
هل تقف إيران وحيدة في مواجهة أميركا وإسرائيل؟
تواجه إيران لحظة مفصلية تُعد من بين الأخطر في تاريخها الحديث، بعد هجوم إسرائيلي واسع استهدف مواقع عسكرية بارزة وعدداً من كبار قادتها، تلاه قصف أميركي طاول منشآت نووية حساسة.
وتُدرك القيادة الإيرانية أنها تخوض المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل بمفردها، في ظل موقف روسي وصيني يقتصر على الدعم اللفظي دون أي خطوات ملموسة، بينما تراجعت قوة نفوذ وكلائها الإقليميين بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، بحسب تقرير نشرته "بلومبرغ".
ومنذ بدء إسرائيل ضرباتها في 13 يونيو، لمّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أن أهداف العمليات تتجاوز مجرد تحييد البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى إمكانية السعي نحو تغيير النظام.
لكن المخاوف تتزايد من أن يؤدي عزل إيران إلى ردود فعل أكثر حدةً وصعوبة في التنبؤ، خصوصاً في ظل انكفاء داعميها التقليديين.
وقال محللون في "بلومبرغ إيكونوميكس"، من بينهم آدم فارار ودينا إسفندياري: "بينما تواجه إيران اختبارها العسكري الأشد منذ عقود، يبقى من غير المرجح أن تتلقى مساعدات ملموسة من موسكو أو بكين".
وأشاروا إلى أنه "رغم الشراكات الاستراتيجية الثنائية التي تجمع إيران بكلا البلدين، فإن لا روسيا ولا الصين تُعدّان حليفين عسكريين رسميين لطهران، ومن غير المرجح أن يقدما دعماً عسكرياً أو اقتصاديا كبيراً، بسبب قيودهما الداخلية واعتبارات استراتيجية أوسع".
ولم تتلق إيران أي دعم يُذكر من تكتل "بريكس" للأسواق الناشئة، رغم تأكيد هذا التكتل الرغبة في إقامة نظام عالمي جديد لا تهيمن عليه الدول الغربية.
وانضمت إيران إلى "بريكس" في أوائل عام 2024، لكن التكتل، الذي يضم أيضاً البرازيل وروسيا والهند والصين، التزم الصمت إزاء الهجمات الأميركية والإسرائيلية.
وكانت إيران قد وقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع روسيا في يناير، وتقول تقارير غربية إن طهران زودت موسكو بطائرات مسيّرة قتالية وصواريخ باليستية خلال الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك، أوضح المسؤولون الروس أن الاتفاقية لا تتضمن التزامات بالدفاع المشترك، وأن موسكو لا تنوي تزويد طهران بأسلحة، حتى مع تأكيدهم أن إيران لم تطلب ذلك أصلاً.
روسيا تخاطر بخسارة حليف آخر
وبدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد، زيارة إلى موسكو، لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، بشأن الوضع الراهن.
وقال عراقجي في تصريحات للصحافيين من موسكو، إن "الظروف التي تحكم المنطقة الآن تتطلب مشاورات أكثر دقة وجدّية مع روسيا لتكون في مصلحة البلدين".
ومع ذلك، لا يُتوقع أن يحصل عراقجي سوى على "كلمات ودية دون دعم عملي يذكر"، وفقاً لـ"بلومبرغ".
ويختلف هذا كثيراً عن عام 2015، حين انضمت روسيا إلى إيران في إرسال قوات إلى سوريا لإنقاذ نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي سقط في نهاية المطاف على يد قوات المعارضة في ديسمبر الماضي.
وتواجه موسكو خطر خسارة حليف رئيسي آخر في الشرق الأوسط إذا سقطت الحكومة في طهران. ورغم أن الكرملين دان الهجمات الإسرائيلية والأميركية، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منشغل بسبب حربه في أوكرانيا.
أما الصين، فقد "أدانت بشدة" الضربات الأميركية واعتبرتها انتهاكاً للقانون الدولي، لكنها لم تقدم أي دعم لإيران، رغم أن طهران تبيع نحو 90% من صادراتها النفطية لبكين.
ولم يظهر وكلاء إيران في المشهد بشكل يُذكر. فحزب الله اللبناني، الذي كان حتى وقت قريب أقوى الفصائل المدعومة من طهران، تلقى ضربات قاسية من إسرائيل العام الماضي.
ورغم أن "حزب الله" لا يزال يشكل تهديداً، إلا أنه لم يلوّح بدعم مباشر لطهران عبر إطلاق النار على إسرائيل، كما فعل مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وأصدرت الولايات المتحدة، الأحد، أوامر بمغادرة أفراد عائلات دبلوماسييها وموظفيها غير الأساسيين للبنان، في إجراء وقائي.
والاستثناء الوحيد هو "الحوثيون" في اليمن، الذين أطلقوا تهديدات جديدة ضد السفن التجارية والعسكرية الأميركية بعد ساعات من الضربات الأميركية على إيران. لكنهم بدورهم يواجهون خطر تعرضهم لهجوم أميركي جديد، شبيه بذلك الذي أمر به الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل التوصّل إلى هدنة معهم في مايو الماضي.
"تهميش أوروبا"
في الوقت نفسه، أصبحت القوى الأوروبية أكثر تهميشاً، سواء في التأثير على ترمب وإسرائيل، أو على طهران.
ولطالما لعبت بريطانيا وفرنسا وألمانيا دوراً محورياً في ملفات الشرق الأوسط. فالأولى والثانية كانتا من القوى الاستعمارية في المنطقة، فيما كانت ألمانيا تميل تاريخياً لمواقف مؤيدة لإسرائيل.
لكن حكومات هذه الدول كانت دائماً مطالبة بالتوازن في مواقفها بسبب ضغط الرأي العام المؤيد للقضية الفلسطينية، ما جعل موقفها معقداً وغير موحد أحياناً.
ويقود الحكومة البريطانية حالياً "حزب العمال"، الذي لا يزال مثقلاً بإرث قرار رئيسه الأسبق توني بلير الانضمام إلى غزو العراق عام 2003. لذا لا يرى رئيس الوزراء الحالي كير ستارمر أي مكاسب من دعم أي تدخل عسكري أميركي في الشرق الأوسط، وفضّل البقاء خارج المعادلة، رغم امتلاك بريطانيا للقدرات التي كانت قد تُوظَّف في العمليات.
أما ترمب، من جهته، لم يبدُ حاجة للدعم البريطاني.
وفي قمة مجموعة السبع، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دفع مسار التهدئة بين إسرائيل وإيران، إلا أن ترمب تجاهله بشكل علني، مما عكس حجم تهميش الدور الأوروبي.
ورغم ذلك، واصل ماكرون اتصالاته، لكن الواقع الذي بات جلياً، هو أن أوروبا تعاني من أزمة أقرب إلى حدودها، أزمة التهديد الروسي، ما يدفعها لتركيز أولوياتها بعيداً عن الشرق الأوسط، وفقا لـ"بلومبرغ".
وتسعى أوروبا إلى تأكيد التزام واشنطن بمبدأ الردع بعد الحرب العالمية الثانية، وتأمل أن يشارك ترمب في قمة الناتو المقررة في لاهاي، يومي الثلاثاء والأربعاء، لتقديم هذه الضمانات.
ولطالما شكلت أوروبا قناة خلفية للوساطة مع إيران، لكن في ظل تباعد المواقف بين واشنطن وبروكسل، هناك مخاوف من فقدان رسائل دبلوماسية مهمة، وهو أحد الآثار الجانبية لانفراد الولايات المتحدة بالتصعيد، وتحول أوروبا إلى لاعب ثانوي في أزمة تتعمّق يوماً بعد يوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
«هيئة الشورى» تحيل 45 تقريراً على «أعمال المجلس»
عقدت الهيئة العامة لمجلس الشورى برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل فهم السُّلمي، في مقر المجلس بالرياض، اجتماعها الحادي عشر من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة، بحضور الأمين العام للمجلس محمد داخل المطيري، ورؤساء اللجان المتخصصة، وذلك للنظر في الموضوعات المدرجة على جدول أعمالها، والمقدمة من لجان مجلس الشورى المتخصصة. ووافقت الهيئة العامة لمجلس الشورى، على إحالة 45 تقريراً سنوياً لأداء الأجهزة الحكومية على جدول أعمال جلسات المجلس القادمة، من بينها التقرير السنوي للهيئة السعودية للسياحة، والمعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي، والتقرير السنوي لوزارة التعليم، والتقرير السنوي لوزارة الصناعة والثروة المعدنية، والتقرير السنوي لوزارة الثقافة، وكذلك التقارير السنوية للمعهد الوطني لأبحاث الصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي، وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، والهيئة العامة للأمن الغذائي. كما أحالت الهيئة العامة، عدداً من تقارير لجان المجلس المتخصصة، التي تضمنت 15 مشروعاً لمذكرات تفاهم واتفاقيات ومعاهدات مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة في مجالات عدة، إضافة إلى عددٍ من مشاريع الأنظمة. يذكر، أنَّ الهيئة العامة لمجلس الشورى وفق قواعد عمل المجلس وإجراءاته واللائحة الداخلية للمجلس، تختص في وضع الخطة العامة للمجلس ولجانه، والتأكد من النواحي الإجرائية لتقارير اللجان ومدى جاهزيتها للعرض على المجلس، ووضع جدول أعمال جلسات المجلس، إضافة إلى عدد من الاختصاصات الأخرى التي تضمنتها قواعد وإجراءات عمل المجلس ولائحته الداخلية. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
المملكة ودعم القضايا العربية والإسلامية
تواصل المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مواقفها الثابتة والمُعلنة لنصرة القضايا العربية والإسلامية، ومد يد العون والمساعدة للشعوب التي تعاني جرّاء الحروب والصراعات في مختلف أنحاء العالم. ورغم أن القضية الفلسطينية وما يجري في غزة من قتل وتدمير وعربدة إسرائيلية هي ذات الأولوية لدى المملكة إلا أنها سجلت مواقفها المشرّفة تجاه القضايا العربية والإسلامية الشائكة في لبنان والسودان واليمن والعراق وسورية، واليوم تواصل موقفها الثابت الرافض المس بسيادة ووحدة الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل الكيان الصهيوني، مسجلة تواصلها مع المجتمع الدولي، والأشقاء والأصدقاء من أجل العودة إلى طاولة الحوار وإيقاف الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل. وما تقوم به المملكة من جهود، وما تسجله من مواقف عظيمة ومشرّفة إنما ينطلق من واجبها باعتبارها دولة رائدة في حفظ الأمن القومي العربي والإسلامي، ودورها في السياسة العالمية منطلقة من ثقلها الإسلامي والسياسي والاقتصادي والأمني والعسكري، وما تحظى به من احترام كبير في الأوساط الدولية، وهي التي عُرف عنها أنها لم تتأخر يوماً في تقديم العون لأي دولة إسلامية أو عربية تحتاج إلى دعم. أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
ترامب: الضرر الأكبر بمواقع إيران النووية كان تحت سطح الأرض بكثير
أكد الرئيس دونالد ترامب، صباح الاثنين، أن الضربات الأميركية دمرت المواقع النووية الإيرانية المستهدفة، وتسببت بـ"ضرر هائل"، على الرغم من تنويه مسؤولين من أن الحجم الحقيقي للأضرار لا يزال غير واضح. وكتب ترامب على حسابه في منصته التواصلية التي يمتلكها "تروث سوشيال": "لحق ضرر هائل بجميع المواقع النووية في إيران، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية. التدمير مصطلح دقيق"، دون أن يرفق منشوره بالصور التي أشار إليها. وأضاف ترامب: "الهيكل الأبيض الظاهر مُغروسٌ بعمق في الصخر، حتى سقفه يقع أسفل مستوى الأرض بكثير، وهو محميٌّ تمامًا من اللهب. وقع أكبر ضررٍ على عمقٍ كبيرٍ تحت مستوى الأرض. هدفٌ مُحقق!" يأتي ذلك فيما أفاد مراسل "أكسيوس" Axios على "إكس" أن ترامب سيجتمع مع فريقه للأمن القومي في الواحدة ظهرا اليوم الاثنين لمناقشة نتائج الهجوم على إيران. Trump will meet his national security team on Monday 1pm to discuss the results of strike in Iran — Barak Ravid (@BarakRavid) June 23, 2025 وكان مسؤولون كبار في إدارة الرئيس ترامب أكدوا، أمس الأحد، أن الغارات الجوية الأميركية على مواقع نووية إيرانية لم تكن تهدف لتغيير النظام، فيما حثت واشنطن طهران على الابتعاد عن الرد العسكري واللجوء إلى التفاوض. إيران نووي إيران بالصور.. الأقمار الاصطناعية تكشف أضرار الجبال بموقع فوردو بعد ضربات أميركا أميركا نووي إيران تستخدم لأول مرة بالتاريخ.. أقوى قنبلة غير نووية في العالم تضرب "فوردو" كما لم تكن عملية "مطرقة منتصف الليل" معروفة إلا لعدد قليل من الأشخاص في واشنطن وفي مقر القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط في تامبا بولاية فلوريدا. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال دان كين للصحافيين، إن سبع قاذفات من طراز بي-2 حلقت لمدة 18 ساعة من الولايات المتحدة إلى إيران لإسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات. وقال كين إن الولايات المتحدة أطلقت 75 قذيفة موجهة بدقة، بما في ذلك أكثر من 20 صاروخ توماهوك، إلى جانب مشاركة 125 طائرة عسكرية على الأقل في العملية التي استهدفت 3 مواقع نووية - فوردو وأصفهان ونطنز. وفيما حذر وزير الدفاع بيت هيغسيث إيران من تنفيذ تهديداتها السابقة بالرد على الولايات المتحدة، وقال إن القوات الأميركية مستعدة للدفاع عن نفسها، قال نائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس، في مقابلة أجراها معه برنامج "لقاء الصحافة مع كريستين ويلكر" على قناة "إن بي سي" NBC التلفزيونية، إن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع إيران بل مع برنامجها النووي.