
أدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد تقلل خطر تعاطي المخدرات والسلوكيات الإجرامية
صورة تعبيرية لشخص يحمل حبوب دواء
أشارت دراسة حديثة إلى أن العلاج الدوائي يمكن أن يساعد الأشخاص الذين جرى تشخيصهم حديثاً باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في تقليل خطر تعاطي المخدرات، والسلوك الانتحاري، وحوادث المرور، والسلوكيات الإجرامية.
وترتبط هذه المشكلات بأعراض شائعة للاضطراب، مثل التصرف باندفاع وسهولة التشتت.
ويُعتقد أن نحو 5 بالمئة من الأطفال و2.5 بالمئة من البالغين حول العالم يعانون من هذا الاضطراب، مع تزايد أعداد الأشخاص الذين يجري تشخيصهم به.
وتؤكد نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة "بريتيش ميديكال جورنال"، الفوائد الكبيرة المحتملة للعلاج الدوائي، والتي قد تساعد المرضى على اتخاذ قرار بشأن بدء العلاج.
وتعني الإصابة باضطراب فرط الحركة أن الدماغ يعمل بطريقة تختلف عن معظم الأشخاص الآخرين، وقد تشمل الأعراض صعوبة في التركيز، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء، وارتفاع مستويات الطاقة، والاندفاعية.
على الرغم من تزايد أعداد الأشخاص الذين يطلبون المساعدة، إلا أن هذا الاضطراب لا يزداد شيوعاً، وكشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) العام الماضي عن فترات انتظار طويلة لتقييم المرضى في المملكة المتحدة.
ويُجرى التشخيص بالاضطراب فقط إذا كانت الأعراض تؤثر بشكل متوسط إلى كبير على حياة الأشخاص اليومية.
وتساعد الأدوية الأكثر شيوعاً من فئة المنشطات في علاج الاضطراب، حيث تساعد في السيطرة على الأعراض اليومية، لكن الأدلة على فوائدها طويلة الأمد كانت محدودة، بينما أثارت الآثار الجانبية المعروفة مثل الصداع، وفقدان الشهية، وصعوبات النوم، نقاشات حول سلامتها.
Getty Images
تشمل الأعراض صعوبة في التركيز، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء، وارتفاع مستويات الطاقة، والاندفاعية.
استندت الدراسة إلى بيانات 148,500 شخص تتراوح أعمارهم بين 6 و64 عاماً يعانون من الاضطراب في السويد، حيث بدأ 57 بالمئة منهم العلاج الدوائي، وكان دواء الميثيلفينيديت (المعروف باسم ريتالين) هو الأكثر وصفاً بنسبة 88 بالمئة.
ووجد الباحثون، من جامعة ساوثهامبتون ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم، أن تناول أدوية اضطراب فرط الحركة ارتبط بانخفاض الحالات الأولى لعدة مشكلات، منها:
السلوك الانتحاري بنسبة 17 بالمئة
التعاطي بنسبة 15 بالمئة
حوادث المرور بنسبة 12 بالمئة
السلوك الإجرامي بنسبة 13 بالمئة
وعند دراسة الحالات المتكررة، ربط الباحثون العلاج بانخفاضات إضافية في:
محاولات الانتحار بنسبة 15 بالمئة
التعاطي بنسبة 25 بالمئة
الإصابات العرضية بنسبة 4 بالمئة
حوادث المرور بنسبة 16 بالمئة
السلوك الإجرامي بنسبة 25 بالمئة
وقال البروفيسور سامويل كورتيزي، مؤلف الدراسة وأستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة ساوثهامبتون: "غالباً لا تتوفر معلومات عن المخاطر عند عدم علاج اضطراب فرط الحركة. والآن لدينا أدلة على أن الأدوية يمكنها تقليل هذه المخاطر."
وأوضح أن ذلك قد يعزى إلى قدرة الأدوية على الحد من السلوك الاندفاعي وقلة التركيز، مما يقلل من احتمالية وقوع الحوادث أثناء القيادة والسلوك العدواني الذي قد يؤدي إلى الجرائم.
وأشار الباحثون إلى أن الدراسة صممت لتكون دقيقة قدر الإمكان، لكنها لا تستبعد احتمال تأثر النتائج بعوامل مثل الجينات، ونمط الحياة، وشدة الاضطراب.
وتبقى مسألة الوصول إلى الدواء المناسب لعلاج اضطراب فرط الحركة تحدياً في العديد من الدول، إذ تعاني بعض الأدوية من نقص في الإمدادات. في المملكة المتحدة، قد تصل فترات الانتظار لمراجعة الأخصائيين إلى سنوات عدة.
بدوره، قال البروفيسور ستيوارت كينر، رئيس مجموعة العدالة الصحية في جامعة كيرتن في غرب أستراليا: "تُظهر هذه الدراسة الفوائد المتعددة لتشخيص وعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه."
وأضاف: "عدم تشخيص وعلاج الاضطراب قد يؤدي للّجوء إلى تعاطي الكحول أو المخدرات، وتدهور الصحة النفسية، والإصابات، والسجن."
وأشار إلى أنّ كثيراً من الأشخاص الذين لم يجري تشخيص إصابتهم باضطراب فرط الحركة قد يؤدي ذلك لوصولهم إلى نظام العدالة الجنائية (نظام قانوني وقضائي يتعامل مع الجرائم والمخالفات)، حيث قد يبقى اضطرابهم غير مشخص وغير معالج.
وقال إيان مايدمنت، أستاذ الصيدلة السريرية في جامعة أستون في المملكة المتحدة، إن الدراسة "تعزز فهمنا للفوائد المحتملة لهذه الأدوية."
مع ذلك، أشار إلى أن البحث لم يقيّم مدى التزام المرضى بتناول أدويتهم أو تأثير الجرعات المختلفة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 13 ساعات
- الوسط
أدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد تقلل خطر تعاطي المخدرات والسلوكيات الإجرامية
Getty Images صورة تعبيرية لشخص يحمل حبوب دواء أشارت دراسة حديثة إلى أن العلاج الدوائي يمكن أن يساعد الأشخاص الذين جرى تشخيصهم حديثاً باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) في تقليل خطر تعاطي المخدرات، والسلوك الانتحاري، وحوادث المرور، والسلوكيات الإجرامية. وترتبط هذه المشكلات بأعراض شائعة للاضطراب، مثل التصرف باندفاع وسهولة التشتت. ويُعتقد أن نحو 5 بالمئة من الأطفال و2.5 بالمئة من البالغين حول العالم يعانون من هذا الاضطراب، مع تزايد أعداد الأشخاص الذين يجري تشخيصهم به. وتؤكد نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة "بريتيش ميديكال جورنال"، الفوائد الكبيرة المحتملة للعلاج الدوائي، والتي قد تساعد المرضى على اتخاذ قرار بشأن بدء العلاج. وتعني الإصابة باضطراب فرط الحركة أن الدماغ يعمل بطريقة تختلف عن معظم الأشخاص الآخرين، وقد تشمل الأعراض صعوبة في التركيز، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء، وارتفاع مستويات الطاقة، والاندفاعية. على الرغم من تزايد أعداد الأشخاص الذين يطلبون المساعدة، إلا أن هذا الاضطراب لا يزداد شيوعاً، وكشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) العام الماضي عن فترات انتظار طويلة لتقييم المرضى في المملكة المتحدة. ويُجرى التشخيص بالاضطراب فقط إذا كانت الأعراض تؤثر بشكل متوسط إلى كبير على حياة الأشخاص اليومية. وتساعد الأدوية الأكثر شيوعاً من فئة المنشطات في علاج الاضطراب، حيث تساعد في السيطرة على الأعراض اليومية، لكن الأدلة على فوائدها طويلة الأمد كانت محدودة، بينما أثارت الآثار الجانبية المعروفة مثل الصداع، وفقدان الشهية، وصعوبات النوم، نقاشات حول سلامتها. Getty Images تشمل الأعراض صعوبة في التركيز، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء، وارتفاع مستويات الطاقة، والاندفاعية. استندت الدراسة إلى بيانات 148,500 شخص تتراوح أعمارهم بين 6 و64 عاماً يعانون من الاضطراب في السويد، حيث بدأ 57 بالمئة منهم العلاج الدوائي، وكان دواء الميثيلفينيديت (المعروف باسم ريتالين) هو الأكثر وصفاً بنسبة 88 بالمئة. ووجد الباحثون، من جامعة ساوثهامبتون ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم، أن تناول أدوية اضطراب فرط الحركة ارتبط بانخفاض الحالات الأولى لعدة مشكلات، منها: السلوك الانتحاري بنسبة 17 بالمئة التعاطي بنسبة 15 بالمئة حوادث المرور بنسبة 12 بالمئة السلوك الإجرامي بنسبة 13 بالمئة وعند دراسة الحالات المتكررة، ربط الباحثون العلاج بانخفاضات إضافية في: محاولات الانتحار بنسبة 15 بالمئة التعاطي بنسبة 25 بالمئة الإصابات العرضية بنسبة 4 بالمئة حوادث المرور بنسبة 16 بالمئة السلوك الإجرامي بنسبة 25 بالمئة وقال البروفيسور سامويل كورتيزي، مؤلف الدراسة وأستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين في جامعة ساوثهامبتون: "غالباً لا تتوفر معلومات عن المخاطر عند عدم علاج اضطراب فرط الحركة. والآن لدينا أدلة على أن الأدوية يمكنها تقليل هذه المخاطر." وأوضح أن ذلك قد يعزى إلى قدرة الأدوية على الحد من السلوك الاندفاعي وقلة التركيز، مما يقلل من احتمالية وقوع الحوادث أثناء القيادة والسلوك العدواني الذي قد يؤدي إلى الجرائم. وأشار الباحثون إلى أن الدراسة صممت لتكون دقيقة قدر الإمكان، لكنها لا تستبعد احتمال تأثر النتائج بعوامل مثل الجينات، ونمط الحياة، وشدة الاضطراب. وتبقى مسألة الوصول إلى الدواء المناسب لعلاج اضطراب فرط الحركة تحدياً في العديد من الدول، إذ تعاني بعض الأدوية من نقص في الإمدادات. في المملكة المتحدة، قد تصل فترات الانتظار لمراجعة الأخصائيين إلى سنوات عدة. بدوره، قال البروفيسور ستيوارت كينر، رئيس مجموعة العدالة الصحية في جامعة كيرتن في غرب أستراليا: "تُظهر هذه الدراسة الفوائد المتعددة لتشخيص وعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه." وأضاف: "عدم تشخيص وعلاج الاضطراب قد يؤدي للّجوء إلى تعاطي الكحول أو المخدرات، وتدهور الصحة النفسية، والإصابات، والسجن." وأشار إلى أنّ كثيراً من الأشخاص الذين لم يجري تشخيص إصابتهم باضطراب فرط الحركة قد يؤدي ذلك لوصولهم إلى نظام العدالة الجنائية (نظام قانوني وقضائي يتعامل مع الجرائم والمخالفات)، حيث قد يبقى اضطرابهم غير مشخص وغير معالج. وقال إيان مايدمنت، أستاذ الصيدلة السريرية في جامعة أستون في المملكة المتحدة، إن الدراسة "تعزز فهمنا للفوائد المحتملة لهذه الأدوية." مع ذلك، أشار إلى أن البحث لم يقيّم مدى التزام المرضى بتناول أدويتهم أو تأثير الجرعات المختلفة.


الوسط
منذ 15 ساعات
- الوسط
العمل أربعة أيام في الأسبوع مفيد للصحة، فلماذا لا يتم اعتماده؟
اعمل خمسة أيام في الأسبوع، تمتع بعطلة نهاية الأسبوع، ثم استعد للشعور بالإحباط عند العودة إلى العمل. لكن ماذا لو كان بإمكاننا تغيير هذا الواقع؟ أظهرت دراسة رائدة نُشرت في مجلة نايتشر هيومان بيهافيور، والتي تعد الأوسع من نوعها، أن تقليل أسبوع العمل إلى أربعة أيام يعزز بشكل ملحوظ صحة ورفاهية الأفراد. تابع الباحثون في كلية بوسطن أربعة مؤشرات رئيسية وهي: الإرهاق الوظيفي، والرضا الوظيفي، والصحة البدنية والعقلية، وذلك عبر 141 شركة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا وأيرلندا ونيوزيلندا. قالت الباحثة الرئيسية وين فان، لبي بي سي: "لقد لاحظنا تحسناً كبيراً في رفاهية الموظفين". كما شهدت الشركات زيادة في الإنتاجية والإيرادات. وبعد انتهاء فترة التجربة، اختار 90 بالمئة من المشاركين الاستمرار في نظام العمل بأسبوع من أربعة أيام. ويضاف ذلك إلى مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تربط بين تقليل أسابيع العمل وتحسن الصحة، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة، وزيادة الرضا العام عن الحياة. ويأتي ذلك في أعقاب دراسة حديثة وجدت أن ساعات العمل الطويلة قد تؤثر على بنية الدماغ. فإذا كانت الفوائد الصحية واضحة إلى هذا الحد، فما الذي يمنعنا؟ ثقافة الإفراط في العمل Getty Images في عديد من الثقافات، يُعتبر الإفراط في العمل علامة على الفخر، وفقاً لما ذكره مؤلفو الدراسة. تشتهر الصين بثقافة العمل "996"، التي يلزم فيها الموظفون بالعمل من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، ستة أيام في الأسبوع. في قطاعي التكنولوجيا والمالية المزدهرين في الهند، يواجه الموظفون غالباً ضغوطاً مستمرة للعمل لساعات طويلة وغير منتظمة لتلبية المتطلبات العالمية. تقول البروفيسورة فان: "في دول مثل الصين والهند والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تُعتبر ساعات العمل الطويلة بمثابة وسام شرف". في اليابان، يُعد العمل الإضافي غير المدفوع شائعاً إلى حد أن البلاد لديها مصطلح خاص لوصف الموت الناتج عن الإفراط في العمل: "كاروشي". يقول الخبير في أسواق العمل وثقافة بيئة العمل في اليابان، هيروشي أونو: "في اليابان، العمل لا يُعتبر مجرد وظيفة، بل هو طقس اجتماعي بحد ذاته". "يصل الناس في وقت مبكر ويبقون حتى وقت متأخر حتى لو لم يكن هناك عمل حقيقي، فقط لإظهار الالتزام. إنه أمر استعراضي. وكأن الأمر يشبه الفنون القتالية، فهناك طريقة محددة لممارسته"، وفق أونو. يشرح أن الثقافة الجماعية في اليابان تعزز هذا السلوك قائلاً: "توجد وصمة عار قوية تجاه المتراخي. فإذا بدأ أحدهم بأخذ إجازة يوم الجمعة، يتساءل الآخرون: 'لماذا يُسمح له بالتغيب عن العمل في هذا اليوم؟. قد يبدو الأمر لافتاً للكثيرين، ولكن حتى المزايا المستحقة قانوناً مثل إجازة الأبوة لا يتم استخدامها في اليابان في كثير من الأحيان. يقول أونو: "يمكن للرجال أخذ إجازة تصل إلى عام، لكن القليل منهم فقط يفعل ذلك، لأنهم لا يرغبون في إزعاج زملائهم". مع ذلك، ترى البروفيسورة وين فان أن تجارب مثل تجربتها بدأت تُحدث تغييراً في المفاهيم، حتى في الأماكن التي تتميز بتقاليد قوية في الإفراط في العمل. في أيسلندا، يعمل حالياً حوالي 90 بالمئة من الناس بساعات عمل مخفضة أو لديهم الحق في تقليل أيام العمل في الأسبوع. وقد نُفذت تجارب، أو لا تزال مستمرة، في عدة دول منها جنوب أفريقيا والبرازيل وفرنسا وإسبانيا وجمهورية الدومينيكان وبوتسوانا. في وقت سابق من هذا العام، أطلقت طوكيو تجربة أسبوع عمل من أربعة أيام لموظفي الحكومة، فيما أطلقت دبي مؤخراً مبادرة صيفية مماثلة لموظفيها الحكوميين. وفي الوقت نفسه، ستبدأ كوريا الجنوبية اعتباراً من أكتوبر/تشرين أول 2025، في اختبار نظام أسبوع عمل من أربعة أيام ونصف في 67 شركة. العمل لا يتوافق مع الحياة منذ كوفيد، ازداد عدد الأشخاص الذين يشعرون بعدم التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية. وتوضح كارين لوي، الرئيسة التنفيذية لمنظمة 4 أيام أسبوعياً عالمياً: "هذا الاتجاه لا يمكن التراجع عنه". وتعمل مؤسستها على دعم الشركات في مختلف أنحاء العالم لتجربة نموذج العمل بأسبوع من أربعة أيام، من البرازيل إلى ناميبيا ثم ألمانيا. من أبرز قصص نجاحها إدارة شرطة مدينة جولدن في كولورادو، التي تضم 250 موظفاً. بعد تطبيق نظام أسبوع العمل من أربعة أيام، انخفضت تكاليف العمل الإضافي بنحو 80 بالمئة، كما تراجعت حالات الاستقالة إلى النصف. تقول لوي: "إذا كان هذا النظام قادراً على النجاح في قسم شرطة حيث يقوم الضباط بدوريات ويستجيبون لحالات الطوارئ، فإنه يمكن أن ينجح في أي مكان آخر". عندما أطلقنا التجربة الأولى في عام 2019، كان هناك عدد قليل فقط من الشركات المهتمة. أما اليوم، فقد ارتفع العدد إلى آلاف الشركات. "الأدلة موجودة. العنصر المفقود هو الإدراك". توضح لوي أن من المفاهيم الخاطئة الشائعة أن تقليل أيام العمل يؤدي إلى تراجع الإنتاجية، وتؤكد أن العكس هو الصحيح في كثير من الأحيان. في عام 2019، أجرت مايكروسوفت في اليابان تجربة لأسبوع العمل المكون من أربعة أيام، حيث ارتفعت المبيعات لكل موظف بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، قررت الشركة عدم اعتماد هذا النظام بشكل دائم. تشير لوي إلى أن الشركات الكبيرة تواجه تحديات أكثر تعقيداً، نظراً لأنها تضم أقساماً متعددة وتعمل عبر دول ومناطق زمنية مختلفة. في دراسة البروفيسورة فان، حافظت الإنتاجية إلى حد كبير على مستواها بفضل تقليص الشركات للمهام غير المهمة. واستُبدلت الاجتماعات غير الضرورية بالمكالمات الهاتفية أو الرسائل. تؤكد لوي أن هناك اعتقاداً خاطئاً آخر، وهو أن الموظفين سيضطرون لبذل جهد أكبر لتعويض يوم الإجازة الإضافي. تقول: "المفتاح لا يكمن في تقليص خمسة أيام إلى أربعة، بل في تقليل الهدر. وبفضل أتمتة الذكاء الاصطناعي للعديد من المهام، أصبح بإمكاننا التعرف على هذه النقاط الضعيفة بسهولة أكبر". تدخل صحي فعال بالنسبة لتشارل ديفيدز، مدير مركز الإرشاد بجامعة ستيلينبوش في كيب تاون، لم يكن اعتماد أسبوع العمل المكون من أربعة أيام مجرد تعديل في بيئة العمل، بل كان بمثابة شريان حياة. يقدم فريقه الدعم النفسي لأكثر من 30 ألف طالب، ويشير إلى أنه قبل التغيير كان الموظفون منهكين. ويضيف: "كان معدل الغياب مرتفعاً، وكان الموظفون يتصلون باستمرار بعذر المرض، ليس لأنهم كسالى، بل لأنهم كانوا يحاولون جاهدين الصمود. كانوا مرهقين تماماً". تُعد جنوب أفريقيا واحدة من الدول التي تعاني بشدة من معدلات مرتفعة للاضطرابات النفسية على مستوى العالم. كان فريق تشارل، المكوَّن من 56 فرداً، يعاني من إنهاك عاطفي نتيجة التعرض المتواصل للصدمات النفسية، وكثرة الحالات التي يتعاملون معها، ونقص الموارد المتاحة. قرر تجربة نظام العمل لأربعة أيام في الأسبوع، رغم اعتراض الإدارة العليا وتشكيك فريقه في جدوى الفكرة. يقول: "كانوا يعتقدون أن الفكرة لن تنجح إطلاقاً، لكنها نجحت، وكانت النتائج مذهلة بالفعل". في العام الذي سبَق التجربة، سجّل الفريق 51 يوماً مرضياً، أما خلال الستة أشهر التي طبقوا فيها نظام أسبوع العمل المكون من أربعة أيام، فقد انخفض هذا العدد إلى أربعة أيام فقط. أبلغ الموظفون عن تحسن في جودة نومهم، وزيادة في نشاطهم البدني، ووقت أكبر لممارسة هواياتهم. يقول تشارل: "أصبحوا يقضون عطلات نهاية الأسبوع مع عائلاتهم بدلاً من الانشغال بالأعمال المنزلية". يقول: "كنت أظن أن معظمهم سيستغلون الوقت الإضافي في القيام بأعمال جانبية لكسب دخل إضافي، لكن فعل ذلك واحد فقط منهم". يعتقد تشارل أن تحسن صحة موظفيه جعلهم أفضل في أداء وظائفهم. "أصبحوا أكثر تركيزاً وتعاطفاً، وهذا انعكس بشكل إيجابي على رعاية الطلاب". لا يوجد حل واحد يناسب الجميع مع ذلك، لا يزال من الصعب تنفيذ هذا النوع من التغيير في كل مكان. تقول البروفيسورة وين فان: "تشكيلة الصناعات في كل بلد ومرحلة تطوره تلعب دوراً مهماً". تضيف كارين لوي: "في أفريقيا، يعمل العديد من العمال في الزراعة والتعدين والقطاعات غير الرسمية"، مشيرة إلى أنهم "بعيدون تماماً عن النقاش الدائر حول مرونة العمل". تشير لوي إلى أن الوظائف اليدوية التي تتطلب مهارات منخفضة يصعب إعادة هيكلتها، وغالباً ما يركز أصحاب العمل في هذه القطاعات على زيادة الأرباح بدلاً من تعديل الجداول الزمنية. إلا أن هناك بعض التطورات التي تجري. شملت دراسة البروفيسورة فان شركات في قطاعات البناء والتصنيع والضيافة، وقد حققت بعض هذه الشركات نجاحاً ملحوظاً. تقول: "يمكن تطبيقه في مختلف القطاعات، لكنني لا أراه حلاً كاملاً. إنه ليس الحل المناسب للجميع". الأجيال الشابة تقود التغيير Getty Images تعمل الأجيال الشابة على إعادة صياغة مفهوم العمل، مُعطية لأول مرة الأولوية للتوازن بين الحياة والعمل على حساب الراتب. يتفق الخبراء على أن الدافع الأكبر لهذا التحول سيأتي من الشباب. أظهرت دراسة استقصائية عالمية في عام 2025 أن التوازن بين الحياة والعمل أصبح للمرة الأولى أكثر أهمية من الراتب. في كوريا الجنوبية، يعرب العديد من العمال الشباب عن استعدادهم لقبول تخفيض في أجورهم مقابل الحصول على أسبوع عمل أقصر. تقول البروفيسورة فان: "نلاحظ رفضاً متزايداً بين الأجيال الشابة، حيث يحملون رؤى مختلفة تماماً حول معنى العمل وما يطمحون لتحقيقه في حياتهم". وتوضح أن حركات مثل "الاستقالة الكبرى" (الاستقالات الجماعية بعد كوفيد)، و"الاستقالة الهادئة" (القيام بالحد الأدنى فقط في العمل)، و"الاستلقاء على الأرض" في الصين (رفض ثقافة العمل المفرط)، تُعبّر عن طرق يجدها العمال الشباب للتعبير عن استيائهم ورفضهم لثقافة الإرهاق. ومع مرور الوقت، قد تُعيد هذه التحولات تشكيل معايير أماكن العمل. في اليابان، بدأ هيروشي أونو يلاحظ حدوث بعض التغييرات بالفعل. يقول: "نحو 30 بالمئة من الرجال اليابانيين يحصلون الآن على إجازة أبوة، بعد أن كان هذا الرقم قريباً من الصفر سابقاً. وهذا يدل على أن الناس أصبحوا يولون اهتماماً أكبر لصحتهم النفسية أكثر من أي وقت مضى". تتفق كارين لوي مع هذا الرأي قائلة: "للمرة الأولى، بدأ الموظفون في مقاومة قوية، وكلما كانوا أصغر سناً، ازدادت مطالبهم بالتغيير". ترى أن الحركة تتسارع باستمرار. تقول: "منحنا كوفيد نقطة انطلاق أولى، وأتمنى أن تكون الخطوة التالية هي اعتماد أسبوع العمل المكوّن من أربعة أيام".


الوسط
منذ 4 أيام
- الوسط
نقص التغذية في الفاشر يبلغ أسوأ مراحله، والإمارات تتهم الحكومة السودانية بعرقلة جهود السلام
Getty Images رحمة كاكي جبارة وابناها فرح وجبر، يعانون من سوء تغذية حاد ويتلقون المساعدات في مركز المنار للتغذية بأم درمان، السودان أفاد مصدر في وزارة الصحة السودانية، الأحد، بأن مدينة الفاشر في إقليم دارفور، المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، شهدت وفاة ما لا يقل عن 63 شخصاً خلال أسبوع واحد بسبب سوء التغذية. وقال المصدر لوكالة فرانس برس إن "عدد الذين ماتوا بسبب سوء التغذية في مدينة الفاشر بين يومي 3 و10 أغسطس/آب بلغ 63 شخصاً أغلبهم نساء وأطفال". وأوضح المسؤول الطبي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن هذه الحصيلة تقتصر على من تمكّنوا من الوصول إلى المستشفيات، مشيراً إلى أن كثيرين يعجزون عن ذلك بسبب العنف. في السياق، أوضحت مصادر طبية لبي بي سي أن معظم المتوفين هم من الأطفال وكبار السن القاطنين في معسكرات النزوح، مضيفة أن عدد الوفيات مرشح للزيادة في ظل عدم توفر المساعدات الإنسانية داخل المدينة منذ أشهر. يأتي ذلك بعد أيام من تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة من أنّ نحو مليون شخص محاصرين في الفاشر، يواجهون خطر الموت جوعاً في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية لهم. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، يعاني 40 في المئة من الأطفال دون الخامسة في الفاشر سوء التغذية، بينهم 11 في المئة يعانون سوء التغذية الحاد الشديد. وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي لين كينزلي لبي بي سي، إن الكثير من الناس سيموتون إذا لم تصل المساعدات بشكل فوري. "بعض العائلات باتت تقتات على علف الحيوانات" وفي إقليم دارفور، أصبح معظم السكان يعتمدون في طعامهم على "التكايا" أو المطابخ العامة التي تقدم وجبات للمواطنين، وباتت تعاني بدورها نقصاً كبيراً في الموارد. ومع اضطرار المطابخ العامة إلى الإغلاق بسبب نقص الإمدادات، تشير تقارير إلى أن بعض العائلات باتت تقتات على علف الحيوانات أو بقايا الطعام. وقال المسؤول في تكية الفاشر مجدي يوسف لفرانس برس، إن التكية "باتت تقدم وجبة واحدة فقط في اليوم بعد أن كانت تقدم وجبتين قبل ستة أشهر". وأضاف أن الطبق الذي كان يتقاسمه ثلاثة أشخاص صار يتقاسمه سبعة، مشيراً إلى أن الأطفال والنساء الذين يصلون إلى المطبخ تظهر عليهم علامات واضحة على سوء التغذية، بينها بطون منتفخة وعيون غائرة. وأُعلنت المجاعة قبل عام في مخيمات النازحين المحيطة بالفاشر، وتوقعت الأمم المتحدة أن تمتد إلى المدينة نفسها بحلول مايو/أيار الماضي. إلا أن نقص البيانات حال دون إعلان المجاعة رسمياً. وأكد طبيب أطفال في مستشفى الفاشر أن هناك زيادة في عدد الأطفال الذين يصلون إلى المستشفى ويعانون سوء التغذية الحاد. وتابع في تصريح لوكالة فرانس برس أن "معظم الحالات تعاني سوء التغذية الحاد، والإمدادات الطبية اللازمة لعلاجهم منخفضة بشكل خطير". وفي مخيم أبو شوك القريب الذي يعاني بدوره من المجاعة، قال المسؤول المحلي آدم عيسى لوكالة فرانس برس إن معدل وفيات الأطفال في المخيم يراوح ما بين خمس وسبع وفيات يومياً. ووصف ممثل اليونيسف في السودان شيلدون يت الوضع هذا الأسبوع بأنه "كارثة محدقة"، محذراً من "ضرر لا يمكن إصلاحه لجيل كامل من الأطفال". "حالات الإصابة بالكوليرا في تصاعد" Reuters حليمة محمد آدم تتلقى العلاج من الكوليرا في عيادة أممية مؤقتة بشمال دارفور وقالت وزارة الصحة في إقليم دارفور إن أكثر من أربعمائة شخص لقوا حتفهم جراء إصابتهم بمرض الكوليرا في دارفور. وأكدت أن عدد الإصابات بالمرض تجاوز ستة آلاف مصاب منذ بدء تفشي الكوليرا قبل أشهر. وقالت الوزارة إن حالات الإصابة مازالت متصاعدة بشكل كبير، داعية الجهات المعنية بالتدخل السريع وتقديم المساعدات اللازمة. وتحاصر قوات الدعم السريع التي تخوض حرباً ضد الجيش السوداني منذ أكثر من عامين، الفاشر منذ مايو/ أيار 2024. وهي المدينة الرئيسية الوحيدة في إقليم دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش. وأدى هجوم عنيف للدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين في ضواحي الفاشر في أبريل/نيسان إلى نزوح عشرات الآلاف، الذين أصبحوا الآن لاجئين داخل المدينة. الإمارات: ادعاءات "سلطة بورتسودان" تعرقل جهود السلام Getty Images النزاع في السودان اندلع في أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وعلى صعيد سياسي، أكدت الإمارات مجدداً على موقفها المتمثل في دعم الشعب السوداني لتحقيق السلام والاستقرار وضمان مستقبل كريم. وأشارت الخارجية الإماراتية في بيان لها إلى تصاعد ما وصفته بالادعاءات الزائفة "ضمن حملة ممنهجة من قبل ما تسمى بسلطة بورتسودان أحد أطراف الحرب الأهلية، التي تعمل على تقويض الجهود الرامية إلى إنهاء النزاع واستعادة الاستقرار"، وأضافت أن هذه المزاعم التي وصفتها بالباطلة، "تشكل جزءاً من نهج مقصود للتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين والتنصل من تبعات أفعالهم، بهدف إطالة أمد الحرب وعرقلة أي مسار حقيقي للسلام". وأكدت الإمارات عزمها على العمل عن كثب مع شركائها لتعزيز الحوار وحشد الدعم الدولي والمساهمة في المبادرات الهادفة إلى معالجة الأزمة الإنسانية وإرساء الأسس لتحقيق سلام مستدام، بما يسهم في بناء مستقبل آمن ومستقر للسودان يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والتنمية، بحسب نص البيان. ويتبادل السودان والإمارات الاتهامات بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين وعرقلة جهود الوساطة. والأسبوع الماضي أعلن الجيش السوداني تدمير طائرة قال إنها إماراتية كانت تقل "مرتزقة كولومبيين" في جنوب دارفور، وهو الأمر الذي نفته أبو ظبي.