
معضلة الولايات المتحدة
هل الصراع الذي يحتدم بين الرئيس الأميركي دونالد
ترامب
والثري الصناعي، إيلون ماسك، حقيقي ويعكس عمق الخلاف بينهما؟ أم أنه ملهاة يريدان منها أن تلفت الأنظار إلى كل منهما بعيداً عما يشكل نقاط ضعف أساسية في مسيرتيهما؟ لكي نسعى للإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن نستذكر بعض الحقائق المهمة، وأولها أن الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية قد شهدت كثيراً من القرارات
الأميركية
المضادة لبعض الأطراف العربية والدولية.
ومن هذه القرارات فرض عقوبات على أربعة من قضاة محكمة الجنايات الدولية، التي سارعت أوروبا إلى دحضها والترحيب بالمحكمة واستقلاليتها. والأمر الثاني، أن ترامب قد أعلن مزيداً من العقوبات على بعض المؤسسات والشخصيات الإيرانية، بسبب الإحباط الذي يشعر به حيال عدم انصياع
إيران
لمطلبه بوقف تخصيب اليورانيوم وقفاً كاملاً، وهو أمر ترفضه إيران، بدءاً من المرشد الإيراني علي خامنئي، وانتهاءً بأي ناطق إعلامي في طهران.
وسبق إعلان هذه العقوبات أن تسربت أخبار تفيد بأن وزارة الخارجية الأميركية التي يديرها الطامح إلى الرئاسة ونصير إسرائيل القوي، ماركو أنتونيو روبيو، قد عزل اثنين من الموظفين الموالين لرئيس وزراء إسرائيل، تعبيراً عن غضب الرئيس ترامب على نتنياهو الذي يضرب عرض الحائط بكل المطالب الأميركية. هنالك أمر غير متجانس في كل هذه الأخبار.
هل تأتي الأخبار عن خلافات بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية جزءاً من تناقض المصالح بينهما؟ أم أنها جزء من لعبة سياسية يستبقون فيها قرارات تصب في مصلحة إسرائيل أساساً؟ إن الشواهد على الأقل تقول إن من الممكن أن تتناقض الأهداف والأسس التي تبني كل إدارة منهما قراراتها عليها. ولكن هل تكفي هذه لكي تحدث بينهما شرخاً أو برزخاً من الشقاق والخلاف؟ لا أعتقد ذلك. ولكن هل يجب أن تكون الحركة الصهيونية في العالم راضية عن إدارة الرئيس ترامب وسلوكها؟
أعتقد أن العمق الصهيوني صاحب المصالح الاستراتيجية والمتحكم في مفاتيحها قد يرى بعض التهديد في استمرار الرئيس دونالد ترامب ومدرسته التي يمثلها في المجتمع الأميركي. إن معظم الذين يقفون وراء ترامب ويؤيدونه ويدعمون توجهاته هم من الطبقة الوسطى من العمال البيض الفنيين ومن أصحاب المؤسسات الصغيرة والموظفين وغيرهم. وقد تمتع هؤلاء، وبالأخص البيض، بوظائف تدرّ عليهم دخلاً يكفي لتعليم أولادهم في الجامعات وشراء منزل في الضواحي، والخروج، ولو مرة في الأسبوع، لتناول وجبة خارج المنزل، ودفع أقساط السيارة والمنزل والتأمين والكهرباء والمياه والغاز.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ترامب: التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين يشمل المعادن النادرة
ولكن تجمد الأجور في زمن كانت فيه معدلات الارتفاع في الأسعار معقولة أدى إلى تراجع القوة الشرائية لدخل هؤلاء، وصاروا يرون في المهاجرين الجدد أناساً يَغْنون ويشترون بيوتاً وسيارات فارهة، ويرسلون أبناءهم إلى أحسن الجامعات الخاصة، فكان لا بد من أن يثور السؤال: إلى أين نحن ذاهبون، نحن البيض الذين حاربنا من أجل بناء الاقتصاد وازدهاره؟ والغريب أن هذا التوجه لدى البيض وجد فيه كثير من أبناء الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين ملاذاً لتعزيز هويتهم الأميركية مثل أبناء المهاجرين من كوبا وغيرها، ومن دول آسيوية مثل الهند ومن دول أفريقية، ولكن بأعداد أقل.
ولهؤلاء المهاجرين أصحاب "السلوك السوي" ومن غير المجرمين ومن غير المافيا ومهربي المخدرات والمنتسبين إلى العصابات الإجرامية رغبة في فرز أنفسهم خارج تعريف "المهاجرين المخالفين للقانون"، ولذلك، نراهم يؤيدون ترامب ويقفون خلفه. هذه الظاهرة موجودة في دول كثيرة، ولكنها كانت تشكل على الدوام قضية أميركية داخلية.
وفي الوقت الذي يتقاتل فيه المحافظون (لا يريدون الهجرة أو مع التشدد فيها) مع الأحرار أو الليبراليين (الحزب الديمقراطي) الذين يتعاطفون مع المهاجرين الجدد، فإن ديناميكيات المجتمع تجعل كثيراً من المهاجرين، وبخاصة من الجيلين الثاني والثالث، يتحولون من التعاطف مع أفكار الديمقراطيين إلى أفكار الجمهوريين. وقد بدا أن البعض من الطبقة المتوسطة قد ظنوا أن فرصهم في الحكم بدأت تتضاءل عندما زاد عدد أصحاب اللون "البني وظلاله".
وفاز الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما بالرئاسة مرتين متتاليتين، وليست مرة واحدة. ولكنهم وجدوا في ترامب ضالتهم وبَطَلهم، وعندما اصطدم أسلوب ترامب بأسلوب المحافظين من الحزب الجمهوري، بدا وكأن ترامب قد دخل انتخابات عام 2016 رئيساً لحزب ثالث، إلا أن الجمهوريين سرعان ما تداركوا الأمر، ووقفوا معه وفازوا به في انتخابات الرئاسة ذلك العام. والآن خرج علينا الملياردير إيلون ماسك يوم الجمعة الماضي، أو يوم عيد الأضحى المبارك، الموافق للسادس من شهر يونيو/ حزيران ليقول لنا إن 80% من الطبقة المتوسطة تريد حزباً جديداً، وإنه، أي إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا أيام كانت موصومة بالأبارتهايد (التمييز العنصري) يريد إنشاء هذا الحزب. فالرجل إذن لم يتخل عن فكرة البلوتوكراسي Plutocracy أو حكم الأثرياء، ولكنه يريد استخدام الطبقة المتوسطة كما فعل دونالد ترامب نفسه. فهل سينجح إيلون ماسك في مسعاه؟ إنه أغنى بكثير من دونالد ترامب.
موقف
التحديثات الحية
تعثرات ترامب... من سلم الطائرة إلى الإخفاقات الاقتصادية
ولذلك هدّد الرئيس ترامب يوم الجمعة الماضي أيضاً بمقاطعة الحكومة الفيدرالية لكل شركات ماسك، من تسلا إلى شركات الفضاء، إلى شركات التواصل الإلكتروني والذكاء الاصطناعي. والسبب أن ماسك، بما له من مال وفير، قادر على أن يبني له تنظيماً داعماً لسياساته على حساب الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الفترة القادمة، التي ستجري في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني العام القادم 2026. وإن خسر ترامب الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، فإن قدرته على تمرير أي قانون ستتضاءل وتتراجع فرص الحزب الجمهوري في تحقيق نتائج انتخابية.
وتشير الدلائل الاقتصادية التي نراها حتى الآن إلى أن المخاوف من تراجع الاقتصاد الأميركي وزيادة المديونية والعجز التجاري أصبحت أكثر واقعية من قبل. إذن، فصراع الأثرياء مع الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة يحصل كثيراً، ويحضرني في هذا الإطار مثالان قويان: الأول حصل بين الرئيس الأميركي أندرو جاكسون، الذي دخل في معركة حامية الوطيس في النصف الأول من القرن التاسع عشر ضد مدير البنك الأميركي، والمحامي نيكولاس بيدل.
والثاني حصل في التسعينيات من القرن العشرين، حين رشح الثري الأميركي من ولاية تكساس (Ross Perot) نفسه، بوصفه رئيس حزب ثالث، وحصل على نسبة أكبر من المتوقع من التصويت الشعبي. نيكولاس بيدل كان يريد تجديد رخصة البنك الأميركي (US Bank) المرخص في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، الذي تحكم في إصدار الدولار، وتحكم بأسعار الفوائد. لكن المرشح للمرة الثانية للرئاسة الجمهورية، أندرو جاكسون، لم يكن يحب البنوك، وعارض فكرة التجديد لرخصة البنك. وتحولت المعركة الانتخابية عام 1836 إلى معركة حامية بين جاكسون وبيدل.
ولما فاز جاكسون بالرئاسة، عمل "فيتو" ضد تجديد الترخيص للبنك. أما روس بيرو، الذي رشح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 1992، فلم يسعَ لتأسيس تنظيم حزبي يدعمه، ولكن نزل مرشحاً ثالثاً ضد المرشح الديمقراطي الجديد والحصان الأسود للانتخابات، وهو بيل كلينتون، والرئيس الجمهوري المعاد ترشيحه، جورج بوش الأب، الذي خسر الانتخابات لصالح كلينتون.
من الذي سيقف وراء ماسك لو سعى لإنشاء حزب يكون هو فيه صانع الرؤساء، لأنه لا يستطيع بموجب الدستور الأميركي أن يرشح نفسه للرئاسة بسبب ولادته خارج الولايات المتحدة؟ هل يستطيع أن يجمع القوى حوله لتعديل الدستور الذي تنص الفقرة الـ (5) من القسم الأول من المادة الثانية فيه على شروط من يستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة، وهي أن يكون من نال المواطنة بحكم مولده في الولايات المتحدة، وأن يكون قد أتمّ عامه الخامس والثلاثين، وأن يكون قد أمضى مدة إقامة لا تقلّ عن 14 سنة داخل الولايات المتحدة؟ بالطبع، فإن الشرطين الأخيرين ينطبقان على إيلون ماسك.
أما شرط الولادة والجنسية، فلا ينطبق عليه، إلا إذا عُدِّل في الدستور. ولكن الأمر ليس سهلاً على الإطلاق. ويستقرأ من تاريخ من سعوا للخروج عن نظام الحزبين أنهم فشلوا في هذا المسعى، وقد يكون هذا مصير إيلون ماسك، ولكن تأثير ماسك في فرص فوز الحزب الجمهوري لا يمكن الاستهانة به إذا فشلت سياسات الإدارة الحالية في تحقيق الإنجازات التي وعدت بها، والتي لا تبدو أنها قد تتحقق بشكل مقنع حتى الآن.
وإذا نجح ماسك في اكتساب التأييد الصهيوني له، فإن الأمور قد تنفلت خلال فترة العام ونصف العام القادمة، وسيكون الرئيس ترامب بطة عرجاء (Lame duck)، إشارة إلى أنه لن يخدم بصفة رئيس سوى ما تبقى من فترته الحالية، التي سيكون خلال نصفها الثاني مشلول الإدارة حيال الكونغرس الأميركي.
تذكرنا الولايات المتحدة بالفترة التي مرت فيها قبيل الحرب الأهلية التي بدأت عام 1861 وانتهت عام 1863، والتي كان الدافع الأساسي وراءها المصالح الاقتصادية المتضاربة بين الصناعيين، من ناحية، والمزارعين من ناحية أخرى. الصناعيون يريدون فرض الجمارك، والزراعيون يريدون فتح الأسواق، وها هي المعركة تجدد نفسها بعد أكثر من 160 سنة، ولكنها بين الصناعيين، من ناحية، وتجار الخدمات الإلكترونية والتكنولوجية المتطورة، من ناحية أخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 39 دقائق
- العربي الجديد
مجلس الأمن يدين التصعيد ويعبر عن القلق من قصف منشآت إيران النووية
أعادت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، تأكيد إدانة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لأي تصعيد عسكري في المنطقة، مؤكدة التزام الدول الأعضاء بعدم استخدام القوة ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي، داعية إسرائيل وإيران إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب الانزلاق إلى صراع إقليمي أعمق وأوسع، كما عبّرت عن قلق الأمم المتحدة للضربات التي تعرضت لها المنشآت النووية الإيرانية. واستعرضت المسؤولة الأممية خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك بطلب من إيران لنقاش الهجمات الإسرائيلية على طهران، الوقائع على الأرض بما في ذلك شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات على إيران واستهداف مقرات للحرس الثوري وقواعد عسكرية ومنشآت نووية ومناطق سكنية، وإطلاق نحو 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، وكذلك الرد الإيراني مساء الجمعة على القصف الإسرائيلي. وأشارت المسؤولة الأممية كذلك إلى اعتماد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الخميس، قراراً "أعربت فيه عن "أسفها العميق لعدم تعاون إيران الكامل مع الوكالة، على الرغم من النداءات المتكررة من مجلس محافظيها والفرص العديدة المتاحة". غروسي يستعرض الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية وقدم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، كذلك إحاطته أمام المجلس، قائلاً إن المنظمة الدولية على "اتصال دائم مع هيئة تنظيم الطاقة النووية الإيرانية للتأكد من حالة المنشآت النووية ذات الصلة، ولتقييم أي آثار أوسع على السلامة والأمن النوويين"، وأضاف "أكدت إيران في البداية، أن منشأة نطنز فقط تعرضت للهجوم بمُسيّرات. تحتوي هذه المنشأة محطة تخصيب الوقود ومحطة تخصيب الوقود التجريبية. في نطنز، الجزء فوق الأرض من محطة تخصيب الوقود التجريبية، حيث كانت إيران تنتج اليورانيوم المخصب حتى 60٪ من اليورانيوم 235، تم تدميره". تقارير دولية التحديثات الحية هجوم إسرائيل على إيران | دعوات دولية إلى خفض التصعيد وأشار إلى "تدمير البنية التحتية للكهرباء في المنشأة ومحطة الكهرباء الفرعية ومبنى إمداد الطاقة الكهربائية الرئيسي وإمدادات الطاقة الطارئة والمولدات الاحتياطية". ولفت الانتباه إلى عدم وجود ما "يشير إلى تعرض الجزء الجوفي الذي يحتوي على جزء من محطة تخصيب الوقود التجريبية، ومحطة تخصيب الوقود الرئيسية، لهجوم. ومع ذلك، ربما يكون انقطاع التيار الكهربائي عن الشلال قد ألحق الضرر بأجهزة الطرد المركزي هناك. وظل مستوى النشاط الإشعاعي خارج موقع نطنز ثابتاً عند مستوياته الطبيعية، مما يشير إلى عدم وجود أي تأثير إشعاعي خارجي على السكان أو البيئة نتيجة لهذا الحدث". ولفت الانتباه كذلك إلى أن السلطات الإيرانية أبلغت المنظمة الدولية بشن "هجمات على منشأتين أخريين، هما منشأة فوردو لتخصيب الوقود، ومنشأة أصفهان، إذ يقع مصنع لتصنيع صفائح الوقود، ومنشأة لتحويل اليورانيوم، ومحطة طاقة أوروبية مخصبة (...) لا تتوفر لدينا معلومات كافية تتجاوز الإشارة إلى وقوع نشاط عسكري حول هذه المنشآت أيضاً". مواقف الدول من جهته، وصف مندوب روسيا، فاسيلي نيبنزيا، قائلاً "ما يحدث خطير للغاية وذلك بسبب الأفعال الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن المجلس كان من المفترض أن يناقش في جلسته الوضع في غزة والكارثة الإنسانية، "ولكن بدلاً من ذلك نناقش كارثة أخرى سببتها إسرائيل". وشدد على أن هذا الهجوم الإسرائيلي يخالف ميثاق الأمم المتحدة، معبراً عن إدانة بلاده الهجمات الإسرائيلية. وشدد نيبنزيا على أن مسؤولية التصعيد تقع على عاتق الجانب الإسرائيلي، وأن الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى تقويض المحادثات بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني. وحمّل المسؤولية للدول الغربية التي تواصل نشر "هستيريا إيران". ورأى الدبلوماسي الروسي أن إيران استمرت ولسنوات بالتعاون من المنظمات الدولية ذات الصلة في الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، مشدداً على أن الولايات وفرنسا وألمانيا على علم بتلك الضربات وأن الحملة الغربية استمرت لأشهر، وختم كلمته بتأكيد ضرورة التهدئة. رصد التحديثات الحية جهد استخباري إسرائيلي واسع النطاق دعم الضربات على إيران أما مندوب الجزائر، عمار بن جامع، فقال إن بلاده حذرت منذ مدة طويلة من أفعال إسرائيل، مشيراً إلى أن عدوانها غير مبرر ويمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وذكّر برفض إسرائيل الانضمام لمعاهدة خلق شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، متسائلاً في الوقت ذاته حول توقيت الهجمات. وشدد على أن إسرائيل تدفع نحو الفوضى في الشرق الأوسط بأكمله "فهي تكرر أعمالها العدوانية بما فيها قصف العاصمة اللبنانية واحتلال أراضٍ جديدة في سورية واختطاف المدنيين فضلاً عن الإبادة في غزة، وحتى استخدام التجويع سلاحَ حرب أمام أعين العالم". ووصف إسرائيل بالدولة المارقة. بدوره، وصف المندوب الصيني الهجمات الإسرائيلية بأنها تتخطى الخطوط الحمراء، فيما عبّر مندوب كوريا الجنوبية عن قلق بلاده من زيادة إيران لنسبة تخصيب اليورانيوم بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. واشنطن تهدد بعواقب وخيمة على إيران حال استهداف أميركيين وتحدث نيابة عن الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ماكوي بيت، وهو مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية. ووصف ما قامت به إسرائيل بـ"الإجراء أحادي الجانب"، مدعياً "أن جمهورية إيران الإسلامية، ومنذ تأسيسها، كانت قد دعت إلى تدمير إسرائيل مما أدى إلى عدم الاستقرار والضرر في المنطقة". وشدد على عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، مؤكداً أن بلاده كانت على علم مسبق بالهجمات دون أن تشارك بها. وحذر من استهداف إيران للمصالح الأميركية أو العسكرية أو الموظفين الأميركيين، قائلاً "لا يمكن لأي حكومة أو طرف مستقل أو عميل أن يستهدف المواقع الأميركية والمواطنين في المنطقة وتبعات ذلك على إيران ستكون وخيمة"، مشدداً على ضرورة أن تبرم إيران صفقة نووية. وقال إن بلاده ستواصل السعي لتسوية سلمية وضمان ألا تمتلك إيران قط أسلحة نووية. أما مندوب إيران للأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، تحدث عن هجمات اسرائيلية منسقة ضد بلاده لمرافق عسكرية ومدنية وللبنية التحتية. ووصف الهجوم الإسرائيلي على عسكريين وعلماء بـ"البربري". كما وصفه بإرهاب الدولة. وحذر من عدم تحرك الأمم المتحدة ومجلس الأمن والوكالة الدولية بالرغم من تحذيرات إيرانية سابقة حول نوايا إسرائيل، مما "يقلل من مصداقية وسلطة هذه المؤسسات". وقال المندوب الإيراني "إن صمت المؤسسات هو الذي شجعها. إن الهجوم على موقع نووي يخضع للضمانات الدولية ويهدد بإمكانيات وقوع كارثة نووية تتجاوز إيران والمنطقة وتعرض ملايين الأشخاص للخطر". وحمّل الولايات المتحدة المسؤولية كذلك عما يحدث بسبب دعمها لإسرائيل. وشدد على ضرورة أن تنزع كل أسلحة الدمار الشامل من المنطقة بما فيها الإسرائيلية. كما شدد على أن ما قامت به إسرائيل "يعد إعلان حرب (...) ويهدف إلى زعزعة الاستقرار"، داعياً مجلس الأمن إلى ضرورة التحرك بحزم. وأضاف "أعتمد مجلس الأمن عام 1981 قراراً ندد فيه بالهجوم العسكري الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي (...) ورأى بذلك انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وطلب المجلس بأن تمتنع (إسرائيل) عن القيام بمثل هذه الأعمال مستقبلاً. ولو نفذ المجلس هذا القرار وجرت المساءلة لما استمرت إسرائيل بممارساتها، الوضع الحالي هو نتيجة عقود من المعايير المزدوجة وعدم المحاسبة عن الانتهاكات". وأكد حق بلاده "بالدفاع عن نفسها بموجب المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة. سترد إيران على نحو حازم ومتناسب مع أعمال العدوان هذه بالوسيلة التي تختارها". وطالب المجلس بالتنديد ومساءلة إسرائيل والتحرك لوقف ذلك.


القدس العربي
منذ 3 ساعات
- القدس العربي
هل حُسم خيار الحرب ضد إيران؟
فيما اعتبرته تل أبيب جزءا من «عملية مطوّلة» لمنع طهران من صنع سلاح نووي، بدأت إسرائيل، من الساعة الثالثة والنصف صباحا من فجر أمس الجمعة بتوقيت إيران المحلي، توالي ضرباتها على مناطق متعددة في العديد من المدن والأقاليم، شاملة منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم قرب أصفهان، ومصانع صواريخ باليستية، ومطارات (طهران وتبريز) وعشرين من كبار القادة العسكريين، بمن فيهم قائد الحرس الثوري ومعظم قادة القوة الجوية، وعلماء رئيسيين في المشروع النووي الإيراني. تشير الوقائع المحيطة بالحدث أن الهجوم الإسرائيلي حظي بتنسيق دولي بدأت إشاراته بالظهور مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، سحب دبلوماسييها من العراق والبحرين والكويت. تبع ذلك قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أول أمس الخميس، الذي أعلن أن طهران لا تقوم بالتزاماتها في مجال عدم الانتشار النووي. ما صدر عن الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يتعلق بالضربات الجارية كان في اتجاهين، الأول إعلان الموافقة، صراحة أو بشكل ضمني، عن الهجوم، وتمثّل ذلك بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدرش ميرتس عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»؛ بينما تركّز الاتجاه الثاني على إعلان الدول الغربية (بما فيها أمريكا) أنها لم تشارك عسكريا في العملية الإسرائيلية ضد إيران. تستحق تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الهجوم قراءة خاصة، فرغم إعلاناته المتكررة عن معرفته بالهجوم الإسرائيلي (وليس مجرّد «إخطاره») وعن كونه «بالغ النجاح»، فإن جزءا من هذه التصريحات تشير إلى نوع من الرهان على أن هذه الضربات الإسرائيلية يمكن أن تدفع طهران إلى قبول الشروط الأمريكية للاتفاق معها. ساهمت عدة عناصر في مراكمة نتنياهو لأوراق الضغط التي أقنعت إدارة ترامب بإمكان توظيف الهجوم في تحقيق الأهداف التي لم تتوصل لها بالمفاوضات، بدءا من انتهاء مهلة الشهرين التي أعطاها ترامب لإيران (وهو ما أعاد ترديده أمس) مرورا بقرار وكالة الطاقة الذرية الذي أعطى مبررا دوليا للهجوم، ووصولا إلى إعلان إيران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60 في المئة، وهو ما استخدمه الإسرائيليون في دعايتهم للحرب أيضا زاعمين أن طهران كانت على وشك تصنيع قنابل نووية خلال أيام. لقد حُسم عمليا الجدل بين ترامب، وخياره الدبلوماسي مع إيران، لصالح نتنياهو، وخياره الحربي الطامح إلى دفن المفاوضات، وهو ما سيطلق دينامية يمكن أن تؤدّي، إذا تراكمت عناصر كافية (منها، على سبيل المثال، استهداف إيران للقوات الأمريكية في الخليج) إلى تطوّر العملية الإسرائيلية إلى حرب شاملة تشترك فيها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون، وبذلك يتحقق هدفان لنتنياهو، الأول هو إنهاء المشروع النووي الإيراني، مع أفق إنهاء نفوذ إيران في المنطقة، وتدمير قدراتها العسكرية، وربما السعي لإسقاط النظام الإيراني برمّته، والثاني هو شد العصبيّة الإسرائيلية مجددا تحت قيادته، وإنهاء كل الضغوط الداخلية عليه.


القدس العربي
منذ 5 ساعات
- القدس العربي
عشرات القتلى بينهم مدنيون وقادة كبار في الحرس الثوري وعلماء تصعيد غير مسبوق: هجوم إسرائيلي واسع على إيران… وطهران تتوعد برد حازم
لندن/ الناصرة «القدس العربي»: شهدت المنطقة منذ الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة تصعيداً عسكرياً غير مسبوق مع إقدام إسرائيل على تنفيذ عدوان واسع النطاق استهدف العمق الإيراني في عملية هي الأضخم في منذ عقود على الأراضي الإيرانية، أسفر عنها عشرات القتلى من المدنيين، والقادة العسكريين والكبار، وعلماء. وبينما واصلت إسرائيل طيلة اليوم عملياتها، تتأهب إسرائيل للرد الإيراني الذي أكدت طهران على أنه سيكون حازماً، بينما حذر بعض القيادات العسكرية الإسرائيلية من أن الفترة المقبلة ستكون «عصيبة». هذا الهجوم الذي أطلقت عليه إسرائيل اسم «الأسد الصاعد» جاء قبل أيام من جولة جديدة للمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن كان من المزمع عقدها في مسقط، الأحد المقبل، وكان ينظر إليها على أنها قد تكون الفرصة الأخيرة من أجل التوصل إلى تفاهمات، إذ كانت قد وصلت المفاوضات في الأسابيع الأخيرة إلى لحظة مفصلية تبلورت فيها الخطوط الحمراء لكلا الطرفين، إذ شددت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفضها الحازم السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم محلياً حتى في إطار برنامج نووي مدني، بينما تصر إيران على حقها في ذلك. وفي حين أكد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أمس، قيام إسرائيل بتنفيذ الهجوم بشكل أحادي دون مشاركة أمريكية، بدا ترامب وكأنه يتبنى الهجوم بشكل كامل، مؤكداً معرفته المسبقة بالخطط الإسرائيلية، وواصفاً العدوان بـ»الممتاز». العدوان الإسرائيلي الذي استمر طيلة يوم الجمعة واستهدف مواقع نووية أبرزها منشأة نطنز، إلى جانب أهداف عسكرية ومدنية، تسبب بمقتل وجرح العشرات من الإيرانيين، من ضمنهم مدنيون وحوالي 20 قيادياً عسكرياً وسياسياً، أبرزهم رئيس أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، إضافة إلى ستة علماء نوويين بارزين. كما تم تداول أنباء عن مقتل مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون السياسية، علي شمخاني، إلا أنه لم يتأكد الخبر من قبل مصادر إيرانية رسمية. كما تضاربت الأنباء حول مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، إذ نسبت صحيفة نيويورك تايمز إلى مصادر عسكرية إيرانية قولها إنه كان من بين القتلى، فيما نقلت مصادر أخرى عن مصادر في جيش الاحتلال أن قاآني لم يكن من بين القتلى. وبدأ العدوان الإسرائيلي بقصف مكثف نفذته أكثر من مئتي مقاتلة إسرائيلية، استهدفت خلالها منشآت نووية رئيسية ومصانع صواريخ ومقار عسكرية حساسة في طهران ومدناً أخرى. وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز تعرضت لأضرار جسيمة، مشيراً إلى أن العملية ما زالت مستمرة وقد تطول، وأن هناك أهدافاً إضافية قيد الاستهداف. وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، على منصة إكس، أن مستويات الإشعاعات حول المنشأة «لم تتبدل»، مشيراً الى أن «مستوى التلوث الإشعاعي الراهن داخل المنشأة (…) يمكن احتواؤه من خلال إجراءات الحماية الملائمة». وأكد الجيش الإسرائيلي أنه قصف الدفاعات الجوية الإيرانية ودمر عشرات أجهزة الرادار وقاذفات الصواريخ أرض-جو، كما نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني إسرائيلي قيام قوات كوماندوز تابعة للموساد بتنفيذ عمليات سرية في العمق الإيراني استهدفت ترسانة إيران الصاروخية، بالإضافة إلى إقامة قاعدة هجوم للطائرات المسيرة بالقرب من طهران، حيث استُخدمت تلك المسيرات في قصف مواقع الدفاع الجوي وتنفيذ الاغتيالات. في طهران، أعلنت السلطات الإيرانية مقتل عدد كبير من القادة العسكريين، بينهم رئيس أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، إضافة إلى ستة علماء نوويين بارزين. كما أفادت مصادر إيرانية رسمية بسقوط ما لا يقل عن ثمانية قتلى واثني عشر جريحاً في مدينة تبريز وحدها، فيما بلغ عدد الضحايا الإجمالي وفق وكالة نورنيوز الإيرانية 78 قتيلاً و329 مصاباً، بينهم نساء وأطفال ومدنيون. وأشار مسؤولون إيرانيون إلى أن العدوان استهدف مجمعات سكنية كان يتواجد فيها عدد من القادة العسكريين، ما أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين. وبدا الهجوم وكأنه مستمر حتى مساء الجمعة، إذ ذكر شهود عيان في همدان أنهم سمعوا دوي انفجار قوي قرب قاعدة نوجه العسكرية، فيما أفادت وكالة «إرنا» عن «تقارير بشأن سماع انفجارات في غرب محافظة طهران»، في مدينتي شهريار وملارد ومحيط منطقة جيتغر في العاصمة. وأفادت وكالة مهر للأنباء عن وقوع انفجار في باكدشت في جنوب شرق طهران. كما نقلت وكالة «نور نيوز»، مساء الجمعة، بأنه تم سماع دوي انفجارين قرب منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، المشيدة على عمق كبير تحت الأرض. فيما أفادت وكالة الأنباء الرسمية إرنا بأنه «تم اعتراض مقذوفات للعدو من قبل دفاعات طهران الجوية»، بينما أشارت وكالة إيسنا إلى أن «أنظمة الدفاع الجوي في طهران أسقطت أهدافاً بنجاح». وحول رد إيراني أولي، نفت وكالة فارس الإيرانية الأنباء الإسرائيلية التي تحدثت عن إطلاق طهران طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل رداً على الهجوم، في حين ادعت تل أبيب اعتراض معظم تلك الطائرات. إلا أنه أعلن الجيش الأردني، أمس، اعتراض عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة قال إنها دخلت مجاله الجوي دون أن يحدد مصدرها. وقال إن «عملية الاعتراض جاءت استجابة لتقديرات عسكرية بحتمية سقوطها داخل أراضي البلاد ومنها مناطق مأهولة بالسكان ما قد يتسبب بخسائر». كما أفادت وكالة «سانا» السورية بسقوط بقايا صاروخين إيرانيين في ريف محافظة درعا (جنوب) أثناء عبورهما الأجواء، دون حدوث أضرار بشرية أو مادية. كما قال الجيش الإسرائيلي إن صاروخاً أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل سقط داخل مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، مضيفاً أنه لم يتم استخدام أي وسائل لاعتراضه. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأ في نشر وتمركز قواته في «جميع ساحات القتال» في أنحاء البلاد، مع استمرار هجومه على إيران واستعداده لرد محتمل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه بصدد استدعاء جنود الاحتياط من وحدات عسكرية مختلفة، وذلك «في إطار الاستعدادات للدفاع والهجوم». تماهي ترامب الرئيس الأمريكي، الذي كانت تنتشر أنباء منذ أيام عن خلاف بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحديداً حول إصرار الأخير على تنفيذ مثل هذا العدوان، بدا، أمس، وكأنه متبن الهجوم الإسرائيلي بشكل كامل، إذ قال في تصريحات لشبكة «إي بي سي نيوز» إنه كان قد منح الإيرانيين 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، معتبراً أن طهران – برفضها إتمام الصفقة بشروط أمريكية-إسرائيلية- قد تسببت في الهجوم. ووصف ترامب العملية الإسرائيلية بأنها «ممتازة» وأكد أن إيران تلقت «ضربة قاسية جداً»، ملوحاً بأن هناك المزيد من الهجمات في المستقبل إذا لم تستجب طهران للمطالب الأمريكية. وأشار في منشور على منصة «تروث سوشيال» إلى أن اليوم هو اليوم الحادي والستون بعد انتهاء المهلة، ملمحاً إلى إمكانية منح إيران «فرصة ثانية» قبل تصعيد الهجمات بشكل أكبر. ونقلت وكالة رويترز عنه أيضاً قوله إنه من غير الواضح ما إذا كانت إيران لا يزال لديها برنامج نووي بعد الهجمات. وقال: «كنا نعرف كل شيء، وحاولت جاهداً إنقاذ إيران من الإذلال والموت. حاولت جاهداً إنقاذهم لأنني كنت أود أن ننجح في التوصل إلى اتفاق. لا يزال بإمكانهم إبرام اتفاق، لم يفت الأوان بعد». ومضى قائلاً إنه ليس قلقاً من اندلاع حرب في المنطقة نتيجة للضربات الإسرائيلية. وفي الوقت ذاته، نفى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مشاركة بلاده المباشرة في العدوان، مؤكداً أن إسرائيل تصرفت بمفردها «دفاعاً عن النفس». موقف إيراني حازم في المقابل، أبدت القيادة الإيرانية موقفاً حازماً وموحداً في مواجهة الهجوم. فقد وصف المرشد الأعلى علي خامنئي العدوان بأنه «جريمة كشفت عن الطبيعة الخبيثة للكيان الصهيوني»، وتوعد إسرائيل بعقاب صارم سيجعلها تندم على ما أقدمت عليه. وفي رسالة بثها التلفزيون الرسمي، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الشعب الإيراني إلى الوقوف صفاً واحداً خلف قيادته، مشدداً على أن الرد سيكون مشروعاً وقوياً وسيجعل إسرائيل تندم على عملها الأحمق. وأكد بزشكيان أن الجمهورية الإسلامية لن تصمت على هذه الجريمة، وأنها سترد بقوة وحكمة وصلابة، داعياً الشعب إلى التلاحم والثقة بالمسؤولين وتجنب الشائعات التي قد تنتشر في ظل حرب نفسية يشنها العدو. كما أبلغت إيران مجلس الأمن الدولي، الذي عقد اجتماعاً طارئاً بناء على طلب طهران، بأنها سترد بحزم وبشكل متناسب على أفعال إسرائيل «غير القانونية» و»الجبانة». ووصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الهجوم، بأنه «إعلان حرب»، داعياً «مجلس الأمن إلى التحرك على الفور». وأكد عراقجي في اتصال مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني أنّ «رد إيران على عدوان النظام الإسرائيلي سيكون حازماً». في سياق متصل، أرسل اللواء باكبور رسالة إلى المرشد الأعلى، معزياً في «استشهاد جمع من القادة المجاهدين البارزين في القوات المسلحة وعدد من العلماء النوويين والنساء والأطفال الأبرياء»، ومؤكداً أن «الجريمة التي ارتكبها الكيان الصهيوني من انتهاك للأمن القومي والسيادة الوطنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تمر دون رد». وأكد أن الحرس الثوري سيواصل الدفاع عن الثورة الإسلامية والشعب الإيراني، وسينتقم لدماء الشهداء، متوعداً بأن «أبواب جهنم ستفتح قريباً في وجه هذا الكيان القاتل للأطفال». في إسرائيل على الجانب الإسرائيلي، سعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تبرير العدوان من خلال استحضار أهوال المحرقة النازية، معتبراً أن الضربات تمثل «لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل» وتهدف إلى حماية وجودها من التهديد الإيراني بالإبادة. وأشار نتنياهو إلى جهود النظام الإيراني في إنتاج كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب إلى جانب قدرته في التخصيب بشكل منتشر ومبطن تحت الأرض تسمح للنظام تخصيب اليورانيوم بمستوى عسكري ليتمكن من امتلاك سلاح نووي على المدى الزمني الوشيك. وتابع: «كما تم رصد خلال السنوات الأخيرة وخاصة منذ بداية الحرب تقدم ملحوظ في جهود النظام الإيراني لإنتاج نوع السلاح الملائم لحمل السلاح النووي»» وتابع: «يعمل النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي على مدار عقود حيث حاول العالم ثني النظام عن ذلك عبر جميع الطرق الدبلوماسية لكن النظام رفض التوقف». كما قال نتنياهو أيضاً إن الجيش يكشف لأول مرة قيام النظام الإيراني بالدفع بخطة سرية للتقدم التكنولوجي في جميع محاور إنتاج السلاح النووي. وأضاف دون تقديم أي دليل ملموس على مزاعمه «في إطار الخطة عمل علماء ذرة إيرانيون بشكل سري لتطوير كافة الأجزاء المطلوبة في بناء سلاح الجو. تشهد الأشهر الأخيرة تسريعاً في الخطة التي تقرب النظام الإيراني بشكل ملموس لامتلاك نظام إيراني». وأكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن الجيش حقق إنجازاً كبيراً باستهداف قادة الحرس الثوري والجيش والاستخبارات وعلماء نوويين إيرانيين، وأن العمليات ستستمر لإجهاض البرنامج النووي الإيراني وإزالة التهديدات على إسرائيل. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أيال زمير: «نواصل (استخدام) كامل قوتنا من أجل تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا». وأضاف زامير في بيان: «ستكون ثمة لحظات صعبة، علينا أن نكون مستعدين لعدد من السيناريوهات التي خططنا لها، الاستعداد العالي المستوى للغاية والانضباط مطلوبان في الجبهة الداخلية». إلى ذلك، ادعى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، عدم وجود خطة لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أو كبار المسؤولين في النظام. وقال وفق ما نقلته هيئة البث العبرية الرسمية، إن العملية العسكرية الحالية ضد إيران «لا تستهدف القيادة السياسية». وأضاف: «لا توجد خطة لاغتيال خامنئي، أو كبار المسؤولين في النظام الإيراني». كما ادعى هنغبي، أن الهدف من العملية ضد إيران هو «تقليص قدرة طهران على الإضرار بإسرائيل». واعتبر أنه لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل بحملة عسكرية، مضيفاً في تصريحات للقناة 13 الإسرائيلية أن الحملة العسكرية قد «تهيئ الظروف لاتفاق طويل الأمد، بقيادة الولايات المتحدة، من شأنه أن يلغي البرنامج النووي تماماً». واعتبر أن الأمريكيين «اقتنعوا بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع طهران من دون توجيه ضربة عسكرية». ووصف الهجوم على إيران فجراً بـ»البداية»، متوقعاً «أياماً صعبة وسقوط إصابات في صفوف الإسرائيليين». رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، أشار إلى أن الهجوم على إيران تم تنفيذه بقوات من سلاح الجو وسلاح البحرية، لافتاً إلى أنه لم يقتصر عليهما، دون مزيد من التفاصيل. وظلت إسرائيل في حالة تأهب قصوى، حيث أغلقت سفاراتها حول العالم وحثت الإسرائيليين على توخي الحذر وتجنب إظهار الرموز اليهودية أو الإسرائيلية في الأماكن العامة. وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أن أوامر استدعاء صدرت لعشرات الآلاف من الجنود، وهم في حالة تأهب على جميع الحدود تحسباً لأي تطورات محتملة. وأعلن مكتب نتنياهو أنه من المتوقع أن يجري رئيس الوزراء محادثات مع ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأدان بوتين أثناء مكالمته مع نتنياهو الهجوم مؤكداً أنه يشكّل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وفقاً لما نقلته دائرة الصحافة في الكرملين. وجاء في بيان الكرملين: «الجانب الروسي يدعم بالكامل الجهود الرامية إلى تسوية الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني سلميًا، وقد قدّم مبادرات محددة تهدف إلى إيجاد حلول مقبولة من جميع الأطراف. وستواصل روسيا الإسهام في خفض التصعيد بين إيران وإسرائيل»، واصفًا الوضع في الشرق الأوسط بأنه «تصعيد خطير». كما عبّر الرئيس الروسي في اتصال مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، عن تعازيه لقيادة وشعب إيران، ودعا إلى «العودة إلى مسار التفاوض وحل جميع القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية فقط». وأكد أيضًا استعداد بلاده لتقديم خدمات الوساطة في حال تصاعد التوتر بشكل أكبر.