
المجاعة تنهش قطاع غزة والأمم المتحدة غائبة عن المشهد.. ما السبب؟
ورغم التحذيرات المتواترة من تفشي المجاعة في غزة، وتزايد المؤشرات الواضحة على ذلك، فإن الأمم المتحدة لم تعلنها رسميا حتى الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل حظرت عمليا نشاط المنظمة الأممية والوكالات التابعة لها في القطاع.
وفي ما يلي 7 نقاط توضح لماذا تأخرت الأمم المتحدة في إعلان المجاعة في غزة:
1- ما الأوضاع الإنسانية الحالية في قطاع غزة، وما مدى تفاقم أزمة الجوع بين السكان؟
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) -اليوم الأحد- إن إسرائيل تتعمد تجويع المدنيين في غزة، بمن فيهم مليون طفل يعاني كثير منهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
ووفقا لمركز الإعلام الحكومي في القطاع، فإن 650 ألف طفل (من 2.4 مليون يعيشون في القطاع) يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية والتجويع، في حين تواجه نحو 60 ألف حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.
كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 112 طفلا في غزة يدخلون المستشفيات يوميا للعلاج من سوء التغذية والهزال الشديد، فضلا عن موت 620 شخصا بسبب التجويع، 70 منهم قضوا منذ يونيو/حزيران الماضي.
إضافة إلى ما سبق، أكدت السلطات في غزة أن الناس باتوا يصابون بالإغماء في الشوارع بسبب التجويع.
في الإطار، قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة -للجزيرة نت- إن غزة تعيش جوعا حقيقيا يضرب مئات الآلاف من الفلسطينيين في مختلف المناطق، وسط انهيار المنظومة الصحية وشح المياه الصالحة للشرب، وهو ما يزيد الأوضاع الإنسانية تعقيدا وخطورة.
2- ما الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الغذاء في غزة، وكيف أسهم العدوان والحصار الإسرائيلي المستمر في ذلك؟
فرضت إسرائيل حظرا على دخول المساعدات عقب انقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي.
وفي مايو/أيار الماضي، بدأت ما تمسى " مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية مهمة التحكم في المساعدات، ومنذ ذلك الوقت تواترت عمليات إطلاق النار على المجوّعين عند مراكز المساعدات، مما أسفر عن استشهاد نحو ألف فلسطيني وإصابة آلاف آخرين.
3- ما دور المنظمات الدولية، ومن بينها الأمم المتحدة، في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ولماذا تأخر إعلان المنطقة منكوبة بالمجاعة؟
أواخر مايو/أيار الماضي، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) أن كل سكان غزة على حافة المجاعة، وأن القطاع هو المنطقة الأكثر جوعا على وجه الأرض.
ورغم تحذيراتها العديدة من إمكانية حدوث مجاعة في غزة، فإن الأمم المتحدة وهيئاتها تتجنب حتى الآن إعلان الحالة، وقد يكون ذلك ناتجا عن إبعادها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أو لأنها تعتبر أن الشروط لتحقق ذلك لم يتم استيفاؤها.
في السياق، انتقد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، تأخر الأمم المتحدة في إعلان قطاع غزة منطقة مجاعة.
واعتبر عبد العاطي -في تصريحات للجزيرة نت- أن هذا تأخر غير مبرر، وشدد على أن المعايير التي تعتمدها المنظمة الدولية تحققت في غزة، حيث يعيش السكان المرحلة الأخيرة من المجاعة المعروفة بـ"الجوع الكارثي"، وهي المرحلة الخامسة حسب التصنيف الأممي، وتسبقها المرحلة الرابعة "الجوع الحاد".
4- ما المعايير التي تعتمدها الأمم المتحدة لإعلان منطقة ما منكوبة بالمجاعة، وهل تنطبق هذه المعايير على قطاع غزة؟
وفقا لتقرير معلوماتي أعدّته نسيبة موسى لقناة الجزيرة، فإن المعايير المحددة لإعلان المجاعة رسميا في أي منطقة بالعالم تتوفر في غزة منذ مدة.
ومن بين هذه المعايير مواجهة 20% من السكان مستويات جوع شديدة، وتوثيق معاناة 30% من الأطفال من الهزال والنحافة الشديدة.
من جهتها، ذكرت وكالة أسوشيتد برس في تقرير نشرته مؤخرا أن ما يعرف بـ"التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" -وهي آلية رئيسية تستخدمها المجموعة الدولية لتحليل البيانات المتعلقة بالأزمات الغذائية وتقرير ما إذا كانت هناك مجاعة حدثت بالفعل أو يمكن أن تحدث- يضع 3 محددات لإعلان المجاعة، تشمل بالإضافة للعنصرين السابقين، وفاة شخصين بالغين أو 4 أطفال يوميا من كل 10 آلاف شخص بسبب التجويع.
وقالت الوكالة إنه لا توجد قاعدة تحدد الجهة التي يمكنها إعلان المجاعة في منطقة ما، لكنها أوضحت أنه في الغالب يقوم بذلك مسؤولون أمميون أو حكومات.
وفي هذا الصدد، أوضح المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة أن إعلان المجاعة يتطلب 3 شروط في منطقة جغرافية محددة: أن يكون 20% على الأقل من السكان يواجهون مستويات شديدة من الجوع، وأن يعاني 30% من الأطفال من الهزال أو النحافة الشديدة، وتضاعف معدل الوفيات مقارنة بالمتوسط، بما يشمل وفاة واحدة يوميا لكل 10 آلاف بالغ، وحالتي وفاة لكل 10 آلاف طفل يوميا.
وفي السياق نفسه، أوضح الأكاديمي والناشط الإنساني عثمان الصمادي أن المعايير التي تحكم وضع المجاعة وسوء درجتها لا تعتمد فقط على عدم توافر الغذاء، بل أيضا على معايير أخرى مهمة، منها وجود رقعة زراعية وإمكانية الوصول إليها، والنظام الصحي وتوفر الأدوية والمستهلكات الطبية والأجهزة الطبية والبنية التحتية بشكل عام، وتوافر المياه الصالحة للشرب، ومعدل البطالة ودخل الفرد، وأسعار المواد الأساسية الغذائية ومواد النظافة العامة، والطقس ودرجة الحرارة، وتوافر السكن والمواصلات والقدرة على التنقل للوصول للغذاء أو الدواء أو الماء.
من جانبه، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، إن أكثر من نصف مليون فلسطيني معرضون الآن لخطر الوفاة، معظمهم من الأطفال، داعيا الأمم المتحدة إلى الإسراع بإعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، واتخاذ تدابير تضمن إدخال المساعدات الغذائية بشكل عاجل لمنع سقوط آلاف الضحايا.
أما المحامي والخبير الدولي أنيس فوزي قاسم، فقال إن هذه المعايير تعتمد على حجم المجاعة ودرجتها وقسوتها، وتقييم الحاجات المطلوبة، وهذا يشمل الأمن الغذائي والوصول إلى مياه شرب نظيفة، والخدمات الصحية وأماكن الإيواء.
5- كيف يؤثر تأخر إعلان غزة منطقة منكوبة بالمجاعة على وصول المساعدات الدولية والإغاثة العاجلة للسكان؟
تأخر المنظمات الدولية في إعلان المجاعة في غزة من شأنه أن يشجع الاحتلال على الاستمرار في إنكار وجود أزمة إنسانية، ومن ثم تعرضه لضغط أقل، وهو ما ينجم عنه تأخر إضافي في إدخال المساعدات الإغاثية المستعجلة.
6- ما التداعيات الاجتماعية والصحية لأزمة الجوع في غزة، خاصة على الأطفال والنساء وكبار السن؟
في الأيام القليلة الماضية، تزايدت حالات الوفاة بين الأطفال جراء سوء التغذية، وبات أكثر من 650 ألف طفل يواجهون خطر الموت، وفق السلطات في قطاع غزة.
كذلك انعكست أزمة التجويع على كبار السن، والمرضى المصابين بأمراض مزمنة، والمحتاجين لعلاج طبي مستمر مثل غسيل الكلى.
وحول التداعيات الاجتماعية والصحية لأزمة التجويع، قال الأكاديمي والناشط الإنساني عثمان الصمادي إن الأطفال هم الفئة الأكثر حساسية وتأثرا بسوء التغذية ونقص العلاج والمطاعيم، لذلك فإن الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للموت نتيجة المجاعة.
وأشار إلى وفاة أكثر من 70 طفلا -معظمهم دون سن الخامسة- ولفت إلى أن كبار السن يعانون معاناة خطرة نتيجة أمراضهم المزمنة ومناعتهم الضعيفة وعدم قدرتهم على الوصول إلى الأدوية، في حين تحتاج النساء، خاصة الحوامل، إلى غذاء مناسب لهن وللأجنة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإجهاض والولادات المبكرة والتشوهات الخلقية.
وأوضح الصمادي أن النزوح المتكرر وتدمير أكثر من 75% من المنازل و90% من الطرقات أدى إلى تشتت العوائل والعيش في بيئة غير مناسبة تفتقر إلى الحد الأدنى من الكرامة، مضيفا أن ضعف الترابط الاجتماعي، والحالة النفسية الصعبة، وانتشار حالات القلق والاكتئاب، كلها تزيد من عزلة المجتمع، محذرا من أن نقص الغذاء الشديد قد يدفع الناس إلى التعارك والتدافع للحصول على القليل المتوفر، مما يعمق الفجوة العاطفية والاجتماعية بينهم.
7- ما الخطوات التي يمكن اتخاذها دوليا وإقليميا للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتقديم استجابة عاجلة لأزمة التجويع في غزة؟
قال المحامي والخبير الدولي أنيس فوزي قاسم إن الأمم المتحدة "لا تملك أدوات وأجهزة لحمل إسرائيل على الاستجابة لأزمة الجوع، فهي لا تملك أدوات تنفيذية. حتى لو فرضنا أنها تملك، فإن إسرائيل تمنع وصول أي معونات ولا تلتزم بقرارات دولية".
من جهته، اعتبر الصمادي أن المجتمع الدولي -خاصة الدول العربية والإسلامية- أسهم في تفاقم الأزمة بقبوله إدراج المساعدات الإنسانية في المفاوضات الجارية مع الاحتلال، مما يخالف القانون الإنساني الدولي ويعد جريمة إنسانية.
كما أشار إلى عجز الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عن ممارسة ضغط كافٍ يجبر الاحتلال على فتح المعابر، خاصة معبر رفح الذي أغلق ودمر من الجانب الفلسطيني في مايو/أيار 2024.
بدوره، قال أبو حسنة إن إدخال المساعدات مرتبط فقط بقرار إسرائيلي، وأضاف إن إسرائيل هي التي تملك القرار الآن وتتصرف كقوة باطشة لا تكترث لقرارات الأمم المتحدة أو النداءات الدولية.
وأوضح أن الأونروا ستواصل الضغوط السياسية والإعلامية والاتصالات، وعبّر عن أمله في استجابة عملية على الأرض، مشيرا إلى وجود تحرك أوروبي وصفه بالمهم، لكنه شدد على الحاجة لترجمة هذه التحركات إلى أفعال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 دقائق
- الجزيرة
مسؤول صحي: ما دخل من مساعدات لغزة شكلي ودعاية إعلامية
وصف المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش ما يتم تداوله من إدخال مساعدات عبر منافذ برية أو إسقاطها جوا بـ"المهدئات البسيطة" وتندرج في سياق البروباغندا الإعلامية. وقال البرش -في تصريحات للجزيرة- إن الأطباء لا يجدون طعاما كافيا، مؤكدا أن أجسادهم تنهار بصمت في ظل تفشي المجاعة بسبب سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل خلال حربها على القطاع. وأكد البرش أن الجراحين باتوا يفقدون التركيز خلال العمليات، كما بدأت الذاكرة تضعف للعاملين في القطاع الطبي. ووصف الواقع الإنساني بالمرير، إذ تضرب المجاعة في كل مكان، ويتضور الأطفال جوعا، وتنهار الأمهات على أنقاض ما تبقى من حياة في القطاع المحاصر. وكان جيش الاحتلال قد أعلن فتح ما وصفها بـ"ممرات إنسانية" لتأمين مرور قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بداية من اليوم الأحد، وتنفيذ "وقف لإطلاق النار لأغراض إنسانية" في بعض المناطق المكتظة بالسكان، خصوصا في شمال غزة، وذلك يوميا من الساعة العاشرة صباحا وحتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، وحتى إشعار آخر. وشدد البرش على أن وزارة الصحة لم تصلها أي أدوية أو مكملات غذائية عالية البروتين حتى الآن، مطالبا بإجلاء عاجل للجرحى وإدخال فوري للمستلزمات الطبية خاصة للأطفال. ووفق المسؤول الصحي، فإن الهدنة الإنسانية المؤقتة "لن تُغنِ ما لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح"، مشددا على ضرورة تدفق المساعدات الطبية والغذائية من أدوية ولحوم وحليب للأطفال وغيرها. وفي وقت سابق اليوم الأحد، قالت وزارة الصحة إن مستشفيات قطاع غزة سجلت 6 حالات وفاة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفلان أنهكهما الجوع. وأوضحت الوزارة -في بيان- أن العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 133 حالة وفاة، من بينهم 87 طفلا. كما اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بالعمل على تبييض صورتها والالتفاف على مطلب وقف سياسة التجويع ، وأكدت أن الإجراءات التي أعلنها الاحتلال لن تسمح بوضع حد لأزمة الجوع التي أودت بحياة مئات الفلسطينيين. وقالت إن خطة الاحتلال للتحكم بالمساعدات عبر الإنزال الجوي والممرات الإنسانية "تمثل إدارة للتجويع وتعرّض حياة المدنيين للخطر".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
صحيفة إسرائيلية: 100 ألف جندي مصابون بحلول 2028
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن عدد الجنود الإسرائيليين المصابين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تجاوز 18 ألفا و500، منهم آلاف يعانون من أضرار نفسية حادة، وسط تقديرات ببلوغ عدد المصابين 100 ألف بحلول عام 2028. وتفيد الصحيفة نقلا عن تقارير ومعلومات عن وزارة الدفاع، بأن هؤلاء الجنود المصابين حاليا "خرجوا من الخدمة ليس فقط كأفراد من الجيش بل أيضا من سوق العمل"، ما يؤثر على الاقتصاد والمجتمع معا. كما يوضح التقرير أنه بحلول عام 2028 سيكون هناك 100 ألف جندي إسرائيلي جريح ومعاق، نصفهم على الأقل يعانون من مشاكل في الصحة العقلية، وعلى رأسها اضطراب ما بعد الصدمة. وتؤكد الصحيفة أن هذا الرقم كان يُتوقع سابقا الوصول إليه في عام 2030، غير أن التسارع في تسجيل الإصابات العقلية دفع السلطات إلى إعادة تقييم أنظمتها وموازناتها وخططها العلاجية. أرقام صادمة وفي التفاصيل، وحسب البيانات التي أفصح عنها الجيش الإسرائيلي، فإن أكثر من 10 آلاف جندي لا يزالون يعالجون من ردود الفعل العقلية واضطراب ما بعد الصدمة، في حين تم الاعتراف فقط بـ3769 جنديا على أنهم يتأقلمون مع اضطراب ما بعد الصدمة. ومن اللافت أكثر في هذه الإحصائيات، فهو أن هناك أكثر من 9 آلاف جندي تقدموا بطلبات رسمية للاعتراف بهم كمصابين نفسيا هذا العام فقط، ولا تزال طلباتهم قيد المعالجة، وفق الصحيفة. وبحسب التقرير، فإن هذه الأرقام تعني أن عدد المصابين رسميا مرشح للارتفاع بشكل حاد خلال الأشهر المقبلة. ويؤكد التقرير أن الحرب الحالية أحدثت ارتفاعًا غير مسبوق في عدد المصابين النفسيين، إذ جرى في عام 2024 وحده الاعتراف بـ1600 جندي على أنهم يعانون من أعراض ما بعد الصدمة، بينهم 1512 رجلا و88 امرأة غالبيتهم من جنود الاحتياط. كما تقدّر وزارة الدفاع أن يشهد عام 2025 مزيدًا من الحالات النفسية الحرجة، رغم التراجع النسبي في وتيرة العمليات العسكرية في قطاع غزة ، حسب يديعوت أحرونوت. ويذكر التقرير نقلا عن دراسات نفسية أن تأثير الصدمات لا يظهر غالبا أثناء القتال، بل يتفجر لاحقا بعد توقف العمليات وعودة الجنود إلى حياتهم اليومية. عجز وتحديات ويشير التقرير إلى أن أكبر التحديات التي تواجهها إدارة إعادة التأهيل بوزارة الدفاع هو النقص الحاد في الطواقم الطبية المؤهلة للتعامل مع هذه الأعداد. وتقول الوزارة إنها تملك حاليا أخصائيا اجتماعيا واحدا لكل 750 مريضًا، ما يجعل من المستحيل تقريبًا تقديم عناية شخصية فعالة لكل حالة. هذا إلى جانب النقص العام في عدد الأطباء النفسيين في البلاد. وتنقل الصحيفة عن وزارة الدفاع استحداث عشرات الأساليب للتعامل مع تفاقم الأزمة، منها إقامة 10 مناطق تأهيلية، وافتتاح وحدة صحية نفسية عاجلة على طراز العناية المركزة. ومن الإجراءات أيضا، تسيير دوريات استجابة نفسية عاجلة، تعمل كبديل لسيارات الشرطة، وتستجيب لحالات الطوارئ التي تشمل محاولات انتحار أو انهيارات نفسية حادة، إذ تشير الوزارة إلى أن هذه الدوريات تتعامل أحيانًا مع 3 إلى 4 حوادث يوميا. كما جرى افتتاح إدارة إعادة تأهيل 4 منازل مفتوحة قرب أجنحة الطب النفسي في المستشفيات، جميعها ممتلئة حاليًا، بالإضافة إلى بيت خاص أقيم في مستوطنة "حفيت" مخصص لجنود الاحتياط الذين لا يستطيعون البقاء في بيوتهم بسبب أزمتهم النفسية. ويشير التقرير إلى أن "الانفجار" في عدد المرضى النفسيين في الجيش تسبب بزيادة ضخمة في النفقات تتجاوز المليارات من الشواكل، وهي أعباء لم تكن محسوبة في ميزانية الدفاع.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
كيف يسهم التغير المناخي في انتشار الأوبئة والجوائح؟
تشير دراسة جديدة إلى أن الظروف المناخية، من ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات هطول الأمطار السنوية، وندرة المياه، تسهم في زيادة احتمالات تفشي الأوبئة والأمراض الحيوانية المنشأ الجديدة بوتيرة سريعة في مختلف أنحاء العالم. وأكدت الدراسة التي نُشرت في مجلة "ساينس أدفانس" أن التغيرات المناخية التي تؤدي بدورها إلى تغيرات بيئية كاستخدام الأراضي، والتعدي البشري على المناطق الحرجية، وزيادة الكثافة السكانية، وفقدان التنوع البيولوجي، كلها عوامل تزيد من مخاطر انتشار الأمراض. وقدمت الدراسة خريطة عالمية ومؤشرات لمخاطر الأوبئة الخاصة بكل دولة وقدراتها على الاستعداد والاستجابة للتهديدات الحيوانية المنشأ. وأشارت إلى أن تلك العوامل جعلت الأوبئة والجوائح الناجمة عن انتقال مسببات الأمراض من الحيوانات إلى البشر، والانتشار الحيواني، أكثر تواترًا. وجمع الباحثون بيانات عن تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ المُدرجة على قائمة الأولويات لدى منظمة الصحة العالمية خلال الفترة من 1975 إلى 2020، اعتمادًا على بيانات الشبكة العالمية للأمراض المعدية والوبائيات. كما حددت الدراسة 9 أمراض حيوانية المنشأ تتمثل في العدوى التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر وذات قدرة عالية على التسبب في حالات طوارئ صحية عامة حادة. ومن بينها: فيروس زيكا، وإيبولا، ومتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس). بشكل عام، يوجد أكثر من 200 مرض حيواني المنشأ معروف، تنتقل عندما يعبر العامل المُمْرِض، مثل الفيروسات أو البكتيريا أو الطفيليات أو الفطريات، من الحيوان إلى الإنسان، سواء من خلال اللدغات، أو ملامسة الدم، أو اللعاب، أو البراز. ومن أبرز الأمثلة على هذه الأمراض: داء لايم، وداء الكلب، وإنفلونزا الطيور، وكوفيد-19 الذي استبعدته الدراسة. وحسب الدراسة، يتزايد عدد الأمراض الحيوانية المنشأ الجديدة بوتيرة سريعة بفعل جملة عوامل يأتي على رأسها المناخ. وتزدهر أيضا مسببات الأمراض، وكذلك الحيوانات التي تحملها، في المناخات الدافئة والرطبة. ويُعد الاتصال المتكرر بين البشر والحيوانات عاملا رئيسيا آخر. فعندما يعيش الناس بالقرب من مناطق ذات تنوع بيولوجي غني، مثل الغابات، يزداد خطر انتقال الأمراض. وحدّد الباحثون 131 تفشيا مرتبطا بأمراض ذات قابلية للتحول إلى أوبئة أو جوائح، خلال الفترة المذكورة، واستخدموا بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد 9 عوامل خطر محتملة تسهم في انتقال الأمراض الحيوانية المنشأ، معظمها مرتبطة بتغير المناخ وتأثيراته. ومن بين هذه العوامل: الحد الأقصى السنوي لدرجة الحرارة، والحد الأدنى السنوي لدرجة الحرارة، وعجز المياه، وإجمالي هطول الأمطار السنوي، وكثافة الثروة الحيوانية، وتغير استخدام الأراضي، والتغير في القرب بين البشر والغابات، وفقدان التنوع البيولوجي، والكثافة السكانية البشرية. وحلّلت الدراسة كيف تؤثر العوامل البيئية والمناخية المختلفة على خطر تفشي الأمراض، حيث اعتمد المؤلفون على نموذج تنبؤي قائم على تقنيات التعلم الآلي لدمج هذه المتغيرات. وخلصت النتائج إلى أن معدل تفشي الأمراض في أميركا اللاتينية يعد الأكبر بنسبة 27.1%، تليها أوقيانوسيا بنسبة 18.6%، وآسيا بنسبة 6.9%، وأفريقيا بنسبة 5.2%، ثم وأوروبا بنسبة 0.2%، وأميركا الشمالية بنسبة 0.08%. كما وجدت الدراسة أن ما يصل إلى 20% من السكان في العالم يعيشون في مناطق ذات مخاطر متوسطة، بينما يعيش 3% في مناطق ذات مخاطر عالية وعالية جدا. وبيّنت النتائج أن التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة هطول الأمطار يرفعان من احتمالات انتقال العدوى، إذ إن العوائل الطبيعية للمُمْرِضات تتكيّف غالبا مع البيئات الحارة والرطبة، خصوصا في المناطق الاستوائية. كما وجد الباحثون أن ندرة المياه مرتبطة بأعلى خطر لتفشي الأمراض، ربما بسبب تجمع الحيوانات حول مصادر المياه القليلة المتبقية، مما يسهل انتقال المُمْرِضات، أما الظروف القاحلة للغاية فقد تؤدي إلى انقراض العوائل، وبالتالي توقف انتشار المُمْرِض. وأكدت الدراسة أن إزالة الغابات وتغير استخدام الأراضي يزيدان من فرص التواصل بين البشر والحيوانات البرية، مما يفتح الباب لانتقال مسببات الأمراض. وترتبط أيضا الكثافة السكانية، سواء للبشر أو للماشية، بزيادة احتمال تفشي الأمراض الحيوانية المنشأ، إذ تسهّل هذه الكثافة انتقال المُمْرِضات وانتشارها.