
سوريون في ليبيا... الإقامة شوك والرحيل خطر
من جنزور، تحدث رامي (32 سنة) وهو مواطن سوري يقيم في ليبيا منذ عام 2012 عن أمله في العودة إلى بلاده، لكنه يواجه عقبات تتمثل أساساً في غرامات تتعلق بمخالفات إقامته في ليبيا.
وقال رامي لـ"اندبندنت عربية" شريطة عدم ذكر هويته كاملة، إن "المئات من السوريين الموجودين في ليبيا لديهم غرامات تتعلق بإقامتهم، بينما يعلق آخرون في شراك الميليشيات بسبب محاولتهم الهجرة بصورة غير نظامية نحو أوروبا أو ارتكاب مخالفات أخرى، وكلنا يحدونا أمل العودة إلى سوريا الآن".
أوضاع مختلفة
رامي ليس الوحيد الذي تحدث عن أمل يحدوه في العودة إلى سوريا، حيث التقت "اندبندنت عربية" عبدو علي، وهو ابن عم السوري بكر محمد علي، الذي يقبع في أحد السجون غرب ليبيا.
يقول عبدو بحرقة إن "بكر تم إيداعه السجن في ليبيا رفقة نحو 40 شاباً من كوباني وشيران بسبب الإقامة غير الشرعية، وهم يعانون الآن ظروفاً قاسية، ونحن لا نطلب من الحكومة السورية الجديدة شيئاً سوى إعادة أبنائنا سالمين إلى ديارهم".
أما شهد، التي يقبع أيضاً ابنها في أحد السجون الليبية، فذكرت "ابني غادر إلى ليبيا منذ عام 2014، ووصلتنا صور له أثناء غرق مركب هجرة في عرض البحر الأبيض المتوسط، لكنه نجا وتمت إعادته إلى ليبيا حيث أودع السجن". وأوضحت "منذ ذلك الحين انقطعت أخباره، ولم تكشف لا السلطات الليبية ولا نظيرتها السورية عن مصيره، شأنه في ذلك شأن العشرات من الشبان السوريين".
وأحيت أخيراً زيارة لوفد من وزارة الخارجية السورية ملف السوريين الموجودين في ليبيا، حيث بحث الوفد "إلغاء الغرامات على السوريين المخالفين للإقامة في البلاد" من دون الكشف عن إجراءات ملموسة من أجل حل هذه الأزمة.
وتفرض السلطات الليبية وفقاً لقانون تنظيم دخول وإقامة الأجانب الذي تم تعديله في الـ14 من مارس (آذار) 2024، رسوم مخالفة البقاء بعد انتهاء صلاحية التأشيرة أو انتهاء فترة الإقامة، وتقدر بـ500 دينار عن كل شهر (الدولار يساوي 5.42 دينار ليبي).
وقال الناشط الحقوقي الليبي جمال المبروك "بالفعل، هناك أوضاع مختلفة يشهدها السوريون في ليبيا، ففيهم من قدم بهدف الهجرة نحو السواحل الأوروبية، وهو الآن إما في مراكز احتجاز تتبع السلطات أو المنظمات الأممية، أو محتجز من قبل جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية، أو أشخاص يسعون إلى العودة لكن يواجهون عقبات قانونية بسبب غرامات تم تسليطها عليهم بسبب مخالفات تتعلق بالإقامة أو غيرها".
وتابع المبروك في تصريح خاص أن "هناك أيضاً أشخاصاً يعيشون بصورة طبيعية، وقد لا يسعون إلى العودة أصلاً لاندماجهم في سوق العمل الليبية من خلال إتقانهم مهناً وحرفاً عدة، وهناك كذلك المرتزق الذي تم استجلابه عام 2019 أو 2020 ويوجد الآن في معسكرات في طرابلس، وهؤلاء لم نسجل نحن كحقوقيين أية مخالفات ارتكبوها منذ وقف الحرب".
من يريد العودة؟
ثمة كثير من المعطيات التي قد تعجل بحل مثل هذه الملفات على غرار التحضيرات التي تجريها السلطات السورية من أجل فتح سفارة لها في العاصمة طرابلس، وقنصلية في بنغازي.
وأكد مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية السورية محمد الأحمد أن "وفداً تقنياً سورياً تم إرساله من وزارة الخارجية إلى ليبيا الشقيقة بعد التنسيق الكامل مع الجهات الليبية المتخصصة".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشف الأحمد لـ"اندبندنت عربية"، أن "الهدف الرئيس من الزيارة هو بحث سبل تقديم الخدمات القنصلية للرعايا السوريين بسبب عدم وجود تمثيل دبلوماسي سوري في طرابلس، وبتوجيهات من السيد الوزير تم عقد سلسلة من الجلسات مع الأطراف الحكومية الليبية المتخصصة جرى من خلالها حل جملة من المشكلات وعلى رأسها الغرامات المترتبة على المخالفين، وكذلك تسوية وضع من هم في داخل السجون". وبين أن "أعداد السوريين في ليبيا نقدرها بحدود 209 آلاف مواطن موزعين بين الشرق والغرب، ومن خلال التواصل مع جالياتنا نتوقع أن 20 في المئة منهم يرغب بالعودة إلى سوريا، ونحن نعمل بالفعل على تقديم الأوراق الثبوتية لهم والتواصل مع بعض الجهات لتأمين نقلهم بصورة مناسبة إلى سوريا".
وأضاف الأحمد "حقيقة لمسنا من الجانب الليبي تفاعلاً وتعاوناً كبيرين واهتماماً بتعزيز العلاقات السورية - الليبية، وقد أصدروا جملة من القرارات التي تخفف الأعباء عن الجالية السورية، إضافة إلى تأمين مكان لتقديم الخدمات للسوريين، وحل مشكل المقر الدائم لبعثتنا الدبلوماسية".
وشرعت وزارة الخارجية السورية بالفعل في اتخاذ إجراءات لفائدة الرعايا المقيمين في ليبيا، إذ كشفت في بيان عن أنه "تم تمديد جوازات السفر مدة عام، ومنح تذاكر المرور التي تشمل تذكرة عبور لا تغطي كلف تذاكر الطيران". وأضافت أن "من بين الإجراءات أيضاً مصادقة وزارة الخارجية السورية أو وزارة الخارجية والتعاون الدولي في جمهورية ليبيا على الوثائق الرسمية".
الآمال الصعبة
بخلاف بقية الشهادات يساور القلق إبراهيم إسماعيل، وهو اسم مستعار لطبيب سوري مقيم في طرابلس، إزاء عودته المحتملة إلى بلاده، إذ يقول إنه يتطلع إلى ذلك ولكن لا تزال هناك عقبات تمنعه.
وقال إسماعيل إن "من بين العقبات مخالفات الإقامة التي لم تتم تسويتها بعد، وأيضاً غلاء أسعار تذاكر الطيران من ليبيا إلى سوريا، والأهم من ذلك كله هو انتظار استتباب الأمن والاستقرار في سوريا حتى يتسنى لي العمل هناك". وأكد أن "كل هذه العوامل تجعل العودة في الوقت الراهن صعبة، لكن بعد الزيارات المتكررة للوفود السورية أتوقع أن تتم إزالة العقبات المذكورة.
ولا يوجد في ليبيا تمثيل دبلوماسي سوري منذ نحو 12 عاماً، مما حال دون تجديد أفراد الجالية الموجودة هناك وثائقها الرسمية مما جعلهم في وضع المخالفين، وكثير منهم مطالب بدفع غرامات باهظة.
إلى ذلك زار وفد سوري أمس الخميس ليبيا، وأجرى محادثات مع مسؤولين مع حكومة الوحدة الوطنية الموقتة حول أوضاع الجالية السورية، مما يعطي انطباعاً بأن ملف هؤلاء قد يكون أولوية على طاولة حكام دمشق الجدد.
وفي الـ15 من مايو (أيار) الماضي أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في منشور عبر منصة "إكس"، أن بلاده "ستفتح سفارة في طرابلس، وقنصلية في بنغازي".
مع ذلك يعتقد رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أن "عودة السوريين الموجودين في ليبيا تحتاج إلى عمل وتنسيق سوري – ليبي لحصر أعدادهم أولاً، ومعرفة مكان وجودهم ومن ثم رسم خطة إعادتهم، خصوصاً أن معظمهم لا يحملون أية بطاقة أو هوية تثبت سوريتهم، وفيهم من انتهت مدة إقامتهم ومن ثم عليهم رسوم كبيرة يجب دفعها لتسهيل العودة الآمنة، وهذا قد يكون محل تنسيق بين الدولتين للتوصل لإعفائهم وتأمين عودتهم عاجلاً".
وتابع عبدالرحمن "أعتقد أن الحكومة الحالية في سوريا ملفاتها كثيرة ومعطلة، وهي غير قادرة على القيام بما ذكرت لأسباب كثيرة سياسية ودبلوماسية، حيث ما زالت رهينة القرار الخارجي والتدخلات الأجنبية، وهي لا تعتبر ملف السوريين المهجرين قسراً أولوية، لا سيما من يوجدون في ليبيا". وأضاف "أيضاً لا ننسى هذا النزاع الطائفي الذي فجرته دمشق والميليشيات التي لا تقبل الاختلاف الهوياتي والقومي، إذ إن الرئيس أحمد الشرع ومن معه منكبون اليوم على كيفية إيجاد حلول تضع حداً للعنف والتقتيل الطائفي الذي بدأ بالعلويين ووصل إلى الدروز، والدور المقبل ننتظر لمن سيكون".
ويرى عبدالرحمن أنه "للأسف مع الوضع الحالي، لن تتمكن دمشق من إعادة هؤلاء ولا إيجاد الحلول لهم لأسباب ذكرتها سابقاً، ونقلنا في المرصد السوري الشهر الماضي معاناة هؤلاء، وناشدنا التدخل لإعادتهم بينما هم عالقون في ليبيا، حيث وجهت العائلات السورية والشباب الموجودين للتو في ليبيا نداء عبر المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى الحكومة السورية الانتقالية لإجلائهم إلى بلدهم بعدما تقطعت بهم السبل ولم يجدوا طريقة للعودة ولو بالتهريب، وفق هؤلاء".
وفسر أنهم "يتوزعون في مناطق ليبية كثيرة، ويعيشون ظروفاً صعبة مادية ونفسية، على رغم مساعدة بعض الليبيين، لكنهم يتعرضون أيضاً للمعاملة السيئة من قبل بعض الميليشيات الخارجة عن الدولة، وهناك من يعمل من دون أن يتمكن من أخذ أجره، وإن تجرأ على المطالبة به قد يقتل، لذلك يطالب هؤلاء الحكومة الانتقالية بإجلائهم وإيجاد آلية لذلك، بخاصة أن معظمهم لا يملكون أية وثيقة رسمية تثبت هويتهم، هم فروا من الحرب والموت تاركين كل شيء، علاوة على عدم وجود لا سفارة ولا قنصلية في ليبيا بسبب الظرف السياسي الصعب لتسهيل عملية الترحيل كما فعلت دول كثيرة".
ويستنتج عبدالرحمن "نحزن حين نقول إن أمل إعادتهم في الوضع الراهن ضعيف ويكاد يكون منعدماً، فالصراع فوق الأرض السورية معقد، وحكومة الشرع لا تضع هؤلاء في خانة أولوياتها".
فرص مشروعة
وتأتي هذه التطورات في وقت أجرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، محادثات نادرة مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في أبريل (نيسان) الماضي على هامش منتدى أنطاليا. وخلال تلك المحادثات، اتفق الطرفان على تفعيل اللجنة العليا المشتركة بين دمشق وطرابلس بهدف تعزيز التعاون بينهما، لكن لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه.
وقال الباحث السياسي الليبي خالد محمد الحجازي، إن "إعادة السوريين إلى بلادهم من ليبيا أمر يواجه تحديات كبيرة، لكن هناك أيضاً فرصاً مشروعة يمكن أن تؤخذ في الاعتبار، وبين مطرقة الغرامات الثقيلة وسندان المخاوف الأمنية تتواصل مفاوضات معقدة بين ليبيا والحكومة السورية الجديدة من أجل حسم ملف عودة السوريين المقيمين على الأراضي الليبية، وهذا يعد ملفاً إنسانياً بامتياز، لكنه محاط بعقبات سياسية وأمنية واقتصادية، فيما يعيش آلاف السوريين بين أمل العودة وخشية المجهول".
واستطرد الحجازي في تصريح خاص، أن "ليبيا والحكومة السورية الجديدة تواصلان مفاوضات حساسة من أجل إعادة السوريين المقيمين في ليبيا، وسط عقبات قانونية وأمنية واقتصادية تعرقل حسم هذا الملف. وتقدر وزارة الخارجية السورية عدد السوريين في ليبيا بنحو 200 ألف شخص كثير منهم يواجه غرامات مالية ثقيلة بسبب تجاوز مدة الإقامة، إذ تفرض السلطات الليبية 500 دينار ليبي شهرياً على المقيمين بصورة غير قانونية، وهو ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الراغبين في العودة".
واعتبر أن "السوريون في ليبيا يعانون أيضاً من أخطار أمنية، تشمل الاستغلال والابتزاز واحتجاز جوازات السفر من قبل ميليشيات وعصابات محلية، فضلاً عن انعدام الحماية القانونية وتدهور الأوضاع المعيشية. وفي حال العودة إلى سوريا، يواجه هؤلاء تحديات أخرى تتمثل في ضعف البنية التحتية، وانعدام الخدمات الأساسية، واستمرار المخاوف الأمنية، مما دفع منظمات دولية للتحذير من أن عودة أعداد كبيرة في وقت واحد قد تحدث ضغطاً هائلاً على الدولة السورية الناشئة".
وأردف المتحدث ذاته أن "ملف عودة السوريين من ليبيا يبقى اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومتين على تجاوز الحسابات السياسية الضيقة لمصلحة معالجة قضية إنسانية تمس مئات الآلاف. وبين تعقيدات الغرامات، والمخاوف الأمنية، والملفات العالقة كمصير المقاتلين والمرتزقة، تبدو الطريق نحو حل شامل مليئة بالتحديات. غير أن نجاح أية تسوية سيعتمد على إرادة سياسية صادقة، وضمانات دولية، وخطط مدروسة توازن بين حق السوريين في العودة وحقهم في العيش الكريم بعد العودة، بعيداً من دوامة النزوح التي أرهقتهم أعواماً".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
الأمن الإيراني يقتل 7 مسلحين من جماعة "أنصار الفرقان"
قتلت قوات الأمن الإيرانية اليوم الأحد سبعة من أفراد مجموعة مسلحة في محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرقي البلاد، حسبما ذكرت وسائل إعلام حكومية. وصرح نائب حاكم المحافظة علي ولايتي بور بأن المسلحين، وجميعهم أعضاء في جماعة "أنصار الفرقان"، قُتلوا في وقت مبكر من صباح اليوم، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، وأضاف ولايتي بور أن المسلحين "كانوا يعتزمون مهاجمة مراكز حساسة وقواعد عسكرية وأمنية". وتصنف إيران جماعة "أنصار الفرقان" منظمة "إرهابية"، والعام الماضي أعلنت المجموعة مسؤوليتها عن هجوم انتحاري أودى بأحد عناصر الشرطة، في سيستان بلوشستان أيضاً. وهذه المحافظة الواقعة على الحدود مع باكستان وأفغانستان من الأفقر في إيران، وتشهد اشتباكات متكررة بين قوات الأمن ومتمردي الأقلية البلوشية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتضم المحافظة عدداً كبيراً من البلوش، ومعظمهم من المسلمين السنة، على عكس الغالبية الشيعية في إيران. وأمس السبت قُتل شرطي في تبادل لإطلاق النار بالمحافظة مع مسلحين، وأعلنت جماعة "جيش العدل" مسؤوليتها عن الهجوم. وأعلنت الجماعة المتمركزة عبر الحدود في باكستان، مسؤوليتها عن الكثير من الهجمات في الأعوام الأخيرة، بينها هجوم على محكمة يوليو (تموز) الماضي أسفر عن مقتل ستة أشخاص في الأقل.


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
سائق توصيل شاب يتحول إلى "كابوس" للنشالين في لندن
يحظى البرازيلي دييغو غالدينو البالغ 32 سنة بنجاح كبير على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل مقاطع فيديو تظهره خلال مطاردته النشالين في لندن، في ظل تزايد سرقات الهواتف في العاصمة البريطانية. بدأ سائق توصيل الطعام هذا تصوير اللصوص وهم يرتكبون جرائمهم، قبل أن يتحول إلى تعقبهم وتحذير المارة منهم. ونشرت هذه المقاطع على "إنستغرام" و"تيك توك" تحت اسم pickpocketlondon (نشالو لندن)، ولقيت انتشاراً واسعاً. وحقق أحد هذه المقاطع، ويظهر لصاً يبصق في اتجاهه، أكثر من 12 مليون مشاهدة. ولا تقتصر عمليات النشل هذه التي تستهدف في أكثريتها المحافظ والهواتف، على العاصمة البريطانية، لكن سرقات الهواتف الذكية شهدت ارتفاعاً حاداً هناك في الأشهر الأخيرة، وبحسب شرطة لندن، يسرق هاتف كل ست دقائق في العاصمة البريطانية. ضحية نجاحه في عام واحد، سجلت نحو 32 ألف حادثة نشل في حي وستمنستر وحده حيث كثير من المتاحف وبرج ساعة "بيغ بن" وقصر باكنغهام. في مواجهة هذه الآفة، وضعت المدينة خطاً باللون البنفسجي على أرصفة كثير من الشوارع المزدحمة، مع تحذير جاء فيه "احذروا سرقة الهواتف". بات دييغو غالدينو بدوره ضحية نجاحه. يقول لوكالة الصحافة الفرنسية "لقد تغيرت حياتي كثيراً" بعدما أصبحت معروفاً في الشارع. بخبرته، أدرك غالدينو الذي نشأ في البرازيل في عائلة من الشرطيين أن هؤلاء اللصوص منظمون للغاية، فهم غالباً ما يكونون نساء يعملن في مجموعات ثنائية ويرتدين ملابس سياحية للاندماج بصورة فضلى، بحسب غالدينو الذي يساعده في مهمته نحو 20 سائق توصيل آخرين يرسلون له البلاغات عبر "واتساب". أسلوبه في العمل متقن، إذ جهز نفسه بكاميرا مثبتة على جسده. وهو يهتف "احذروا النشالين" بمجرد أن يرى لصاً على وشك ارتكاب عمليته. هذه الأفعال تجعله أحياناً هدفاً للعنف، لكنه يؤكد أن الحماسة تتغلب على الخوف، لافتاً إلى أنه مدفوع بمكافحة "الظلم" المتصل بهذه المواقف. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويبدو أن سكان لندن والسياح على حد سواء يقدرون أفعاله. "استمر في ما تفعله"، عبارة تشجيع يطلقها له توم البالغ 37 سنة، وهو أحد المارة الذي تعرف إليه في الشارع بينما كانت وكالة الصحافة الفرنسية تتابعه في إحدى جولاته. لكن هذا النشاط يثير أيضاً بعض الشكوك. تقول المتخصصة في علم الجريمة جنيفر فليتوود، للصحافة الفرنسية "أنا متأكدة من أن هذا الشاب حسن النية، لكن هذه ليست طريقة فعالة لمكافحة الجريمة"، معتبرة أن هذه الممارسة ترمي فقط إلى "جذب المشاهدين" عبر وسائل التواصل. وتضيف "هو لن يفعل هذا لـ10 أعوام، أليس كذلك؟". غالدينو مستمر وأعلن رئيس بلدية لندن العمالي صادق خان، أنه عزز حضور الشرطة في وسط المدينة للحد من هذه الآفة. ورداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، أشارت الشرطة إلى أنها ستواصل تركيز دورياتها "على المناطق الحساسة، مستفيدة من التقدم المحرز". وفي ما رفضت التعليق على أفعال دييغو غالدينو، سلطت الشرطة الضوء على انخفاض بنسبة 15.6 في المئة بعمليات النشل خلال الأسابيع الستة التي تلت العملية التي أطلقتها في السادس من أبريل (نيسان) الماضي. وترى فليتوود أن فيديوهات غالدينو تشوه الواقع، مستندة إلى إحصاءات تشير إلى أن هذه السرقات ليست أكثر شيوعاً في لندن منها في مدن أو مناطق أخرى في إنجلترا. وتقول "رأيت كثيراً من المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي يصور لندن كمدينة معادية أو خطرة، لكن هل هناك احتمال أكبر للتعرض لجريمة في لندن؟ في الواقع، لا". على أية حال، سيواصل غالدينو عمله، ويؤكد قائلاً "أنا سعيد جداً بما أفعله الآن".


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
"شل إسرائيل" لا يردع نتنياهو عن مواصلة الحرب
استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مشاهد الأحد المتمثلة في خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع تحت شعار "إضراب الشعب لشل الدولة" للضغط على الحكومة من أجل إنهاء الحرب والموافقة على الصفقة، وأعلن رفضه قبول أي مقترح لا يشمل "الكل مقابل الكل"، رداً على وثيقة قدمتها مجموعة من مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية دعوا فيها إلى عدم تفويت الفرصة بقبول صفقة جزئية وفق مقترح ويتكوف، وادعوا فيها، وفق مطلعين على سير المفاوضات، أن حركة "حماس" غيرت نهجها بالنسبة إلى المواقف التي عرضتها قبل ثلاثة أسابيع وأدت إلى انفجار المحادثات، وبأنها مستعدة لصفقة جزئية. الوثيقة أرسلت إلى نتنياهو على خلفية موقفه الأخير برفض تل أبيب إبرام صفقة جزئية، وبأنها ستقبل صفقة شاملة فقط يفرج بموجبها عن جميع الأسرى مقابل إنهاء الحرب وفق شروط إسرائيل، بما في ذلك إبقاء وحدات عسكرية في القطاع، أي عدم إنهاء الحرب وانسحاب الجيش مقابل إعادة جميع الأسرى والجثث الـ50 المحتجزين لدى "حماس" داخل أنفاق غزة. وبحسب المتخصص السياسي براك رابيد وهو ضابط سابق في وحدة الاستخبارات 8200 ولديه علاقات وثيقة مع أمنيين وعسكريين، فإن الوثيقة التي عرضت على نتنياهو يفترض عدم رفضها، مؤكداً "لا أعتقد أن رئيس حكومة في أية دولة في هذا العالم يمكنه بعد عامين من الحرب أن يتجاهل مثل هذه الوثيقة. لقد وصلت نتنياهو الآن بسبب موقفه الجديد بأن إسرائيل تسير فقط نحو صفقة شاملة، لذلك كتبت الأمور بالأسود على الأبيض، ومن غير المعقول تجاهلها أو رفضها لأنه بذلك يفوت فرصة لا يمكن تعويضها، وهذا ما أكده معدو الوثيقة". تسوية دائمة متعددة المراحل على طاولة المفاوضات يطرح مقترح محدث لمقترح ويتكوف. وبحسب مسؤولين إسرائيليين، أعدته واشنطن بعد محادثات حركة "حماس" مع الوسطاء في القاهرة والمحادثات مع إسرائيل، وهو يشكل بنى تحتية لكسر الجمود في المفاوضات، ويعمل الوسطاء على تسريعه قبل انطلاق خطة احتلال غزة. المقترح يشمل تسوية دائمة متعددة المراحل تبدأ بالمقترح الذي سبق وقدمه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والذي بات معروفاً باسم "مقترح ويتكوف"، وتنتهي بوقف إطلاق نار طويل الأمد. يهدف المقترح، بحسب الإسرائيليين، إلى "تجنب الاصطدام بالموقف الإسرائيلي الذي يشدد حالياً على التوصل إلى اتفاق شامل وليس صفقة جزئية، وخلال الوقت نفسه ضمان وقف إطلاق نار يحقق الإفراج عن جزء من الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف النار". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الجديد في المقترح هو مباشرة عمل إدارة مدنية دولية في القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار، أي قبل الدخول إلى المرحلة الثانية في مفاوضات إنهاء الحرب، معنى ذلك تخلي "حماس" عن الإدارة المدنية في غزة، وهذا الجانب يخشى الإسرائيليون حتى الآن من قبول الحركة به. المرحلة الأولى في المقترح تشكل مضمون مقترح ويتكوف مع إدخال تغييرات طفيفة، وبموجبها يُفرج عن 10 أسرى أحياء من بين 20 أسيراً حياً وجثث مع وقف إطلاق النار، على أن تبدأ خلال ذلك مفاوضات المرحلة الثانية حول إنهاء الحرب، بما في ذلك نزع سلاح "حماس" وإخراج قادتها من القطاع ومن ثم نقل المسؤولية المدنية إلى جهة دولية. هذا المقترح، بحسب ما أكد إسرائيليون بعد محادثات لهم مع نظرائهم الأميركيين، سيكون الخيار الأخير لـ"حماس" قبل احتلال كامل للقطاع. وأكد الإسرائيليون حصولهم على دعم أميركي كامل لاحتلال القطاع في حال رفضت حركة "حماس" المقترح المعدل. رئيس "الموساد" ديفيد برنياع، خلال لقائه في الدوحة رئيس حكومة قطر لمناقشة صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار، أوضح أن عدم البدء في تنفيذ قرار احتلال غزة ليس لكونه قراراً يندرج ضمن حرب نفسية أو خدعة، بل لأن الجيش ينتظر رد "حماس" النهائي على المفاوضات التي تجري حالياً. وبينما ذكرت وثيقة الأمنيين حدوث تغيير في موقف "حماس" حول الصفقة، شكك فريق التفاوض والمستوى السياسي في التغيير الظاهر بموقف "حماس"، لكن معظم المسؤولين يرون أنه إذا أمكن تحقيق الإفراج عن نصف الأسرى في الأقل ضمن مقترح ويتكوف المعدل، يجب القبول به. وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير، أن "التزام إسرائيل يشمل جميع المختطفين، ومن غير المؤكد مدى استعداد 'حماس' لتنفيذ الشروط، كون أي قرار يعتمد على حجم ضغط إيران، وعلى مدى اقتناع قيادة الحركة بأن الجيش ماض فعلاً نحو السيطرة الكاملة على رغم الخلافات الداخلية في إسرائيل". إضراب الشعب إزاء هذه النقاشات وموقف نتنياهو الرافض لأية صفقة جزئية، وبينما يشمل المقترح المتداول اليوم على طاولة المفاوضات صفقة على مراحل، شهدت إسرائيل منذ صباح اليوم الأحد موجة احتجاجات وتظاهرات في أكثر من 350 موقعاً بمعظم أرجاء إسرائيل، شملت إغلاق شوارع وخروج عشرات الآلاف الذين أضربوا عن العمل بهدف "شل إسرائيل". يوم الاحتجاج بدأ منذ الساعة السادسة والنصف صباحاً، وهو الموعد الذي شنت فيه "حماس" هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، بعدما تجمع عشرات الآلاف في تل أبيب حول الميدان الذي أطلق عليه اسم "ميدان المخطوفين"، فيما أغلق مئات من الأكاديميين في جامعة "تل أبيب" طرقاً مركزية تشكل شريان الحركة من الاتجاهين، وصرخوا يطالبون بإعادة الأسرى لدى "حماس" ووقف الحرب. التجاوب للإضراب لم يأت على قدر الغضب والهدف بإعادة جميع الأسرى وإنهاء الحرب، إذ كانت الدعوة لمشاركة المليون، لكن أعمالاً تجارية كثيرة تابعة للمؤسسة العمالية المعروفة باسم "هستدروت العمال" لم تنضم إلى الإضراب، واقتصر دعمهم على السماح للعمال الذي يريدون الانضمام للاحتجاجات بالإضراب. المشاركة شملت شركات خاصة ومجالس محلية وجامعات وهيئات في الاقتصاد، ووصل متظاهرون حتى أمام بيوت الوزراء والنواب من الائتلاف. وحملوا نتنياهو مسؤولية إخفاق السابع من أكتوبر، والخطر على حياة الأسرى الأحياء. "إنها وصمة عار للحكومة، على نتنياهو أن يستقيل فوراً من دون لجنة تحقيق رسمية، وإن كان من الواجب أن تقوم في أقرب وقت ممكن"، قال المتظاهرون، وأضاف مسؤول باسم أهالي الأسرى "بدلاً من أن يجعل نتنياهو إعادة المخطوفين أهم مهامه ترك حياتهم معرضة للخطر، وأعد خطة لاحتلال غزة. عائلات المخطوفين مصدومة وخائفة من إصابة محتملة للمخطوفين. الخوف يقض مضاجعنا". وأكد منتدى عائلات الأسرى، أن الهدف من يوم الغضب هذا الضغط على الحكومة لإبرام صفقة تبادل مع "حماس" فوراً. احتلال بدل الصفقة الرئيس السابق لحركة "ميرتس" السياسي المخضرم يوسي بيلين رد على تهديدات المستوى السياسي وما أعلنه رئيس "الموساد" ديفيد برنياع، حول عملية احتلال غزة بالقول "الوضع لا يحتمل أن نعود إلى غزة. إنهم يشرحون لنا مرة أخرى بنغمة مفعمة بالثقة، وبعد 10 ساعات من مداولات قيادات إسرائيل، بأن هذه المرة الأمر سينجح". وأضاف بيلين "هذا القرار جاء للضغط على 'حماس'. لكن يحتمل أن هذا معد لأن يبقي وزير المالية في الحكومة لزمن ما آخر. يحتمل أن خلال الزمن المتبقي حتى الهجوم على غزة ستحصل أمور تمنعه. لعل ترمب يقتنع بأن هذا لا داع له، ولا تكون له الرغبة في أن يشاهد طرد مليون نسمة من غزة بعدما تمكنوا حتى الآن من العيش بعدما طردوا من مكان إلى مكان مرات عديدة خلال العامين الأخيرين. بعد كل شيء هذه ليست ورقة مظفرة لتلقي جائزة (نوبل) للسلام في أوسلو". وحذر بيلين "التنازل عن المخطوفين والسماح لـ'حماس' بمواصلة إدارة القطاع لأجل إنهائها كان ينبغي تنفيذه منذ زمن بعيد، بأن يتحدد من سيحكم في غزة بعد أن يخليها الجيش الإسرائيلي، وهذا بالضبط ما يمنعه نتنياهو بنجاح من ناحيته. ليس سراً أن لديه إسناداً كاملاً في العالم العربي، بغالبيته العظمى، وفي العالم على حد سواء، ليمنع 'حماس' من أن تحكم في غزة. حتى الحركة نفسها تفهم هذا. لكنه وحيد في معارضته لأن تعود السلطة الفلسطينية المرشحة الوحيدة لأخذ المسؤولية عن هذا المكان الرهيب. ليس واضحاً الهوس الذي طوره نتنياهو تجاه السلطة المنسقة بصورة وثيقة جداً جداً مع إسرائيل، أمنياً بالأساس. هذا هو المفتاح. لن يكون حكم في غزة إذا لم تعد السلطة الفلسطينية إلى هناك، ونحن سنبقى فيها طالما ظل نتنياهو يصر على منعها من العودة إلى غزة".