
اعلان صادم للمواطنين بشأن العملة
صدر اعلان مفاجئ وصادم، من بريطانيا، بشأن العملة اليمنية وسعر صرف الريال اليمني، وحقيقة "التحسن النسبي" الذي شهده خلال الاسبوعين الماضيين في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، بعدما كان انهياره تجاوز سقف 2900 ريالا مقابل الدولار و750 ريالا مقابل الريال السعودي.
جاء هذا في تقرير نشرته في العاصمة البريطانية لندن، صحيفة "العربي الجديد" الثلاثاء (12 اغسطس)، وصفت التحسن النسبي لسعر صرف الريال اليمني أمام العملات الاجنبية بأنه "سعر وهمي"، وأن ما تشهده سوق سعر الصرافة المحلية من انخفاض مستمر ومتسارع "غير مبرر" و"فقاعة اقتصادية".
ونقلت الصحيفة عن خبراء اقتصاد ومصرفيون أن ما يحدث في الأسواق المصرفية أشبه بفقاعة اقتصادية يقف خلفها المضاربون الذين يقفون وراء الارتفاع في أسعار الصرف فيكسبون عند البيع، ويقفون عند الانخفاض ليحصدوا مدخرات الناس من العملات الأجنبية، ويشتروها بأقل الأسعار لفترة محددة".
منوهين الى ما سموه "حالة فوضى بسوق صرف العملة المحلية في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا"، وأشارت إلى "توسع مقلق للفجوة بين سعري الشراء والبيع" للعملات الاجنبية. وقالت الصحيفة: "لقد وصل هذا الفارق في بعض التحديثات لأسعار الصرف المتداولة إلى نحو 300 ريال".
وقال أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، وليد العطاس، للصحيفة: إن "ما يشهده سوق سعر الصرف من انخفاض مستمر ومتسارع غير مبرر، فلا توجد أي بوادر أو مؤشرات لهذا الانخفاض المفاجئ". وأردف العطاس: إن "هذا التحسن لن يؤثر على أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية".
مرجعا هذا إلى "كون التجار في حالة ترقب وخوف وحذر من ارتفاع ارتداداي مفاجئ، ولهذا فإنه من الطبيعي تسعير بضائعهم بسعر صرف مرتفع". حسب تعبيره. وهو ما سبق وأعلنته عدد من المجموعات التجارية والصناعية الكبرى في البلاد، تتقدمهم مجموعة هائل سعيد انعم وشركاه، في بيان رسمي لها.
وأكدت صحيفة "العربي الجديد" الصادرة بالعاصمة البريطانية لندن، ضمن تقريرها، اتفاق خبراء الاقتصاد والمصرفيين في "عدم ارتكاز تحسن سعر الريال الى اصلاحات جوهرية"، وتحذيراتهم من "مخاطر الاضطراب الحاصل وتقلبات سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية بين انهيار وتحسن قياسي غير طبيعي".
جاء بين ابرز التحذيرات، تحذير رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، للمواطنين من "الانجرار وراء المضاربة أو الفخاخ التي ينصبها المتلاعبون بالعملة". وقوله: إن "ضياع الأموال مسألة وقت في ظل غياب الرقابة الصارمة، وذلك بالنظر إلى أن الأسباب الجذرية للتدهور لا تزال قائمة".
مضيفا: إن ابرز هذه الاسباب "شح الموارد من النقد الأجنبي نتيجة توقف تصدير النفط وأخطاء في السياسات المالية والنقدية، إذ يقتضي ذلك معالجة هذا الملف أو الحد منه من جانب السلطة الشرعية أمر مهم لضمان الاستقرار". وأردف: "إضافة إلى أن التقلبات الحادة في سعر الصرف لم تكن طبيعية".
وفي حين يؤكد نصر أن تقلبات سعر صرف الريال لم تكن طبيعية "سواء في الانهيار السريع أو في التحسن المفاجئ، ما يعكس هشاشة السوق النقدية وغياب الاستقرار"؛ أكد الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، أن "الهبوط في سعر صرف الريال اليمني لم يصل إلى ما دون السعر العادل". حد تأكيده.
من جانبه، نقلت الصحيفة عن الباحث الاقتصادي هشام الصرمي، قوله: ما يحصل حالياً في سوق الصرف جاء بعد الإصلاحات التي بدأتها الحكومة والبنك المركزي في عدن بالتوازي، وفي مقدمتها تشكيل لجنة الاستيراد الأسبوع الماضي". مشيرا إلى ان "الانخفاض الواسع الذي حصل، يصل إلى نحو 30%".
وتابع: "الأمر كان يخضع لقوى المضاربة الذين يستفيدون من انخفاض القوة الشرائية للريال اليمني وعودتها بنسب بسيطة مقارنة بحجم المبالغ الكبيرة التي تتم المضاربة عليها، والتي تحقق عوائد لا يمكن أن يحصل عليها المضاربون". لافتا إلى أن "الهوامش والفوارق كبيرة ويدل على ذلك الانخفاض الواسع الذي حصل".
يأتي هذا بعدما شهد سعر صرف الريال اليمني في المحافظاات المحررة مع بداية اغسطس 2025م، تحسنا نسبيا ليتقرب من 2000 ريال مقابل الدولار بعدما تجاوز 2900 ريالا، و560 ريالا مقابل الريال السعودي بعدما كان 750 ريالا. إثر الغاء البنك المركزي تراخيص شركات صرافة بالتزامن مع لقاء وزارة الخزانة الامريكية مع مسؤولي البنوك اليمنية.
تفاصيل:
قرار عاجل بشأن سعر الصرف اليوم
والاثنين (4 اغسطس)، أصدر البنك المركزي اليمني في عدن، تعميما لجميع شركات الصرافة والتحويلات المالية، بـ "تخفيض الحد الأقصى للحوالات الشخصية الخارجية عبر شركات ومنشآت الصرافة إلى مبلغ لا يتجاوز 2000 دولار أميركي فقط، أو ما يعادله من العملات الأجنبية الأخرى". بعد يوم على تحديد البنك "سقف الحولات بمبلغ 5000 دولار".
تفاصيل:
المركزي يصدر قرارا عاجلا ومفاجئا
جاءت قرارات البنك المركزي في عدن، بعدما كشف محافظ البنك، احمد المعبقي، الجمعة (25 يوليو) ما وُصف بـ "اعترافات قاسية"، في لقاء صحفي تضمن اعلانه حقيقة اسباب تدهور الاوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية في عدن والمحافظات المحررة، ذكر بين ابرزها "نهب 75% من ايرادات الدولة، وافتقاد الحكومة لموازنة، ونفوذ شركات صرافة".
تفاصيل:
رسميا..الكشف عن جرعة سعرية قاتلة!
لكن مصرفيين واقتصاديين، حذروا في تعليقهم على التحسن النسبي لسعر الريال من "ارتدادات عكسية خطيرة متوقعة" للتحسن السريع الذي شهدته قيمة الريال اليمني في عدن والمحافظات المحررة، وقالوا: إنه "لا يستند الى اصلاحات جوهرية في السياسة المالية والموارد الاقتصادية، تؤمن العملة الصعبة، بقدر ما يستند الى قرار سياسي لمواجهة السخط".
وتتابعت هذه التطورات مع تصاعد السخط الشعبي في المحافظات المحررة على نحو يتجاوز التظاهرات الاحتجاجية الى مظاهر غضب وقطع للطرقات ودعوات للعصيان، تنذر بخروج الامر عن السيطرة، جراء تدهور الخدمات وغلاء المعيشة بفعل انهيار سعر الريال اليمني إلى 2900 ريال للدولار و750 ريال مقابل الريال السعودي.
تطالب احتجاجات المواطنين المتصاعدة في عدن المحافظات المحررة، السلطات "القيام بواجباتها وتنفيذ حلول سريعة ونهائية لأزمة الكهرباء، وتحسين الخدمات العامة الاساسية وفي مقدمها الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، ووضع حل لتأخر صرف الرواتب وارتفاع اسعار السلع وغلاء المعيشة جراء انهيار قيمة الريال".
كما تطالب هتافات ولافتات وبيانات وقفات ومسيرات الاحتجاجات بـ "تقديم الفاسدين لمحاكمات علنية". وتشدد على ان تدهور الاوضاع ناتج عن "الفساد وحماية شركاء السلطة للمفسدين". متهمة التحالف بقيادة السعودية والامارات ومجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بأنهم "شركاء في تدهور الاوضاع والخدمات".
وترافق تصاعد الاحتجاجات وتصاعد ساعات انقطاعات الكهرباء إلى 20 ساعة بالعاصمة المؤقتة عدن ومحافظة لحج، مع بدء دخول الصيف اللاهب، واستمرار ارتفاع اسعار السلع والخدمات والوقود، وتوقف التعليم لاضراب المعلمين، وتفاقم تدهور الاوضاع المعيشية للمواطنين، بفعل محدودية الراتب وعدم اعتماد العلاوات السنوية.
كما يتزامن التدهور المتصاعد للأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، مع بوادر أزمة عجز الحكومة الشرعية عن دفع رواتب موظفي الدولة في عدن والمحافظات المحررة، بعد تأخر صرف رواتب المعلمين والعسكريين والحوافز والعلاوات، في ظل نُذر امتداد الازمة لرواتب الاشهر المقبلة.
من جانبهم، يشير سياسيون واقتصاديون إلى أن تفاقم تدهور الاوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية سابق لتوقف تصدير النفط، ويرجعونه الى "اتساع الاختلالات في المالية العامة للحكومة وصرف رواتب كبار موظفيها بالعملة الصعبة بجانب تبادل شركاء السلطة، اتهامات الفساد". حسب تعبيرهم.
ويتهم "المجلس الانتقالي الجنوبي" التابع الى الامارات، وسياسييوه، الحكومة بـ "صفقات فساد تتجاوز عدم ايداع ايرادات الدولة في البنك المركزي اليمني، ونهب المساعدات والمنح المالية وانشاء شركات استثمارية خاصة خارج البلاد، بجانب المضاربة على العملة، وتعطيل مصافي عدن وغيرها من المنشآت الايرادية". حد زعمه.
في المقابل، يتهم مسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية "الانتقالي الجنوبي" بأنه "يعيق عمل الحكومة بإصراره على استمرار انتشار ونفوذ فصائل مليشياته المسلحة المتعددة" منذ انقلابه على الشرعية في اغسطس 2019م، بتمويل ودعم عسكري مباشر من الامارات وطيرانها الحربي، و"استحواذه على معظم الايرادات العاامة للدولة".
مؤكدين في تصريحات متلاحقة، أن "استمرار تمرد 'الانتقالي الجنوبي' على الشرعية واستحواذه على قدر كبير من الايرادات العامة للدولة، في عدن وعدد من مدن جنوبي البلاد، فاقم تدهور الاوضاع الاقتصادية والادارية والخدمية وانهيار العملة المحلية وارتفاع اسعار السلع والخدمات والمشتقات النفطية والعجز عن دفع رواتب الموظفين".
يشار إلى أن الامارات تراهن على "المجلس الانتقالي الجنوبي" وتمويلها تجنيد وتسليح الوية مليشياته المسلحة ومليشيات "العمالقة الجنوبية"، في فرض انفصال جنوب اليمن، لتمرير أجندة اطماعها في موقع اليمن وسواحله وجزره وثرواته، ضمن سعيها لفرض نفوذها السياسي والاقتصادي على دول المنطقة، عبر هيمنتها على خطوط الملاحة الدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
تواصل مباشر بين مسؤولين أمريكيين ومحافظ البنك المركزي بعدن لدعم الإجراءات الاقتصادية..
صحيفة ١٧ يوليو الإخبارية/ متابعات كشفت صحيفة عربية عن تواصل مباشر بين مسؤولين أمريكيين ومحافظ البنك المركزي اليمني بعدن لدعم الإجراءات الاقتصادية.. ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن مصادر أمريكية تأكيدها بأن التواصل المباشر بين مسؤولين أميركيين ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، للإشادة بإجراءاته الأخيرة لتجريد الحوثيين من أدوات قوتهم الاقتصادية وتطبيق العقوبات المفروضة عليهم. ووصفت المصادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بـ«رجل الدولة» الذي يدير الملفات اليمنية بوعي كامل لمشكلات بلاده، ويعمل لمصلحة وطنه بعيداً عن الحسابات الضيقة، مؤكدة أن مواقفه في إدارة المجلس وسط ظروف معقدة تعزز ثقة واشنطن في استمرار دعمها له ولفريقه. كما دعت الحكومة اليمنية إلى مواصلة جهودها القوية في الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك مواجهة الفساد، ورفع الدولار الجمركي، وإلزام المؤسسات بإيداع إيراداتها في البنك المركزي. وأكدت مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أن التنسيق العسكري مع اليمن من أجل تنفيذ عملية برية ضد الجماعة الحوثية، لم يكتمل، نتيجة توقف عملية «الفارس الخشن»، التي كانت تستهدف تقليص قدرات الجماعة وتأمين الملاحة في البحر الأحمر. وأوضحت المصادر التي فضلت حجب هويتها، أن واشنطن ماضية في دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة في خطواتهما للإصلاح الاقتصادي، واستقرار العملة الوطنية، وتعزيز العقوبات على الحوثيين وكشف أنشطتهم الإرهابية للرأي العام العالمي، فضلاً عن تشديد إجراءات ضبط الأسلحة المهربة وتطبيق القرارات الأممية الخاصة باليمن. وأكدت المصادر أن الإدارة الأميركية تدعم حتى الإجراءات الاقتصادية الجريئة التي لا تقع مباشرة ضمن صلاحيات البنك المركزي، شريطة أن تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، مشيرة إلى أن عدداً من الخبراء الأميركيين قدموا استشارات فنية في هذا المجال. وأضافت أن واشنطن تعتزم إدراج أسماء وكيانات جديدة ضمن قوائم العقوبات، وتكثيف عمليات تفتيش السفن المتجهة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وضبط مزيد من شحنات الأسلحة المهربة.


اليمن الآن
منذ 4 ساعات
- اليمن الآن
تواصل مباشر بين مسؤولين أمريكيين ومحافظ البنك المركزي عدن لدعم الإجراءات الاقتصادية
كشفت صحيفة عربية عن تواصل مباشر بين مسؤولين أمريكيين ومحافظ البنك المركزي اليمني بعدن لدعم الإجراءات الاقتصادية.. ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» عن مصادر أمريكية تأكيدها بأن التواصل المباشر بين مسؤولين أميركيين ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي، للإشادة بإجراءاته الأخيرة لتجريد الحوثيين من أدوات قوتهم الاقتصادية وتطبيق العقوبات المفروضة عليهم. ووصفت المصادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بـ«رجل الدولة» الذي يدير الملفات اليمنية بوعي كامل لمشكلات بلاده، ويعمل لمصلحة وطنه بعيداً عن الحسابات الضيقة، مؤكدة أن مواقفه في إدارة المجلس وسط ظروف معقدة تعزز ثقة واشنطن في استمرار دعمها له ولفريقه. كما دعت الحكومة اليمنية إلى مواصلة جهودها القوية في الإصلاح الاقتصادي، بما في ذلك مواجهة الفساد، ورفع الدولار الجمركي، وإلزام المؤسسات بإيداع إيراداتها في البنك المركزي. وأكدت مصادر في وزارة الخارجية الأميركية أن التنسيق العسكري مع اليمن من أجل تنفيذ عملية برية ضد الجماعة الحوثية، لم يكتمل، نتيجة توقف عملية «الفارس الخشن»، التي كانت تستهدف تقليص قدرات الجماعة وتأمين الملاحة في البحر الأحمر. وأوضحت المصادر التي فضلت حجب هويتها، أن واشنطن ماضية في دعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة في خطواتهما للإصلاح الاقتصادي، واستقرار العملة الوطنية، وتعزيز العقوبات على الحوثيين وكشف أنشطتهم الإرهابية للرأي العام العالمي، فضلاً عن تشديد إجراءات ضبط الأسلحة المهربة وتطبيق القرارات الأممية الخاصة باليمن. وأكدت المصادر أن الإدارة الأميركية تدعم حتى الإجراءات الاقتصادية الجريئة التي لا تقع مباشرة ضمن صلاحيات البنك المركزي، شريطة أن تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، مشيرة إلى أن عدداً من الخبراء الأميركيين قدموا استشارات فنية في هذا المجال. وأضافت أن واشنطن تعتزم إدراج أسماء وكيانات جديدة ضمن قوائم العقوبات، وتكثيف عمليات تفتيش السفن المتجهة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وضبط مزيد من شحنات الأسلحة المهربة.


اليمن الآن
منذ 5 ساعات
- اليمن الآن
سالم بن بريك.. القرارات السيادية التي أوقفت نزيف الريال وأطلقت معركة التعافي الاقتصادي
في أحد أيام مايو الحارّة، كانت شاشات محلات الصرافة في عدن تومض بأرقام تقترب من الثلاثة آلاف ريال للدولار الواحد. وجوه الناس متجهمة، وأصوات الباعة في الأسواق تختلط بشكاوى المواطنين من أسعار السلع التي ارتفعت كالنار في الهشيم، بينما الكهرباء تقطع لساعات طويلة، والغاز المنزلي يتحول إلى طابور انتظار لا نهاية له. في هذا المناخ القاتم، تسلّم رئيس الوزراء اليمني سالم صالح بن بريك مهامه، يرافقه محافظ البنك المركزي أحمد غالب، وسط أزمة تهدد بانهيار اقتصادي شامل. خلفية الأزمة قبل تولي بن بريك منصبه، كان الاقتصاد اليمني يعيش واحدة من أسوأ مراحله: • سعر الصرف وصل إلى 2899 ريال للدولار في بعض المناطق. • التضخم تجاوز 80% في أسعار المواد الغذائية. • العجز في الموازنة بلغ مستويات قياسية نتيجة توقف صادرات النفط وانخفاض الإيرادات العامة. • تدهور حاد في الخدمات الأساسية، خاصة الكهرباء والغاز. تحركات ميدانية منذ لحظة عودته إلى عدن في مايو 2025، كسر رئيس الوزراء نمط العمل الحكومي التقليدي عبر النزول الميداني المباشر. قام بزيارات مفاجئة لوزارات حيوية، والتقى مسؤولي الكهرباء والنفط والغاز، وعقد اجتماعات متكررة مع محافظ البنك المركزي. مشهد رئيس الوزراء وهو يتفقد مصافي عدن أو يترأس اجتماعات طارئة لبحث أزمة الوقود والكهرباء، نقل رسالة واضحة بأن الحكومة انتقلت من مرحلة الأقوال إلى الأفعال. قرارات مالية حاسمة في يونيو، أطلقت الحكومة حزمة إصلاحات مالية جذرية شملت وقف أي إصدار نقدي جديد، وإغلاق شركات الصرافة المخالفة، وتفعيل أدوات الدين العام، وتشديد الرقابة على السوق المصرفي، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات من المنافذ. هذه الإجراءات انعكست سريعاً على سعر الصرف، فتراجع الدولار من نحو 2899 ريال إلى 1617 ريال، مما أعطى الأسواق إشارة قوية بجدية الحكومة في حماية العملة. إصلاحات الطاقة والغاز تحرك رئيس الوزراء سريعاً لمعالجة أزمة الكهرباء عبر ضخ كميات إسعافية من الوقود للمحطات وتوفير شحنات إضافية بدعم خارجي، مع توجيه خطط لتنويع مصادر الطاقة. أما في ملف الغاز المنزلي، فتم رفع الحصص المخصصة للمحافظات وإنشاء مخزون استراتيجي وتشديد الرقابة لمنع الاحتكار. مشاريع استراتيجية وتنموية لم تقتصر خطوات الحكومة على المعالجات العاجلة، بل امتدت إلى مشاريع استراتيجية كإعادة تشغيل مصافي عدن وتحويلها إلى منطقة حرة. وفي أغسطس، ترأس بن بريك اجتماعاً حكومياً أقر إجراءات لتسريع استكمال مشروع إعادة تأهيل ميناء الاصطياد السمكي وملحقاته في عدن بتمويل ألماني عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، بهدف رفع الإنتاجية وتحسين الوضع الاقتصادي للسكان وتعزيز الأمن الغذائي. المشروع شمل تأهيل المبنى الإداري، وتوريد معدات مخبرية لمراقبة جودة الأسماك، وتدريب مئات المستفيدين، واستكمال الدراسات الفنية لتطوير البنية التحتية للميناء. الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار مع تحسن سعر الصرف، شدد رئيس الوزراء على ضرورة انعكاس ذلك مباشرة على حياة المواطنين، خصوصاً في أسعار الأسماك والمنتجات الزراعية. أطلقت الحكومة بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والصناعة حملات رقابية مكثفة على الأسواق، وإصدار نشرات شبه يومية للأسعار، وضبط أي ممارسات احتكارية. وفي خطوة نوعية، أصدر مجلس الوزراء في 12 أغسطس قراراً يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن الريال اليمني في المعاملات التجارية والخدمية، مؤكداً التزامه بفرض السيادة النقدية. تعزيز السيادة الاقتصادية في اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 13 أغسطس، أُجري تقييم شامل للإجراءات الرقابية على الأسعار، وتم التشديد على استدامة التحسن الاقتصادي، وضمان أن استقرار سعر الصرف ليس هدفاً بحد ذاته بل وسيلة لتخفيف الأعباء المعيشية. المجلس أكد أن هذه الخطوات تأتي ضمن مواجهة الحرب الاقتصادية الحوثية، وأشاد بدعم الأشقاء في السعودية والإمارات، داعياً لتوسيع الشراكات مع المانحين لتثبيت مكاسب الاستقرار. المعركة مع الحوثيين أدركت الحكومة أن الإصلاح الاقتصادي لا ينفصل عن مواجهة الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون، فأصدرت قرارات تبطل أي إجراءات مالية لهم، وواجهت العملة المزورة، وسعت دبلوماسياً للضغط عليهم في ملف النفط والموانئ. تصريحات مباشرة في أكثر من مناسبة، شدد رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك على أن التحسن في سعر الصرف "ليس خبراً اقتصادياً فقط، بل فرصة لرد الاعتبار لجيوب المواطنين". وأكد أن الأمن الغذائي أولوية مطلقة، وأن المضاربة والاحتكار "خصمان سنواجههما بكل الوسائل القانونية". وفي حديثه للتجار والمستوردين، قال: "الأسعار يجب أن تنخفض فوراً، ولا مبرر لبقائها مرتفعة. انخفاض سعر الصرف ليس رقماً نظرياً، بل يجب أن يشعر به المواطن في حياته اليومية"، مضيفاً: "ليس مقبولاً أن يكون سعر مزاد الجملة في مواقع الإنزال منخفضاً، بينما سعر التجزئة في المدن والقرى مضاعفاً. وجهت بضبط الفارق بين الجملة والتجزئة حتى تصل المنتجات للمستهلك بسعرها العادل". كما شدد على أن الحكومة لن تسمح بأن يظل المواطن أسير جشع بعض التجار، وأن فرق الرقابة ستضاعف جهودها ولن تتهاون مع أي مخالفات، مؤكداً أن كل جهة أو فرد يحاول الالتفاف على القرارات لتحقيق مكاسب غير مشروعة "سيُحاسب وفق القانون ودون أي استثناء". ردود الفعل الشعبية أحدثت هذه الإجراءات والقرارات حالة ارتياح شعبي كبير، خصوصاً مع بدء ملاحظة انخفاض أسعار بعض السلع الأساسية في الأسواق. امتلأت منصات التواصل الاجتماعي برسائل دعم لرئيس الوزراء وفريقه، وكتب ناشطون أن "ما يحدث اليوم هو بداية معركة اقتصادية حقيقية لاستعادة كرامة المواطن". واعتبر آخرون أن هذه الخطوات "تعكس جدية الحكومة في مواجهة الفساد والمضاربة، وإعادة الثقة بين المواطن والدولة". في الشارع، عبّر مواطنون عن ارتياحهم لعودة بعض الخدمات وتحسن إمدادات الكهرباء والغاز، معتبرين أن أي تحسن اقتصادي يجب أن يترجم سريعاً إلى تغير ملموس في معيشة الناس. هناك من شبّه هذه الجهود بـ"عملية إنقاذ لاقتصاد كان على حافة الانهيار"، مؤكدين أن دعم المواطنين للحكومة في هذه المرحلة أمر ضروري لاستمرار الزخم وتحقيق المزيد من النتائج. تحليل الخبراء يرى خبراء الاقتصاد أن القرارات الأخيرة، خاصة وقف الطباعة وضبط سوق الصرف وحظر التعامل بالعملات الأجنبية في المعاملات الداخلية، تمثل إجراءات سيادية نادرة الحدوث في السياق اليمني، وهي قادرة على إعادة بناء الثقة بالعملة الوطنية إذا ترافقت مع سياسات اقتصادية متكاملة. ويشير الخبراء إلى أن التركيز على مشاريع استراتيجية كإعادة تأهيل ميناء الاصطياد، وإعادة تشغيل المصافي، وتوسيع الاستثمار في الطاقة، يمكن أن يوفر مصادر دخل جديدة ويقلل من الاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسي للإيرادات. لكنهم في الوقت نفسه يحذرون من أن هذه المكاسب لا تزال هشة، إذ يمكن أن تتأثر سلباً بانتكاسات أمنية أو سياسية، أو بتأخر الدعم الخارجي الضروري لتغطية العجز وتمويل مشاريع البنية التحتية. ويرى بعضهم أن معركة ضبط الأسعار أصعب من استقرار سعر الصرف، لأنها تتطلب تنسيقاً محكماً بين الحكومة والقطاع الخاص والسلطات المحلية، إضافة إلى حملات رقابية مستمرة. كما يشددون على ضرورة خلق بيئة استثمارية آمنة وجاذبة، لأن أي انتعاش اقتصادي حقيقي لن يكون ممكناً دون عودة النشاط الاستثماري وفتح فرص العمل أمام المواطنين. الخلاصة أربعة أشهر من العمل المكثف وضعت الاقتصاد اليمني على مسار مختلف: تحسن سعر الريال، تراجع أسعار بعض السلع، تحرك مشاريع استراتيجية كميناء الاصطياد ومصافي عدن، وتشديد الرقابة على الأسواق. ورغم بقاء تحديات كبرى أبرزها الحرب الاقتصادية الحوثية وتراجع الإيرادات النفطية، فإن ما تحقق يمثل خطوة متقدمة في معركة استعادة الاستقرار والسيادة الاقتصادية.