logo
ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

الوسطمنذ 7 ساعات

Getty Images
أودى الهجوم الانتحاري على كنيسة مار إلياس في دمشق بحياة 25 شخصاً على الأقل.
أعلنت جماعة "سرايا أنصار السنة" الجهادية الجديدة نسبياً مسؤوليتها عن هجوم كنيسة مار إلياس في دمشق في 22 يونيو/حزيران، والذي أودى بحياة 25 شخصاً على الأقل، واصفةً إياه بأنه رد على "استفزازات مسيحية ضد السنة".
صدر هذا الإعلان في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء على قناة الجماعة على تلغرام، ذكرت فيه الجماعة أن الاسم الحركي للانتحاري هو "محمد زين العابدين أبو عثمان"، لكنها لم تقدم أي دليل إضافي يدعم مسؤوليتها عن الهجوم.
إذا كانت سرايا أنصار السنة وراء التفجير بالفعل، فسيكون هذا أكبر هجوم لها حتى الآن.
فمن هي هذه الجماعة الجهادية التي برز اسمها في الفترة الأخيرة؟
امتداد لـ"داعش" أم أداة استخباراتية؟
إنها مجموعة جهادية جديدة في سوريا تعهدت في الفترة الأخيرة بملاحقة أبناء الطائفة العلوية والشيعة والدروز. وأعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات القتل، كما هددت بملاحقة من يُطلق عليهم اسم "فلول الأسد". لكنها أيضاً لم تُخفِ ازدراءها لحكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وإن لم تدعُ لمواجهته.
ولم تتضح بعد ارتباطاتُها بالحركات الجهادية الأخرى، لكن يبدو أنها تسير "على نهج داعش".
أعلنت الجماعة، التي تُطلق على نفسها اسم "سرايا أنصار السنة"، عن ظهورها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي عبر حساب على تلغرام. وتضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم، كما قالت، إلا أنها خففت من حدة هذه التهديدات لاحقاً. ومع ذلك، فإن خطابها عموماً شديد العنف، وازدراؤها للشيعة يشبه إلى حد كبير خطاب ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وأنصاره.
ومنذ ذلك الحين، واصلت الجماعة التحريض والتهديد، بالإضافة إلى تبنيها هجمات تستهدف في المقام الأول أفراد الطائفة العلوية؛ الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد ومن يوصفون بفلول نظامه، كما أعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن هجمات على ما وصفتها بـ "أضرحة المشركين"، في إشارة لبعض المواقع الدينية الشيعية في سوريا.
وقد تناقل الإعلام على نطاق واسع إحدى الهجمات الرئيسية التي أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنها، وفيها قُتل عدد من العلويين في قرية أرزّة ذات الأغلبية الشيعية في محافظة حماة في الأول من فبراير/شباط الماضي. ونُسبت الحادثة إلى "مسلحين مجهولين"، أشارت التقارير إلى أنهم داهموا القرية ليلاً.
Copyright ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS
تضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم، لكنها خففت من حدتها لاحقاً
أعربت الجماعة أيضاً عن ازدرائها للحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع - القائد السابق لهيئة تحرير الشام - متهمةً إياها بـ"التساهل المفرط" لعفوها عن مسؤولين وموظفين حكوميين سابقين. وتدّعي الجماعة، مبررةً ذلك، أنها تولّت زمام الأمور للانتقام من العلويين والشيعة وموظفي نظام الأسد السابقين، ومنعهم من "إعادة تنظيم صفوفهم".
كما أعربت الجماعة الجديدة أيضاً عن ازدرائها الواضح للأقليات غير المسلمة، مثل المسيحيين. وبالرغم من أنها لم تُشر سابقاً إلى أنها ستستهدفهم، ما لم يدعموا أو يدافعوا عن أفراد الفئة الأولى، إلا أن التفجير الأخير في كنيسة مار إلياس كان بمثابة رسالة واضحة لهم.
يعتقد الكاتب والباحث المتابع للجماعات الإسلامية، حسام جزماتي، أنه بالإضافة لـ"البعد الشرعي" الذي تنم عنه رسائل التنظيم فإن هنالك أيضاً "بعداً سياسياً". ويتابع "هم كفّروا الحكم الحالي، وكفّروا قواته العسكرية والأمنية، ورغم ذلك لم يعلنوا عن رغبتهم بقتالهم الآن، بل قالوا قاتلوا لونكم من الكفار، أي الأقرب إليكم" - مشيراً إلى أن الحركة لم تستثنِ الكُرد التابعين لقوات سوريا الديمقراطية من القتال.
بدوره يعتقد ستيفن همفريز، المتخصص في الإعلام الجهادي في "بي بي سي" أن تركيز التنظيم تحديداً على العلويين والدروز قد يكون "استغلالاً لتخوّف السنة المتشددين السوريين تجاه هذه الأقليات"، ولا سيما في ظل "هيمنة العلويين على مؤسسات السلطة في عهد الأسد، وما يُنظر إليه على أنه تعاطف مع إسرائيل لدى الدروز" - على حد تعبيره.
"ذئاب منفردة"
ليس من الواضح حجم هذه القوة عسكرياً، سواء من حيث تعداد المقاتلين، وجنسياتهم، أو أنواع الأسلحة التي بحوزتهم أو مصادر التمويل. ويرجح جزماتي أنهم "بحدود العشرات، وربما لم يتجاوزوا المئة".
أما أيديولوجياً، فتتبنى الجماعة خطاباً "متشدداً وجهادياً،" بحسب همفريز. كما ألمحت الجماعة إلى تعاطف مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية "داعش". مع ذلك، يضيف همفريز، لا يزال جهاديون آخرون، "بمن فيهم مؤيدو داعش، متشككين بشأنها". وفي حين أن خطاب الجماعة وأيديولوجيتها المعلنة تتوافق مع الحركات الجهادية، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن يربطها بأي جماعة جهادية قائمة أو يشير إلى تعاونها معها.
عرّفت الجماعة قائدها بأنه "أبو عائشة الشامي"، وهو اسم حركي يوحي بأنه سوري لكنها لم تُقدّم أي تفاصيل إضافية عن هويته أو خلفيته. كما لم يُلاحَظ ظهوره العلني. وفي حين زعمت الجماعة في 9 فبراير/شباط الماضي أنه أصدر رسالة صوتية، لم تُنشر على تلغرام سوى مقتطفات نصية منها. لكنّ اسماً آخر بدأ يبرز مؤخراً، وهو أبو فتح الشامي، الذي يصف نفسه بأنه أحد قياديي التنظيم، والمسؤول عن القسم الشرعي فيه.
تشبه الشعارات والعلم والرموز الدعائية التي تستخدمها "سرايا أنصار السنة" إلى حد كبير تلك التي تستخدمها الجماعات الجهادية. ورغم نشاطها على تلغرام، وتصريحاتها وادعاءاتها المتكررة، إلا أنها لم تحظَ إلا بقدر ضئيل جداً من الاهتمام في الأوساط الجهادية والإسلامية على الإنترنت، وهو ما يدل على شك الجهاديين بمدى مصداقية هذه الجماعة. واعتباراً من 27 مارس/آذار، أطلق التنظيم على ذراعه الإعلامية الرسمية اسم "العاديات".
ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS
يشبه شعار الجماعة إلى حد كبير الشعارات واللافتات التي تستخدمها الجماعات الجهادية الأخرى
وتدّعي الجماعة أنها شبكة "لامركزية" تعمل من خلال "ذئاب منفردة"، أي أفراد أو خلايا صغيرة ذات صلات محدودة ببعضها البعض، وليست لها قواعد مشتركة.
ومن اللافت للنظر أيضاً، أن بيانات وكتابات الجماعة تفتقر للمهنية التي عادة ما توجد في صياغة بيانات الجماعات الجهادية الأخرى.
وهنا يضيف جزماتي أنه من الواضح أنهم بعموم عناصرهم وقياداتهم القليلة "ليسوا من العلماء أو المدججين أيديولوجياً على مستوى اللغة"، قبل انضمام من يسمّي نفسه الدكتور أبو فتح الشامي، الذي يصفه جزماتي بأن "لغته الشرعية رصينة وواضحة ولديه أدلة من الفقه الإسلامي ومتمكن"، لكن يبدو أنه حالة "منفردة"، بحسب الباحث الذي يضيف "معظم عناصرهم محدودو التعليم، لغتهم بسيطة ومباشرة، وبياناتهم قصيرة جداً".
بحسب تقييم مينا اللامي، خبيرة بي بي سي في الجماعات المتشددة، فإن الجماعة تقوم بـ"التمسّح بتنظيم الدولة، وتحاول بشكل مبالغ فيه الترويج لقربها الفكري من التنظيم، وكذلك الترويج بطريقة مبالغة ومثيرة للشك لمدى تطرّف الجماعة (سرايا أنصار السنة) ونَفَسها الطائفي وعملياتها الطائفية، كأنها تسعى إلى تسريع إشعال صراع طائفي أو إثارة الذعر من هجمات جهادية محتملة".
الجهاديون "مشبوهون"
على الرغم من ادعاءاتها المتكررة بشن هجمات قاتلة ضد أهداف من الطائفة العلوية، بما فيها بعض أحداث الساحل، إلا أن المجموعة فشلت حتى الآن في جذب اهتمام أو دعم كبير من الجهاديين والإسلاميين المتشددين.
وأسفرت أحداث العنف في مارس/آذار الماضي في الساحل عن مقتل نحو 1614 مدنياً غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشارت تقارير حقوقية إلى تورط قوات حكومية وأخرى رديفة لها في المجازر التي وقعت بعد أن شنت قوات تابعة للنظام السابق هجوماً مباغتاً على عناصر القوات الأمنية الحكومية، وأدت إلى مقتل 250 عنصراً، بحسب مصادر رسمية.
وفي حين لم تعلن المجموعة مسؤوليتها عن عمليات قتل واسعة، يستبعد جزماتي أن تكون السرايا لديها القدرة على القيام بهجمات من هذا النوع في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن إمكانياتها "لا تتجاوز عمليات صغيرة وأحداث قتل منفردة، لذلك لا يمكن لها أن تقوم بعمليات تمشيط أوسع والوصول لقرى وارتكاب مجازر كما حدث في الساحل".
وتدور شكوك حول مصداقية الجماعة، إذ يتكهن بعض الجهاديين بأن الجماعة قد تكون مرتبطة بجهات معادية للجهاديين، تحاول من خلالها الإيقاع بالجهاديين الحقيقيين، أو تشويه سمعتهم من خلال ربطهم بالهجمات على المدنيين والطائفة العلوية.
وفي حين يصعب التكهن بحقيقتهم ضمن المعطيات الحالية، إلا أن همفريز لا يستبعد ذلك، مشيراً إلى أن أحد أبرز مؤيدي ما يعرف بداعش "أصدر عبر الإنترنت هذا التحذير نفسه بالضبط. لكنني لن أتكهن بشدة بهذا الأمر". كذلك تميل آراء أخرى إلى أنهم قد يكونون "أداة استخباراتية" بيد الحكومة السورية الحالية للتنصل من الاتهامات الموجهة لقواتها بارتكاب انتهاكات كبيرة، ولا سيما تلك المرتبطة بأحداث القتل الأخيرة في الساحل السوري.
لكن يشير همفريز مجدداً إلى أنه "من المبكر إصدار حكم قاطع بشأن هذا الأمر استناداً إلى المعطيات المتوفرة". غير أنه يضيف قائلاً : "من المثير للاهتمام أن الجماعة اتهمت في الأيام الأخيرة الحكومة السورية بإلقاء اللوم عليها (أنصار السنة) وعلى تنظيم الدولة الإسلامية في عمليات قتل الأقليات التي تورطت بها قوات أو أفراد محسوبون على الحكومة. وقالت جماعة أنصار السنة إن حكومة الشرع تفعل ذلك لتجنب الاتهامات الدولية بانتهاكات حقوق الإنسان".
بدورها، ترى الباحثة مينا اللامي أن حالة الفوضى في بعض المناطق السورية من جهة، ومحاولة استغلال بعض الأطراف المحلية أو الخارجية - سواء كانت متطرفة أو من أتباع النظام السابق - من جهة أخرى، "توفر بيئة مناسبة لظهور مجموعات كهذه وأفراد مُريبة وذات أجندات عادة ما تكون طائفية وتسعى الى تأجيج الصراع الداخلي".
لكنها تضيف، أن الشك في هذه التنظيمات الجديدة "يجب ألّا يجعلنا ننسى أن مجموعات جهادية متطرفة في سوريا حالياً ساخطة جداً على حكومة الشرع وتسعى إلى قلب الطاولة على الحكام الجدد بأي طريقة، والورقة الطائفية عادة ما تلجأ إليها".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها لواشنطن؟
لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها لواشنطن؟

الوسط

timeمنذ 5 ساعات

  • الوسط

لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها لواشنطن؟

Getty Images الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن بن جاسم بن جبر آل ثاني، قبيل مغادرته قاعدة العديد الجوية متوجهاً إلى أبوظبي، في 15 مايو 2025، الدوحة. جاءت الهجمات الإيرانية على قاعدة العديد العسكرية الأمريكية في قطر لتهدد بتوسيع رقعة الصراع إلى ما وراء حدود الجبهات التقليدية. ورغم أن الهجمات لم تسفر عن أضرار بالقاعدة، التي أٌعلن أنها أخليت بالكامل لضمان سلامة العاملين بها، فإن كثرا يتساءلون: لماذا اختيرت هذه القاعدة تحديدا دون سائر القواعد الأمريكية في دول الخليج المجاورة؟ غالبية التحليلات تشير إلى أن اختيار العديد جاء في إطار ما وصفه محللون كثر بـ"رمزية" الرد الإيراني على الهجمات الأمريكية التي شنتها واشنطن على ثلاثة مواقع نووية داخل إيران، وهي فوردو ونطنز وأصفهان. ففي يوم الأحد 22 يونيو/ حزيران، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن بلاده نفذت هجوما "ناجحا" على تلك المواقع أسفر عن "تدميرها بالكامل". وقد أقر مسؤولون إيرانيون باستهداف المنشآت، إلا أنهم نفوا تعرضها لأضرار جسيمة. "الأسهل لوجيستيا" من زاوية عسكرية ولوجستية، يقول المحلل الإيراني للشؤون العسكرية والاستراتيجية حسين عريان لبي بي سي عربي إن إيران كانت على دراية تامة بأن هذه القاعدة فارغة، مشيرا إلى أن واشنطن كانت قد اتخذت، قبيل هجوم إسرائيل على إيران، سلسلة من الإجراءات الاحترازية التي شملت نقل العاملين في قاعدتها بقطر إلى مكان أكثر أمنا. ويوضح عريان أن "قطر - من الناحية الجغرافية - قريبة للغاية من إيران، نحن نتحدث عن قاعدة عسكرية لا تبعد إلا بنحو 200 كيلومتر من أقرب ساحل في إيران، وربما كانت قاعدة العديد الجوية الهدف الأسهل والأقرب". وتقع قاعدة العديد الجوية جنوب غرب العاصمة الدوحة، وتعرف أيضاً بمطار أبو نخلة. أنشئت عام 1996 وتُعد وفقاً للخارجية الأمريكية أضخم منشأة تابعة لسلاح الجو الأمريكي خارج الولايات المتحدة. ووفقاً لبيانات محدثة حتى العام 2022 نشرها موقع أكسيوس، فإن عدد القوات الأمريكية في قاعدة العُديد يصل إلى 8 آلاف. وتضم القاعدة أيضاً مقرات للقيادة الوسطى الأمريكية والقيادة الوسطى في سلاح الجو الأمريكي. Getty Images عسكريون أمريكيون وقطريون يستعمون إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يتحدث على خشبة المسرح خلال جولة في قاعدة العديد الجوية في 15 مايو 2025، في العاصمة القطرية الدوحة. لماذا استُبعدت الكويت والبحرين والإمارات؟ أما عن استبعاد إيران استهداف المنشآت الأمريكية في دول خليجية أخرى، فيشير عريان، الضابط السابق في البحرية الإيرانية، إلى أن ضرب قاعدة بحرية كتلك الموجودة في ميناء خليفة بن سلمان في البحرين، والتي تضم قيادة الأسطول الخامس الأمريكي والقيادة البحرية الوسطى- كان خيارا صعبا للغاية بالنسبة لإيران، "فهي منطقة مكتظة وأصغر بكثير عن قاعدة العديد التي تقع في منطقة نائية في قطر". ويضم ميناء خليفة بن سلمان في منطقة الجفير شرق المنامة أكبر السفن الحربية الأمريكية، بما في ذلك حاملات الطائرات. كما تتمركز فيه أربع سفن مضادة للألغام، وسفينتان للدعم اللوجستي، وسفن عدة تابعة لخفر السواحل الأمريكي. وعند سؤاله عن القواعد الأمريكية في الإمارات، أوضح عريان أن استهداف قاعدة الظفرة الجوية بالقرب من أبو ظبي حيث يتمركز نحو 3500 عسكري أمريكي، يشكل تحديا أكبر لإيران نظرًا لبعد موقعها الجغرافي بالمقارنة بالعديد في قطر. "كما أن الصواريخ الإيرانية – التي يقول المسؤولون الإيرانيون إنها عالية الدقة –قد تخطئ الهدف، وتتسبب في أضرار كبيرة في قاعدة الظفرة"، يقول عريان. وافقه في هذا الرأي محللون آخرون، من بينهم عبد الله بعبود، الأكاديمي المتخصص في العلاقات الدولية وشؤون الخليج، والدكتور حسن منيمنة، المحاضر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، الذين أكدا أن هناك "رمزية كبيرة" في اختيار إيران لقاعدة العديد. ويتساءل منيمنة: "لماذا تذهب إيران لضرب منشآت في الكويت مثلاً واستعداءها طالما أن قطر لها سجل مشهود من التفاهمات والوساطات الفعالة في المنطقة؟ إيران اتجهت للعديد في قطر ربما لأنها لم تكن على ثقة بأنها حال ضربت القواعد العسكرية في الكويت سيكون الرد الرسمي، لا العسكري، إيجابا، فطهران قد لا تكون مطمئنة بأن تنجح الكويت في احتواء الأمر". وبرأي منيمنة – فإن موقع العديد في قطر "هو موقع قابل للضبط"، أي أن إيران تدرك تماما بأن قطر تريد أن تتوصل إلى معالجة للمسألة، فالأمور مع الدوحة أقل احتمالا للخروج عن السيطرة". ويضيف إنه كان من الممكن أن يتم اختبار قدرة الإمارات على احتواء الأمر، ولكن يكرر منيمنة السؤال بالقول: "لماذا نختبر الإمارات طالما هناك قطر؟" أما عن التفكير في الهجوم على منشآت أمريكية في البحرين، فيشير منيمنة إلى أن المسألة مع البحرين مختلفة، "فالأمور ليست بهذه السلاسة مع المنامة، أي أنه يمكن لإيران أن تستوعب من قطر الإدانة وطبعا رفض الاعتداء ولكن ستظل تطمئن بأن قطر ستمضي قدما في احتواء المسألة والتوسط". Getty Images الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يسار) وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصلان لعقد مؤتمر صحفي مشترك في الدوحة في 2 أكتوبر 2024. "الغضب القطري يمكن امتصاصه" رأي اتفق معه أيضا بعبود الذي قال إن "إيران حاولت أن ترسل رسالة لواشنطن مفادها أنها تستطيع الوصول لأي قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة ولكنها اختارت العديد لأنها ربما القاعدة الأكبر والأهم بالنسبة للولايات المتحدة في الخليج، فهي رسالة مبطنة لأمريكا"، كما أن طهران– وفقا لبعبود – لا تريد أن تدخل في صراع مباشر مع واشنطن من خلال استهداف قواعد أخرى لها في الخليج. "المسألة كانت مجرد رد فعل رمزي، كما أن العلاقات القطرية الإيرانية قوية، فالغضب القطري يمكن امتصاصه بعكس أي دولة خليجية أخرى و قطر تتفهم هذا الشيء" هكذا يضيف المحلل العُماني. رؤية مشابهة عبر عنها المحلل الإيراني، حسين عريان، الذي قال إن "إيران أبلغت السياسيين القطريين بأنها ستقوم بهذه الضربة، ومن خلالهم تم إخطار الأمريكيين أيضاً. لذلك، ما فعلوه كان في الحقيقة لفتة رمزية، تشبه تماما اللفتة التي اتخذتها إيران عندما قُتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق عام 2022. حينها هاجمت إيران بعددٍ من الصواريخ قاعدة عين الأسد في العراق. لذا، كانت لفتة رمزية وجزءا منها كان دعاية لإخبار الشعب في إيران بأننا فعلنا شيئًا ما". Getty Images جنود وموظفون أمريكيون وقطريون ينتظرون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قاعدة العديد الجوية جنوب غرب الدوحة في 15 مايو 2025. دراسة عواقب الضربة الإيرانية للعديد يرى بعض المحللين أنه كان يجب على إيران دراسة العواقب التي ستنتج عن استهدافها قواعد أمريكية في الخليج، ولذلك وقع الاختيار على العديد لتجنب "عواقب وخيمة" كما وصفتها المحللة المختصة في العلاقات الإسرائيلية الإيرانية إيفرت سوفير، التي قالت لبي بي سي "إنه في ضوء العلاقات الإيرانية القطرية القوية، يبدو أن الأمور كانت أسهل من جهة التنسيق لهذه الضربة، وبالتالي احتواء النتائج بشكل أفضل". وأشارت إلى أن علاقات طهران مع الدوحة تعتبر من أكثر العلاقات قربا مقارنة بالعلاقات مع الرياض أو المنامة، ولذلك، تعزو سوفير اختيار العديد إلى "سهولة وسرعة" التنسيق بين كل من إيران وقطر والولايات المتحدة، رغم أن الضربة الإيرانية للعديد أثارت اهتماما وقلقا كبيرا في منطقة الخليج ككل. ورغم علاقات الدوحة المتوازنة تقليديًا مع طهران، فإن وجود قاعدة العديد يضعها في موقف معقّد، فهي الدولة الوحيدة في الخليج التي تستضيف أكبر قاعدة أمريكية دون أن تكون ضمن المحور المناهض لإيران بشكل مباشر. وهنا قد يرى البعض أن هذا التوازن الذي حاولت قطر الحفاظ عليه منذ أزمة الخليج عام 2017، بات عرضة للاختبار.

التلفزيون الرسمي السوري: دوي انفجار في دمشق
التلفزيون الرسمي السوري: دوي انفجار في دمشق

الوسط

timeمنذ 6 ساعات

  • الوسط

التلفزيون الرسمي السوري: دوي انفجار في دمشق

دوّى انفجار في دمشق مساء الثلاثاء سمعت أصداؤه في أنحاء مختلفة من العاصمة السورية، بينما أشار التلفزيون الرسمي الى أن أسبابه لا تزال مجهولة. وأورد التلفزيون السوري الرسمي «دوي انفجار مجهول المصدر في مدينة دمشق». وسمع صوت انفجار في ساحة الأمويين وسط دمشق، بينما أفاد مراسل لوكالة «فرانس برس» في منطقة المزة (غرب) عن دوي قوي تردد صداه في المنطقة. هجوم انتحاري على كنيسة مار الياس وتبنّت مجموعة «متطرفة» الثلاثاء الهجوم الانتحاري غير المسبوق على كنيسة مار إلياس في دمشق، بعدما كانت السلطات نسبته الى تنظيم الدولة الإسلامية، تزامنًا مع تشييع عدد من الضحايا في دمشق وسط أجواء من الحزن والغضب. وأسفر هجوم نفذه انتحاري الأحد الماضي على الكنيسة الواقعة في حي الدويلعة عن مقتل 25 شخصًا وإصابة العشرات بجروح، ما جدد مخاوف الأقليات التي كان المجتمع الدولي حضّ مرارًا السلطة الانتقالية على حمايتها وإشراكها في المرحلة الانتقالية. وأوردت «سرايا أنصار السنة» في بيان على تطبيق تلغرام، «أقدم الأخ الاستشهادي محمد زين العابدين أبوعثمان.. على تفجير كنيسة مار إلياس». وقالت إن العملية جاءت «بعد استفزاز» من مسيحيي دمشق «في حق الدعوة وأهل الملَّة». القبض على المتورطين في الهجوم واعتبرت المجموعة، التي تأسست بعيد إطاحة الحكم السابق في ديسمبر، أن «ما نشر في إعلام حكومة الجولاني عار من الصحة»، مهددة بأن جنودها «من استشهاديين وانغماسيين، على أتمّ الجاهزية، عدة وعددًا». وكانت الداخلية قالت الأحد إن منفذ الهجوم «يتبع لتنظيم داعش الإرهابي». وأعلنت الإثنين «القبض على عدد من المجرمين المتورطين في الهجوم»، خلال عملية أمنية «ضد خلايا تابعة لتنظيم داعش الإرهابي» في ريف دمشق. لكن تنظيم «داعش» لم يتبن الهجوم.

ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟
ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

الوسط

timeمنذ 7 ساعات

  • الوسط

ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

Getty Images أودى الهجوم الانتحاري على كنيسة مار إلياس في دمشق بحياة 25 شخصاً على الأقل. أعلنت جماعة "سرايا أنصار السنة" الجهادية الجديدة نسبياً مسؤوليتها عن هجوم كنيسة مار إلياس في دمشق في 22 يونيو/حزيران، والذي أودى بحياة 25 شخصاً على الأقل، واصفةً إياه بأنه رد على "استفزازات مسيحية ضد السنة". صدر هذا الإعلان في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء على قناة الجماعة على تلغرام، ذكرت فيه الجماعة أن الاسم الحركي للانتحاري هو "محمد زين العابدين أبو عثمان"، لكنها لم تقدم أي دليل إضافي يدعم مسؤوليتها عن الهجوم. إذا كانت سرايا أنصار السنة وراء التفجير بالفعل، فسيكون هذا أكبر هجوم لها حتى الآن. فمن هي هذه الجماعة الجهادية التي برز اسمها في الفترة الأخيرة؟ امتداد لـ"داعش" أم أداة استخباراتية؟ إنها مجموعة جهادية جديدة في سوريا تعهدت في الفترة الأخيرة بملاحقة أبناء الطائفة العلوية والشيعة والدروز. وأعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات القتل، كما هددت بملاحقة من يُطلق عليهم اسم "فلول الأسد". لكنها أيضاً لم تُخفِ ازدراءها لحكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وإن لم تدعُ لمواجهته. ولم تتضح بعد ارتباطاتُها بالحركات الجهادية الأخرى، لكن يبدو أنها تسير "على نهج داعش". أعلنت الجماعة، التي تُطلق على نفسها اسم "سرايا أنصار السنة"، عن ظهورها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي عبر حساب على تلغرام. وتضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم، كما قالت، إلا أنها خففت من حدة هذه التهديدات لاحقاً. ومع ذلك، فإن خطابها عموماً شديد العنف، وازدراؤها للشيعة يشبه إلى حد كبير خطاب ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وأنصاره. ومنذ ذلك الحين، واصلت الجماعة التحريض والتهديد، بالإضافة إلى تبنيها هجمات تستهدف في المقام الأول أفراد الطائفة العلوية؛ الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد ومن يوصفون بفلول نظامه، كما أعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن هجمات على ما وصفتها بـ "أضرحة المشركين"، في إشارة لبعض المواقع الدينية الشيعية في سوريا. وقد تناقل الإعلام على نطاق واسع إحدى الهجمات الرئيسية التي أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنها، وفيها قُتل عدد من العلويين في قرية أرزّة ذات الأغلبية الشيعية في محافظة حماة في الأول من فبراير/شباط الماضي. ونُسبت الحادثة إلى "مسلحين مجهولين"، أشارت التقارير إلى أنهم داهموا القرية ليلاً. Copyright ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS تضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم، لكنها خففت من حدتها لاحقاً أعربت الجماعة أيضاً عن ازدرائها للحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع - القائد السابق لهيئة تحرير الشام - متهمةً إياها بـ"التساهل المفرط" لعفوها عن مسؤولين وموظفين حكوميين سابقين. وتدّعي الجماعة، مبررةً ذلك، أنها تولّت زمام الأمور للانتقام من العلويين والشيعة وموظفي نظام الأسد السابقين، ومنعهم من "إعادة تنظيم صفوفهم". كما أعربت الجماعة الجديدة أيضاً عن ازدرائها الواضح للأقليات غير المسلمة، مثل المسيحيين. وبالرغم من أنها لم تُشر سابقاً إلى أنها ستستهدفهم، ما لم يدعموا أو يدافعوا عن أفراد الفئة الأولى، إلا أن التفجير الأخير في كنيسة مار إلياس كان بمثابة رسالة واضحة لهم. يعتقد الكاتب والباحث المتابع للجماعات الإسلامية، حسام جزماتي، أنه بالإضافة لـ"البعد الشرعي" الذي تنم عنه رسائل التنظيم فإن هنالك أيضاً "بعداً سياسياً". ويتابع "هم كفّروا الحكم الحالي، وكفّروا قواته العسكرية والأمنية، ورغم ذلك لم يعلنوا عن رغبتهم بقتالهم الآن، بل قالوا قاتلوا لونكم من الكفار، أي الأقرب إليكم" - مشيراً إلى أن الحركة لم تستثنِ الكُرد التابعين لقوات سوريا الديمقراطية من القتال. بدوره يعتقد ستيفن همفريز، المتخصص في الإعلام الجهادي في "بي بي سي" أن تركيز التنظيم تحديداً على العلويين والدروز قد يكون "استغلالاً لتخوّف السنة المتشددين السوريين تجاه هذه الأقليات"، ولا سيما في ظل "هيمنة العلويين على مؤسسات السلطة في عهد الأسد، وما يُنظر إليه على أنه تعاطف مع إسرائيل لدى الدروز" - على حد تعبيره. "ذئاب منفردة" ليس من الواضح حجم هذه القوة عسكرياً، سواء من حيث تعداد المقاتلين، وجنسياتهم، أو أنواع الأسلحة التي بحوزتهم أو مصادر التمويل. ويرجح جزماتي أنهم "بحدود العشرات، وربما لم يتجاوزوا المئة". أما أيديولوجياً، فتتبنى الجماعة خطاباً "متشدداً وجهادياً،" بحسب همفريز. كما ألمحت الجماعة إلى تعاطف مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية "داعش". مع ذلك، يضيف همفريز، لا يزال جهاديون آخرون، "بمن فيهم مؤيدو داعش، متشككين بشأنها". وفي حين أن خطاب الجماعة وأيديولوجيتها المعلنة تتوافق مع الحركات الجهادية، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن يربطها بأي جماعة جهادية قائمة أو يشير إلى تعاونها معها. عرّفت الجماعة قائدها بأنه "أبو عائشة الشامي"، وهو اسم حركي يوحي بأنه سوري لكنها لم تُقدّم أي تفاصيل إضافية عن هويته أو خلفيته. كما لم يُلاحَظ ظهوره العلني. وفي حين زعمت الجماعة في 9 فبراير/شباط الماضي أنه أصدر رسالة صوتية، لم تُنشر على تلغرام سوى مقتطفات نصية منها. لكنّ اسماً آخر بدأ يبرز مؤخراً، وهو أبو فتح الشامي، الذي يصف نفسه بأنه أحد قياديي التنظيم، والمسؤول عن القسم الشرعي فيه. تشبه الشعارات والعلم والرموز الدعائية التي تستخدمها "سرايا أنصار السنة" إلى حد كبير تلك التي تستخدمها الجماعات الجهادية. ورغم نشاطها على تلغرام، وتصريحاتها وادعاءاتها المتكررة، إلا أنها لم تحظَ إلا بقدر ضئيل جداً من الاهتمام في الأوساط الجهادية والإسلامية على الإنترنت، وهو ما يدل على شك الجهاديين بمدى مصداقية هذه الجماعة. واعتباراً من 27 مارس/آذار، أطلق التنظيم على ذراعه الإعلامية الرسمية اسم "العاديات". ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS يشبه شعار الجماعة إلى حد كبير الشعارات واللافتات التي تستخدمها الجماعات الجهادية الأخرى وتدّعي الجماعة أنها شبكة "لامركزية" تعمل من خلال "ذئاب منفردة"، أي أفراد أو خلايا صغيرة ذات صلات محدودة ببعضها البعض، وليست لها قواعد مشتركة. ومن اللافت للنظر أيضاً، أن بيانات وكتابات الجماعة تفتقر للمهنية التي عادة ما توجد في صياغة بيانات الجماعات الجهادية الأخرى. وهنا يضيف جزماتي أنه من الواضح أنهم بعموم عناصرهم وقياداتهم القليلة "ليسوا من العلماء أو المدججين أيديولوجياً على مستوى اللغة"، قبل انضمام من يسمّي نفسه الدكتور أبو فتح الشامي، الذي يصفه جزماتي بأن "لغته الشرعية رصينة وواضحة ولديه أدلة من الفقه الإسلامي ومتمكن"، لكن يبدو أنه حالة "منفردة"، بحسب الباحث الذي يضيف "معظم عناصرهم محدودو التعليم، لغتهم بسيطة ومباشرة، وبياناتهم قصيرة جداً". بحسب تقييم مينا اللامي، خبيرة بي بي سي في الجماعات المتشددة، فإن الجماعة تقوم بـ"التمسّح بتنظيم الدولة، وتحاول بشكل مبالغ فيه الترويج لقربها الفكري من التنظيم، وكذلك الترويج بطريقة مبالغة ومثيرة للشك لمدى تطرّف الجماعة (سرايا أنصار السنة) ونَفَسها الطائفي وعملياتها الطائفية، كأنها تسعى إلى تسريع إشعال صراع طائفي أو إثارة الذعر من هجمات جهادية محتملة". الجهاديون "مشبوهون" على الرغم من ادعاءاتها المتكررة بشن هجمات قاتلة ضد أهداف من الطائفة العلوية، بما فيها بعض أحداث الساحل، إلا أن المجموعة فشلت حتى الآن في جذب اهتمام أو دعم كبير من الجهاديين والإسلاميين المتشددين. وأسفرت أحداث العنف في مارس/آذار الماضي في الساحل عن مقتل نحو 1614 مدنياً غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشارت تقارير حقوقية إلى تورط قوات حكومية وأخرى رديفة لها في المجازر التي وقعت بعد أن شنت قوات تابعة للنظام السابق هجوماً مباغتاً على عناصر القوات الأمنية الحكومية، وأدت إلى مقتل 250 عنصراً، بحسب مصادر رسمية. وفي حين لم تعلن المجموعة مسؤوليتها عن عمليات قتل واسعة، يستبعد جزماتي أن تكون السرايا لديها القدرة على القيام بهجمات من هذا النوع في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن إمكانياتها "لا تتجاوز عمليات صغيرة وأحداث قتل منفردة، لذلك لا يمكن لها أن تقوم بعمليات تمشيط أوسع والوصول لقرى وارتكاب مجازر كما حدث في الساحل". وتدور شكوك حول مصداقية الجماعة، إذ يتكهن بعض الجهاديين بأن الجماعة قد تكون مرتبطة بجهات معادية للجهاديين، تحاول من خلالها الإيقاع بالجهاديين الحقيقيين، أو تشويه سمعتهم من خلال ربطهم بالهجمات على المدنيين والطائفة العلوية. وفي حين يصعب التكهن بحقيقتهم ضمن المعطيات الحالية، إلا أن همفريز لا يستبعد ذلك، مشيراً إلى أن أحد أبرز مؤيدي ما يعرف بداعش "أصدر عبر الإنترنت هذا التحذير نفسه بالضبط. لكنني لن أتكهن بشدة بهذا الأمر". كذلك تميل آراء أخرى إلى أنهم قد يكونون "أداة استخباراتية" بيد الحكومة السورية الحالية للتنصل من الاتهامات الموجهة لقواتها بارتكاب انتهاكات كبيرة، ولا سيما تلك المرتبطة بأحداث القتل الأخيرة في الساحل السوري. لكن يشير همفريز مجدداً إلى أنه "من المبكر إصدار حكم قاطع بشأن هذا الأمر استناداً إلى المعطيات المتوفرة". غير أنه يضيف قائلاً : "من المثير للاهتمام أن الجماعة اتهمت في الأيام الأخيرة الحكومة السورية بإلقاء اللوم عليها (أنصار السنة) وعلى تنظيم الدولة الإسلامية في عمليات قتل الأقليات التي تورطت بها قوات أو أفراد محسوبون على الحكومة. وقالت جماعة أنصار السنة إن حكومة الشرع تفعل ذلك لتجنب الاتهامات الدولية بانتهاكات حقوق الإنسان". بدورها، ترى الباحثة مينا اللامي أن حالة الفوضى في بعض المناطق السورية من جهة، ومحاولة استغلال بعض الأطراف المحلية أو الخارجية - سواء كانت متطرفة أو من أتباع النظام السابق - من جهة أخرى، "توفر بيئة مناسبة لظهور مجموعات كهذه وأفراد مُريبة وذات أجندات عادة ما تكون طائفية وتسعى الى تأجيج الصراع الداخلي". لكنها تضيف، أن الشك في هذه التنظيمات الجديدة "يجب ألّا يجعلنا ننسى أن مجموعات جهادية متطرفة في سوريا حالياً ساخطة جداً على حكومة الشرع وتسعى إلى قلب الطاولة على الحكام الجدد بأي طريقة، والورقة الطائفية عادة ما تلجأ إليها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store