
شراكة متجددة مع أميركا
وتعد الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها حجر الزاوية في هذه الزيارة التاريخية، فوصول قيمة هذه الاتفاقيات إلى 17 مليار دولار أميركي يعكس جاذبية استثمارية متبادلة ورغبة صادقة في بناء جسور اقتصادية قوية، كما أن هذه الاستثمارات سوف تعزز من تدفق رؤوس الأموال، وتخلق فرص عمل نوعية، وتدعم نمو مختلف القطاعات الاقتصادية في البحرين، من الطاقة والبنية التحتية إلى التكنولوجيا والخدمات المالية، مما يصب في جهود تنويع الاقتصاد الوطني بعيداً عن النفط، بما يتماشى مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
أما على الصعيد التقني، وخاصةً في عصر التهديدات السيبرانية المتزايدة، أصبح الأمن السيبراني ركيزة أساسية للأمن القومي والاقتصادي، وقد أولت زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء اهتماماً بالغاً لهذا المجال الحيوي، ومن المتوقع أن تفتح هذه الزيارة آفاقاً جديدة للتعاون في تبادل الخبرات والمعلومات حول أفضل الممارسات في حماية البنى التحتية الحيوية، وتطوير القدرات الدفاعية ضد الهجمات السيبرانية، مما يعزز من القدرات المحلية ويضمن بيئة رقمية آمنة للمؤسسات والأفراد، فتطوير الأمن السيبراني ليس فقط ضرورة أمنية، بل هو محفز للنمو الاقتصادي، فهو يزيد من ثقة الشركات والأفراد في التعاملات الرقمية، مما يشجع على الابتكار والاستثمار في الاقتصاد الرقمي.
وبالطبع لا يمكن تحقيق التطلعات التكنولوجية والاقتصادية دون الاستثمار في رأس المال البشري، وهنا يأتي دور محور التدريب وبناء القدرات الذي حظي باهتمام خاص خلال الزيارة، من خلال اقتراح عدد من المبادرات المشتركة لبرامج تدريب متقدمة للشباب البحريني في مجالات التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، فالتعاون مع المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب الأميركية الرائدة سيوفر للكوادر البحرينية فرصاً لا تقدر بثمن لصقل مهاراتهم واكتساب المعرفة اللازمة لمواكبة التطورات العالمية، وهذا الاستثمار في التعليم والتدريب لن يخدم فقط متطلبات سوق العمل المحلي، بل سيجعل البحرين مركزاً إقليمياً للكفاءات التقنية المتخصصة، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويجذب المزيد من الاستثمارات النوعية العالمية. (اقرأ المقال كاملا بالموقع الإلكتروني)
وفي الختام، فإن زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأميركية تعد علامة فارقة في جهود الدفع بالمسيرة التنموية الشاملة، حيث أن حجم الاتفاقيات الاقتصادية إلى جانب التركيز الاستراتيجي على مجالات حيوية كالأمن السيبراني والتدريب والذكاء الاصطناعي، يؤكد على حرص القيادة الحكيمة على الاستثمار في المستقبل، وهذه الشراكة الاستراتيجية لا تعزز فقط الروابط الثنائية بين البلدين الصديقين، بل تضع البحرين على خريطة الابتكار والتكنولوجيا كمركز إقليمي رائد، قادر على استقطاب المواهب والاستثمارات، والمساهمة بفاعلية في بناء اقتصاد عالمي أكثر ترابطاً وتقدماً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 8 ساعات
- البلاد البحرينية
جسر الملك حمد شريان استراتيجي للتكامل الاقتصادي الخليجي
يمثّل مشروع جسر الملك حمد محطة مفصلية في مسار التكامل الاقتصادي والبنى التحتية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج عامة. فالمشروع الذي يُتوقع افتتاحه في العام 2030، يُعد مكملا حيويا لجسر الملك فهد، وركيزة أساسية لمشروع سكة الحديد الخليجية. يمتد الجسر على طول 25 كيلومترا، ويتضمن أربعة مسارات للمركبات ومسارين للقطارات، ليربط بين محطة الملك حمد الدولية في البحرين ومحطة الدمام في السعودية بطول 57 كيلومترا. ويهدف المشروع لتخفيف الضغط على جسر الملك فهد، وتسهيل حركة المسافرين والبضائع؛ ما يعزز الانسيابية الاقتصادية بين البلدين. ومن الناحية الاقتصادية، يعزّز المشروع تدفقات التجارة الثنائية، ويُعد رافعة للقطاع اللوجستي في البحرين عبر الربط المباشر مع الموانئ، وتوفير شبكة متكاملة تدعم إعادة التصدير والتوزيع إلى عموم دول الخليج. كما يفتح المجال أمام استثمارات ضخمة في البنية التحتية ومحطات الجمارك والخدمات المرتبطة؛ ما يوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. نقلة نوعية وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي صالح الشرقي، أن مشروع جسر الملك حمد الرابط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق تكامل اقتصادي ولوجستي أعمق بين دول الخليج، مشددا على أنه سيُسهم في تعزيز انسيابية حركة التجارة البينية، ورفع القدرة التنافسية لاقتصادات المنطقة. وأوضح الشرقي في تصريح لـ 'البلاد'، أن الجسر لا يعد مجرد مشروع بنية تحتية، بل هو تجسيد عملي لرؤية التكامل الخليجي المنشودة، ويؤسس لمرحلة جديدة من الربط البري والسككي بين مراكز الإنتاج والخدمات في دول المجلس، بما يعزز كفاءة سلاسل الإمداد والتوزيع. وأضاف أن المشروع من شأنه أن يدعم القطاع الخاص الخليجي عبر تسهيل وصوله إلى الأسواق الإقليمية بسرعة ومرونة، كما يفتح آفاقا واسعة للاستثمار في مجالات النقل المتكامل والخدمات اللوجستية، التي باتت من أهم دعائم النمو الاقتصادي المستدام. وأشار إلى أن اتحاد الغرف الخليجية يولي اهتماما كبيرا بمثل هذه المشروعات التنموية؛ لما تمثله من رافعة مهمة للناتج المحلي الخليجي، وأداة فعالة لتحفيز التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. وختم الشرقي تصريحه بتأكيد أن مشروع جسر الملك حمد، إلى جانب شبكة السكك الحديدية الخليجية، يمثلان تحولا استراتيجيا في بيئة الأعمال الخليجية، ويوفران أدوات عملية للارتقاء بالتبادل التجاري والصناعي بين دول الخليج، بما يواكب مستهدفات الرؤى الوطنية والتنمية الشاملة في المنطقة. ويرتبط المشروع ارتباطا وثيقا بخطط سكة الحديد الخليجية التي ستمتد من الكويت حتى سلطنة عمان، بطول 2177 كيلومترا، وبتكلفة تقارب 15 مليار دولار. وسيكون جسر الملك حمد بمثابة الحلقة المحورية لهذه الشبكة؛ ما يسهم في تقليص تكاليف النقل، وتسريع حركة البضائع، ودعم الصناعات الخليجية. وقد خُصّصت مناقصات لتطوير الخطة التشغيلية للمشروع عبر الأمانة العامة لمجلس التعاون، في خطوة تؤكد جدية التنفيذ والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وقد بدأ التفكير بالمشروع في العام 2014، وتم توقيع اتفاقية رسمية في 2016، مع تكليف شركات متخصصة لدراسة الجدوى والتمويل ضمن نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي 2021، تم تحديد المسار النهائي للجسر، واستكمال أعمال تعويض الأراضي على الجانب البحريني، تلتها في 2024 اجتماعات وزارية مشتركة لتنسيق إجراءات البنية التحتية والمناقصات بين البلدين. ويُعد المشروع خطوة متكاملة مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ورؤية السعودية 2030، عبر دعم التنويع الاقتصادي وتوسيع الفرص اللوجستية والسياحية، إلى جانب تحسين مرونة سلاسل الإمداد، وتعزيز التبادل التجاري. الجسر سيُسهم أيضا في إنعاش قطاع السياحة عبر خلق بديل مروري أكثر كفاءة، وتحفيز الحركة السياحية القصيرة المدى، خصوصا من السعودية إلى البحرين. كما سيضيف طاقة استيعابية للنقل البري عبر أربعة مسارات إضافية، وسيمكن من نقل أكثر من 600 ألف حاوية و13 مليون طن من المواد الخام سنويا. وتم تعيين استشاري المرحلة الانتقالية للمشروع في نوفمبر 2019، ويضم التحالف شركات 'KPMG' (الاستشاري المالي)، و 'AECOM' (الاستشاري الفني)، و 'CMS' (الاستشاري القانوني)، ضمن إطار متكامل للتنفيذ وفق أفضل الممارسات العالمية. وبذلك، لا يُعد جسر الملك حمد مجرد مشروع نقل، بل بوابة استراتيجية نحو تكامل اقتصادي خليجي أكثر ترابطا واستدامة، يُعزز قدرة دول المجلس على بناء شبكة نقل ولوجستيات موحدة تدعم التنافسية والنمو الإقليمي الشامل.


البلاد البحرينية
منذ 8 ساعات
- البلاد البحرينية
'الغرفة' في ذكرى التأسيس: شراكة فاعلة ورؤية محورية في تنمية الاقتصاد الوطني
أطلقنا 22 مبادرة لتحفيز الأعمال وجذب الاستثمارات وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام ما تحقق من إنجازات اقتصادية ثمرة الدعم اللامحدود من الملك المعظم وولي العهد رئيس الوزراء نجحنا خلال ترؤسنا لاتحاد الغرف العربية في تعزيز حضور الاقتصاد العربي في الأسواق العالمية تحفظنا على رفع رسوم العمالة الأجنبية وفرض ضريبة على التحويلات المالية أنشأنا مجموعة التفكير الاستراتيجي لرسم توجهات الغرفة ضمن إطار رؤية مرنة قابلة للقياس وقائمة على أسس علمية دعونا إلى سن تشريعات متوازنة تكفل حماية مصالح القطاع الخاص وتسهم في تعزيز استقراره ونموه أكدت غرفة تجارة وصناعة البحرين استمرارها في أداء دورها المحوري في تمثيل مصالح القطاع الخاص وتعزيز المشهد الاقتصادي الوطني من خلال توفير بيئة أعمال جاذبة ومحفزة، وتبني مبادرات نوعية تتماشى مع متطلبات السوق، منوهة إلى أنها. حريصة كل الحرص على توثيق شراكاتها الاستراتيجية مع الجهات الحكومية والخاصة،ومواصلة التعاون في طرح حلول مبتكرة لمعالجة التحديات الاقتصادية، بما يدعم التجار ورواد الأعمال، ويعزز مكانة البحرين كمركز اقتصادي إقليمي. وأشارت الغرفة إلى أنها في إطار حرصها على تعزيز التواصل مع القيادة الرشيدة تشرفت بعقد لقاءات مع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حيث تم خلال اللقاءات مناقشة آفاق تطوير بيئة الاستثمار في المملكة، ودعم جهود القطاع الخاص كشريك رئيسي في تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030، رافعةً أسمى آيات التقدير والامتنان والعرفان إلى ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، تقديراً لما تحظى به الغرفة من دعم كريم ورعاية مستمرة، مثمنة مباركتهما حفظهما الله لمختلف أنشطتها ومبادراتها، وحرصها الدائم على تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره في تنمية الاقتصاد الوطني. وقالت إنها عملت على تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص عبر حوارات استراتيجية ومبادرات فاعلة هدفت إلى توحيد الرؤى الاقتصادية وتطوير السياسات الداعمة للنمو ومنها منتدى باب البحرين، إلى جانب إنجاز ٢٢ مبادرة ضمن خطتها الاستراتيجية للدورة الثلاثين لدعم الأعمال والاستثمار، موضحة أيضاً أنها قدمت مرئياتها حول عدد من التشريعات وأطلقت النسخة الثانية من بنك الخبراء لدعم اتخاذ القرار الاقتصادي، كما شاركت في مبادرات تدريبية لتطوير الكوادر الوطنية في القطاع الصحي. وأضافت الغرفة أنها وفي إطار دورها الإقليمي والدولي نجحت خلال رئاستها لاتحاد الغرف العربية،في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية ومختلف أسواق العالم، عبر سلسلة من المبادرات واللقاءات والأنشطة التي هدفت إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الاستثماري والتجاري وتعزيز الحضور العربي في المحافل الاقتصادية الدولية، مؤكدة أن رئاستها للاتحاد مثلت فرصة استراتيجية لدعم تكامل العمل الاقتصادي العربي المشترك، حيث عملت على تطوير قنوات التواصل بين مجتمع الأعمال العربي ونظرائه حول العالم، وتنسيق المواقف تجاه التحديات الاقتصادية، إلى جانب الدفع نحو إبرام شراكات تخدم مصالح القطاع الخاص العربي وتعزز من قدرته التنافسية. وكشفت الغرفة عن تحفظها على عدد من المقترحات التشريعية، منها:تعديل قانون التأمين الاجتماعي وزيادة رسوم تصاريح العمال الأجانب بنسب مضاعفة، نظراً لما يترتب عليها من آثار سلبية على تكاليف التشغيل والاستثمار، كذلك فرض ضريبة على التحويلات المالية، لما له من تداعيات قد تؤدي إلى التحويل غير المشروع للأموال، كما دعمت الغرفة تعديلات قانون العمل بشأن تنظيم مسألة هروب العمالة المنزلية، وشاركت في مناقشة مشروع قانون المخزون الاستراتيجي للسلع مؤكدة ضرورة عدم التأثير السلبي على جهود القطاع الخاص في توفير السلع، كما رحبت بتحديث قوانين التجارة الإلكترونية مع تأكيدها على أهمية دعم الاستثمار في الاقتصاد الرقمي وتجنب فرض قيود تحد من نموه. وأكدت أنه انطلاقاً من التزامها بدعم وتمكين الكفاءات الوطنية الشابة أعربت عن تأييدها لمقترح مجلس النواب بشأن إطلاق برامج التمهن التي تهدف إلى تعزيز فرص التوظيف أمام الشباب البحريني من خلال التدريب العملي واكتساب المهارات اللازمة للانخراط في سوق العمل، مبينةً أن تمكين الشباب يمثل أحد المحاور الرئيسية في استراتيجيتها،مشددة على أهمية أن تكون برامج التدريب المهني مصممة وفقاً لاحتياجات سوق العمل الفعلية وبما يواكب متطلبات القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية وذلك لضمان فعالية هذه البرامج في معالجة فجوة المهارات ورفع مستويات التوظيف، لافتةً إلى دعمها لأي مبادرات وطنية تعزز الاستثمار في رأس المال البشري وتدعم استدامة التنمية الاقتصادية. وأوضحت الغرفة أنها عملت على صناعة 'مجموعة التفكير الاستراتيجي' بهدف صياغة توجهات مرنة قابلة للقياس، تستند إلى أسس علمية وموثوقة، وذلك من خلال تحليل التحديات ورصد الفرص وتقييم المخاطر وطرح حلول عملية تعزز من فاعلية القرار الاقتصادي، مؤكدة أنها مستمرة في العمل لتحقيق تطلعات القطاع الخاص البحريني بما يضمن حضورا استراتيجيا مؤثرا لرأي الغرفة المتوازن في مختلف الملفات الاقتصادية الوطنية والمساهمة في رسم السياسات الداعمة للنمو والاستقرار، كما استعرضت أنها ساهمت في تنظيم ما يزيد عن 450 فعالية ومؤتمرًا واجتماعا بالتعاون مع جهات من داخل المملكة وخارجها، دعما للنمو الاقتصادي الوطني في مملكة البحرين.


البلاد البحرينية
منذ 8 ساعات
- البلاد البحرينية
صراعات ميانمار تحجب أفق الاقتصاد
الصراعات ليست طارئة على جسد ميانمار، بل ظلٌّ يكسو خريطة تزدحم بتناقضات مستعصية، حيث تتشابك معالم الجغرافيا بندوب التاريخ، فتبدو البلاد كمرآة قاتمة، غبار النزاعات يحجب عن الأنظار ملامح الاقتصاد، غير أن الحقيقة تبدو أكثر انكشافًا لمن يمتلك بصيرة تخترق الضباب. فخلف صدى القصف وعويل العقوبات، يتحرك اقتصاد مكبوت، ينهض من بين أنقاض الأزمات، لمن يدرك أن الفرص تنبت أحيانًا وسط الفوضى. هذه الدولة، الواقعة في جنوب شرق آسيا، لا تُقاس قيمتها بحجمها، بل بموقعها الفاصل بين ثلاثة عمالقة، الصين، الهند، وتايلاند. موقع تحوّل من جغرافيا خاملة إلى عقدة لوجستية في معادلات التجارة والطاقة. ميناء كياوكبيو المشروع الصيني العملاق على بحر أندمان، ليس مجرد مرفأ، إنه شريان بديل يحرر الصين من اختناق مضيق ملقا، ويحوّل ميانمار إلى بوابة استراتيجية نحو جنوب وغرب آسيا. وعلى رغم العواصف السياسية، تشير تقديرات البنك الدولي إلى نمو متوقع بـ 2.8 % في العام 2025. رقم يبدو هزيلا على الورق، لكنه يخفي خلفه ثروات كامنة: صادرات الغاز الطبيعي بقيمة (3.5 مليار دولار) سنويًا، واحتياطي عالمي هائل من الحجر الكريم (اليشم) بقيمة 31 مليار دولار حسب منظمة 'غلوبال ويتنيس'، فضلًا عن الذهب، والنيكل، والقصدير، والزراعة التي ما تزال العمود الفقري لـ 60 % من السكان. لكن ميانمار لا تعاني فقط نقص الاستقرار، إنها تعاني نقص الكهرباء أيضًا. تقرير البنك الآسيوي للتنمية للعام 2024 يحذر من فجوة طاقة تتطلب إضافة 4 جيجاوات بحلول 2030. هنا، تُفتح أمام رؤوس الأموال الخليجية أبواب استثمارية ضخمة في الطاقة المتجددة، من الشمس والرياح إلى الهيدروجين الأخضر، في سوق تكاد تخلو من المنافسة الغربية. الفراغ الذي خلّفه انسحاب الشركات الأمريكية والأوروبية لم يبقَ طويلًا؛ الصين وتايلاند وسنغافورة والهند سارعت لملئه. ومع ذلك، ما تزال هناك فجوات حادة في البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والصناعات الغذائية، لاسيما في قطاع الأغذية الحلال، الذي يخدم الأسواق المحلية والإقليمية من بنغلاديش إلى ماليزيا. كلما انسحب الغرب مدفوعًا بأخلاقياته السياسية، اتسعت المساحة أمام من يفكر بعقلية السوق لا بشعارات العقوبات. رأس المال الخليجي، في سعيه نحو تنويع ذكي، أمام فرصة نادرة لدخول سوق ترتبط بشبكات التجارة الصينية والهندية، وتتموضع خارج خطوط النار الجيوسياسية التقليدية. ميانمار ليست هامشًا مهملًا في دفتر آسيا، بل مرآة تعكس معادلة صلبة، فحين تحجب الصراعات أفق السياسة، يظل الاقتصاد يبحث عن ممرات ضوء خلف الجدران المتصدعة. وما يراه البعض مقامرة محفوفة بالمخاطر، قد يكون في الحقيقة استراتيجية استباقية لمن يفهم أن الاقتصاد مثل الماء لا يعترف بالحواجز، بل يبحث عن أي ثغرة لينساب منها.