونا (دونا) كاشانيان البالغة 64 عاماً تحمل كأس شراب (كايتلين ميلن - أ.ب)
ولم تردَّ وزارة الأمن الداخلي فوراً على رسالة بريد إلكتروني تطلب التعليق على قضية كاشانيان، لكنها دأبت على الترويج لاعتقال إيرانيين. وأعلنت الوزارة عن اعتقال ما لا يقل عن 11 إيرانياً لانتهاكهم قوانين الهجرة خلال عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت الضربات الصاروخية الأميركية. وقالت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، دون الخوض في التفاصيل، إنها اعتقلت 7 إيرانيين في عنوان بمنطقة لوس أنجليس «استخدم مراراً وتكراراً لإيواء الداخلين غير الشرعيين المرتبطين بالإرهاب».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، عن الاعتقالات الـ11: «لقد بذلت الوزارة جهوداً حثيثة لتحديد واعتقال الإرهابيين والمتطرفين العنيفين المعروفين أو المشتبَه بهم الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، أو عبر برامج الإفراج المشروط الاحتيالية التي وضعها بايدن أو غير ذلك». ولم تقدم أي دليل على وجود صلات بالإرهاب أو التطرف. وكان تعليقها على برامج الإفراج المشروط يشير إلى توسيع الرئيس جو بايدن للمسارات القانونية للدخول، التي أغلقها دونالد ترمب.
وقال راسل ميلن، زوج كاشانيان، إن زوجته لا تُشكل تهديداً. وأوضح أن طلبها اللجوء كان مُعقداً بسبب «أحداث في حياتها المبكرة». فقد قضت محكمة بأن زواجها السابق كان احتيالياً.
لكن على مدى أربعة عقود، بنى كاشانيان، البالغ من العمر 64 عاماً، حياة في لويزيانا. التقى الزوجان عندما كانت تعمل نادلة في حانة خلال دراستها في أواخر الثمانينات. تزوجا وأنجبا ابنة. تطوعت مع منظمة «هابيتات فور هيومانيتي»، وصوّرت دروساً في الطبخ الفارسي على «يوتيوب»، وكانت بمثابة جدة لأطفال جيرانها.
ماندونا (دونا) كاشانيان تحضر الطعام (أ.ب)
وقال ميلن إن خوف الترحيل كان يخيم على العائلة دائماً، لكنه قال إن زوجته فعلت كل ما طُلب منها. وقال ميلن: «إنها تفي بالتزاماتها. لقد بلغت سن التقاعد. إنها لا تُشكل تهديداً. من يُؤوي جدة؟»، رغم أن الإيرانيين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني منذ سنوات، خصوصاً منذ عام 2021، فإنهم لم يواجهوا خطر الترحيل إلى بلدانهم الأصلية بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة. ويبدو أن هذا لم يعد الحال؛ فقد رحَّلت إدارة ترمب مئات الأشخاص، بمن فيهم إيرانيون، إلى دول غير بلدانهم، في محاولة للالتفاف على العقبات الدبلوماسية مع الحكومات التي ترفض استعادة مواطنيها، وفق تقرير «أسوشييتد برس». وخلال ولاية ترمب الثانية، أعادت دولٌ، مثل السلفادور وكوستاريكا وبنما، المقيمين غير الشرعيين من الولايات المتحدة.
وطلبت الإدارة من المحكمة العليا إفساح المجال أمام عدة عمليات ترحيل إلى جنوب السودان، البلد الذي مزقته الحرب والذي لا تربطها به أي علاقات، بعد أن سمح القضاة بالترحيل إلى دول أخرى غير تلك التي جاء منها غير المواطنين.
واعتقلت دورية الحدود الأميركية إيرانيين 1700 مرة على الحدود المكسيكية في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وفقاً لأحدث البيانات العامة المتاحة، أفادت وزارة الأمن الداخلي بأن نحو 600 إيراني تجاوزوا مدة تأشيراتهم زائرين لأغراض العمل أو التبادل، وسائحين، وطلاباً، خلال فترة 12 شهراً حتى سبتمبر (أيلول) 2023، وفقاً لأحدث البيانات.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
كانت إيران واحدة من 12 دولة خاضعة لحظر السفر الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ هذا الشهر. ويخشى البعض أن تكون اعتقالات الترحيل المتزايدة التي تقوم بها إدارة الهجرة والجمارك بمثابة ضربة أخرى.
وفي ولاية أوريغون، احتجز وكلاء الهجرة رجلاً إيرانياً الأسبوع الماضي أثناء قيادته إلى صالة الألعاب الرياضية. أُلقي القبض عليه قبل أسبوعين تقريباً من الموعد المقرر لتسجيل وصوله في مكاتب دائرة الهجرة والجمارك الأميركية في بورتلاند، وفقاً لوثائق المحكمة التي قدمها محاميه، مايكل بورسيل. يعيش الرجل، المعروف في ملفات المحكمة باسم إس إف، في الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 عاماً، وزوجته وطفلاه مواطنون أميركيون. تقدم إس إف بطلب لجوء في الولايات المتحدة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن طلبه رُفض عام 2002. رُفض استئنافه، لكن الحكومة لم تُرحّله، واستمر في العيش في البلاد لعقود، وفقاً لوثائق المحكمة.
وبسبب «تغير الظروف» في إيران، سيواجه إس إف «خطر اضطهاد متزايداً بشكل كبير» في حال ترحيله، كما كتب بورسيل في التماسه. وتابع: «تتعلق هذه الظروف بالقصف الأميركي الأخير للمنشآت النووية الإيرانية، مما أدى إلى حالة حرب فعلية بين الولايات المتحدة وإيران». وأضاف أن إقامة إس إف الطويلة في الولايات المتحدة، واعتناقه المسيحية، وكون زوجته وأطفاله مواطنين أميركيين «تزيد بشكل كبير من احتمال سجنه في إيران، أو تعذيبه، أو إعدامه».
وبالمثل، قالت ابنة كاشانيان إنها قلقة بشأن مصير والدتها. وقالت كايتلين ميلن: «لقد حاولت أن تفعل كل شيء بشكل صحيح».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
"لم تكن أهداف استراتيجية" .. بولتون يكشف "السبب الحقيقي" الذي ضرب ترامب إيران لأجله
اتهم جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، الرئيس دونالد ترامب بالسعي لضرب إيران بدوافع شخصية تتعلق برغبته في نيل جائزة نوبل للسلام، لا بهدف استراتيجي حقيقي. وقال بولتون في بودكاست لصحيفة فايننشال تايمز إن ترامب يكرر محاولاته لنيل الجائزة، بعدما فشل في تحقيقها عبر الحرب الروسية الأوكرانية. وأشار بولتون إلى أن الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية الأسبوع الماضي جاءت في هذا السياق، مقللاً من جدوى هذه العمليات على المستوى النووي. وأضاف: "ترامب يرى فرصة جديدة للسلام، لكنه في الواقع يلاحق مجدًا شخصيًا". ووصف بولتون، المعروف بمواقفه الصارمة تجاه طهران، أي خطة محتملة للسماح لإيران بالحصول على تمويل نووي مدني بأنها "جنون"، مؤكداً أن القيادة الإيرانية لن تقبل برقابة حقيقية على برنامجها النووي. من جهته، برّر ترامب الغارات الأخيرة بأنها خطوة تكتيكية لفتح نافذة تفاوض، لكنه عاد ليرفع سقف التهديد بتنفيذ ضربات جديدة. وأكد بولتون أن التعامل مع النظام الإيراني لا يشبه عقد صفقة تجارية، بل يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة "النظام المتطرف"، بحسب وصفه، مشددًا على أن أي مفاوضات مستقبلية ستكون بلا جدوى في ظل غياب الثقة والشفافية من الطرف الإيراني.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
إيران تدعو المقيمين غير الشرعيين للمغادرة فوراً
دعا النائب العام الإيراني، محمد موحدي آزاد، السبت، الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني في البلاد إلى مغادرتها في أسرع وقت ممكن، بينما صرَّح وزير الداخلية، إسكندر مؤمني، بأن بعض الأجانب الذين تسللوا إلى إيران في السنوات الأخيرة كانت غايتهم تنفيذ أعمال تخريبية. ونقلت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن موحدي آزاد قوله: «على الأجانب، خصوصاً المواطنين الأفغان الذين استضفناهم لسنوات، أن يتعاونوا في تسهيل مغادرة الأفراد غير المصرَّح لهم من البلاد، في أقرب وقت ممكن، مع التأكيد على أن المخالفين ستُتَّخذ بحقهم الإجراءات القانونية اللازمة». وأضاف: «كذلك يجب على الأجانب المقيمين بشكل قانوني أن يكونوا على وعي تام، والإبلاغ عن المهاجرين الذين تعاونوا مع إسرائيل»، على حد تعبيره. وأوضح موحدي آزاد أن مَن يبادر بتسليم نفسه طوعاً سيستفيد من ظروف مخففة وتسهيلات قانونية. ومن جانبه، قال وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي: «دخل بعض الأجانب إلى البلاد خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية؛ بهدف القيام بأعمال تخريبية». وأضاف: «لكن لا يمكن التعميم، فهناك كثير من الأشخاص الشرفاء بين هؤلاء الأجانب». ودعا مؤمني البرلمان الإيراني إلى الإسراع في إقرار مشروع قانون «الهيئة الوطنية للهجرة وتنظيم شؤون الأجانب»؛ بهدف تنظيم أوضاع المهاجرين بشكل شامل. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد تحدَّثت عن اعتقال عدد من الأجانب من جنسيات مختلفة بتهم التجسس لصالح إسرائيل، وقد نشرت أيضاً مقاطع فيديو من «اعترافات» منسوبة لأجانب.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
إيران تشكك في التزام إسرائيل بوقف النار... وبزشكيان يدعو الشعب للوثوق بحكومته
قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الأحد، إن الأولوية هي الحفاظ على وحدة البلاد، مشدداً على أنه يتوجب على الشعب أن يثق بحكومته. وأضاف في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي أن الشعب الإيراني أثبت «من خلال الوحدة والتلاحم اللذين أظهرهما خلال الأيام الـ12 الماضية (مدة الحرب مع إسرائيل)، أنه يقف بثبات إلى جانب وطنه». ونقلت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، عبد الرحيم موسوي، قوله للأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، إن لدى طهران شكوكاً كبيرة في التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار. وقال موسوي: «بما أن لدينا شكوكاً تامة في وفاء العدو بالتزاماته، بما في ذلك وقف إطلاق النار، فإننا مستعدون لمنحه رداً قوياً إذا كرر العدوان». من جانبه، قال مسؤول في «الحرس الثوري» الإيراني إن «(الحرس) استخدم أقل من 5 في المائة من قدراته الدفاعية» خلال الحرب. وأضاف: «معظم وحداتنا لم تدخل المعركة بيننا وبين إسرائيل». بدوره، ذكر التلفزيون الإيراني أن البرلمان أقر «حظر تحليق المسيّرات المدنية غير المصرح بها فوق المناطق العسكرية والأمنية، أو مناطق ذات مستوى من الحماية». وشارك الآلاف من الإيرانيين، السبت، في مراسم تشييع رسمية لـ60 من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين قُتلوا في الحرب التي خاضتها إيران مع إسرائيل، وذلك في اليوم الخامس من وقف إطلاق النار بين البلدين.