
غارات يُرجح أنها أردنية تستهدف مواقع في ريف السويداء
تعرضت قرية الشعاب في ريف محافظة السويداء السورية، فجر اليوم الجمعة، لغارات يُعتقد أنها أردنية طاولت أحد المنازل غير المأهولة بالسكان، وأحدثت فيه دماراً كبيراً دون أن يؤدي لإصابات بين المواطنين. وأكدت مصادر "العربي الجديد" أن المنزل المستهدف قيد الإنشاء ويعود لصاحبه محمد عيد الرمثان، وهو من أبناء عشائر البدو في بلدة الشعاب، المتهم منذ عهد
نظام الأسد
بتجارة وتهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية. وأدّت الغارة الجوية لتدمير المنزال بالكامل، دون أن تلحق أي إصابات بالمدنيين. وأشارت المصادر إلى تحليق الطيران الحربي في سماء المناطق الجنوبية لبعض الوقت، ما أثار القلق والخوف لدى أهالي المنطقة.
وكانت بلدة الشعاب التي يقطنها عشائر البدو من آل الرمثان وآل السعيد، قد تعرضت خلال العامين الماضيين لأكثر من استهداف جوي، يُعتقد أنه أردني، وأدّت حينها لمقتل مرعي رويشد الرمثان وعائلته في مايو/أيار 2023، المتهم من
الحكومة الأردنية
بإدارة ملف تهريب المخدرات في الجنوب السوري بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وحزب الله اللبناني خلال حكم النظام البائد.
الناشط الإعلامي منيف رشيد قال لـ"العربي الجديد"، إن الأردن ما زال يعاني من تدفق المخدرات عبر الحدود السورية الجنوبية والشرقية، بحسب الإعلام الأردني، ولهذا يعتقد أن الغارة الجوية أردنية، وفي العادة لا تعترف المملكة بهذه الغارات. وأضاف رشيد أن المملكة تضطر لتطبيق قواعد الاشتباك مع المهربين بأوقات متقطعة، كان آخرها في السابع من مايو/ أيار الحالي، حيث احتجز حرس الحدود الأردني كميات من المخدرات المعدة للتهريب عبر حدوده وأصاب عدداً من المهربين، ما يؤكد إن أعمال التهريب لم تتوقف مع سقوط النظام البائد.
أخبار
التحديثات الحية
غارات جوية وانفجارات جنوبيّ السويداء على الحدود السورية الأردنية
من جهة أخرى، تعرضت بلدة الثعلة والمناطق المحيطة، غرب مدينة السويداء، لسقوط قذائف هاون استمر حتى فجر اليوم، إذ سقطت أكثر من 20 قذيفة خلال بضع ساعات من الليل، وأدت لأضرار في الممتلكات الخاصة والعامة وفي الأراضي الزراعية، إضافة لما سببته من ترويع لأهالي المحافظة واستنفار لكامل الفصائل المحلية المسلحة.
وقال مصدر خاص من بلدة الثعلة لـ"العربي الجديد"، إن الهجوم على بلدة الثعلة ومحيطها بات شبه يومي ويهدف لترهيب الأهالي وطرد الفصائل المحلية من مطار الثعلة المجاور، من أجل الاقتراب أكثر من مدينة السويداء. وأشار المصدر إلى مقتل وإصابة عدد من المسلحين ليلة 14 مايو بلغم أرضي أثناء محاولتهم اختراق المطار من جهة الغرب. وأكدت مصادر في مشفى الحراك الشرقي بمحافظة درعا مقتل كل من رامي السعيد ورامي الشباط وأسامة المخمس، وإصابة ثلاثة آخرين كانوا برفقتهم بالتفجير الذي حصل بمطار الثعلة، وجميعهم من أبناء عشائر البدو.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
أمّا وقد رفعت العقوبات... هل تلتقط سورية الفرصة؟
في تحوّل غير مسبوق على المستويين السياسي والجيوسياسي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، يوم 14 مايو/ أيار الجاري، عن رفع العقوبات المفروضة على سورية، في خطوة جاءت بعد أكثر من عام من التحرّكات الدبلوماسية المعقّدة. هذا الإعلان ضوء أخضر لبداية مرحلة جديدة في المنطقة. من المهم، لفهم هذا التحوّل أن نتجاوز مجرّد التوصيف السياسي للقرار ونتعمّق في فلسفة هذا التحوّل الجيوسياسي. رفع العقوبات عن سورية في جوهره تعبير عن تغير عميق في العقل السياسي الدولي، الذي يتحرّك بعيداً عن القوى الصلبة مثل العقوبات والضغط العسكري، لصالح معادلاتٍ أكثر تعقيداً تتعلق بالتفاهمات السياسية والتوازنات الاقتصادية. ولكن ماذا يعني ذلك؟ يجب أن نتذكّر أن التحولات السياسية الكبرى على مستوى العالم غالباً ما تكون نتاج تفاعل عدة عوامل، كالانتقال من الهيمنة الأحادية إلى التعدّدية القطبية، نمو الانقسامات الداخلية في القوى العظمى، وتأثيرات القوة الناعمة التي تطغى اليوم على القوة الصلبة. يتوازى هذا التحول في الموقف الأميركي تجاه سورية مع تطور الفكر الاستراتيجي الذي يتجه نحو البحث عن حلول غير تقليدية للصراعات الدولية، ويؤسّس لحالة انكماش في السياسة الخارجية الأميركية وعدم الاستطالات الزائدة والمبالغ بها طوال العقود السابقة وأن الهيمنة الأميركية والتحكم في الاقتصاد العالمي عبر طبع مزيد من أوراق الدولار لم تعد تجدي نفعاً، فهناك أكثر من 40% من التجارة العالمية خارج سيطرة الدولار. وعليه، لا بديل عن سياسات التحالفات الاقتصادية والإقليمية. الواقع الجيوسياسي الجديد: من الجمود إلى التحوّل إنّ لحظة سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، ليست مجرد نهاية لحقبة سياسية، بل هي انهيار لإرث طويل من العنف البنيوي والاستعصاء السياسي، الذي تمكّن بفعل تحالفات دولية وإقليمية، وشرعيات متآكلة، وأساليب قمع ممنهجة. ومع هذا السقوط، لا ينفتح فقط أفق سياسي جديد، بل يتبدّى سؤال فلسفي عميق: هل كان النظام الاستبدادي صنيعة الداخل وحده؟ أم نتاج منظومة دولية تواطأت بالصمت تارة، وبالعقوبات تارّة أخرى، من دون أن تقدّم بديلاً إنسانياً حقيقياً؟ تُظهر التجربة السورية، كما كتب أمارتيا سن في تحليله العقوبات ومخرجاتها، أن الجوع والقمع لا ينتجان فقط عن الأنظمة الشمولية، بل أحياناً عن سياسات دولية "غير مبالية أخلاقياً"، حيث العقوبات تُفرض باسم القيم، لكنها تصيب المواطن لا النظام، وتعمّق هشاشة المجتمع بدل تغييره. وإن رفع العقوبات، كما أُعلن عنه في "الرياض"، يُقدّم لنا ليس فقط فرصة سياسية، بل اختباراً أخلاقياً وفلسفياً للفاعلين الدوليين والإقليميين: هل هو اعتراف ضمني بفشل سياسة العزلة والضغط القصوى؟ هل بات يُنظر إلى سورية كـ 'كيان يجب احتواؤه" لا "كخصم يجب تجويعه"؟ وهل أضحى الانفتاح والتكامل الاقتصادي هما الأداتان البديلتان عن الهيمنة والاحتلال العسكري؟ السياق الجديد الذي ترسمه قوى إقليمية كالسعودية وتركيا بشكل رئيس، وقطر والامارات ثانياً، والذي يجد صداه في تصريحات إدارة أميركية تبحث عن "توازن ذكي" بدل الصدام، يعكس ما يمكن وصفه "التحول من صراع الإرادات إلى هندسة الشرعيات". أي أن التحوّل الحقيقي لا يكمن في تغيير الوجوه، بل في إعادة صياغة العلاقة بين الداخل والخارج، بين السيادة والانفتاح، وبين المصالح الوطنية والحسابات الجيوسياسية. لكن هذا الانفتاح لن يكون بلا ثمن. التحدّي الأكبر أمام الحكومة السورية الجديدة ليس فقط في إعادة الإعمار المادي، بل في إعادة إنتاج عقد اجتماعي جديد، يستعيد ثقة الناس في الدولة كمؤسسة، لا أداة قمع. وهنا، تصبح الأسئلة أكثر تعقيداً. هل يستطيع النظام الجديد أن يبني دولة لا ترتكز على الولاء الأمني، بل على الكفاءة والمساءلة؟ هل سيكون رفع العقوبات منصّة للإصلاح العميق، أم مجرد "هدنة" تُستخدم لإعادة إنتاج السلطة بصيغة ناعمة؟ وهل نحن أمام لحظة تحوّل حقيقي، أم إعادة تموضع في بنية جيوسياسية تتغير باستمرار؟ في ضوء التحوّلات الكبرى في السياسة الدولية تجاه سورية، تأتي التحولات الخليجية جزءاً من مشهد إعادة تشكيل المعادلات الإقليمية في الشرق الأوسط النهج الترامبي جاء القرار الأميركي جزءاً من سعي مستمر إلى إعادة صياغة السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، حيث بدأ الرئيس ترامب في تبنّي نهج بعيد عن التدخل العسكري المباشر، مع تعزيز الأدوات الدبلوماسية والاستراتيجية. هذا التغيير لا يعكس فقط مصلحة أميركية ضيقة، بل يعبر عن تقييم أعمق لدور الولايات المتحدة في النظام الدولي الجديد الذي يتسم بتعدّد مراكز القوى، حيث يتطلب الوضع الدولي اليوم تبني سياسات مرنة ومتوازنة. ومن خلال هذا التحول، يمكن فهم التوجه الأميركي تجاه سورية، ورفع العقوبات كجزء من هذا التحوّل، يعكس نقلة فلسفية عميقة في التفكير السياسي الأميركي، من سياسة العصا العسكرية إلى سياسة الجذب والتكييف السياسي. وهذا يضع القوى الإقليمية، خاصة في الخليج وبلاد الشام، أمام واقع جديد يتطلب إعادة تعريف التحالفات والأدوار بعيداً عن منطق الحرب، بل نحو منطق التأثير السياسي والاقتصادي. والتكامل بدل التناذر، ولعل ذلك يمكن فهمه من خلال خطة الاتفاقات الابراهيمية التي يجري تداولها في هذا السياق. التحوّلات الخليجية: إعادة صياغة المعادلات الإقليمية في ضوء التحولات الكبرى في السياسة الدولية تجاه سورية، تأتي التحولات الخليجية جزءاً من مشهد إعادة تشكيل المعادلات الإقليمية في الشرق الأوسط، فالدول الخليجية لم تعد تكتفي بدور المموّل أو الوسيط، بل بدأت تلعب أدواراً أكثر استقلالية واستراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الأمن الإقليمي، التوازن مع القوى الكبرى، وإعادة تموضع سياسي واقتصادي في مرحلة ما بعد الصراعات. السؤال الذي يطرحه التحوّل في السياسة الأميركية هو: كيف تتفاعل القوى الإقليمية الكبرى مع هذه التغيرات؟ دور الدول الخليجية، في هذا السياق يتجاوز التحولات السياسية، ليحمل أبعاداً فلسفية تتطلب التأمل العميق. ففي نهاية المطاف، تتشكل السياسات الخليجية بناء على قدرة هذه الدول على "الحفاظ على الاستقرار"، وهو مفهوم يُحاكي القوة التقليدية التي اعتمدت على هيمنة عسكرية وسياسية مباشرة، لكن مع انفتاح تدريجي نحو تفاعلات سياسية جديدة. هذا التوجّه يكشف عن استعداد هذه الدول لتبني سياسات أكثر مرونة وتعدّدية، ما يعكس تحولاً في العقلية السياسية الإقليمية، ويعطي فرصة لسياسات صفر المشكلات أن تكون الحاكم في نهاية المطاف. تتجاوز علاقة دول الخليج مع سورية كونها مجرد علاقة بين دول متجاورة، فهي جزء من مشروع طويل الأمد يهدف إلى تشكيل نوع جديد من التحالفات القابلة للتكيّف مع المتغيّرات المستمرّة في المنطقة. لا يقتصر هذا المشروع على مواجهة إيران فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة إعادة صياغة النظام الإقليمي ككل. مثّل رفع العقوبات عن سورية فرصة تاريخية نادرة، لكن استثمار هذه اللحظة لا يكون بالخطاب العاطفي أو الانتظار السلبي، بل بقراءة دقيقة للواقع الجديد الذي فُرض (أو صِيغ) بفعل ضغوط اقتصادية خانقة وتبدّلات في خرائط التحالفات. وبالتالي، ليست أولى الخطوات المطلوبة الاستجابة المطلقة لشروط الخارج، بل إعادة تعريف الداخل السوري وفق متطلبات المرحلة، مع إدراك أن الانخراط في نظام دولي جديد لا يعني التنازل عن الثوابت، بل إدارة الشروط بما يخدم المصالح الوطنية. في هذا السياق، لا بد من توسيع هامش القرار السيادي من دون كسر الخطوط الحمراء الإقليمية، وهو ما يتطلّب من الإدارة السورية أن تكون فاعلاً لا مُداراً، وأن تقدّم نموذجاً سياسياً واقتصادياً جديداً يُقنع الداخل قبل الخارج، ويُشرك أطرافاً وطنية كانت مُقصاة لعقود، لا لأن ذلك شرط دولي، بل لأن المرحلة تتطلبه. كذلك، فإن التحوّل في الخطاب السياسي الخارجي لا يجب أن يُنظر إليه خيانةً لمحور أو تخلٍّ عن مبدأ، بل كإعادة تموضع ضمن واقع استراتيجي متغير، حيث لم تعد الشعارات تكفي لحماية الدولة، ولا البقاء في محور مغلق يحقّق المصلحة العليا. من هنا، ليس الانتقال من "المحور" إلى "التموضع" ضعفاً، بل هو إقرارٌ بأن قوة سورية اليوم تُبنى بالاقتصاد والعلاقات المتعدّدة، لا بالشعارات فقط. من أجل أن تتمكّن الحكومة السورية من الاستفادة الحقيقية من رفع العقوبات، يجب أن تُنفَّذ إصلاحات هيكلية جذرية في جميع مؤسسات الدولة داخلياً، المطلوب ليس فقط رفع القبضة الأمنية، بل إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، عبر سياسات اجتماعية واقتصادية تُعالج تدهور الحياة اليومية وتُعيد التوازن إلى العقد الاجتماعي الذي تهشّم. هذه ليست ترفاً سياسياً، بل شرطاً لبقاء الدولة واستقرارها في مرحلة ما بعد الحصار. وما يبدو اليوم كـ"شروط" دولية، يمكن تحويله إلى أوراق تفاوض ذكية تخدم الدولة ولا تُفككها، إذا ما أحسنت القيادة السورية صياغة المشهد القادم: بحكمة لا تبعية، وببراغماتية لا ارتباك. أحد الشروط التي فرضتها القوى الدولية لرفع العقوبات يتعلق بضرورة إجراء إصلاحات سياسية داخلية. وهذا يشمل الانفتاح على المعارضة السياسية وإعطاء فرص أوسع للمشاركة السياسية. يشير اشتراط القوى الدولية بإجراء إصلاحات سياسية داخلية – كشرط لرفع العقوبات – إلى تصادم بين منطقين: (منطق السيادة التقليدية: حيث ترفض الدولة أي تدخل خارجي في تحديد شكل النظام السياسي. منطق الحوكمة الدولية: الذي بات يربط بين التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي، ويضع شروطاً تتعلق بالديمقراطية، الشفافية، وحقوق الإنسان مقابل المساعدات أو رفع القيود. في هذا السياق، يصبح السؤال المطروح: هل الإصلاح السياسي قرار سيادي أم استجابة للإكراه الخارجي؟ من منظور علم الاجتماع السياسي، هذه العلاقة ليست ثنائية أو تناقضية بالضرورة، بل يمكن أن تكون جدلية؛ حيث قد تستفيد النخبة الحاكمة من الضغوط الخارجية لتمرير إصلاحات قد تكون مرغوبة داخلياً، ولكن يصعب فرضها لولا الضغط الخارجي. مع رفع العقوبات عن سورية، تبرز تساؤلاتٌ مهمّةٌ حول قدرة المؤسسات الحكومية السورية على الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية. يفتح هذا القرار أمام سورية أبواباً جديدة لإعادة الإعمار والنمو الاقتصادي، ولكنه، في الوقت نفسه، يضع الإدارة السورية أمام اختبار حاسم. هل ستتمكّن هذه المؤسّسات المترهلة والتي تعاني من الفساد والتدهور الإداري من الاستفادة من هذا التحوّل؟ وهل يمكن لها أن تتكيف مع البيئة السياسية والاقتصادية الجديدة لتحقيق التقدم؟ يعكس رفع العقوبات عن سورية، بعد سنوات من الحصار، تحوّلاً جوهرياً في المعادلات السياسية والاقتصادية. لكن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن المؤسّسات الحكومية السورية، التي عانت من ضعف الأداء الإداري والفني بسبب الحروب والعقوبات المستمرّة، والفساد الكبير التي تعاني منه، قد تجد نفسها أمام تحدّياتٍ ضخمة، فعديد من هذه المؤسّسات تفتقر إلى الكفاءات والقدرة على جذب الاستثمارات، كما تعاني من قلة الشفافية والمساءلة، ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام تحفيز النمو الاقتصادي. من أجل أن تتمكّن الحكومة السورية من الاستفادة الحقيقية من رفع العقوبات، يجب أن تُنفَّذ إصلاحات هيكلية جذرية في جميع مؤسّسات الدولة، فالمؤسّسات الحكومية، التي تعاني من الترهل وضعف الأداء الإداري، بحاجة إلى تعزيز قدرتها على العمل المؤسسي الفعّال من خلال إدخال مفاهيم جديدة تركز على الفعالية والشفافية. لا يقتصر هذا التغيير على تعديل النظم الإدارية فحسب، بل يتطلب أيضاً إعادة هيكلة ثقافة العمل داخل هذه المؤسسات بحيث تصبح أكثر كفاءة ومرونة. أولاً، الانتقال إلى نموذج كفؤ ومرن من الضروري أن تنتقل الحكومة السورية من نموذج تقليدي يعتمد على البيروقراطية الثقيلة إلى نموذج حديث يتمتع بالكفاءة والمرونة في اتخاذ القرارات. تحتاج المؤسّسات التي ظلت أسيرة لهيكل إداري قديم تتسم بتعقيد الإجراءات تطوير أنظمة جديدة تسرّع اتخاذ القرارات وتسهّل تنفيذ السياسات بشكل أكثر فعالية. يتطلب ذلك تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع التحديات المعاصرة وتحسين مهاراتهم الإدارية والفنية، ما يعزّز قدرة المؤسّسات على التفاعل بشكل أسرع مع الظروف المتغيرة. ثانياً، تعزيز الشفافية والمساءلة واحدة من أبرز العوامل التي تعيق فعالية الحكومة السورية غياب الشفافية والمساءلة. لتحقيق الإصلاح المنشود، على الحكومة أن تنفذ آليات لضمان الشفافية في جميع الإجراءات المالية والإدارية، وأن توفر آلية مستقلة لمراقبة العمليات الحكومية. في هذا السياق، يجب تطبيق سياسات تحارب الفساد وتعزز المساءلة على جميع المستويات، بدءاً من أعلى السلطات وصولاً إلى الوحدات المحلية. ثالثاً، سياسة حكم رشيدة لجذب الاستثمارات من دون وجود سياسة حكم رشيدة، سيكون من الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية التي تعدّ أساساً لإعادة بناء الاقتصاد السوري. لذلك، يجب أن تتبنّى الحكومة السورية سياسات اقتصادية تستند إلى مبادئ الشفافية والعدالة في التعامل مع المستثمرين، مع التأكيد على حماية حقوق المستثمرين المحليين والدوليين. كما يجب أن تكون هناك ضمانات قانونية لتشجيع الاستثمارات طويلة الأجل، وتوفير بيئة قانونية مستقرة تحمي حقوق المستثمرين من أي تقلبات سياسية أو اقتصادية. ليس رفع العقوبات نهاية الصراع، بل اختبار لمدى قدرة الدولة السورية على التكيف، ولقدرتها على إعادة بناء شرعيتها الداخلية هبة سورية الجديدة ليس رفع العقوبات قراراً سياسياً فقط، بل هو أيضاً تحوّل في أخلاق السياسة، فالعقوبات، كما عرّاها أمارتيا سن، ليست مجرّد أدوات ضغط، بل هي أنظمة إنتاج للمعاناة. يحمل إعلان ترامب في الرياض عن رفع العقوبات في طيّاته ما يُشبه التحوّل الأنطولوجي في كيفية فهم الدول لمصادر القوة: من الإكراه إلى التعاون، من السيطرة إلى الحوافز، من الغلبة إلى التكيّف. وإن رفع العقوبات عن سورية لا يمكن قراءته فقط منحة دولية أو نتيجة لتغير المزاج السياسي في العواصم الغربية، بل ينبغي فهمه في سياق أوسع من التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم، حيث تعيد القوى الكبرى ترتيب أولوياتها، وتُفسح المجال لسياسات أكثر براغماتية قائمة على تقليل الكلفة الأمنية والانخراط عبر أدوات الاقتصاد والدبلوماسية. من هذا المنطلق، ليس رفع العقوبات نهاية الصراع، بل اختبار لمدى قدرة الدولة السورية على التكيّف، ولقدرتها على إعادة بناء شرعيتها الداخلية بمقاييس جديدة تعتمد على الكفاءة، الشفافية، والتشاركية، بدلاً من السرديات الأيديولوجية التقليدية. والأهم أن هذا التحول لا يعني بالضرورة الخروج من محور والانخراط في آخر، بل استثمار اللحظة السياسية بحنكة، بما يضمن مصالح الشعب السوري أولاً، ويحفظ السيادة الوطنية دون أن يُغلق الأبواب أمام التفاهمات الإقليمية والدولية. إن اللحظة الراهنة هي لحظة مفصلية في التاريخ السوري الحديث: إما أن تُقرأ برؤية مستقبلية تُحوّل الضغط إلى فرصة، أو تُفهم بوصفها مجرّد هدنة مؤقتة سرعان ما تنقلب إذا لم تُدعّم بإصلاح داخلي حقيقي. فكما قال أحد المراقبين في The National Interest: "الأنظمة التي تنجو من العزلة لا تفوز فقط بالبقاء، بل بتجديد أدوات بقائها". والسؤال الآن ليس عما إذا كانت العقوبات قد رُفعت، بل هل ستُستثمر هذه الفرصة لصياغة سورية جديدة، أم تُهدر كما أُهدرت فرص تاريخية من قبل؟


العربي الجديد
منذ 19 ساعات
- العربي الجديد
القمة العربية تكشف عن مصفاة نفط عراقية منسية في الصومال
شكّل لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، خلال أعمال القمة العربية التي استضافتها بغداد السبت الماضي، حدثًا اقتصاديًا بارزًا شغل الباحثين وخبراء الاقتصاد، بعد مطالبة الرئيس الصومالي العراق بصيانة مصفاة نفط عراقية قائمة في الصومال، والتي لم تكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي عام 2003 على علم بوجودها أساسًا. وتأتي هذه المفاجأة امتدادًا لحادثة سابقة تم خلالها الكشف عن مزارع شاي مملوكة للعراق في فيتنام، كانت الدولة العراقية قد استثمرت فيها ضمن جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الشاي، ولم تكن السلطات في بغداد على علم بهذه المزارع إلى أن كشفت الحكومة الفيتنامية عن تفاصيلها، ما دفع وزارة التجارة العراقية إلى التحرك بالتعاون مع شركات محاماة ومحاسبة بريطانية لاستعادة حقوقها فيها. ومنذ ستينيات القرن الماضي، تمتلك بغداد مجموعة واسعة من الأصول الاستثمارية في دول مختلفة، في مجالات الطاقة والزراعة والصناعات التحويلية. لكن بعد غزو العراق عام 2003، وتفكيك المؤسسات والوزارات، وطرد كوادرها، وما أعقب ذلك من أعمال نهب وسلب، ضاعت تفاصيل كثيرة من تلك الأصول. وعقب الاجتماع صرّح المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي بأن الرئيس الصومالي كشف خلال اللقاء عن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال، وطالب بصيانتها وإعادة تشغيلها. وأضاف العوادي أن الرئيس الصومالي طرح التعاون في مجال الطاقة، وفوجئ رئيس الوزراء بوجود أكبر مصفاة عراقية في الصومال، تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي، وهي حالياً متضررة، وطالب بإعادة تأهيلها لتعود إلى العمل مجددًا. وفي هذا السياق، قال مسؤول في وزارة النفط العراقية لـ"العربي الجديد"، إنه لا يعلم ما إذا كانت الحكومة قد قررت اتخاذ خطوات عملية بشأن هذا الاكتشاف، لكنه أكد أن الوزارة ستتواصل مع الجانب الصومالي للاطلاع على أوضاع المصفاة وتقدير تكاليف صيانتها، إلى جانب دراسة الجوانب القانونية والفنية المتعلقة بالعراق، مرجحًا إرسال وفد من الوزارة إلى الصومال قريبًا. من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي العراقي والأستاذ بجامعة البصرة نبيل المرسومي عما وصفه بـ"المفاجأة"، بشأن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال. وقال المرسومي في تصريح مكتوب نقلته وسائل الإعلام العراقية، إن المصفاة تأسست عام 1974 من قبل الشركة العامة للمشاريع النفطية العراقية، بطاقة إنتاجية تبلغ نصف مليون طن سنويًا، وذلك على أساس الشراكة بين العراق والصومال بنسبة 50% لكل طرف. وأوضح أن العراق تكفّل بتكاليف تأسيس المشروع بالعملات الأجنبية، فيما كان من المقرر أن تسدد الصومال حصتها خلال ثلاث سنوات من بدء تشغيل المشروع، بفائدة رمزية، مشيراً إلى أن الرئيس الصومالي طلب في قمة بغداد إعادة تأهيل المصفاة المتوقفة حاليًا عن العمل. اقتصاد عربي التحديثات الحية العراق يخصص 40 مليون دولار لإعادة إعمار لبنان وغزة بدوره، قال الخبير النفطي جمال الكناني في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المصفاة من بين المشاريع العراقية الخارجية التي أُقرت عام 1974، وتم الانتهاء من إنشائها وافتتاحها عام 1978، حيث بدأت العمل فعليًا بإدارة مشتركة، وأكد وجود وثائق عراقية تثبت ذلك. وبيّن الكناني أن المصفاة كانت تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ عشرة آلاف برميل يوميًا، وتنتج البنزين، و وقود الطائرات ، وزيت الغاز، والنفط الأبيض، والزيوت بأنواعها. وقد تم إنشاؤها بكلفة ثمانية ملايين دينار عراقي آنذاك، إذ كان الدينار العراقي الواحد يعادل نحو 3.5 دولارات. كما تمت إعارة الصومال عددًا من مهندسي النفط والخبراء العراقيين لمدة عام، لتدريب وتأهيل الكوادر الصومالية على تشغيل المصفاة. وأبدى الكناني تشككه بشأن ما إذا كانت المصفاة لا تزال مملوكة للعراق بالكامل، مرجحًا وجود بند في العقد ينص على انتقال الملكية إلى الدولة المستضيفة بعد فترة زمنية معينة، وهو أمر شائع في مثل هذه الاتفاقيات، وأعرب عن اعتقاده بأن ما يُثار في العراق قد يكون مبالغة، مرجحًا أن تكون المصفاة مشروعًا مشتركًا، أو حتى قد تم إهداؤها للصومال في وقت سابق، كما أشار إلى أن المصفاة خرجت عن الخدمة منذ مدة طويلة بسبب الأوضاع الأمنية والعسكرية في الصومال. وأضاف الكناني أن اتفاقية إنشاء المصفاة نُشرت في مجلة الوقائع العراقية الرسمية في حينها، وكانت الفكرة الأساسية قائمة على تصدير النفط الخام من العراق إلى الصومال، حيث تتم تصفيته في المصفاة المقامة هناك، ثم يُعاد بيع مشتقاته من البنزين والكاز وغيرها إلى الصومال ودول الجوار، بما يمثل استثمارًا اقتصاديًا ذكيًا للعراق، وأكد أن المصفاة تقع على بُعد 12 كيلومترًا من ميناء مقديشو، لكن حجم الضرر الذي لحق بها، وتكاليف الصيانة، ومدى جدوى المشروع اقتصاديًا، كلها عوامل ستحدد القرار العراقي النهائي بشأن إعادة تأهيلها أو تركها.


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
انتخابات بلدية بيروت: معركة مفتوحة على جميع الاحتمالات
تشهد بيروت، اليوم الأحد، معركة انتخابية طاحنة على مقلبي أحزاب السلطة والقوى المدنية والتغييرية، قد يكون "التشطيب" عنوانها الأبرز، وذلك في الجولة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية التي تُضاف إليها محافظتا البقاع وبعلبك الهرمل، قبل اختتام الاستحقاق يوم السبت المقبل في الجنوب والنبطية. ويتنافس على مجلس بلدية بيروت المؤلف من 24 عضواً، ستّ لوائح، تتصدّر مشهديّتها لائحة "بيروت تجمعنا" التي تضمّ طيفاً واسعاً من الأحزاب التقليدية والقوى السياسية المتناقضة، منها حزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) والتيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل) وحزب الله وحركة أمل (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري) وجمعية المشاريع والحزب التقدمي الاشتراكي (بزعامة رئيسه السابق وليد جنبلاط)، كما الوزير السابق محمد شقير والنائب فؤاد مخزومي، مع تأييد مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة وأطراف أخرى، بينها الأرمنية، التي اتحدت كلها بذريعة حماية المناصفة المسيحية – الإسلامية التي كرّسها الرئيس الراحل رفيق الحريري عرفاً في تسعينيات القرن الماضي، ومن ثم نجله سعد المنكفئ اليوم عن خوض الاستحقاق. ويطرح ملف المناصفة في بلدية بيروت نفسه، لا سيما بعد الانتخابات البلدية في طرابلس الأحد الماضي، التي أظهرت نتائجها حملة تشطيب استهدفت المترشحين المسيحيين في كل اللوائح، ما أدى إلى إقصاء المكون المسيحي من المجلس البلدي. وتنافس لائحة السلطة بشكل أساسي لائحة "بيروت بتحبّك" المدعومة من النائب نبيل بدر والجماعة الإسلامية، والتي تملك حظوظاً في إحداث خرق في المقاعد الـ24 التي من المرتقب ألا تؤول كلها للائحة واحدة، على غرار ما حصل في مدينة طرابلس. جورج شاهين: التشطيب في انتخابات بلدية بيروت سيفرز مجلساً هجيناً كذلك، تتجه الأنظار إلى لائحة "بيروت مدينتي" المدعومة من نواب تغييريين ومجموعات مدنية مستقلّة، والتي حققت نتائج لافتة في انتخابات عام 2022 النيابية ، وتسعى لكسر نمط المحاصصة، وتقديم رؤية إصلاحية، إنمائية، تتجاوز الزبائنية، ولاسترجاع دور العاصمة الريادي منارةً للشرق. علماً أن معركتها لن تكون سهلة بوجه القوى التقليدية التي تلعب على وتيرة المخاوف الطائفية، وزاد منسوبها خصوصاً عقب النتائج التي تحققت في مدينة طرابلس، بعد فوضى كبرى شهدتها عملية فرز الأصوات، وقد أقصت المكوّن المسيحي من المجلس البلدي. وتتمتع اللوائح الأخرى، التي تضم أسماء من مجموعات مدنية ومستقلة واجتماعية، بحظوظ أيضاً في انتخابات بلدية بيروت وإن كانت خجولة، وذلك في حال اتبع أسلوب التشطيب، ما من شأنه أن يوزع الأصوات ويشتتها، الأمر الذي يُبقي المعركة محتدمة حتى لحظات الفرز الأخيرة، خصوصاً أنّ الصوت السُّني سيكون له الدور الأكبر فيه، بوصفه الخزان الانتخابي البيروتي، وسط شعور لدى الطائفة بالغبن على مستوى رئاسة بلدية بيروت التي تؤول اليها، بيد أن جميع الصلاحيات التنفيذية والمالية هي بيد المحافظ (أرثوذوكسي). كما أن الناخب المنتمي إلى تيار المستقبل (يرأسه سعد الحريري)، إن أقبل على الاقتراع، مستبعد أن يصبّ في صالح الأحزاب التقليدية ومعها مخزومي الطامح الدائم للزعامة السُّنية. أخبار التحديثات الحية انطلاق الانتخابات البلدية في جبل لبنان وسط تعليمات رئاسية بحسن سيرها جميع الاحتمالات مفتوحة على نتائج انتخابات بلدية بيروت في الإطار، يقول الكاتب السياسي جورج شاهين، لـ"العربي الجديد"، إن التصارع على بلدية بيروت سيكون بين ثلاث لوائح كبيرة، بيد أنه من الصعب معرفة النتائج أو توقععا، خصوصاً في حال اعتماد التشطيب، ما من شأنه أن يفرز مجلساً بلدياً هجيناً، فيه الكثير من التناقضات والأضداد، الأمر الذي ستظهر انعكاساته في أول اجتماع سيعقده، وسيكون مفخخاً، وسيصب الخلاف على رئاسة البلدية. ويعتبر شاهين أن التصويت قد يكون أكثر طائفياً ومذهبياً على غرار ما حصل في طرابلس، ليكون نسخة شبيهة عن المدينة، علماً أن النتائج، ولو جرى ضرب المناصفة المسيحية الإسلامية ولم تقدم صورة حقيقية عن بيروت، فستكون قانونية وشرعية ودستورية، لأن المناصفة بدأ الحريري بتكريسها في التسعينيات، لكنها بقيت عرفاً. وبقي احتمال تأجيل الانتخابات البلدية في بيروت قائماً، خصوصاً مع مطالبة عدد من القوى السياسية، لا سيما المسيحية منها، بإدخال تعديل على قانون الانتخاب البلدي يسمح بتشكيل لوائح مقفلة، ما يضمن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، لا سيما أن الفارق كبير جداً على مستوى الأصوات التي هي بغالبيتها من الطائفة السنية، الأمر الذي من شأنه أن يهدد المقاعد المسيحية ويخل بالتوازن الطائفي الذي كان مكرساً منذ سنين طويلة. بيد أن الاقتراع لم يسلك طريقه نحو الإقرار في ظل الاختلافات السياسية حوله. خالد الحاج: تعد لائحة الأحزاب الأكثر تنظيماً ولديها فرصة لتحقيق نصر كاسح وسبق لرئيس البرلمان نبيه بري أنّ أكد، في أكثر من تصريح، أنه يميل إلى اللوائح المقفلة لتأمين المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، خصوصاً أن "بيروت هي عاصمة لكل اللبنانيين ويجب أن تكون واجهة وحدتنا الوطنية". وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن هناك سعياً لدى حركة أمل وحزب الله لأن تصب أصوات الناخبين "المحسوبين عليهما" لصالح اللائحة المدعومة من قبلهما بالكامل، من دون حدوث تشطيب، وذلك حفاظاً على المناصفة، لا سيما بعد النتائج التي تحققت في مدينة طرابلس، وعززت المخاوف من الإخلال بالتوازن القائم الذي يتوزع على ثمانية مقاعد للطائفة السنية، ثلاثة للطائفة الشيعية، مقعد درزي واحد، أربعة للروم الأرثوذكس، اثنين للموارنة، اثنين للأرمن الأرثوذكس، ومقعد للروم الكاثوليك، ومقعد للأرمن الكاثوليك، وإنجيلي واحد، ومقعد للأقليات. عرف المناصفة كُرس منذ التسعينيات في السياق، يقول الباحث اللبناني خالد الحاج، لـ"العربي الجديد"، إن "عرف المناصفة كُرس منذ التسعينيات، علماً أنه بالأرقام، فإن عدد السنة كما الشيعة أكبر من المسيحيين، ويمكنهم بسهولة تأمين مجلس بلدي من 24 عضواً. ويلفت إلى أن الشعور باللاعدالة أو الظلم سبق أن فتح الباب للمطالبة بأن تصبح لبيروت بلديتان. كما يشير الحاج إلى أن "السنة يشعرون بالمظلومية السياسية، وهي نابعة من مقارنة دور المجلس البلدي بباقي البلديات في بعض المدن، منها جبيل والبترون". وبرأي الحاج، فإن هناك أربع لوائح أساسية تتنافس في انتخابات بلدية بيروت، تتقدمها لائحة الأحزاب التي تُعدّ الأكثر تنظيماً ولديها فرصة لتحقيق نصر كاسح، خصوصاً أن وجود حزب الله وحركة أمل فيها يعطيها دفعاً قوياً، إلى جانب أنها ضمت قوى سنية بيروتية أساسية منها الأحباش، جمعية المشاريع، وتنظيمات سنية، مع النائب فؤاد مخزومي وأسماء بيروتية، إلى جانب الأحزاب المسيحية. ويلفت إلى أن "نقطة قوة هذه اللائحة بأن لديها بلوكات أو أعضاء منظمين لديهم خبرة في تجيير الأصوات بكميات كبيرة، لكن نقطة ضعفها بأنه في حال تجاوزت نسبة التصويت عشرين في المائة، فهذا يعني أنها قد تخسر أعضاء، ولن تربح اللائحة كاملةً، من هنا، فإن عدم حماسة الناخب للتصويت ستصب في صالح أحزاب السلطة". تقارير عربية التحديثات الحية الانتخابات البلدية في شمال لبنان وعكار: إقبال متفاوت وخروقات بالجملة ويضيف الحاج: "لائحة بيروت مدينتي قوية أيضاً، لكن قاعدتها هلامية، ومن إيجابياتها أنها تمكنت من تحقيق فكر سياسي مرتبط بالتغييريين، وهذا تُرجِم في الانتخابات النيابية الماضية. ولكن في الشق الاجتماعي المرتبط ببعض النواب فيها، فإن هناك أزمة داخل بيروت وأمور سلبية تعاني منها". ويتابع: "هناك أيضاً لائحة رلى العجوز، وهي أول سيدة بيروتية تترأس لائحة، وهي تعتمد بشكل أو بآخر على جمعية المقاصد محركاً أساسياً لها، وهذه المؤسسة تُعدّ من الأقوى في بيروت، لكن تبقى على صعيد الأرقام معركتها صعبة بوجه أحزاب السلطة، علماً أنها كانت في المجلس البلدي وكانت مدعومة من الحريري". ويقول: "أما اللائحة الرابعة، فهي لائحة العميد محمود الجمل، المدعومة من الجماعة الإسلامية وتحت رعاية النائب نبيل بدر، وهي مرتبطة بشكل أو بآخر بتيار المستقبل، خصوصاً لدور الجمل داخله، وهو حقق نتائج جيدة في الانتخابات النيابية الماضية، ما يضعها في ساحة المنافسة، علماً أنها صعبة أيضاً بوجه الأحزاب". ويعتبر الحاج أن المنتصر الأول في حال فازت لائحة الأحزاب هو حزب الله الذي سيرفع شعار أنه حامي المناصفة، وكذلك تيار المستقبل الذي سيتوقف عند دوره في حماية المناصفة وبوصفه المسلم المعتدل، وهذا النفس منظم في بيروت وهنا خطورته.