
استقالة قاض في محاكمة وفاة مارادونا بسبب فضيحة
استقال أحد القضاة الثلاثة في المحاكمة الخاصة بكشف ملابسات وفاة أسطورة كرة القدم دييغو مارادونا اليوم الثلاثاء، وسط فضيحة أثارتها مزاعم تصوير فيلم وثائقي دون الحصول على ترخيص مما أثار حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الإجراءات القانونية.
وبدأت المحاكمة البارزة التي تحظى باهتمام كبير في الأرجنتين بشأن ملابسات وفاة مارادونا، يوم 11 مارس/آذار الماضي في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية حيث لا يزال الفائز بكأس العالم 1986 يحظى بالتبجيل والاحترام.
وتجري الجلسات بمحكمة استئناف سان إيسيدرو، وسط حضور جماهيري خارج مبني المحكمة من مشجعين يحملون لافتات تحمل رسالة "العدالة لدييغو 10″، مستخدمين لقبا تم صياغته من رقم قميص مارادونا.
اتهام 8 أطباء بقتل مارادونا
وتم توجيه الاتهام لـ8 أطباء -متخصصين شكلوا فريق رعاية دييغو مارادونا- بالقتل الخطأ فيما يتعلق بوفاة أسطورة كرة القدم السابق في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عن عمر يناهز 60 عاما، بعد خضوعه لجراحة في المخ بسبب جلطة دموية سبقت ذلك.
وفي حالة إدانتهم، فقد يواجهون أحكاما بالسجن تتراوح ما بين 8 أعوام و25 عاما في الأرجنتين.
ماذا ستشهد المحاكمة؟
ويدلي أكثر من 100 شاهد، بينهم أطباء وأفراد من الأسرة، بشهاداتهم ابتداء من 11 مارس/آذار في محاكمة من المتوقع أن تستمر 4 أشهر في ضحية سان إيسيدرو في بوينس آيرس.
وستستمع محكمة الاستئناف المكونة من 3 قضاة إلى حجج الادعاء الذي من المقرر أن يعرض أكثر من 120 ألف رسالة وتسجيل صوتي من محادثات خاصة بين الأطباء المسؤولين عن سلامة مارادونا، بما في ذلك طبيب الأعصاب والطبيب النفسي والممرضات.
ماذا يقول المتهمون؟
ينفي جميع الأطباء تقديم رعاية طبية تتسم "بالإهمال" و"الضعف" لمارادونا، وينكرون ارتكاب أي مخالفات. ووصفوا بطل كأس العالم السابق بأنه مريض صعب المراس ويقاوم العلاج.
وكان مارادونا يعاني من إدمان الكوكايين والكحول لعقود من الزمان.
من الذي وجه التهم؟
تزعم عائلة مارادونا، وتحديدا ابنه ديجيتو إضافة لابنتيه دالما وجيانينا، أن إهمال الفريق الطبي أسهم في وفاته. ويقول محاموهم إن الرسائل الصوتية والنصية المسربة تظهر أنه كان في خطر وشيك وأن إستراتيجية الفريق الطبي كانت محاولة ضمان عدم تدخل عائلته.
وظهرت الاتهامات في عام 2021 بعدما عينت النيابة العامة لجنة طبية للتحقيق في وفاة مارادونا وتوصلت إلى أن فريقه الطبي تصرف "بطريقة غير لائقة ومعيبة ومتهورة".
ما النتيجة المحتملة للمحاكمة؟
أظهر تشريح الجثة أن مارادونا توفي لأسباب طبيعية، نتيجة إصابته بأزمة قلبية، لذا يقول خبراء قانونيون إن هناك احتمالا قائما بأن المحكمة لن تتمكن من إثبات المسؤولية القانونية بشكل حاسم، وأن أغلب المتهمين قد يحصلون على البراءة.
وقال محامي الطبيب النفسي المتهم إنه متفائل من براءة موكله نظرا لأن موكله كان مسؤولا عن صحة مارادونا العقلية، وليس الجسدية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
أميركا اللاتينية تميل إلى الصين في خضم الحرب التجارية
في خضم التصعيد التجاري المستمر بين الولايات المتحدة والصين، تظهر استطلاعات حديثة أن دول أميركا اللاتينية باتت تميل اقتصاديًا نحو بكين، وهو ما يعكس تغيرًا ملحوظًا في المزاج الشعبي والإقليمي تجاه القوى الاقتصادية العالمية. وبحسب استطلاع "نبض أميركا اللاتينية" الذي أجرته شركة أطلس إنتل لصالح وكالة بلومبيرغ نيوز ونُشر اليوم الجمعة، فإن دعوات تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين تتزايد في مختلف أنحاء المنطقة، لا سيما في المكسيك، الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة. تفوق واضح لتأييد الصين في المكسيك وأظهر الاستطلاع أن نحو ثلثي المكسيكيين المشاركين في المسح الذي أجري في مايو/أيار الجاري يفضلون توسيع العلاقات التجارية مع العملاق الآسيوي، وهي نسبة تفوق بكثير أولئك الذين يدعمون تعميق العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وذلك وسط موجات عدم الاستقرار التي تسببت بها الرسوم الجمركية المتقطعة التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. أما في البرازيل، فقد أبدى أكثر من نصف المشاركين تأييدهم لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين، وهي نسبة قريبة جدًا من عدد المؤيدين لتوسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، مما يشير إلى انقسام نسبي في الرأي العام البرازيلي. الصين شريك مفضل وفي دول أخرى مثل الأرجنتين، وتشيلي، وكولومبيا، وبيرو، عبّر غالبية المشاركين عن دعمهم لتوسيع التجارة مع بكين. كما أن الصين تُعتبر لدى معظم المشاركين – باستثناء الأرجنتين – مصدرًا أفضل لفرص الاستثمار والتمويل مقارنة بالولايات المتحدة. وقالت بلومبيرغ إن هذا التحول في المواقف يعكس تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب وسياسته القائمة على الضغوط الاقتصادية، مما دفع العديد من قادة الدول اللاتينية لمحاولة التوازن في علاقاتهم مع واشنطن وتجنب الاصطدام المباشر، فيما باتت شرائح واسعة من شعوبهم ترى في الصين شريكًا تجاريًا أكثر موثوقية. نتائج الاستطلاع بالأرقام وقد تم تنفيذ الاستطلاع بهامش خطأ (±2 نقطة مئوية) في الأرجنتين وتشيلي وكولومبيا والمكسيك، و±1 نقطة مئوية في البرازيل، مما يعكس درجة عالية من الدقة الإحصائية. أظهرت النتائج أن المكسيك الدولة الأكثر ميلا نحو تعزيز العلاقات مع الصين، حيث صرّح نحو 66% من المشاركين بأن على بلادهم زيادة التعاون الاقتصادي مع بكين، في مقابل نسبة أقل بكثير تؤيد التقارب مع الولايات المتحدة. ويرى مراقبون أن هذا التغير يعود إلى الرسوم الجمركية غير المتوقعة التي يفرضها ترامب، والتي أثرت على ثقة الشركاء التجاريين. وفي حين عبر البرازيليون بأكثر من 50% من المشاركين عن رغبتهم في تقوية الروابط التجارية مع الصين، كانت الغالبية المطلقة في كل من تشيلي، وكولومبيا، وبيرو، تميل لصالح توسيع التعاون مع الصين. وباستثناء الأرجنتين، التي تسعى حكومتها برئاسة خافيير ميلي إلى توقيع اتفاق تجارة حرة مع إدارة ترامب، أظهرت كل الدول الأخرى تفضيلا واضحًا للاستثمارات والتمويلات القادمة من بكين على حساب واشنطن. في ضوء هذه النتائج، يتضح أن الصين باتت تمثل بوابة اقتصادية واعدة لكثير من دول أميركا اللاتينية، وسط التراجع التدريجي في الثقة الاقتصادية تجاه الولايات المتحدة، خاصة في ظل السياسات الحمائية التي تتبناها إدارة ترامب، والتي باتت تؤثر بشكل مباشر على توجهات الشعوب تجاه الشراكات الإستراتيجية المستقبلية.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
مساع لإنعاش الرياضة السورية بعد سنوات من التخبط والإهمال
تعمل وزارة الرياضة والشباب السورية بدعم عربي ولا سيما دولة قطر، على إنعاش هذا القطاع في البلاد بعد سنوات من التدهور والإهمال، قبل بدء مرحلة جديدة تماما بانهيار النظام السابق. وأكدت وزارة الرياضة والشباب السورية وجود دعم كبير للوزارة من عدة دول، خاصة من دولة قطر، لمساندة سوريا في قطاع الرياضة. وأوضح جمال الشريف، نائب وزير الرياضة، خلال اجتماعه بمجموعة من نادي الإعلاميين السوريين في قطر، أنه تم تشكيل لجنة سورية-قطرية مشتركة لبحث سبل ترميم وصيانة صالتين رياضيتين، إضافة إلى 5 ملاعب في المحافظات السورية. وجرى خلال اللقاء طرح العديد من القضايا والاستفسارات التي تهم الشأن الرياضي بكل مفاصله، وطرق النهوض بالواقع الرياضي، وتأمين البنية التحتية المناسبة للأندية والاتحادات، بما يكفل تطوير وتفعيل الرياضة في سوريا. حراك مكثف وأكد مجد الحاج أحمد، مستشار وزير الرياضة والشباب السوري والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، في حديث خاص للجزيرة نت، أن وزارة الرياضة السورية تشهد حراكا دبلوماسيا وعمليا كبيرا على مستوى التعاون الدولي في مجال تطوير المنشآت الرياضية ورفع الحظر المفروض على الرياضة السورية. وأوضح الحاج أحمد، أن الوزارة بدأت تواصلها مع عدة جهات إقليمية عبر وسطاء، وتطور الأمر إلى لقاءات مباشرة، كان أبرزها بالسفير القطري في دمشق، تلاه زيارة رسمية إلى قطر، جرى خلالها تقديم دراسة شاملة تتضمن تطوير الملاعب، الصالات، والمنشآت الرياضية، لافتا إلى أن الخطة الموضوعة تدريجية وبعيدة المدى. وأشار إلى أنه جرى الإعداد لزيارة رسمية مرتقبة إلى السعودية قد تُفضي إلى توقيع تفاهمات، يجري حاليا العمل على تعديلها وتحضيرها بالتنسيق بين الجانبين. كما كشف عن تحضير لزيارة موسعة إلى تركيا بعد عطلة عيد الأضحى، سيتم خلالها الاطلاع على الهيكلية الإدارية للوزارة التركية، إضافة إلى ملفات الأندية والاستثمار الرياضي، وتنظيم زيارات ميدانية إلى الأندية التركية. وتحدث الحاج أحمد عن التحديات التي تواجه القطاع الرياضي في سوريا، قائلا "لا نبحث عن ذرائع، لكن الواقع صعب. المنشآت شبه مدمّرة وغير قادرة على استضافة الفعاليات، والبنية التحتية تفتقد إلى الحد الأدنى من مقومات العمل الرياضي". وأشار إلى أن الوزارة تعمل على وضع رؤية شاملة لإعادة هيكلة الأندية قانونيا وإداريا، مع دراسة مبدئية لطرح مشروع خصخصة الأندية الكبرى كتجربة أولى يمكن تعميمها لاحقا في حال نجاحها. وأكد أن هذا التوجّه يتم بالتنسيق مع القيادة السورية، مع دراسة التجارب الناجحة والفاشلة في الدول الأخرى لتفادي الأخطاء وتكييف النموذج بما يناسب السياق المحلي. وعن الاستثمار، بيّن الحاج أحمد أن الوزارة تواجه معوقات كبيرة ناجمة عن عقود طويلة الأمد تم توقيعها في مراحل سابقة، وصفها بأنها "مجحفة" وفي بعض الأحيان "تصل إلى مستوى الإذعان". وأضاف "نعمل بشكل قانوني ومنهجي على فك هذه القيود تدريجيا، بهدف التحرر ماليا، وتوفير موارد تتيح تنفيذ الخطط والإستراتيجيات الموضوعة". وشدد على أهمية توسيع قاعدة الاستثمار في القطاع الرياضي ضمن الأطر القانونية، باعتبار أن "الموارد هي الشرايين التي تغذي العمل المؤسسي". آمال في رفع الحظر الرياضي وعن الحظر المفروض على الرياضة السورية، قال الحاج أحمد، إن هذا الملف "دقيق جدا ويتعلق بعدة عوامل، منها الوضع الأمني، والبنية التحتية، والمعايير الدولية". وأكد أن الوزارة قامت بدراسة ميدانية للمنشآت، شملت تصنيفها بين منشآت جاهزة كليا أو شبه جاهزة، وأخرى مدمّرة كليا، موضحا، أن هذه الدراسة تُعد جزءًا من ملف متكامل سيتم تقديمه ضمن الجهود الرامية لرفع الحظر. وقال الحاج أحمد "هناك انفتاح عربي ودولي على سوريا، والسياسة السورية بدأت تحقق أثرا إيجابيا في المجال الرياضي، مع تلقي الوزارة إشارات دعم واستعداد من عدة دول للمساهمة في حل ملف الحظر". وأعرب عن تفاؤله بقرب التوصل إلى نتائج إيجابية تمكّن سوريا من استضافة البطولات والفعاليات الرياضية من جديد. تدهور وإهمال وشهدت سوريا على مدى عقود تدهورا تدريجيا في قطاع الرياضة، نتيجة الإهمال المتعمّد من النظام السابق، وسوء التخطيط، وغياب الاستثمارات. وبعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت تحديات كبرى في إعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية، التي كانت قد تعرضت لتدمير واسع النطاق خلال سنوات الحرب، فضلا عمّا ورثه السوريون من فساد وإهمال إداري. وقال محمد الوليد، وهو مسؤول رياضي في شمال سوريا، إن أكثر من 70% من المنشآت الرياضية، بما فيها الملاعب والصالات الأولمبية، تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي خلال النزاع. كما تم تحويل العديد من المنشآت إلى ثكنات عسكرية، أو مراكز احتجاز، أو دُمّرت بفعل العمليات العسكرية الجوية والبرية. وأضاف في حديث للجزيرة نت، أنه بعد سقوط النظام السابق ظهرت حالة من الفراغ الإداري واللوجستي قبل تعيين وزير جديد، ما أدى إلى توقف معظم المبادرات لإعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية. ولفت إلى نزوح وهجرة عدد كبير من الرياضيين، والمدربين، والإداريين، مما أدى إلى فقدان خبرات محلية ضرورية لإعادة تأسيس قطاع رياضي متين. كما عانى القطاع من ضعف التمويل الحكومي في ظل الأولويات الإنسانية والأمنية العاجلة، مع غياب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب نتيجة للبيئة السياسية والاقتصادية غير المستقرة. واختتم حديثه بأن بقاء بعض عناصر النظام السابق في مواقع إدارية حساسة أدى إلى استمرار الفساد، وسوء توزيع الموارد، وتبديد الدعم الدولي المخصص لإعادة الإعمار، لافتا إلى أنه لم تُفعّل بشكل كافٍ الشراكات مع الاتحادات الرياضية العالمية والدول المانحة لإعادة بناء بنية رياضية حديثة.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
سوريا.. من الثورة إلى حكم القانون
تلخَّص الثورة بأنها ظاهرة من مظاهر تطور المجتمع؛ يلجأ إليها الأخير بقصد إحداث تغيير لم تفلح الأقنية القانونية والدستورية في إحداثه، بعد فشل النظام السياسي بتحقيق ما تصبو إليه الجماعة، فتصل الجموع إلى حد القناعة بعجز النظام القائم، وعدم جدوى سياساته لتحقيق مرامها؛ فيستحيل عدم الرضا عن سياسات حكومة أو نظام إلى انفعال شعبي يتباين شدةً ومدى، يقصد تغييرًا لم تكن المشروعية الدستورية حلًا ناجعًا له. ولا ينبغي أن تنحصر الثورة -بمفهومها الحقيقي المراد- بالإطاحة بنظام سياسي لتنصيب بديله؛ فالمراد هو التأسيس لنظام اجتماعي يتفق ومرادات شعب الثورة؛ يسلك فيه المجموع وفق قواعد اجتماعية مغايرة، وتنتظم فيه ممارسة السلطة بطريقة شرعية عادلة، لا الاكتفاء بالتغييرات الشكلية المنقوصة، وهذا ما يستدعي بالضرورة أن ينجم عن الثورة تغيير حقيقي عميق في النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدولة، لمعالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى اندلاع الثورة؛ لا الاكتفاء بتغيير أشخاص النظام السياسي المخلوع. ومن موجبات الثورة أن تنتقل الجموع من نشوة الشعور بالانتصار إلى العمل على تحديد النهج العام للسياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية؛ لتُبنى منظومة قانونية وفق المعتقدات الجديدة للعقل الجمعي الثوري، وهنا تكمن ضرورة التفريق بين التوق إلى الحرية، وعملية بناء الدولة على أسس العدالة والشرعية، وضرورة تحقيق الأهداف الثورية وطموحات الشعب الثائر بحقيقة مضامينها ومراداتها، عقب استبدال النظام المنشود بالنظام المخلوع. من نافلة القول أن مجتمعات ما بعد الثورة عادةً ما تواجه مهمةً أساسية، تتمثل في استعادة حكم القانون وإثباته من حيث الوجود والتطبيق، باعتباره الضامن الأساسي للحقوق، والإطار الذي لا غنى عنه لتأطير الحريات ومصدر فرض الالتزامات عادةً ما تعقب الثورة مرحلة انتقال سياسي، تتمثل في ترتيبات حكم مؤقت يمارس فيها الجهاز التنفيذي -والتشريعي أحيانًا- السلطة العامة في البلاد؛ بغية النهوض بمهام الدولة؛ ريثما تتم استعادة النظام الدستوري عقب عملية إصلاح للمؤسسات الحكومية تمهد لعهد جديد؛ يؤسس لسلطة تعتلي الحكم عادةً بالانتخاب. وإن هذه المرحلة مهمة جدًا؛ إذ إنها تشكل فترةً ضرورية لتشكُّل أو تشكيل اختيارات الشعب واتجاهاته، وتكوين قدر كافٍ من الوعي السياسي لديه، خصوصًا في البلاد التي رزحت تحت حكم الاستبداد والإقصاء والدكتاتورية ردحًا طويلًا. ومن نافلة القول أن مجتمعات ما بعد الثورة عادةً ما تواجه مهمةً أساسية، تتمثل في استعادة حكم القانون وإثباته من حيث الوجود والتطبيق، باعتباره الضامن الأساسي للحقوق، والإطار الذي لا غنى عنه لتأطير الحريات ومصدر فرض الالتزامات، كما أنه مصدر مشروعية السلطة وممارساتها. ونقصد بحكم القانون؛ خضوع الكافة من حاكمين ومحكومين، وسلطة وشعب، ومؤسسات وكيانات عامة وخاصة، لأحكام عامة مجردة ملزمة، تطبق على الأوضاع المتماثلة بالتساوي دون تمييز، بما يتواكب مع التغييرات الطارئة على المجتمع، وبما يتوافق مع العقل الجمعي للثورة ومبادئها، وهذا يعني أن الشرعية الثورية لا بد أن تستحيل إلى شرعية دستورية يحكمها القانون ويحكم عليها. ويتبع ذلك بناء المؤسسات التي ترهلت أو تآكلت أو ربما انهارت قبيل ومع نجاح الثورة، وبناء الدولة بما فيها من وظائف سياسية وتشريعية وتنفيذية وقضائية، وبيان حدود كل منها، وتنظيم التفاعل فيما بينها دون تغول ودون تعارض. كيف تُبنى دولة القانون؟ إن من موجبات بناء الدولة التأسيس لفصل حقيقي وواضح للسلطات، بما يضمن عدم تركز السلطة بيد تلك التنفيذية، ومنح استقلال تام وحقيقي للسلطة القضائية، وتوفير مناخ تنافسي فاعل وفعال للآليات الانتخابية التمثيلية، وتفعيل رقابة شعبية مدنية نزيهة وشفافة على السلطة التنفيذية، ما من شأنه ضمان تحقيق الأهداف الثورية وعدم تكرار فساد الحكم والتفرد بالسلطة، والسعي في تحقيق العدالة والسلم، ومشاركة أطياف الشعب دون إقصاء، وجعل الولاية للدولة. ومن أسس بناء دولة القانون عقب الثورات إعادة النظر في القوانين النافذة في البلاد، والتي في ظلها ظهر الفساد، وتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي، وتطاولت الأذرع الأمنية، وسيطرت الأحكام العرفية. والحقيقة أن مسألة إصلاح القوانين ليست باليسيرة، خصوصًا في بلاد كانت تتداخل فيها السلطات، وتتشابك في ظل منظومة فساد واستبداد؛ إلا أن إحداث التغيير في العقلية الجمعية في المجتمع هو الأكثر تعقيدًا، بغية إحلال عقلية القانون محل العقلية الأمنية، والالتزام بالقانون لا البحث عن أصحاب النفوذ، وأداء الحقوق لا الالتفاف عليها، والحفاظ على المكتسبات الوطنية لا التفريط بها لمصالح شخصية، وبناء الدولة لا الحزب والجماعة والانتماءات المختلفة. يتأكد ذلك إذا ما علمنا أن السلطة المستبدة الفاسدة ليست عدوًا فردًا أوحد، وإنما هي بناء مركب نما وتغذى بفعل الجموع التي تركت الالتزام بالحق والتصرف بالعدل والوقوف بوجه الخطأ عقودًا إلى أن أصبحت السلطة مستبدة؛ ما يؤذن بولادة منظومة قانونية ليس فيها شيء من بقايا الفساد المترسخة في أعماق النظام السابق، تغيب فيها هشاشة المؤسسات، وتتخلص من مخلفات الشمولية والدكتاتورية، وتبنى فيها على أساس من الشرعية والمشروعية، فلا يساس الناس إلا بالقانون. نجاح الثورة يقتضي نجاح بناء الدولة، وأساس بناء الدولة الناجح هو ذاك الذي يعالج المشكلات التي أدت إلى اندلاع الثورة أساسًا؛ فيؤسس لدولة تحتكم للقانون وتكرس العدالة، وتحترم الإنسان، وتزن بالقسطاس المستقيم وإن من أولويات دولة القانون تصحيح مسارات الدولة وأسسها؛ بالانتقال من المركزية المفرطة إلى اللامركزية المنضبطة، ومن البيروقراطية إلى الديمقراطية، ومن الأحادية إلى التعددية، ومن الاحتكار إلى التنافسية، ومن محاولة التهميش إلى طلب المشاركة، ومن القمع إلى التكامل، وإعادة صياغة العقد الاجتماعي لتشكيل العلاقة بين الحكم والشعب بما يتوافق والهوية الوطنية، والأسس الثقافية والسياسية والاجتماعية لعموم أفراد الشعب، وبما يضمن الاستقرار والتنمية في الوقت نفسه، وإيجاد آليات حقيقية وفعالة للرقابة، ومدى تطبيق القانون؛ تتمتع بالاستقلال، ولا تحكم سوى بالقانون الذي ينبغي أن يخضع له هرم السلطة بكل طبقاته. ومن المهم أن نعلم أن استنساخ نماذج المشروعية وشكل المؤسسات وفاعليتها من المنظومات الأخرى، دون مراعاة الفوارق في البيئة والثقافة والخصوصية، لا يفلح في تحقيق ما ترنو إليه الطموحات من ضرورة انبثاق المشروعية عن شرعية حقيقية، ومراعاة الحالة الوطنية، وواقعية الحياة السياسية والدستورية، ومستوى المؤسسات الحكومية؛ ليتم البناء خطوةً تلو أخرى على أسس متينة، وإن كانت غير سريعة، لا أن تبنى على شفا جرف هار فتنهار. وهذا يعني أن نجاح الثورة يقتضي نجاح بناء الدولة، وأساس بناء الدولة الناجح هو ذاك الذي يعالج المشكلات التي أدت إلى اندلاع الثورة أساسًا؛ فيؤسس لدولة تحتكم للقانون وتكرس العدالة، وتحترم الإنسان، وتزن بالقسطاس المستقيم، ويكون مبتدأ ذلك كله بناء الدستور، ويكون منتهاه ضمان تنفيذ أصغر مادة قانونية وفق منظومة متكاملة، ترشح عن مراد المجموع وإرادة عقله الجمعي؛ مرورًا بإعادة النظر في التشريعات النافذة، وإعادة هيكلة المؤسسات المختلفة، وضمان تحقيق الاستقلالية والشفافية والشرعية من حيث التشريع والتطبيق.