
غايات إسرائيل من وراء خطاب التطبيع الإقليمي
التطبيع
مع دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ من الخطاب الإسرائيلي في خضم حرب الإبادة، والتدمير الشامل في
قطاع غزّة
. وهو خطابٌ أخذ مدًّا واسعًا في أعقاب الاتّفاقيات الإبراهيمية مع كلٍّ من البحرين والإمارات العربية المتّحدة والمغرب، نظرًا إلى كون الاتّفاقيات، من وجهة نظرٍ إسرائيليةٍ، نموذجًا لما تتطلّع إليه من وراء التطبيع. وهو النموذج الذي يشتمل على ما يلي: أولاً، إقامة علاقاتٍ كاملةٍ مع إسرائيل، من دون اشتراط ذلك بحلّ ملف القضية الفلسطينية. وثانياً، عقد اتّفاقيات تعاونٍ أمنيّةٍ بالأساس ضدّ من يتّفق على توصيفهم بـ"أعداء مشتركين للجانبين".
وفقًا للسرديّة الإسرائيلية المتداولة، شهدت علاقات إسرائيل الإقليمية حتّى الآن ثلاثة أصناف من التطبيع، ولا سيّما مع دولٍ عربيّةٍ: الصنف الأول، اتصالاتٌ خلف الكواليس، من دون اتّفاقٍ رسميٍ. والصنف الثاني، علاقاتٌ رسميةٌ على المستوى الحكومي أساسًا، كما في حالة مصر والأردن، وهو ما يُطلَق عليه عادةً بـ"سلام بارد". والصنف الثالث جسّدته الاتّفاقيات الإبراهيمية، التي انطوت على علاقات أكثر دفئًا، تشمل أيضًا تواصلاً مع منظماتٍ من المجتمع المدني، كما في حالة المغرب، والإمارات العربية المتّحدة، والبحرين.
بدايةً، ثمّة تقديرٌ بأنّه في حال التوصل إلى تطبيعٍ مع سورية ولبنان فسيكون بمنزلة نوعٍ جديدٍ، هو أقلّ من اتّفاق سلامٍ، لكنّه قد يتضمّن ترتيباتٍ أمنيةً، تقود إلى تعاونٍ سريٍّ في سلسلةٍ من المصالح المشتركة في المنطقة
تجدر الإشارة عند هذا الحدّ إلى أنّه على أعتاب عملية "
طوفان الأقصى
"، التي نُفذّت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكّدت مصادر إسرائيليةٌ وأميركيةٌ متطابقةٌ أنّ المباحثات من أجل توقيع اتّفاق تطبيعٍ بين السعودية وإسرائيل تجري في الفترة الأخيرة بين الولايات المتّحدة والسعودية بالأساس. وأشارت هذه المصادر إلى تفاؤلٍ أميركيٍ في إمكانية التوصل لهذا الاتّفاق في الفترة القريبة، على الأقلّ قبل موعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. وربّما يجدر التذكير بأنّ أول محاولةٍ أميركيةٍ جادةٍ للتوصل إلى اتّفاق تطبيعٍ بين السعودية وإسرائيل جرت في مايو/أيّار 2022، خلال فترة حكومة بينت- لبيد، لكنها لم تتقدم، وتوقفت على الرغم من تحقيق بعض الانفتاح بين إسرائيل والسعودية، وكان في مركزها فتح الأجواء السعودية للطيران القادم من إسرائيل، وتطوير شراكاتٍ اقتصاديةٍ. وقد سبقتها محاولةٌ أميركيةٌ في فترة الولاية الرئاسية الأولى ل
دونالد ترامب
بغرض ضمّ السعودية إلى الاتّفاقيات الإبراهيمية عام 2020، لكن استمرت السعودية برفضها التطبيع مع إسرائيل بشكلٍ رسميٍ وعلنيٍ.
بات الحديث عن اتّفاقيات تطبيعٍ مع دولٍ عربيةٍ و/ أو إسلاميةٍ يُسمع في الآونة الأخيرة بصورةٍ أساسيةٍ من جانب ترامب، ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف، ورئيس الحكومة الإسرائيلية
بنيامين نتنياهو
وآخرين.
كما نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 في الأسبوع الثاني من يوليو/تموز الحالي، عن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، قوله خلال جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست إنّ سورية ولبنان هما من الدول المرشّحة للتطبيع مع إسرائيل. وبعد ذلك بأيّامٍ عدّةٍ، وردت تقاريرٌ عن لقاءٍ جرى، على ما يبدو، بين ممثّل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والرئيس السوري أحمد الشرع، في أثناء زيارة الأخير إلى الإمارات العربية المتّحدة، غير أنّ كلَا الطرفين نفيا حدوث اللقاء.
كما من المتوقع أن يظلّ مثل هذا السيناريو متداولًا في الفترة المقبلة. ووفقًا لما تراكم إلى الآن من تقديراتٍ إسرائيليةٍ بشأنه، يمكن أن ننوّه إلى ما يلي:
ملحق فلسطين
التحديثات الحية
اللحظة الإيرانية الكاشفة: "عقيدة نتنياهو" بدل "مبدأ كارتر"
بدايةً، ثمّة تقديرٌ بأنّه في حال التوصل إلى تطبيعٍ مع سورية ولبنان فسيكون بمنزلة نوعٍ جديدٍ، هو أقلّ من اتّفاق سلامٍ، لكنّه قد يتضمّن ترتيباتٍ أمنيةً، تقود إلى تعاونٍ سريٍّ في سلسلةٍ من المصالح المشتركة في المنطقة، في مواجهة "أعداء مشتركينٍ"، في مقدمتهم إيران.
ثانياً، هناك عراقيل تقف أمام مثل هذا الاتّفاق، منها ردة الفعل العسكرية الإسرائيلية على سقوط نظام حكم الأسد، التي شملت إلغاء اتّفاق فصل القوات لعام 1974، والسيطرة على المنطقة منزوعة السلاح، بالإضافة إلى قمة جبل الشيخ ومناطق أُخرى، ودعم الدروز، ذلك كلّه من شأنه أن يؤدّي إلى تصعيد التوتّر والعداء.
ثالثًا، قضية هضبة الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، وضمتها واعترفت الولايات المتّحدة بهذا الضمّ. هنا يلمّح البعض إلى أنّ سورية اضطُرّت منذ عام 1939 إلى أن تستبطن خسارة لواء الإسكندرون لمصلحة تركيا، وعلى المعنيين أن يضطروها إلى "ابتلاع" خسارة الجولان!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
20 قتيلاً على الأقل في هجمات روسية على أوكرانيا
أعلنت السلطات في أوكرانيا سقوط 20 قتيلاً على الأقل و40 جريحاً جراء ضربات روسية على البلاد. وقال الجيش الأوكراني في منطقة زابوريجيا في جنوب شرقي أوكرانيا، وحاكم المنطقة، اليوم الثلاثاء، إن الضربات التي شنتها روسيا خلال الليل الفائت على منشأة إصلاحية في المنطقة، أسفرت عن مقتل 16 شخصاً وإصابة 35 آخرين على الأقل. وكتب الحاكم إيفان فيدوروف على "تليغرام" أن مباني المنشأة دُمّرت، كما تضررت المنازل القريبة. وقُتل وأصيب آخرون في هجمات على منطقة دنيبروبيتروفسك، وفقاً لمسؤولين في الحكومة الإقليمية. وصرح رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية سيرغي ليساك عبر "تليغرام" أن هجوماً صاروخياً على مدينة كاميانسكي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة خمسة آخرين وإلحاق أضرار بمستشفى. وأضاف أن شخصاً آخر قُتل وجُرح آخرون في هجوم على منطقة سينيلنيكيفسكي بالمنطقة. وفي هجوم منفصل على فيليكا ميخايليفكا، مساء أمس الاثنين، قُتلت امرأة تبلغ من العمر 75 عاماً، وأصيب رجل يبلغ من العمر 68 عاماً، وتضرر منزل، وفق ليساك. على المقلب الروسي، أعلن حاكم منطقة روستوف، جنوبي البلاد، يوري سليوسار، مقتل شخص، ليل الاثنين الثلاثاء، إثر هجوم أوكراني بمسيّرات. وكتب سليوسار على "تليغرام"، أن الهجوم استهدف مناطق سالسك، وكامنسك شاختينسكي، وفولغودونسك، وبوكوفسكي، وتاراسوفسكي. وفي سالسك، "تضررت سيارة في شارع أوترافسكي وقُتل السائق الذي كان فيها للأسف"، بحسب الحاكم. كما أفادت السكك الحديد الروسية بأن حطام مسيّرات سقط على محطة سالسك، ملحقاً أضراراً بقطار ركاب وقطار بضائع، دون التسبب بإصابات. ويأتي استمرار الهجمات المتبادلة في وقت هدّد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الاثنين، روسيا بمواجهة عواقب ، مانحاً إياها مهلة مدتها عشرة أيام أو اثني عشر يوماً لإحراز تقدّم نحو أنهاء الحرب في أوكرانيا. أخبار التحديثات الحية ترامب يحدد مهلة جديدة لروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا: 10 أو 12 يوماً وخلال حديثه في اسكتلندا، حيث يعقد اجتماعات مع قادة أوروبيين، قال ترامب إنه يشعر بخيبة أمل من بوتين، مشيراً إلى أنه سيقلص مهلة 50 يوماً التي حدّدها بشأن هذه القضية في وقت سابق من هذا الشهر، وقال ترامب للصحافيين خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "سأحدد مهلة جديدة مدتها حوالى... عشرة أيام أو اثني عشر يوماً من اليوم... لا داعي للانتظار... نحن ببساطة لا نرى أي تقدم يُحرز". وفي أول ردّ روسي على ترامب، وجه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقاداً شديداً له، وكتب على موقع إكس: "كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده". وأضاف: "روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران"، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين في الشهر الماضي، والتي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. يذكر أن ميدفيديف، الذي كان رئيسا لروسيا بين عامي 2008 و2012، لا يزال لديه تأثير كبير في موسكو حيث يشغل منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي. (فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)


القدس العربي
منذ 4 ساعات
- القدس العربي
النفط يصعد بدعم تفاؤل حيال تطورات التجارة
واشنطن: واصل النفط مكاسبه يوم الثلاثاء، مدعوما بآمال تحسن النشاط الاقتصادي بعد الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والهدنة التجارية المحتملة بين الولايات المتحدة والصين، وتقصير الرئيس دونالد ترامب للمهلة التي حددها لروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 24 سنتا بما يعادل 0.34 بالمئة إلى 70.28 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:00 بتوقيت غرينتش، وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 66.93 دولار للبرميل بزيادة 22 سنتا أو 0.33 بالمئة. أغلق كلا العقدين على ارتفاع بأكثر من اثنين بالمئة في الجلسة السابقة، ولامس برنت يوم الاثنين أعلى مستوى له منذ 18 يوليو/ تموز. فرض الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسوم استيراد 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، إلا أنه حال دون اندلاع حرب تجارية شاملة بين الحليفين الرئيسيين، والتي كانت ستؤثر على إلى ما يقرب من ثلث التجارة العالمية وتقلل من توقعات الطلب على الوقود. وتلقت أسعار النفط الدعم أيضا من أنباء عن احتمال تمديد الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إذ التقى مسؤولون اقتصاديون كبار من كلا البلدين في ستوكهولم وأجروا محادثات استمرت لأكثر من خمس ساعات يوم الاثنين. ومن المتوقع أن تُستأنف المناقشات يوم الثلاثاء. وفي الوقت نفسه، حدد ترامب يوم الاثنين مهلة جديدة '10 أو 12 يوما' لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة عقوبات. وهدد ترامب بفرض عقوبات على كل من روسيا ومشتري صادراتها ما لم يتم إحراز تقدم. وكتب دانيال هاينز كبير محللي شؤون السلع لدى 'إيه إن زد' في مذكرة 'أشعلت تصريحات ترامب المخاوف من تأثر تدفقات النفط الروسي'. وأضاف هاينز 'يأتي ذلك أيضا على خلفية حزمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا في الآونة الأخيرة، بما في ذلك خفض السقف السعري على خام البلاد واستيراد المنتجات المكررة المصنوعة من نفط موسكو في بلدان أخرى'. (رويترز)


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
بروكسل تستسلم لترامب... اتفاق تجاري يُخضع أوروبا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، مساء الأحد، التوصل إلى اتفاق تجاري يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، من بينها السيارات والرقائق الإلكترونية والأدوية، وهي نسبة أقل من النسبة التي هدد بها ترامب سابقا (30%)، لكنها لا تزال أعلى بكثير من المعدلات التي كانت سارية قبل التصعيد، والتي تراوحت بين 1% و2% فقط، وفقا لمعهد بروغيل الاقتصادي في بروكسل. الاتفاق ، الذي جاء بعد مفاوضات متوترة استمرت أسابيع، أنقذ الجانبين من الدخول في حرب رسوم متبادلة كان من المتوقع أن تبدأ في الأول من أغسطس/آب. لكن في مقابل تفادي الصدام، تكبلت أوروبا بالتزامات ثقيلة على مستويي الاستيراد والاستثمار، دون أن تنال إعفاءات واضحة من القيود الأميركية ، ما دفع أطرافا مركزية في القارة إلى وصف الاتفاق بأنه "تنازل استراتيجي أكثر منه شراكة متكافئة"، واستسلام أوروبي بحسب تعابير مسؤولين فرنسيين رفيعي المستوى. ويلزم الاتفاق الاتحاد الأوروبي بتنفيذ حزمة من التعهدات الاقتصادية والاستراتيجية، أبرزها شراء منتجات طاقة أميركية، تشمل الغاز الطبيعي، والنفط، والوقود النووي، بقيمة تقدر بـ 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، في جزء من توجه أوروبي لتقليل الاعتماد على روسيا بعد غزو أوكرانيا. كما يلتزم الاتحاد بضخ 600 مليار دولار إضافية استثمارات مباشرة داخل الاقتصاد الأميركي خلال فترة ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية. ووفق بنود الاتفاق "لن تفرض الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أي رسوم جمركية على جميع الطائرات ومكوناتها وبعض المواد الكيماوية وبعض الأدوية المقلدة، التي لا تحمل اسماً تجارياً، ومعدات أشباه الموصلات وبعض المنتجات الزراعية والموارد الطبيعية والمواد الخام الأساسية. وستُضاف منتجات أخرى لاحقاً. أما بالنسبة للمشروبات الروحية، فلم يُحدد وضعها بعد". كما ستبقى الرسوم الجمركية على صادرات أوروبا من الصلب والألمنيوم عند 50% لكن فون ديرلاين قالت إن هذه الرسوم ستخفض لاحقاً وسوف تستبدل بنظام الحصص. وبموازاة هذه الالتزامات، وافقت بروكسل على زيادة مشترياتها من المعدات الدفاعية والعسكرية الأميركية، دون سقف محدد، ما يرسخ الاعتماد الاستراتيجي على واشنطن في مجالات الأمن والدفاع. ورغم هذه التنازلات، لم تحصل أوروبا على إعفاءات شاملة من الرسوم الجمركية، إذ أبقت الولايات المتحدة على الرسوم بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية، واحتفظت برسوم بنسبة 50% على الصلب والألمنيوم، مع إمكانية مراجعتها لاحقا دون جدول زمني ملزم. وستطبق الرسوم على السلع التي تمثل قرابة 60% من مجمل الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، مع استثناءات محدودة شملت الطائرات وبعض المواد الخام والمنتجات الزراعية التقنية. كما منح الاتفاق البيت الأبيض صلاحية رفع الرسوم مستقبلا إذا رأى أن الجانب الأوروبي لم يلتزم بكامل تعهداته، ما يجعل الاتفاق عرضة لإعادة التفاوض في أي لحظة، ويحوله فعليا إلى صفقة ذات طابع أحادي تفرض بشروط أميركية أكثر منها شراكة متكافئة. اقتصاد دولي التحديثات الحية اتفاق أميركي أوروبي يضع حداً لنزاع الرسوم الجمركية مواقف أوروبية متباينة تفاوتت ردود الفعل الأوروبية على الاتفاق بين لهجة الترحيب المشروط، والانتقاد المباشر لشروط الصفقة. ففي ألمانيا، اعتبر المستشار فريدريش ميرز أن الاتفاق "جنب العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي تصعيدا غير ضروري"، مشيرا إلى أن بلاده "تمكنت من الحفاظ على مصالحها الأساسية"، لكنه أضاف أنه "كان يأمل في إعفاءات أوسع لتخفيف العبء عن الصادرات". في المقابل، جاءت لهجة فرنسا أكثر حدة، إذ وصف رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الاتفاق بأنه "خضوع" للولايات المتحدة واستسلام لها، وكتب على منصة "إكس": "إنه يوم قاتم حين تقبل تحالفات شعوب حرة، توحدت للدفاع عن قيمها ومصالحها، بأن تنتهي إلى الخضوع". كما هاجم وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية بنجامين حداد الاتفاق بشكل مباشر، وقال، وفقا لرويترز، إن "ما جرى ليس اتفاقا حقيقيا، بل مناورة تفاوضية لصالح واشنطن"، وأضاف: "ترامب أكل فون ديرلاين على الفطور". أما بلجيكا، فقد اتخذت موقفا وسطيا بين التحفظ والدعوة لإعادة التموضع. وكتب رئيس الوزراء بارت دي ويفر على منصة "إكس": "هذه لحظة ارتياح، لكنها ليست لحظة احتفال. آمل بصدق أن تتراجع الولايات المتحدة لاحقا عن وهم السياسات الحمائية، وأن تعود إلى التمسك بقيم التجارة الحرة، التي هي حجر الأساس لازدهارنا المشترك". وأضاف دي ويفر أن أوروبا يجب أن "تعزز سوقها الداخلية، وتخفف من التنظيمات المفرطة، وتفتح شراكات جديدة لتقليل اعتمادها التجاري على المحاور التقليدية". نهاية حالة الغموض استقبلت الأسواق المالية الاتفاق بين واشنطن وبروكسل بارتياح واضح، انعكس سريعا على مؤشرات الأسهم الأوروبية والآسيوية في أول جلسة تداول بعد الإعلان. فقد سجل مؤشر DAX الألماني ارتفاعا بنسبة 0.8%، بينما صعد مؤشر CAC 40 الفرنسي بنسبة 1%، وحقق مؤشر FTSE 100 البريطاني مكاسب بنحو 0.5%، بحسب رويترز. كما سجلت الأسواق الآسيوية صعودا محدودا، باستثناء اليابان التي تراجعت بفعل شكوك محلية حول اتفاق مشابه مع الولايات المتحدة. لكن في المقابل، حذر اقتصاديون من أن هذه الارتفاعات اللحظية لا تعكس بالضرورة متانة الاتفاق، ولا تلغي آثاره طويلة المدى على النمو. أسواق التحديثات الحية الأسواق اليوم | صعود اليورو والنفط بعد الاتفاق الأميركي الأوروبي وقال هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بنك "بيرينبرغ" الاستثماري، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية، إن الاتفاق "أنهى حالة من الغموض المربك للشركات"، لكنه أضاف أن الصفقة أسوأ بكثير من الوضع الذي سبق التصعيد الأميركي في بدايات هذا العام. وأشار شميدينغ إلى أن التوترات الجمركية المتواصلة مع واشنطن ستخصم ما يقرب من 0.3 نقطة مئوية من نمو منطقة اليورو، و0.5 نقطة من نمو الاقتصاد الألماني خلال عامي 2025 و2026 مجتمعين. وفي السياق ذاته، ذكر محللون في بنك ING الهولندي أن الاتفاق، رغم كونه أفضل من سيناريو الحرب التجارية، لا يقدم حلا طويل الأمد، خصوصا في ظل غياب وثيقة مكتوبة أو التزامات محكمة، مما يبقي حالة القلق قائمة لدى المستثمرين، ويدفع الشركات إلى تأجيل قرارات استراتيجية حتى اتضاح الصورة الجمركية بالكامل. وقال كبير الاقتصاديين في البنك الهولندي، كارستن بريزسكي، إن "التحذير الأساسي في هذا الاتفاق أنه لا يوجد شيء على الورق حتى اللحظة". وأضاف: "في ظاهره، الاتفاق ينهي حالة عدم اليقين التي هيمنت على المشهد خلال الأشهر الأخيرة. لكن من حيث المضمون، فإن النتيجة لا تزال أسوأ بكثير من الوضع التجاري الذي كان قائما قبل بداية جولة ترامب الجديدة من الحروب التجارية". وهو ما يعني أن الانتعاش اللحظي للأسواق المالية لا يخفي حقيقة أن الاتفاق أقرب إلى كمين اقتصادي من كونه شراكة متكافئة، بما يفرضه من التزامات ثقيلة على أوروبا دون ضمانات مكتوبة أو إعفاءات موازية. أما مارك وول، كبير الاقتصاديين في "دويتشه بنك"، أكبر مصرف أوروبي، فقال إن الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يقلل الحاجة إلى مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي. وأشار وول في مذكرة نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن انحسار حالة الضبابية بشأن مستقبل السياسة التجارية قد يدفع المركزي الأوروبي لتثبيت أسعار الفائدة لفترة أطول. وتسعر الأسواق في منطقة اليورو احتمالية بنسبة تقلّ عن 60% لخفض الفائدة خلال ديسمبر، فيما تُظهر بيانات "إل إس إي جي" أن فرص خفض الفائدة في سبتمبر أو أكتوبر لا تزال ضعيفة.