
المجاعة تنهش قطاع غزة والأمم المتحدة غائبة عن المشهد.. ما السبب؟
ورغم التحذيرات المتواترة من تفشي المجاعة في غزة، وتزايد المؤشرات الواضحة على ذلك، فإن الأمم المتحدة لم تعلنها رسميا حتى الآن، مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل حظرت عمليا نشاط المنظمة الأممية والوكالات التابعة لها في القطاع.
وفي ما يلي 7 نقاط توضح لماذا تأخرت الأمم المتحدة في إعلان المجاعة في غزة:
1- ما الأوضاع الإنسانية الحالية في قطاع غزة، وما مدى تفاقم أزمة الجوع بين السكان؟
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) -اليوم الأحد- إن إسرائيل تتعمد تجويع المدنيين في غزة، بمن فيهم مليون طفل يعاني كثير منهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
ووفقا لمركز الإعلام الحكومي في القطاع، فإن 650 ألف طفل (من 2.4 مليون يعيشون في القطاع) يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية والتجويع، في حين تواجه نحو 60 ألف حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.
كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 112 طفلا في غزة يدخلون المستشفيات يوميا للعلاج من سوء التغذية والهزال الشديد، فضلا عن موت 620 شخصا بسبب التجويع، 70 منهم قضوا منذ يونيو/حزيران الماضي.
إضافة إلى ما سبق، أكدت السلطات في غزة أن الناس باتوا يصابون بالإغماء في الشوارع بسبب التجويع.
في الإطار، قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة -للجزيرة نت- إن غزة تعيش جوعا حقيقيا يضرب مئات الآلاف من الفلسطينيين في مختلف المناطق، وسط انهيار المنظومة الصحية وشح المياه الصالحة للشرب، وهو ما يزيد الأوضاع الإنسانية تعقيدا وخطورة.
2- ما الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الغذاء في غزة، وكيف أسهم العدوان والحصار الإسرائيلي المستمر في ذلك؟
فرضت إسرائيل حظرا على دخول المساعدات عقب انقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي.
وفي مايو/أيار الماضي، بدأت ما تمسى " مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية مهمة التحكم في المساعدات، ومنذ ذلك الوقت تواترت عمليات إطلاق النار على المجوّعين عند مراكز المساعدات، مما أسفر عن استشهاد نحو ألف فلسطيني وإصابة آلاف آخرين.
3- ما دور المنظمات الدولية، ومن بينها الأمم المتحدة، في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ولماذا تأخر إعلان المنطقة منكوبة بالمجاعة؟
أواخر مايو/أيار الماضي، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) أن كل سكان غزة على حافة المجاعة، وأن القطاع هو المنطقة الأكثر جوعا على وجه الأرض.
ورغم تحذيراتها العديدة من إمكانية حدوث مجاعة في غزة، فإن الأمم المتحدة وهيئاتها تتجنب حتى الآن إعلان الحالة، وقد يكون ذلك ناتجا عن إبعادها من قبل الاحتلال الإسرائيلي، أو لأنها تعتبر أن الشروط لتحقق ذلك لم يتم استيفاؤها.
في السياق، انتقد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، تأخر الأمم المتحدة في إعلان قطاع غزة منطقة مجاعة.
واعتبر عبد العاطي -في تصريحات للجزيرة نت- أن هذا تأخر غير مبرر، وشدد على أن المعايير التي تعتمدها المنظمة الدولية تحققت في غزة، حيث يعيش السكان المرحلة الأخيرة من المجاعة المعروفة بـ"الجوع الكارثي"، وهي المرحلة الخامسة حسب التصنيف الأممي، وتسبقها المرحلة الرابعة "الجوع الحاد".
4- ما المعايير التي تعتمدها الأمم المتحدة لإعلان منطقة ما منكوبة بالمجاعة، وهل تنطبق هذه المعايير على قطاع غزة؟
وفقا لتقرير معلوماتي أعدّته نسيبة موسى لقناة الجزيرة، فإن المعايير المحددة لإعلان المجاعة رسميا في أي منطقة بالعالم تتوفر في غزة منذ مدة.
ومن بين هذه المعايير مواجهة 20% من السكان مستويات جوع شديدة، وتوثيق معاناة 30% من الأطفال من الهزال والنحافة الشديدة.
من جهتها، ذكرت وكالة أسوشيتد برس في تقرير نشرته مؤخرا أن ما يعرف بـ"التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" -وهي آلية رئيسية تستخدمها المجموعة الدولية لتحليل البيانات المتعلقة بالأزمات الغذائية وتقرير ما إذا كانت هناك مجاعة حدثت بالفعل أو يمكن أن تحدث- يضع 3 محددات لإعلان المجاعة، تشمل بالإضافة للعنصرين السابقين، وفاة شخصين بالغين أو 4 أطفال يوميا من كل 10 آلاف شخص بسبب التجويع.
وقالت الوكالة إنه لا توجد قاعدة تحدد الجهة التي يمكنها إعلان المجاعة في منطقة ما، لكنها أوضحت أنه في الغالب يقوم بذلك مسؤولون أمميون أو حكومات.
وفي هذا الصدد، أوضح المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة أن إعلان المجاعة يتطلب 3 شروط في منطقة جغرافية محددة: أن يكون 20% على الأقل من السكان يواجهون مستويات شديدة من الجوع، وأن يعاني 30% من الأطفال من الهزال أو النحافة الشديدة، وتضاعف معدل الوفيات مقارنة بالمتوسط، بما يشمل وفاة واحدة يوميا لكل 10 آلاف بالغ، وحالتي وفاة لكل 10 آلاف طفل يوميا.
وفي السياق نفسه، أوضح الأكاديمي والناشط الإنساني عثمان الصمادي أن المعايير التي تحكم وضع المجاعة وسوء درجتها لا تعتمد فقط على عدم توافر الغذاء، بل أيضا على معايير أخرى مهمة، منها وجود رقعة زراعية وإمكانية الوصول إليها، والنظام الصحي وتوفر الأدوية والمستهلكات الطبية والأجهزة الطبية والبنية التحتية بشكل عام، وتوافر المياه الصالحة للشرب، ومعدل البطالة ودخل الفرد، وأسعار المواد الأساسية الغذائية ومواد النظافة العامة، والطقس ودرجة الحرارة، وتوافر السكن والمواصلات والقدرة على التنقل للوصول للغذاء أو الدواء أو الماء.
من جانبه، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، إن أكثر من نصف مليون فلسطيني معرضون الآن لخطر الوفاة، معظمهم من الأطفال، داعيا الأمم المتحدة إلى الإسراع بإعلان قطاع غزة منطقة مجاعة، واتخاذ تدابير تضمن إدخال المساعدات الغذائية بشكل عاجل لمنع سقوط آلاف الضحايا.
أما المحامي والخبير الدولي أنيس فوزي قاسم، فقال إن هذه المعايير تعتمد على حجم المجاعة ودرجتها وقسوتها، وتقييم الحاجات المطلوبة، وهذا يشمل الأمن الغذائي والوصول إلى مياه شرب نظيفة، والخدمات الصحية وأماكن الإيواء.
5- كيف يؤثر تأخر إعلان غزة منطقة منكوبة بالمجاعة على وصول المساعدات الدولية والإغاثة العاجلة للسكان؟
تأخر المنظمات الدولية في إعلان المجاعة في غزة من شأنه أن يشجع الاحتلال على الاستمرار في إنكار وجود أزمة إنسانية، ومن ثم تعرضه لضغط أقل، وهو ما ينجم عنه تأخر إضافي في إدخال المساعدات الإغاثية المستعجلة.
6- ما التداعيات الاجتماعية والصحية لأزمة الجوع في غزة، خاصة على الأطفال والنساء وكبار السن؟
في الأيام القليلة الماضية، تزايدت حالات الوفاة بين الأطفال جراء سوء التغذية، وبات أكثر من 650 ألف طفل يواجهون خطر الموت، وفق السلطات في قطاع غزة.
كذلك انعكست أزمة التجويع على كبار السن، والمرضى المصابين بأمراض مزمنة، والمحتاجين لعلاج طبي مستمر مثل غسيل الكلى.
وحول التداعيات الاجتماعية والصحية لأزمة التجويع، قال الأكاديمي والناشط الإنساني عثمان الصمادي إن الأطفال هم الفئة الأكثر حساسية وتأثرا بسوء التغذية ونقص العلاج والمطاعيم، لذلك فإن الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للموت نتيجة المجاعة.
وأشار إلى وفاة أكثر من 70 طفلا -معظمهم دون سن الخامسة- ولفت إلى أن كبار السن يعانون معاناة خطرة نتيجة أمراضهم المزمنة ومناعتهم الضعيفة وعدم قدرتهم على الوصول إلى الأدوية، في حين تحتاج النساء، خاصة الحوامل، إلى غذاء مناسب لهن وللأجنة، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الإجهاض والولادات المبكرة والتشوهات الخلقية.
وأوضح الصمادي أن النزوح المتكرر وتدمير أكثر من 75% من المنازل و90% من الطرقات أدى إلى تشتت العوائل والعيش في بيئة غير مناسبة تفتقر إلى الحد الأدنى من الكرامة، مضيفا أن ضعف الترابط الاجتماعي، والحالة النفسية الصعبة، وانتشار حالات القلق والاكتئاب، كلها تزيد من عزلة المجتمع، محذرا من أن نقص الغذاء الشديد قد يدفع الناس إلى التعارك والتدافع للحصول على القليل المتوفر، مما يعمق الفجوة العاطفية والاجتماعية بينهم.
7- ما الخطوات التي يمكن اتخاذها دوليا وإقليميا للضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتقديم استجابة عاجلة لأزمة التجويع في غزة؟
قال المحامي والخبير الدولي أنيس فوزي قاسم إن الأمم المتحدة "لا تملك أدوات وأجهزة لحمل إسرائيل على الاستجابة لأزمة الجوع، فهي لا تملك أدوات تنفيذية. حتى لو فرضنا أنها تملك، فإن إسرائيل تمنع وصول أي معونات ولا تلتزم بقرارات دولية".
من جهته، اعتبر الصمادي أن المجتمع الدولي -خاصة الدول العربية والإسلامية- أسهم في تفاقم الأزمة بقبوله إدراج المساعدات الإنسانية في المفاوضات الجارية مع الاحتلال، مما يخالف القانون الإنساني الدولي ويعد جريمة إنسانية.
كما أشار إلى عجز الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عن ممارسة ضغط كافٍ يجبر الاحتلال على فتح المعابر، خاصة معبر رفح الذي أغلق ودمر من الجانب الفلسطيني في مايو/أيار 2024.
بدوره، قال أبو حسنة إن إدخال المساعدات مرتبط فقط بقرار إسرائيلي، وأضاف إن إسرائيل هي التي تملك القرار الآن وتتصرف كقوة باطشة لا تكترث لقرارات الأمم المتحدة أو النداءات الدولية.
وأوضح أن الأونروا ستواصل الضغوط السياسية والإعلامية والاتصالات، وعبّر عن أمله في استجابة عملية على الأرض، مشيرا إلى وجود تحرك أوروبي وصفه بالمهم، لكنه شدد على الحاجة لترجمة هذه التحركات إلى أفعال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
41 شهيدا بغزة منذ فجر اليوم وارتفاع حصيلة ضحايا المساعدات
استُشهد 41 فلسطينيا بينهم 10 من منتظري المساعدات وأصيب عشرات آخرون، منذ فجر اليوم الخميس، جراء هجمات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة. وقالت وزارة الصحة بغزة إن 89 شهيدا و453 مصابا وصلوا إلى المستشفيات خلال 24 ساعة جراء الإبادة الإسرائيلية. وأفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ باستشهاد 4 أشخاص وإصابة عدد كبير من الأشخاص في غارة إسرائيلية على حي الشيخ رضوان بمدينة غزة. واستُشهد 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي استهدف سيارة بحي التفاح شرقي مدينة غزة، فيما استشهد فلسطينيان في قصف استهدف تجمعا للمواطنين. كما استشهد 4 فلسطينيين، بينهم سيدة، في قصف مروحي على خيمة نازحين بمدينة غزة. واستشهد 3 فلسطينيين، بقصف مدفعي استهدف أبراج القسطل شرقي دير البلح، واستشهدت فلسطينية أخرى في قصف جوي استهدف شقة بمخيم البريج. كما استشهد 3 فلسطينيين إثر قصف لشقة في برج الصالحي بمخيم النصيرات، فيما استشهد فلسطيني وأصيب آخرون في قصف منزل بمخيم البريج. ضحايا المساعدات واستُشهد 9 فلسطينيين، بينهم سيدة، وأصيب عشرات آخرون، بقصف مدفعي استهدف مدنيين أثناء انتظارهم للمساعدات قرب موقع زيكيم شمال غربي القطاع. وجنوبي القطاع، استشهدت فلسطينية برصاص الاحتلال أثناء ذهابها لتسلم مساعدات من منطقة مركز الشاكوش غربي مدينة رفح. كما استشهد فلسطينيان بقصف استهدف خيمة غرب خان يونس. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الخميس، ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إلى 59 ألفا و587 شهيدا، و143 ألفا و498 مصابا جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأشارت إلى ارتفاع حصيلة ضحايا منتظري المساعدات منذ 27 مايو/أيار الماضي إلى 1083 شهيدا، و7 آلاف و275 إصابة بعد استشهاد 23 فلسطينيا خلال 24 ساعة. إعلان وبوتيرة يومية، يطلق الجيش الإسرائيلي النار على الفلسطينيين المصطفين قرب مراكز التوزيع للحصول على المساعدات، ما تركهم بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
115 شهيدا.. التجويع يواصل الفتك بالفلسطينيين في غزة
سجل مجمع الشفاء الطبي وفاة فلسطينيَين اثنين، أحدهما يعاني من السكري، ليرتفع بذلك عدد شهداء التجويع إلى 115، وفق ما وثّقه المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ، وذلك مع استمرار ما يعيشه القطاع من مجاعة ونقص التغذية. وقال مدير مجمع الشفاء بغزة محمد أبو سلمية إن حالتي وفاة سجلتا بسبب سوء التغذية الحاد والجفاف؛ وأضاف أنه ستكون هناك أرقام غير مسبوقة من الوفيات إن لم يدخل الغذاء والدواء على وجه السرعة. من جهته، أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان، أن المجاعة آخذة في التفاقم في كل أنحاء القطاع، محذرا مما اعتبرها روايات زائفة عن دخول مساعدات. وطالب المكتب العالم بكسر الحصار المفروض على غزة فورا، وإدخال المساعدات الإنسانية، وعلى رأسها حليب الأطفال، لنحو 2.5 مليون شخص محاصر. كما أكد المكتب حاجة القطاع إلى 500 ألف كيس طحين على الأقل أسبوعيا، لتجنب الانهيار الإنساني الشامل، وقال إنه حتى الساعة لم تدخل أي شاحنات مساعدات إلى غزة، وإن المجاعة تزداد حدتها وخطورتها وانتشارها في جميع المحافظات. وأشار إلى أن ذلك يتزامن مع إغلاق الاحتلال جميع المعابر بشكل كامل منذ 145 يوما، ومنع إدخال حليب الأطفال والمساعدات الإنسانية. كما قال المتحدث باسم اليونيسيف في فلسطين للجزيرة إن الموت أقرب إلى أطفال غزة من وصول المساعدات، مضيفا أن ما يحدث غير مسبوق، ووصف الوضع في غزة بالمؤسف للغاية. وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) إن واحدا من كل 5 أطفال في مدينة غزة يعاني سوء التغذية وإن الحالات تتزايد يوميا. وأضاف المسؤول الأممي أن ارتفاع معدل سوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة وشبح المجاعة يتمدد بصمت، وأن معظم الأطفال في غزة نحيلون وضعفاء ويواجهون خطر الموت ما لم يتلقوا علاجا عاجلا. عباس يدعو ترامب للتدخل وفي السياق ذاته، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، في كلمة تلفزيونية اليوم الخميس، الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتدخل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة مع تزايد التقارير عن مزيد من الوفيات بسبب التجويع هناك. إعلان ودعا عباس المجتمع الدولي لإيجاد الوسائل الفورية لإدخال مئات آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية الموجودة في محيط قطاع غزة، مشيرا إلى أنه يجري سلسلة اتصالات دولية عن الوضع في قطاع غزة. أوروبيا، قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية اليوم الخميس إن إسرائيل بذلت بعض الجهود لتحسين إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة لكن الوضع لا يزال خطيرا. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يُقيّم الوضع حاليا، وأن جميع الخيارات لا تزال مطروحة إذا لم تلتزم إسرائيل بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه مع التكتل في وقت سابق من هذا الشهر بشأن تحسين الوضع الإنساني في غزة. ويشمل هذا الاتفاق زيادة كبيرة في عدد الشاحنات اليومية المحملة بالمواد الغذائية وغير الغذائية التي تدخل غزة، وفتح عدة معابر أخرى في كل من شمال القطاع وجنوبه، وإعادة فتح طرق المساعدات الأردنية والمصرية. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية، بدعم أميركي، أكثر من 202 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
مجمع ناصر الطبي: أطفال غزة يعانون أعراضا اختفت في العصر الحديث
وصلت حالات سوء التغذية بين الأطفال في قطاع غزة إلى مستويات سوف تستمر تداعياتها الصحية عليهم حتى لو تم تمكن العالم من إنقاذ حياتهم بإدخال الطعام والشراب وحليب الأطفال. ويعج مستشفى الأطفال في مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع بعشرات الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب سوء التغذية وغياب الحليب الصناعي الذي يعتبر الغذاء الوحيد لمن هم دون الـ6 أشهر. ومع تزايد الحالات اضطر القائمون على المكان إلى تنويم الأطفال في الممرات والردهات فيما هناك آلاف في الخارج لا يجدون ما يحول بينهم وبين الموت، كما يقول مدير المستشفى الدكتور أحمد الفرا. ويمثل غياب حليب الأطفال من النوعين الأول والثاني معضلة لمن هم دون الـ6 أشهر، حيث لم تعد في القطاع علبة حليب واحدة وإن وجدت فإنها منتهية الصلاحية غالبا ويصل ثمنها إلى 150 دولارا، وفق ما أكده الفرا في مقابلة مع الجزيرة. شعور عام بالإحباط ويحاول مجمع ناصر إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأطفال الذين وصلوا إليه من خلال ما يتوافر له من كميات حليب قليلة جدا وفرها متبرعون ومنظمات دولية، في حين تبحث العائلات في الخارج عن بدائل أخرى مثل المياه واليانسون والبابونج. ويشعر كافة الأطباء -بمن فيهم الأجانب الذين وصلوا مؤخرا لتفقد الوضع- بالإحباط الشديد من الأوضاع المتردية للأطفال الذين تظهر عليهم أعراض لم تعد موجودة في العصر الحديث، مثل تساقط الشعر وتجمّع السوائل وضمور الجسم. وحتى لو تمكن العالم من إنقاذ هؤلاء فإن إسرائيل ستكون قد حكمت على جيل كامل من الفلسطينيين بنقص مزمن في الذاكرة والذكاء والوزن، لأن الجهاز العصبي للطفل يتكون خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته، كما يقول الفرا. ويتطلب بناء الجهاز العصبي حصول الطفل على العديد من العناصر الأساسية مثل المغنيسيوم والفوليك أسيد وفيتامينات "بي"، و"سي"، و"دي"، وكلها لم تعد متوفرة لأطفال القطاع، مما يدفع أعضاءهم إلى التوقف التدريجي عن العمل. ولا يموت الأطفال في غزة بسبب أمراض مزمنة كما تشيع إسرائيل، لأن كل من قضوا خلال الأيام الماضية ومن يواجهون الموت حاليا لا يعانون أي أمراض سوى سوء التغذية الحاد، وفق الفرا. ففي مجمع ناصر ترقد حاليا الطفلة سيلا بربخ ذات الـ11 عاما، والتي تزن 3.5 كيلوغرامات، في حين يفترض أن يكون وزنها الطبيعي 10 كيلوغرامات على الأقل، ولا تعاني هذه الطفلة أي مرض آخر. ومنعت إسرائيل دخول حليب الأطفال بشكل كامل منذ مارس/آذار الماضي، مما دفع إحدى العائلات إلى إطعام رضيع بعض المعلبات، مما أدى إلى إجراء جراحة عاجلة له لإنقاذه من الاختناق. ولم يعد العاملون في المستشفى يجدون ما يأكلونه بعدما اعتذر المطبخ العالمي عن توفير الطعام لهم قبل أسبوعين، مما يعني استخدام إسرائيل "أقذر أسلحة التاريخ، التجويع" خلال هذه الحرب، كما يقول الفرا. ويعالج مجمع ناصر نحو 30 طفلا وصلوا إلى مرحلة سوء التغذية الحادة، في حين يواجه 600 ألف طفل دون العاشرة الموت جوعا، بينهم 60 ألفا دون الـ6 أشهر. تقارير مفزعة ولا يمكن للأطفال تحمّل غياب الطعام لأن أجسامهم خالية من العضلات، وبالتالي فإن أعضاء الجسم تبدأ في التوقف تدريجيا عن العمل بعد 6 ساعات من غياب الطعام، وعند تفاقم الحالة يتطلب العلاج بروتوكولات محددة ليست متوفرة في مستشفيات القطاع التي لا تمتلك حتى المكملات الغذائية. وتعليقا على هذا الوضع، أعلنت اللجنة الدولية للإنقاذ اليوم الخميس عن فزعها من التقارير التي تتحدث عن موت الأطفال جوعا في غزة، وقالت إن الحصار هو السبب في ذلك. كما قالت منظمة أوكسفام إن الأمراض تنتشر في غزة، في حين تواصل إسرائيل منع الطعام والشراب عن الناس، مؤكدة أن الأمراض المنقولة عن طريق المياه في القطاع زادت بنسبة 150%. وأعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 10 وفيات بسبب سوء التغذية خلال 24 ساعة ليرتفع العدد إلى 111 طفلا، في حين تحدّث مكتب الإعلام الحكومي عن 115 وفاة بسبب نفاد الطعام والمياه. بدوره، قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس إن القطاع يعيش مستويات قاتلة من سوء التغذية، وذلك بعد يوم من تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن ما يجري حاليا ليس له مثيل في العصر الحديث، وأن المجاعة أصبحت تطرق كل باب في غزة.