logo
صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي: حوار مع فابيان ويسترهايد

صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي: حوار مع فابيان ويسترهايد

الاتحاد١٧-٠٢-٢٠٢٥

حوار غيث حلواني
في مقابلة موسعة، يشارك فابيان ويسترهايد، أحد أبرز الأصوات في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا ومؤسس مؤتمر "Rise of AI"، رؤاه حول تطور فعاليات الذكاء الاصطناعي، والدور الرائد لدولة الإمارات في هذا المجال، والحالة الراهنة وآفاق الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، والتطورات الأخيرة بين إيلون ماسك وOpenAI نستعرض فيما يلي الحوار مفصلاً أجريناه مع مؤسس مؤتمر Rise of AI:
مؤتمر "Rise of AI"
* هل يمكن أن تخبرنا عن قصة مؤتمر "Rise of AI"، ومكانته الحالية، وما الجديد لهذا العام؟
** أوضح فابيان أن المؤتمر بدأ كاجتماع متواضع بين عدد قليل من الرؤى المشتركة الذين كانوا يحلمون بدمج الآلة بالإنسان، لينمو تدريجياً ليصبح حدثاً مرموقاً يجمع حوالي 300 من العقول الرائدة في مجالات الأعمال والبحث والسياسة. وأضاف: "اليوم، لم يعد المؤتمر مقتصراً على اللغة الإنجليزية في ألمانيا فقط؛ بل أصبح لقاءً عالمياً يجمع صناع السياسات والرؤساء التنفيذيين والباحثين، جميعهم متوحدون بشغف تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي بشكل فوري." ويأتي تركيز هذا العام تحت شعار "الأخبار السارة من أوروبا"، مع تسليط الضوء على الابتكار والتعاون بين المشاركين الدوليين.
دور الإمارات في الذكاء الاصطناعي
* كيف ترى طريقة تعامل دولة الإمارات مع الذكاء الاصطناعي؟
** أشاد فابيان بدور الإمارات الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أوضح: "لقد كانت الإمارات من أوائل الدول التي عينت وزراء ومسؤولين متخصصين في هذا المجال واستثمرت بكثافة في رأس المال والتقنيات. لقد خلقت بيئة يتم فيها تعزيز الابتكار عبر استراتيجيات استثمارية متكاملة؛ سواء من خلال البنية التحتية المادية أو الرقمية، مما يضمن الوصول إلى أحدث التقنيات والأسعار التنافسية للطاقة." وأكد أن هذا النهج لا يجعل الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار في الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يشكل نموذجاً يُحتذى به للدول الأخرى عبر الاستفادة من المواهب والأفكار العالمية.
فهم الذكاء الاصطناعي العام (AGI)
* كيف تعرف الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهل ترى أن له حدوداً؟
** يشير فابيان إلى أن مفهوم الذكاء الاصطناعي العام يرتكز على فكرة الوصول إلى مستوى ذكاء بشري، بحيث يتمكن النظام من إجراء محادثة بطلاقة بحيث يصعب تمييزه عن الإنسان. لكنه يوضح أنه رغم التقدم الملحوظ في هذا المجال، لم نصل بعد إلى مرحلة تحقيق AGI الحقيقي. يقول: "أنظمة اليوم قد تخدعنا في بعض السياقات، لكن الذكاء الاصطناعي الذي يضاهي عباقرة العصر مثل أينشتاين أو هوكينج لا يزال بعيداً." وتستمر النقاشات حول ما إذا كان AGI يجب أن يتجاوز مجرد تقليد الذكاء البشري ليصل إلى مستويات تفوقه في بعض الجوانب.
وحول استخدام بعض اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي مصطلح "الذكاء الاصطناعي العام" مثل سام ألتمان الذي أكد أن أوبن إيه آي أصبحت قريبة من الوصول إليه أي إلى الـ"AGI".. قال فابيان:
الجميع يستخدمه من الأجل التسويق ليس أكثر، أننا بعيدون جداً للوصول إلى أن نقول أننا نمتلك ذكاء اصطناعي عام.
ديب سيك وأهمية البيانات في عالم الذكاء الاصطناعي
* نود أن نستفيد من خبرتك في تقييم نموذج ديب سيك. كيف ترى هذا النموذج مقارنةً بالنماذج الأخرى في السوق؟
** أرى أن ديب سيك يقدم نموذجاً منخفض التكلفة يُنافس أساسًا النماذج المفتوحة المصدر ذات الأسعار المنخفضة. إذا كان الهدف الحصول على أداء متميز في التطبيقات العملية، فإن الاعتماد على النماذج المدفوعة هو الخيار الأمثل.
النماذج مفتوحة المصدر تُعد أدوات ممتازة للتدريب والتعليم. لكنها غالبًا ما تفتقر إلى الاستقرار والدقة المطلوبة في تطبيقات سوق العمل، حيث تحتاج المشاريع الحقيقية إلى حلول أكثر موثوقية
* ما تأثير مصادر البيانات على أداء نماذج الذكاء الاصطناعي؟
** مصدر البيانات يلعب دورًا محورياً؛ فالنماذج التي تُدرب على بيانات صينية ستُظهر نتائج تعكس الثقافة والمنهجية الصينية، والعكس صحيح بالنسبة للنماذج الأميركية. هذا يُبرز الحاجة الماسة لتطوير نماذج عربية تعتمد على بيانات محلية لتقديم رؤى تتناسب مع السياق الثقافي العربي
* المنافسة الأميركية الصينية، وما هو مكان أوروبا على خريطة المنافسة؟
** أرى أن الصين تمتلك الإمكانيات للمنافسة بقوة، لكنها حتى الآن تحتل المركز الثاني بعد أميركا التي تهيمن على سوق الذكاء الاصطناعي. بالنسبة لأوروبا، هناك بالفعل نماذج أوروبية واعدة تستحق تسليط الضوء عليها. أنا أستطيع أن أقول أن أوروبا تحتاج إلى استثمارات أكبر، سرعة في التنفيذ، وانفتاح أوسع. أوروبا تمتلك الكوادر البحثية والبيانات والشركات، ومن خلال التعلم من تجارب ناجحة مثل الإمارات في تخصيص رأس المال والتخطيط المستقبلي، يمكنها تحقيق نقلة نوعية.
أنا متفائل بالحركة المتسارعة التي تشهدها الدول الأوروبية – فرنسًا على سبيل المثال تبذل جهودًا كبيرة – وأعتقد أن أوروبا قد تتجاوز الصين، لكن ذلك لن يحدث في المستقبل القريب وسيتطلب وقتًا أطول.
مناقشة التطورات بين إيلون ماسك وOpenAI
* ما رأيك في محاولة إيلون ماسك الاستحواذ على OpenAI؟
** وصف فابيان الموقف بأنه ليس صفقة تجارية بقدر ما هو مناورة تسويقية ولعبة قوى. أوضح قائلاً: "ما يحدث هو محاولة من إيلون ماسك لترسيخ نفوذه عبر توحيد نموذج تقني خاص به مع شبكة من المتخصصين والمستثمرين، بينما تجد OpenAI نفسها متأرجحة بين رؤية تحقيق الأرباح ورؤية الابتكار المفتوح." بالنسبة له، فإن هذا العرض ليس بمبادرة استحواذ حقيقية، بل هو خطوة استراتيجية للتأثير على مستقبل الذكاء الاصطناعي.
تحقيق التوازن بين الابتكار وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي
* كيف ينبغي للشركات تحقيق توازن بين سرعة الابتكار والتنافس مع الالتزام بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي؟
** يرى فابيان أن مصطلح "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي" غالباً ما يختزل في مفهوم الامتثال للوائح والقوانين، موضحاً: "الأمر يتعلق بضمان دقة البيانات المستخدمة في تدريب النماذج وأن يتم بناء هذه النماذج بما يتوافق مع المعايير القانونية والاجتماعية." كما يؤكد على ضرورة تضمين المبادئ الأخلاقية منذ البداية – في عملية تصنيف البيانات وتدريب النماذج – لتفادي النتائج غير المقصودة التي قد تنجم لاحقاً.
نصائح للشركات الناشئة
* ما النصيحة التي تقدمها للشركات الناشئة الراغبة في ترك بصمة في مجال الذكاء الاصطناعي؟
** ينصح فابيان الشركات الناشئة بالانخراط في البيئة الدولية للذكاء الاصطناعي، قائلاً: "اعمل على تبني الأفكار الجديدة والتعاون مع شركاء متنوعين لضمان توافق رؤيتك مع الاتجاهات العالمية نحو الذكاء الاصطناعي المسؤول والمؤثر".
إعلان المؤتمر
ختاماً، وجه فابيان دعوة خاصة لكل من يرغب في التعمق في ثورة الذكاء الاصطناعي. سيُعقد مؤتمر "Rise of AI Conference 2025" في 13 و14 مايو 2025 بقاعة هومبولت كارّيه في برلين. يُعد هذا الحدث منصة تجمع أبرع العقول في مجال الذكاء الاصطناعي من مختلف أنحاء العالم، وسيُقدم بنموذج هجين يجمع بين الحضور الفعلي والبث المباشر المجاني.
لمزيد من التفاصيل حول التسجيل وجدول الأعمال، يمكن زيارة الموقع
https://riseof.ai
من خلال هذا الحوار، لم يقتصر فابيان ويسترهايد على مشاركة رؤيته لمستقبل الذكاء الاصطناعي فحسب، بل قدم أيضاً رؤى قيمة حول كيفية دفع الابتكار، والاستثمار الاستراتيجي، وتحقيق التعاون الدولي مع الحفاظ على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي
'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي

البوابة العربية للأخبار التقنية

timeمنذ 2 ساعات

  • البوابة العربية للأخبار التقنية

'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي

في خطوة تاريخية تُعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والتعاون التكنولوجي، أطلقت مجموعة من الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا مشروع (ستارجيت الإمارات) Stargate UAE، ضمن مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي تبلغ طاقته التشغيلية 5 جيجاواط، ليكون مركزًا دوليًا للبنية التحتية المتقدمة في هذا المجال. ويمثل هذا المشروع المشترك، الذي يضم عمالقة مثل: (جي 42) الإماراتية، و(OpenAI)، وأوراكل، وإنفيديا، ومجموعة سوفت بنك، وسيسكو، مجمع حوسبة ضخم متطور للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تسريع الابتكار وتعميق التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي. تفاصيل مشروع (ستارجيت الإمارات): يُعدّ مشروع (ستارجيت الإمارات) مجمع حوسبة ضخم للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي يتميز بسعة أولية تبلغ 1 جيجاواط، وسيُقام هذا المشروع في مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي، الذي من المخطط أن تصل سعته الإجمالية إلى 5 جيجاواط. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الضخم في دفع عجلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي، ويوفر القدرات الحاسوبية الضخمة اللازمة لتطوير ونشر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة. الأطراف المشاركة وأدوارها: ستتولى شركة (جي 42) الإماراتية مسؤولية بناء مشروع (ستارجيت الإمارات) الضخم، في حين ستتولى شركتا (OpenAI) وأوراكل إدارة تشغيل المشروع. وستشارك شركة (سيسكو) بتوفير أنظمة الأمان ذات الثقة الصفرية (Zero Trust Security) وبنية الاتصال الداعمة للذكاء الاصطناعي، وستزود شركة إنفيديا المشروع بأحدث أنظمتها من طراز (Grace Blackwell GB200)، التي تُعدّ من أقوى حلول الحوسبة للذكاء الاصطناعي في العالم، لضمان أعلى مستويات الأداء. وتُسهم مجموعة سوفت بنك كشريك فاعل في المبادرة. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي ضمن مشروع (ستارجيت الإمارات) بقدرة تبلغ 200 ميجاواط في عام 2026، مما يمثل خطوة أولى نحو تحقيق السعة الإجمالية المخطط لها التي تصل إلى 5 جيجاواط في مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي. 'ستارجيت الإمارات'.. قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي تدفع الاكتشافات والنمو الاقتصادي: يهدف مشروع (ستارجيت الإمارات) الطموح إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة فائقة على مستوى الدولة، مع التركيز في تقليل زمن معالجة البيانات بنحو كبير. وستمكّن هذه القدرات من تقديم حلول ذكاء اصطناعي تلبي المتطلبات المتزايدة لعالم يشهد نموًا متسارعًا في هذا المجال. كما يؤسس هذا المشروع قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي، تتميز بقدرتها على التوسع والموثوقية العالية، ومن خلال هذه القاعدة، سيسرع المشروع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار عبر العديد من القطاعات الحيوية، التي تشمل: الرعاية الصحية والطاقة والمالية والنقل. وستسهم هذه الأهداف في تعزيز النمو الاقتصادي المستقبلي والتنمية الوطنية لدولة الإمارات، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والابتكار. شراكة إماراتية أمريكية لتسريع الذكاء الاصطناعي: يأتي مشروع (ستارجيت الإمارات) في إطار شراكة إستراتيجية جديدة بين حكومتي دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، تحت اسم (شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات). وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، لتطوير ذكاء اصطناعي آمن وموثوق ومسؤول يعود بفوائد طويلة الأمد على الإنسانية. وقد أُطلقت المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي وُصف بأنه الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة الأمريكية، والذي سيحتضن مشروع (ستارجيت الإمارات)، خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للإمارات خلال شهر مايو الجاري. ويمتد هذا المجمع الجديد على مساحة تبلغ 10 أميال مربعة، مما يجعله أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة، وسيزوّد المجمع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وموارد الحوسبة الإقليمية بقدرة تصل إلى 5 جيجاواط. كما سيعمل هذا المجمع باستخدام مزيج من الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، والغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات الكربونية. وسيضم المجمع منتزهًا علميًا يهدف إلى تعزيز الابتكار، وتطوير المواهب، وبناء بنية تحتية مستدامة للحوسبة. وضمن هذا الإطار، ستقوم الجهات الإماراتية أيضًا بتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، من خلال مشاريع مثل (ستارجيت الولايات المتحدة)، تماشياً مع سياسة أمريكا أولًا للاستثمار. نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي: يمثل إطلاق مشروع (ستارجيت الإمارات) نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي لدولة الإمارات والمنطقة بأكملها، ويعكس طموح الإمارات المتزايد لتكون في طليعة الثورة الصناعية الرابعة. فمن خلال هذا المجمع العملاق والشراكة مع نخبة من شركات التكنولوجيا العالمية، لا تكتسب الإمارات قدرات حاسوبية ضخمة فحسب، بل ترسي أيضًا معايير جديدة للتعاون الدولي، والسيادة الرقمية، والتنمية المستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما سيُعزز هذا المشروع من قدرة الدولة على الابتكار، ودفع الاكتشافات العلمية، وتمكين التحول في قطاعات حيوية، مما يؤسس لمستقبل رقمي مزدهر ومسؤول يعود بالنفع على البشرية جمعاء.

الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة
الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة

صحيفة الخليج

timeمنذ 20 ساعات

  • صحيفة الخليج

الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة

يبدو أن المشهد العالمي يشهد تغيراً في موازين القوة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم الشركات الكبرى الخوارزميات والبنى الرقمية لتوسيع سلطتها، وتفرض شروطها عبر احتكار البيانات واستثمار الموارد على نطاق واسع. ونجد أن عدداً محدوداً يتحكّم في توجيه هذه التكنولوجيا، ويعيد تعريف مفاهيم السيادة والمصلحة العامة. في هذا السياق، لا تُحدَّد مواقع القوة بالجغرافيا، بل بمن يمتلك البنية الرقمية. في كتابها (إمبراطورية الذكاء الاصطناعي: أحلام وكوابيس في شركة سام ألتمان «أوبن إيه آي»)، الصادر في مايو (أيار) 2025 عن دار «بينغوين برس»، تقدم الصحفية كارين هاو عرضاً موسّعاً ومفصّلاً لتاريخ وتحوّلات شركة (OpenAI)، التي تعدّ واحدة من أبرز الجهات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العقد الأخير. ينتمي هذا العمل إلى حقل الصحافة الاستقصائية، ويعتمد على مصادر داخلية ومعايشة مباشرة لمسار الشركة منذ بدايتها حتى لحظة تحوّلها إلى لاعب مركزي في سباق تقني عالمي شديد التعقيد. يبدأ الكتاب من نقطة تأسيس هذه الشركة كمؤسسة غير ربحية، ترفع شعار «السلامة أولاً» في تطوير الذكاء الاصطناعي، بقيادة سام ألتمان. هذا الطموح الأخلاقي شكّل في البداية إطاراً لتصورات مثالية عن التقنية بوصفها أداة لإنقاذ العالم من المخاطر، لا العكس. لكن المؤلفة، التي بدأت تغطيتها للشركة عام 2019، ترصد كيف أخذت هذه المؤسسة، شيئاً فشيئاً، تنجرف نحو منطق السوق والربح والتوسع، مدفوعة برؤوس أموال ضخمة، أبرزها استثمارات مايكروسوفت، وما تفرضه من تسارع وتنافس لا يترك مجالاً للحياد أو التباطؤ. يُظهر الكتاب البنية الفعلية للصناعة التي باتت تهيمن على جزء كبير من المشهد العالمي. فخلف واجهة البرامج المتقدمة والواجهات اللغوية المبهرة، توجد شبكات هائلة من الموارد البشرية والمادية: مراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه، وعمال في دول الجنوب العالمي يُستخدمون في «تنظيف البيانات» لقاء أجور زهيدة. هذه الحقائق التي تنقلها هاو من تجارب مهندسين في وادي السيليكون، وعمال بيانات في كينيا، ونشطاء بيئيين في تشيلي، تشكل مكونات ما تسميه الكاتبة «إمبراطورية جديدة»، لا تستند إلى الاحتلال أو القوة العسكرية، بل إلى الخوارزميات والسيرفرات والبنى التحتية الرقمية. لا يُركّز الكتاب على الجانب التقني بقدر ما يحاول تفكيك البُعد السياسي والاجتماعي للذكاء الاصطناعي، فبدلاً من الانشغال بفكرة «الوعي الاصطناعي» أو «التهديد الوجودي»، تدعو هاو القارئ إلى التأمل في تبعات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وعلى البيئة، وعلى التفاوت في توزيع الثروات والمصادر. يتناول جزء مهم من الكتاب حدثاً دراماتيكياً هزّ مجتمع التكنولوجيا في 2023: إقالة سام ألتمان المفاجئة من منصبه، ثم عودته السريعة إلى قيادة «أوبن إيه آي»، تقدم هاو سرداً لما جرى خلف الكواليس، بناءً على مصادر داخل الشركة، وتستعرض كيف يعكس ذلك الحدث طبيعة السلطة داخل الشركات التقنية الكبرى، حيث تتقاطع المصالح التجارية مع الطموحات الشخصية والرؤى المتضاربة حول مستقبل التكنولوجيا. يشير الكتاب إلى أن الذكاء الاصطناعي أداة سياسية بامتياز، تُعاد من خلالها صياغة موازين القوى بين الدول والشركات والمجتمعات، ويظهر كيف أن البعد السياسي يتمثل في إظهار كيف أن امتلاك القدرة على تطوير النماذج اللغوية الضخمة، والتحكم في البنى التحتية الحاسوبية، وتحليل البيانات الهائلة، أصبح يعادل في أهميته امتلاك الموارد الطبيعية أو النفوذ العسكري، فالدول التي لا تمتلك شركات قادرة على المنافسة في هذا الميدان تجد نفسها في موقع التبعية، ويزداد اعتمادها على منصات وواجهات أجنبية تُملي عليها شروطها التقنية والثقافية والاقتصادية. إلى جانب ذلك، يعرض الكتاب كيف يتم تطويع اللغة الخطابية لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى لتبرير الهيمنة تحت غطاء «الابتكار» و«الصالح العام»، فالشركات التي تقود هذا القطاع تُروّج لخطابات تتحدث عن «حماية البشرية» و«منع التهديدات الوجودية»، لكنها في الوقت ذاته تُمارس ضغوطاً على الجهات التنظيمية، وتسعى إلى احتكار البيانات والنماذج، وتقاوم أحياناً الجهود الرامية إلى فرض الشفافية أو المساءلة. وهكذا، تتحول المخاوف الأخلاقية إلى أدوات لإعادة تشكيل السياسات العامة بما يخدم مصالح فئة محددة من الفاعلين الاقتصاديين.

جوني إيف.. مبدع سحر «أبل» التكنولوجي
جوني إيف.. مبدع سحر «أبل» التكنولوجي

صحيفة الخليج

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الخليج

جوني إيف.. مبدع سحر «أبل» التكنولوجي

اشتهر جوني إيف بصياغة جماليات تصميم المنتجات الدقيقة التي شكلت روح العصر التكنولوجي خلال مسيرة مهنية استمرت 27 عاماً في شركة أبل. قام بعمله الأكثر تأثيراً بعد عودة ستيف جوبز، المؤسس المشارك لشركة أبل، لإدارة الشركة في عام 1997، حيث أقام الاثنان شراكة من شأنها أن تفرّع سلسلة من المنتجات التي غيرت قواعد اللعبة مثل «آيفون» في عام 2007. غادر إيف الشركة في النهاية في عام 2019، ولكن اسمه عاد إلى دائرة الضوء هذا الأسبوع بعدما قامت شركة «أوبن أيه آي» OpenAI، صاحبة التطبيق الثوري «تشات جي بي تي» ChatGPT، بتعيينه هو وشركة التصميم الخاصة به LoveFrom، لقيادة مشروع أجهزة جديد. اندماج العقل لكن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن أيه آي»، سام ألتمان، لا يسعه إلا أن يأمل في أن تنجح هذه الشراكة المزدهرة بالإضافة إلى اندماج العقل بين الرئيس التنفيذي السابق لشركة أبل، ستيف جوبز، وإيف. وأصبح إيف بمثابة فرشاة الالوان التي استخدمها جوبز لتجسيد رؤاه. أصبح إيف، المولود في لندن، صوت جهود أبل لدمج السحر التكنولوجي مع الأناقة. اشتهرت إعلانات الشركة التلفزيونية وإعلانات منتجاتها بمناقشته لتعقيدات تصميماته بتعليقات صوتية بلكنة بريطانية، بنبرة هادئة تكاد تكون مُبجّلة. بعد وفاة جوبز عام 2011، واصل إيف القيادة بروح رئيسه الراحل، ساعياً في الوقت نفسه إلى ابتكار منتجات آسرة جمالياً ومبتكرة بالشكل كما في المضمون. وأشرف على تصميم أشكال أجهزة ماك، وآيبود، وآيفون، وآيباد، وساعة أبل. وعندما أسس «لوف فروم»، اشتق اسم شركته من عبارة قالها جوبز ذات مرة عن تكريم الإنسانية من خلال «صنع شيء ما بقدر كبير من العناية والحب». وتعاون إيف مع علامات تجارية مثل «إير بي إن بي»، و«فيراري»، و«مونكلير»، وصمم شعار التتويج للملك تشارلز الثالث. الأجهزة المتصلة أعلن سام ألتمان أن إيف سينضم مع فريقه إلى «أوبن ايه آي» بهدف تصميم سلسلة من الأجهزة المتصلة لتسهيل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وعملياً، تستحوذ الشركة المُبتكرة لأداة «تشات جي بي تي» على شركة «آي أو» التي أسسها جوني إيف، على ما أفاد رئيس «آي أو» التنفيذي في مقطع فيديو عبر منصة «اكس». وقال إيف في مقطع الفيديو الذي يظهر محادثة بينه وسام ألتمان في أحد مقاهي سان فرانسيسكو: «إنّ المنتجات التي نستخدمها للتواصل واستخدام هذه التكنولوجيا الفائقة التصوّر تعود إلى عقود». (وكالات) غادر إيف الشركة في النهاية في عام 2019، ولكن اسمه عاد إلى دائرة الضوء هذا الأسبوع بعدما قامت شركة «أوبن أيه آي» OpenAI، صاحبة التطبيق الثوري «تشات جي بي تي» ChatGPT، بتعيينه هو وشركة التصميم الخاصة به LoveFrom، لقيادة مشروع أجهزة جديد. اندماج العقل لكن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن أيه آي»، سام ألتمان، لا يسعه إلا أن يأمل في أن تنجح هذه الشراكة المزدهرة بالإضافة إلى اندماج العقل بين الرئيس التنفيذي السابق لشركة أبل، ستيف جوبز، وإيف. وأصبح إيف بمثابة فرشاة الالوان التي استخدمها جوبز لتجسيد رؤاه. أصبح إيف، المولود في لندن، صوت جهود أبل لدمج السحر التكنولوجي مع الأناقة. اشتهرت إعلانات الشركة التلفزيونية وإعلانات منتجاتها بمناقشته لتعقيدات تصميماته بتعليقات صوتية بلكنة بريطانية، بنبرة هادئة تكاد تكون مُبجّلة. تكريم الإنسانية بعد وفاة جوبز عام 2011، واصل إيف القيادة بروح رئيسه الراحل، ساعياً في الوقت نفسه إلى ابتكار منتجات آسرة جمالياً ومبتكرة بالشكل كما في المضمون. وأشرف على تصميم أشكال أجهزة ماك، وآيبود، وآيفون، وآيباد، وساعة أبل. وعندما أسس «لوف فروم»، اشتق اسم شركته من عبارة قالها جوبز ذات مرة عن تكريم الإنسانية من خلال «صنع شيء ما بقدر كبير من العناية والحب». وتعاون إيف مع علامات تجارية مثل «إير بي إن بي»، و«فيراري»، و«مونكلير»، وصمم شعار التتويج للملك تشارلز الثالث. الأجهزة المتصلة أعلن سام ألتمان أن إيف سينضم مع فريقه إلى «أوبن ايه آي» بهدف تصميم سلسلة من الأجهزة المتصلة لتسهيل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وعملياً، تستحوذ الشركة المُبتكرة لأداة «تشات جي بي تي» على شركة «آي أو» التي أسسها جوني إيف، على ما أفاد رئيس «آي أو» التنفيذي في مقطع فيديو عبر منصة «اكس». وقال إيف في مقطع الفيديو الذي يظهر محادثة بينه وسام ألتمان في أحد مقاهي سان فرانسيسكو: «إنّ المنتجات التي نستخدمها للتواصل واستخدام هذه التكنولوجيا الفائقة التصوّر تعود إلى عقود». (وكالات)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store