logo
انطلاق مناورات ديفنات الفرنسية تحسبا لحرب سيبرانية

انطلاق مناورات ديفنات الفرنسية تحسبا لحرب سيبرانية

الجزيرة٢٧-٠٣-٢٠٢٥

شارك 15 ألف عسكري في المناورات السنوية هذا العام في تدريبات تعد الأكبر في فرنسا لمحاكاة هجمات سيبرانية محتملة، من المرجح أن تكون من أكثر الهجمات العدوانية المحتملة التي تخشى باريس اندلاعها، منذ الحرب الروسية على أوكرانيا التي هددت بشكل مباشر الأمن السيبراني لدول الاتحاد الأوروبي.
وأطلقت مناورات الدفاع السيبراني التي تمتد على أسبوعين بين 17 و28 مارس/آذار تحت اسم الدفاع الرقمي "ديفنات" ويشارك فيها عسكريون من كل الجيوش الفرنسية البرية والبحرية وسلاح الجو وقوات الفضاء.
وأجريت المناورات السنوية هذه المرة في مدينة رين، وتشمل بالإضافة لذلك 14 موقعا عسكريا في عدة مدن أخرى، وهي تعد ضرورية لوزارة الدفاع الفرنسية من أجل إعداد الجيش لأسوأ السيناريوهات الممكنة، مثل التعرض لهجوم سيبراني بحري أو اختراق أنظمة الصواريخ، وهو ما يحتم تجهيز ضباط الحروب الرقمية على الاستجابة السريعة والفعالة وسط المعارك.
خطر روسي
وفق المعلومات التي نشرها الموقع الفرنسي المتخصص بالشؤون العسكرية "آرمي" شمل التدريب هذا العام محاكاة نحو 30 حادثا سيبرانيا، من بينها على سبيل المثال عمليات قرصنة يمكن أن تحدث أضرارا بالغة كتعطيل نظام صواريخ بأكمله لسفينة حربية، وهذا السيناريو من بين عدة هجمات رقمية محتملة يضعها الضباط العسكريون في قاعدة طولون البحرية جنوب فرنسا أمامهم أثناء التدريب.
ومنذ الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أعرب المسؤولون في باريس وعدد آخر من العواصم الأوروبية عن خشيتهم من توسع موسكو في تكتيكات "الحرب الهجينة" ضد حلفاء كييف الغربيين، من خلال تكثيف الهجمات السيبرانية، والتلاعب بالمعلومات وتسلل العملاء لزعزعة الاستقرار.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي مايكل ميكلوتشيتش -في مقال سابق نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"- إلى أن روسيا تملك بالفعل سوابق في استخدام الحرب الهجينة التي يمكنها إرباك أي دولة، مثل إطلاق برمجيات "نوتبيتيا" الخبيثة إلى الإنترنت بتكفل من جماعة القرصنة الإلكترونية "ساندوورم" (Sandworm) المدعومة من الكرملين، أثناء الانتخابات الأميركية عام 2016.
كما تحدثت الحكومة الفرنسية لاحقا عن رصد المئات من الأعمال الرقمية التخريبية قبيل دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، لكن أكثر ما تخشاه أن تتحول تلك الأعمال العدائية الى ما يشبه "حرب استنزاف" رقمية موجهة لقطاع الخدمات والدفاع بالأساس.
ولهذا السبب، وضع خبراء الدفاع السيبراني في مناورات "ديفنات" هدفا أساسيا في تحركهم يقوم على إبطاء انتشار أي اختراق محتمل قبل انتقاله إلى أنظمة أخرى متصلة، وتأمين العسكريين على الأرض بشكل فوري، ومن ثم الاشتغال على تحديد مصدر الهجمات الرقمية بدقة بهدف منع حدوثها مرة أخرى.
ويقول القائد العسكري أنطوان، المتخصص في الدفاع السيبراني بالبحرية الفرنسية، لشبكة يورونيوز "مهمتنا الأولى أخذ عينات تقنية من الأجهزة المخترقة أو المعطبة، وبعد ذلك نجري تحليلا لتحديد ما حدث للنظام. ومن المهم أن نطبق الإجراءات ونستخدم الأدوات اللازمة لنكون فعالين وعمليين في حال وقوع أي حادث".
وبعد مناورات رين، من المتوقع أن تشارك فرنسا خلال مايو/أيار 2025 في مناورة أخرى مشتركة مماثلة للدفاع السيبراني، في تالين بإستونيا، تحت مظلة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وحدة الدفاع السيبراني
تم تأسيس وحدة الدفاع السيبراني في فرنسا بموجب مرسوم صدر في مايو/أيار 2017، وهي تضم جميع قوات الدفاع السيبراني التابعة لوزارة الدفاع، ومهمتها الدفاع عن أنظمة المعلومات، بما في ذلك أنظمة الأسلحة، فضلا عن مهام التصميم والتخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية في الفضاء السيبراني. وتخضع هذه الوحدة إلى السلطة المباشرة لرئيس أركان الجيوش.
وتخص وزارة الدفاع الفرنسية وحدة الدفاع السيبراني بالمهام التالية:
قيادة عمليات الدفاع عن أنظمة المعلومات لمنع وكشف ومواجهة الهجمات التي تستهدف وزارة الدفاع.
حماية أنظمة المعلومات تحت مسؤولية رئيس أركان الجيوش.
تصميم وتخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية في الفضاء الإلكتروني.
الإعداد العملياتي للقوات في المجال السيبراني، عبر التدريبات والمناورات الوطنية أو الدولية.
ضمان اتساق نموذج الدفاع السيبراني وتنسيقه العام (سياسة الموارد البشرية، والاحتياجات التقنية، وتطوير العقيدة).
تطوير وإدارة الاحتياطي التشغيلي للدفاع السيبراني، في الجانب العملياتي والمواطني.
ووفق آخر البيانات الرسمية، يضم الجيش الفرنسي 4 آلاف ضابط مجهزين كمقاتلين في الحروب السيبرانية. ولكن في مواجهة التهديدات المتزايدة، يخطط الجيش الفرنسي لزيادة قوته الدفاعية الرقمية إلى 5 آلاف ضابط بحلول عام 2030.
ويوضح العقيد غيرغوري تسايغر، رئيس العمليات بوحدة الدفاع السيبراني -لموقع وزارة القوات المسلحة الفرنسية- أن أهداف مناورات "ديفنات" هذا العام هي:
تأكيد استعداد الجيش والوحدات السيبرانية لمواجهة عدة هجمات في نفس الوقت، سواء كان هدفها الاستيلاء على معلومات حساسة أو تحييد أنظمة رقمية.
التصدي لهجمات معلوماتية مضللة في الفضاء الرقمي من قبل العدو بهدف الحط من صورة الجيش الفرنسي.
اختبار قدرات المقاتلين السيبرانيين في تحديد وتحليل ومهاجمة الاختراقات التي تحدث.
توفير سياق عملياتي موجه للمقاتلين السيبرانيين الذين يتعين عليهم مواجهة هجمات نوعية ذات قدرات عالية.
تدريب المقاتلين على وضع تكتيكات مناسبة في فضاء المعركة السيبراني.
حرب التضليل الإعلامي
يضع الجيش الفرنسي في الاعتبار أن مخاطر الحرب السيبرانية لا تقتصر على الاختراق وإلحاق الأضرار المادية بأنظمة العتاد، بل تمتد لتشمل حرب التضليل الإعلامي وبث الإشاعات من قبل العدو لا سيما على منصات السوشيال ميديا، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الإلكترونية بهدف إرباك الجيش وزعزعة معنويات القوات المسلحة والتأثير سلبا على الرأي العام.
وتنطلق المخاوف الفرنسية من حوادث سابقة من عمليات تضليل واسعة، شهدتها الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية الأوروبية ودورة الألعاب الأولمبية التي نظمتها باريس عام 2024.
وقد لاحظ المرصد الأوروبي للإعلام الرقمي، في تقرير له، أن المعلومات المضللة المتعلقة بالاتحاد الأوروبي بلغت ذروة انتشارها على المنصات الرقمية في الشهر الذي سبق الانتخابات التي أجريت في يونيو/حزيران 2024، ووجهت فيها الاتهامات بشكل مباشر إلى "القراصنة" الموالين لموسكو.
ويقول الخبراء في فرنسا إن هناك حاجة ملحة اليوم وأكثر من أي وقت مضى لتعزيز الأمن السيبراني، من أجل التصدي للتأثير الخارجي للمعلومات المضللة.
ويعترف الجنرال الفرنسي أيمريك بونمايسون بأن "المناخ الجيوسياسي الحالي يتطلب يقظة شديدة في الفضاء الإلكتروني". ولهذا السبب، يعمل الجيش على تطوير إستراتيجيات محددة لمكافحة التضليل وطمأنة الجمهور، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي كل الحالات، لم تكتف فرنسا برفع جاهزيتها للتعامل مع التضليل الإعلامي الرقمي والهجمات السيبرانية المحتملة، ولكنها وسعت أيضا إستراتيجيتها لتشمل الإعداد الذهني واللوجستي لكيفية تعامل المواطنين الفرنسيين عند حدوث أزمة شديدة الخطورة تهدد أمن البلاد وحياة الأفراد، مثل هجوم سيبراني واسع النطاق.
على طريقة السويد
بحسب المعلومات التي أوردتها محطة "أوروبا 1" تستعد الحكومة الفرنسية لاتباع الخطوات ذاتها التي أعلنت عنها السويد في وقت سابق، وهي توزيع "دليل بقاء" على المواطنين تحسبا لاندلاع نزاع مسلح أو خطر داهم تواجهه فرنسا، أو أي نوع من الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات أو ظهور أوبئة صحية.
ويتضمن الكتيب -المكون من نحو 20 صفحة مصاحبة بصور توجيهية- القواعد التي يتعين اتباعها عند مواجهة تهديد مماثل.
وقسمت تلك القواعد في 3 أبواب:
الأول: يتعلق بإرشاد المواطن إلى حماية نفسه ومن يحيطون به مثل العائلة والجيران وغيرهم، وزيادة الوعي بالتضامن بين أفراد الشعب الفرنسي.
وتشمل الإرشادات في هذا الباب عدة قواعد تتيح تأمين "الاكتفاء الذاتي" لبضعة أيام، مثل تخزين المياه والمؤونة الغذائية وبعض الأدوية الضرورية واقتناء بطاريات ومصباح تحسبا لانقطاع التيار الكهربائي.
الثاني: يتضمن أرقام جهات الطوارئ للتواصل معها مثل الإطفاء والشرطة وخدمات الطوارئ الطبية وغيرها.
ويعدد هذه الباب قواعد السلوك الفورية التي يجب اتباعها عند وجود تهديد وشيك مثل غلق أبواب المنزل عند وقوع حادث نووي.
الثالث: يرتبط بالمشاركة والتطوع وبالعمل المدني وشرح طرق التسجيل في الاحتياط العسكري أو في العمل الرقمي أو النشاط البلدي.
ووفق محطة "أوروبا 1" يفترض -قبل حلول فترة الصيف من العام الجاري 2025- أن يكون الكتيب قد تم توزيعه بالفعل على جميع مواطني فرنسا.
ونقلت المحطة عن مسؤول بالحكومة الفرنسية "أن الهدف من هذه الخطوة هو حث الفرنسيين على الاستعداد لكل الاحتمالات وليس لنزاع مسلح فقط، وبما أن العقيدة الفرنسية تقوم على الردع فإنه من غير المجدي التركيز على النزاع المسلح فحسب. ويجب وضع هذا في أذهان الناس".
وبحسب المسؤول فإن الهدف من إعداد هذا الكتيب وتوزيعه هو ضمان صمود المواطنين في مواجهة جميع أنواع الأزمات، سواء كانت طبيعية أو تكنولوجية أو سيبرانية أو أمنية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البلقان على صفيح ساخن.. عودة ترامب وصراع التوازنات الإقليمية
البلقان على صفيح ساخن.. عودة ترامب وصراع التوازنات الإقليمية

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

البلقان على صفيح ساخن.. عودة ترامب وصراع التوازنات الإقليمية

تشهد منطقة جنوب غرب البلقان تصعيدا مستمرا في التوترات الجيوسياسية وسط التحولات الكبرى التي يعيشها النظام الدولي، والتنافس الجاري بين الولايات المتحدة و روسيا و الصين و تركيا و الاتحاد الأوروبي. وتعود منطقة جنوب البلقان إلى واجهة الصراع على النفوذ مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وطرحه رؤية جديدة "لضبط التوازنات"، تركز على البراغماتية والصفقات الاقتصادية والأمنية. في خضم هذا التنافس، تشكل صربيا قلب الصراع، نظرا لحجمها وموقعها وتأثيرها الإقليمي فضلا عن ثرواتها الطبيعية المهمة بما في ذلك احتياطياتها من المعادن النادرة التي تهم الغرب والصين على حد سواء، وعلى رأسها الليثيوم. وحول أهمية جنوب البلقان وموقعه في ساحة التنافس الدولية، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان " جنوب غرب البلقان بين التنافس الدولي وتعددية المحاور إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية في ظل عودة ترامب وأهمية مشاريع الطاقة والمعادن" حلل فيها الدكتور كريم الماجري المشهد المركب جنوبي غرب البلقان وسياقاته ورصد أدوار الفاعلين الدوليين فيه. البلقان.. عقدة تنافس مفتوحة لم تكن منطقة البلقان يوما ما بعيدة عن الحروب والصراعات، غير أن التحولات الأخيرة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في العام 2022 كشفت عن أهمية إستراتيجية مضاعفة. فالاتحاد الأوروبي، المنهك داخليا على المستويين السياسي والاقتصادي، بات أقل قدرة على فرض إرادته الموحدة، في حين وجدت روسيا في البلقان منفذا ضروريا للضغط على خاصرة الغرب الرخوة. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في عهدة رئاسية ثانية، أعيد الاعتبار إلى مبدأ "إعادة التموضع الجغرافي السياسي"، إذ ترى واشنطن أن السيطرة على الممر البلقاني ضرورية لضبط مشروع " الحزام والطريق" الصيني في أوروبا، ومواجهة التمدد الروسي المتنامي في مناطق النفوذ الأرثوذكسي. صفقات ترامب خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، برزت محاولات واضحة للولايات المتحدة لإعادة التمركز في البلقان، كان أبرزها اتفاق التطبيع الاقتصادي بين صربيا و كوسوفو في سبتمبر/أيلول 2020. مع عودة ترامب إلى الحكم عادت هذه المقاربة مجددا، لكن ضمن حزمة أكبر تتضمن تعاونا عسكريا واقتصاديا وتطويقا إستراتيجيا للنفوذ الروسي، فإدارة ترامب الجديدة تركز على بناء تحالفات مباشرة مع حكومات مثل ألبانيا وكوسوفو، وتدفع نحو إدماج مقدونيا الشمالية و البوسنة في مشاريع دفاع مشتركة عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما تستغل واشنطن أيضا انكشاف البنية الاقتصادية البلقانية، وتوجه استثماراتها نحو البنية التحتية الرقمية والمعادن النادرة، حيث تشير تقارير وزارة الطاقة الأميركية إلى اهتمام خاص بمشروع "يادار" الصربي، الذي يحتوي على أحد أكبر احتياطيات الليثيوم في أوروبا. صربيا وإستراتيجية الحياد النشط تجسد صربيا بقيادة الرئيس ألكسندر فوتشيتش المفارقة الصارخة في البلقان، فهي من جهة دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ 2012 وتجري تدريبات عسكرية مع الناتو وتستقبل استثمارات غربية مهمة، لكنها من جهة أخرى تحتفظ بعلاقات وثيقة مع روسيا وترفض العقوبات عليها وتشترك معها في مشروع غاز " السيل التركي". جدير بالذكر في هذا السياق، أن بلغراد تقدم هذه الازدواجية رسميا كـ"سياسة حياد عسكري" لكنها في العمق تخفي رهانات الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش للحفاظ على قناة تواصل مع الجميع، فهو يستثمر في تنويع الشركاء لضمان مرونة داخلية وخارجية. ومن المفارقات أن واشنطن، رغم ضغوطها العلنية، تتجنب دفع فوتشيتش نحو الحائط، إدراكا منها أن سقوطه قد يفتح الباب لاضطراب خطير في صربيا والبوسنة وكوسوفو. في المقابل، لا تتردد روسيا في توظيف أوراقها الصربية لدق إسفين في الجبهة الغربية، فقد استخدمت موسكو صربيا منصة إعلامية ودعائية طوال حرب أوكرانيا ، مما أسهم في تعزيز الخطاب القومي المتشدد في جمهورية صرب البوسنة، التي تسعى للاستقلال عن البوسنة والارتباط بصربيا. أما الصين، فترى في صربيا رأس جسر لولوج السوق الأوروبية دون المرور عبر رقابة الاتحاد الأوروبي، فقد أنشأت بكين عدة مشاريع إستراتيجية في صربيا، منها مصنع للبطاريات والسيارات الكهربائية ومحطة طاقة تعمل بالفحم واستثمرت في سكك الحديد بين بلغراد وبودابست، في إطار مشروع "الحزام والطريق". وقد جعلت هذه السياسات من صربيا نموذجا فريدا لما يسمى بـ"التعددية الموجهة"، أي الانفتاح على الجميع مع حفظ الحد الأدنى من التوازن، وهو أيضا ما يجعلها محط تنافس دائم، لكن ذلك يمثل أيضا حقل ألغام دبلوماسيا. التنافس الدولي في البلقان وعلى الرغم من هيمنة الاتحاد الأوروبي كمصدر رئيسي للمساعدات المالية والمشاريع التنموية في البلقان، فإن جاذبيته السياسية تراجعت في السنوات الأخيرة نتيجة للبيروقراطية المفرطة وتردد الدول الأعضاء في توسعة الاتحاد. وكان من نتيجة هذا التراجع أن أفسح المجال أمام الولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا لتعزيز حضورهم، كل بطريقته الخاصة. ويمكن تلخيص أدوار القوى الدولية والإقليمية في البلقان وأهدافها على النحو التالي: 1. الولايات المتحدة تركز على الشراكات الثنائية، ولا سيما مع ألبانيا وكوسوفو. استثماراتها موجهة نحو الطاقة والمعادن والبنية الرقمية. تعمل على إدماج دول البلقان في نظام دفاع موحد تحت سقف الناتو. تقيم قواعد تدريب عسكرية في المنطقة. 2. روسيا تراهن على البعد الثقافي الأرثوذكسي والتاريخي مع صربيا وصرب البوسنة. تقدم الدعم السياسي في مجلس الأمن. 3. الصين تفضل التمويل طويل الأجل والمشاريع الكبرى، مثل الطرق وسكك الحديد والمصانع. لا تتدخل سياسيا، وهو ما يروق لحكومات توصف بأنها سلطوية مثل صربيا والجبل الأسود. تعتمد على سياسة "الدبلوماسية الصامتة" مقابل الاستثمار طويل الأمد. 4. الاتحاد الأوروبي لا يزال المانح الأكبر من حيث حجم المساعدات. يعاني من تراجع جاذبيته السياسية بسبب التعقيدات البيروقراطية والانقسام الداخلي. يفرض شروطا صارمة في ملفات الحوكمة وحقوق الإنسان مما يثير استياء الأنظمة المحافظة. في الوقت ذاته تسعى تركيا إلى توطيد علاقاتها عبر بوابة الجاليات المسلمة في البوسنة وكوسوفو، وتستخدم رمزية التاريخ العثماني لتعزيز النفوذ الثقافي والاقتصادي. ومع أن حضورها العسكري محدود، فإن قوتها الناعمة تتزايد من خلال دعم مشاريع عمرانية وتعليمية وثقافية ترعاها مؤسسات حكومية وغير حكومية. وتجعل هذه الشبكة المتداخلة من الفاعلين من البلقان ساحة تجاذب مركبة، حيث تعقد التحالفات بناء على مصالح موضعية متغيرة، وليس بالضرورة ضمن معسكرات ثابتة، وهو ما يفسر قدرة صربيا على المناورة في أكثر من اتجاه دون أن تتعرض لعقوبات حقيقية من أي طرف. المجر وصربيا.. تحالف خارج الضوابط في ظل قيادة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تعززت علاقات بودابست ببلغراد على مختلف المستويات، من المشاريع الاقتصادية الكبرى إلى التنسيق في ملف الهجرة والطاقة إلى دعم الرئيس فوتشيتش في المحافل الأوروبية. ويرى أوربان في فوتشيتش حليفا إستراتيجيا ضد بيروقراطية بروكسل ، ويستثمر في تعزيز "محور محافظ" يمتد من بودابست إلى بلغراد وربما سراييفو. وقد أرغم الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش على مواجهة وضع هش للغاية في الأشهر الأخيرة، فقد أدت الاحتجاجات الطلابية الحاشدة المطالبة بمكافحة الفساد إلى استقالة رئيس الوزراء ميلوس فوتشيتش وعدد من أعضاء حكومته. لكن الغضب الشعبي وانهيار حكومة ليستا مشكلة الرئيس فوتشيتش الوحيدة، فحتى قبل الاحتجاجات بدا أن نهج الرئيس "الانتقائي" في السياسة الخارجية يواجه مأزقا حقيقيا وضغطا متزايدا، من كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا على بلغراد لاختيار طرف واحد، مما ضيق عليه مساحة المناورة. مثل هذه التطورات قد تشعل صراعا مسلحا يعيد إشعال النعرات القومية القديمة ويستدعي تدخلات دولية مباشرة، خاصة إذا استغلت روسيا الفرصة لتفجير البلقان وسيلة لصرف الأنظار عن جبهات أخرى مثل أوكرانيا. لكن يبقى سيناريو "صفقة أميركية كبرى" قائما مع وجود ترامب في البيت الأبيض، بحيث تقايض واشنطن اعتراف صربيا بكوسوفو مقابل اندماج اقتصادي أوسع، وضمانات سياسية لفوتشيتش بالبقاء في الحكم. ويمكن تلخيص السيناريوهات المحتملة في النقاط التالية: يمكن للرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إذا حافظ على توازنه الداخلي والخارجي أن يستمر على رأس السلطة سنوات قادمة بدعم ضمني من الغرب والصين وروسيا، مقابل تقديم تنازلات شكلية في ملف كوسوفو وتمرير صفقات اقتصادية كبرى مثل إعادة فتح ملف الليثيوم. قد يؤدي اندلاع شرارة في شمال كوسوفو أو إعلان استقلال جمهورية صرب البوسنة إلى إشعال مواجهة إقليمية تدفع الأطراف الدولية إلى الاصطفاف مع هذا الطرف أو ذلك، ما لم تفعل آليات الردع الدبلوماسي والاقتصادي. يطرح سيناريو عقد واشنطن صفقة إقليمية تشمل تنازلات متبادلة، مثل اعتراف صربي رمزي بكوسوفو، مقابل تطبيع اقتصادي واسع وإعادة تدوير النخب السياسية تحت رعاية أمنية أميركية موسعة.

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل
اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

اجتماع تحضيري للقمة الأفريقية الأوروبية في بروكسل بغياب دول الساحل

انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الأربعاء 21 مايو، اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للتحضير لقمة رفيعة المستوى، تجمع رؤساء دول وحكومات الجانبين. ويُعد هذا اللقاء، الثالث من نوعه، فرصة نادرة تؤكد عمق التشابك بين قضايا أفريقيا وأوروبا، خاصة في ظل التحولات السريعة التي يشهدها النظام العالمي. وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من الدول الأفريقية، حيث حضر نحو 35 وزيراً. إلا أن غياب دول الساحل الثلاث ـمالي وبوركينا فاسو والنيجرـ كان لافتاً، إذ لم يدع الاتحاد الأفريقي، المسؤول عن تنظيم الجانب الأفريقي هذه الدول في هذه التحضيرات. ويأتي هذا الغياب في ظل تزايد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، مما يثير تساؤلات عن موقف هذه الدول من الشراكة الأفريقية-الأوروبية. تركزت المناقشات على قضايا أمنية واقتصادية عدة، منها الصراعات المستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، إلى جانب دعم جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الساحل، رغم الإشارة إليها بشكل مقتضب في مشروع البيان المشترك. وبرز الملف الأمني كأولوية رئيسية، حيث أكد الوزراء ضرورة تعزيز التعاون السياسي والأمني بين الجانبين في مواجهة التحديات التي تهدد النظام متعدد الأطراف، منها تصاعد موجة التضليل الإعلامي والتحديات الجديدة الناتجة عن التوترات الدولية. وعلى الصعيد الاقتصادي، شكل تعزيز العلاقات والتعاون بين أفريقيا وأوروبا محوراً أساسياً، خصوصاً من خلال الاستثمارات الأوروبية في مجالات الطاقة والبنية التحتية على المستويين الإقليمي والقاري. كما تم التأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي لإنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية. وأبرز الوزراء الأفارقة الحاجة إلى إعادة توازن العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، مع تأكيد ضرورة تطوير الصناعة المحلية وتحويل المواد الخام داخل القارة، ما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة والابتكار. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، أن الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع التعاون مع الاتحاد الأفريقي في مجالات إستراتيجية مثل المواد الخام الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية للنقل، بما يعزز الشراكة بين القارتين. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تقلبات جيوسياسية متسارعة وصراعات دولية تعيد تشكيل موازين القوى، مما يجعل الشراكة الأوروبية-الأفريقية أكثر أهمية من أي وقت مضى في السعي للحفاظ على الاستقرار والتنمية المشتركة.

الحكومة الإسبانية اليسارية في عين العاصفة
الحكومة الإسبانية اليسارية في عين العاصفة

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

الحكومة الإسبانية اليسارية في عين العاصفة

يجد الائتلاف الحكوميّ اليساري في إسبانيا صعوبة كبيرة في الاستمرار في الحكم، في ظلّ معارضة قويّة يقودها اليمين بشقَّيه: يمين الوسط المتمثل في الحزب الشعبي، بقيادة ألبرتو نونييس فيخو، وحزب اليمين المتطرف بقيادة سانتياغو أباسكال. تركّز المعارضة في هجومها على الحكومة، على تعثّر تمرير عملية المصادقة على قانون الميزانية العامة للدولة، حيث كان بيدرو سانشيز قد وعدهم بتقديم هذا القانون في الأشهر الأولى من سنة 2025. وهو وعدٌ تأكد العجز عن تطبيقه، بعد الانتهاء من أشغال مجلس الوزراء المنعقد يوم الثلاثاء 22 أبريل/ نيسان 2025. عمّق من أزمة الحكومة الحالية ومعها الاتحاد الأوروبي، ارتباكها في التعاطي مع بات يعرف بأزمة الرسوم الجمركية المفروضة من طرف الولايات المتحدة الأميركية من خلال رئيسها دونالد ترامب، والكلفة الاجتماعية والسياسية لمحاولة الأوروبيين بناء منظومة عسكرية قوية في استقلال عن الولايات المتحدة الأميركية، في سياق تشكيل ناتو أوروبي، بعيدًا عن الابتزاز الأميركي الذي يعمل على وضع حدّ للحرب الروسية الأوكرانية، في تناقض مع المصالح الإستراتيجية الأوروبية. سانشيز مهدّد بسيناريو راخوي انعقد مجلس الوزراء الإسباني يوم الثلاثاء 22 أبريل/ نيسان 2025، في سياق حضرت فيه ثلاثة متغيرات أساسية: إعلان أولها، أزمة الرسوم الجمركية المفروضة من طرف الولايات المتحدة الأميركية، بعد صعود ترامب للحكم عن الحزب الجمهوري للمرّة الثانية. ثم رفع نسبة الإنفاق الحكومي على الصناعات العسكرية وانعكاساتها على التزامات وتبعات الدولة اجتماعيًا على مستوى دول الاتحاد الأوروبي الغارقة أصلًا في المديونية العامة، والتضخم، وتراجع مؤشرات النمو. أخيرًا، وجود رئيس الحكومة بيدرو سانشيز في وضع صعب، بفعل عدم التمكن من تقديم قانون الميزانية العامة للكورتيس من أجل المصادقة عليه. وهو ما يهدد بانهيار حكومته التي تقود الجهاز التنفيذي في إسبانيا، منذ الثاني من يونيو/ حزيران 2018، بعد إسقاط الحكومة اليمينية بزعامة ماريانو راخوي من خلال ملتمس رقابة، وهي نفس الآلية الدستورية والقانونية التي تُهدّد بها معارضة اليوم، وحكومة الأمس اليمينية. إنه نفس السيناريو الذي أشارت إليه بشكل واضح السيناتورة عن الحزب الشعبي المعارض ماريا سالوم، نائبة المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للحزب الشعبي بمجلس الشيوخ، منبّهة إلى أن سانشيز كان يقول لماريانو راخوي قبيل توليه رئاسة الحكومة سنة 2018، إن اعتماد الميزانية هو الضمانة الأساسية للاستمرار في الحكم، كما أن تمديد العمل بقانون الميزانية السابق، هو تأجيل لمعالجة مشاكل المواطنين، وتعميقها. وتضيف نفس المتحدّثة، بأن بيدرو سانشيز يسعى إلى تأزيم الوضع، دون جرأة على الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها، في ظل عدم وجود أغلبية برلمانية ضرورية لدعم الحكومة، حسب ما أوردته وكالة "أوروبا برس" في 22 أبريل/ نيسان 2025. والحق أن عدم وجود قانون ميزانية عامة في السابق، كان هو محور الانتقاد الرئيسي الذي وظّفه بيدرو سانشيز ضد حكومة ماريانو راخوي. إذ إن الحزب الشعبي قام بتمديد العمل بميزانية 2016 لأكثر من ستة أشهر، وذلك حتى منتصف 2017. إعلان بعدها تم تمديد الميزانية نفسها مرة أخرى حتى يوليو/ تموز 2018. وقتها، كان بيدرو سانشيز يشغل منصب زعيم المعارضة، وكان يؤكد أنه لا يمكن الحكم بدون قانون ميزانية مصادق عليه من طرف ممثلي المواطنين الإسبان داخل المؤسسة التشريعية، مشبهًا الحكومة اليمينية وقتها- وفي غياب قانون ميزانية مصادق عليه- بالسيارة التي تحاول السير بدون وقود. هل أخطأ سانشيز في اختيار حلفائه؟ يشار إلى أن حكومة بيدرو سانشيز ما زالت في السلطة بناء على قانون الميزانية العامة الذي تمّت المصادقة عليه في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022. وهي ميزانية كانت مُعدّة خصيصَى لعام 2023 فقط، إلا أنها ما زالت سارية المفعول إلى حدود كتابة هذه السطور، دون وجود مؤشرات ملموسة على إمكانية تغيير الوضع، في سياق دولي وإقليمي بالغ التعقيد يلقي بظلاله على السياق الداخلي. من أجل تمرير قانون الميزانية العامة، راهن سانشيز على حلفاء الأمس، وهم من الانفصاليين الكتالونيين، خصوصًا حزب "جميعًا من أجل كتالونيا" بزعامة كارلس بوجديمون الذي ما زال يوجد حتى الساعة في بلجيكا، بعد عرقلة عملية دخوله إلى إسبانيا من طرف قضاء محافظ أساء تأويل ما يسمى بقانون العفو الشامل الذي كان قد صادق عليه البرلمان الإسباني في السابق لطي ملف الانفصال في كتالونيا. وهو أحد العوامل الأساسية التي أضعفت حماسة هؤلاء لدعم الحكومة اليسارية بالبرلمان، بل وربما يؤدي لإسقاطها أو الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها، كما يرى جزء من مراقبي المشهد الحزبي والسياسي في إسبانيا. سانشيز أدرك أنّ حلفاء الأمس لا يشاركونه نفس التطلعات، رغم الجهد الكبير الذي بذله لتجاوز أزمة الانفصال في البلد، بل ربما شعر الرجل بأنه يخضع للابتزاز في لحظة دقيقة من تاريخ إسبانيا التوّاقة للعب أدوار هامة سواء على المستوى الأوروبي، أو الدولي. لذلك، لجأت الحكومة إلى تجاهل المشكلة، وعدم تقديم مشروع ميزانية جديد، تجنبًا لهزيمة محتملة في البرلمان، قد تُظهر بوضوح هشاشة وضع الأغلبية في الكورتيس. من جانب آخر، دستوريًا، حكومة بيدرو سانشيز انزاحت عن روح دستور التحول الديمقراطي الإسباني لسنة 1978، منذ أن تم تمديد العمل بالميزانية السابقة اعتبارًا من 1 يناير/ كانون الثاني 2024، دون تقديم مشروع ميزانية جديد. حيث ينص هذا الأخير في المادة 134 بوضوح، على أنه يجب على الحكومة أن تقدم إلى الكورتيس مشروع الميزانية العامة للدولة قبل ثلاثة أشهر على الأقل من انتهاء صلاحية العمل بالميزانية العامة للسنة السابقة. في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء 22 أبريل/ نيسان 2025، وُجِّه سؤال مباشر إلى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز من قِبل صحفي عن "يومية الإسبانيول" الإسبانية بشأن انتهاك حكومته الدستورَ، وذلك لعدم تقديم مشروع الميزانية في الوقت المحدد له في الدستور الإسباني. حيث قال هذا الأخير: "لقد تم خرق الدستور بعدم تقديم قانون الميزانية العامة في الوقت المحدد، وقد التزمتم بتقديمه في الربع الأول من عام 2025، وهو ما انتهى بالفعل. هل يمكنكم الالتزام بأنكم ستحترمون الدستور وتقدمون مشروع قانون الميزانية العامة قبل نهاية السنة بالنسبة لسنة 2026؟". أمام هذا السؤال المباشر، بدا سانشيز مترددًا في جوابه، وحاول تفادي تقديم إجابة واضحة. بل إن تدخله ركّز على التشكيك في صيغة السؤال الدقيقة، بدلًا من الجواب، حيث قال: "حسنًا.. في الواقع.. عملية تأويل الدستور وتطبيقه.. في النهاية.. قد تشوبها بعض التفصيلات". مسترسلًا بأنه يشتغل بشكل غير معلن مع باقي الكتل البرلمانية من أجل التوافق على مشروع قانون ميزانية عامة للدولة. وهي رسالة إلى اليسار الإسباني برمته، فيها الكثير من الخوف على مستقبل اليسار في إسبانيا، في ظل توتّر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب حرب أوكرانيا من جهة، وأزمة الرسوم الجمركية وانعكاساتها الموجعة على القدرة الشرائية لسكان الاتحاد بفعل ارتفاع معدلات التضخم، من جهة ثانية. هذا إلى جانب سعي دول المجموعة الأوروبية لبناء منظومة دفاعية موحدة أو ناتو أوروبي؛ هروبًا من ضغوط ترامب الذي أصبح مصدر إزعاج حقيقي للكثير من القادة الأوروبيين. ومن أجل طمأنة حلفائه في الائتلاف الحكومي، أي حزب سومار المحسوب على أقصى اليسار بزعامة يولاندا دياز، يؤكد سانشيز أنه بالرغم من رفع الاستثمار في الصناعة العسكرية إلى 2% من الناتج الداخلي الخام، فإن هذا الاستثمار سيعمل على خلق 100 ألف وظيفة، وسيساهم في الناتج الداخلي الخام بـ 0.4 و0.7 نقطة. لكن حزب سومار يرفض رفضًا قاطعًا هذا التوجه. فهل يمكن اعتبار بيدرو سانشيز، مقبلًا على مرحلة جديدة تضع حكومته على المحك، بل قد يفقد فيها حتى مقرّبيه في الائتلاف الحكومي؟! الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store