logo
"التصعيد المدروس لدونالد ترامب"

"التصعيد المدروس لدونالد ترامب"

BBC عربيةمنذ يوم واحد

في جولة عرض صحف، تناولت "لوموند" الاشتباكات في الولايات المتحدة حول سياسة الترحيل، فيما ركزت "جيروزاليم بوست" على تراجع الهيمنة الشيعية في الشرق الأوسط، وناقشت "واشنطن بوست" أزمة انخفاض معدلات المواليد في أمريكا.
نبدأ جولتنا مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، التي تناولت في افتتاحيتها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإرسال الحرس الوطني ومشاة البحرية إلى مدينة كاليفورنيا، في خطوة ترى الصحيفة أنها تجاوز للسلطات المحلية، ما يعكس "استراتيجية متعمدة ومعلنة لتصعيد التوتر".
وتشير الصحيفة إلى أن نشر الحرس الوطني لاستعادة النظام العام يُعد أمرراً نادراً في الولايات المتحدة، خاصة عندما يتم تجاوز سلطة حاكم الولاية المعنية، معتبرة أن قرار ترامب يأتي ضمن استراتيجية "مدروسة ومعلنة لتصعيد التوتر" .
وفي خضم محاولة ترامب إقرار مشروع قانون الميزانية الذي من شانه أن "يزيد العجز الفيدرالي" - بحسب الصحيفة - عاد إلى ملف مكافحة الهجرة واستعادة النظام بالقوة، وهو الأمر الذي يُعتقد أنه يحظى بدعم أغلبية شعبية.
وترى الصحيفة أن توجه ترامب نحو عسكرة تطبيق القانون يعكس نزعات "استبدادية "ظاهرة، وأن التصعيد الذي يسعى إليه الرئيس يُسيء إلى القضية التي "يدّعي" الدفاع عنها، محذرة من أن الاعتماد على القوة والأساليب التصعيدية، لن يكون حلاً فعالاً أو مستداماً لإصلاح ملف الهجرة الذي غاب لعقود.
وبالنظر إلى انخفاض عدد حالات الدخول غير النظامية إلى الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة من رئاسة جو بايدن إلى أدنى مستوى خلال عقدين، تقول الصحيفة إن هذه النتائج تناقضت مع الخطاب المندد بـ"غزو" المهاجرين، إذ ظلت عمليات الترحيل على حالها، ما يفسر "تصاعد الموقف العدواني لشرطة الهجرة التي أُمرت بزيادة أعداد عناصرها".
وترى لوموند أن فرصة مهمة لحل قضية الهجرة تبددت بسبب "المواقف السياسية المتصلبة" التي تعرقل دراسة تأثيرات الهجرة على الاقتصاد والمجتمع الأمريكي.
"تحالف سني يحل محل إيران الشيعية"
في صحيفة "جيروزاليم بوست" ونقرأ مقالاً بقلم الكاتب أفرايم إنبار، الذي أشار إلى أن الشرق الأوسط يعاني من فوضى مستمرة، منذ أن أسقطت الولايات المتحدة نظام صدام حسين في 2003، وتورط عائلة الأسد أخيراً في حرب أهلية أفقدتها القدرة على مواجهة أنقرة.
ويذكر الكاتب أن الحرب الإسرائيلية متعددة الجبهات "أضعفت نفوذ إيران في المنطقة"، مما أدى إلى سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة قوى إسلامية مدعومة من تركيا على دمشق، كما قلصت الحملة العسكرية الإسرائيلية نفوذ إيران كخصم استراتيجي لتركيا في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، على حد تعبيره.
ويرى إنبار أن سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا يعزز نفوذ أنقرة، وأن نظرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "الخاطئة" لأردوغان كصديق، طمأنت تركيا بعدم تدخل أمريكي يوقف طموحاتها في استعادة هيمنتها بالشرق الأوسط، بحسب المقال.
ويشير الكاتب إلى أن "رؤية أردوغان العثمانية" تجلت بوضوح في خطاب فوزه عام 2011، حين أكد استفادت المدن التاريخية للإمبراطورية العثمانية مثل سراييفو وبيروت ودمشق ورام الله والقدس من إنجازه.
وبحسب المقال، فإن عقيدة "الوطن الأزرق" التركية تهدف لجعل تركيا القوة البحرية المهيمنة في شرق المتوسط وبحر إيجه والبحر الأسود، ويعكس توسع أنقرة في شراء الأسلحة البحرية سعيا لتأمين موارد الطاقة في المنطقة على حساب الأطراف الأخرى.
ويطرح الكاتب وجهة نظره التي ترى بأن "السخاء المالي القطري" لعب دوراً كبيراً في تعزيز قدرات تركيا وطموحاتها، مما ساعدها على تجاوز أزمتها الاقتصادية.
كما يشير إلى أن "قطر أصبحت من أبرز الداعمين للإسلاموية عالمياً"، معرباً عن أسفه "لغضّ واشنطن الطرف عن دعمها للإرهابيين الإسلاميين ومشاريعها المعادية للغرب"، حسب وصفه.
ويختتم الكاتب مقاله بأن أردوغان أعرب عن رغبته في امتلاك أسلحة نووية، "ولم يتردد في دعم داعش وحماس". مما يجعل الشرق الأوسط يواجه تهديداً مزدوجاً من "الانتشار النووي والإرهاب الإسلامي".
ويقول إنبار إنه "مع ضعف إيران الشيعية، ستستبدل بتحالف سني متطرف"، مختتماً بأنه "على الديمقراطيات أن تُدرك هذا الخطر الجديد".
"أزمة انخفاض المواليد في أمريكا"
وفي في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نقرأ مقالاً بقلم الكاتب إدواردو بورتر بعنوان "حتى السياسات الذكية لا تستطيع عكس مسار أزمة المواليد في أمريكا".
ويرى الكاتب أن أي ميدالية أمومة، أو مكافأة إنجاب لن تُصلح ما أفسده التحديث الاقتصادي.
وبدأ الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الأمريكيين لا ينجبون بالقدر الكافي، حيث انخفض معدل الخصوبة في البلاد بنحو الربع منذ بداية الركود الكبير أواخر عام 2007، ليصل إلى حوالي 1.6 طفل لكل امرأة .
يشير المقال إلى أن القلق من انخفاض المواليد لم يعد يقتصر على اليمين المحافظ، بل بات يثير اهتمام اليسار أيضاً، مع تصاعد المخاوف من الأعباء الاقتصادية الناتجة عن شيخوخة السكان وتراجع عدد العمال الشباب مقارنة بالمتقاعدين.
ويذكر الكاتب أن البيت الأبيض طرح عدة أفكار، منها مكافأة مالية قدرها 1000 دولار لكل طفل في مشروع قانون ترامب، وميدالية وطنية للأمهات ذوات الإنجاب المرتفع، إلى جانب خطة لتثقيف النساء حول دوراتهن لتعزيز فرص الحمل.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن الولايات المتحدة لا تقدم دعماً كافياً مقارنة بدول أخرى، إذ يبلغ متوسط الإنفاق العام على برامج دعم الأطفال والأسرة حوالي 2.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الـ 38. ويتجاوز هذا المعدل 3 في المئة في دول شمال أوروبا مثل السويد وألمانيا وفرنسا، بينما لا يتجاوز 1 في المئة في الولايات المتحدة فقط.
ويقول الكاتب إنه في حال نجح ترامب في إقناع المحكمة العليا بإلغاء حق المواطنة بالولادة، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من انخفاض معدل المواليد، مشيراً إلى أن المهاجرين لديهم معدلات خصوبة أعلى من غير المهاجرين، لذا يرى الكاتب أنه إذا كان ترامب يريد زيادة عدد الأطفال الأمريكيين، فعليه قبول العائلات الأمريكية كما هي.
في ختام المقال، يشير الكاتب إلى أنه رغم انخفاض معدلات المواليد في الدول الغنية، فإن العديد من الدول الفقيرة لا تزال تتمتع بمعدلات خصوبة مرتفعة، لذا يجب على إدارة ترامب توسيع فرص الهجرة وقبول التنوع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل باتت الضربة الإسرائيلية لمواقع نووية إيرانية مسألة وقت فقط؟
هل باتت الضربة الإسرائيلية لمواقع نووية إيرانية مسألة وقت فقط؟

BBC عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • BBC عربية

هل باتت الضربة الإسرائيلية لمواقع نووية إيرانية مسألة وقت فقط؟

تتوالى حرب التصريحات الأمريكية والإسرائيلية والإيرانية بشأن الخلاف حول برنامج طهران النووي، وكلها تبعث على الاعتقاد، حسب مراقبين، بأن عملا عسكريا إسرائيليا بالأساس ضد المواقع النووية الإيرانية بات جاهزا للتنفيذ إذا لم يتم تحقيق اختراق سريع في المفاوضات الأميركية الإيرانية التي ستجري الجولة السادسة منها الأحد في مسقط. ففي يوم الأربعاء 11 يونيو أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية أوامر بإجلاء موظفي السفارات الأمريكية غير الأساسيين وعائلاتهم، من البحرين والكويت والعراق، تحسبًا لتهديدات أمنية متزايدة، وسط تصريحات أميركية تفيد بوجود أخطار وشيكة بشن هجوم إسرائيلي محتمل على إيران. في اليوم نفسه أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن ثقته في التوصل إلى اتفاق مع طهران وموافقتها على وقف تخصيب اليورانيوم تراجعت وأن بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وفي يوم الخميس اتهم مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا إيران بانتهاك التزاماتها في مجال منع انتشار الأسلحة النووية. ووصفت الخارجية وهيئة الطاقة الذرية الإيرانيتان اتهام الوكالة بأنه "سياسي وأن سياسة التعاون مع الوكالة أدت إلى نتائج عكسية". وفيما تتشبث طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها لأغراض مدنية، وضرورة رفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة عنها، مقابل إخضاع برنامجها النووي للمراقبة الدولية ترى الولايات المتحدة أن لا مجال للثقة بنوايا إيران وأن أمنها وأمن إسرائيل وحلفائهما يقتضي تجريد طهران من كل إمكانيات الحصول على اليورانيوم أو تخصيبه وتصنيع أسلحة نووية مستقبلا. هذه التصريحات والتطورات المتلاحقة تزيد - حسب مراقبين - من ترجيح كفة المتشائمين بأن ضرب إيران مسألة وقت. فقد جرت خمس جولات من المفاوضات النووية، بوساطة عمانية، بين واشنطن وطهران منذ أبريل الماضي أعرب الجانبان، في نهاية معظمها، عن تحقيق تقدم ملحوظ. لكن تبين مع توالي الجولات أن ملف تخصيب اليورانيوم يشكل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق. فطهران تقول إنها لن تفرط في حقها في التخصيب باعتباره حقا سياديا، ضمن حدود اتفاق الضمانات، وتضيف أنها مستعدة للرد على أي هجوم عسكري قد تتعرض له منشآتها النووية وتهدد بأن القواعد الأمريكية في المنطقة مدرجة ضمن أهدافها الأولى. أما واشنطن فترى أن امتلاك طهران قدرة تخصيب اليورانيوم شرط غير مقبول لأنه ينطوي على تهديد لأمنها وأمن إسرائيل. وتطالب واشنطن طهران بتقديم تنازلات، وتحذرها في الوقت نفسه من أن عدم تجاوبها سيؤدي إلى المواجهة. إسرائيل من جهتها تنظر بقلق بالغ إلى أي اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران وتعتبره تهديدا وجوديا لأمنها. وتحاول إسرائيل الضغط على الإدارة الأمريكية لوقف المفاوضات مع طهران أو تقديم أي تنازلات لها، مؤكدة جاهزيتها للجوء إلى الخيار العسكري وإن بمفردها لضرب المنشآت النووية الإيرانية. يرى المتشائمون أن جلسة المفاوضات ليوم الأحد قد تكون الأخيرة، ذلك أن مواقف الطرفين باتت واضحة ويصرون على تكرارها، ما يعني أن هامش المناورة لديهما بدأ يضيق. كما أن اتهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات النووية رفع من حدة الأزمة. وقد وظفت إسرائيل تصريحات للمدير العام للوكالة رافائيل غروسي، قال فيها إنه عاجز عن التأكد مما إذا كان البرنامج النووي الإيراني ذو طبيعة مدنية مئة بالمئة. وحدد غروسي ثلاثة مواقع قال إنها سجلت أنشطة تخصيب مشبوهة. وعلى الفور اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية إيران بأنها تعمل على برنامج سري لإنتاج أسلحة نووية وأنها تسارع الزمن لمراكمة كميات من اليورانيوم المخصب بدرجات عالية. واعتبر البعض هذه التصريحات والحملة الإعلامية الإسرائيلية لإلصاق تهمة توظيف التخصيب لإنتاج أسلحة نووية بإيران تبريرا مسبقا لإقناع الرأي العام بضرورة التصدي عسكريا للبرنامج النووي الإيراني. أما إيران، ورغم التزامها بالحوار، فإنها تظل تلوح بالتصعيد وتقول إنها مستعدة لمواجهة جميع السيناريوهات. برأيكم: نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 13 يونيو/حزيران. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب هنا

إيران تهدد بضرب قواعد عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ما أبرزها؟
إيران تهدد بضرب قواعد عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ما أبرزها؟

BBC عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • BBC عربية

إيران تهدد بضرب قواعد عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ما أبرزها؟

تتصاعد التوترات في الشرق الأوسط في أعقاب إجلاء الولايات المتحدة دبلوماسيين بسفارتها في العراق إلى جانب كل من الكويت والبحرين. الخطوة جاءت في أعقاب تهديد إيراني بضرب قواعد عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط حال نشوب صراع. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

معضلة الولايات المتحدة
معضلة الولايات المتحدة

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

معضلة الولايات المتحدة

هل الصراع الذي يحتدم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والثري الصناعي، إيلون ماسك، حقيقي ويعكس عمق الخلاف بينهما؟ أم أنه ملهاة يريدان منها أن تلفت الأنظار إلى كل منهما بعيداً عما يشكل نقاط ضعف أساسية في مسيرتيهما؟ لكي نسعى للإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن نستذكر بعض الحقائق المهمة، وأولها أن الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية قد شهدت كثيراً من القرارات الأميركية المضادة لبعض الأطراف العربية والدولية. ومن هذه القرارات فرض عقوبات على أربعة من قضاة محكمة الجنايات الدولية، التي سارعت أوروبا إلى دحضها والترحيب بالمحكمة واستقلاليتها. والأمر الثاني، أن ترامب قد أعلن مزيداً من العقوبات على بعض المؤسسات والشخصيات الإيرانية، بسبب الإحباط الذي يشعر به حيال عدم انصياع إيران لمطلبه بوقف تخصيب اليورانيوم وقفاً كاملاً، وهو أمر ترفضه إيران، بدءاً من المرشد الإيراني علي خامنئي، وانتهاءً بأي ناطق إعلامي في طهران. وسبق إعلان هذه العقوبات أن تسربت أخبار تفيد بأن وزارة الخارجية الأميركية التي يديرها الطامح إلى الرئاسة ونصير إسرائيل القوي، ماركو أنتونيو روبيو، قد عزل اثنين من الموظفين الموالين لرئيس وزراء إسرائيل، تعبيراً عن غضب الرئيس ترامب على نتنياهو الذي يضرب عرض الحائط بكل المطالب الأميركية. هنالك أمر غير متجانس في كل هذه الأخبار. هل تأتي الأخبار عن خلافات بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية جزءاً من تناقض المصالح بينهما؟ أم أنها جزء من لعبة سياسية يستبقون فيها قرارات تصب في مصلحة إسرائيل أساساً؟ إن الشواهد على الأقل تقول إن من الممكن أن تتناقض الأهداف والأسس التي تبني كل إدارة منهما قراراتها عليها. ولكن هل تكفي هذه لكي تحدث بينهما شرخاً أو برزخاً من الشقاق والخلاف؟ لا أعتقد ذلك. ولكن هل يجب أن تكون الحركة الصهيونية في العالم راضية عن إدارة الرئيس ترامب وسلوكها؟ أعتقد أن العمق الصهيوني صاحب المصالح الاستراتيجية والمتحكم في مفاتيحها قد يرى بعض التهديد في استمرار الرئيس دونالد ترامب ومدرسته التي يمثلها في المجتمع الأميركي. إن معظم الذين يقفون وراء ترامب ويؤيدونه ويدعمون توجهاته هم من الطبقة الوسطى من العمال البيض الفنيين ومن أصحاب المؤسسات الصغيرة والموظفين وغيرهم. وقد تمتع هؤلاء، وبالأخص البيض، بوظائف تدرّ عليهم دخلاً يكفي لتعليم أولادهم في الجامعات وشراء منزل في الضواحي، والخروج، ولو مرة في الأسبوع، لتناول وجبة خارج المنزل، ودفع أقساط السيارة والمنزل والتأمين والكهرباء والمياه والغاز. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب: التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين يشمل المعادن النادرة ولكن تجمد الأجور في زمن كانت فيه معدلات الارتفاع في الأسعار معقولة أدى إلى تراجع القوة الشرائية لدخل هؤلاء، وصاروا يرون في المهاجرين الجدد أناساً يَغْنون ويشترون بيوتاً وسيارات فارهة، ويرسلون أبناءهم إلى أحسن الجامعات الخاصة، فكان لا بد من أن يثور السؤال: إلى أين نحن ذاهبون، نحن البيض الذين حاربنا من أجل بناء الاقتصاد وازدهاره؟ والغريب أن هذا التوجه لدى البيض وجد فيه كثير من أبناء الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين ملاذاً لتعزيز هويتهم الأميركية مثل أبناء المهاجرين من كوبا وغيرها، ومن دول آسيوية مثل الهند ومن دول أفريقية، ولكن بأعداد أقل. ولهؤلاء المهاجرين أصحاب "السلوك السوي" ومن غير المجرمين ومن غير المافيا ومهربي المخدرات والمنتسبين إلى العصابات الإجرامية رغبة في فرز أنفسهم خارج تعريف "المهاجرين المخالفين للقانون"، ولذلك، نراهم يؤيدون ترامب ويقفون خلفه. هذه الظاهرة موجودة في دول كثيرة، ولكنها كانت تشكل على الدوام قضية أميركية داخلية. وفي الوقت الذي يتقاتل فيه المحافظون (لا يريدون الهجرة أو مع التشدد فيها) مع الأحرار أو الليبراليين (الحزب الديمقراطي) الذين يتعاطفون مع المهاجرين الجدد، فإن ديناميكيات المجتمع تجعل كثيراً من المهاجرين، وبخاصة من الجيلين الثاني والثالث، يتحولون من التعاطف مع أفكار الديمقراطيين إلى أفكار الجمهوريين. وقد بدا أن البعض من الطبقة المتوسطة قد ظنوا أن فرصهم في الحكم بدأت تتضاءل عندما زاد عدد أصحاب اللون "البني وظلاله". وفاز الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما بالرئاسة مرتين متتاليتين، وليست مرة واحدة. ولكنهم وجدوا في ترامب ضالتهم وبَطَلهم، وعندما اصطدم أسلوب ترامب بأسلوب المحافظين من الحزب الجمهوري، بدا وكأن ترامب قد دخل انتخابات عام 2016 رئيساً لحزب ثالث، إلا أن الجمهوريين سرعان ما تداركوا الأمر، ووقفوا معه وفازوا به في انتخابات الرئاسة ذلك العام. والآن خرج علينا الملياردير إيلون ماسك يوم الجمعة الماضي، أو يوم عيد الأضحى المبارك، الموافق للسادس من شهر يونيو/ حزيران ليقول لنا إن 80% من الطبقة المتوسطة تريد حزباً جديداً، وإنه، أي إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا أيام كانت موصومة بالأبارتهايد (التمييز العنصري) يريد إنشاء هذا الحزب. فالرجل إذن لم يتخل عن فكرة البلوتوكراسي Plutocracy أو حكم الأثرياء، ولكنه يريد استخدام الطبقة المتوسطة كما فعل دونالد ترامب نفسه. فهل سينجح إيلون ماسك في مسعاه؟ إنه أغنى بكثير من دونالد ترامب. موقف التحديثات الحية تعثرات ترامب... من سلم الطائرة إلى الإخفاقات الاقتصادية ولذلك هدّد الرئيس ترامب يوم الجمعة الماضي أيضاً بمقاطعة الحكومة الفيدرالية لكل شركات ماسك، من تسلا إلى شركات الفضاء، إلى شركات التواصل الإلكتروني والذكاء الاصطناعي. والسبب أن ماسك، بما له من مال وفير، قادر على أن يبني له تنظيماً داعماً لسياساته على حساب الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الفترة القادمة، التي ستجري في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني العام القادم 2026. وإن خسر ترامب الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، فإن قدرته على تمرير أي قانون ستتضاءل وتتراجع فرص الحزب الجمهوري في تحقيق نتائج انتخابية. وتشير الدلائل الاقتصادية التي نراها حتى الآن إلى أن المخاوف من تراجع الاقتصاد الأميركي وزيادة المديونية والعجز التجاري أصبحت أكثر واقعية من قبل. إذن، فصراع الأثرياء مع الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة يحصل كثيراً، ويحضرني في هذا الإطار مثالان قويان: الأول حصل بين الرئيس الأميركي أندرو جاكسون، الذي دخل في معركة حامية الوطيس في النصف الأول من القرن التاسع عشر ضد مدير البنك الأميركي، والمحامي نيكولاس بيدل. والثاني حصل في التسعينيات من القرن العشرين، حين رشح الثري الأميركي من ولاية تكساس (Ross Perot) نفسه، بوصفه رئيس حزب ثالث، وحصل على نسبة أكبر من المتوقع من التصويت الشعبي. نيكولاس بيدل كان يريد تجديد رخصة البنك الأميركي (US Bank) المرخص في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، الذي تحكم في إصدار الدولار، وتحكم بأسعار الفوائد. لكن المرشح للمرة الثانية للرئاسة الجمهورية، أندرو جاكسون، لم يكن يحب البنوك، وعارض فكرة التجديد لرخصة البنك. وتحولت المعركة الانتخابية عام 1836 إلى معركة حامية بين جاكسون وبيدل. ولما فاز جاكسون بالرئاسة، عمل "فيتو" ضد تجديد الترخيص للبنك. أما روس بيرو، الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 1992، فلم يسعَ لتأسيس تنظيم حزبي يدعمه، ولكن نزل مرشحاً ثالثاً ضد المرشح الديمقراطي الجديد والحصان الأسود للانتخابات، وهو بيل كلينتون، والرئيس الجمهوري المعاد ترشيحه، جورج بوش الأب، الذي خسر الانتخابات لصالح كلينتون. من الذي سيقف وراء ماسك لو سعى لإنشاء حزب يكون هو فيه صانع الرؤساء، لأنه لا يستطيع بموجب الدستور الأميركي أن يرشح نفسه للرئاسة بسبب ولادته خارج الولايات المتحدة؟ هل يستطيع أن يجمع القوى حوله لتعديل الدستور الذي تنص الفقرة الـ (5) من القسم الأول من المادة الثانية فيه على شروط من يستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة، وهي أن يكون من نال المواطنة بحكم مولده في الولايات المتحدة، وأن يكون قد أتمّ عامه الخامس والثلاثين، وأن يكون قد أمضى مدة إقامة لا تقلّ عن 14 سنة داخل الولايات المتحدة؟ بالطبع، فإن الشرطين الأخيرين ينطبقان على إيلون ماسك. أما شرط الولادة والجنسية، فلا ينطبق عليه، إلا إذا عُدِّل في الدستور. ولكن الأمر ليس سهلاً على الإطلاق. ويستقرأ من تاريخ من سعوا للخروج عن نظام الحزبين أنهم فشلوا في هذا المسعى، وقد يكون هذا مصير إيلون ماسك، ولكن تأثير ماسك في فرص فوز الحزب الجمهوري لا يمكن الاستهانة به إذا فشلت سياسات الإدارة الحالية في تحقيق الإنجازات التي وعدت بها، والتي لا تبدو أنها قد تتحقق بشكل مقنع حتى الآن. وإذا نجح ماسك في اكتساب التأييد الصهيوني له، فإن الأمور قد تنفلت خلال فترة العام ونصف العام القادمة، وسيكون الرئيس ترامب بطة عرجاء (Lame duck)، إشارة إلى أنه لن يخدم بصفة رئيس سوى ما تبقى من فترته الحالية، التي سيكون خلال نصفها الثاني مشلول الإدارة حيال الكونغرس الأميركي. تذكرنا الولايات المتحدة بالفترة التي مرت فيها قبيل الحرب الأهلية التي بدأت عام 1861 وانتهت عام 1863، والتي كان الدافع الأساسي وراءها المصالح الاقتصادية المتضاربة بين الصناعيين، من ناحية، والمزارعين من ناحية أخرى. الصناعيون يريدون فرض الجمارك، والزراعيون يريدون فتح الأسواق، وها هي المعركة تجدد نفسها بعد أكثر من 160 سنة، ولكنها بين الصناعيين، من ناحية، وتجار الخدمات الإلكترونية والتكنولوجية المتطورة، من ناحية أخرى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store