logo
انتشار الحصبة في تكساس الأميركية يثير القلق

انتشار الحصبة في تكساس الأميركية يثير القلق

Independent عربية١٧-٠٣-٢٠٢٥

تفشي مرض الحصبة القاتل في غرب ولاية تكساس الأميركية الذي ربط حتى الآن بحالتي وفاة ومئات المصابين، من المحتمل أن يكون أكثر انتشاراً بكثير مما كان يخشى في البداية، وفقاً لخبراء الصحة.
وإذا كان الأمر كذلك، فستحتاج السلطات إلى التحرك بسرعة وحسم لوقف انتشاره المستمر الذي قد يكون مميتاً في مجتمعات أخرى ذات معدلات تلقيح منخفضة.
ومنذ أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، سجلت 223 حالة إصابة بالحصبة في تكساس، حيث نقل 29 منها إلى المستشفى. والشهر الماضي، حذرت إدارة خدمات الصحة العامة في تكساس من أن شخصاً مصاباً قد يكون عرض أشخاصاً آخرين، وربما مئات الآلاف، للخطر أثناء سفره بين سان ماركوس وسان أنطونيو قبل أن يعرف بإصابته.
لكن ما يثير القلق بصورة خاصة هو الوفيات. فقد أبلغ عن أول حالة وفاة لطفل غير ملقح لا يعاني أمراضاً أخرى، وكان يعيش في منطقة تفشي المرض. كما أبلغ عن حالة وفاة ثانية في مقاطعة ليا في ولاية نيو مكسيكو المجاورة، وهي أيضاً لمريض غير ملقح. ولا يزال السبب الرسمي للوفاة قيد التحقيق، لكن وزارة الصحة في الولاية أكدت وجود فيروس الحصبة. وأبلغت نيو مكسيكو عن 33 حالة إصابة.
ومع ارتفاع حصيلة الوفيات، يتساءل الخبراء عن إمكان وجود حالات أخرى غير مكتشفة. وبحسب مركز جامعة شيكاغو الطبي فإن الوفاة تحدث نتيجة مضاعفات الفيروس في واحدة إلى ثلاث من كل ألف حالة في الولايات المتحدة، كما يمكن أن يؤدي المرض إلى التهاب في الدماغ قد يتسبب في ضرر دائم.
وقالت عالمة الأوبئة كايتلين جيتيليـنا لموقع "ستات نيوز" STAT News الأربعاء الماضي: "قد يكون هذان الشخصان ببساطة غير محظوظين على الإطلاق. إنه أمر مفاجئ، خصوصاً بالنظر إلى عدد الوفيات المنخفض الذي شهدناه خلال العقد الأخير."
وأضافت كاثرين ويلز، مديرة الصحة العامة في مدينة لوبوك في تكساس، للموقع: "شعوري الداخلي يخبرني بأن هناك حالات لم يبلغ عنها، فبعضهم قد يظن أنها أعراض لا تستدعي اختباراً للحصبة"، مضيفة "سيكون من الصعب القضاء على الحصبة في هذه المنطقة، غير أنني لا أستطيع تحديد ما إذا كانت الحالات ستصل إلى 500 أو ألف."
وتقول ولاية تكساس إنه بالنظر إلى طبيعة فيروس الحصبة، من المحتمل أن تظهر حالات إضافية في منطقة التفشي والمجتمعات المحيطة.
وهناك عقبات عدة تعوّق تحديد الحجم الكامل لأكبر تفشٍّ في البلاد منذ ستة أعوام. فمن المحتمل أن كثيراً من الأشخاص في المناطق التي قد تكون تعرضت للفيروس لا يتعاونون أو يبلغون عن الإصابة.
ومن الممكن ألا يكون بعضهم على علم بإصابته، بخاصة في الحالات التي تحدث بعد التطعيم. ووفقاً لمركز "مايو كلينك" Mayo Clinic، تظهر أعراض الحصبة عادة بعد 10 إلى 14 يوماً من التعرض للفيروس. وتكون الإصابات في الأشخاص المحصنين أقل حدة، وعلى رغم ندرتها، فإن الأشخاص القريبين من مناطق التفشي يصبحون أكثر عرضة للإصابة.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المؤكد أنه بالإمكان الوقاية من الحصبة باللقاحات، لكن خطر الإصابة يظل قائماً بسبب انخفاض معدلات التطعيم. فقد تراجعت معدلات التطعيم للأطفال في جميع أنحاء البلاد بعد جائحة كورونا، وتشير التقارير إلى أن المدارس في منطقة سان أنتونيو تشهد زيادة في عدد الطلاب الذين يرفضون اللقاحات، وفقاً لصحيفة "سان أنتونيو إكسبريس نيوز."
وليس من غير المتوقع ظهور حالة أو حالتين في المجتمعات التي تحظى بتغطية تطعيم عالية. لكن الدكتور بيل موس من جامعة جونز هوبكنز يحذر من أن تفشياً جديداً قد يحدث إذا انتقل شخص مصاب بالحصبة إلى مجتمع آخر يحوي عدداً كبيراً من غير المحصنين، مما قد يؤدي إلى انتشار العدوى إلى مناطق أخرى.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة إريكا كوفمان ويست، مديرة الأمراض المعدية في قسم العلوم والطب والصحة العامة في الجمعية الطبية الأميركية، أنه "إذا كانت نسبة التطعيم ضد الحصبة ضمن المجتمع المحيط بك 95 في المئة أو أكثر، فإن ذلك يقلل من خطر التفشي إلى حد كبير لأنه حتى إذا أصيب شخص واحد، فإن جميع من حوله سيكونون محصنين". وأضافت: "لكن عندما تنخفض النسبة تحت 95 في المئة، يبدأ ظهور جيوب من التفشي."

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القصف الإسرائيلي متواصل على غزة و79 قتيلا في 24 ساعة
القصف الإسرائيلي متواصل على غزة و79 قتيلا في 24 ساعة

Independent عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • Independent عربية

القصف الإسرائيلي متواصل على غزة و79 قتيلا في 24 ساعة

أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس" في غزة اليوم السبت، أن القصف الإسرائيلي على القطاع أسفر عن مقتل 79 شخصاً وإصابة 211 آخرين خلال 24 ساعة، لترتفع حصيلة القتلى منذ بدء الحرب إلى 53901. وفي وقت سابق اليوم، أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل ستة فلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية على القطاع. وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطواقم نقلت ستة قتلى في الأقل "بينهم أفراد عائلة واحدة، وعدداً من المصابين جراء استمرار العدوان والغارات الجوية في مناطق مختلفة" في قطاع غزة. وقال بصل إن أربعة قتلى وعشرات الجرحى سقطوا جراء "قصف جوي إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الأمل في خان يونس وجميعهم من عائلة المدهون". وأوضح بصل أنه نُقل قتيلان وعدد من الإصابات بينهم أطفال جراء "قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلاً لعائلة جودة في مخيم النصيرات" وسط القطاع. وأشار المتحدث إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارات عدة "عنيفة" في مدينة غزة وشمال القطاع، كما قصفت المدفعية الإسرائيلية صباح اليوم باتجاه بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس، وباتجاه مخيمي النصيرات والبريج في وسط القطاع. ولفت بصل إلى أن الجيش "نسف عدداً من المنازل في رفح (جنوب القطاع)، وعدداً من المنازل في حي الزيتون" شرق مدينة غزة، مما أسفر عن تدمير هذه المنازل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يستطيع التعليق على ضربات معينة من دون "إحداثياتها الجغرافية الدقيقة". ومنذ بدء الحرب، بلغ عدد القتلى الفلسطينيين في غزة 53901، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأحدث حصيلة أوردتها اليوم وزارة الصحة التي تديرها "حماس"، وبينهم 3747 قتيلاً في الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها وعملياتها العسكرية في الـ18 من مارس (آذار) الماضي بعد هدنة هشة استمرت شهرين. وبدأت المساعدات الإنسانية بدخول القطاع الإثنين للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين بعد سماح إسرائيل بدخولها. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس الجمعة أن "الفلسطينيين في غزة يعانون ما قد تكون الفترة الأكثر وحشية في هذا النزاع القاسي". ودعا برنامج الأغذية العالمي أمس في بيان إلى "إيصال كميات أكبر بكثير من المساعدات الغذائية إلى غزة بشكل أسرع".

دراسة تكشف عن أفضل فئة أدوية لعلاج حالات كورونا الحادة
دراسة تكشف عن أفضل فئة أدوية لعلاج حالات كورونا الحادة

الوئام

timeمنذ يوم واحد

  • الوئام

دراسة تكشف عن أفضل فئة أدوية لعلاج حالات كورونا الحادة

كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية ذا لانسيت ريسبيراتوري ميديسن عن أن فئة أدوية مثبطات جانوس كيناز (JAK inhibitors)، التي تعمل على إبطاء استجابة الجهاز المناعي، تمثل الخيار الأفضل لعلاج المرضى المصابين بكوفيد-19 الحاد الذين يتطلبون دخول المستشفيات. وقام فريق الباحثين بتحليل بيانات ما يقرب من 13 ألف مريض بالغ تم إدخالهم إلى المستشفيات بسبب كورونا، ضمن 16 تجربة عشوائية أجريت بين مايو 2020 ومارس 2022، لمقارنة تأثير هذه الفئة الدوائية بأدوية أخرى مثل الستيرويد ديكساميثازون أو مثبطات الإشارات الالتهابية (IL-6). وأظهرت النتائج أن نسبة الوفاة في اليوم الثامن والعشرين بعد بدء العلاج انخفضت إلى 11.7% لدى المرضى الذين تلقوا مثبطات جانوس كيناز، مقارنة بنسبة 13.2% لدى أولئك الذين عولجوا بأدوية أخرى. وباحتساب عوامل الخطر المختلفة، فإن احتمالات الوفاة تراجعت بنسبة 33% مع استخدام هذه الأدوية. وأشارت الدراسة إلى أن هذه النتائج يجب أن تُدمج في إرشادات منظمة الصحة العالمية لعلاج كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم، مؤكدة أهمية تبني الممارسات العلاجية المبنية على أدلة علمية قوية، حتى في ظل انخفاض انتشار الفيروس حالياً. وتشمل هذه الفئة أدوية مثل 'زيلجانز' (توفاسيتينيب) من إنتاج فايزر، و'أولوميانت' (باريسيتينيب) من شركة إيلي ليلي، بالإضافة إلى 'رينفوك' (أوباداسيتينيب) من شركة آبفي. ولم تقتصر فوائد هذه الأدوية على تقليل الوفيات فقط، بل ساهمت أيضاً في خفض الحاجة لاستخدام أجهزة التنفس الاصطناعي، وساعدت المرضى على الخروج من المستشفى بسرعة أكبر بحوالي يوم كامل، مع تقليل المضاعفات الخطيرة المرتبطة بالمرض. والجدير بالذكر أن فعالية هذه الأدوية لم تتأثر بحالة تلقي المرضى لقاحات كوفيد-19، ما يعزز دورها كخيار علاجي أساسي في مواجهة الحالات الحادة.

مشاعر الندم التي باح بها مرضاي خلال أيامهم الأخيرة ستفاجئكم
مشاعر الندم التي باح بها مرضاي خلال أيامهم الأخيرة ستفاجئكم

Independent عربية

timeمنذ 2 أيام

  • Independent عربية

مشاعر الندم التي باح بها مرضاي خلال أيامهم الأخيرة ستفاجئكم

يغمرني شغف عميق تجاه الرعاية الصحية التلطيفية ومساعدة المرضى في غمرة أيامهم الأخيرة على الرحيل عن هذه الدنيا "بسلام وسكينة"، في عبور هادئ وكريم يليق بكرامة الإنسان. ولكن من المهم أن نفهم أن الرعاية التلطيفية لا تتمحور حول الموت نفسه فحسب. جزء رئيس من عملي يتركز على أناس في نهاية مشوارهم الأرضي، واستقيت منهم على مدى الأعوام الستة الماضية، دروساً ثمينة حول الحياة، وكل ما يستحق أن نعيش أيامنا من أجله. أعمل مع أشخاص من مختلف الأعمار، من سن الـ18 فما فوق، يكابدون أمراضاً متنوعة، من بينها السرطان وقصور القلب و"باركنسون" وداء "العصبون الحركي" [يصيب الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم في العضلات]. وعلى رغم تفاوت حالاتهم وأعمارهم وتجاربهم الحياتية، يتشارك كثير منهم الرؤى العميقة عينها التي تتكشف في أعماقهم مع اقتراب لحظات الوداع. في غالب الأحيان، يتحسر هؤلاء على وقت ضاع هباء وأيام انسلت من بين أيديهم بلا معنى. ويستعيدون شريط الماضي ويعتصرهم الندم لأنهم لم يمنحوا الأولويات الحقيقية ما تستحق، ولم يحتضنوا اللحظات بعفويتها وقيمتها العابرة. نحيا في مجتمع يركض فيه الجميع بلا هوادة، ونثقل كاهلنا بضغوط كبيرة طامحين إلى تحقيق إنجازات عظيمة، فيما يضيع منا بهدوء المعنى الحقيقي للحياة. وحينما تقترب الرحلة من خواتيمها، يتأمل الناس غالباً حياتهم التي مضت ليكتشفوا أن ما يستحق التوقف من أجله ليس الإنجازات الكبيرة، بل تلك اللحظات الصغيرة التي مرت بهدوء، كنزهة في الهواء الطلق، أو تمشية مع الكلب، أو حديث دافئ مع صديق. وفي هذه المرحلة، يدركون كم كانت تلك الأوقات عظيمة بتفاصيلها. وأنا بدوري، أيقنت كم ثمين أن أكون حاضرة في حياة أطفالي فيما يكبرون. لذا، لا تفوتوا يوم الرياضة، ولا عرض المسرحية المدرسية، إن استطعتم. مرضاي يذكرونني دائماً بأن الزمن لا يعود، وأن اللحظة التي تضيع، تضيع إلى الأبد. وعلى فراش الموت، يندمون أشد الندم أيضاً على الانشغال بالخلافات. على حين غرة، تبدو تلك المشاحنات التافهة أو الضغائن التي حملوها طوال أعوام بلا معنى، وكأنها لم تكُن تستحق ذلك العناء كله. وعموماً، يتوق الناس إلى المصالحة عندما تقترب النهاية. ويتكرر المشهد أمامي مراراً. أفراد من العائلة وأصدقاء غابوا دهراً، يستجيبون ويعودون لزيارة المريض، قبل أن يخونهم الوقت. في المحطة الأخيرة، ترى الحياة من منظور مختلف، فتكتشف لماذا تصدعت العلاقات وأين غابت الكلمات الطيبة. ويتأمل المرضى جراحهم القديمة ويتساءلون بصدق "هل كان يسعني أن أتصرف بصورة مختلفة"، أو "لماذا تفوهت بذلك الكلام حينها؟". أحد لا يريد أن يودع الحياة مثقلاً بالندم. تجتاحك مشاعر كثيرة عندما ترى أشخاصاً عادوا أخيراً بعد طول قطيعة، وغالباً ما تكون تلك اللقاءات مشحونة بالحنين لكل من حضرها وشارك فيها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والمثير للاهتمام أنني لم أرَ إلا قلة من الناس شعروا بالندم على قرارات تضر بصحتهم، إنما استمتعوا بها، مثل شرب الكحول أو التدخين. ومع ذلك، سمعت كثراً منهم يتمنون لو أنهم ذهبوا إلى طبيبهم عندما ظهرت عليهم الأعراض الأولى للمرض. ويقولون غالباً: "ليتني استشرت طبيبي العام"، أو "ليتني أجريت فحص مسحة عنق الرحم عندما طُلب مني". من السهل جداً إرجاء الأمور. ويرغب المرضى غالباً في الحديث عن حياتهم العاطفية. زواجهم وأطفالهم وعائلاتهم وأصدقاؤهم... ففي لحظات النهاية، يكون هؤلاء محور الاهتمام، وكل ما سواهم يبدو بلا قيمة. من الرائع حقاً أن تسمع قصص حيوات الناس بكل تفاصيلها. أحياناً، يعودون بالذاكرة لأحداث مضت قبل أكثر من 70 عاماً، مثل تلك اللحظات السحرية التي جمعتهم بأزواجهم أو زوجاتهم. ودائماً ما ترسم هذه القصص البسمة على وجوههم لأنها تعيدهم لأوقات فاضت فرحاً وحباً. وفي المقابل، يقول بعضهم: "لقد انفصلت. ليتني تزوجت حبيبة طفولتي، لكان كل شيء مختلفاً...". وكثيراً ما نسمع أشخاصاً يتمنون لو أنهم تزوجوا حبهم الأول. لم يقُل لي أحد قط أنه يتمنى لو أمضى وقتاً أطول في المكتب أو العمل. ولحسن الحظ، لم يعترف أحد أبداً بارتكاب جريمة. صراحة، لست متأكدة إن كنت أرغب في معرفة ذلك. أن تكوني ممرضة في الرعاية التلطيفية يعني أن تتحلي بصبر كبير. فكثير من المواقف تتسم بالصعوبة أو التعقيد، وتتطلب مرونة وحذراً في التعامل معها، إذ تكون مجبولة بالمشاعر المرهفة والحزن العميق، وعلينا أيضاً أن نمتلك مهارات استماع ممتازة، فقد يروي لنا المرضى أو عائلاتهم قصصاً لم يرغبوا في التحدث عنها سابقاً. ويفتح لنا هؤلاء أبواب مشاعرهم على مصراعيها، وهو شرف عظيم لنا. أحياناً، يشعر المرضى بغضب شديد، لعلمهم أنهم سيغادرون هذه الدنيا قريباً، ويشعرون بأن الأيام حرمتهم من إنجازات حياتية مهمة كإنجاب الأطفال، أو الاستمتاع بأمور كانوا يتخيلون أنها ستكون جزءاً من حياتهم في مرحلة الشيخوخة. ولكن من واقع خبرتي، من المهم جداً منحهم الوقت والمساحة الكافيين لاستكشاف هذه المشاعر بصورة كاملة، وتذكيرهم بأنه لا بأس من الغضب أو الشعور بالحزن العميق أو الاستياء الشديد. في هذه الحالة، نجتمع كفريق واحد ونتحدث إليهم وإلى عائلاتهم، ونحاول إيجاد منافذ للمساعدة، سواء عن طريق قضاء وقت في الهواء الطلق، أو الاستماع إلى الموسيقى التي يحبونها، أو حتى مجرد الاستماع إلى شخص ما من دون إصدار أية أحكام. أحياناً، يصعب علينا فصل مشاعرنا عن طبيعة عملنا. العناية التلطيفية لا تشبه مثلاً بيئة المستشفيات المخصصة للحالات الطارئة حيث الإيقاع السريع للأحداث لا يسمح بالتقاط الأنفاس. هنا، نخصص الوقت والمساحة لبناء علاقة إنسانية حقيقية مع مرضانا. نتعرف إليهم وإلى عائلاتهم عن كثب، حتى نكاد نصبح جزءاً من نسيجهم الأسري. وعلى رغم أن فقدان مريض بنينا معه علاقة وثيقة يبقى تجربة مؤلمة، أجدني أستمد العزاء من التأثير الإيجابي الذي تركته لدى هذه العائلة أو تلك. أضف إلى ذلك أن بيئة العمل الداعمة تشكل سنداً حقيقياً في مثل تلك اللحظات. صرت أعرف الآن أيضاً أهمية التحدث عن رغبات نهاية الحياة قبل وقت طويل من انطفاء شمعة العمر. فاعتاد أفراد عائلتي على المزاح في شأن إصراري الدائم على إثارة هذا الموضوع، ولكني سأبقى أطرحه دائماً. الحديث عن الموت ليس مخيفاً خلافاً لما يظنه بعضهم. وعندما لا تتناول العائلات هذه المسائل مسبقاً، أرى بأم العين حجم الضغط النفسي الذي يثقل كاهل الأقارب، ممن يُتركون في مواجهة أسئلة صعبة ومؤلمة من قبيل: هل كان أحباؤهم يفضلون الدفن أو الحرق، أو ما هي حاجاتهم الروحية خلال أيامهم الأخيرة. وإذا سارت الأمور كما ينبغي، نكون نحن هنا لمساعدة العائلات في تسهيل هذه القرارات والدفاع عن رغبات المريض وتهدئة التوترات في المواقف الصعبة والوصول في نهاية المطاف إلى حل توافقي يراعي الجميع. في الحقيقة، ليس الموت بسلام رهناً بالإيمان وحده. لقد استقبلنا مرضى من الأديان كافة، ومرضى لا يتبعون أية ديانة. يسألنا بعضهم أن نفتح النافذة بعد وفاتهم لإطلاق الروح بعد مغادرتها الجسد، أو يطلبون منا اتباع طقوس خاصة. في المقابل، لا يرغب آخرون في الخوض في أية ترتيبات قد نتبعها بعد أن تغمض عيونهم إلى الأبد، ولا التفكير في الجنازة، وليست الروحانيات من أولوياتهم. يفضلون التحدث عن كرة القدم مثلاً. وجل ما يطمحون إليه موت هادئ وكريم يتماشى مع رغباتهم. في لحظات الحزن العميق، يعزيك أن تعلم أن من تحب غادر الدنيا بسلام. وتشعر العائلة بالمواساة، إذ تتذكر التفاصيل البسيطة والملامح التي طبعت لحظات فقيدهم الأخيرة، وتبث في قلوبهم الراحة في أنه عبر إلى الضفة الأخرى بسلام وسكينة. في نهاية الحياة، تبقى الكرامة هي المسألة الأهم. عندما نستقبل المريض، نحرص على أن نسأله: "ما الذي يهمك؟"، ويختلف الجواب باختلاف الأشخاص. يرغب أحدهم مثلاً في ارتداء "بيجامته" المفضلة، وربما يطلب آخر احتساء كوب من الشاي كل صباح. ولكن الحاجة التي تجمع بينهم، الاعتراف بهم كأفراد لكل منهم خصوصيته وقيمته الفريدة، وعدم معاملتهم كمجرد أرقام في خضم روتين الإجراءات وسلسلة الحالات. من لم يشهدوا وفاة في دار للرعاية التلطيفية، يتصورون الموت غالباً كما يبدو في المسلسلات التلفزيونية: مشهد فوضوي مرعب، يعج بالتوتر والذعر. ولكني أطمئنهم إلى أنه قد يكون أيضاً رحيلاً هادئاً يحفظ للإنسان كرامته وقيمته، ولا سيما في بيئة يسودها الأمان وتغمرها المحبة. أما أنا، فستبقى مشاركتي المتواضعة في هذه الرحلة السامية امتيازاً أعتز به. دار "سو رايدر" موجودة كي لا يواجه أحد الموت أو الحزن وحيداً. لمزيد من المعلومات حول خدمات الرعاية التلطيفية، زوروا الموقع الإلكتروني ، أو ابحثوا عن عبارة "الحزن يستحق الأفضل" Grief Deserves Better للحصول على دعم مجاني في حالات الفقد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store