
إسبانيا تقاسم بريطانيا السيادة على جبل طارق بعد 312 عاما
جبهة أخرى فجرها "بريكست" قبل خمسة أعوام أخمدت للتو بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بعدما أبرمت لندن ومدريد أمس اتفاقاً جديداً في شأن جبل طارق، شبه الجزيرة البريطانية الممتدة على ساحل إسبانيا الجنوبي بطول خمسة كيلومترات وعرض 1.2 كيلومتر، واسمها مشتق من العربية تيمناً بطارق بن زياد الذي استولى على المنطقة عام 711.
وقد حسمت معركة السيادة على جبل طارق عبر اتفاق وقع عام 1713 وتنازلت عنه إسبانيا لمصلحة بريطانيا، لكن اتفاق الأمس أعاد لمدريد جزءاً أساساً منها ووضع شبه الجزيرة تحت إدارة إسبانية تضبط حركة دخول وخروج الأفراد، وفق قواعد منطقة "شنغن" الأوروبية، وحتى حملة الجنسية البريطانية من غير المقيمين في الجبل لم يعد أمامهم إلا زيارته مدة ثلاثة أشهر كحد أقصى، وبعدها تملك إسبانيا صلاحية طردهم وإبعادهم منه.
واحتفظت المملكة المتحدة بـ"السيادة المنقوصة" على شبه الجزيرة، فحمت بموجب الاتفاق قواعدها الجوية والبحرية إضافة إلى مصالحها الاقتصادية، لكن كل ذلك بات تحت حماية إسبانيا حيث أصبح لحرسها الوطني والأوروبي حرية الدخول والخروج إلى المنطقة كيفما شاؤوا، ليفتشوا كل ما يرونه من أفعال وأشياء، بما في ذلك جوازات السفر البريطانية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في جبل طارق قاعدة جوية وبحرية للمملكة المتحدة شديدة التحصين وتحرس مضيقاً مسمى باسمه، ويشكل المدخل الوحيد للبحر المتوسط من المحيط الأطلسي، ولعل هذا يفسر الانقسام الكبير الذي خلقه الاتفاق مع إسبانيا في الشارع البريطاني، إذ اتهم "اليمين" بجميع تياراته حزب العمال الحاكم بالتخلي عن الجبل، فكتب رئيس الحكومة كير ستارمر منشوراً قال فيه "إن الحكومة قطفت اتفاقاً يضمن مصالح المملكة المتحدة".
والسؤال هنا يدور حول المواطنين البريطانيين الذين يعيشون في الجبل، وقد أيدوا طلاق لندن وبروكسل خلال الاستفتاء المصيري عام 2016، كما صوتوا بنسبة قاربت 99 في المئة عام 2002 رفضاً لتقاسم السلطة على الجبل مع إسبانيا، فثمة أكثر من 15 ألف إسباني يعملون في شبه جزيرة جبل طارق، وإعفاؤهم من التفتيش أو التدقيق اليومي يسجل بحد ذاته انتصاراً لحكومتهم في هذه الاتفاق، فما بالك بتلك الصلاحيات التي منحت مدريد السيادة والنفوذ على المنطقة، فانتشرت على وسائل التواصل صور تظهر جبل طارق وقد اكتسى بالعلم الإسباني أو يعلوه ثور إسباني بحجمه.
يطل جبل طارق على أحد أهم المضايق المائية حول العالم، وقد انتزع الإسبان السيطرة عليه من المسلمين عام 1462، ثم تنازعوا عليه مع البريطانيين حتى أصبح عام 1830 مستعمرة بريطانية بصورة رسمية، وفي القرن الماضي أغلقت إسبانيا حدودها مع الجبل عام 1969 ثم عاودت فتحها عام 1985 وأبقت الحظر الجوي حتى عام 2006.
وينقل عبر مضيق جبل طارق ثلث النفط والغاز في العالم، كما أن 80 في المئة من البضائع التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي تمر من خلاله، حيث تبحر في المضيق أكثر من 150 ألف سفينة سنوياً في مياه بعمق 400 متر كحد أقصى وطول 58 كيلومتراً، أما عرض المضيق فهو أقصر مسافة بين الضفتين المغربية والإسبانية وتبلغ 14 كيلومتراً فقط، وأكبرها 43 كيلومتراً بين رأسي "الطرف الأغر" و"سبارتل"، وفق المقارنة ذاتها.
منذ القرن الـ 18 كان جبل طارق رمزاً لقوة البحرية البريطانية، ويُعرف في هذا السياق باسم "الصخرة"، ومع افتتاح قناة السويس عام 1869 ازدادت أهميته الإستراتيجية وتعززت مكانته كميناء تموين، ومنذ الحرب العالمية الثانية ظلت الحامية العسكرية البريطانية وحوض بناء السفن البحري جزأين مهمين من اقتصاد شبه الجزيرة، وكثيراً ما تستخدم العمليات البحرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مرافق الميناء.
وحتى الأمس القريب كان الجيش البريطاني عماد الاقتصاد في جبل طارق من خلال مساهمته بنحو 60 في المئة من إجمال الدخل القومي، ثم انخفضت النسبة إلى أقل من 10 في المئة بعدما دخل قطاعا السياحة والتجارة في معادلة الناتج المحلي، وبسبب نقص المساحة فلا توجد زراعة في جبل طارق بل صناعات خفيفة مثل التبغ والمشروبات والمعلبات، لكن مصادر الدخل الرئيسة هي تموين السفن والعسكريين وتجارة إعادة التصدير، إضافة إلى السياحة التي نشطت في ظل التوسع في الفنادق والشواطئ وكازينوهات القمار، ومساهمة ضرائب الدخل والرسوم الجمركية في الإيرادات، كما تقدم المملكة المتحدة للمنطقة مساعدات تنموية كبيرة تشمل الخدمات الاجتماعية والأشغال العامة والخدمات البلدية.
وتمتد شبه جزيرة جبل طارق على ستة كيلومترات مربعة، وتتكون من سهل يجاور سلسلة صخرية ترتفع تدرجياً حتى تتجاوز أكثر من 420 متراً في قمتها الشمالية القصوى، وتخلو تماماً من الينابيع والأنهار، لكنها تحوي 500 نوع من النباتات المزهرة، وتكثر فيها أشجار الزيتون والصنوبر البرية، كما تجد فيها الأرانب والثعالب وقرود المكاك، إضافة إلى أنها الموطن الوحيد لطائر الحجل البربري في قارة أوروبا.
يقدر عدد سكان الجبل العام الماضي بأقل من 40 ألف نسمة، يستخدمون في تعاملاتهم المالية جنيهاً خاصاً بالمنطقة لكنه مربوط بنظيره الإنجليزي، أما على الصعيد الديموغرافي فيشكلون خليطاً من البريطانيين والإيطاليين والمالطيين والبرتغاليين والمغاربة والإسبان، وفق أصولهم، وغالبيتهم من الكاثوليك المسيحيين، إضافة إلى أقلية مسلمة وأخرى يهودية، أما اللغة الرسمية للحكومة والتعليم فهي الإنجليزية، مع أن معظم السكان يتقنون الإسبانية أيضاً.
سياسياً يعتبر جبل طارق إقليماً تابعاً للتاج البريطاني ولكنه يتمتع بحكم ذاتي في جميع الأمور باستثناء الدفاع، وقد وُضع دستوره عام 1969 ونص على إنشاء برلمان يتألف من رئيس يعينه حاكم الإقليم و17عضواً يُنتخبون مدة أربعة أعوام، وفي عام 1981 منح سكان الجبل الجنسية البريطانية الكاملة، ويحق لمن بلغوا 18 سنة والمدنيين البريطانيين المقيمين هناك لأكثر من ستة أشهر التصويت، أما الحاكم الذي يعينه الملك البريطاني فهو رئيس المجلس التنفيذي للإقليم، ويكلف زعيم الحزب الحاكم في الانتخابات بتشكيل الحكومة.
وكشفت الحفريات أن جبل طارق كان مأهولًا بصورة متقطعة منذ عصور ما قبل التاريخ، بينما تقول الأسطورة إن "الصخرة" هي عامود من اثنين تشكلا عندما حطم هرقل جبلاً يفصل بين أفريقيا وأوروبا خلال رحلته لأسر المسخ ذي الأجسام الثلاثة على جزيرة في الأطلسي "ثيران غيريون"، أما العامود الآخر فهو جبل موسى على الضفة المغربية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
مقتل حاجي زادة رأس القوة الصاروخية لإيران
أعلن الحرس الثوري رسمياً عن مقتل قائدة القوة الصاروخية لإيران المعروفة باسم القوة "الجوفضائية" أمير علي حاجي زادة في الهجوم الإسرائيلي المفاجئ الذي استهدف اليوم الجمعة كبار قادة الحرس الثوري، وكذلك المنشآت النووية، وفق بيان للحرس الثوري. ووصف بيان الحرس الثوري حاجي زادة بأنه "أحد رموز التقدم والابتكار والاقتدار في المجال الدفاعي والصاروخي لإيران"، وأن مقتل زادة مع رفاقه القادة الذين قضوا معه "سيزيد من إصرارهم على الثأر الشديد بكل عزم وثبات". وأمير علي حاجي زادة (63 سنة) من كبار قائدة الحرس الثوري ويتولى المنصب منذ عام 2009، وأدار حتى مقتله هذه القوة التي كثيراً ما استعرضت صواريخ في مناسبات عدة، وتتولى المؤسسة الخاضعة لأمرته تنمية وتوسيع الصناعة الصاروخية لإيران، وكان النظام الإيراني يقدمه على أنه من أهم مسؤولي تطوير القوة الصاروخية لطهران. انضم حاجي زادة كـ"قناص" إلى صفوف الحرس الثوري عام 1980 مع اندلاع الحرب الإيرانية - العراقية، وشارك في عمليات عسكرية بارزة داخل العراق مثل "كربلاء 4"، و"كربلاء 5"، و"الفجر 8"، ثم التحق زادة بقسم الصواريخ وتلقى التدريب على يد حسن طهراني مقدم، وهو أب البرنامج الصاروخي الإيراني الذي قتل في انفجار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) خلال سنوات عمله في الحرس الثوري تنقل حاجي زادة إلى مواقع استراتيجية مرتبطة بالقدرات الصاروخية، وتسلم عام 2006 قيادة الدفاع الجوي للحرس الثوري، حتى أصبح من الشخصيات المحورية في عمليات الحرس الصاروخية، بما في ذلك الهجوم على قاعدة "عين الأسد" مكان استقرار القوات الأميركية في العراق، الذي جاء رداً على اغتيال قاسم سليماني. في عام 2024 لعب حاجي زادة دوراً رئيساً في العمليات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل، ويعرف كأحد المهندسين الأساسيين للقدرات الصاروخية والمسيراتية في الحرس الثوري الإيراني. وتبنى حاجي زادة مسؤولية إطلاق الصاروخ الذي استهدف الطائرة الأوكرانية عام 2019 وأدت إلى مقتل 176 شخصاً بعد يوم من مقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، لكنه لم يلاحق قضائياً على رغم أن المعارضين نظموا حملة في الخارج لمحاكمته وفرض عقوبات ضده. وأقرت إيران، بعد نفيها على مدى ثلاثة أيام، بإسقاط الطائرة قائلة إن ذلك حدث من طريق الخطأ أثناء حال استنفار قصوى بعدما قصفت أهدافاً أميركية رداً على ضربة قتل فيها قائد عسكري إيراني. وورد اسم حاجي زادة في قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية، إذ يعد حاجي زادة من أعمدة التركيبة العسكرية والأمنية في إيران.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
بعد تحضير طويل... نتنياهو يحاول حفظ مكانه في التاريخ
سخرت إيران ذات مرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واعتبرت تحذيراته العلنية المتواصلة في شأن برنامجها النووي وتهديداته المتكررة بإنهائه بطريقة أو بأخرى مثل "الإنذار الكاذب" أي لا تنطوي على أكثر من تحذير. وفي عام 2018، قال وزير الخارجية الإيراني آنذاك محمد جواد ظريف، "إذا استطعت خداع بعض الناس بعض الوقت فلا يمكن خداع كل الناس كل الوقت"، وكان يرد بذلك على تصريحات نتنياهو التي اتهم فيها إيران مجدداً بالتخطيط لصنع أسلحة نووية. استحضار "المحرقة" وفجر اليوم الجمعة وبعد عقدين من دق ما يعتبره أنه "ناقوس خطر" بلا انقطاع، وحث زعماء العالم الآخرين على التحرك، قرر نتنياهو أخيراً أن يتحرك بمفرده وأمر بشن هجوم جوي تقول إسرائيل إنه يهدف إلى منع إيران من حيازة أسلحة دمار شامل. واستحضر نتنياهو في "كلمة إلى الأمة"، كما فعل في كثير من الأحيان من قبل، أهوال المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية لتبرير قراره. وقال نتنياهو "قبل قرن تقريباً، تقاعس جيل من الزعماء عن التحرك في الوقت المناسب في مواجهة النازيين"، وأضاف أن سياسة استرضاء الديكتاتور النازي أدولف هتلر أدت إلى مقتل 6 ملايين يهودي "أي ثلث شعبي". وأشار إلى أنه "بعد تلك الحرب تعهد الشعب اليهودي والدولة اليهودية بعدم تكرار ذلك أبداً. حسناً، يتحقق (التعهد) اليوم... فلقد أظهرت إسرائيل أننا استوعبنا دروس التاريخ". "ملك إسرائيل" وتقول إيران إن برنامجها للطاقة النووية مخصص للأغراض السلمية فحسب، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت أمس الخميس إن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي للمرة الأولى منذ قرابة 20 عاماً. هيمن نتنياهو على السياسة الإسرائيلية عقوداً وأصبح صاحب المدة الأطول في منصب رئيس الوزراء عندما فاز بولاية سادسة غير مسبوقة عام 2022. ونتنياهو عضو سابق في وحدة النخبة للقوات الخاصة التي نفذت بعض أكثر عمليات إنقاذ الرهائن جرأة في تاريخ إسرائيل. وخلال أعوامه في المنصب كان يستغل كل مناسبة تقريباً لتنبيه الزعماء الأجانب بالأخطار التي تشكلها إيران. وعرض ذات مرة في الأمم المتحدة صورة كاريكاتيرية لقنبلة ذرية للتحذير من قدرات إيران النووية بينما كان يلمح دائماً إلى استعداده لتوجيه ضربة. تبدل الأوضاع وقال محللون عسكريون إن المجال كان محدوداً أمام نتنياهو للمناورة مع إيران في فترات رئاسته السابقة للوزراء بسبب المخاوف من أن يؤدي أي هجوم إلى رد فوري من وكلاء طهران بالمنطقة: حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان وهو ما سيكون من الصعب احتواؤه. لكن الأوضاع في الشرق الأوسط انقلبت رأساً على عقب في العامين الماضيين بعد الحملة العسكرية العنيفة لإسرائيل على "حماس" رداً على هجوم الحركة المباغت على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وكذلك القضاء على كثير من قدرات "حزب الله" في غضون أيام قليلة العام الماضي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ترمب يفاجئه دخلت إسرائيل أيضاً في صراع علني مع طهران منذ عام 2024 إذ أطلقت وابلاً من الصواريخ في العمق الإيراني العام الماضي مما منح نتنياهو الثقة في قوة القدرة العسكرية لبلاده. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الهجمات عطلت أربعة من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية الروسية الصنع ومن بينها منظومة متمركزة قرب نطنز وهو موقع نووي إيراني رئيس يقول التلفزيون الإيراني إنه استُهدف. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن "إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لهجمات على منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو وقف هذا التهديد الوجودي والقضاء عليه". لكن ما أثار استياء نتنياهو هو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فاجأه خلال زيارته البيت الأبيض في أبريل (نيسان) الماضي عندما أعلن أن الولايات المتحدة وإيران تستعدان لبدء محادثات نووية مباشرة. وكان نتنياهو قد دخل في خلافات مع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين في شأن إيران وأبرزهم باراك أوباما الذي وافق على اتفاق مع طهران عام 2015 يفرض قيوداً كبيرة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. وانسحب ترمب من الاتفاق عام 2018 خلال رئاسته الأولى، وكان نتنياهو يأمل في أن يواصل ترمب اتخاذ موقف متشدد تجاه إيران عند عودته إلى منصبه هذا العام. وحدد البيت الأبيض لدى الإعلان عن المحادثات مهلة شهرين لإيران للتوقيع على اتفاق. وعلى رغم تحديد جولة جديدة من الاجتماعات مطلع الأسبوع المقبل، انتهت المهلة غير الرسمية أمس الخميس وانتهز نتنياهو الفرصة لتوجيه ضربته. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين لهيئة البث العامة "راديو كان" إن إسرائيل نسقت مع واشنطن قبل تنفيذ الهجمات ولمح إلى أن التقارير الصحافية الأخيرة عن خلاف بين ترمب ونتنياهو حول إيران كانت خدعة لإشعار قيادة إيران بأمان زائف. صورة مشوهة من جهته قال ترمب بعد بدء الهجمات إنه لا يمكن لإيران امتلاك قنبلة نووية لكنه يرغب في استمرار المحادثات. وكان قد أشاد في السابق بنتنياهو ووصفه بالصديق العظيم، لكن الزعماء الآخرين يواجهون صعوبات في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي عام 2015، سمع الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي يتحدث مع أوباما عن نتنياهو، وقال "لم أعد أطيقه، إنه كاذب". واجه نتنياهو، الذي كان يطلق عليه مؤيدوه في وقت ما اسم "الملك بيبي"، أعواماً قليلة صعبة وبدأ الوقت ينفد أمامه للحفاظ على صورته وتاريخه في سن الـ75. واهتزت صورة نتنياهو بشدة كأحد الصقور المتشددين في مجال الأمن بسبب هجوم "حماس" عام 2023، وأظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سمحت بوقوع الهجوم الأكثر دموية منذ تأسيس الدولة قبل أكثر من 75 عاماً. ووجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية بعد ذلك اتهامات في شأن جرائم حرب محتملة مرتبطة بالاجتياح الإسرائيلي لغزة منذ 20 شهراً الذي حول جزءاً كبيراً من القطاع الفلسطيني إلى ركام، ويرفض نتنياهو التهم الموجهة إليه. وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب في غزة كان يتعين ألا تستمر كل هذا الوقت، وأن نتنياهو يحاول إطالة أمد الصراع من أجل البقاء في السلطة وتفادي الانتخابات التي يقول منظمو الاستطلاعات إنه سيخسرها. وتعين على نتنياهو، حتى في ظل تفاقم الحرب على جبهات عدة، الإدلاء بشهادته في محاكمته الطويلة الأمد في قضية فساد، إذ أنكر ارتكاب أي مخالفات مما زاد من تضرر سمعته في الداخل. ومع ذلك فهو يأمل في أن تكفل له حملة عسكرية ناجحة ضد إيران مكانه في كتب التاريخ التي يعشق قراءتها. وقال نتنياهو في كلمته اليوم الجمعة "سيسجل التاريخ بعد أجيال من الآن أن جيلنا وقف ثابتاً وتحرك في الوقت المناسب وأمن مستقبلنا المشترك... ليبارك الله قوى الحضارة في كل مكان".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
الحرب الإسرائيلية - الإيرانية تعترض "يوم التحرير 2"
قلبت الحرب الإسرائيلية الإيرانية كل المعطيات في "وول ستريت"، إذ هوت المؤشرات في العقود الآجلة بنسب تزيد على 1 في المئة بعد الضربة الإسرائيلية لطهران، إذ يُتوقع هبوط حاد في المؤشرات اليوم. ويتزامن هذا التطور السريع مع قرب موعد حاسم في حرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجارية، إذ من المقرر أن تنتهي مهلة الـ90 يوماً لتأجيل تطبيق تعريفات "يوم التحرير" في التاسع من يوليو (تموز) المقبل. ومع أن تطورات الأحداث الجيوسياسية في المنطقة من الصعب معرفة مداها وتأثيرها في المدى المنظور، إلا أنها لا شك ستضاف إلى تحديات المؤشرات الاقتصادية لهذه السنة. وقبل أن تضاف هذه الأحداث يرى المحللون أن ما سيحدث عند منتصف ليل التاسع من يوليو المقبل فيما يطلق عليه البعض "يوم التحرير 2"، لا يزال غامضاً فالتصريحات التي صدرت عن ترمب ومسؤوليه هذا الأسبوع كشفت عن سيناريوهات متعددة. كل شيء مطروح وأكد محللون أنه قد يمر اليوم من دون حدث يذكر مع إمكان تمديد جديد للمهلة، أو قد يشهد احتفالاً بإبرام صفقات تجارية طال انتظارها لكنها لم تتحقق بعد، وهناك احتمال ثالث أيضاً، وهو أن يتم فرض الرسوم الجمركية بصورة أحادية ومن دون نقاش. وأشار ترمب نفسه إلى أنه منفتح على جميع الخيارات الثلاثة، قائلاً إلى الصحافيين مساء أول من أمس الأربعاء إنه سيرسل رسائل إلى الدول يبلغهم فيها، "هذه هي الصفقة، إما أن تقبلوها أو ترفضوها"، لكنه لمح أيضاً إلى إمكان تمديد بعض المهل، مضيفاً، "نحن نحقق تقدماً رائعاً على صعيد الصفقات". سيناريوهات متباينة السيناريوهات التي طرحها هذا الأسبوع كل من ترمب ووزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك لا تتعارض بالضرورة، لكن النتيجة التي ستحصل عليها كل دولة ستكون موضع ترقب من المستثمرين، إذ إن بعض النتائج أكثر ملاءمة للأسواق من غيرها. أما التوقعات فقد قدمتها هنرييتا تريز من شركة "فيدا بارتنرز" في مذكرة بحثية قائلة، "أعتقد أن الأمر سيكون مثل حفل عشاء جماعي، فسيكون هناك قليل من كل شيء"، وتوقعت أن ترسل الإدارة رسائل إلى نحو 130 دولة، معربة عن تفاؤلها بأن النسبة الجمركية ستراوح ما بين 10 في المئة و25 في المئة. صفقات محدودة أكد محللون أن بعض الدول قد تتمكن من الحصول على صفقات محدودة كما حدث أخيراً مع المملكة المتحدة، لكن عديداً من الرسوم الجمركية ستظل قائمة أو تضاف أخرى جديدة فيما قد تحصل دول أخرى على تمديد موقت فحسب. رسائل متناقضة يدور الغموض في الأسواق حول السيناريو الذي سيتصدر المشهد في الأسابيع المقبلة، خصوصاً مع بروز معطيات الأحداث الإسرائيلية - الإيرانية، وقد برزت التناقضات بصورة واضحة أول من أمس الأربعاء مع تتابع تصريحات الإدارة الأميركية، إذ صرح وزير التجارة هوارد لوتنيك خلال مقابلة تلفزيونية أن المرحلة المقبلة ستشهد سيلاً من الصفقات الجديدة، مضيفاً "سترون صفقة تلو الأخرى، هذا سيبدأ الأسبوع المقبل ويستمر بعده". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن سكوت بيسنت أدلى بشهادته أمام الكونغرس قدم رؤية مختلفة بعض الشيء، مشيراً إلى بطء وتيرة الصفقات، قائلاً إن "ترمب من المرجح جداً أن يؤجل المهلة لبعض الشركاء التجاريين الأساسيين"، مضيفاً أن "الإدارة مستعدة لدفع الموعد للأمام بالنسبة إلى 18 شريكاً تجارياً رئيساً يتفاوضون بنية حسنة"، لكنه أشار أيضاً إلى أنه إذا لم يكن هناك تفاوض، فلن نفاوض، وطرح بيسنت فكرة إبرام صفقات تجارية إقليمية تمنح مجموعة من الدول شروطاً متشابهة. تصريحات ترمب تصريحات ترمب كانت متناقضة مع وزيريه، إذ صرح بأنه سيرسل رسائل خلال أسبوع إلى أسبوعين لتحديد الرسوم الجديدة بصورة أحادية، قائلاً "سأخبرهم بالصفقة، هذه هي الشروط"، وعلى رغم هذا التوجه الحاسم، لمح ترمب أيضاً إلى إمكان تمديد المهلة لبعض الدول، قائلاً "لكني لا أعتقد أننا سنحتاج إلى ذلك"، مضيفاً "نتعامل مع اليابان، وكوريا الجنوبية، والكثير من الدول". في ظل هذا التباين والتصريحات المتضاربة تبقى الأسواق في حال ترقب حذر لما سيقرره ترمب وفريقه في الأيام المقبلة، إذ ستحدد هذه القرارات مسار العلاقات التجارية العالمية لفترة طويلة مقبلة. ويرى محللون أن احتفاء ترمب بأحدث اتفاق تجاري مع الصين لا يعدو كونه إعادة ضبط للشروط السابقة، بل حتى ذلك كان له ثمن، حيث بقيت معدلات الرسوم الجمركية دون تغيير يذكر. ومن المقرر أن تعود شحنات المعادن النادرة من الصين إلى مستويات ما قبل الثاني أبريل (نيسان) الماضي وفي غضون ذلك، لا تزال سلسلة من القضايا الشائكة، بما في ذلك اختلالات الميزان التجاري والأنشطة الضارة من دون حل.