
سوريا... إدارة جديدة وتحديات قديمة
توحش الأقليات كان الشعار الأبرز لمرحلة حكم نظام الأسد لسوريا الممتد لبضعة عقودٍ، مع الأب ثم الابن، وعبر التاريخ الإسلامي ما كان ثمة توحشٌ للأكثرية لأنها في الحكم هي الأساس ولا تخشى من أي تهديدٍ أقلوي، فظلت الدولة الإسلامية على مدى قرونٍ طويلة تحكمها الأكثرية التي تحمي الأقليات.
سقوط الأسد كان حدثاً مدوياً، وهو أزاح عهداً كان يمثل نشازاً تاريخياً ما كان له أن يستمر لولا توافقات دولية حكمت بعض مراحل الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، والحقيقة أنه وإن قدّم نفسه كنظامٍ يحمي الأقليات، فإنه لم يكن يحمي إلا بعض المتنفذين من طائفته بحيث كان يقسم ظلمه ووحشيته على الأكثرية وعلى باقي الأقليات، وهو من اغتال كمال جنبلاط الزعيم الدرزي الكبير.
التحديات التي تواجه الإدارة السورية الجديدة كثيرةٌ ومتعددةٌ ومتشعبةٌ، وهي تحدياتٌ تحتاج لاعترافٍ صريحٍ بطبيعتها وخريطة طريقٍ واضحةٍ لتجاوزها، وهذا وإن بدا كلاماً سهلاً ومنطقياً فإن تطبيقه اليوم على الأوضاع في سوريا يشوبه الكثير من العوائق التي تحتاج للاعتراف بها وتجاوزها أيضاً، وأحد هذه التحديات الكبرى هو تعدد الأقليات، وهي أقلياتٌ قديمةٌ في سوريا طوال تاريخها، وهي لن تزول ولن تنتهي وحافظت على قوتها ووحدتها في ظل أنظمةٍ سياسيةٍ متعددة وخلال حروبٍ طاحنة.
في فبراير (شباط) الماضي، شارك أسعد الشيباني وزير الخارجية السوري الجديد في ندوةٍ خلال «القمة العالمية للحكومات» التي انعقدت في دبي، وكنت حريصاً على الحضور والاستماع لصوتٍ يمثل مستقبل سوريا المنظور على الأقل، ولكنه كان دبلوماسياً أكثر مما ينبغي، فهو يرد على أسئلة توجَّه للحكومة بمنطق الشعب، بمعنى أنه عندما تحدث عن الأقليات أجاب بأنها موجودة ومعروفة في سوريا منذ القدم، وصدق في هذا، ولكن هذا جواب يتحدث به المواطن السوري والباحث والمراقب، أما جواب الحكومة فكان يجب أن يكون عملياً وواقعياً ومبنياً على خطةٍ معلنةٍ.
المقارنة بعهد الأسد البائد ليست جواباً عن الهواجس المعتبرة لدى شرائح كبيرةٍ من الشعب السوري تقف على رأسها الأقليات الدينية والطائفية والعرقية، وبعضها أقلياتٌ مسلحةٌ وتمتلك من الشجاعة والوحدة والتاريخ ما يجعلها رقماً صعباً في المعادلات الداخلية السورية والمعادلات الإقليمية على حدٍّ سواء.
وعندما تحدث الشيباني بصراحةٍ عن موضوع الأقليات، قال: «نرفض اسم الأقليات والمحاصصة، الكفاءة هي المعيار، وهذا الحديث يمكن أن يقال في بلدانٍ مستقرةٍ وخاضعةٍ لدساتير ثابتةٍ وقوانين راسخةٍ وحكومة تنفيذية فاعلة، وهذا غير متوفرٍ في سوريا الحاضر بعد».
يشير الكثير من التقارير الصحافية الغربية إلى ما يعرف في سوريا بـ«المهاجرين» بالمنطق الديني، وهم مجموعاتٌ من المطاردين من دولهم الذين التحقوا بشتى الفصائل المقاتلة تحت مسمى «الجهاد»، وهم مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بتنظيمات الإرهاب المعروفة مثل تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش»، وهؤلاء يشكلون ضغطاً كبيراً لرفض أي تنازلات تقدمها الإدارة الجديدة عن خطابها الآيديولوجي عندما كانت في المعارضة، وتعتبر الواقعية السياسية الحالية نوعاً من النفاق أو النكوص على العقبين بالمنطق الجهادي.
مع منطق هؤلاء الذين يسمون أنفسهم «جهاديين» وتصنفهم كثير من دول العالم إقليمياً ودولياً «إرهابيين»، لا يمكن للإدارة الجديدة الحديث بشكل صريحٍ عن موقفها من الأقليات داخل الدولة، وهو ما يسبب مخاوف عميقة وحقيقية لدى هذه الأقليات، وتقوم بعض هذه المجموعات بعمليات قتلٍ وترويعٍ خطيرةٍ كما تهدد بعض مناطق الأقليات، وهو ما جعل بعض هذه الأقليات تتخذ مواقف مدافعة عن مناطقها وعقائدها وإن بالقوة المسلحة، والأخطر هو أنها ستفعل ذلك ولو بالتعاون مع إسرائيل، فمراعاة مجموعاتٍ مسلحةٍ وافدةٍ مهما كانت متطرفةً دينياً على حساب جزء كبيرٍ من الشعب السوري المتجذر في بلاده لقرونٍ من الزمن، ليست من الحصافة السياسية في شيء.
اللعبة الإقليمية تشكل خطراً حقيقياً على سوريا الجديدة، وخصوصاً من الدول غير العربية، فإيران تاريخها مع الشعب السوري سيئ وهي لم تسلم بعد نهائياً بهزيمتها في سوريا، وتركيا هي التي دربت ورعت لأكثر من عقدٍ بعض هذه الفصائل المسلحة التي أسقطت نظام الأسد، وهي لم تقصر في إظهار ذلك عبر زيارات مسؤوليها لدمشق، وإسرائيل تستبيح الفضاء السوري وتنفذ ما شاءت من العمليات العسكرية والضربات الجوية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ 18 ساعات
- جو 24
بعد واشنطن.. الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا: آمال كبيرة تلوح في الأفق
جو 24 : على خطا واشنطن، سارت دول الاتحاد الأوروبي في مسألة رفع العقوبات عن سوريا علما أنها كانت قد سبقت الولايات المتحدة في الدعوة للانفتاح على دمشق. وجاء ذلك حين عمدت دول الاتحاد إلى تعليق بعض العقوبات المفروضة على دمشق عقب سقوط نظام الأسد مباشرة. واليوم بادرت دول الاتحاد الأوروبي بعد القرار الأمريكي برفع العقوبات إلى الإصغاء لشكوى المسؤولين السوريين الذين وصفوا خطوتها بتعليق بعض العقوبات في حينه بأنها جيدة لكنها غير كافية. لتعكس الاستجابة الأوروبية الحالية برفع العقوبات عن سوريا تكريس وضع العلاقات المشتركة بين الجانبين على المسار الصحيح الذي ستفيد منه دمشق بلا شك سيما وأن العقوبات الأوروبية والأمريكية كانت قد ساهمت إلى حد بعيد في إحداث حالة من الشلل شبه التام في الإقتصاد السوري الذي دخل مرحلة الانعاش مذ قررت واشنطن ومعها أوروبا أن تعاقبا حكومة الأسد على طريقتها الخاصة التي لاتخطئ الغاية في الوصول إلى الموت البطيء. لتبدأ بين الجانبين مرحلة جديدة استحسن السوريين أن تكون دعائمها المتينة قائمة على أسس التعافي الإقتصادي الذي يعقد السوريون عليه آمالا عريضة سيما وأن آفاق الاستثمار الأوروبي في سوريا تبدو واعدة بعدما خلعت هذه الأخيرة عنها ثوب الإشتراكية الموجهة لندتنحو باتجاه اقتصاد السوق الحر الذي يناسب الخطط الأوروبية المعروفة في الاستثمار. الأمور تسير في الاتجاه الصحيح يرى الخبير الاقتصادي السوري علي عبدالله أن قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا يعكس إتفاق الأوروبيين والأمريكيين على شكل وآلية العلاقة مع دمشق ويبدد ما بدا لوهلة بأنه انكفاء أمريكي وراء أوربا التي يسجل لها أنها كانت صاحبة المبادرة في الإنفتاح على سوريا حتى وإن سارت مفاجآت الرئيس ترامب على النحو الذي يليق بشخصيته. وفي حديثه لـ "RT" اشار عبدالله إلى أن القرار الأوروبي حمل مفاعيل إيجابية رغم كونه متوقعا بعد قرار الرئيس الامريكي وهو يندرج في سياق مساعي دمشق للوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي الذي يمهد لإعادة الإعمار أو يسير بالتوازي معه لافتاً إلى أن تأثيره على البعد الاجتماعي والإنساني سيكون حاضراً بقوة في ظل الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه السوريون. على إعتبار أنه سيفتح الباب على مصراعيه أمام أوسع شبكة من التعاملات التجارية والمالية بين دمشق ودول الاتحاد الأوروبي التي استجابت لرغبات الدول الإقليمية والمنظمات الإنسانية في إزالة عقوبات حالت دون تنشيط جهود الإغاثة وإعادة إعمار البنى التحتية المتهالكة في البلاد. ولفت عبدالله الى فكرة أن القرار الأوروبي يكرس جدية الرهان على سوريا وما سيستدرجه من رهانات دولية أخرى عليها تثق بالأوروبيين وخياراتهم الأمر الذي سيشكل حالة من التعاون الدولي حول سوريا خلال المرحلة القادمة. الخبير الاقتصادي شدد على فكرة أن مسار رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا كان مختلفاً عن المسار الأمريكي لجهة أن العقوبات الأوروبية كانت على موعد كلاسيكي مع التجديد نهاية هذا الشهر قبل أن يقرر الأوروبيون أن دمشق تستحق أن تأخذ فرصتها وتشرع في العمل على التعافي الاقتصادي الذي تحتاجه بعيداً عن قيود العقوبات كلية كانت أم جزئية. وحول الآلية المعتمدة لتطبيق القرار أكد الخبير الاقتصادي على أن رفع العقوبات سيتم بشكل كامل عن بعض القطاعات فيما ستستمر العقوبات على مؤسسات وكيانات آخرى لا تزال ترتبط بالحكم السابق. وأشارإلى أن العقوبات التي لن يتم تجديدها تتعلق برفع الحظر المفروض على استيراد النفط السوري الخام ورفع الحظر عن المصارف السورية وأهمها مصرف سوريا المركزي بعد أن يتم السماح بعمليات التعامل المالي بين المصارف في الجانبين كما سيصار إلى رفع الحظر عن الاستثمار من قبل الشركات الأوروبية التي سيسمح لها بالاستثمار في قطاعات الطاقة من غاز وكهرباء وبنى تحتية كما سيتم رفع الحظر عن تصدير السلع الفاخرة إلى سوريا وأهمها السيارات والمجوهرات والأمور الكمالية الآخرى فضلاً عن رفع الحظر عن العديد من التفاصيل المتعلقة بالنقل في سوريا من قبيل السماح لشركات الطيران السورية باستخدام المعدات التكنولوجية الأوروبية والسماح كذلك برفع الحظر عن الشحن البري والبحري الأمر الذي سيسمح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل أكبر إلى السوريين خلال المرحلة المقبلة. ولفت عبدالله إلى أن العقوبات الأوروبية الآخرى ستستمر على الشخصيات والكيانات التي كانت داعمة لنظام الأسد والتي تشمل منع السفر الى دول الإتحاد الأوروبي. في حين أن الحظر الأوروبي على بيع السلاح إلى سوريا سيستمر ومعه حظر بيع الأدوات والمنتلكات الثقافية السورية المتعلقة بالآثار وغيرها. وختم الخبير الإقتصادي السوري حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الخطوة الأوروبية كما الأمريكية ستجعل النظرة الدولية متكاملة لجهة الرغبة في إعادة بناء الدولة السورية على أسس سياسية واقتصادية قوية وستساعدها في إعادة بناء مؤسساتها ودعم فكرة العدالة الانتقالية وتعزيز السلم الإجتماعي وخلق دورة اقتصاد سوري حقيقية وغير طفيلية أو ريعية في بلد يملك كل المؤهلات ليكون في مصاف الدول المتقدمة. بواكير الاستثمارات المحلل السياسي فهد العمري رأى أن رفع العقوبات الأوروبية بعد الأمريكية عن سوريا سيعطي لهذه البلاد مجدداً دورها الحيوي كشريان اقتصادي يربط الخليج بتركيا وأوروبا عبر الموانئ وخطوط الطاقة. وفي حديثه ل "RT" أشار العمري إلى أن هذا الأمر سيدفع بدول الخليج إلى ضخ الكثير من الأموال من أجل بناء مشاريع ضخمة في سوريا وخصوصاً تلك المتعلقة بالطاقة وإعادة الإعمار مشيراً إلى أن المال الخليجي سيأتي من لدن الحكومات والشركات الخاصة على السواء. وشدد المحلل السياسي على أن المصلحة الأوروبية في الوصول إلى حالة الاستقرار المنشودة في سوريا لا ترتبط فقط بالأرباح الاقتصادية المتوخاة من وراء ذلك بل ترتبط أيضا بوقف موجات الهجرة غير الشرعية واجتثاث بيئة التطرف التي وصل لهيبها إلى عقر دار الأوروبيين. ولفت العمري إلى ورود معلومات عن قيام عدد كبير من المستثمرين الخليجيين والسوريين بمناقشة مشاربع اقتصادية متكاملة وضخمة مع الجانب السوري عقب رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا مباشرة مشيراً إلى أن رفع العقوبات الأوروبية سيوسع البيكار أكثر من ذي قبل وسيجعل من تهافت الشركات الأوروبية على العمل في السوق السورية مسألة وقت قصير ليس إلا. وأضاف أن المشاريع الضخمة المرتقبة والتي تقدر بمليارات الدولارات ستوفر فرص عمل بعشرات الآلاف للعمال السوريين بعد أن تساهم في تغيير الوجه العمراني القديم لدمشق وبقية المدن السورية. المصدر: RT تابعو الأردن 24 على


العرب اليوم
منذ 2 أيام
- العرب اليوم
المقاتلون الأجانب... اختبار سوريا والمجتمع الدولي
«يهبنا الله اللوز، لكن لا يُقشّره لنا»، هذه الحكمة تختزل لحظة سوريا الجديدة: فرصة تاريخية، لكنها مشروطة، معقّدة لكنها ليست مستحيلة وتحتاج إلى تجاوز لغة التعميم والتبرير ومحاولة ترحيل المعضلة إلى مقاربات لا تنتمي إلى منطق الدولة ومفهومها بل إلى مفاهيم وثقافة المناخات الثورية أو «الجهادية» مثل الأنصار والوفاء لرفاق الأمس، والهدنة إلى أن يحين التمكين... إلخ. سوريا على موعد استحقاق كبير وفرصة كبيرة بعد أكثر من عقد على الحرب، وسقوط النظام السابق في ديسمبر (كانون الأول) 2024، إذ يجد السوريون أنفسهم أمام أكبر مفترق سياسي منذ بداية الثورة. فالمجتمع الدولي، وبدعم فاعل من دول الاعتدال العربي وفي مقدمتها السعودية، ينحاز اليوم بوضوح إلى فرصة بناء دولة سورية موحّدة، ومستقرة، تُعيد تشكيل نفسها ضمن محيطها العربي، بعد سنوات من العزلة والتدويل. الرهان كبير، والثقة ممنوحة لقيادة جديدة، انطلاقاً من أن الثمن، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، باهظ في حالة الفشل، لذلك منحُ الفرصة كان الخيار السياسي الواقعي. ومع أن شروط رفع العقوبات وإعادة الإعمار والاستثمارات معروفة، إلا أن أكثرها تعقيداً وخطورةً هو ملف المقاتلين الأجانب. المقاتلون بشكل أساسي باتوا عبئاً متعدد المستويات: أمنياً، وقانونياً، واجتماعياً، وثقافياً. إذ لم تشهد ساحة صراع في العصر الحديث تجمّعاً دولياً للمقاتلين الأجانب كما حدث في سوريا منذ 2012، حين تحوّلت البلاد إلى نقطة جذب لعشرات الآلاف من المقاتلين من أكثر من مائة دولة -سنة وشيعة- انخرطوا في الصراع على جانبي الجبهة، وحملوا معهم أجندات تتجاوز حدود الوطن السوري. اليوم، وبعد نهاية المعركة العسكرية، تُطرح أسئلة وجودية لمستقبل سوريا: ما مصير هؤلاء المقاتلين؟ كيف يمكن معالجة تداعيات وجودهم؟ وهل يمكن أن تستعيد سوريا وحدتها وهويتها في ظل وجود جيوش عقائدية لا تدين بالولاء للدولة؟ ترك الملف بلا حل ليس خياراً. فبعد حرب أفغانستان، عاد «الأفغان العرب» ليؤسّسوا تنظيم «القاعدة». وفي البوسنة، خلّف العشرات من المقاتلين الأجانب جيوباً ثقافية متطرفة، أثّرت في هوية الإسلام البوسني المعتدل. وفي العراق أسهم عائدو «الجهاد» في ولادة «دولة (داعش)» لاحقاً، في حين العراق واليمن ولبنان عالقة في ميليشيات شيعية تتلبس شكل الدولة وتؤثر في استقرارها. في سوريا المشكلة مضاعفة؛ هناك مقاتلون ما زالوا ينتشرون في الشمال أقرب إلى فكر «داعش»، ومقاتلون ضمن فصائل يدينون بطريقة شكلانية إلى جسد الفصيل الأكبر «هيئة تحرير الشام»، لكن ولاءهم مشروط بالآيديولوجيا، إضافة إلى بداية الانشقاقات الفكرية من الهجوم الشرس لإعلام «داعش» في آخر عدد وبشكل مباشر تجاه الرئيس ثم لشخصيات من رموز «السلفية الجهادية»، منهم أبو محمد المقدسي، عدا الكثير من المتن «الجهادوي» على وسائل التواصل الذي يشعر بالقلق تجاه ما يجري، والمؤثرون منهم طوائف شتى، كل منهم يحمل تصوراً خاصاً عن «الشرعية»، ويتصرف بوصفه صاحب فضل في النصر أو التضحية. هذا الواقع يفرض على الإدارة السورية ثلاثة خيارات. أولاً: الترحيل الكامل، ويعني إخراج كل المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية، بدعم أممي، بوصفه شرطاً أساسياً لإعادة الشرعية الدولية؛ لكنه خيار محفوف بالعقبات، فالكثير من الدول ترفض استعادة مواطنيها، والبعض فقد جنسيته أصلاً. كما أن عمليات الترحيل قد تكون شرارة جديدة للفوضى، ما لم تقترن بخطة أمنية دقيقة. ثانياً: الدمج المشروط، ويقوم على التمييز بين من ارتكب جرائم جسيمة ومن يمكن استيعابه، خصوصاً من تزوج داخل سوريا أو عاش فيها سنوات. لكن هذا السيناريو يواجه تحفظات داخلية، ويتطلّب قدرة أمنية وقانونية عالية، وبرامج تأهيل شاملة؛ لكن بالطبع هذا الحل صعب جداً في ظل وجود مناصب قيادية للمقاتلين الأجانب وهيكلية مبنية على التراتبية التنظيمية والولاء الجزئي للفصيل. ثالثاً: المماطلة ومعالجة الفوضى وهو السيناريو الأخطر، فإذا فشلت الدولة في معالجة الملف، يتحول المقاتلون إلى قوة موازية تهدّد السلم الأهلي، وتستدرج تدخلات إقليمية، خصوصاً على حدود العراق ولبنان وتركيا. وقد تتحول سوريا إلى مسرح دائم لإعادة تدوير التنظيمات المسلحة العابرة للحدود. الآن الأمر واضح، ليس فقط لأن المجتمع الدولي يترقّب، بل لأن الداخل السوري بحاجة إلى دولة تعيد الاعتبار إلى المواطنة، وتنهي منطق «الولاء العابر للحدود» والشعارات الشمولية المبنية على ثنائيات طائفية أو جهوية أو حتى تاريخية تستدعي أمجاداً متخيلة، فضلاً عن ثقافة التطرف التي يمكن بعيداً عن حالة العسكرة أن تؤدي إلى تجريف الإسلام المعتدل لصالح مجتمع راديكالي محتقن وقابل للانفجار في أي لحظة. إن علاج ملف المقاتلين الأجانب يجب ألا يكون رد فعل أمنياً فقط، بل جزءاً من رؤية متكاملة لإعادة بناء الدولة والمجتمع، قائمة على العدالة، والمحاسبة، والمواطنة، والاستفادة من تجارب الدول التي خاضت معركة طويلة وشرسة ضد الإرهاب، وفي مقدمتها السعودية، التي أدركت مبكراً أن المعركة مع الفكر لا تقل أهمية عن المعركة مع السلاح. سوريا اليوم، بغض النظر عن الإدارة السياسية، أمام لحظة تأسيس ثانية، والنصر الحقيقي الذي بدأ بإسقاط النظام يتطلّب استدامة وجهداً سورياً مضنياً تشارك فيه كل المكونات والخبرات السورية لإقامة دولة مواطنة لا تحمل في باطنها بذور تفككها... البدء من ملف المقاتلين الأجانب هو الامتحان الأهم لإثبات أن سوريا قادرة على الانحياز إلى نفسها، قبل أن ينحاز إليها المجتمع الدولي الذي هو على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة وفرص أكبر.

عمون
منذ 2 أيام
- عمون
المنظومة الأمنية في سوريا بين إرث النظام السابق ونموذج إدلب
عمون - نشر "معهد ستراتيجيكس"، ورقة جديدة بعنوان (المنظومة الأمنية في سوريا بين إرث النظام السابق ونموذج إدلب)، تسلط الضوء على التحول الأمني الكبير في سوريا بعد وصول "هيئة تحرير الشام" إلى الحكم أواخر عام 2024، حيث تم تفكيك الأجهزة الأمنية السابقة التي كانت تُعرف بسيطرتها الواسعة ودورها في قمع المعارضة، ورغم الحديث عن الإصلاحات الأمنية في الحكومة الجديدة، إلا أن هناك مخاوف من إعادة إنتاج سلطة أمنية مركزية تُقدّم حماية النظام على حساب حقوق المواطنين، خاصة في ظل ضعف الرقابة، وعدم وجود دمج حقيقي لجميع الفصائل العسكرية في البلاد، في جهاز الأمن العام الجديد. وتاليا ما جاء في ورقة ستراتيجيكس: دخلت المنظومة الأمنية السورية مرحلة تشغيلية وتنظيمية جديدة مع صعود فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى سدّة الحكم في البلاد في ديسمبر 2024، بعد عقود من اعتماد النظام السوري السابق على جهاز أمني قوي وشامل، ساهم في تعزيز سيطرة حزب البعث وهيمنة عائلة الأسد على السلطة في البلاد، ثمّ لعب دوراً حاسماً خلال الأزمة التي اندلعت عام 2011، في الحفاظ على تماسك النظام وبقائه طوال عقد من الصراع، مع التركيز على قمع المظاهرات والاحتجاجات وملاحقة المعارضين. وعليه؛ تهدف هذه الورقة إلى تقديم وصف مقتضب لقوات الأمن وأجهزة المخابرات السورية، وهيكلها التنظيمي، وكوادرها الرئيسة، وأساليبها التشغيلية قبل الأزمة عام 2011، ثم الوضع الحالي للأجهزة الأمنية في ظل السلطة الجديدة. إضافة إلى استكشاف وجهات النظر المختلفة حول هيكلة المؤسسة الأمنية ودورها المستقبلي. المنظومة الأمنية في ظل النظام السابق تألفت المنظومة الأمنية السورية في ظل النظام السابق من أربع إدارات رئيسة، متشابكة مع بعضها البعض، ومرتبطة بشكل معقّد بحزب البعث، وتنتهي هيكلياً عند رأس النظام باعتباره القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة. وتلك الإدارات الأربعة التي يُطلق عليها اسم "شُعب" هي: شعبة إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة)، وشعبة إدارة الأمن السياسي، وشعبة إدارة المخابرات العسكرية، وشعبة إدارة المخابرات الجوية. وكلّ منها مستقل هيكلياً، وله قيادته الخاصة، ويتبع له عشرات الوحدات والفروع المنتشرة في عموم البلاد، ومتمايز عن غيره في نطاق مسؤولياته، وتختلف في مرجعياتها بين وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وحزب البعث العربي الاشتراكي. مع ذلك؛ تُنسق أعمال جميع تلك الإدارات وتُقاد من قبل مكتب الأمن القومي الذي تأسس عام 1966، ويُعد أحد مكاتب القيادة القطرية لحزب البعث، وعُرف بعد الأزمة عام 2011 بـ "خلية الأزمة"، ثم مكتب الأمن الوطني الذي أُنشئ عام 2009، وتم تفعيله بعد تفجير "خلية الأزمة" عام 2012، ليحل محل مكتب الأمن القومي، ويتبع مباشرة للرئيس. تأسست معظم تلك الإدارات بعد الانقلاب الذي قاده حزب البعث عام 1963، وقد اتخذ الحزب من المنظومة الأمنية أساساً لتثبيت حكمه، فكانت صلاحياتها الواسعة مستندة إلى نصوص دستورية وقانونية جاءت تحت طائلة مرسوم الطوارئ الصادر في مارس 1963، إذ تضمنت مراسيم مثل (حماية الثورة رقم (6) لعام 1964، ونظام البعث رقم (4) لعام 1965، إحداث إدارة أمن الدولة رقم (14) لعام 1969، وقانون إحداث محاكم الأمن الاقتصادي عام 1981) عقوبات واسعة ومتشددة تصل حد الإعدام ضد نقد أو مقاومة أو مناهضة أهداف الثورة، سواء بالقول أو الفعل أو الكتابة. بل ذهبت مراسيم أخرى إلى حماية قادة ومنتسبي الأجهزة الأمنية ومنحهم الحصانة من المتابعة القضائية عن ممارساتهم. فمثلاً؛ يمنع المرسوم الناظم لأعمال إدارة المخابرات العامة (رقم 5409 لعام 1969) ملاحقة العاملين في إدارة المخابرات عن جرائمهم أثناء قيامهم بوظائفهم، كما يتضمن مرسوم إحداث إدارة أمن الدولة (رقم 14 لعام 1969) عدم ملاحقة العاملين في الإدارة عن جرائمهم أثناء قيامهم بوظائفهم، وكذلك يتوسع المرسوم (رقم 64 لعام 2008) في حظر ملاحقة العاملين في الأمن الداخلي وشعبة الأمن السياسي والجمارك دون موافقة رؤسائهم، وهو ما دفع الواقع العملي للمنظومة الأمنية لتجاوز البنود القانونية واستحداث عقوبات غير منصوص عليها مثل الاختفاء القسري أو منع السفر، بل ومنحها دوراً متعاظماً في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفي الشؤون اليومية والحياتية للمواطنين. وفي الواقع؛ يرجع جانب كبير من الأزمة عام 2011، والمظاهرات ضد النظام، إلى إشكالية علاقة المواطن السوري بتلك المنظومة الأمنية، إذ شملت مهامها جميعاً مراقبة الشؤون الداخلية، خاصة المعارضين للنظام. فمثلاً، توسعت إدارتا الاستخبارات العسكرية -المتخصصة في مراقبة العسكريين-، والاستخبارات الجوية -المتخصصة في حماية الأجواء وأمن الرئيس-، في جمع المعلومات الاستخباراتية حول المدنيين وتورطتا في عمليات قمع المعارضين. بل إن المخابرات العسكرية أشرفت على عدة وحدات شبه عسكرية، ما جعل نطاق نفوذها أوسع من وظائف الاستخبارات العسكرية التقليدية. هذا إلى جانب إدارة المخابرات العامة وإدارة الأمن السياسي اللتان تم تصميمهما لمراقبة الأنشطة السياسية، وجماعات المعارضة، ومختلف جوانب الحياة العامة. وقد اتُّهمت تلك الإدارات على نطاق واسع بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، سواء قبل الأزمة السورية عام 2011، مثل دورها في أحداث مدينة حماة 1982، أو بعدها؛ ففي عام 2011 وصف تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان انتهاكات قوات الأمن والجيش بأنها "بمثابة جرائم ضد الإنسانية"، وفي العام 2013، أدان مجلس الأمن الدولي بالإجماع "انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة النطاق" من قبل قوات الأمن. المنظومة الأمنية للسلطة الجديدة أحدثت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، بعد سيطرتها على السلطة في سوريا، تحولاً جوهرياً في المنظومة الأمنية والعسكرية في البلاد، خاصة بعد أن أعلنت السلطة الجديدة رسمياً عن حلّ الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق في 29 يناير 2025، ما شكّل انقلاباً جذرياً على المؤسسة الأمنية السابقة، ودفع بنموذج أمني جديد إلى الواجهة، تُسيطر عليه الوحدات التابعة لهيئة تحرير الشام تحت مُسمى جديد "مديرية الأمن العام". وقد دفعت الهيئة بقادتها إلى المسؤولية عن الأجهزة الأمنية، ومن أبرزهم: تعيين أنس خطاب، المعروف سابقاً بـ"أبي أحمد حدود"، رئيساً لـ"جهاز الاستخبارات العامة السورية"، والذي أصبح بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية في 30 مارس 2025، وزيراً للداخلية، ليخلفه في رئاسة الاستخبارات العامة حسين السلامة، المعروف سابقاً بـ"أبي مصعب الشحيل"، الذي عُيّن مطلع مايو 2025. في حين يقود عبد القادر طحّان، المعروف سابقاً بـ"أبي بلال قدس"، جهاز الأمن العام الجديد. وبشكل عام، تعتمد مديرية الأمن العام الجديدة على الجهاز المُشكَّل سابقاً في إدلب، والذي كان يُشكل أداة قوية في يد أبي محمد الجولاني حينها – أحمد الشرع حالياً – حيث تقوم وحدات النخبة التابعة لهيئة تحرير الشام بحماية العاصمة دمشق ومحيط القصر الرئاسي، إضافة إلى استمرار سيطرتها على معقل الهيئة في محافظة إدلب. وفي الواقع، أعلن وزير الداخلية عن خطة عمل تتضمن وعوداً بإصلاحات واسعة، من بينها تحديث السجون، ومكافحة المخدرات، وتطوير المرور، وتحديث العمل الجنائي، كما عمل على توحيد قيادة الشرطة والأمن العام في كل المحافظات تحت إشراف مسؤول واحد، في خطوة تهدف عملياً إلى دمج الجهازين تحت سلطة أمنية مركزية واحدة. من الناحية النظرية؛ تعمل السلطة الجديدة بالطريقة ذاتها التي كانت عليها أثناء سيطرتها على إدلب، إذ تزيد أهمية "مديرية الأمن العام" بالنسبة لحماية السلطة الجديدة مقارنةً بالجيش السوري الجديد، حيث تُسيطر هيئة تحرير الشام وقادتها على قوات الأمن، فيما تتشكل قوات وزارة الدفاع من طيف واسع من الفصائل المسلحة. ففي السابق، كان الأمن في إدلب مستقلاً عن وزارة الداخلية التابعة حينذاك لحكومة الإنقاذ، ويُركّز على الجوانب الأمنية أكثر من العمل الشرطي، بما يشمله ذلك من متابعة واستخبارات. ولعل ما يُعرف بقضية "العمالة" التي ظهرت عام 2023، وتبعها اعتقال المئات من عناصر الهيئة وقادتها في الجناح العسكري، بذريعة اختراق صفوفها من قبل التحالف الدولي، مثالاً على كيفية عملها الأمني بالمفهوم الشامل والواسع، وتبعيتها المباشرة للجولاني، ومستوى اعتماده عليها في تثبيت سلطته. أما من الناحية العملية؛ فإن محاولة دمج الجهازين تحت سلطة واحدة قد تؤدي إلى هيمنة العقلية الأمنية على حساب العمل الشرطي، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الحريات العامة، إذ هناك اختلاف جوهري بين ثقافة الأمن العام القائمة على العمل السري والمخبرين، وبين ثقافة الشرطة القائمة على الخدمة العامة، والطابع المدني والعمل المجتمعي. وبينما أثبت نموذج الأمن العام في إدلب قدرته وكفاءته في بيئة محدودة نسبياً، لكنه فشل في بناء علاقة ثقة مع المجتمع، ومالَ إلى حماية الهيئة أكثر من حماية المجتمع، إذ يحفل سجله بإرث من الانتهاكات بين اعتقالات تعسفية، وتعذيب، وقمع مظاهرات، واقتحام، وتشير المصادر إلى امتلاك الأمن في إدلب لسجون ومعتقلات خارج إطار حكومة الإنقاذ. وقد قادت ممارساته إلى موجات احتجاج في مناطق إدلب، ما دفع في نهاية المطاف إلى وضع إدارة الأمن العام تحت إشراف وزارة الداخلية في مارس 2024، لكنه بقي محافظاً على استقلاليته الفعلية وارتباطه المباشر بالشرع. مع ذلك؛ ينطوي تعميم نموذج الأمن في إدلب على كامل سوريا على مخاطر ومحاذير عدّة، من بينها: 1- إن تعميم نموذج الأمن العام في إدلب على كامل سوريا، والقائم على مركزية القرار والارتباط المباشر بالرئيس، مع ضعف الرقابة المؤسسية الحقيقية، يُهدد بإعادة إنتاج منظومة أمنية سلطوية، تُقدّم أمن السلطة على أمن المجتمع، وتفتقر للشفافية والمحاسبة، كما كان الحال في عهد النظام السابق. 2- نشأ الجهاز الأمني في إدلب في ظل بيئة مجتمعية متجانسة نسبياً، وسيؤدي تعميمه على مناطق شديدة التنوع (الساحل، دمشق، السويداء، حمص) دون دمج عناصر محلية فيه، إلى مخاطر كبيرة، في مقدمتها فقدان ثقة المكونات الاجتماعية في الجهاز، بل وتأجيج النزاعات والانقسامات، خاصة بعد انخراطه في أحداث الساحل في مارس 2025، وأحداث محافظة السويداء ومدن جرمانا وصحنايا في ريف دمشق مطلع مايو 2025. 3- إن التوسع السريع للأمن العام في المحافظات الجديدة عبر تعبئة سريعة لعناصر غير مدرَّبة كفاية، مع منحهم رُتباً عالية دون خبرة عسكرية أو شرطية سابقة، سيُضعف كفاءة الجهاز الأمني، ويزيد من احتمال وقوع الانتهاكات وشيوع الفوضى الأمنية. وأخيراً؛ لا يتطلب الوضع في سوريا "قوة" الجهاز الأمني كأمرٍ مطلق، بل فاعليته في فرض القانون، مع التزامه بالشفافية واحترام الحقوق. وهذا يتطلب تحوّلاً جذرياً في فلسفة الأمن السوري، وانتقاله من أداة قمع إلى أداة حماية للمواطن، وهذا ما يمكن أن يحدد صلاحيات وحدود الأجهزة الأمنية وآليات الرقابة عليها في إطار قانوني ودستوري واضح، مع دعم دولي يضمن عدم انهيار الدولة أو سيطرة قوى خارجية على مؤسستها الأمنية. وبدون ذلك، سيظل الخيار بين فوضى الفراغ الأمني أو استبداد الأجهزة القمعية هو السائد. وبذلك، فإن تعميم تجربة إدلب دون إجراء تغييرات مناسبة في هيكليته وإجراءاته على كامل سوريا، بخاصة في ظل التوترات الطائفية والإثنية، سيحمل مخاطر كبيرة، على رأسها إعادة إنتاج دولة أمنية سلطوية، والتسبب في تأجيج النزاعات المحلية، وتهديد وحدة البلاد.